رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول كامل بقلم سارة علي

رواية ادمنت قسوتك - سارة علي 

رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول كامل بقلم سارة علي - مدونة يوتوبيا

مقدمة الرواية
صفعة قوية تلقتها على وجهها جعلت الدماء تخر من فمها.... صفعة أسقطتها ارضا قبل ان ترفعها يد غليظة مرة اخرى وصوت سباب وكلمات بذيئة يتدفقان الى مسامعها....
هتشتغلي يعني هتشتغلي غصبا عنك .... انا مش هصرف عليكي ببلاش يا روح امك...
خلاص يا باشا... البت هتشتغل اكيد... اهدى انت بس...
تجهزيها عشان الباشا الكبير جاي بالليل... وحاولي تخبي اثر الضرب... انتي فاهمه...؟!

اومأت الفتاة برأسها مطيعة اياه قبل ان تقبض على ذراعها وتجرها خلفها متجهة بها إلى غرفة نومها بغرض تجهيزها لليلتها المنتظرة...
بعد فترة كانت الفتاة تضع لها المكياج الصارخ وتسرح لها شعرها بينما هي تتابع ما يحدث بجمود مؤلم...
لا يوجد عصب واحد يتحرك في وجهها...

جهزتها الفتاة أخيرا لتقول لها :
خلاص يا مايا... كل حاجة تمام... يادوب نلحق نروح للباشا...لأحسن لو إتأخرنا هيطين عيشتنا...
ثم قبضت على ذراعها وأوقفتها لتتسائل بقلق :
انتي سامعة اللي بقوله...؟!
استدارت مايا نحوها تتأملها بملامح جامدة قبل تبتسم بسخرية وتقول :
سامعة...

تنهدت الاخيرة بارتياح وقالت :
يبقى يلا بينا...
ثم سارت بها خارج غرفتها...
وهناك في إحدى شقق الدعارة... دلفت مايا الى الشقة لتجد المكان ممتلئ بالفتيات والرجال...
كادت أن تتقيأ من المناظر المقرفة التي تراها، جلست بعيدا في ركن خاص بها منتظرة قدوم الباشا الكبير، بينما جسدها يرتجف كليا من الخوف والترقب...
وبعد لحظات قليلة لم تعِ مايا شيئا سوى صراخ ملأ المكان ورجال كثر اقتحموا الشقة...

كبسة... كبسة...
وبعد لحظات كانت يداها مكبلتين بقبضة حديدية بينما يقبض احد افراد الشرطة على ذراعها ويجرها ورائه ليضعها في سيارة الشرطة...


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الحلقة الأولى بقلم سارة علي

رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الحلقة الأولى بقلم سارة علي - مدونة يوتوبيا


في مركز الشرطة...
كانت مايا تقف وسط مجموعة من الفتيات تبكي بصمت... لا تصدق ما حدث معها... لقد دعت ربها كثيرا ان ينقذها من هذه المصيبة... لكنها لم تتصور أن يحدث شيء كهذا... الان ستحاكم في تهمة الدعارة... انها فضيحة أبدية لها... ماذا ستفعل الان..؟! وكيف ستتصرف... ؟!
آفاقت من افكارها تلك على صوت أحدهم يدخل... كان الضابط المسؤول عن العملية... عرفته فورا...

وقف الضابط أمامهن يتأملهن بملامح باردة مخيفة، يتأمل واحدة تلو الأخرى حتى وصل إليها، كانت تبكي دونا عن الجميع، شهقاتها العالية جذبت انتباهه...
تأملها مليا... كانت جميلة للغاية وبريئة... بريئة!!!!
ابتسم ساخرا وهو يفكر بأنه قناع ترتديه لتخفي به حقيقتها... هو يفهم جيدا هذه النوعية من الفتيات...
فلقد قابل الكثير منهن في فترة عمله...


اشار لها قائلا :
- انتي...
فرفعت نظراتها المذعورة نحوه...
- قربي...
اقتربت منه ووقفت أمامه ليسألها بجمود :
- اسمك ايه...
ابتلعت ريقها واجابته :
- مايا...
مايا... حتى اسمها رقيق... !!!



ابتسم ساخرا في داخله وهو يفكر بأنها جميلة... جميلة للغاية...
حاول ان يبعد تلك الافكار عن رأسه... فهناك تحقيق يجب أن يبدأ به...
نادى على احد الضباط الموجودين في الخارج فدلف مسرعا وهو يقول :
- نعم كريم باشا...
- تعال يا ابراهيم... هنبتدي التحقيق دلوقتي...


كانت مايا تقف في احد اركان غرفة المحقق تتابع سير التحقيق وهي تبكي بصمت...
بينما انظار كريم لا تنفك ان تتركها ابدا...
لم يستطع ان يبعد انظاره عنها...
لقد جذبه جمالها المبهر بشكل غير طبيعي...
هو بطبيعته يعرف العديد من الفتيات...
وجميعهن جميلات للغاية...
لكن جمال هذه الفتاة مختلف...
جمال لم ير مثله من قبل...

- تعالي هنا...
اشار لها كريم ان تقترب منه فتقدمت ناحيته وصدرها يعلو ويهبط بشدة بسبب شهقاتها المتتالية...
- من امتى وانتي بتشتغلي معاهم ..؟!
ازدادت شهقاتها ارتفاعا فنهرها بضيق :
- بطلي عياط بقى واتكلمي...
اجابته اخيرا من بين شهقاتها :
- انا والله مكنتش عاوزة اروح الشقة... بس هو اللي اجبرني... انا والله مش كدة...

منحها ابتسامة ساخرة قبل ان يهتف بأسف مصطنع :
- خلاص انا مصدقك... بس اهدي الاول...
ثم طلب من ابراهيم ان يأخذ بقية الفتيات معه ويذهب بهن الى المكان المخصص لحجز السجينات ويترك مايا معه...
جلست مايا على الكرسي المقابل له وهي تبكي بشهقات متتالية...
اعطاها كريم كوبا من الماء فأخذته منه وتناولته بينما اخذ كريم يتأملها بإعجاب واضح...
تحدث كريم اخيرا بنبرة رقيقة:
- ها بقيتي احسن... ؟!

اومأت برأسها بصمت ليبتسم هو بخفة قبل ان يسألها بجدية :
- احكيلي بقى... ايه اللي جابك هنا... ؟!
مسحت مايا دموعها بأطراف أناملها ثم بدأت تقص عليه كل شيء... كيف جاء بها القدر الى تلك الشقة...
كان كريم يستمع اليها بملامح هادئة ويتصنع الحزن و الاسف حينما تتحدث مايا عن معاناتها وما تعرضت له من عذاب واسى...
انتهت مايا من سرد كل شيء على مسامعه ليتنهد بصوت مسموع قبل ان يهتف بصوت رخيم قوي :
- متقلقيش يا مايا... انا هساعدك انك تخرجي من هنا...
- بجد ..؟!

قالتها مايا بنبرة مندهشة ليومأ كريم برأسه ويهتف بها بجدية مؤكدا على ما قاله :
- بجد...
- انا بشكرك اووي... مش عارفة اقولك ايه بجد...
قالتها مايا بنبرة رقيقة ليبتسم كريم لها بخبث قبل ان يهتف بعد لحظات قليلة من الصمت :
- بس كل شيء وليه مقابل... !
اعادت مايا خصلة من شعرها خلف اذنها ثم سألته بتوجس :
- مقابل ايه... ؟!
نهض المكان واخذ يسير امامها وهو يقول بنبرة مقصودة :
- مقابل ايه يا كريم... ؟! مقابل ايه... ؟!
بينما تتبعه هي بنظراتها القلقة ليقول بنبرة قاطعة :
- عايزك...

حاولت مايا ان تستوعب كلماته فسألته بعدم فهم :
- مش فاهمه... عايزني يعني ايه... ؟!
اقترب كريم منها وانحنى امامها ماسكا خصلة من شعرها بإصبعه ثم هتف ببرود :
- متستعبطيش عليا يا مايا... انتي فاهمه كلامي كويس... عايزك ليا... بأي شكل... وتمن ده اني هخرجك من هنا زي الشعرة من العجينة...
قفزت مايا من فوق الكرسي وقالت بنبرة باكية :
- انا مش كدة... والله مش كدة... انا حكيتلك ظروفي...

صرخ بها بنفاذ صبر :
- بلاش تعيدي وتزيدي بنفس الكلام...
ثم رقت نبرته كثيرا:
- انا عارف وفاهم ده كويس... وبحاول اساعدك...
اقترب منها وحاوطها بذراعيه وقال :
- بصي يا مايا... انتي لو موافقتيش على طلبي هتتحاكمي بتهمة الدعارة... هتاخدي كام سنة سجن حلوين... وسمعتك هتنتهي... هتعيشي كل حياتك منبوذة...
- ارجوك متعملش فيا كده... ارجوك...
- هش... متعيطيش...

قالها وهو يحرك أنامله فوق وجهها الرطب ليرتجف جسدها كليا فيصل بأنامله فوق شفتيها المنتفختين ويلمسها برغبة شديدة...
هو يريدها وسوف ينالها بأي شكل...
ابتعد عنها فجأة وسألها بحسم :
- ها قررتي ايه... ؟!
لتهز رأسها نفيا عدة مرات وهي تجيب :
- مش هقدر... والله مهقدر...
- ابراهيم...
صرخ بها كريم ليدلف ابراهيم بسرعة فصاح به :
- خدها جمب اخواتها... وخليهم يتوصوا بيها...

جلس كريم على مكتبه وهو يفكر بأمر مايا... الان بالتأكيد هي تعيش اسوء ايام حياتها... كيف لا وقد اودعها في احد السجون وأوصى النساء هناك ان يستوصوا بها... بالتأكيد سيلقنوها درسا لن تنساه طالما حييت...
مرت عدة ساعات طلب كريم بعدها من ابراهيم ان يجلب مايا...

فُتحت الباب ودلفت مايا الى الداخل... كان منظرها لا يوصف... شعرها مبعثر بالكامل ووجهها مليء بالكدمات والدماء تنزف من أنفها وفمها... ملابسها ايضا ممزقة والكدمات تغطي ذراعيها وقدميها...
رفع قدميه واضعا اياهما على مكتبه بينما اخرج من جيبه علبة سجائره ليضع سيجارته ويشعلها داخل فمه...
نفث دخان سيجارته في الهواء حوله بينما اخذ يتأملها بعينين ناعستين وهي تقف أمامه كطير مذبوح لا تستطيع قول اي شيء...

نهض من فوق كرسيه فجأة وأطفأ سيجارته داخل مطفاة السجائر... تقدم نحوها واخذ يدور حولها بينما عيناه تتفحصان جسدها الشبه عاري بملامح ساخرة ونظرات جريئة وقحة...
- عرفتي إنوا ملكيش حد غيري... انا الوحيد اللي أقدر أنقذك من الوحل ده...
اهتزت حدقتيها بألم واضح وهي تجيبه بإستسلام :
- عرفت...

ثم أردفت متسائلة بملامح متشجنة وصوت مختنق :
- عايز ايه وانا هنفذهولك... ؟!
رد بإستخفاف :
- تفتكري هعوز ايه من واحدة زيك... ؟!
ابتلعت ريقها وقالت :
- مش عارفة...
رفع ذقنها بأنامله واخذ يتأمل وجهها المليء بالكدمات بسخرية قبل ان يقول :
- اقولك... انا عايزك... فاهمة يعني ايه عايزك... ولا دي بردوا محتاجة شرح... !

هزت رأسها عدة مرات بينما تقصلت ملامح وجهها لا اراديا واخذ الدموع تهطل من عينيها لتقول بنبرة جزعة :
- بس انا مش كده... والله مش كده...
صرخ بها بنفاذ صبر :
- انتي هتستعبطي... هو انا جايبك من جنينة الحيوانات... انا جايبك من بيت دعارة يا روح أمك...
- موافقة...

هتفت بها اخيرا ليبتسم بإنتصار قبل ان يقول لها بوداعة :
- برافو عليكي... تعالي اقعدي هنا...
أجلسها على الكرسي وجلس على الكرسي المقابل له ثم قدم لها الماء فرفضته...
وضع كوب الماء امامها وقال :
- اسمعيني يا مايا... انا هخرجك من هنا... مش بس كده... هعيشك عيشة ملوك... هصرف عليكي... واقدملك كل اللي بتحلمي بيه... كل ده بمقابل بسيط... انك تبسطيني...

بللت مايا شفتيها بلسانها ثم اومأت برأسها دون رد ليكمل كريم بجدية :
- كده احنا متفقين... هتعملي كل اللي اطلبه منك وتنفذيه بالحرف الواحد... عشان تخرجي من هنا... وأي تصرف حقير منك صدقيني مش هرحمك...
لم تعطه مايا اي ردة فعل فنهض كريم من مكانه واجرى اتصالاته...
اما مايا فأخذت تفكر فيما يحدث معها وكيف ستتصرف وتنفذ نفسها من هذا الشيطان...
يتبع..

رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الفصل الثاني بقلم سارة علي


خرجت مايا من مركز الشرطة بعدما تم الإفراج عنها، لقد استخدم كريم طريقته الخاصة التي ساعدتها في تبرئتها، فقد اتفق معها على ان يخبر الجميع بأنها كانت مساعدة له في تلك القضية، حيث أرسلها هو بنفسه لتعمل في ذلك المكان حتى تجلب له معلومات عن المكان والفتيات اللاتي يعملن به، وبإتصالاته مع من حوله استطاع تبرئتها والافراج عنها...

وقفت مايا امام باب المركز وأخذت تستنشق الهواء حولها بقوة، من كان يصدق ان يحدث هذا معها ..؟!
لقد كان بينها وبين السجن لعدة اعوام شيء لا يذكر، هي كانت على وشك ان تحبس بتهمة الدعارة، والله وحده يعلم ما كان سيحدث بها وبعائلتها لو ثبتت التهمة عليها بالفعل...


تنهدت بألم وهي تتذكر المقابل الذي ستدفعه في سبيل تبرئتها، ويبقى السؤال الاهم، هل ستقدر على تنفيذ ما قاله ذلك الضابط الحقير؟! هل ستستطيع ان تسلمه جسدها بسهولة؟! تأملت المكان حولها قبل ان تتذكر حديثه معها :

- انتي هتفضلي تحت عيني طول الوقت، اي تصرف حقير منك، هيكون مقابله رد قوي منه، هعمل فيكي وفأهلك اللي عمره ميخطر على بالك، انا انقذتك من السجن والعار، وانتي هتديني المقابل، deal...


اعتصرت قبضة يدها بقوة وقد بدأت الافكار المأساوية تتسرب اليها...
سارت بخطوات يائسة خارج المكان عائدة الى منزلها...
وهناك ما ان وصلت حتى وجدت والدتها واختها تتناولان طعام العشاء...
وقد تفاجئتا بوجودها فقد سبق وأخبرتهما أنها ستتأخر لعدة ايام في العمل...

ذلك العمل الذي ظنته عملا شريفا سيجلب اللقمة الحلال اليها لتكتشف فيما بعد حقيقته...
القت التحية عليهما بإقتضاب ولم تجب على تساؤلاتهما وهي تدلف الى غرفتها وتغلق الباب جيدا...
جلست على سريرها بوهن لتهطل الدموع الغزيرة من عينيها، بكت حتى اكتفت من البكاء، ثم مسحت دموعها برقة ونهضت من مكانها تتأمل وجهها في المرأة، هي لا تعرف ماذا يجب عليها ان تفعل ..؟!

ولا تعرف كيف ستتصرف؟! هي حتى لا تستطيع ان تحكي ما حدث لأي شخص، فمن سيسمعها ..؟!
والدتها المريضة بالقلب؟! أم اختها التي تصغرها بعدة اعوام؟! أم سعد؟!
هطلت دموعها مرة اخرى وهي تتذكر سعد حبيبها، ذلك الشاب الذي تجمعها علاقة حب طويلة به منذ ان كانا مراهقين...
هل ستتخلى عنه هو الاخر كما ستتخلى عن شرفها؟!

وكأنه شعر بها وبألمها فإتصل بها على هاتفها الذي تركته مسبقا في المنزل، تطلعت الى اسمه الذي يضيء الشاشة بنظرات باكية قبل ان تضغط على زر الاجابة وتقول بنبرة متشنجة :
- نعم يا سعد...
- كنتي فين يا مايا؟! قلقتيني عليكي...

كان الخوف واضحا في صوته فأجابته بإقتضاب لم ينتبه له :
- منا قايلالك اني لقيت شغل جديد وهتأخر فيه...
- وحشتيني...
تقلصت ملامحها بألم وهطلت دموعها بشهقات متتالية لاحظها هو فهتف بسرعة :
- مايا انتي بتعيطي؟!
مسحت دموعها بعنف ثم قالت بسرعة ونفي :
- لا، صوتي تعبان شوية...

لم يصدقها بتاتا لكنه لم يضغط عليها فقال بجدية :
- طيب هسيبك ترتاحي شوية...
- سعد...
- نعم...
- انا بحبك...
السعادة الجلية في صوته وصلتها على الفور وهي تسمعه يقول بحب خالص :
- وانا بموت فيكي يا مايا...
اغلقت الهاتف في وجهه ثم هوت بجسدها على سريرها دافنة وجهها الباكي في مخدتها علها تخرس شهقاتها الباكية...

في صباح اليوم التالي...
في فيلا راقية...
تقدم كريم من مائدة الطعام التي يجلس عليها والده ووالدته و أخوه الاصغر...
القى التحية وجلس في المكان المخصص له لتهتف والدته به بإنزعاج:
- بقالك يومين بايت برة البيت يا كريم، مش طريقة دي...

حاول كريم امتصاص غضبها فقال بنبرة مرحة :
- جرى ايه يا موني؟! منا قلتلك اني هبات فالشقة مع صحابي نتسلى شوية مع بعض...
تحدث والده بنبرة مؤنبة :
- سيبي الواد يعيش حياته يا حبيبتي، متضغطيش عليه...
تحدث الاخ الاصغر قائلا بسخرية :
- مهو عايش حياته بالطول والعرض يا حاج...
رمقه كريم بنظرات حادة قبل ان يهتف ببرود :
- خليك فحالك يا حسام...

ثم التفت نحو والده قائلا :
- انت الوحيد اللي ناصفني في البيت ده يا حاج...
قاطعته والده قائلة بنبرة جادة :
- كريم، انت معزوم بكره على العشا فبيت عزمي بيه...
ابتلع كريم لقمته ثم قال بنبرة متضايقة :
- مينفعش المعاد يتأجل ليوم تاني...
- لا مينفعش...

قالتها الأم بحزم ليومأ كريم برأسه وينهض من مكانه قائلا بنبرة مقتضبة :
- تمام...
ثم تحرك خارج المكان ليشير الاب الى زوجته قائلا :
- ضروري يعني تروحوا لبيت عزمي بيه؟!
اجابته الام بتأكيد :
- طبعا، عشان يشوف كارما بنته، انت عارف اني عايزة اخطبها ليه من زمان...
- ومين قال انوا هيقبل؟!

سألها حسام بجدية لترد بإصرار عجيب :
- هيقبل، انتوا اخرجوا من الموضوع بس وانا هخليه يقبل...
تطلع حسام اليها بنظرات غير مقتنعة الا انه لم يشأ ان يتدخل في هذا الموضوع...


ما ان خرج كريم من فيلا عائلته حتى اخرج الهاتف من جيبه وفتحه وأخذ يبحث عن رقم مايا فيه...
اتصل بها بعدها ليأتيه صوتها الناعم قائلا بنعس واضح :
- مين معايا؟!
- نسيتي صوتي بالسرعة دي...
قالها كريم بنبرة وديعة لتنتفض مايا من مكانها قبل ان تهتف بذعر وتلكأ :
- انت عايز ايه؟!
اجابها بتلقائية :
- عايزك...

ثم اردف بقوة :.
- النهاردة تجيلي في المكان اللي اتفقنا عليه ..
- بس...
قاطعها بمكر :
- متجيبيش اي حاجة معاكي، تعالي بهدومك بس، انا هجهزلك كل حاجة تحتاجيها...
ثم اغلق الهاتف في وجهها وهو يبتسم بخبث وهو يفكر بما سينتظرها هذه الليلة معه...
، ااغلقت مايا الهاتف واخذت تنظر امامها بشرود...

ما زالت تتذكر الحوار الدائر بينهما ليلة البارحة قبل خروجها من المركز...
- انا مستعدة اعملك اي حاجة، الا ده...
رفع ذقنها بأنامله وأخذ يتأمل عينيها اللامعتين بنظرات ماكرة قبل ان يهتف :
- وانا مش عايز الا ده...
- طب اي حاجة غير الحرام...
- تقصدي ايه؟!

اجابته بأخر ورقة تمتلكها معه :
- تتجوزني...
قهقه عاليا غير مصدقا لما يسمعه...
هل جنت هذه الفتاة؟!
كيف استطاعت ان تطلب منه شيء كهذا؟!
- انتي بتهزري، اتجوز مين؟! اتجوزك انتي، !!

اومأت برأسها ليعاود الضحك عاليا قبل ان يتوقف عن ضحكاته ويقول بغضب مكتوم :
- ده اللي ناقص، اتجوز واحدة زيك، متفوقي لنفسك يا بنت انتي...
- حتى لو عرفي، انا راضية، بس بلاش كده ..

قالتها بنبرة مترجية ليرد بعنجهية وغرور :
- انسي، اسمي مش هيتحط جمب اسمك فأي وضع كان...
افاقت مايا من ذكرياتها تلك على صوت والدتها تنادي عليها لتتناول طعام الافطار...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول البارت الثالث بقلم سارة علي 



وقفت مايا أمام الشقة التي أخبرها كريم عنها، اعتصرت قبضة يدها بقوة وهي تفكر بأنها تخطو اولى خطواتها نحو الجحيم، نعم فتسليم نفسها لكريم هو الجحيم بحد ذاته، ضغطت على جرس الباب بتردد ليفتح لها كريم الباب خلال ثواني وهو يرتدي بنطال برمودا فوقه قميص خفيف ذو اكمام طويلة ازراره العلوية مفتوحة يبرز من خلالها صدره الصلب العريض...

ما ان وقعت عيناه عليها حتى ابتسم ابتسامة من ظفر بمراده أخيرا ثم أفسح لها المجال لتلج الى الداخل واغلق الباب جيدا بالمفتاح...
- نورتي شقتي المتواضعةة...
قالها بإبتسامة عريضة لتتأمل مايا الشقة الواسعة بإندهاش حقيقي، لم تر في حياتها بأكملها شقة كهذه، ما مدى الثراء الذي يتمتع به هذا الشخص ليعيش في شقة فخمة وراقية كهذه؟!

افاقت من أفكارها تلك على صوته وهو يقترب منها ويحيط كتفيها بذراعيه ليشعر بإرتجافة جسدها لا اراديا، ابتسم بسخرية فهذه الفتاة تمثل دور البراءة بشكل متقن...
- متخافيش يا بيبي، انا مش هاكلك...
تطلعت اليه بنظرات كارهة مشمئزة ليقهقه عاليا قبل ان يقرصها من وجنتها ويهتف بها :
- بموت في نظراتك دي...

اشاحت بوجهها بعيدا عنه بينما قبض هو على كف يدها الناعم واتجه بها نحو الشرفة قائلا بنبرة حماسية :
- تعالي شوفي النيل، المنظر من هنا تحفة...
وقفت مايا على رؤوس اصابعها ويدها ممسكة بسور الشرفة تتأمل مياه النيل اللامعة بملامح حزينة، كم تمنت لو تغرق في هذه المياه وينتهي امرها، لفحتها نسمات الهواء الباردة فإقشعر بدنها وقد ترك هذا المنظر شعورا باردا خاليا داخلها...

شعرت بكريم يحتضنها من الخلف محيطها ظهرها بذراعيه فأغمضت عيناها بألم تخفي دموعا ترقرقت داخلهما...
ظلا على هذه الوضعية لفترة طويلة، كريم يحيطها من الخلف مستنشقا عبير شعرها الناعم شاعرا بلذة غريبة تسيطر عليه، مايا تخفي دموعها بمعجزة وتخبئ ارتجافة جسدها اثرا للمساته...
- مش يلا بينا...

نطق بها كريم اخيرا قاطعا اللحظة الصامته لتلتفت مايا نحوه تتأمله بنظرات متوسلة ان يرحمها لكنه لم يبال بيها وهو يجرها خلفه ويقول :
- تعالي اوريكي جبت ايه ليكي...
ثم اتجه بها نحو غرفة النوم الفخمة واخرج من الخزانة قميص نوم اسود اللون مكشوف للغاية خاصة عند منطقة الصدر...
تأملت مايا قميص النوم الاسود بملامح مدهوشة، هل سترتدي هذا امامها؟! رباه ماذا ستفعل؟! هل لم ترتدِ شيئا كهذا من قبل حتى في منزلها...
وجدته يتأملها بملامح منتشية وهو يتخيلها ترتدي هذا القميص الشبه عاري له، ستكون أكثر من رائعة به...

ابتسم ملأ فمه وقال :
- يلا يا مايا، البسيه بقى، عشان منتعطلش اكتر من كده...
مسكت مايا الفستان وأخذت تنظر اليه بنظرات تائهة حائرة...
وجدته يشير الى غرفة صغيرة ملحقة بغرفة النوم قائلا :
- يلا خشي الحمام جوه غيري هدومك والبسيه...

سارت مايا بخطوات ضعيفة نحو الحمام، اغلقت الباب خلفها ثم وقفت في منتصفه تحمل قميص النوم تنظر اليه بنظرات تائهة حائرة...
ظلت متصنمة في مكانها ترفض التحرك او فعل اي شيء وكأنها شعر بذلك فطرق على الباب هاتفا بها :
- لو اتأخرتي اكتر من خمس دقايق هخشلك بنفسي...

ما ان سمعت كلماته حتى سارعت لخلع ملابسها وارتداء قميص النوم...
تطلعت مايا الى ما ارتدته بملامح شبه باكية، لا تصدق انها ستخرج بهذه القطعة العارية امامه...
سمعت صوت طرقات على الباب فقررت ان تخرج اخيرا فلا يوجد حل اخر امامها سوى هذا، مسحت دمعة تسللت من عينها وخرجت اليه...

وقف كريم مذهولا مدهوشا يتأمل مايا بهذا القميص العاري، لا يصدق ما يراه امامه، تحفة فنية بحق، ملاك يسير على الارض...
تأملها بدءا من وجهها الناعم الرقيق الخالي من مساحيق التجميل ثم عنقها الخمري الطويل، صدرها الذي يظهر معظمه من قميص النوم والذي يثير بداخله اشياء متضاربة، جسدها النحيل والذي يلتصق به قميص النوم كجلد ثاني انتهاءا بساقيها النحيلين الطويلين اللذان يظهران بسخاء اسفل القميص...

لم يشعر بنفسه الا وهو يصفر عاليا بحماس شديد قبل ان يقترب منها ويدور حولها هاتفها بانبهار :
- اجمل مما تخيلت، انتي تجنني يا مايا، حقيقي تجنني...
ثم مسك كف يدها وسار بها نحو السرير أجلسها عليه واقترب منها وأخذ يقبل جانب وجهها برقة بالغة...

انحدرت قبلاته من جانب وجهها الى فكها واخذ يتذوقه على مهل، ثم عنقها الذي اثاره وبشدة، يريد ان يتذوق كل قطعه من جسدها، ان يجرب معها جميع الاحاسيس المنشودة، الا يترك شعور واحد دون ان يشعر به معها، شعر بتصلب جسدها ثم ما لبثت ان دفعته بعيدا عنها ونهضت من مكانها تهتف ببكاء :
- لا مش هسمحلك تقرب مني...

زفر أنفاسه بإحباط ثم قال:
- بصي يا مايا، احنا بينا اتفاق، اي واحد هيخل بالاتفاق اللي بينا هياخد جزاه، وانتي عارفة انا اقدر اعمل فيكي ايه ..
- هتعمل فيا ايه اكتر من انك تاخد شرفي...
قالتها بمرارة ليقول بسخرية :
- شرفك، انتي مصدقة نفسك يا بنت، انتي نسيتي انا جايبك منين، !! فوقي يا ماما، متنسيش انا عملت ايه معاكي، انتي كان زمانك متحاكمة بقضية دعارة، عارفة يعني ايه دعارة، !!!

سالت الدموع من عينيها بغزارة ليهتف بتهديد صريح :
- بكلمة واحدة مني ألبسك بدل القضية قضيتين، وزي مخرجتك منها زي الشعرة من العجينة، هلبسك قضية أتقل منها وبسهولة...
صمتت ولم تتحدث فنهض من مكانها واقترب منها هامسا لها :
- خليكي هادية ومطيعة وانا اوعدك اني هعملك كل الي تحبيه وتتمنيه، بس تسمعي الكلام وتنفذي الي انا عايزة...

ثم سحبها خلفه نحو السرير مرة اخرى، وهجم عليها يقبلها بشوق جارف دون ان يأخذ ردة فعل واحدة منها، جن جنونه عندما وجدها لا تبادله عواطفه ومشاعره تلك فابتعد عنها وهو يسبها ويلعنها قبل ان يقبض على عنقها بقسوة هاتفا بتبرم :
- انتي ليه مش عاوزة تسمعي كلامي؟! ليه مصرة تعذبيني وتعذبي نفسك؟!
تحدثت بصوت مختنق :
- والله العظيم انا مش زي مانت فاكر، انا لسه بنت...

قهقه عاليا محررا رقبتها من يده...
- لسه بنت، ماشاءالله لحقتي تعمليه بالسرعة دي...
نهضت من مكانها وسألته :
- اعمل ايه؟!
- العملية اياها...

قالها وهو يغمز لها بخبث لتنتفض من مكانها وتصرخ به بإنفعال وقد انهارت اعصابها تماما:
- كفاية بقى، حرام عليك، قلتلك مية مرة انا مش كدة، والله العظيم انا مش كدة، اثبتلك إزاي...
ثم اقتربت منه وهتفت :
- انتي ليه مصر تحكم عليا اني كده؟! ليه مش عايز تصدقني؟!

- على فكرة انتي تنفعي تشتغلي فالسينما، انا ممكن أكلملك منتج صاحبي يشغلك معاه...
كان يتحدث ببرود لاذع جعلتها تفقد الأمل به، هذا الرجل بلا احساس بكل تأكيد...
- مايا، قدامك خيارين، يا تكوني ليا زي منا عاوز، يا تخرجي من هنا حالا وتستحملي كل اللي جاي...

في هذه اللحظة تجسد كل شيء امامها، والدتها، اختها، حتى سعد، الجميع ينظرون اليها، يترجونها ألا تفعل بهم هذا، ألا تفرط بشرفها، لأجل أيا كان، مسحت باطن وجهها بكفيها ثم اتجهت نحو الحمام تحت انظاره، غيرت ملابسها وخرجت له، تحدثت اخيرا :
- انا خارجة، خارجة ومش راجعة مهما حصل، انا مش هفرط فشرفي لأي سبب كان، ولو عاوز تأذيني براحتك، ربنا الكبير قادر يحميني منك ومن اللي زيك، عارف ليه؟! لأنوا عارف اني مظلومة...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الحلقة الرابعة بقلم سارة علي



خرجت مايا من شقة كريم وهي تشعر بالراحة الكبيرة ..
لا تصدق بأنها نجت من الوقوع بالخطأ...
لقد كادت ان تخسر شرفها لولا ما حدث...
لولا رحمة الله بها وتراجعها عما حدث...
اخذت نفسا عميقا وابتسمت براحة جلية...

ثم سارت في الشارع بخطوات بطيئة وهي تتأمل المارة حولها وتفكر في داخلها في حل ينقذها من بطش كريم...
وفي اثناء سيرها رن هاتفها فأخرجته من حقيبتها واجابت على المتصل والذي لم يكن سوى سعد...
- ازيك يا مايا؟!
كان سؤالا اعتياديا أجابت عليه :
- بخير الحمد لله، ازيك انت؟!
- بخير...


فجأة خطر على بالها شيء ما، شيء جعلها تسأله بسرعة :
- سعد ممكن اقابلك؟!
رد بتلقائية :
- اكيد، تحبي نتقابل فين ..؟!
اجابته :
- فالكافيه اللي جمب بيتنا...
- ربع ساعة واكون عندك...
اغلقت الهاتف وهي تتنهد براحة، لقد وجدت الحل الذي سينقذها من ذلك المجرم، لكن يتبقى شيء واحد، موافقة سعد...



دلفت مايا الى الكافية لتجد سعد في انتظارها، ابتسم بفرح ما ان رأها ثم هب واقفا من مكانه مستقبلا اياها ..
بادلته مايا ابتسامة خافتة وهي تجلس امامه بينما عقلها يعيد ذكريات الساعة الفائتة وما حدث بها وشعور بتأنيب الضمير تجاه سعد وهي تتذكر ان ذلك الحقير قد رأها وهي شبه عارية طغى عليها...
ابتسمت بوهن قبل ان تسأله :
- عامل ايه؟!

اجابها:
- كويس، بس مطحون فالشغل...
- ربنا يعينك...
قالتها بإبتسامة سمحة ليسألها :
- طلبتي تشوفيني ليه؟! مش من عوايدك يعني...
اخذت تعبث بأناملها وهي تفكر في طريقة تخبره من خلالها بما تريده منه :
- سعد انا فكرت كتير فوضعنا وعلاقتنا، انا موافقة اني اتجوزك...

سعد متعجبا مما قالته :
- انتي بتقولي ايه يا مايا؟! انتي بتتكلمي بجد؟!
اومأت مايا برأسها وهي تضيف بنبرة ثقيلة :
- اكيد مش بهزر، سعد انا بحبك، وعايزة اتجوزك...
سعد وهو يشعر بالحرج :
- بس يا مايا انتي عارفة ظروفي، انا مش هقدر اجيب الشقة ولا المهر اللي انتي ومامتك عاوزينه...

مايا بتفهم فاجأه :
- عارفة وموافقة، انا اللي يهمني اننا نتجوز ونعيش فبيت واحد سوا، واني اكون مراتك وفحمايتك...
شددت على حروف كلماتها الاخيرة...
تطلع سعد اليها بحيرة ولم يعرف ماذا يجب ان يفعل...
هل يوافق على الزواج من حبيبته بوضع متردي كهذا؟!
هل سيجعلها تشاركه شقائه وتعبه؟!

شعرت مايا بتخبط افكاره فأمسكت بيده داعمة لها وقالت:
- انا عارفة انك متفاجئ من طلبي، زي ما عارفة انك خايف تظلمني معاك، بس انا بحبك وعاوزاك، ومش هاممني اي حاجة فالدنيا غير اني اكون فحضنك وأمانك، احنا هنتجوز ونعيش سوا، انا وانت نشتغل ونبني نفسنا مع بعض...
سحب يده من كف يدها وقال :
- طب والشقة؟! هتقبلي تعيشي مع امي واخواتي؟!

اومأت برأسها وقالت :
- هقبل، انا اصلا بحب مامتك واخواتك، وعلاقتي بيهم كويسه، وانت عارف ده كويس...
ما زال هناك شعور بداخله أن ثمة امر غريب يحدث وراءه، لكن لا يهم، طالما مايا ستكون زوجته وملكه .. لقد انتظر هذه اللحظة طويلا، وحلم بها كثيرا، وهاهي تتحقق بسهولة امامه . .
- قلت ايه؟!
افاق من شروده على سؤالها ليبتسم ويجيبها اخيرا :
- موافق...

تنهدت براحة ثم قالت بسعادة :
- احنا نتجوز على طول، ايه رأيك؟!
تعجب سعد من سرعتها لكنه لم يشأ ان يحرجها فإبتسم وقال :
- تمام لو ده هيريحك...
- شكرا يا سعد، شكرا اوي...
قالتها بإمتنان حقيقي له، فهو سينقذها من براثن الذئب دون ان يعلم، سوف يحميها منه ومن بطشه، وسينتهي حينها كل شيء...

عاد كريم الى فيلا عائلته وهو يشعر بتخبط وحيرة شديدين...
ما زال يفكر بما حدث وما فعلته مايا وقالته...
شعور غريب في داخله يخبره ان يصدقها، وشعور اخر يكذبها...
وهو تائه حائر بين هذين الشعورين...
وجد أخيه يجلس في صالة الجلوس يتابع التلفاز فجلس بجانبه بعدما القى التحية عليه...
تأمله حسام بتعجب، كان يبدو مرهقا للغاية، فسأله بحيرة :
- مالك؟! شكلك بيقول انك مش كويس، !

اجابه كريم وهو يطلق تنهيدة ثقيلة:
- مهدود حيلي بسبب الشغل...
ثم اردف متسائلا عن والده ووالدته :
- امال بابا وماما فين؟!
اجابه حسام :
- خرجوا يتعشوا بره، عزموا عليا معاهم بس رفضت، قلت اسيبهم يعيشوا شبابهم شوية...

ابتسم كريم ساخرا على كلمة شبابهم ثم ما لبث ان قال :
- حسام، ايه رأيك تروح بكره بدالي عزومة عزمي بيه؟!
ابتسم حسام قائلا :
- انت بتهزر يا كريم، دول عزموا ماما مخصوص عشانك...
- ليه يعني؟!
سأله كريم بلا مبالاة ليرد حسام :
- عشان كارما بنته، دي ماما معجبة بيها اوي، وعايزة تخطبهالك...
- طموحة اوي ماما دي...

قالها كريم ساخرا ليضحك حسام عاليا قبل ان يقول بعبث :
- بس البنت ايه، تهبل...
- بجد؟!
سأله كريم متحمسا ليرد حسام بإستهزاء :
- غيرت رأيك بالسرعة دي ..
ليقول كريم بخبث :
- مهي لو تستاهل بجد، يبقى لازم اروح...
حسام بجدية :
- من ناحية تستاهل فهي تستاهل، روح وانت مطمن ..
نهض كريم من مكانه وهو يبتسم بإنتشاء قبل ان يودع اخيه ويتجه الى غرفة نومه...

في اليوم التالي...
اوقف كريم سيارته امام فيلا عزمي الجندي...
هبط من سيارته ثم اتجه نحو الجهة الاخرى من السيارة وفتح الباب لوالدته التي هبطت بدورها ليظهر فستانها الفخم بوضوح...
لطالما عرفت والدتها بأناقتها الطاغية وجمالها الساحر...

سار كريم وهو ممسك بذراع والدته نحو الباب الفيلا ليجدوا عزمي وزوجته جيهان بإستقبالهم...
رحبوا بهما بحرارة وأجلسوهما في صالة الجلوس...
كان كريم يتابع الأحاديث السائرة بينهما بملل شديد ..
لقد جاء الى هذه السهرة خصيصا لرؤية كارما...
وهاهو ينتظر طلتها البهية منذ اكثر من نصف ساعة...

لحظات قليلة ودلفت كارما الى الداخل...
ليتأملها كريم بنظرات باردة وإن أعجبه جمالها بشدة، لكن هذه عادته لا يظهر الاعجاب نحو اي فتاة بل يحتفظ به في داخله حتى يأتي الوقت المناسب ويفصح لها عنه...
كانت كارما جميلة للغايةة بل مثيرة اكثر مما هي جميلة...
تمتلك جسد أنثوي رائع ذو تفاصيل مغرية لأي رجل، شعرها الطويل مصبوغ باللون الأشقر الذي يلائم بشرتها البيضاء الناصعة، والمكياج الصارخ يملأ وجهها...

لا يعرف لماذا قارن بينها وبين مايا، كانت مايا تختلف عنها جذريا، فهي أنعم منها بكثير، جسدها اقصر وأنحل بكثير، بشرتها خمرية، ووجهها خالي من المكياج، وبالرغم من اثارة كارما وجمالها المثير الا ان كفته مالت نحو مايا وهذا شيء استغربه بل وازعجه كثيرا، افاق من افكاره تلك على صوت كارما ترحب به وتمد يدها نحوه فنهض من مكانه وامسك يدها رادا لها التحية ببرود، جلست كارما بجانب والدتها وعادت الأحاديث المملة تأخذ اطارها المعتاد وعاد كريم لأفكاره من جديد والتي تخص واحدة فقط، مايا...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الفصل الخامس بقلم سارة علي



جلست مايا امام والدتها وهي تشعر بالحرج الشديد...
لا تعرف كيف ستفتح موضوع زواجها من سعد معها...
كانت والدتها تنتظر منها أن تبدأ حديثها لتفهم منها الموضوع الذي يؤرق تفكيرها...
تنحنت مايا قائلة بنبرة مترددة :
- انا وسعد قررنا نتجوز...

تطلعت سعاد والدتها اليها بتعجب فهي كانت تعرف بأن مايا تؤجل موضوع زواجها من سعد حتى تستقر اوضاعه المادية، فمالذي تغير الان؟!
سألتها سعاد بحيرة :
- انتوا مش كنتوا اتفقتوا تتجوزوا لما سعد يكون نفسه وتستقر اوضاعه المادية؟!
ارتبكت مايا وظهر الارتباك جليا على ملامحها لكنها ردت بنبرة متماسكة :
- ايوه، بس لو هستنى اوضاع سعد تستقر يبقى مش هنتجوز ابدا...


قالت والدتها بعدم اقتناع :
- طب وانتي ايه اللي يجبرك على جوازة زي دي؟! انتي ممكن تتجوزي واحد حالته المادية افضل وتعيشي بوضوع مستقر معاه...
ردت مايا بجدية :
- انتي عارفة اني بحبه، ومش هتجوز غيره...
تطلعت والدتها اليها بنظرات غير مرتاحة قبل ان تنطق قائلة :
- يعني انتي متأكدة من قرارك؟!



اومأت مايا برأسها اكثر من مرة لتمط سعاد شفتيها بضيق قبل ان تهتف بقلة حيلة :
- طالما انتي موافقة ومقتنعة، يبقى مش هقدر اقول غير موافقة...
ابتسمت مايا براحة قبل ان تعاود والدتها سؤالها بعدم ارتياح :
- انتي واثقة من قرارك ده يا مايا؟! يعني مش هتتراجعي عنه؟!
هزت مايا رأسها نفيا وقالت بإقتناع تام:
- ابدا...


هزت الام رأسها بتفهم قبل ان تهتف بها :
- مبروك يا مايا، مبروك يا حبيبتي...
نهضت مايا من مكانها واحتضنت والدتها وقبلتها وهي تشعر براحة مبدئية فيبدو ان الامور سوف تسير لصالحها اخيرا...

وقف كريم في الحديقة الخارجية لفيلا عزمي الجندي يدخن سيجارته ويفكر رغما عنه بمايا...
بات لا يفهم سبب تفكيره الدائم بها...
هل لأنها جميلة للغاية؟!
لكنه عرف من هن أجمل منها...
نفث دخان سيجارته في الهواء عاليا حينما شعر بأحد ما يقف خلفه...
التفتت نصف التفاتة ليجد كارما خلفه تبتسم بعفوية...
- واقف هنا ليه؟!

سألته محاولة منها لفتح الحديث معه ليجيبها قائلا :
- بدخن سيجار...
وقفت بجانبه تتأمل الحديقة المحيطة بها بينما هو عاد يشرد بمايا تلك التي سيطرت على تفكيره فجأة وباتت تحتله بشكل غريب...
- كريم...
افاق من شروده على صوت كارما تناديه ليهتف بها :
- نعم، !
سألته بتردد:
- هو انت ليه مشتغلتش مع باباك فشركته؟! ليه اخترت تشتغل فالشرطة؟!

تأملها قليلا قبل ان يرمي سيجارته ارضا ويطفئها بحذاءه ثم يجيبها :
- يمكن عشان بحب شغلي فالشرطة...
اومأت رأسها بتفهم ثم قالت :
- هو انا مدايقاك بوقفتي جمبك؟!
هز رأسه مجيبا :
- اطلاقا...
ابتسمت ملأ فمها ثم قالت بسعادة جلية :
- كده بقى اتكلم براحتي...

ابتسم بتصنع وقال :
- اها اتكلمي اكيد...
احاطت ذراعه بذراعها بشكل فاجأه هو شخصيا ثم قالت :
- تعرف اني معجبة بيك اووي...
اومأ برأسه واجاب بغرور :
- اها عارف، اساسا الكل معجب بيا...
مطت شفتيها بأستياء وقالت :
- مغرور...
- واثق من نفسي...
قالها مصححا لترد بعفوية :
- وبارد كمان...

فجأة دفعها على الحائط خلفها واحاط جسدها بذراعيه قائلا بنبرة هادئة لكن قوية :
- انتي اد كلامك ده؟!
اومات برأسها وقد شعرت بتفتت جميع مقاومتها امامه، فهو واقف امامها يحيط جسدها بالكامل بهذا القرب المهلك منها...
انحنى اكثر نحوها مقربا فمه من فمها بنية تقبيلها حينما أشاحت هي بوجهها بعيدا عنه ليتنحنح بحرج ويحرر جسدها من ذراعيه...

في صباح اليوم التالي...
في مركز الشرطة الذي يعمل به كريم...
دلف كريم الى مكتبه ثم بدأ يباشر عمله...
ولج بعد لحظات صديقه عمر اليه...
كان عمر صديقه المقرب وخازن جميع اسراره...
جلس على الكرسي المقابل له وقال متسائلا بنبرة ساخرة:
- اخبار ليلة امبارح والانسة كارما؟!

اجابه كريم وهو يتراجع الى الخلف :
- كويسة، بس كارما دي طلعت دايبة فيا من زمان...
- بجد؟!
سأله عمر بعدم تصديق ليهز كريم رأسه ويقول بجديةة:
- بجد...
ثم اردف بعدها :
- بس البنت طلعت ايه، فرسة...
غمز له عمر بعبث قائلا :
- وقعتها ولا لسه؟!

اجابه كريم:
- لسه، حاليا مش فاضي ليها...
- امال فاضي للانسة مايا؟!
اومأ كريم برأسه ثم شرد يفكر بها ليسأله عمر بنبرة جادة :
- هو انت لسه مراقبها؟!
- طبعا، واخبارها بتوصلني اول بأول...
هز عمر رأسه بتفهم ثم شرد هو الاخر بهذه الفتاة واهتمام كريم الغريب بها دونا عن غيرها...

بعد مرور عدة ايام...
امام المصنع الذي يعمل به سعد اوقف كريم سيارته...
هبط منها مرتديا نظارته الشمسية ليطلب من احد العاملين هناك ان ينادي سعد...
وبالفعل خرج سعد من المصنع بعدما ابلغه العامل بأن رجل يرتدي ملابس الشرطة ويركب سيارة حديثة للغاية يطلب مقابلته...
تأمله سعد وهو يسير نحوه بملامح مندهشة فمن هذا الرجل الذي يريد مقابلته؟!

تقدم نحوه وسلم عليه ليطلب منه كريم ان يركب معه ليتحدث معه بأمر خاص جدا...
حاول سعد الامتناع عن مقابلته بحجة عمله وعدم سماح مدير المصنع له بترك العمل في هذا الوقت لكن كريم أخذ الاذن له من صاحب المكان...
بعد حوالي نصف ساعة كان كريم يجلس امام سعد في احد ارقى الكافيهات في البلاد ..

- اتفضل...
قالها سعد ليرد كريم :
- طبعا انت مش عارفني يا سعد، مش كده؟!
سعد وهو يهز رأسه نفيا :
- الصراحة لا...
تأمله كريم بملامح ساخرة قبل ان يهتف بهدوء مخيف :
- بس انا اعرفك عن طريق مايا، خطيبتك...
شدد على كلمة خطيبتك الاخيرة ليسأله سعد بتوتر :
- هو انت تعرف مايا منين ..؟!

سأله كريم بنبرة ذات مغزى :
- قول انت، ضابط زيي هيعرفها منين...
صمت سعد ولم يرد ليكمل كريم :
- خطيبتك كانت متهمة عندي...
رفع سعد رأسه فورا وسأله :
- متهمة بإيه؟!"
- بالدعارة...

جحظت عينا سعد بعدم تصديق ليشعل كريم سيجارته وينفث دخانها عاليا قبل ان يكمل ببرود :
- مسكناها بشقة مفروشة هي وكم بنت...
- انت كداب...
- انا مش بكدب ..
صرخ به كريم ثم رما في وجهه المحضر الذي يؤكد ما قاله ليقرأه سعد بعدم تصديق قبل ان يسأل كريم بنبرة مرتجفة :
- طب لو هي فعلا متهمة، خرجت ازاي؟!"

التوى فم كريم بإبتسامة باردة قبل ان يهتف بجمود :
- انا اللي خرجتها ..بعدما ما اتفقت معاها انها تكون عشيقتي، وهي وافقت...
حاول سعد استيعاب ما يسمعه، فأن يسمع كل هذا عن خطيبته وزوجته المستقبلية امر لا يمكن تحمله...
فتح كريم هاتفه وجعله يرى شريط فيديو يجمعه مع مايا وهي شبه عارية بوضع مثير للغاية...
هطلت الدموع من عيني سعد وهو يشاهد خطيبته وحبيبته بين احضان رجل اخر يقبل وجهها ورقبتها...

انتهى الفيديو ليمسح سعد دموعه بأنامله بينما اعطاه كريم مناديل ورقية ليمسح بها دموعه...
رمى سعد المناديل بوجهه ثم انتفض من مكانه وانقض عليه يصرخ به :
- انت السبب، ليه عملت كده؟!
دفعه كريم بعيدا عنه وهتف بنفاذ صبر :
- انت غبي ولا بتستغبي، بقلك مسكتها بشقة دعارة...

اشاح سعد وجهه بعيدا عنه محاولا ان يخفي دموعه التي تهدد بالهطول مرة اخرى، اما كريم فنهض من مكانه واقترب منه قائلا بنبرة خبيثة :
- اسمعني يا سعد، انا عايز مصلحتك، عايز اساعدك...
- انا هقتلها...
قالها وهو ينهض من مكانه بملامح مخيفة ليوقفه كريم بسرعة وقد انتفض قلبه لا اراديا ما ان سمع ما قاله سعد...
- الامور متتحلش كده...
- امال ازاي؟!
صرخ به سعد ليرد كريم بهدوء غريب :
- هقولك...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول المشهد السادس بقلم سارة علي



- اللي بتطلبه ده شيء مستحيل، ازاي تطلب مني اعمل كده ..؟!
رمقه كريم بنظرات باردة قبل ان يقول بنبرة عادية :
- اللي بطلبه منك هو الصح، انت اكيد مش ناوي تتورط بسببها فقضية تانية...
- تقصد ايه؟! انت بتهددني؟!
سأله سعد بنبرة عالية قليلا ليرد كريم بسرعة وصوت بارد :
- اشش، اخرس خالص ومترفعش صوتك مرة تانية، واه انا بهددك، وافهمها زي متفهمها...

ثم اردف بنبرة ماكرة :
- انا بحاول اساعدك، اقدملك حاجات كتير كويسه، مقابل انك تنفذ اللي بطلبه منك...
- وايه المقابل المهم بقى اللي هيخليني اعملك اللي انت عاوزه؟!
قالها سعد وهو يتكئ على ظهر الكرسي ليبتسم كريم برضا قبل ان يرد :
- مليون...
سأله سعد بعدم تصديق :
- مليون جنيه...
صحح له كريم هازئا :
- مليون دولار...


ابتلع سعد ريقه بتوتر وحيرة، ما يعرضه كريم لا يمكت رفضه بأي حال من الأحوال، ولكن كيف سيوافق عليه؟! ما يطلبه كريم ايضا صعب للغاية...
تأمله كريم وهو يبدو عليه الحيرة وقلة الحيلة ليبتسم بخبث قبل ان يقول بنبرة قوية :
- مليون دولار تحققلك كل اللي بتتمناه، تعيشك بأحسن مستوى بدل المرمطة اللي انت فيها...
- بس...


قالها سعد بتلكؤ ليقول كريم بسرعة رادعا اي مجال للقلق او التردد قد يتولد لديه :
- مبسش، فكر كويس يا سعد، انا بضمنلك حياتك الجاية، وبأمنلك اللي جاي، زي منا اقدر اخد اللي انا عايزه منك بكل سهولة، بس انا مش عايز اظلمك معايا، عايز اخد وادي المقابل اللي يناسب اللي اخذته...
- لا كتر خيرك الحقيقة...

قالها سعد بنبرة هازئة ليبتسم كريم ملأ فمه ويقول بمرح لا يليق به :
- قلت ايه بقى؟! اظن مفيش عرض افضل من كده...
هز سعد رأسه بشرود ليكمل كريم بإنتصار :
- نقول مبروك...


جلست مايا بجانب نايا اختها الصغرى التي كانت تذاكر دروسها بتركيز شديد...
تأملتها نايا بقلق فقد كان يبدو عليها الضيق والواضح والألم...
سألتها نايا بقلق بينما كف يدها امتد ليلمس يد مايا الشاردة رغما عنها :
- مالك يا مايا؟! شكلك بيقول انك مش كويسه ..
افاقت مايا من شرودها على سؤال اختها الغريب والذي جاء في محله لتجيبها بقلق ورغبة عارمة بالبكاء تجتاحها :
- قلقانة اوي يا نايا، قلقانة وهموت من قلقي وخوفي...


- طب ليه؟! ايه اللي حصل؟!
سألتها نايا بتعجب من هذه الحالة الغريبة التي تسيطر على اختها لترد مايا عليها بنبرة مترددة :
- حاسة انوا فيه حاجة مش كويسه هتحصل قريب، قلبي بيقولي كده...
- حاجة ايه؟!
هزت مايا رأسها نفيا وقالت بجهل :
- مش عارفة، مجرد احساس وخلاص...
قالت نايا بنبرة هادئة حكيمة :
- لو شايفة انوا الجوازة دي هتأذيكي يبقى بلاش منها...


تطلعت مايا الى اختها الصغرى بحيرة ظهرت بوضوح خلال عينيها الضائعتين لتحتضنها نايا من ذراعيها وتضمها اليه بحنو بالغ...
سمعتا الاثنتان صوت والدتهما وهي تنادي على مايا قائلة :
- مايا حبيبتي، تعالي ساعديني فترتيب جهازك قبل مناخده شقة خطيبك...
نهضت مايا من مكانها وتوجهت خارج الغرفة بخطوات ثقيلة ثم تقدمت نحو والدتها وبدأت تساعدها في ترتيب جهازها...
في هذه الأثناء رن هاتفها فحملته لتجد سعد يتصل بها...

ضغطت على زر الاجابة ليأتيها صوته :
- ازيك يا مايا؟!
- اهلا يا سعد، انا بخير، انت ازيك؟!
اجابها سعد :
- بخير الحمد لله...
صمت لوهلة قبل ان يردف بصوت بارد :
- جهزتي نفسك عشان ننزل نختار فستان الفرح؟!


اجابته مايا بملامح قلقة :
- اها جاهزة، تحب ننزل امتى؟!
اجابها بسرعة:
- بكره الصبح، !
- تمام...
اغلق سعد الهاتف في وجهها دون ان يودعها حتى لتستغرب كثيرا من تصرفه لكنها لم تعلق ولم تضع الموضوع في بالها...

في صباح اليوم التالي...
على مائدة الطعام في منزل كريم كان كلا من منى والدة كريم وحسام اخيه يجلسان على طاولة الطعام يتناولان فطورهما...
توجه كريم نحويهما قائلا بنبرة مرحة خفيفة :
- صباح الخير...
- صباح النور...
اجابه الاثنان قبل ان يهتف حسام بتعجب :
- شكلك رايق اوي النهاردة...
ليرد كريم بخفةة:
- انا رايق على طول...

- ويا ترى ايه سبب الروقان ده؟!
سألته منى بجدية ليجيبها كريم بصوت عابث :
- وانا مش هكون رايق لي، شغلي ماشي كويس جدا، صحتي بخير، عايش احسن عيشة، والاهم من ده عندي امي قمر زيك...
- حبيبي...

قالتها منى بدلال ليهمس له حسام :
- عرفت تاكل عقلها بكلمتين كالعادة...
- عيب عليك...
قالها كريم وهو يغمز له لتهتف منى به فجأة :
- بقلك يا كريم، ايه رأيك تجي معايا النهاردة للنادي نشوف كارما ووالدتها...
- هي جايه النادي النهاردة؟!
قالها كريم وهو يمضغ طعامه لتهز منى رأسها وتقول مؤكدة :
- ايوه وانا اتفقت اني هقابلهم هناك...

شعر كريم بالحيرة، فهل يذهب لمقابلة كارما ويقضي
القليل من الوقت المسلي معها؟!
وجد نفسه يرغب بمقابلتها ورؤيتها، علها تنسيه قليلا مايا التي بات يفكر بها ليلا ونهارا، لا بأس يا مايا، ستكونين لي قريبا، !
- ها قلت ايه؟!
افاق من شروده على سؤال والدته ليجيب :
- تمام هروح معاكي...

ابتسمت الام بإنتعاش وقالت :
- خلاص قوم غير هدومك عشان نروح سوا...
- مش بدري اوي دلوقتي...
قالها كريم وهو ينظر الى ساعته لترد الام عليه :
- لا طبعا مش بدري، خلينا نلحق اليوم من اوله...
نهض كريم من مكانه واتجه نحو الطابق العلوي وتحديدا نحو غرفته ليغير ملابسه تاركا والدته تبتسم بسعادة فيبدو ان ما تخطط لها يجري وبدقة...

خرجت مايا من شقتها واتجهت خارج العمارة بأكملها لتجد سعد في انتظارها...
ابتسمت له بحب وتقدمت نحوه قائلة بصوت سعيد :
- صباح الخير...
اجابها بإقتضاب :
- صباح النور...

تعجبت من نبرته معها لكنها لم تعلق بل سارت بجانبه متجهان نحو السوق حيث سيشتريان فستان زفافها واشياء اخرى مما تحتاجه مايا قبيل زفافها الذي اقترب كثيرا...
في احد المحلات وقفت مايا تنظر الى فساتين الزفاف بسعادة خفية، لا تصدق أنها بصدد شراء فستان زفافها، لقد حلمت بهذا اليوم كثيرا وتمنته كثيرا...
اخذت تقلب مايا الفساتين بإعجاب واضح، اما سعد فكان يقف في احد اركان المحل يتابعها بملامح باردة لا توحي بشيء...

اخرجت مايا احد فساتين الزفاف الذي نال اعجابها ثم توجهت به نحو سعد وسألته وهي تضع الفستان على جسدها :
- ها ايه رأيك؟! حلو؟!
اعتدل سعد في وقفته وقال بنبرة عادية :
- اها جميل...
- أقيسه؟!
- ايوه قيسيه...
توجهت مايا نحو غرفة التبديل الملحقة بالمحل وارتدت الفستان...

خرجت بعد لحظات امام سعد الذي تأملها للحظات بنظرات يملؤها الاعجاب، لحظات قليلة واختفت نظراته تلك ليحل البرود محلها...
قال سعد بنبرة باردة :
- جميل اووي...
ابتسمت مايا بغبطة وقالت برقة :
- يعني نشتريه...
- اها طبعا...
اتسعت ابتسامة مايا بسعادة ثم ما لبثت ان عادت مسرعة الى غرفة التبديل وغيرت الفستان...

اما سعد فقد ملأ شعور الالم والحسرة قلبه، كانت مايا اجمل مما تخيل بمراحل وهي ترتدي فستان الزفاف...
لقد حلم بها طويلا وتمنى ان يراها وهي ترتديه له وحده، لكن القدر لعب لعبته معه وخذله كالعادة...
افاق من افكاره الموجعة على صوت مايا تطلب منه ان يدفع سعر الفستان ففعل ذلك وهو يحاول ان ينفض تلك الافكار عن رأسه...

في احد اشهر النوادي الرياضية الترفيهية...
جلس كريم بجانب والدته على احدى الطاولات الموجوده في حديقة النادي يرتدي نظارته الشمسية ويتابع من خلفها ما يجري من حوله...
خلع كريم نظارته الشمسية وقال لوالدته بضجر :
- هيجوا امتى؟! اتأخروا اوي...
- مش عارفة، اتأخروا فعلا...
قالتها منى وهي تنظر الى ساعتها حينما قال كريم فجأة :
- وصلوا اخيرا...

تأمل كريم كارما وهي تتقدم منهما بجانب والدتها ترتدي بنطال من الجينز الازرق يلتصق بجسدها كجلد ثاني مبرزا مفاتنها الخلابة فوقه قميص اخضر اللون قصير للغاية بالكاد يلامس طرف البنطال...
ما ان وصلت نحويهما حتى ابتسمت بتشنج واضح وقالت وهي توجد حديثها لمنى :
- ازيك يا طنط، وحشتيني...
ثم التفتت نحو كريم الذي نهض من مكانه وابتسم لها :
- ازيك؟!
ليرد كريم بتلقائية :
- بخير، انتي ازيك؟!
اجابته :
- I'm fine...

جلست كارما بجانب كريم ووالدتها ومعها والدتها...
اخذوا يتحدثون في شتى المواضيع المختلفة حينما شعر كريم بالملل فقال موجها حديثه لكارما :
- ايه رأيك نقوم نتمشى قريب من هنا؟!
- يلا بينا ..
قالتها كارما وهي تنهض من مكانها وتسير بجانبه...
تحدث كريم قائلا :
- عاملة ايه؟!

- كويسه، وانت عامل ايه؟! اخبار شغلك ايه؟!
- تمام جدا...
وقف الاثنان اسفل احدى الأشجار ليقول كريم متسائلا ومحاولا فتح الحوار معها:
- انتي درستي ايه صحيح؟!
اجابته كارما :
- درست ادارة اعمال فأمريكا...
- تخصص جميل...

قالها كريم بإعجاب حقيقي ثم اردف قائلا :
- على كده بتساعدي والدك فشغله، !
اومأت برأسها واجابته بغرور مفتعل :
- انا ماسكة شغل بابا كله تقريبا...
ابتسم كريم وقال :
- برافو، تعجبني المراة العملية اووي...
ابتسمت كارما وقد ظهر الخجل الطفيف على ملامحها ليسترسل كريم في احاديثه محاولا التعرف عليها اكثر...

في احد الكافيهات المطلة على النيل جلس كلا من مايا وسعد سويا يتبادلان الاحاديث العادية...
كانا يتحدثان عن زفافهما الذي سيتم بعد ثلاثة ايام وعن الاشخاص الذين سيدعونهم الى الزفاف وغيرها من الامور المهمة...
تحدثت مايا قائلةة براحة :
- كده خلصوا كل المعازيم، وخلصنا تقربيا كل الحاجات اللي لازم نجهزها للفرح...
قال سعد مؤكدا ما قالته :
- فعلا، خلصنا كله تقريبا...

اردف سعد بعدها قائلا بإعجاب مفتعل :
- تعرفي انك كنتي زي القمر بفستان الفرح...
احمرت وجنتا مايا خجلا وشعور كبير بالسعادة لامس قلبها، لقد مدحها سعد اخيرا وتغزل بها، لقد خرج اخيرا من شرنقة البرود المحيطة به طوال اليوم...
اردف سعد بنبرة كاذبة :
- انا مبسوط بيكي اووي يا مايا، وسعيد انك هتكوني ليا بعد ما استنيتك كثير...

- وانا مبسوطة اكتر منك، ومش مصدقة نفسي اصلا...
قالتها بعفوية كبلت قلبه الذي يكذب عليها، هل يعقل ان تكون هذه الفتاة الماثلة امامه سيئة الى هذه الدرجة؟!
أبعد تلك الافكار عن رأسه وقال بنبرة ذات مغزى:
- لا صدقي، احنا خلاص هنتجوز، وهتكوني ليا...

ارتجف جسد مايا بسبب كلماته وقد راودها شعور غريب بالخوف وعدم الراحة لكنها أثرت ألا تفكر بهذه الطريقة...
ابتسمت بخفوت بينما امسك سعد كف يدها لتبعد يدها عن كف يده فجأة...
ابتسم سعد في داخله بسخرية فهاهي تمثل عليه الطيبة والبرائة...
اما مايا فكانت تتعجب من نفسها وتصرفها الغير مقصود...

- انا بحب نقائك اوي يا مايا، كفاية اني هتجوزك وانا عارف انوا مفيش رجل لمسك ولا هيلمسك غيري...
طفرت الدموع داخل عينيها لتهتف بنبرة مبحوحة وملامح شاحبة :
- خلينا نقوم، انا اتاخرت اوي...
نهض سعد من مكانه وقد تأكد من حقيقة ما سمعه عنها...

بعد مرور ثلاثة ايام...
وقفت مايا امام المرأة تتأمل فستان زفافها بملامح سعيدة، هاهي ستتزوج اخيرا من سعد، سعد الذي تحبه وتريده بحق، لقد عاهدت نفسها أنها ستكون صادقة معه، ستخبره بجميع ما حدث معها...
نعم لقد تعبت من اخفاء جميع ما حدث عنه وهاهي ستخبره بكل شيء...
اقتربت منها والدتها واطلقت الزغاريد احتفاءا بإبنتها الحسناء، ثم احتضنتها بقوة واخذت تقبلها وهي تجاهد كي لا تبكي...
- يا ماما خليني احضنها انا كمان...

قالتها نايا وهي تبعد والدتها عن مايا وتحتضنها بقوة بينما بالكاد استطاعت مايا ان تسيطر على دموعها...
خرجت مايا بعدها من غرفتها لتتجه نحو صالة الجلوس حيث ينتظرها سعد والمأذون وأقاربهما...
تأملها سعد بملامح حزينة للغاية، كانت تبدو كملاك يسير امامه، لا يصدق انها خدعته بهذه الطريقة...
سوف يجعلها تدفع ثمن هذا غاليا، ولكن لا بأس، هو سينظر للأمر بطريقة إيجابية، فهاهو سينتقم منها وينال حقه كاملا...
جلست مايا بجانب المأذون الذي بدأ يقول كلمته المعتادة قبل ان يبدأ بعقد قرانهما...

سأل المأذون مايا اذا ما كانت تقبل الزواج بسعد لتجيب بسرعةة:
- موافقة...
التفت المأذون نحو سعد وسأله اذا ما كان يقبل الزواج بمايا فصمت للحظات قليلة قبل ان يجيب بنبرة ثقيلة :
- موافق...
اطلق الجميع الزغاريد احتفالا بهما بينما أعلنهما المأذون كزوجا وزوجة...

اقتربت سعاد والدة مايا واختها نايا منها وباركوا لها هذه الزيجة ثم ما لبثتا ان اقتربتا من سعد وباركتا له...
بدأ المدعوون يباركون لمايا وسعد حتى بقيا الاثنان لوحديهما لتهتف مايا به بحب :
- مبروك...
اجابها سعد بإقتضاب :
- الله يبارك فيكي...
ثم ما لبث ان قال بسرعة وعجلةة:
- هنروح امتى؟!
لتقول مايا :
- وقت ما تحب...

وبالفعل غادر الاثنان المكان بعد فترة قصيرة بعدما ودعا الضيوف وأهاليهما...
اتجه سعد بمايا نحو احدى السيارات الحديثه الموضوعة امام العمارة التي تقطن بها مايا...
تأملت مايا السيارة بحيرة شديدة بينما اشار لها سعد قائلا :
- يلا نركب...

- نركب فين؟!
اجابها سعد بجدية :
- نركب العربية...
بهتت ملامح مايا وقالت بإندهاش :
- هي دي عربيتك؟!
اجابها سعد :
- ايوه عربيتي، خلينا نركب بقى عشان نروح...
حاولت مايا ان تستوعب ما سمعته على لسان سعد ثم قررت ان تستفسر عما يحدث حالما تصل الى شقة عائلته...

امام احدى العمارات الراقية للغاية اوقف سعد سيارته...
هبط منها واتجه نحو الجانب الاخر وفتح الباب الاخرى لمايا التي هبطت من السيارة وهي تنظر الى المكان حولها بتعجب...
- احنا فين ..؟!
سألته بقلق ليجيبها سعد :
- دي شقة صاحبي، هنقضي بيها كام يوم لحد منرجع بيتنا...

ثم قبض على كف يدها وجذبها خلفه متجها بها نحو الشقة الموجودة في الطابق الثالث...
فتح سعد باب الشقة ودلف اليها تتبعه مايا التي تأملت الشقة بملامح جامدة، كان من المفترض ان تنبهر بها وبمدى رقيها لولا انها رأت مثلها مسبقا...
اغلق سعد باب الشقة واقترب منها قائلا :
- ها عجبتك الشقة؟!

التفتت مايا نحوه وقالت بنبرة مرتجفة وشعور غريب يخبرها بأن هناك شيء ما سيء سيحدث لها :
- سعد انا لازم اقولك حاجة مهمه...
وقبل ان تتحدث كان هناك شخص ما يقف خلفها...
لم تستطع مايا ان تستدار نحو الخلف، جسدها تصنم في مكانه...
اما سعد فقال بسرعة وترحيب :
- اهلا كريم باشا...
ثم اردف قائلا وهو ينظر الى وجه مايا التي شحب كليا :
- الامانة وصلت...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الجزء السابع بقلم سارة علي



التفتت مايا اخيرا نحو كريم فوجدته واقفا خلفها واضعة يديه في جيوب بنطاله ويتأملها بنظرات ساخرة...
اغمضت عينيها بقوة تحاول ألا تصدق ما تراه، تتمنى أن تفتحها لتكتشف أن ما يحدث وهما، وأن هذا محض حلم سينتهي حالما تفتح عينيها...
فتحت عينيها حينما سمعت سعد يقول موجها حديثه لكريم :
- تؤمرني بحاجة تانية يا باشا؟!
ليهز كريم رأسه نفيا ويرد عليه :
- لا كفاية كده، كفيت ووفيت...

تقدم سعد نحوه وأعطاه ورقة بيضاء مطوية قبل ان يهتف به:
- ده عقد الجواز، كل حاجة تمت زي مانت عايز، انا لازم امشي دلوقتي . ..
ثم تحرك خارج الشقة مسرعا دون ان يلتفت نحو مايا...
تقدم كريم نحو مايا وأخذ يدور حولها متأملا إياها بفستان الزفاف الذي كان أكثر من رائعا عليها، كانت فاتنة بحق وهو كان مفتونا بها...
وقف أمامها أخيرا وجهه مقابل وجهها يتأملها بملامح باردة هازئة قبل ان يقول :
- شفتي إنوا ملكيش حد غيري، لفيتي كتير ورجعتي ليا...


اعتصرت مايا قبضتي يديها بقوة وحاولت ان تكتسب القليل من السيطرة على الذات فسألته بجمود :
- ممكن أعرف ايه اللي بيحصل هنا؟!
ابتسم بظفر وقال :
- هقولك...
ثم اعطاها عقد الزواج لتفتحه بسرعة وتقرأ ما به فتنصدم بشدة مما قرأته، كان عقد زواجها من كريم...
- ازاي؟!


صرخت بها مذهولة مما تراه ليسحب كريم العقد من يدها بسرعة ويقول :
- زي مانتي شايفة...
ثم أردف بنبرة ماكرة :
- عملتلك اللي انتي عايزاه وتجوزتك، اظن مفيش احسن من كده...
قالت مايا بنبرة ساخرة:
- اتجوزت عاهرة زييي مش كده...
كسا الجمود ملامحه فقال بضيق :
- ملوش لزمة الكلام ده، انتي مراتي وانا عايزك...


هنا فقدت مايا اعصابها وصرخت به بقوة وغضب :
- انت فاكرني ايه؟! لعبة فإيدك؟! يعني إيه عايزني؟!
اقترب منها وبدأ يحرك إصبعه على عنقها :
- يعني عايزك، بكل ما فيكي...
تأملته بنظرات مشمئزة قبل ان تهتف بكره :
- انت مريض...


رد بغضب مكتوم :
- لولا اني مش حابب أشوه وشك الجميل ده، كان هيكون ليا تصرف تاني معاكي...
- انا خارجة حالا...
قالتها وهي تجر فستانها خلفها ليقبض على ذراعها ويجذبها نحوه هاتفا بها :
- تخرجي فين، انتي دلوقتي مراتي، شرعا وقانونا كده...
- الناس كلها عارفة اني مش مراتك، الجواز ده باطل، كلهم هيشهدوا ضدك...

قهقه عاليا كمن سمع نكته ثم قال :
- هههه وانتي فاكرة انوا الناس هيقفوا معاكي ضدي انا، فاكرة إنهم هيقدروا يقفوا فوشي، تأكدي يا مايا يا حبيبتي إني بإشارة واحدة مني أخليهم يشهدوا إني جوزك شرعا وقانونا...
هزت رأسها بعدم تصديق وقالت :
- انت ايه يا اخي؟! ايه كمية الشر دي؟! ليه بتعمل كده؟! هتستفيد ايه؟!"


رد ببساطة:
- مزاجي، مزاجي عاوزني أعمل كده...
مسحت دموعها اللاذعة بأناملها ثم قالت برجاء :
- ارجوك انا مش حمل كل ده، ارجوك افهمني ..
رفع ذقنها بأنامله وأخذ يتأمل ملامح وجهها بإعجاب، كانت جميلة حتى وهي تبكي...
- هشش، اسكتي...
قالها وهو يضع إبهامه على شفتيها لتهتف ببكاء يقطع القلب :
- سيبني فحالي ارجوك...
قال كريم بنفاذ صبر :
- انا جوزك يا مايا، افهمي ده وتعاملي معاه...


تركته واتجهت نحو الكنبة، جلست عليها وأخذت تبكي بقوة واضعة كفي يديها على وجهها، كانت تبكي حظها العاثر الذي أوقعها بيد رجل مثل كريم ورجل اخر مثل سعد، تبكي والدتها التي لا تعلم شيئا عما يجري حولها، تبكي الجميع، تبكي روحها وعذابها المستمر، تبكي اشياء كثيرة، ظلت هكذا لفترة طويلة دون ان تتوقف عن البكاء...

في صباح اليوم التالي...
خرجت نايا من غرفتها لتجد والدتها تعد لها طعام الافطار وهي تبكي، شعرت بالقلق لأجلها فإقتربت منها وسألتها :
- مالك يا ماما؟! بتعيطي ليه؟!
ردت الأم :
- مايا وحشتني اوي...
ابتسمت نايا على والدتها وقالت :
- معقولة يا ماما، هي لحقت توحشك، !!!

اومأت الأم برأسها وهي تمسح دموعها بأطراف أناملها ثم قالت بنبرة ضعيفة:
- قلبي واجعني عليها من الصبح، مش عارفة ليه...
ردت نايا بجدية :
- ده طبيعي عشان اول مرة تبعد عنك كده، تلاقيها دلوقتي نايمة فالعسل، متقلقيش عليها...
- خير ان شاء الله...

قالتها الام بتنهيدة قبل ان تكمل موجهة حديثها لنايا :
- خلينا نفطر، مش هسمحلك تروحي الكلية قبل ما تفطري...
الا ان نايا اعترضت :
- لا مش هلحق، يادوب الحق اوصل الجامعةة...
ثم هربت مسرعة قبل ان تستمع رفض والدتها او اصرارها على تناوا فطورها اولا، وصلت نايا الى الجامعة لتجد حسن زميلها في انتظارها، والذي اقترب مسرعا منها ما ان رأها ليهتف بها :
- صباح الخيرر يا نايا، اتأخرتي ليه؟!

أجابته نايا :
- معلش امبارح كان فرح اختي ومنمتش كويس فصحيت متأخرة...
- مبروك يا نايا وعقبالك...
احمرت وجنتا نايا خجلا وهي تجيبه شاكرة :
- ميرسي، عقبالك انت كمان...
ثم انتبهت الى ساعة يدها فقالت بعجلة :
- اتأخرنا عالمحاضرة...

ليكمل حسن بجدية:
- النهاردة هياخدنا دكتور جديد، لسه منعرفش طباعه، خلينا نفوت بسرعة لأحسن يجي قبلنا ويطردنا...
سارع الاثنان في الدخول الى المحاضرة ليجدان الدكتور موجود بالفعل فسمح لهما بالدخول على مضض...
جلست نايا بجانب صديقتها وسألتها بصوت خافت :
- هو ده الدكتور الجديد؟!

اومأت صديقتها برأسها وقالت :
- ايوه...
لتعاود نايا سؤالها :
- اسمه ايه..
- حسام، اسمه حسام...
اومأت نايا برأسها ثم عادت بتركيزها نحوه...

استيقظ كريم من نومه فنهض مسرعا من فوق فراشه واتجه الى الخارج ليرى مايا الذي تركها نائمة ليلة البارحة على الكنبة...
خرج من غرفة النوم الى صالة الجلوس ليجدها مستيقظة بوجه شاحب ميت...
- انتي كويسه؟!
سألها لترفع نظراتها الباردة نحوه وتقول :
- انت شايف ايه؟!

انحنى بجسده نحوها وقال :
- مايا اسمعيني، انا مش حابب أاذيكي، انا عايزك، وفي المقابل هديكي حاجات كتير، قلتي عايزة جواز وأديني اتجوزتك، عايزة ايه اكتر من كده...
ابتسمت مايا بسخرية وقالت :
- لا كتر خيرك الحقيقة، ميرسي انك اتكرمت واتجوزتني، معقولة كريم باشا بنفسه قبل اني أشيل اسمه...

نهضت من مكانها وهي تراقب الضيق الذي يحاول كتمه، سارت بخطوات متعثرة بينما نهض هو بدوره من مكانها واتجه خلفها، خرجت الى الشرفة تستنشق الهواء العليل عله يساعد في تهدئة روحها وقلبها...
وقف خلفها يتأمل الخارج بملامح جامدة لتتحدث أخيرا :
- موافقة...

التفت نحوها فورا وقال :
- موافقة على ايه؟!
اجابته بنبرة خافتة :
- موافقة اني أكون ليك أداة متعة زي مانت عايزني...
- انتي بتقولي ايه يا مايا؟!
قالها مذهولا مما يسمعه لترد بجدية :
- ايه مش سامع؟! مش ده اللي انت عايزه؟! أديني هعملهولك...
ثم تحركت داخل المكان وهي تهتف بجدية :
- هكون ليك زي مانت عايز...

ثم التفتت نحوه تتأمل نظراته المندهشة بسخرية دفينة قبل ان تكمل ببرود :
- بس تنفذلي كل شروطي الاول...
- شروط ايه؟!
سألها بملامح مندهشة من القوة التي باتت تتحلى بها، من أين جائت بكل هذه القوة والسيطرة، وكيف تغيرت فجأة خلال ليلة واحدة وباتت تضع الشروط وتقرر...
اقترب منها ووقف موازيا لها مردفا بنبرة حازمة :
- متتكلمي ولا خايفة؟!

ردت بنبرة جامدة :
- انا اخر واحدة ممكن تخاف منك، اطمن بعد اللي عملته فيا قضيت على كل ذرة خوف جوايا...
ابتسم ببرود قاتل أغاظها وقال بتهكم:
- برافو، القطة البريئة كبرت وبقت تخربش...
رمته بنظرات محتقرة وقالت بتحدي :
- اها والفضل ليك...

اتجه نحو الأريكة وجلس عليها واضعا قدما فوق الأخرى متسائلا :
- وايه المطلوب مني ..؟! اتكلمي، !
اتجهت نحو الكنبة المقابلة له، جلست عليها واضعة قدما فوق الاخرى، ثم هتفت بجدية:
- اولا أهلي...
- مالهم؟!
- توفرلهم أحسن مستوى معيشي، بعد ما تخليني احكيلهم كل حاجة وأعرفهم اللي حصل بطريقتي...
- أوفرلهم ايه يعني؟!

سألها بعدم فهم لترد بجدية :
- شقة كويسه فمنطقة راقية تليق بيهم، فلوس تخليهم يعيشوا فمستوى مادى كويس، اكيد يعني مش انا اللي هفهمك هتعمل ايه...
- وانا ايه اللي يجبرني على كل ده ..؟!
سألها متعجبا من ثقتها العالية لترد ببساطة:
- لأنك عاوزني وانا هكون ليك زي مانت عاوز، بس تنفذلي شروطي الاول...
صمت وهو يفكر بما تقوله، بينما استرخت هي في جلستها تنتظر منه ان يعلن موافقته، نعم فهي تثق به وبموافقته اكثر من اي شيء...
- غيره؟!

سألها قاطعا صمته لتبتسم في داخلها قبل ان تكمل بإنتصار :
- عايزاك توفرلي شغل مناسب ليا...
- بس انا مبحبش مراتي تشتغل...
- مشكلتك، انا من حقي اشتغل...
كانت حادة في نبرتها فصاح بها بتهديد:
- بلاش تعلي صوتك عليا، مش معنى اني هنفذلك اللي انتي عايزاه تعلي صوتك، فاهمه؟!

ضمت شفتيها بقوة وهي تفكر بأنها يجب أن تسايره لتنال منها ما تريد وتحقق مرادها، كل شيء يجب ان يسير كما خططت له وأرادته...
قالت بنبرة هادئة لا تشبه ما سبقها :
- ياريت انت كمان تراعي كل اللي مريت بيه، ثانيا يعني ايه مفيش شغل، هو احنا عايشين فالعصر الحجري...
- قلتلك مبحبش مراتي تشتغل، ولو عالمرتب انا هديكي المرتب اللي يكفيكي...
قالها محاولا انهاء الموضوع لكنها كانت مصرة على رأيها، فهي لن تسمح له بالتحكم فيها بعد الان...
- بس انا عايزة اشتغل، متعودتش اقعد من غير شغل...

تأفف بنفاذ صبر وقال :
- انتي ليه مصرة تعملي مشكلة من كل حاجة؟!
ابتسمت ساخرة وقالت:
- اه فعلا انا الي بعمل مشكلة...
- غيره؟!
صمتت قليلا قبل ان تقول بخبث :
- حاليا مش عايزة غير الحاجتين دول، لحد ما افتكر اللي جاي...

تأملها بنظرات فارغة تجاهلتها وهي تنهض من مكانها وتتجه نحو غرفة النوم تبحث عن شيء ترتديه بدلا من فستان الزفاف وتفكر في طريقة تخبر بها والدتها بما حدث...

وقفت مايا امام شقة عائلتها وهي تشعر بالتردد والخوف الشديد...
لقد دربت نفسها كثيرا على ما ستخبر والدتها به...
لكنها ما زالت غير مستعدة بتاتا، ماذا ستقول لها؟!
وهل ستتقبل والدتها ما ستقوله؟! الله وحده يعلم ماذا ستفعل والدتها بها حينما تعلم الأمر من أوله...

لقد قررت أن تخبرها بكل شيء بدءا من تورطها في قضية الدعارة تلك ووقوعها في يد كريم ثم ذهابها الى شقته وطلبها الزواج من سعد وما فعله سعد بها وكيف خانها وباعها لأجل المال...
تنهدت بصمت وهي تحاول ان تضفي القليل من الشجاعة على نفسها، ثم رنت جرس الباب لتفتح نايا لها الباب وتتفاجئ بوجودها فتهتف بعدم تصديق :
- مايا انتي جيتي ..!

تحتضنها مايا بقوة وهي تدعو ربها ان تمر الامور بسلام، تأتي والدتها على صوت اختها لتحتضنها فورا بعدما أبعدت نايا عنها وتقبلها من وجنتيها وتشدد من احتضانها...
- مايا حبيبتي...
قالتها والدتها ببكاء لتهتف مايا :
- عشان خاطري متعيطيش...
بعد الانتهاء من تبادل الاحضان والقبل تسائلت سعاد بتعجب :
- انتي مش كنتي هتسافري الاسكندرية من الصبح، وفين سعد؟! ليه مش جاي معاكي؟!

ابتلعت مايا ريقها وتطلعت بنظرة متوترة لنايا التي شعرت بوجود شيء ما خاطئ يحدث مع اختها...
تنحنحت مايا قائلة بنبرة متوترة :
- الحقيقة انا جيت عشان اقولكم على موضوع مهم...
- موضوع ايه؟!
اخذت مايا نفسا عميقا ثم بدأت تسرد على مسامع والدتها واختها ما حدث معها بالتفصيل...

كانت مايا تبكي بشدة بينما والدتها واختها يستمعان الى ما تقوله بعدم تصديق...
تحدثت الأم قائلة :
- لا انتي بتكدبي، مستحيل يكون ده اللي حصل، يعني ايه تجوزتي واحد تاني غير سعد، وازاي كنتي محبوسة بقضية دعارة، انتي بتكدبي عليا اكيد...
- والله هو ده اللي حصل، والله مكدبتش بحرف واحد، انا مليش ذنب فكل اللي حصل، ذنبي الوحيد اني وقعت مع واحد واطي زي كريم وواحد سافل زي سعد...
- ليه مقلتيش؟! ليه سكتي؟! ليه مجيتيش ليا اول ما عرفتي اللي حصل؟!

- تفتكري كريم كان هيسيبني اجي ليكي، ولو جيت كنا هنخلص ازاي من الناس وكلامهم...
قالت سعاد بعصبية شديدة :
- ودلوقتي مش هنخلص من الناس وكلامهم، اقول ايه للعالم، بنتي تجوزت واحد تاني بدل العريس اللي شفتوه...
نهضت مايا من مكانها وانحنت امام والدتها قائلة من بين دموعها :
- انا دبرت كل حاجة، انتوا هتسيبوا المنطقة باللي بيها، وهتروحوا معايا، هتعيشوا معززين مكرمين ..
- هنهرب على اخرة الزمن...

- منا معنديش حل تاني، لازم ابعدكم...
قالتها مايا وهي تنهض من امام والدتها لتنهض والدتها من مكانها وتتجه اليها وتديرها نحوها وتقول :
- احكيلي الحقيقة يا مايا، انتي حصل حاجة بينك وبين الضابط ده، وجاية تعملي الشويتين دول علينا دلوقتي...
هزت مايا رأسها عدة مرات بعدم تصديق، لا تصدق ان والدتها تشك بها، كيف وهي من ربتها؟!
- انتي ازاي تقولي كده؟! انتي بتشكي فيا يا ماما؟! بتشكي فبنتك، !"
- انا مبقتش فاهمه حاجة...

قالتها الام بإنهيار وهي تتحرك بعيدا عنها لتتجه مايا خلفها وتحتضنها قائلة بصدق :
- والله محصلش حاجة بيني وبينه، والله العظيم انا كنت صادقة فكل اللي قلته ليكي ومش بكدب، انا لسه طاهرة يا ماما ومحدش لمسني لا كريم ولا سعيد...
الام بنبرة تائهة:
- طب طالما كلامك ده صحيح، عايزاني أوافق عاللي بتعمليه ازاي، اجي معاكي ازاي، وأسملك للي اسمه كريم ده، واخليكي تحت رحمته...
- عشان معندناش حل تاني، ده الحل الوحيد اللي عندنا...

جلست سعاد على الكنبة بوهن، بينما احتضنتها نايا بقوة وهي تقول :
- اهدي يا ماما، بلاش تعملي بنفسك كده، بلاش تتعبي نفسك...
ردت الأم بوهن :
- انا انتهيت خلاص، ضعت وبناتي ضاعوا معايا...
اقتربت مايا منها وقالت :
- وحياتك مفيش حاجة ضاعت، وانا اوعدك اني هعوضك عن كل حاجة، بس اسمعي كلامي الاول ..
تطلعت والدتها اليها بنظرات غير مقتنعة وهي تحاول تصديق ما توعده به ابنتها...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول البارت الثامن بقلم سارة علي



خرجت مايا من عند والدتها وهي تشعر براحة مبدئية...
لقد تحدثت مع والدتها وأقنعتها بما تفكر به...
اتجهت الى خارج العمارة لتجد كريم في انتظارها فقد أصر أن يوصلها بنفسه الى منزل عائلتها وينتظرها أسفله...
ما ان دلفت الى داخل السيارة وجدت كريم يقول متهكما :
- ليه جيتي على نفسك ونزلتي بدري، كنتي خدتي وقت اكتر من كده...

رمته بنظرات فارغة قبل ان تهتف ببرود :
- والله كنت بحاول أقنع ماما بعملتك السودة، والله المفروض اقولها اللي عملته واسيبها وانزل...
- وقالت ايه؟!
تنهدت بعمق وقالت :
- وافقت اخيرا انها تبعد عن المنطقة كلها وتجي تعيش فالشقة اللي هنشتريها ليها ..
ابتسم كريم في داخله بسخرية وهو يفكر بأن والدة مايا قد طمعت في أمواله بينما اكملت مايا :
- هو انت هتجهز ليهم الشقة امتى؟!

رد عليها :
- حالا لو عايزة...
الا انها اعترضت :
- استنى كم يوم، يكون الوضع هدي شوية...
- كويس، يبقى بعد ما نرجع من شرم...
سألته مايا بعدم فهم :
- نرجع من فين؟!
اجابها بإبتسامة :
- من شرم ..
- واحنا هنروح شرم ليه؟!

اجابها ببساطة :
- هنعمل شهر عسل زي مكل الناس بتعمل ..
لتصرخ مايا بصوت عالي:
- وانت فاكر اننا متجوزين بجد زي كل الناس...
قبص كريم على ذراعها وجذبها نحوه قائلا :
- صوتك ميعلاش عليا ده اولا ..ثانيا احنا متجوزين زي كل الناس، وانا قلت هنسافر يعني هنسافر...

حررت ذراعها من قبضته بالقوة ثم رمته بنظرات كارهة ليبتسم بتهكم قبل ان يقول :
- انا هروحك الشقة، بعدها اروح بيتي، اجهز كل حاجة تخص السفر، هنسافر بالليل، ارجع الاقيكي مجهزة كل حاجةة، فهمتي؟!
لم ترد مايا عليه ليصيح بها :
- فهمتي؟!
اومأت مايا برأسها على مضض ليحرك كريم سيارته متجها بها نحو شقتهما...

دلف كريم الى فيلا عائلته...
اتجه نحو صالة الجلوس ليجد والدته تشاهد التلفاز...
اقترب منها قائلا بنبرة سعيدة :
- موني حبيبتي، عاملة ايه؟!
ابتسمت والدته لا اراديا حينما رأت السعادة تشع من عينيه ثم قالت بحب :
- كويسه يا حبيبي، انت عامل ايه؟!

رد بتنهيدة :
- بخير، صحيح انا هسافر شرم كم يوم...
سألته والدته بتعجب :
- ليه؟! هتسافر ليه؟!
اجابها وهو يعتدل في جلسته :
- سياحة، عايز اغير جو...
- هتروح لوحدك؟!
اجابها كريم كاذبا :
- لا مع صحابي...
اومأت الأم برأسها متفهمة ثم ما لبثت ان قالت :
- تروح وترجع بالسلامة يا حبيبي، صحيح يا كريم، كلمت كارما؟!

كريم بتعجب :
- اكلمها ليه؟!
الام بنبرة ذات مغزى:
- تطمن عليها، تسأل عنها، اهو تكلمها وخلاص...
- ماما، اللي بتفكري فيه مش هيحصل، كارما بنت جميلة وكويسه بس مش عايزها...
سألته الام بضيق :
- ليه مش عايزها ..؟!
اجابها بفتور :
- مش عايزها وخلاص...
الام بتعقل :
- يا كريم لازم تنسى الماضي، مينفعش تفضل كده ..

كريم بعصبية خفيفة :
- كدة ازاي يعني؟! منا كويس اهو...
ردت الام بنبرة مترددة :
- كويس ازاي وانت رافض انك ترتبط بأي واحدة عشان اللي حصل زمان معاك...
انتفض كريم من مكانه وقال بنبرة غاضبة :
- قلت مليون مرة محدش يتكلم فالموضوع ده...
نهضت الام من مكانها وقالت محاولة تهدئته :
- يا حبيبي انا بحاول اساعدك، انت لازم تتخطى الماضي...

- وانا مش محتاج مساعدة حد، قلت الف مرة ملكمش دعوة بيا، ولو عالجواز فأنا مش هتجوز ابدا، ارتحتي...
الام بنبرة حادة :
- كريم خد بالك وانت بتتكلم معايا، انا امك...
اخذ كريم نفسا عميقا ثم زفره ببطأ وقال :
- يبقى متستفزنيش لاني على أخري، ارجوكي افهميني، انا لما اعوز اتجوز هتجوز، متقلقيش عليا، انا مبسوط كده. ..
صمتت الام ولم تقل شيئا بينما ذهب كريم مسرعا من امامها...

جلست نايا بجانب والدتها وقالت :
- انا مش مصدقة اللي حصل مع مايا، حقيقي انا مصدومة...
تطلعت اليها والدتها بنظرات باهتة وقالت بصمود غريب :
- لولا اني عارفة بنتي كويس وتربيتي ليها مكنتش صدقتها...
- لا يا ماما، مايا متغلطش، انا متاكدة من ده...

كانت نايا واثقة من براءة اختها، فهي تثق بأختها وبأخلاقها اكثر من اي شيء...
تحدثت بعدها قائلة بجدية :
- بس انا خايفة عليها من اللي هي ناوية عليه، خايفة اووي...
قالت والدتها بقلق:
- وانا خايفة اكتر منك، بس هاعمل ايه، لازم اسايرها، مينفعش اسيبها لوحدها...
صمتت نايا لتكمل الام بألم :
- مش كفاية اني هسيب شقتي ومنطقتي واروح اعيش فمكان تاني بعيد، ده انا حتى مش هقدر أودعهم...

ربتت نايا على ظهرها وقالت :
- معلش يا ماما، هو قدرنا كده، لازم نرضى بيه...
- يارب فوضت أمري إليك...
قالتها الام بدعاء خلاص ثم أكملت بخوف:
- انا خايفة على اختك اوي، هتعمل ايه لوحدها معاه؟!
قالن نايا وهي تحاول طمأنتها :
- متقلقيش عليها، هتبقى كويسه باذن الله، بعدين هي مع جوزها، مهما كان هو جوزها ومستحيل يأذيها...
- ده اذا كانت جوازتهم حلال...

مايا بعدم تصديق :
- هي احتمال تكون مش حلال...
ردت الام ببكاء :
- مش عارفة، مش عارفة اي حاجة ..
- خلاص يا ماما اهدي ارجوك...
مسحت الام دموعها وقالت :
- انا هقوم اتصل بيها واطمن عليها...
ثم نهضت وحملت الهاتف لتتصل بمايا وتطمئن عليها...

اغلقت مايا الهاتف مع والدتها بعدما طمأنتها عليها، سمعت صوت الباب يفتح لتجد كريم امامها بعد لحظات وهو يسألها :
- ها جهزتي شنطة هدومك؟!
اومأت برأسها وقالت :
- اها، جوه فالأوضة...
اتجه كريم نحو غرفة النوم واخرج منها حقيبة ملابسها ثم قال لها :
- يلا ورايا، خلينا نروح دلوقتي عشان نوصل بدري...

اتجهت مايا بالفعل خلفه وقد قررت أن تطيعه بكل شيء...
جلست بجانبه في السيارة لينطلق كريم بها الى شرم الشيخ...
كان الطريق طويلا وقد اشترى لها كريم الطعام والماء...
وصلا اخيرا بعد عدة ساعات لتجد مايا أن كريم قد حجز لهما مسبقا جناح في احد القرى السياحية المشهورة...

دلفت مايا الى الجناح الخاص بهما ورغما عنها تأملته بإعجاب خفي، لم تر مايا طوال حياتها شيئا كهذا، شيء بهذا المقدار من الفخامة والرقي...
شعرت فجأة بكريم خلفها يحتضنها ويقبل عنقها بتروي، ارتجف جسدها كليا وحاولت ان تدفعه قائلة :
- انت بتعمل ايه؟! مش وقته على فكرة؟!
- اشش، بالعكس ده وقته...

ثم ادارها نحوه ليقبل شفتيها برقة بالغة لكنها دفعته بعيدا عنها وقالت :
- قلت مش وقته، لما ارتاح شوية...
زفر كريم أنفاسه بضيق وملل ثم ما لبث ان قال ؛
- طب غيري هدومك وارتاحي، انا هطلبك الاكل...
- تمام...
قالتها مايا وهي تتجه نحو حقيبتها لتفتحها وتخرج منها فستان محتشم، قررت أن تأخذ حمام سريع وترتديه، وبالفعل اتجهت نحو الحمام لتستحم وترتدي ملابسها فيما بعد...

حل المساء...
كانت مايا قد تناولت طعامها مع كريم ونامت قليلا...
شعرت مايا بشخص يحاول ايقاظها لتجد كريم في وجهها يهتف بها :
- مش كفاية نوم، يله ورانا حاجات كتير نعملها...
ابتلعت مايا ريقها بتوتر وقد فهمت بأن اللحظة الحاسمة قد جائت...

اعتدلت في جلستها بينما اتجه نحو الخزانة واخرج منها قميص نوم اسود ليقول :
- فاكرة القميص ده؟! عاوزك تلبسيهولي، محتاج اشوفك فيه...
كان نفس قميص النوم الذي طلب منها ان ترتديه في تلك الليلة المشؤومة...
نهضت مايا من مكانها واخذت القميص منه واتجهت نحو الحمام برأس مرفوع...
ارتدت القميص وخرجت لا شامخة غير مبالية...

وقفت امامه بهذا القميص الشبه عاري ليقترب منها كريم ويجذبها نحوه...
- انتي جميلة اووي يا مايا، اجمل بنت شفتها بحياتي...
قالها كريم بنبرة راغبة قبل ان ينحني ويقبل شفتيها، استجابت له مايا وبادلته قبلته على مضض...
ثم تفاجئت بها يحملها ويتجه بها نحو السرير، ليزيل عنها قميص نومها ويمارس الحب معها بشوق ولهفة كبيرين...

كان يتصرف معها كعاشق بحق، ينادي اسمها بكل لهفة، يتلي على مسامعها كلمات تعبر عن شوقه لها ورغبته فيها، كانت مايا ضائعة تائهة بين كرهها له وشغفه بها، وفي النهاية استسلمت كليا له وهي تعد نفسها أنه سيدفع ثمن كل هذا قريبا...

ابتعد كريم عن مايا اخيرا بعدما انتهى منها بينما سالت الدموع الغزيرة من عينيها...
لقد انتهى كل شيء، وباتت ملكه رسميا...
ارتدى كريم بنطاله واتجه نحو الحمام لغرض الاستحمام اما مايا فاعتدلت في جلستها وهي تغطي جسدها العاري باللحاف...
ثم شرعت بإرتداء ملابسها...

خرج كريم من الحمام بعد حوالي عشر دقائق وهو يرتدي روب الاستحمام...
وقف أمام المرأة يسرح شعره حينما نهضت مايا من مكانها واتجهت نحو الحمام ليوقفها ممسكا بذراعها متأملا اياها:
- بتعيطي ليه؟!
ثم اكمل بتهكم :
- انتي ليه مصرة تحسسيني انها اول مرة بالنسبة ليكي...

لم تتحمل مايا ما سمعته، ليس الان بعدما اخذ عذريتها، وجدت نفسها تحرر ذراعها من قبضته بقوة وتصرخ به بجنون وانهيار :
- أنت ايه ..؟! لسه مصر تطلعني عاهرة، اثبتلك ازاي اني مش كده وانك اول حد يلمسني...
ثم اتجهت نحو الفراش وابعدت الغطاء وحملت الشرشف الذي يحوي على بقع حمراء وقالت :
- هو ده مش دليل كافي ليك اني شريفة وعمري معملت حاجة غلط...

اشعل كريم سيجارته داخل فمه ثم نفث دخانها عاليا وقال :
- عادي، عملية بسيطة ترجع كل حاجة زي الاول واحسن كمان...
- انت مريض...
قالتها بقرف منه ومن تفكيره ليصفعها بقوة على وجنتيها بشكل اسقطها ارضا...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول المشهد التاسع بقلم سارة علي



نهضت مايا من مكانها ووقفت أمامه مواجهة له، تأملته بنظرات محتقرة قبل ان تسير بعيدا عنه...
اخرجت بيجامة لها من حقيبتها واتجهت نحو الحمام...
وهناك في الداخل انهارت باكية على أرضية الحمام الرخامية...
تبكي حظها الذي وضعها في يد شخص لا يرحم مثله ..
ظلت تبكي حتى بدأت مواجعها تهدأ تدريجيا...
شعرت بنفسها تسترجع قوتها...

نهضت من مكانها واتجهت نحو المرأة...
تأملت الكدمة الحمراء التي تغطي وجنتها قبل ان تهتف بحقد :
- هدفعلك تمنها غالي اووي يا كريم...
ثم مسحت دموعها بعنف واتجهت نحو الدوش لتستحم...
اما في الخارج فأخذ كريم يدور داخل الغرفة كالأسد الجريح...
لأول مرة يشعر بندم كبير على شيء ما فعله...
ربما لأنه يدرك في داخله أنها بريئة...

فهو بسبب خبرته وعلاقاته النسائية المتعددة يستطيع التمييز بين الفتاة العذراء من غيرها...
شعر بالاختناق فاتجه خارج الجناح، أخذ يسير في المكان بلا وجهة محددة...
عاد بعد حوالي ثلاث ساعات الى الجناح ليجد مايا نائمة بعمق، اقترب منها وجلس بجانبها ثم أخذ يسير بإصبعه على جانب وجهها...
تسائل في داخله عن سبب إصراره عليها، هي دونا عن غيرها...

وجد نفسه لا يجد الاجابة المناسبة ..هو فقط يريدها ويرغب بها اكثر من اي شيء...
فتحت مايا عيناها وهي تشعر بسيل من القبلات على وجهها ورقبتها، رفعت جسدها قليلا وتطلعت اليه بنظرات غير مصدقة...
همت بالحديث لتجده يقول :
- اشش، عايزك...
ابتلعت ريقها وقالت :
- انا تعبانه...
رد ببرود مغيظ :
- اظن اتفاقنا كان واضح يا مايا، انتي هنا عشان تمتعيني وقت ماحب...
وقبل ان ترد كان يقبلها بعنف فاضطرت أن تستسلم له وهي تعد نفسها أنها ستجله يدفع ثمن كل هذا قريبا...

في صباح اليوم التالي...
استيقظت مايا من نومها لتجد الفراش خاليا بجانبها...
تنهدت براحة وهي تنهض من مكانها وترتدي الروب فوق قميص نومها...
فجأة فُتحت الباب ودلف كريم الى الجناح...
تأملته وهو يسير نحوها ويدندن ببعض الأغاني قبل ان يهتف بإبتسامة واسعةة:
- صباح الخير...

ابتسمت مايا وقالت :
- صباح النور...
ثم اردفت بمكر :
- شكلك رايق...
رد براحة:
- اووي، رايق اووي، فوق ما تتصوري، وانتي السبب...
- انا؟!
قالتها مايا بذهول قبل ان تسأله بعدم تصديق :
- ليه؟!
غمز لها بخبث :
- انتي مش فاكرة اللي حصل ليلة امبارح ولا ايه؟!

احمرت وجنتاها خجلا وأشاحت وجهها بعيدا عنه ليبتسم بسعادة على خجلها قبل ان يهتف بها :
- غيري هدومك عشان نخرج ونفطر بره عالبحر...
اومأت برأسها واتجهت نحو الخزانة، أخرجت ملابس لها واتجهت نحو الحمام لتغيير ملابسها...
خرجت بعد فترة قصيرة وهي ترتدي ملابس شديدة الأناقة...
وجدته يقترب منها وهو يقول بإعجاب :
- انا عمري مشفت جمال كده ولا هشوف...

- بتبالغ على فكرة...
قالتها وهي ترفع شعرها عاليا لتجده يوقفها بذراعه ويقول :
- سيبي شعرك مفتوح، بحبه وهو مفتوح اكتر...
توقفت عما تفعله بشعرها وقالت بإذعان :
- حاضر...

اتجه بعدها نحو سترته المعلقة واخرج منها دواء، تقدم منها وقال :
- نسيت اديكي دي...
تناولت منه الدواء وسألته ببراءة :
- ايه دي؟!
ليجيبها :
- دي حبوب منع الحمل، نسيت أديها ليكي، كان المفروض تاخديها امبارح...

بهتت ملامح مايا كليا قبل ان تتماسك وتومأ برأسها وتقول :
- تمام، هبقى اخدها من النهاردة...
- مايا اياك تتهاوني فموضوع الحبوب، انا مش عايز اطفال...
كادت أن تخبره بأنها لا تطيق من الاساس ان تنجب طفلا منه لكنها ابتلعت كلماتها داخل حلقها واكتفت بإيماءة من رأسها كرد على كلامه...

مرت عدة ايام قضتهما مايا مع كريم الذي اخذ يعاملها برقي ومحبة غريبين...
كان يدللها للغاية ويعاملها برقة وحنو...
بشكل فاجئها هي شخصيا...
لقد تغير كريم معها جذريا...
انتهت رحلتهم وعادا الى الشقة...
كما انتقلت عائلة مايا الى الشقة التي اشتراها لهم كريم...
وفي أحد الايام كانت مايا تجلس بجانب كريم يتابعان احد الافلام الأجنبية...
كانا يبدوان كزوجين مثاليين...

شعرت فجأة ماسا بشعور غريب في معدتها فنهضت فجأة من مكانها واتجهت نحو الحمام وتقيأت...
نهض كريم من مكانها واتجه نحوها، ما ان خرجت من الحمام حتى تأملها بنظرات مشككة قبل ان يهمس لها :
- ايه اللي حصل؟!
ردت عليه:
- مش عارفة، تقربا عيانة ..
- عيانة ولا حامل؟!

رفعت وجهها المصدوم نحوه ليصرخ بها :
- عاملالي روحك بريئة ومصدومة ومش فاهمة حاجة، وانتي حامل يا روح امك...
- من فضلك متتكلمش معايا بالشكل ده، ومتجيبش سيرة امي...
قبض على شعرها فصرخت بقوة ثم سار بها وهو ما زال قابضا على شعرها نحو غرفة النوم وهي تصرخ من شدة الالم...
هتف بها وهو يرميها على السرير :
- قدامي، دلوقتي تغيري هدومك عشان نروح للدكتور ونكشف عليكي...

اذعنت لطلبه ونهضت من مكانها وهي تمسح دموعها بأناملها، ارتدت ملابسها سريعا وسارت خلفه متجه بها الى المستشفى...
وهناك أخبروه ان يقوم بإجراء تحليل الدم وبالفعل أجرته مايا ليجلسا بعدها الاثنان في صالة الانتظار ينتظران ظهور نتائج التحليل...
بعد مدة قصيرة ظهرت النتائج فذهب بها كريم الى الطبيب والذي أخبره :
- للاسف المدام مش حامل...

ابتلع كريم ريقه وقال :
- متأكد؟!
اومأ الطبيب برأسه وقال :
- انا اسف، بس النتيجة باينة اهي، مفيش حمل...
نهضت مايا من مكانها بسرعة واتجهت خارج غرفة الطبيب يتبعها كريم...

طوال الطريق كريم ومايا صامتان، كلاهما غارق في افكاره...
كريم يفكر بمايا وبأنه ظلمها كثيرا وأذاها، وهذه ليست المرة الاولى التي يطلب منها هذا، أنب نفسه كثيرا لما فعله...
ومايا تتوعده في داخلها بعد طريقته معها ومعاملته السيئة لها، لقد اهانها كثيرا وتحملت كثيرا حتى طفح الكيل بها...

ما ان وصلا الى الشقة حتى دلفت مايا بخطوات راكضة نحو غرفة النوم، فتحت خزانة ملابسها وأخرجت ملابسها من الخزانة، اقترب كريم منها وقبض على ذراعها موقفا اياها عما تفعله مديرا اياها نحوها :
- بتعملي ايه؟!
اجابته وهي تحرر ذراعها من قبضته :
- مروحة، سايبالك الشقة باللي فيها، ومش هتقدر تمنعني...
- مش بكيفك، انا مش هسمحلك تعملي كده...

قالت بإصرار وتحدي :
- لا بكيفي، هخرج يعني هخرج، ومش هرجعلك تاني، هتعمل ايه يعني؟! هتضربني؟! عادي تعودت، هتأذيني او تلفقلي تهمة كمان عادي، مبقاش يفرق معايا...
ثم عادت نحو الخزانة واخذت تخرج الملابس ليقترب كريم منها ويقول :
- بلاش تتجنني يا مايا، خلي يومك يعدي على خير...

تطلعت اليه بنظرات كارهة حاقدة قبل ان تهتف بشجاعة :
- لو فاكر اني هخاف منخ وافضل هنا تبقى غلطان ..انت أهنتني، وأكتر من مرة، وانا استحملتك كتير، استحملتك لدرجة فوق طاقتي...
- مايا، اسمعيني انا غلطت فعلا واتسرعت...
- كفاية ..حرام عليك، سيبني بحالي بقى...

كانت تصرخ بصوت عالي وإنهيار وهي ترمي ملابسها خارج الخزانة ليحتضنها بقوة وهو يهتف بجنون :
- لا يا مايا مش هسيبك، انا بحبك يا مايا، بحبك اووي...
تجمدت مايا في مكانها بين احضانه وهي تسمعه يكمل بنبرة صادقة:
- ايوه بحبك ولا يمكن اسيبك...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الحلقة العاشرة بقلم سارة علي



- انت بتقول ايه؟!
قالتها بدهشة وهي تتحرر من أحضانه ليتصنم في مكانه للحظات يحاول استيعاب ما نطق به...
لقد اعترف لتوه بأنه يحبها دون أن يعي ما يقوله...
كيف فعل هذا؟! بل ولما هي تحديدا دونا عن غيرها؟!
انقلبت ملامحه كليا حينما استعاد وعيه وقال :
- قلت مش هتخرجي من هنا...
عقدت ذراعيها امام صدرها وهتفت :
- هتمنعني ازاي؟!

كانت مدهوشة من تغيره المفاجئ معها بعد لحظات من احتضانه لها واعترافه بحبها...
- انا اقدر أمنعك تتنفسي حتى...
احتدت نظراتها كليا لتهتف ببرود يناقض الوميض المشتعل داخل عينيها :
- لو فاكر آنك هتخوفني بالطريقة دي تبقى غلطان، انا همشي، وانت مش هتقدر تمنعني...
وقبل ان تتجه نحو ملابسها لتضعها في الحقيبة كان يلوي ذراعها هاتفا بقسوة :
- على جثتي تطلعي من هنا، دي فيها موتك...


تحدثت مايا رغما عن المها :
- انت طلعت فعلا مجنون ومريض، وانا لا يمكن افضل عايشة مع واحد زيك...
- لا هتعيشي وغصبا عنك...
قالها وهو يشدد من لوي ذراعها لتهتف ببكاء :
- سيب ايدي...
حرر ذراعها اخيرا من قبضته لتتلمسها مايا بأناملها وهي تبكي بصمت...
- بلاش تقولي كلام انتي مش قده...



قالها هازئا وهو يتجه خارج الغرفة لتنهار مايا باكية...
بعد حوالي ربع ساعة هدأت من بكائها اخيرا ونهضت من مكانها واتجهت خارج الغرفة...
وجدته واقفا في شرفة منزله يدخن بشراهة...

تأملته بحقد دفين قبل ان تمد يدها جانبا حيث توجد مزهرية زجاجية ثقيلة، حملتها ولم تشعر بنفسها الا وهي ترميها بإتجاه رأسه ليسقط أمامها غارقا في دمائه...
اقتربت منه لتجده فاقدا للوعي، لم تشعر بنفسها الا وهي تركض خارج الشقة هربا منه فها قد جاء وقت خلاص منه...

في صباح اليوم التالي
في إحدى المستشفيات الحكومية...
ممدد على سريره رأسه مربوط بشاش ابيض، ووالدته تحتضنه بقوة وهي تهتف ببكاء :
- حبيبي، كنت هتجنن عليك، الحمد لله إنك فقت منها بخيرر...
تنهد كريم بتعب وهو يحاول جاهدا ان يجيب :
- متقلقيش يا ماما انا كويس اووي...
- ازاي حصل كده ..؟! مين اللي إتجرأ يعمل معاك كده؟!

ابتلع كريم ريقه ولم يعرف ماذا يرد ليدلف الاب الى الداخل بعدما سمع كلام والدته ويهتف بجمود :
- عشيقته، عشيقته هي اللي عملت كده...
شهقت والدته بعدم تصديق وهتفت :
- انت بتقول ايه؟! عشيقته ازاي ..؟!
قاطعها كريم بنبرة عنيفة :
- مراتي مش عشيقتي...
هنا كانت الصدمة من نصيب الاب الذي صاح غاضبا :
- انت بتقول ايه؟!

كريم وهو يشعر بألم كبير في رأسه :
- ايوه مراتي على سنة الله ورسوله...
- امتى وازاي؟!
قالتها الأم بوجع ليهتف كريم بتعب :
- دي حكاية طويلة، مش هقدر احكيها دلوقتي...
- عارف لو مكنتش عيان ومضروب ضربة زي دي فدماغك، كان هيبقى ليا كلام تاني معاك...
قالها الاب وخرج من الغرفة لتقترب والدته منه وتسأله بخوف :
- انت بتتوجع مش كده؟!

اومأ كريم برأسه دون ان يرد لتكمل الام :
- قولي يا كريم .. مين الحقيرة دي، وليه تعمل معاك كده؟!
كريم وهو يكز على اسنانه :
- متتكلميش عنها بالطريقة دي من فضلك...
الام بحيرة وعدم تصديق :
- بتدافع عنها بعد اللي عملته فيك...
- عشان تبقى مراتي...

لوت الأم فمها بإنزعاج ليطلب كريم منها :
- ممكن تندهيلي حسام...
قالت الام باصرار :
- بس انا عايزة اعرف ايه اللي حصل، اتجوزتها ازاي وامتى، ضحكت عليك ازاي؟!
كريم بنفاذ صبرر :
- يا امي اندهيلي حسام من فضلك، عاوزه ضروري
نهضت الام من مكانها على مضض لتصيح حسام كي يراه...

دلف حسام الى الغرفة التي يوجد بها كريم تتبعه والدته ليهتف كريم مشيرا اليها :
- ماما ممكن تسيبينا نتكلم لوحدنا شوية...
مطت الام شفتيها بضيق وخرجت ليجذب حسام كرسي ويجلس بجانب كريم الذي بادر قائلا :
- عايزك فموضوع مهم...
حسام بجدية:
- قول...
- مايا عايزك تدور عليها وتجيبها من تحت الأرض...

تطلع حسام اليه بنظرات مترددة ليهتف كريم :
- ايه؟! بتبصلي كده ليه ..؟!
سأله حسام بتردد :
- تكون مين البت دي يا كريم؟! وليه متمسك بيها؟!
رد كريم ببساطة :
- تكون مراتي يا حسام...
- ايه؟! مراتك؟!
قالها حسام مصدوما ليومأ كريم برأسه ويكمل :
- ايوه مراتي عشان كده لازم تلاقيها...
- طب ادور عليها فين؟!

اجابه كريم وهو يتنهد بتعب :
- هديك عنوان عيلتها، دور عليها هناك، راقب اختها وامها، هي اكيد مش هتقعد معاهم، بس بنفس الوقت اكيد هما عارفين مكانها او عندهم اتصال بيها...
صمت حسام ولم يقل شيئا ليسأله كريم بإستغراب :
- بتبصلي كده ليه؟!
اجابه حسام :
- مش فاهم اي حاجة ومش مقتنع باللي بتعمله...
كريم بجدية :
- مش مهم تقتنع المهم تنفذ اللي بقوله...
ثم اردف :
- هما الشرطة اللي بلغوا ابوك انوا مايا اللي عملت كده ..؟!

اومأ حسام برأسه وقال :
- اها، بلغوه انهم لقوا فالشقة حاجات تدل على وجود بنت عايشة معاك كمان اللي بلغ عن وجودك وإصابتك بنت فهما ربطوا الاتنين ببعض ..
اخذ كريم يفكر بمايا والسبب الذي جعلها تفعل هذا، لقد اتصلت بالشرطة تخبرهم عن وجود شخص مصاب في الشقة، لماذا فعلت هذا؟! مالذي يجعله ترغب بإنقاذه بعدما كادت تتسبب بموته؟!

زفر كريم انفاسه ضيقا ليُفتح الباب فجأة وتدخل والدته تتبعها كارما ووالدتها...
- شوف مين جه يزورك يا كريم، كارما ووالدتها...
اعتدل كريم في جلسته وأخذ يبتسم بإحراج بينما اقتربت كارما منه وقالت بنبرة رقيقة :
- سلامتك يا كريم ..
ابتسم لها كريم مجاملة ورد بإقتضاب :
- الله يسلمك...
جلست كارما بجانبه وكذلك والدها بينما اشار كريم لحسام ان يخرج وينفذ ما قاله...

اوقف حسام سيارته امام المبنى الذي توجد به شقة عائلة مايا...
اتجه الى الشقة التي يوجد بها عائلة مايا، ضغط على جرس الباب عدة مرات لكن بدون رد...
قرر أن يسأل احد الجيران عنهم ليخبروه بأنهم غادروا الشقة مساء البارحة...
زفر أنفاسه بإحباط وهو يعود الى ادراجه، لم يعرف أين يجب أن يبحث عنها فقرر أن يعود الى كريم ويسأله عن الطريقة المناسبة للبحث عنها فهو يعمل في الشرطة وأفضل منه في أمور كهذه...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الفصل الحادي عشر بقلم سارة علي



مرت ثلاثة ايام تعافى بها كريم قليلا من تلك الحادثة...
وعاد الى منزله تحت رعاية والدته واهتمامها...
اما مايا فما زالت مختفية هي وعائلتها لا أحد يعلم عنها شيئا...
طوال الثلاثة ايام كان حسام يبحث عنها بإرشادات من قبل كريم...
لكنه لم يستطع ان يجدها...
وكأن الأرض انشقت وابتلعتها...


كان كريم واقفا في شرفة غرفته يتطلع الى القمر اللامع وسط السماء...
يفكر بها، ولا يوجد لتفكيره بها مهرب...
طوال الثلاث ايام الفائتة كانت مايا تشغل باله وعقله وربما قلبه ايضا...
انه يشعر بالاشتياق لها، بالرغبة في رؤيتها، ولمس وجهها، واحتضانها...


عادت ذاكرته الى الخلف وتحديدا الى تلك الايام التي قضوها خارج البلاد، كانت هادئة ومطيعة، عاش اجمل ايامه معها، هناك حيث كانت بين يديه، ملكه وحده، !
اخذ نفسا عميقا وزفره بقوة وهو يشعر بألم قوي في قلبه، وكأن احد يلكمه هناك، شعر بحركة خفيفة خلفه فإلتفت ليجد حسام ورائه، اقترب منه و وقف بجانبه يسأله :
- مش هتحكيلي؟!

تطلع اليه كريم بحيرة، ماذا سيخبره؟! عن ايجاده لها فمنزل دعارة؟! هل سيشوه سمعتها أمام أخيه؟!
أم سيخبره عن ابتزاره لها بهذا الشكل المقيت؟!
حينها سينزل من عين أخيه...
- مفيش حاجة تتحكي...
- ازاي؟! انا محتاج اعرف شفتها فين وحبيتها ازاي؟!
قالها حسام بحسن نية ليهتف كريم بنبرة تائهة :
- حبيتها، !

فيرد حسام مؤكدة :
- ايوه حبيتها، مهو مستحيل الزعل ده كله عليها وتقولي محبيتهاش...
قال كريم بعصبية خفيفة:
- حب ايه بس يا حسام؟! انت فاكرني لسه مراهق بيحب على نفسه؟!
سأله حسام بذهول :
- واتت شايف الحب مراهقة؟!

تطلع اليه كريم بنظرات حائرة ولم يجبه بينما أردف حسام بجدية:
- بلاش تنكر حبك ليها يا كريم، لأنك ساعتها هتتعب اووي...
ابتسم كريم ساخرا على ما قاله أخيه، وكأنه ليس بمتعب الأن، اما حسام فسأله :
- بس انا اللي مش قادر افهمه ليه ضربتك؟! ليه عملت فيك كده؟! والاهم ليه بلغت عن حالتك؟! جايز تكون ندمت مثلا؟!
تطلع حسام اليه فوجده صامتا فقال بملل:
- هتفضل ساكت كده كتير، مش هتقول حاجة؟!

التفت كريم نحوه وقال :
- أقول ايه؟!
- قول اي حاجة، انا اخوك ومن حقي افهم...
رد كريم بغضب مكتوم :
- تفهم ايه؟! اذا كنت انا نفسي بحاول افهم، بحاول افهم انا تجوزتها ليه...
شعر حسام بالشفقة على كريم فكان يبدو متعبا بحق...

تحدث حسام قائلا بنبرة هادئة :
- طب اهدى الاول، وخلينا نعرف هنلاقيها ازاي...
اشتعلت عيناه ما ان ذكر حسام موضوع البحث عنها وايجادها ثم قال بنبرة هادئة لكن متوعدة :
- انا لازم الاقيها، وساعتها مش هرحمها...
شعر حسام بالخوف منه ومن ملامحه التي لا تبشر بالخير ابدا، فقال مهدئا اياه :
- بلاش عصبيتك دي يا كريم، انت لسه فمرحلة نقاهة...
صمت كريم ولم يقل شيئا اما حسام فقرر تركه وحيدا حينما شعر بأن هذا أفضل له...

في صباح اليوم التالي...
على مائدة الافطار...
تقدم كريم من عائلته اللذين كانوا يتناولون فطورهم وقال بصوته الرخيم :
- صباح الخير...
رد عليه كلا من حسام ووالدته اما والده فتجاهل تحيته ليقول كريم :
- هتفضل متجاهلني كده لحد امتى؟!

تأمله والده بنظرات جامدة قبل ان يهتف به :
- لحد متديني مبرر واحد للي عملته...
- هو انا عملت ايه؟! كل ده عشان تجوزت؟!'
قالها كريم ببرود مغيظ ليرد والده بإستهزاء :
- لا الحقيقة معملتش حاجة تستاهل، اتجوزت بالسر من ورانا، ومراتك ضربتك وكانت هتموتك...
زفر كريم أنفاسه بضيق فلما الجميع مصر ان يذكره بما حدث معه...

سحب كرسي وجلس عليه ثم قال يجدية :
- انا جايز غلطت فعلا اني خبيت جوازي عنكم، بس حقيقي انا كنت مضطر لده، ومحدش يسالني مضطر ليه؟!
- محدش يسألني، محدش يسألني، انت فاكر نفسك ايه عشان تحط شروط لينا واحنا بنتكلم معاك ..
قالها الاب بغضب كبير لينتفض كريم من مكانه هادرا بعصبية :
- يووه انا زهقت، انت ليه مصر تكبر الموضوع...
- كفاية بقى، اسكتوا انتوا الاثتين...

صرخت الام بها ليصمت الاثنان على مضض...
- يا جماعة اهدوا شوية مينفعش كده...
قالها حسام محاولا تهدئة الوضع ليرد كريم بعجرفة :
- والله انا هادي اووي بس هو مصر يعصبني...
- كريم، احترم نفسك، مش معنى انك كبرت ده يخليك تتكلم معايا بالطريقة دي، انا والدك مش جندي بيشتغل تحت ايدك...

تنهد كريم بصمت قبل ان يقول بنبرة جافة :
- انا اسف، حقيقي مكنتش واعي للي بعمله، بس انا اعصابي متوترة اووي، راعوا ده ارجوكم...
- ليه يا حبيبي؟! متوتر ليه؟!
سألته منى بإهتمام ليرد :
- ابدا مفيش كل الحكاية انوا مراتي مختفية بقالها ثلاث ايام، مليش حق اتوتر ابدا...
زمت الام شفتيها بعبوس ما ان جاء ذكر زوجته...
اما كريم فرفع بصره نحو السقف وهو يطلق تنهيدة قوية...


في شقة راقية تطل على النيل...
كان نائما بعمق حينما رن هاتفه فإستيقظ وهو يشتم في داخله المتصل...
اعتدل في جلسته ليجد رنين هاتفه قد انقطع، اتجه ببصره ناحية الشقراء الجميلة النائمة بجانبه...
نهض من مكانه مرتديا بنطاله قبل ان يحمل هاتفه ويخرج الى الشرفة...
اجرى اتصالا سريعا ليأتيه صوت احد الرجال يقول :
- سعد بيه، انت فين؟!

اجابه سعد :
- موجود، قولي ايه الجديد؟!
اجابه سعد :
- لسه بيدوروا عليها ومش لاقينها...
ابتسم سعد براحة وقال :
- كويس اوووي، اي جديد بلغني بيه...
- حاضر يا فندم...

اغلق سعد الهاتف واخذ يتطلع الى مياه النيل بملامح رائقة، اقتربت منه الشقراء الجميلة واحتضنته من الخلف قائلة :
- انا جعانة، عايزة افطر...
التفت نحوها وقال بمكر :
- حالا، احسن فطار ليكي...

كان كريم يجلس مع عائلته يتناولون طعام العشاء حينما اقتربت الخادمة منهم بملامح متوترة وقالت :
- كريم بيه، فيه وحدة عايزاك..؟!
التفت لها بحاجبين معقودين وسألها :
- وحدة مين؟!
اجابته بإرتباك :
- بتقول انها تبقى مراتك...

قفز كريم من مكانه واتجه بسرعة الى غرفة الجلوس ليتبعه الجميع...
تصنم في مكانه حينما وجد مايا امامه تجلس على الكنبة واضعة قدما فوق الاخرى وترتدي فستان فخم رائع للغاية، نهضت مايا من مكانها ما ان دلف كريم الى الداخل وتقدمت نحوه تهتف بترحيب :
- حبيبي ازيك...

بينما تجمد جميع افراد العائلة من هول الصدمة...
ابتسمت مايا بعبث وقالت مشيرة إلى والدته :
- اكيد انتي طنط منى، والدة كريم...
رمتها منى بنظرات حاقدة لتكمل مايا بأسف :
- سوري بجد على اللي عملته، بس كريم حبيبي عارف اني عصبية مووت، ومع كده عصبني جدا...

ثم التفتت نحو كريم و قالت :
- حبيبي، عامل ايه؟!عرفت انك بقيت احسن...
قبض كريم على كف يدها وهم بسحبها خلفه حينما جذبت يدها من يدها واقتربت نحو والده وقالت :
- اكيد حضرتك والده، شبهه اووي الحقيقة، انا مايا مرات ابنك...
ثم اردف تشير الى بطنها :
- وأم حفيدك...

اتسعت عينا كريم بقوة حينما اكملت مايا بخبث :
- اصل انا حامل يا عمو...
- حامل، !!
قالها كلا من الام وحسام بذهول بينما قبض كريم على يدها مرة اخرى وسحبها خلفه...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الجزء الثاني عشر بقلم سارة علي



دفعها الى داخل غرفة نومه وأغلق الباب خلفهما جيدا...
- ايه اللي عملتيه ده؟!
سألها بنبرة تنذر بخطر كبير يقترب منها لكنها لم تبالِ به لترد بنبرة متماسكة :
- عملت ايه ..؟! حبيت اتعرف على أهلك...
- كده، بالطريقة دي...


قالها وهو يكز على اسنانه بغيظ منها ومن برودها اللامتناهي لترد بلا مبالاة أججت غضبه :
- والله مكانش قدامي حل تاني، طالما انت مكنتش ناوي تعرفني عليهم قلت أتعرف انا...
ثم اردفت بنبرة خبيثة :
- وكمان انا معملتش كده الا بعد معرفت إنهم عرفوا بحقيقة جوازي منك...
- ده كله ميدكيش الحق باللي عملتيه، انتي جيتي ليه اصلا؟! عايزة ايه ..؟!
جلست على السرير ووضعت قدما فوق الاخرى تهتف بثقة لا يعرف من أين أتتها :
- انت جوزي ومن حقي أجي وأعيش معاك بدل مانتَ راميني بشقتنا ومش بتفتكرني غير وقت النوم...
- لا وبجحة كمان، !!!



قالها محدثا نفسه بأنها تغيرت للغاية، تغيرت كثيرا عن تلك الفتاة التي عرفها...
ابتسمت ببرود قاتل قبل ان تهتف بصوت جامد :
- البجاحة دي اتعملتها منك...
- ليه مهربتيش مني للابد؟! ليه رجعتي؟!
كان سؤالا متوقعا منه وهي كانت مستعدة له فأجابته بجدية :
- مكنتش حابة ابني يعيش بعيد عنك...
صاح بها :
- انتي هتمثلي هنا كمان، منا وانتي عارفين انك مش حامل...
- انا مش بكدب، انا حامل فعلا...


ابتسم ساخرا قبل ان يقول :
- حامل ازاي وانا كنت واخد احتياطاتي كويس، مفيش ولا مرة لمستك من غير ما اخدها...
شحب وجهها كليا بشكل ظهر بوضوح لتتسع ابتسامته ويكمل :
- ايه كدبتك بانت صح؟!
بللت شفتيها بلسانها ثم قالت بإصرار واهي :
- انا حامل منك، وانت بتكدب...

جذبها من شعرها لتصرخ بألم بينما صاح بها :
- انتي هتكدبي دلوقتي كمان، بقلك كنت واخد احتياطاتي وانا معاكي...
دفعته بعيد عنها وقالت ببكاء :
- امال ليه شكيت قبل كده اني حامل منك لما خدتني وعملت التحاليل طالما انت واخد احتياطاتك...
رد بما صدمها :
- انا مكنتش شاكك انوا الحمل مني، !
- تقصد ايه؟!

سألته بنبرة مهزومة وملامح متشنجة ليرد ببرود :
- قصدي واضح، انا كنت متأكد انك مش حامل مني...
- يعني انت بتشك اني كنت حامل من غيرك؟!
قالتها وهي تشير لنفسها بعدم تصديق، هل وصل الحد به ان يشك بها بهذه الطريقة؟! أن يظن بها العهر والخيانة؟!
أشعل سيجارته ونفث دخانها قبل ان يقول ببرود قاتل :
- والله اللي تفهميه بقى...

انقضت عليه كالمجنونة لتقع سيجارته ارضا واخذت تضربه على صدره بعنف وهي تهتف بجنون واختلال :
- انت مريض، انت مش طبيعي، ازاي تفكر بيا كده، انا مش عاهرة، انت فاهم، مش عاهره...
أوقفها حينما قبض على ساعديها بكفيه وقال بحدة :
- اخرسي بقى...
حررت نفسها منه بقوة لتقف مواجهة له وصدرها يعلو ويهبط من شدة الغضب والانهيار...
- طلقني...

قالتها من بين لهاثها ليرد :
- طلاق مش هطلق، وانتي هتفضلي هنا...
اتجهت نحو الباب تحاول فتحها ليقول :
- متحاوليش، مش هتقدري تفتحيها...
استدارت نحوه ترمقه بنظرات متأججة ليقترب منها ويحيط وجهها بين كفيه ويهتف بغلظة :
- انتي جيتي للأسد بنفسك، ولازم تتحملي كل حاجة منه...
ثم اكمل وهو يبعدها عن الباب ويفتحها :
- انا مش هحبسك فالأوضة دي، ولا فالبيت، عارفة ليه؟! لأنك مش هتهربي مني...
ابتسمت بقهر وسألته :
- ايه اللي يخليك ضامن عدم خروجي بالشكل ده؟!

- لأني هلاقيكي وساعتها مش هرحمك، مش انتي بس، اختك وامك، الاتنين مش هرحمهم بردوا، فلو عايزة تحافظي عليهم خليكي عاقلة واسمعي كلامي...
- انت حقيقي واطي...
ابتسم بخفة قبل ان يفتح الباب ويخرج من الغرفة تاركا اياها تنهار على ارضية المكان...

نهضت مايا من مكانها بعد وقت طويل قضته بالبكاء، وقفت امام المرأة تتأمل وجهها الباكي بقلب مفطور، لقد اختارت ان تلعب معه، مع الأسد، وعليها أن تتحمل ما سيجري لها، مسحت وجهها بباطن كفيها ثم قررت ان تتجه نحو الحمام الملحق بالغرفة، داخل الحمام أخذت تغسل وجهها جيدا ثم جففته بالمنشفة ثم حملت المشط وأخذت تسرح شعرها لتعيد له شكله المنمق، ما ان انتهت من كل هذا خرجت من الحمام وأخذت تتأمل الغرفة بملامح ممتعضة فهي غرفته بكل تأكيد...

رفعت ذقنها عاليا وخرجت من الغرفة وهبطت الى الطابق السفلي لتجد كريم يتحدث مع والدته بصوت خافت فإقتربت منهما وهي ترسم ابتسامة واسعة على شفتيها ثم قالت موجهة حديثها لكريم :
- حبيبي انا لازم اروح اجيب هدومي من شقتنا، تجي توصلني ..؟!
لم ينصدم كريم منها ومن تصرفها فهو توقع هذا منها فأجابها :
- تمام...

ثم التفت نحو والدته وقال :
- مش هترحبي بمايا فبيتنا يا ماما، اصلك ملحقتيش ترحبي بيها...
- هي مدتناش فرصة نرحب بيها يا حبيبي ..
قالتها الام بتهكم تجاهلته مايا وهي تقول :
- سعيدة بمعرفتك يا طنط...
ومدت يدها له لتلمسها منى من أطراف اناملها وترد بإقتضاب :
- انا الاسعد...

قبض كريم على يدها ثم قال مشيرا لوالدته :
- احنا هنروح دلوقتي، واحتمال نبات فالشقة...
ثم سار بها خارج الفيلا تاركا والدته تتابعه بنظرات متحسرة...

دلف الاثنان الى الشقة لتهتف مايا وهي تدور في ارجاء الشقة :
- تصدق وحشتني شقتنا اووي...
ثم جذب انتباها اثار الدماء الحمراء التي طبعت على الارض لتهتف بأسف مفتعل :
- تؤ تؤ مش كانوا ينظفوها طيب...
التفتت نحو كريم وقالت :
- بس ولا يهمك يا بيبي، ثواني واكون منظفاها...

جذبها كريم من ذراعها وقال :
- ناوية على ايه المرة دي؟!
اجابته بخبث :
- على كل خير...
ابتعد عنها وخلع سترته ثم قال :
- انا رايح الاوضة، ابقي تعالي ورايا...
ثم سار نحو غرفة النوم لتتبعه مايا بسرعة بعدما قررت أن تترك تنظيف الدماء للغد...

دلفت مايا الى الغرفة لتجده يفتح خزامة نومها، اقتربت منه بفضول فوجدته يخرج قميص نوم شبه عاري من الستان الفضي، ثم التفت نحوها وقال :
- اقلعي...
- نعم، !
هتفت بها بصدمة ليكمل ببراءة :
- اقلعي عشان تلبسي ده يا روحي...
- وانت متخيل اني هلبس ده قدامك...
- ماله ده؟!
ردت بخجل فطري :
- عريان اوي...

قهقه عاليا قبل ان يقول بعينين لامعتين :
- عريان اووي، ده على اساس اني مشفكتيش وانتي عريانه بالكامل قبل كده...
احتدت نظراتها وهي تصرخ به :
- مليون مرة اقول بطل سفالتك دي...
جذبها من شعرها وقال:
- وانا مليون مرة قلتلك متعليش صوتك عليا، :
ثم اردف بجمود وهو يحرر شعرها من قبضته :
- روحي البسيه يلا...

اخذت مايا قميص النوم منه على مضض قبل ان تهمس لنفسها :
- والله فايق ورايق، ليه نفس للحاجات دي بعد كل اللي حصل...
عادت بعد لحظات وهي ترتدي قميص النوم لتجده عاري الصدر ممددا على السرير، اشار لها بإصبعه لتقترب منه بخجل فجذبها من مرفقها واجلسها امامه قبل ان يعتدل في جلسته، الغبية لا تفهم انه يشتاقها بشدة، اخذ يقبلها بشغف ورغما عنها استجابت له...

اكثر ما يغيظها انها رغما عن كل ما بينهما تستجاب له بسهولة وكأنه هناك انجذاب حسي يطغي على ما بينهما من أعاصير وصواعق...
بعد.فترة كانت تفترش صدره وهي تشعر بإنتعاش غريب، ربما كونها قررت أن تبعد كل الافكار السلبية عن رأسها الليلة، قررت ان تعيش كمايا فقط، مايا لا غير...
- مايا...
صاح بها بنبرة هادئة لترد :
- نعم...

تنهد قبل ان يقول :
- انا مقلتش لأهلي انك مش حامل، مكنتش حابب أطلعك كدابة قدامهم...
تأملته بملامح حائرة فمالذي يجعله يفكر في منظرها امام اهله...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول البارت الثالث عشر بقلم سارة علي



فتحت عيناها الزرقاوتين لتجد الفراش خاليا بجانبها...
نهضت بسرعة من فوق سريرها ليظهر قميص نومها القصر وسارت بقدميها الحافيتين خارج الغرفة متجهة الى صالة الجلوس لتجدها فارغة...
سمعت صوت دندنات خفيفة تأتي من المطبخ فركضت بسرعة الى هناك لتنصدم بكريم يقف امام الطباخ يعد طعام الفطور...
اقتربت منه بملامح مصدومة وهتفت بإندهاش :
- انت بتعمل ايه؟!


فزع من اقتحامها المطبخ هكذا فقال بضيق :
- انتي خضيتيني على فكرة...
ثم اردف بجدية :
- بعمل الفطار ..
- وانت من امتى بتعمل الفطار؟!
اجابها وهو يطفئ الطباخ :
- من دلوقتي...


تأملته وهو ينجز كل شيء بمهارة تامة، ثم اشار لها لتجلس على طرف المائدة بعدما اعدها...
- اغير هدومي الاول...
قالتها وهي تهم بالاتجاه نحو غرفة النوم ليقول لها :
- لا خليكي كده...
- بس...

قاطعها بنبرة أمرة :
- مبسش، انا قلت خليكي كده يعني تخليكي كده ..
رفعت بصرها الى الاعلى بنفاذ صبر لتجده يقول بنبرة عابثة :
- انا محتاجك تبقي كده طول اليوم...
ثم اردف :
- يلا تعالي كلي فطارك.



سارت نحو الطاولة على مضض وجلست على الكرسي الذي ازاحه لها ثم جلس هو في مكانه وبدئا يتناولان طعامهما حينما هتفت مايا بإعجاب وتلذذ :
- الاكل طعمه تحفة، مكنتش اعرف انك طباخ ماهر...
ابتسم لها ثم قال :
- انتي متعرفيش عني حاجة اصلا...
صمتت لوهلة قبل ان تقول :
- مش مشكلة، اعرف دلوقتي...
اومأ كريم برأسه ثم شرد قليلا لتهتف به وهي تحرك يديها امامه :
- هاي رحت فين؟!


اجابها وهو يهز رأسه :
- ابدا سرحت شوية...
نهض من مكانه وقال :
- خلصي اكلك والحقيني...
- انا خلصت فعلا...
قالتها وهي تنهض من مكانها وتتبعه لتجده يتجه نحو غرفة النوم ويلقي بجسده على السرير ويقول :
- انا هنام شوية، ابقي صحيني كمان ساعتين...
اومأت مايا برأسها متعجبة من نومه في هذا الوقت فهي لم تكن تعلم انه سهر طوال الليل يتأملها وهي نائمة بين احضانه...

كانت مايا تنظف الشقة حينما رن جرس الباب فذهبت لفتحها وهي تتسائل في داخلها عن هوية القادم...
فتحت الباب لتتفاجى بوالدة كريم أمامها، توترت ملامحها بشدة بينما اخذت ترحب بها بإبتسامة مترددة :
- اهلا بحضرتك، اتفضلي...

دلفت الى الداخل لتغلق مايا الباب خلفها وتتبعها...
جلست مايا على الكرسي المقابل لها ثم سألتها :
- تحبي تشربي ايه؟!
ردت منى بإبتسامة متكلفة :
- ميرسي اووي، مش عايزة اشرب حاجة، انا في الحقيقة جاية اتكلم معاكي...
- اتفضلي...

- مايا انتي عارفة انوا دخولك حياتنا كان بشكل مفاجئ، زي ما عارفة بردوا انوا علاقتك بكريم غامضة اووي واحنا مش عارفين تفاصيلها لحد دلوقتي...
شعرت مايا بالحرج منها فقالت بخفوت :
- عارفة...
أكملت منى :
- بس انتي خلاص بقيتي امر واقع، وكمان حامل، يعني احنا مضطرين نعترف بالجوازة دي، عشان حفيدب اولا قبل كل شيء...
- مش فاهمه...

قالتها مايا بعدم فهم لتشرح لها منى :
- انتوا لازم تعلنوا جوازكم وتعملوا فرح كمان، عشان الولد يجي فظروف طبيعية، انا مش هسمح لحد يجيب سيرة ابني او حفيدي على لسانه، وانتي بردوا مش هتسمحي بده...
تطلعت مايا اليها بحيرة ثم قالت :
- حضرتك احنا متجوزين على سنة الله ورسوله، يعني معملناش حاجة غلط، ".

ردت الام بتهكم :
- وهي الجواز فالسر مش غلط...
- انا اهلي عارفين على فكرة...
قالتها مايا بنبرة دفاعية لتقول منى بتعجب :
- عارفين وموافقين...
اومأت مايا برأسها بخجل لتكمل منى بتهكم :
- اول مرة اشوف حد كده...

ثم اكملت :
- على العموم انا قررت خلاص فرحكم كمان عشرة ايام...
- حضرتك لازم تاخدي رأي كريم...
قاطعتها بنبرة جادة :
- ابقي قوليله انتي...
ثم نهضت من مكانها وقالت :
- كمان جهزوا نفسكم بعد الفرح هتسكنوا معانا فالفيلا، اكيد انا مش هسمح لإبني يعيش بعيد عني...
ثم تحركت خارج المكان تتبعها مايا الى خارج الشقة ثم ودعتها وهي تفكر بأنها عليها تحمل والدة كريم ايضا ليس كريم لوحده...

اقتربت مايا من كريم وأخذت تهزه من ظهره توقظه ليستيقظ بعد لحظات وهو يقول بنعاس :
- فيه ايه؟!
ردت مايا بسرعةة:
- مامتك كانت هنا...
اعتدل كريم في جلسته وهو يفرك عينيه بأنامله قبل ان يهتف ببرود :
- كانت عايزة ايه؟!
اجابته مايا بتهكم :
- كانت بتبلغني بمعاد الفرح...
- فرح مين؟!
سألها كريم بعدم فهم لتجيبه بسخرية :
- فرحنا...

رفع حاجبه غير مصدقا وهتف :
- بتهزري؟
- وانت شايف ده وقت هزار؟!
زفر كريم أنفاسه وقال بضيق :
- وقالت ايه كمان؟!
اجابته وهي تجلس بجانبه على السرير :
- قالت لازم ننتقل للفيلا بعد الفرح، كريم انا مش حابة اعيش هناك...
تنهد كريم بحيرة وقال :
- انا كمان مش حابب، بس مش عايز اكسر كلمة امي...

- بس ده قرارنا على ما اظن...
- انا هحاول اقنع ماما بموضوع سكنا بالفيلا...
- طب ولو مقتنعتش؟!
اجابها كريم ببساطة :
- هنعيش بالفيلا...
- بالبساطة دي...
اوما كريم برأسه وقال :
- اه بالبساطة دي، عندك مانع؟!

أشاحت مايا راسها بضيق ليمسك كريم رأسها من ذقنها ويهتف بجدية متطلعا بعينيها النافرتين :
- اسمعيني يا مايا، كلام امي واحد ميتكررش، انتي فاهمه...
حررت ذقنها من قبضة انامله وقالت بضيق :
- فاهمه ..
ثم نهضت من مكانها وهي تتأكد للمرة الالف بان كريم لا يناسبها ولا يستحقها ابدا...

في احدى الجامعات الحكومية
كانت نايا تجلس مع مجموعة من صديقاتها تتحدث معهن وتضحك حينما جاء حسن واشار لها ان تتركهن وتأتي معه...
نهضت نايا من مكانها واتجهت نحوه وعلى شفتيها إبتسامة واسعة، اقتربت منه وسالته :
- بتعمل ايه هنا؟؟!
اجابها :
- خلصت محاضراتي، قلت اجي اشوفك...
اومأت برأسها بتفهم ثم قالت :
- انا كمان خلصت محاضراتي...

ثم أخذا يتحدثان سويا ويضحكان...
ومن بعيد كان يشاهدهما بملامح غاضبة...
همس صديقه له بسخرية :
- مش قلتلك انهم بيحبوا بعض، شفت بعينك اهو...
كز الاخر على أسنانه بغيظ وقال :
- شفت، بس لو فاكر اني هسيبهم تبقى غلطان...
- هتعمل ايه؟!

سأله صديقه بعدم فهم ليرد عليه :
- انا بحب نايا، بحبها اووي، وهاخدها منه، يعني هاخدها...
قالها بإصرار عجيب قبل ان يكمل :
- هتشوف هعمل ايه ..
صمت صديقه ولم يعقب فهو يعرف جيدا ماذا بإمكان صديقه ان يفعل...

جلست مايا امام منى تتطلع الى المجلة التي تحوي فساتين الزفاف بتمعن...
كانت فساتين راقية للغاية صممها أشهر دور الازياء في العالم...
اختارت مايا احد الفساتين الرقيقة والذي للعجب نال استحسان والدة كريم التي سألتها فجأة وسط حديثهم :
- هو انتي وكريم اتجوزتوا عن حب؟!
شعرت مايا بالاحراج ولم تعرف ماذا تقول بينما أكملت منى :
- متفهمنيش غلط، بس كلنا قلنا مستحيل كريم يحب مرة تانية بعد جوليا...
- جوليا مين؟!

سألتها مايا بصدمة لترد منى :
- هو كريم مقالكيش انوا كان متجوز قبل كده، ومراته اسمها جوليا...
- لا مقليش...
- طب وهي راحت فين؟!
تلعثمت الام في حديثها وقالت :
- انفصلوا من زمان، ومن ساعتها كريم مش عايز يتجوز...
تطلعت مايا اليها بشك بينما اكملت الام بسرعة محاولة تغيير الموضوع :
- ايه رأيك بالورد ده مع الفستان؟! جميل مش كده؟!
اومات مايا برأسها وهي تفكر بأن هناك سر خفي يجب ان تعرفه...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول المشهد الرابع عشر بقلم سارة علي



رن جرس الباب فسارعت مايا لفتحه لتجد كريم في وجهها، رمته بنظرات غامضة بينما القى هو التحية عليها ودلف الى الداخل، هوى بجسده على الأريكة وقال :
- كان يوم متعب اووي...
اقتربت منه وجلست بجانبه وقالت بدون مقدمات :
- هو أنت كنت متجوز قبل كده؟!
تنهد بصوت مسموع وقال :
- هي ماما لحقت تحكيلك...


ردت مايا بسخرية:
- هي غلطت تقريبا وقالتلي مقتطفات عن الموضوع...
ثم اردفت بنبرة غاضبة:
- بس إنت ازاي متحكيليش عن الموضوع ده...
- بصي يا مايا انا تعبان ومش طايقك اصلا، فبلاش تعملي شغل الستات النكدية ده وتقعدي تسألي وكده...


نهضت من مكانها وتخصرت قائلة :
- والله كلامي بقى شغل ستات نكدية، طب انا مش هسيبك النهاردة الا لما تحكيلي كل حاجة، مش كفاية انك خبيت عليا انك كنت متجوز...
- وهتفرق معاكي فإيه لو كنت قلتلك؟!
قالها ببرود ولا مبالاة لترد بجدية :
- كانت هتفرق كتير...
زفر كريم انفاسه بضيق بينما سألته مايا :
- مين جوليا؟! وطلقتها ليه؟!

احمرت عينا كريم لا اراديا حينما عادت ذكرى جوليا اليه، اخر ما تمناه يوما ان تعود تلك الذكريات اليه من جديد، فهو قد عاهد نفسه الا يتذكرها مرة اخرى، سيعتبرها كابوس وانتهى من حياته، كابوس ذهب بلا رجعة، ولكن مايا يبدو انها مصرة على اعادته الى حياته مرة اخرى، بعدما ظن انه انتهى الى الابد...
- اتكلم...
قالتها بعصبية ليرد بغضب :
- ممكن تخرسي الاول...

وضعت مايا يدها على فمها بينما اشعل كريم سيجارته ونفث دخانها عاليا وبدأ يسرد لها ما حدث معه في الماضي :
- كنت بحبها، حبيتها من اول يوم شفتها بيه، كانت جميلة اووي، أجمل بنت ممكن تشوفيها فحياتك...
شعرت مايا بغصة قوية داخل قلبها لم تعرف سببها لكنها قررت تجاهلها وهي تسمتع الى باقي حديثه :
- اتقدمتلها، كانت خطوبة تقليدية، أهلها اغنيا واحنا كذلك فوافقوا على طول ..

لم تستطع مايا أن تظل واقفة فجلست بجانبه ليكمل :
- اتخطبنا سنتين، كانت اجمل ايام فعمري، كنا أسعد اثنين، واتجوزنا، وعشنا بردوا أيام سعيدة، لحد ما...
اخذ نفسا عميقا من دخان سيجارته بينما سألته مايا بتردد :
- لحد ايه؟!
اجابها كريم وهو ينفث دخان سيجارته :
- لحد ما خانتني...
- ايه؟!

قالتها مايا بعدم تصديق، خانته، !!!
- ازاي؟!
ابتسم كريم بسخرية على سؤالها وقال :
- زي كل الناس ما بتخون ..
- عشان كده طلقتها...
- قصدك قتلتها...
جحظت عينا مايا بعدم تصديق، حاولت ان تستوعب كلماته، قتلها، !!! هل يعقل؟! ولكن كيف ..؟!
اخذت تسعل بشدة قبل أن تسأله بإستنكار :
- قتلتها؟!

اومأ برأسه واكمل :
- قتلتها، خانتني فقتلتها، مكانش ادامي حل تاني...
انتفضت من مكانها قائلة ببكاء ونبرة مرتجفة :
- ليه؟! ليه تعمل كده؟! حرام عليك، !
- دي خاينة، يعني تستاهل الموت...
قالها بحدة بالغة لترد ببكاء :
- بس مش لدرجة الموت، مش لدرجة إنك تقتلها...

قالت كلمتها الاخيرة بإنهيار قبل ان ينهض كريم من مكانه ويحتضنها...
ابتعدت عنه وقالت :
- ابعد عني، قتلتها ازاي؟! جاوبني...
انتفض كريم من مكانه بعصبية وقال بغضب حارق :
- انتي بتحاسبيني ليه، هاا، عشان قتلتها، هي تستاهل الموت، دي خانتني، عارفة يعني ايه خانتني؟! طعنتني فظهري بعد ما حبيتها واديتها كل حاجة، عارفة يعني ايه اعرف انها نامت فسرير غيري، لا وخدي الكبيرة بقى، حملت منه...

توقفت مايا عن البكاء وهي تستمع لحديث كريم المؤلم، اخفضت رأسها ارضا وهي تفكر بأنه عانى ..عانى كثيرا...
اما كريم فقد أخمد بسرعة دمعة تسللت من عينه، لا يريد ان يضعف امامها، ابدا...
رفعت مايا وجهها نحوه اخيرا ثم سألته :
- قتلتها ازاي؟!
- خنقتها بعد ما استفزتني بكلامها...
لم تستطع مايا ان تستمع الى حديثه اكثر فإنهارت في البكاء امامه، أما هو فقد خرج مسرعا من الشقة دون ان يعرف الى أين يتجه...

توقفت مايا عن البكاء اخيرا لتركض نحو هاتفها وتحمله، أجرت اتصالا سريعا لياتيها صوت الشخص الذي اتصلت به :
- سعد الحقني، انا فمصيبة...
- فيه ايه يا مايا؟! حصل ايه؟!
سألها سعد بنبرة يشوبها القلق لترد مايا بنحيب :
- ده طلع قاتل كمان...
- انتي بتقولي ايه؟!

سألها سعد بعدم فهم لترد مايا ببكاء :
- قتل مراته عشان خانته...
- اهدي يا مايا، اهدي يا حبيبتي...
- انا لازم اطلق منه، وانت لازم تساعدني...
- حاضر هساعدك، بس اهدي...
هدأت مايا اخيرا لتقول بصوت متحشرج :
- انا خايفة اووي يا سعد، خايفة منه بجد...

- متخافيش يا مايا انا هساعدك، انتي بس نفذي اللي اتفقنا عليه، وكل حاجة بتكون بخير...
صرخت مايا بعدم تصديق :
- أنفذ !! انفذ ايه؟! بقولك قاتل، ده لو عرف باللي بيني وبينك هيقتلني...
- معندناش حل تاني يا مايا، لازم نكمل خطتنا...
اغلقت مايا الهاتف في وجهه وهي تفكر بأن سعد ما زال كما هو، يفكر في مصلحته فقط، اتجهت نحو غرفة نومها وغيرت ملابسها بسرعة ثم خرجت من المنزل متجهة الى الشقة التي تسكن بها عائلتها...


كانت مايا نائمة بين احضان والدتها وتبكي بشكل يقطع القلب...
اما والدتها فأخذت تربت على شعرها وظهرها وتهف بها :
- اهدي يا مايا، اهدي يا حبيبتي عشان خاطري...
رفعت مايا رأسها نحو والدتها وهتفت بدموع لاذعة:
- اهدى ازاي بعد كل اللي حكيتهولك، انتي مسمعتيش عمل ايه، ده قتل مراته عشان خانته، يعني اكيد لو عرف بالاتفاق اللي بيني وبين سعد هيقتلني...
- بعد الشر عليكي يا حبيبتي، بعد الشر عليكي يا مايا، انا مش قلتلك بلاش سعد، مش حذرتك منه ..

ردت مايا وهي تمسح دموعها :
- كنتي عايزاني اعمل ايه يعني؟! مكانش قدامي حل تاني، كان لازم اعمل كده، كان لازم الاقي اي طريقة تخلصني من كريم، ولا كنتي عايزاني افضل معاه بعد كل اللي عمله فيا...

صمتت والدتها ولم تعرف ماذا تقول لتنهض مايا من مكانها وتهتف بألم :
- سكتي ليه يا ماما؟! كنتي عايزاني افضل مع كريم عشان يعذبني ويهين بيا؟!
- اكيد لا، بس مكنتش عايزاكي تقربي من سعد تاني...
قالت مايا بجدية :
- هو اللي رجع قرب مني مش أنا، وانا قررت استغله، وانتقم منه بعد مباعني ودمر حياتي...

- انتي عايزة تنتقمي من سعد ولا من كريم؟!
سألتها الام بحيرة لترد مايا بحقد :
- من الاتنين...
شعرت الام بالخوف على ابنتها فقالت بتوسل :
- بلاش يا مايا، بلاش عشان خاطري، سيبك منهم وفكري بنفسك...

- نفسي، عايزاني أفكر بنفسي ازاي وهي مش ملكي، وهي ملك كريم بيه...
صمتت الام ولم تعرف ماذا تقول بينما أكملت مايا بجدية وإصرار :
- لازم اخد حقي من كريم وسعد، لازم...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الحلقة الخامسة عشر بقلم سارة علي



كانت مايا تحاول النوم ليلا في سريرها بعدما عادت من عند والدتها...
لم تكن قادرة على النوم وشعور الخوف يسيطر عليها...
الخوف من المجهول، الخوف من رجل يثير جميع المخاوف الكامنة لديها...
سمعت صوت باب غرفتها يفتح فأغمضت عينيها مدعية النوم لتشعر به يقترب منها...


يجلس بجانبها متأملا إياها بملامح مستكينة، ثم ما لبث ان قرب وجهه من وجهها وهمس لها بصوت خافت سمعه :
- عارف اللي قلته صعب، عارف انك صعب تتقبليني بعد اللي عرفتيه عني، بس انا مش جاني، انا ضحية بردوا، جايز اكون اذيتك كتير وانتي ملكيش ذنب بكل اللي حصل، بس انا كنت بعمل كده من حبي فيكي، ايوه انا بحبك، بعترف قدامك دلوقتي وانا متأكد انك مش نايمة وسامعاني، انا عمري مفكرت احب بعدها، ولا فكرت أني هرجع أعيش من تاني، لحد ما دخلتي حياتي ودنيتي، ساعتها فهمت انوا الحياة بتديني فرصة جديدة، بحبك يا مايا، والله بحبك ونفسي تحبيني...


اخذ جسد مايا يرتجف لا اراديا عندما سمعت ما قاله كريم وأخذت الدموع تهطل من عينيها بغزارة، شعر هو بنحيبها المتقطع فأثر أن يتركها قليلا لكن ما إن هم بالتحرك بعيدا عنها حتى فوجئ بها تمسك كف يده وتعتدل في جلستها لتهمس من بين بكائها :
- انا اسفة...
اقترب منها ممسكا وجهها الذي يدنو نحو الاسفل بكفي يديه متسائلا بقلق:
- بتعتذري ليه دلوقتي؟!

رفعت عينيها الباكيتين نحوه وهتفت بصوت مبحوح :
- اسفة عشان مسمعتكش، عشان مقدرتش اوقف جمبك، واسفة لاني مش قادرة اسامحك، انا حقيقي مش عارفة اغفرلك اللي عملته، انت اذيتني دمرتني، وانا مش هعرف اغفر كل اللي عملته، بجد ده مش بإيدي...

احتضن كريم وجهها الباكي بين كفيه ثم هتف بها بنبرة اجشة :
- انا عارف اني اذيتك جامد، عملت حاجات كتير اذتك ودايقتك، وعارف اني مليش عذر باللي عملته، بس انا فعلا ندمان على كل حاجة عملتها، ونفسي تغفريلي كل اللي عملته ونبتدي من اول وجديد ..

- تفتكر اني هقدر اغفر ليك انك اتهمتني بشرفي اكتر من مرة، انك اشترتني من سعد بفلوسك وفضلت تعايرني بده، لو انت مكاني هتقدر تسامح؟!
اخفض كريم رأسه فهو لا يملك الاجابة على سؤالها او بالأحرى يملك اجابه لا تناسبه...
ابتسمت مايا بمرارة وقالت :
- شفت انوا صعب، صعب اوي...

رفع رأسه نحوها وقال :
- بس مش مستحيل...
- قصدك ايه؟!
سألته بنبرة متعبة ليهتف بإصرار :
- قصدي انك ممكن تسامحيني، لو حبيتني...

كان كأنه يستنجدها ان تحبه، أن تسامحه، بهتت ملامحها كليا ولم تعرف ماذا تقول، هل يطلب الحب منها؟! هل يجرؤ على ذلك؟!
تشدق جانب فمها بإبتسامة هازئة قبل ان تهتف ببرود وهي تحرر وجهها من كفيه :
- وتفتكر الحب هيجي بالسهولة دي؟!

- وليه لا ..؟! الحب ممكن يجي فجأة، يجي بشكل احنا مش متوقعيه...
كان يتحدث عن الحب ببساطة فاجئتها هي شخصيا بينما لفتتها جملته الاخيرةة:
- زي ما حبيتك فجأة وبدون تخطيط...
صمتت ولم تعرف ماذا تقول اما هو فأكمل بنبرة حارة :
- انا هفضل وراكي لحد ما تحبيني، مش هسيبك تضيعي مني ابدا، عارفة ليه؟! لأنك قدري، انتي قدري اللي لازم اتمسك بيه...
شردت مايا في كلماته وشعور بالخوف والضيق ملأ صدرها...

في صباح اليوم التالي...
استيقظت مايا من نومها بعد ليلة طويلة قضت اغلبها تفكر بحديث كريم وما قاله...
كيف كان واثقا من مشاعره نحوها ..؟!
وكيف اعترف بحبها بهذه السهولة؟!
هل انقلبت الحكاية الان؟!
هل ستصبح هي شريرة الحكاية؟!

نهضت من فوق فراشها وتوجهت خارج الغرفة لتجده نائما بسلام على الكنبة في صالة الجلوس...
اقتربت منه وتأملته بملامح باردة، كان يبدو مريبا حتى وهو نائم، هذا الرجل يسبب لها الكثير من الفوضى داخلها، ولكم حاولت ترتيب هذه الفوضى لكن بلا فائدة...
اتجهت نحو المطبخ وقررت ان تعد الافطار كأي زوجة اصيلة، ثم توقظ زوجها ليتناول طعامه معها...

وبالفعل اعدت وجبة الافطار وذهبت لتوقظه، استيقظ كريم على صوتها ليرسم على شفتيه ابتسامة خافتة قبل ان يجرها نحوه ويطبع قبلة خفيفة على شفتيها...
- دي صباح الخير اللي انا مستنيها...
كسا الاحمرار وجنتيها كالعادة اما كريم فنهض من مكانه واتجه نحو الحمام...

خرج من الحمام بعد دقائق وهوو يجفف وجهه ليتجه نحو مايا الجالسة على مائدة الطعام .. .
جلس بجانبها واخذ يتناول طعامه حينما تحدثت مايا قائلة:
- ممكن أسالك سؤال ..؟!
اجابها برقة لا تليق به :
- طبعا...

تنفست مايا بعمق قبل ان تسأله بتردد :
- هو انت ليه اعترفتلي بحبك بالسهولة دي بعد ما كنت شايفني شخصية بشعة وعاهرة...
قاطعها بسرعة :
- انا عمري مشفتك كده، جايز اكون بينت ليكي اني شايفك كده، بس فالحقيقة عمري مفكرت بيكي كده، يمكن عشان انا زمان اديت كل مشاعري لجوليا، فخفت اديكي مشاعري واظهرها تستغليها...


هاهو يأتي على ذكر تلك المرأة من جديد، وهاهي تغضب بلا سبب واضح من جديد...
حاولت اخفاء غضبها وهي تسأله بعدها :
- طب وايه اللي تغير دلوقتي عشان تظهرلي مشاعرك؟!
اجابها بعد صمت قصير تبعه تنهيدة طويلة:
- الخوف، خفت اني اخسرك، انا مش مستعد اخسرك يا مايا، مش مستعد ابدا...
تناولت مايا لقمة صغيرة داخل فمها بينما عقلها اخذ يفكر في كلمات كريم رغما عنها وسؤال ملح يتكرر داخل ذنها هل سيخسرها كريم يوما؟!

وقفت مايا امام فيلا عائلة كريم وهي تشعر بالحرج الشديد، لقد اتصل بها كريم خلال عمله وأخبرها ان والدته تدعوها للغداء حتى يتحدثا بشأن تفاصيل الزفاف، في الواقع هي ممتنة لوالدة كريم كونها فكرت في أن تأخذ رأيها بتفاصيل هذا الزفاف، لكنها تشعر بالحرج والقلق كلما تحدثت معها...
بكل الاحوال هي لم تكن سيئة كما تخيلت، بل على الاقل هي افضل مما توقعت بكثير...

فتحت الباب وطلت الخادمة خلفه لترحب بها وتخبرها ان السيدة منى تنتظرها في صالة الجلوس...
سارت مايا نحوها وهي تحمل باقة ورود غالية لتجد منى في اتتظارها والتي رحبت واستقبلتها بإبتسمة واسعة قبل ان يجلسا سويا ويتحدثان بشأن تفاصيل الزفاف...

كان كريم يتابع عمله بتركيز شديد في مكتبه الخاص في مركز الشرطة حينما فتح الباب ودلفت كارما منه...
انتقض في مكانه ما ان راها ثم قال بسرعة:
- كارما، انتي بتعملي ايه هنا؟!
ابتسمت كارما وهي تقترب منه وتقول :
- وحشتني قلت اجي اشوفك...
كريم بعدم تصديق :
- هنا فالقسم...

اومأ برأسها وهي تتأمل المكان حولها بملامح فضولية قبل ان تهتف بحب :
- مكان شغلك حلو اوي...
رد كريم بإقتضاب :
- ميرسي...
- كريم ممكن اعزمك عالغدا...
لعق كريم شفتيه وقال :
- في الحقيقة انا كنت ناوي اتغدى مع العيلة النهاردة...
- اووه للاسف...

قالتها كارما باسف حقيقي ليشعر كريم بالاحراج فيقول :
- ايه رأيك تتغدي معانا؟!
كارما بخجل :
- مش حابة ازعجكم...
ابتسم كريم مجاملة وقال :
- مفيش اي ازعاج، ماما هتنبسط بيكي اوي...
- اذا كان كده ماشي...
اوما كريم برأسه قبل ان يحمل مفاتيح سيارته ويخبر كارما ان يتجها سويا الى منزله...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الفصل السادس عشر بقلم سارة علي



اوقف كريم سيارته امام المنزل ثم هبط منها واتجه نحو الباب الاخرى وفتح الباب لكارما...
هبطت كارما من السيارة وسارت وراءه الى داخل المنزل، فتحت الخادمة لهما الباب ليشير كريم اليها قائلا :
- اتفضلي يا كارما...
منحته كارما ابتسامة خافتة قبل ان تدلف الى الداخل ويتجه بها كريم الى صالة الجلوس ليجد والدته ومايا هناك...


نهضت منى من مكانها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة مرحبة اما مايا فرمقت كريم بنظرات حادة لم ينتبه لها ونهضت بدورها تستقبل كريم وضيفته...
- اهلا يا كارما، نورتينا...
قالتها منى وهي تقبل كارما من وجنتيها قبل ان تشير الى مايا معرفة :
- أعرفك مايا خطيبة كريم...
اختفت ابتسامة كارما كليا ما ان سمعت ما قالته منى بينما ابتسمت مايا ببرود وهي تستمع الى تعريف منى عن كارما :
- كارما صديقة العائلة...



جلس الجميع بجو متوتر في صالة الجلوس واستطاعت كارما ان تخفي ضيقها بمهارة فأخذت تمرح وتضحك مع كريم ووالدته وسط صمت مايا التام...
- امال حسام فين؟!
سأل كريم بإستغراب عن اختفاء حسام المفاجئ لترد منى :
- بياخد شاور فوق، يخلص وينزل ..
اوما كريم براسه متفهما ثم ما لبث ان استدار نحو مايا الصامته الواجمة ليسألها بتعجب :
- مايا انتي كويسه؟!
تنحنت مايا قائلة بجديةة:
- اها كويسه جدا...

جاء حسام بعد لحظات والقى التحية على كريم وكارما ثم نهض الجميع نحو طاولة الطعام ليتناولوا طعام الغداء سويا...
جلست مايا بجانب كريم على الجانب الأيمن لمنى التي ترأست الجلسة بينما جلس حسام وكارما على يسارها...
بدأ الجميع تناول طعامهم حينما تحدثت كارما موجهة حديثها لمايا :
- تعرفي اني مشفتكيش قبل كده، !
- وهتشوفيها فين يعني؟!

سألها كريم بنبرة جادة لتجيبه كارما بإبتسامة امام مايا التي اخذت تتأمله بملامح متحفزة :
- قصدي انها باين مش من الوسط بتاعنا عشان مشفتهاش قبل كده بأي سهرة او فالنادي مثلا...
رد كريم ببرود:
- مايا مبتحبش السهرات ولا النوادي عشان كده مش هتلاقيها موجوده هناك ولا هتشوفيها اصلا...
- امال بتحب ايه ..؟!
سألته مايا بإستخفاف...
- الشغل...

ردت مايا عليها بملامح جادة ليبتسم كريم لها قبل ان تكمل مايا :
- الشغل والبيت والنوم وحاجات تانية كتير اهم من السهرات والنوادي ..
منحتها كارما ابتسامة مصطنعة قبل ان تكمل تناول طعامها تحت انظار الجميع...

دلفت مايا الى شقتها يتبعها كريم الذي اغلق الباب خلفهما...
جلست على الكنبة التي تتوسط صالة الجلوس لتستريح قليلا بينما قال كريم وهو يخلع سترته :
- كانت قعدة جميلة...
لترد مايا عليه :
- طبعا، خصوصا بوجود كارما...
- اكيد مش هتقولي انك حبيتيها...
قالها كريم ساخرا لترد مايا بإستهزاء :
- اه حبيتها جدا، كفاية تقل دمها...

ضحك كريم بقوة قبل ان يقول بخبث :
- تقل دمها بس، قولي كفاية جمالها، اناقتها، ثقافتها...
- هي عجباك للدرجة دي؟!
سألته مايا بحاجب مرفوع ليرد كريم وهو يجلس بجانبها محتضنا اياها من الخلف :
- انا محدش بيعجبني غيرك...
منحته مايا ابتسامة جانبية متهكمة قبل ان تنهض من مكانها وتقول بإرهاق :
- انا تعبانة، عايزة انام...

نهض كريم بدوره وقال موافقا اياها :
- الحقيقة انا تعبان بردوا، ومحتاج انام عشان فايق من الصبح...
اتجه الاثنان الى غرفة نومهما وفي داخل كل منهما الكثير من الكلام ليقوله ..

مرت عدة ايام اخرى وجاء اليوم الموعود، يوم زفاف مايا وكريم، تم عقد القران من جديد في شقة عائلة مايا ثم اتجه العروسان الى احد اشهر الفنادق بالبلاد حيث يقام حفل الزفاف هناك...
ورغما عنه شعر كريم بالسعادة البالغة حينما رأى مايا بفستان الزفاف، كانت اكثر من رائعة واجمل مما تتخيل، وهو اكثر من سعيد كونه نالها، نعم لقد نال اخيرا ما اراد بعد سنين من العناء واالالم، بعدما ظن انه لن يجد سعادته المفقودة...

اما مايا فكانت تتابع جميع ما يحدث بملامح حزينة، رغما عنها لم تكن سعيدة، هناك غصة قوية بداخلها كلما تتذكر حقيقة ما يحدث، وتتذكر فرحتها الزائفة بهذا الزفاف...
انتهى الزفاف على خير واتجه مايا وكريم الى الجناج التي حجزته لهما منى مسبقا في نفس الفندق...

دلفت مايا الى الجناح وهي تجر فستانها خلفها، شعرت بكريم يقترب منها بخطوات متوترة، وقف خلفها صامتا فإلتفتت هي نحوه تتأمله بملامح باردة قبل ان يجذب انتباهها قميص نوم ابيض اللون معلق على الشماعة، اتجهت بخطوات سريعة نحوه وجذبته من مكانه تتأمله بملامح شاردة، كان هذا القميص الابيض لا يشببها بتاتا فهي لم تكن طاهرة مثله...

اقترب كريم منها وشعر بأنها غير طبيعية فسألها بتردد :
- مايا انتي كويسه؟!
هزت رأسها نفيا والذكريات السيئة أخذت تعود اليها...
- اللون الابيض ده مش لايق عليا، اللون ده يليق على بنت بيلمسها جوزها لأول مرة، انما احنا، احنا للاسف مش كده...
قالتها بنبرة مريرة ليأخذ كريم قميص النوم منها ويهتف بجدية :
- شيلي الافكار دي من دماغك يا مايا، شيليها ارجوكي...

اشارت مايا لنفسها بسخرية :
- فستان وعروسة، طب وازاي وانت دخلت عليها من شهور، انت مقتنع باللي نعمله ده...
- لا مش مقتنع، بس مبسوط، مبسوط بيكي...
اشتدت ملامحها غضبا وهي تهتف بحقد :
- مبسوط ..!!! طبعا عشان انت مخسرتش حاجة بالعكس انت كسبت كتير، بص يا كريم لو فاكر اني هكون زوجة مطيعة ليك وتحت امرك فأي وقت فأنت غلطان، انا اتجوزتك النهاردة لأني مجبرة على ده، ولأنك سبق وهددتني بأمي وأختي...

- ارجوكي يا مايا انسي كل اللي قلته زمان...
كان يرجوها ان تنسى لتبتسم بتهكم قبل ان تقول بألم ظهر بوضوح على محياها :
- انسى ايه ولا ايه، قولي انت انسى ايه بالضبط، فهمني...
أخذ كريم نفسا عميقا ثم قال بحرارة :
- مايا دي فرصتنا عشان نبدأ من اول وجديد، عشان ننسى الماضي، ونبدأ حياة جديدة بعيد عن المشاكل دي كلها، اديني فرصة واحدة بس يا مايا وانا هثبتلك اني بحبك وعايزك...

مسحت مايا وجهها بكفي يديها قبل ان تقول بإرهاق :
- تفتكر هقدر اسامح...
مسك يدها بحنو وقال :
- لو اديتيني فرصة وحدة بس، ساعتها مممكن تسامحي...
صمتت مايا ولم تعرف ماذا تقول، هو يطلب السماح منها .. قلبها يخبرها ان تعطيه فرصته المنشوده وعقلها يخبرها ألا تنخدع بهو، وبينهما كانت هي تائهة حائرة لا تعرف ماذا تفعل وكيف تتصرف...

- انا عارف اني مش هقدر ابرر اللي عملته ولا هقدر امحيه بس يمكن اقدر اخليكي تنسيه...
- ليه دلوقتي، ليه فجأة اتغيرت وبقيت كده؟! بتطلب السماح والغفران مني...
اجابها بصدق :
- لاني تعبت، تعبت من كل حاجة، انا يمكن قاسي جدا، معنديش ضمير فنظرك، بس انا حقيقي لو اتعاملت معاكي كده فده بسبب التجربة اللي مريت بيها، واللي نفسي انساها وابدأ معاكي من جديد...

صمتت مايا ولم تعرف ماذا تقول ليكمل كريم :
- مايا انا كنت عايش ومش عايش، مكنتش فوعيي وانا بعمل فيكي كل الي فات، اللي حصلي زمان كان مخليني شايف كل الستات زبالة، انا كنت عارف ومتأكد اني مش زيهم، بس مقدرتش اعترف بده، خفت انك تستغلي ده زي ما هي استغلتني...

اغمضت مايا عينيها للحظات قبل ان تفتحها لتجده يبتسم لها بحب فتهتف لا اراديا ودون وعي :
- موافقة، موافقة اديك فرصة تثبتلي العكس، موافقة اني اكون سبب تغييرك، موافقة يا كريم...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الجزء السابع عشر بقلم سارة علي



في صباح اليوم التالي...
وقفت مايا امام السرير تتأمل كريم النائم بعمق بعد ليلة طويلة قضوها سويا يتبادلان الحب بشغف تشعر به لأول مرة...
احمرت وجنتاها خجلا وهي تتذكر ليلة البارحة وما حدث فيها...
جلست على السرير بجانبه تتأمله عن قرب، تعبث بخصلات شعرها تارة وبلحيته تارة اخرى...
ابتسمت بشغب حينما وجدت الانزعاج واضحا على ملامحه...
فتح عينيه اخيرا ليبتسم بسرعة ما ان رأها أمامه...


اعتدل في جلسته وقال :
- صاحية بدري ليه؟!
هزت كتفيها وقالت :
- منمتش اصلا...
- بالبساطة دي؟!
- ايوه...
صمت لوهلة قبل ان يقول :
- جعانة ..؟!
اومأت برأسها ثم أجابته بإبتسامة :
- اوي.
- تحبي نطلب الاكل هنا ولا ننزل تحت؟!'
أجابته بعد تفكيرر :
- ننزل تحت...



نهض من مكانه بحماس وقال :
- يلا نغير هدومنا عشان ننزل تحت نفطر...
وبالفعل نهضت من مكانها وجرت نحو الخزانة لتخرج ملابس خروج لها...
غيرت مايا ملابسها بسرعة قياسية وكذلك كريم...

هبط الاثنان من الجناح الخاص بهما ليتجها الى المطعم الملحق بالفندق ليتناولا طعام افطارهما سويا...
جلس الاثنان على احدى الطاولات حيث جاء النادل لهما بفطور خاص للعرائس...
بدئا يتناولان طعاميهما حينما لمحت مايا احدهم يجلس على الطاولة الاخرى فتجمدت كليا...
كان سعد يجلس على الطاولة المقابلة لهما مقابل مايا ويبتسم لها بخبث...

بالكاد استطاعت مايا ان تبتلع اللقمة بينما شعر كريم بأن هناك خطب مايا فإلتفتت للخلف وشاهد سعد أمامه...
احتدت ملامحه لا اراديا ووجد نفسه ينهض من مكانه بنية الانقضاض عليه لكن مايا ركضت نحوه وأوقفته قائلة بترجي :
- سيبه يا كريم ارجوك...
اخذ سعد يضحك عاليا بشكل جذب انتباه الموجودين اما كريم فوجد نفسه يدفع مايا ويتجه نحوه بملامح تشع غضبا...
- انت بتعمل ايه هنا؟!

سأله كريم بنبرة خطيرة ليجيبه سعد بإستفزاز :
- انا بايت من امبارح هنا، جمب جناحك، حتى أصواتكم كانت باينة عندي...
جذبه كريم من قميصه وأوقفه ثم لكمه بقوة جعلته يتراجع الى الخلف عدة خطوات...
شهقت مايا بصدمة بينما اتجه سعد نحو كريم بعدما مسح الدماء التي تخرج من فمه ولكمه بدوره...
بدأ الطرفان يتبادلان اللكمات حتى تدخل رجال الأمن بينهما محاولين أن يفضوا هذا النزاع القائم...
ابتعد كريم عن الرجال واقترب من مايا وقبض على يدها جارا اياها خلفه متوعدا في داخله لذلك الحقير...

دلف كريم الى جناحه وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب، حرر مايا من من قبضته واخذ يدور في ارجاء الغرفة بطريقة تدل على مدى عصبيته وغضبه...
تطلعت مايا اليه بنظرات قلقة، لم تعرف ماذا يجب عليها ان تفعل، هل تقترب منها وتتحدث معه؟!
أم تتركه حتى يخف غضبه ويهدأ؟!
قررت الاقتراب منه والحديث معه لكنها ما ان سارت نحوه حتى وجدته يقول بغضب وهو يلوح بيده امام وجهها :
- مش عايز اسمع صوتك يا مايا...

ارتعدت مايا كليا عندما سمعت ما قاله لكنها تماسكت وهي تهتف به بجمود من بين أسنانها:
- على فكرة ملوش لزمة تكلمني بالطريقة دي، انا كنت عايزة اهديك مش اكتر...
رد بنبرة يملؤها الغضب :
- وانا مش محتاج حد يهديني...

ثم قال ببرود :
- حاولي متتكلميش معايا وانا بالشكل ده يا مايا والا هتسمعي كلام مش هيعجبك...
تحركت مايا خارج الغرفة وهي بالكاد تخفي دموعها، هاهو يحملها ذنب ما حصل من جديد، يقسو عليها...
سحقا له ولمشاعرها التي بدأت تتحرك نحوه، هو لن يتغير، مهما حدث سيظل كما هو لا يختلف عما عرفته...

خرج كريم من الغرفة بعد مرور اكثر من ساعة، كان يبدو هادئا بشكل مريب، اقترب من مايا الواجمة وجلس مقابلا لها وقال بأسف :
- مايا انا اسف، انا مقصدتش حاجة من كلامي، انا بس مكنتش طايق نفسي ولا طايق حد...
ردت مايا بعصبية تمكنت منها :
- ده كله ميدكش الحق انك تعاملني بالشكل ده، انا مراتك، والمفروض اني من الطبيعي اشاركك فكل حاجة، مينفعش تقولي مش عايز اسمع صوتك...

قاطعها بنبرة ناعمة محاولا امتصاص غضبها :
- انا عارف ده، ومتفهم كلامك، بس حقيقي مكنتش واعي لتصرفاتي، انا لما بغضب مش بكون واعي لأي حاجة، بتصرف بكون وعي...
أشاحت مايا وجهها بعيدا عنه بضيق حقيقي ليقترب كريم منها ويجلس بجانبها ويقبض على ذقنها بأنامله مديرا وجهها ناحيته قائلا:
- لسه زعلانة مني؟!

أجابته وقد تحركت العبرات داخل عينيها:
- انت مشفتش نفسك عاملتني ازاي...
مسك كف يدها وطبع قبلة عليه قبل ان يهتف بترجي :
- انا اسف يا مايا، سامحيني ارجوك...
مسحت عينيها بأناملها برقة ثم قالت بنبرة رقيقة أذابته كليا :
- اسامحك بس بشرط، بلاش تعاملني بالطريقة دي مرة تانيه...
طبع قبلة اخرى على كف يدها وقال :
- حاضر، أي أوامر تانية؟!

اومأت برأسها ليعقد حاجبيه متسائلا :
- ايه كمان؟!
اجابته بجدية :
- توعدني انك تشاركني بكل مشاكلك، فوقت غضبك وضيقك، مش عايزة احس اني بعيدة عنك، فاهمني...
زفر كريم أنفاسه وقال :
- فاهمك يا مايا، فاهمك اووي ..
نهض من مكانه وقال بحماس :
- يلا قومي غيري هدومك، هنخرج نتعشى بره...

سألته بإستغراب :
- هو احنا مش هنرجع الفيلا الليلةة؟!"
اجابها نفيا :
- تؤ، احنا هنفضل هنا الليلة كمان...
ابتسمت بإنشراح ثم قالت بحماس هي الأخرى :
- هغير هدومي بسرعة...
- خدي راحتك عالاخر...

اخرجت مايا فستان زهري اللون قصير يصل الى ما بعد ركبتها...
ارتدته وهي تشعر بسعادة غريبة تسيطر عليها...
تأملت نفسها بالمرأة لتجد السرور واضحا على ملامحها مما زادها رقة وجاذبية...
بدأت بتسريح شعرها الناعم الطويل ووضع المكياج على وجهها...

انتهت من هذا لتتأمل جمالها بملامح مسترخية، قاطعها رنين هاتفها لتحمله فتجد سعد المتصل، حملت الهاتف بسرعة بعدما أخفضت الصوت ثم اتجهت الى الحمام وأغلقت الباب خلفها وأجابت على المكالمة بعدما فتحت صنبور الماء :
- نعم، عايز ايه؟!

جاءها صوت سعد الساخر :
- عايز مكافئة عاللي عملته النهاردو يا عروسة...
مايا بقرف :
- انت فاكر اني مبسوطة باللي عملته؟! انت مين قالك تعمل كده؟!
تطلع سعد الى هاتفه بتعجب ثم قال مبررا :
- انا قلت احرق دمه شوية بدل ماهو حارق دمنا على طول...

زفرت مايا انفاسها على مهل ثم قالت :
- اسمعني يا سعد، انا مش هستمر فحكاية الانتقام دي...
- يعني ايه؟!
سألها سعد مصدوما لترد ببرود :
- يعني مش عايزة انتقم منه خلاص، واعتبر كل الاتفاق اللي بينا منتهي...
- انتي تجننتي يا مايا، ايه اللي تغير ..؟!

هدرت به :
- متعليش صوتك عليا، ثانيا انا حرة انتقم، منتقمش، براحتي...
اغلقت الهاتف لي وجهه ليتطلع اليه سعد بصدمة قبل ان يقول بتوعد :
- طيب يا مايا، انتي اللي ابتديتي...
اما مايا فقد خرجت لكريم...

تأملها وهي تقف أمامه بهذا الثوب المهلك، كانت احلامه تتجسد بها، بها فقط يموت ويحيا، يتنفس ويختنق، بها ملاذه، أمانه، روحه التي ظن يوما انه فقدها...
اقترب منها وطبع قبلة على وجنتها، اما مذاق وجنتيها فكان شيئا أخر، شيء يضاهي مذاق شفتيها...
قبض على كف يدها وسار بها خارج الجناح متجها بها الى المطعم...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول البارت الثامن عشر بقلم سارة علي



في صباح اليوم التالي...
في فيلا عائلة كريم...
هبطت منى الى الطابق السفلي واتجهت الى غرفة الطعام، وجدت زوجها وحسام يتناولان طعام الافطار سويا، اقتربت منهما والقت التحية عليهما ثم جلست بجانب زوجها وقالت بضيق واضح :
- هو كريم مش ناوي يرجع بقى، بقاله يومين بايت بالفندق...


- سيبيه براحته يا منى، هو عريس ومن حقه يستمتع...
قهقهت منى بسخرية وقالت :
- عريس، !! انت صدقت ولا ايه؟!
رمقها الاب بنظرات حادة وقال ببرود :
- ملوش لزمة الكلام ده، الي حصل حصل، دلوقتي هو عريس...
صمتت منى حينما شعرت بانزعاج زوجها بينما تحدث حسام قائلا :
- هما مقالوش بجد هيرجعوا امتى؟!"



هز الاب رأسه نفيا وفي نفس اللحظة دخل كريم ومايا اليهم لتقفز الام من مكانها وتقترب من كريم هاتفة بحب :
- حبيبي واخيرا رجعت...
احتضنها كريم وهو يقول بمرح :
- للدرجة دي كنت واحشك يا ست الكل؟!
ردت الام وهي تربت على كتفه :
- اوي اوي...
نهض الاب من مكانه وقال :
- ادينا فرصة نسلم عليه الاول...


وبالفعل احتضنه الاب وسلم عليه بحرارة، اما منى فاقتربت من مايا وحيتها ببرود نوعا ما فهي لم تنس لها انها حاولت قتل كريم مسبقا...
حيا الاب مايا ايضا وكذلك حسام وجلس الجميع على طاولة الافطار...
تحدث الاب قائلا :
- ان شاء الله تكونوا استمتعوا باليومين اللي فاتوا ..
- جدا يا بابا...

ابتسمت مايا بخجل على ما قاله كريم بينما غمز حسام له بعبث...
تحدثت الام بجدية:
- جهزتلك اوضتك يا حبيبي، تقدروا تستقروا بيها فورا...
- ميرسي اوي يا ماما...
قالها كريم ممتنا لوالدته بينما اشار لمايا قائلا :
- ايه رأيك نروح نريح شوية فوق...
- زي مانت عايز ..
قالتها مايا بوداعة شديدة لينهض كريم من مكانه فتنهض هي معه ويتجها الى غرفتهما في الطابق العلوي...

ما ان دلف كريم الى غرفة نومه حتى هوى بجسده على السرير، اقتربت مايا منه وجلست بجانبه وقالت :
- شكلك تعبان...
اجابها ؛
- اوويي...
ثم اكمل غامزا بخبث :
- بقالي يومين منمتش بسببك...
احمرت وجنتيها كليا وقالت محاولة تغيير الموضوع :
- ايه رأيك تقوم تاخد شاور وبعدين تنام؟!

اومأ برأسه وهو ينهض من مكانه ويخرج ملابس نوم خفيفة من خزانة ملابسه و يدخل إلى الحمام، اما مايا فأخذت تغير ملابسها...
خرج كريم من الحمام ليجدها مستلقية على السرير ويبدو انها تفكر في أمر هام...
اقترب منها وجلس بجانبها متسائلا :
- سرحانة بإيه ..؟!
اجابته دون ان تنظر اليه :
- تفتكر احنا لينا مستقبل مع بعض؟!

تغضن جبينه بتساؤل حائر :
- ليه بتقولي كده؟! اكيد لينا مستقبل مع بعض ولا انتي عندك رأي تانيى...
اعتدلت في جلستها وباتت مقابلة له فقالت بنبرة عفوية:
- انا بقيت حاسة اني مش مكتوبلي اعيش سعيدة ولا افرح، حقيقي بقيت بحس الاحساس ده، فبقيت أخاف من أي حاجة بتحصل حواليا، انت فاهمني...
ابتسم لها وقال:
- فاهمك...

تنهد بصوت مسموع ثم أكمل :
- مش عايزك تفكري بالطريقة دي، ابدا، خليكي واثقة بيا، وانا اوعدك اني مش هخذلك ابدا...
احتضنت وجهه بكفي يديها وقالت :
- شكرا لأنك سمعتني، !
طبع قبلة على كف يدها ثم قال بنبرة ودودة :
- تعرفي انك وحشاني...
ضحكت بخجل وقالت :
- تاني؟!

اومأ برأسه ليقترب منها ويقبلها بخفة، تجاوبت معه كليا وذابت بين احضانه...
- بحبك...
هتف بها بنبرة صادقة نابعة من أعماق قلبه لتبتسم له قبل ان تطبع قبلة رقيقة على شفتيه جعلته ينقض على شفتيه مقبلا اياها بشوق ولهفة ذائبا معها في عالم خاص لا يوجد به سواهما...

خرجت مايا من غرفة نومها تاركة كريم ينام لوحده بعمق...
سارت نحو الطابق السفلي فوجدت منى تجلس في صالة الجلوس لوحدها تتابع التلفاز...
اقتربت منها وقالت:
- مساء الخيرر...
اجابتها منى بجمود:
- مساء النور...
سألتها مايا بتردد :
- تسمحيلي أقعد هنا معاكي...

اشارت منى بيدها نحو الكنبة قائلة :
- اتفضلي...
جلست مايا بجانبها وهي تشعر بالخجل الشديد...
تحدثت منى بنبرة باردة :
- اخبارك حملك ايه؟!
صمتت مايا لوهلة قبل ان تقول بنبرة متلكأة :
- بصراحة انا عايزة اكلمك فالموضوع ده...
تطلعت اليها منى بنظرات غير مرتاحة لتتحدث مايا :
- انا مش حامل...

- ايه؟! انتي بتقولي ايه؟!
سألتها منى مصدومة لترد مايا بعدما ابتلعت ريقها :
- بقول لحضرتك اني مش حامل ..
- كذبتي علينا يعني...
اومأت مايا برأسها لتكمل الام بحقد :
- ويا ترى كريم عارف انك مش حامل...
اجابتها مايا :
- عارف من اول يوم...

ابتسمت منى بتهكم لتجد مايا تقول:
- انا عارفة انك صعب تحبيني، خاصة بعد اللي عملته، وكمان بعد كذبتي دي، بس لازم تفهمي اني عملت كل ده غصبا عني، انا مكنتش حابة انوا تعارفنا يكون كده، ولا كنت حابة اعمل كده...
تطلعت اليها منى بنظرات مستاءة لتكمل مايا بخجل :
- اتمنى انك تسامحيني، وتتقبليني بحياتك...
صمتت منى ولم تجبها بل ظلت تفكر بمايا وتصرفها الغريب، فهل هي صادقة بما تقوله ام إنها تدبر لشيء اخر؟!

مرت ايام عديدة وعلاقة مايا بكريم تتحسن كل يوم اكثر من اليوم الذي قبله...
الغريب ان مايا باتت تشعر بالكثير من المشاعر ناحية كريم ..
مشاعر باتت تفهمها لكنها تخشى الاعتراف بها...
اما كريم فكان يعترف بمشاعره لها في كل لحظة...
يخبرها بحبه وغرامه، بجنونه بها...

استيقظت مايا في احد الايام على صوت هاتفها يرن، تطلعت الى الهاتف لتجد سعد يتصل بها...
كان كريم قد غادر الى عمله صباحا وهي ظلت في فراشها تشعر ببعض الارهاق...
اجابت على الهاتف بعد تردد :
- نعم، عايز ايه؟!
جاءها صوته الساخر :
- وحشتيني، قلت اطمن عليكي...

- سعد بلاش طريقتك دي، قولي بتتصل بيا ليه وعايز مني ايه؟!
جاءها صوته البارد يقول :
- اخبارك ايه مع كريم باشا؟! يا ترى بيعاملك كويس، ولا...
ردت بجمود.:
- بيعاملني احسن معاملة، المهم انت عايز ايه؟!
- عايز اقابلك...
قالت مايا بتهكم:
- لا يا راجل، بالسهولة دي...

رد سعد ساخرا :
- المفروض اني اخد معاد يعني ولا ايه؟
قالت مايا بحدة :
- بعينك ..انا مستحيل اجي واشوفك، ده انا ابقى اتجننت لو عملت كده ..
الا انه قال بثقة لا تعرف من أين جاء بها :
- هتجي يا مايا، وهنشوف...
- مش هاجيى...

- مايا انا بعتلك فويس طويل شوية، ابقي اسمعيه، اووك ..
ثم اغلق الهاتف في وجهها لتتطلع الى هاتفها بقلق واضح قبل ان تعقد العزم على سماع ما ارسله لها...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول المشهد التاسع عشر بقلم سارة علي



فتحت مايا التسجيل الصوتي الذي أرسله سعد لها...
اخذت تستمع اليه بملامح هادئة لا تعكس ما يجول بداخلها من اضطرابات مميتة...
لقد توقعت أن يكون التسجيل يحوي على اتفاقها مع سعد للإنتقام من كريم...


اغلقت التسجيل وهي تأن ألما، لقد وقعت بالفخ الذي اعده سعد لها بكل غباء، والان سوف تضطر الى الاستسلام له وتنفيذ ما يريده منها...
نهضت من مكانها واتجهت نحو الحمام، غسلت وجهها عدة مرات بالماء، جفتت وجهها بالمنشفة ثم أخذت نفسا عميقا قبل ان تخرج من الحمام وتتجه نحو هاتفه، تحمله وتتصل بسعد فيجيبها بسرعة قياسية...


تسأله عما يريد دون مقدمات :
- عايز ايه مني يا سعد؟!
ويجيبها هو ببساطة قاتلة:
- لما أشوفك هقولك...
وهي وحيدة ضائعة خائفة :
- لازم تشوفني؟!
يجيبها بإصرار غريب :
- اكيد لازم، امال هنتفاهم ازاي؟!
تبتلع ريقها بتوتر ثم تسأله بوجوم :
- نتقابل امتى وفين؟!



فيجيبها بجدية :
- بكره، فالشقة اللي قعدتي فيها فترة طويلة، فاكراها؟!
نعم تتذكرها، تلك الشقة اللعينة التي قضا بها ايام هروبها من كريم، ليتها لم تذهب اليها ولم تقع في قبضة هذا الحقير...
- ايوه فاكراها، هجيلك بكره الساعة ستة هناك...

ابتسم بإنتصار قبل ان يغلق الهاتف بوجهها، اما هي فجلست على سريرها بوهن، تفكر بما أوقعت نفسها به، سعد بالتأكيد يخطط لشيء ما، ولكن ما هو لا تعلم...
انه يريد الايقاع بها من جديد، وهي ستكون اكثرر من غبية اذا أوقعت نفسها معه، ولكن ما العمل؟! ماذا ستفعل وكيف ستمنع نفسها من مقابلته؟!
لا يوجد حل امامها سوى أن تذهب اليه وتقابله وتفهم منه ما يريد...
كانت الافكار تعبث بعقلها وقلبها الذي سيطر الخوف عليه، اغمضت عينيها وأخذت تحاول أن تتوصل الى حل نهائي لهذه المشكلة الصعبة...

اغلق سعد هاتفه وهو يبتسم بزهو...
ستأتي مايا وسيحقق مراده المنتظر...
عاد بذاكرته الى الخلف ليتذكر ما حدث قبل فترة طويلة...
حينما جاءته مايا يومها تطلب منه أن يساعدها بعدما ضربت كريم...
مال زال يتذكر كيف جعلها تقيم في شقة إستأجرها مخصوصا لها ولعائلتها...
وتذكر حديثه معها أيضا...

- يعني انتي عايزة تخلصي من كريم...
سألها بدهشة مصطنعة لتهتف مؤكدة جميع ما قاله :
- ايوه وبأسرع وقت...
- وعايزاني أساعدك؟!
ردت مايا بتأكيد :
- ياريت...
ثم نهضت من مكانها وقالت بجدية :
- كريم دمرنا احنا الاتنين، واحنا لازم ننتقم منه...
التفتت نحوها بعد تفكير وقال :
- مايا انتي عارفة اني...

صمت قليلا لتكمل نيابة عنه :
- انك بتحبني...
اومأ برأسه مؤكدا ما قالته لتكمل :
- وانا بردوا لسه بحبك...
- طب واللي عملته معاكي؟
ردت بحيادية غريبة :
- انا مش هنكر اني لسه مش مستوعبة اللي عملته، غير اني مش هقدر بسهولة اغفرلك اللي عملته، انت اتخليت عني وقت ما استنجدت بيك...
قال مبررا فعلته القذرة :
- انا عملت كده عشان شفت صورك معاه، شفتك وانتي فحضنه بقميص النوم، كان لازم اصدق كلامه، مكنش قدامي حل تاني...

- كان لازم تواجهني، تكلمني، مش تسلمني ليه، مش تبيع وحده استنجدت بيك...
أخفض رأسه خجلا منها واستياءا من نفسه لتكمل :
- على العموم احنا لازم ننسى اللي حصل ونفكر باللي جاي، ده عشانا احنا الاتنين، كريم مش هيسيبنا، واحنا لازم نحلص منه قبل ما هو يخلص علينا...
عاد بتفكيره الى الوقت الحاضر وهو يتذكر كيف اتفق معها على كل شيء، ولكن بذكاءه سجل لها هذا الحوار فهو كان لديه شعور بأنه لا تقول ما ستفعله وبالفعل كان تفكيره في محله...

دلف كريم الى غرفة نومه ليجد مايا تجلس على السرير تفرك يديها الاثنتين بتوتر...
اقترب منها لتقف في وجهه، طبع قبلة على وجنتها وقال :
- وحشتيني...
اجابته بإبتسامة واهية:
- انت اكتر...

- مالك؟! شكلك بيقول انك مش كويسه...
تنهدت بتعب ثم قالت بجدية :
- ابدا تعبانة شوية...
سألها بقلق واضح وهو يحرك يده على جانب وجهها :
- مالك بس ..؟! انتي من الصبح مرهقة، اطلبلك دكتور؟!
هزت رأسها نفيا وقالت :
- مش عايزة، هبقى كويسه اكيد...

ثم اكملت وهي تحتضنه وتخفي دموعها :
- انا اسفة...
ابعدها عنه متأملا وجهها الاحمر بملامح متعجبة :
- اسفة ليه؟! بتعتذري ليه يا مايا؟! هو فيه حاجة حصلت؟!
اومأت برأسها ليسألها بقلق :
- حصل ايه؟! احكي يا مايا...
استدارت مولية اياه ظهره وهتفت بمرارة :
- مش هقدر احكي...

وضع كف يده على كتفها فشعر بتشنجها ليزداد قلقه اضعافا فيسألها بنبرة خافتة :
- اتكلمي يا مايا، اتكلمي ارجوكي...
- مش هقدر...
انهارت باكية امامه ليحتضنها وهو يحاول تهدئتها...
بدأ يتوسل بها أن تخبرها ما حدث لتهتف من بين دموعها اللاذعة :
- لو قلتلك مش هتفهمني ولا هترحمني...
- انتي عملتي ايه يا مايا؟!

سألها بشك تملك منه لتجيبه وهي تمسح دموعها بأناملها :
- عملت حاجة صعبة اووي، حاجة مستحيل تسامحني عليها...
بدأ ينفذ صبره فسألها بعصبية :
- مايا انا بقيت على اخري، اتكلمي ارجوكي...
- سعد...
اشتعلت عيناه غضبا ما ان ذكرت اسمه ليسألها بنبرة خطيرة :
- ماله؟!
مدت له هاتفها وقالت :
- اسمع الفويس ده...

اخذ الهاتف منها وشغل التسجيل الصوتي ليسمع ما به...
كان يسمع الحوار الدائر بينهما بملامح قاتمه، جسده يرتجف بالكامل من هول ما يسمعه...
اغلق الهاتف ورماه على السرير...
- ليه؟!
قالها بعد صمت طويل لتهتف ببكاء :
- كنت عايزة انتقم منك ومنه، كنت عايزة اخلص منكم، واخد حقي منكم...
ابتسم ساخرا :
- ده تبريرك للي حصل...
- ده مش تبرير، ده حقيقة...

مسحت دموعها بقوة :
- انا كان لازم اخد حقي منك، ومنه هو كمان، انتوا دمرتوني، سرقتوا احلامي وحريتي، أخدتوا كل حاجة مني، حتى سمعتي، كان لازم ادمركم انتوا كمان...
كان يستمع الى حديثها وهو يعتصر قبضة يده بقوة، لقد خدعته، استغلت حبه، خانته مع الذ اعداءه...

سمعها تكمل :
- بس اقسم بالله ده كله تغير، انا شلت الموضوع ده من دماغي، من ساعة يوم الفرح، ساعة متكلمنا، قررت اني اسامحك، اغفرلك اللي عملته...
ابتسم بسخرية وقال:
- لا برافو، خير ما عملتي...
وقفت امامه ترجوه ان يسامحها :
- كريم انا عارفة اني غلطت...
صفعها بقوة على وجنتها لتنساب دموعها مرة اخرى...
- ليه دلوقتي حكيتي؟! ليه؟!

صرخت بضعف :
- عشان بيهددني...
قبل ان تنهار باكية :
- ايوه سعد بيهددني، بيهددني انوا يفضحني قدامك...
- وليه مفضحكيش؟!
سألها وهو يمسكها من ذراعها بقوة :
- عشان طلب انوا يقابلني انا وافقت...
- وقابلتيه؟!
سألها بنبرة مشتعلة لتهز رأسها نفيا وتقول :
- ابدا والله، كان المفروض اقابله بكره...

تركها اخيرا ليهتف :
- اخرجي دلوقتي من هنا يا مايا...
- كريم...
- ابعدي عن وشي دلوقتي...
- كريم ارجوك...
هتفت بها بتوسل ليهتف بغضب:
- انا خارج وسايبهالك...
ثم خرج لتنهار باكية على ارضية الغرفة...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الحلقة العشرون بقلم سارة علي



بعد مرور يوم كامل...
وقفت سعد أمام باب الشقة في تمام الساعة السادسة مساءا، في الوقت الذي حددته مايا لتقابله...
فتح الباب بالمفتاح ودلف الى الداخل ليجد المكان خاليا...
- مايا...
صاح بتوجس وهو يتجه نحو غرفة النوم حينما تصنم في مكانه وهو يشعر بأحدهم يقف خلفه وهو يهتف بتهكم :
- مفيش مايا...

التفت سعد نحوه ببطأ قبل ان يكمل الاخير ما ان اصبح مقابلا له :
- فيه انا، انفع؟!
ابتلع سعد ريقه وقال بنبرة مشوشة:
- أنت بتعمل ايه هنا؟!
اجابه كريم وهو يقترب منه ويعبث بياقته :
- جاي عشان أربيك...
دفعه سعد بعيدا عنه وهتف :
- انت تجننت...
ليرد كريم بنبرة قويةة:
- لا انا صاحي وصاحي اووي كمان...


ابتلع سعد ريقه بتوتر سيطر عليه رغما عنه قبل ان يهتف بنبرة متماسكة :
- لو فاكر اني هخاف منك تبقى غلطان، انا مبخافش منك ولا هخاف...
ثم اردف بنبرة ماكرة :
- بالعكس انت اللي لازم تخاف...
ضحك كريم عاليا قبل ان يقول من بين ضحكاته :
- انا اخاف، تبقى متعرفنيش كويس...



ملأ الحقد نظرات سعد الموجهة نحو كريم قبل ان يرد بنبرة كارهة :
- لا طبعا كريم باشا مبيخافش، كريم باشا بيأذي وينتهك حرمة ناس من غير ميخاف...
- انت اخر واخد ممكن يتكلم بالقيم والاخلاق يا سعد، لأنك متعرفش اصلا يعني ايه قيم واخلاق وحرمة ناس...
ثم اردف بنبرة ذات مغزى :
- عالاقل انا مبعتش حبيبتي لراجل تاني عشان الفلوس، !

اعتصر سعد قبضة يده بقوة وهو يحاول التماسك مرارا امامه اما كريم فابتسم بإنشراح وهو يرى تأثير كلماته واضحة على سعد...
- انت عايز ايه؟!
سأله سعد بنبرة مستهجنة ليرد كريم :
- انت اللي عايز ايه؟! بتحوم ورا مراتي ليه؟!
رد سعد بنبرة فاترة :
- مراتك هي اللي استنجدت بيا وطلبت مني أخلص منك...


ابتسامة مريرة تكونت على شفتي كريم وهو يهتف:
- عارف...
ثم اردف :
- وعارف كمان انك وافقتها عاللي طلبته ولما رفضت تكمل الاتفاق هددتها بالفويس اللي معاك...
- هي اللي حكتلك ..
اومأ كريم برأسه وهو يكمل مؤكدا على ما يجول بخاطر سعد:
- مقدرتش تخوني...
- حبتك؟!

سأله سعد بملامح مترددة ليرد كريم بثقة :
- عندك شك فده؟!
ابتلع سعد ريقه وقال محاولا تغيير الموضوع :
- انت جيت بدالها ليه؟! عشان تحميها مني؟!
- شيء ميخصكش...
قالها كريم بصرامة ثم أردف :
- قولي عايز ايه، او بالاحرى عايز كام وتشيل مايا من دماغك؟!

رد سعد بسخرية :
- لا فلوس انا اكتفيت منها، مبقتش محتاجها...
- امال عايز ايه؟!
- مايا، عايز مايا...
وقبل ان ينتهي من كلامه كان كريم يلكمه على وجهه بقوة، نهض سعد من مكانه ارضا وهو يمسح دماء انفه بيده قبل ان يبتسم بتشفي لكريم ويهتف به بتهكم مقصود :
- مشكور يا باشا، مقبولة منك، كله مقبول منك...

قبض كريم عليه من ياقة قميصه ثم قال بنبرى هجومية مندفعة :
- انا ممكن اقتلك هنا فمكانك، ومحدش هيحاسبني عليك، اهدى واحترم نفسك بدل ما اوريك اللي عمرك مشفته...
ابتسم سعد كمن لا شعور له وقال بلا مبالاة :
- اعمل فيا اللي أنت عايزه، انا مش هتنازل عن مايا مهما حصل...

هنا لم يتحمل كريم ما سمعه فأخذ يسدد لكماته لسعد، لكمات لم يقاومها سعد بل استقبلها بإستسلام تام...
ابتعد عنه كريم اخيرا لينهار سعد على ارضية المكان فبصق كريم على وجهه ثم حمل نفسه وخرج من المكان وهو يتوعد لسعد بأنه سيأخذ حقه منه كاملا ولكن فالوقت المناسب...

دلف كريم الى غرفة نومه ليجد مايا جالسة على السرير واضعة رأسها بين كفي يديها...
رفعت رأسها ما ان شعرت بوجوهه فظهر وجهها الباكي لتنتفض من مكانه وهي تقترب منه وتهتف به :
- عملت ايه؟!
ابعد ذراعه من يدها وقال بإقتضاب :
- ميخصكيش...

مايا وهي تتوسله :
- ارجوك متعملش معايا كده، انا عارفة اني غلطت بس متعاقبنيش بالطريقة دي...
اطلق تنهيدة طويلة قبل ان يلتفت نحوها ويهتف بها ببرود :
- لمي هدومك...
- ليه؟!
سألته بنبرة غير مستوعبة لما تسمعه فيهتف بها :
- هتروحي بيت اهلك...
- ليه؟!

كررتها بتوجس ليرد بما جعل الدم يهرب من عروقها :
- هطلقك...
هزت رأسها نفيا وقالت بدموع لاذعة :
- لا مستحيل، انت مش هتطلقني، لا يا كريم ارجوك بلاش تعمل كده...
- امال عايزاني اعمل ايه ..؟!
قالها بنبرة هادرة ونفاذ صبر لترد ببكاء :
- عاقبني زي مانت عايز بس خليك جمبي...

ابتسم بتهكم وقال بمرارة:
- بعد ما خنتيني، طعنتيني فظهري...
قبض على ذراعها بقسوة وقال بنفور بينما عيناه بدتا ناريتين :
- انا كان لازم اقتلك عاللي عملتيه، بس انا رحمتك من الموت...
- كريم انا بحبك...

قالتها بنبرة مرتجفة خجول ودموعها توقفت عن الجريان ليبتسم بسخرية مريرة ويقول :
- للاسف اتأخرتي اووي...
مسحت وجهها بباطن كفيها ثم قالت وهي تهز رأسها عدة مرات يمينا ويسارا :
- لا متأخرتش، انا بحبك وانت بتحبني، وهتسامحني...
- حطي نفسك مكاني...

اخذت نفسا عميقا وقالت :
- انا استحملت حاجات كتير منك، الي عملته فيك ميجيش ربع اللي عملته فيا، ومع كده انا سامتحك، سامحتك عشان حبيتك...
قالت جملتها الاخيرة بدموع محصورة قبل ان تهتف بألم :
- انت كمان لازم تسامحني، تسامحني زي ما سامحتك...
أشاح وجهه بعيدا عنها لتكمل بتوسل :
- سامحني المرة دي يا كريم، سامحني زي ما سامحتك...
- لمي هدومك يا مايا...

هزت رأسها نفيا مرة أخرى وقالت غير ابهة بصرامته :
- لا مش هلمها، ومش هروح اي مكان، انا هفضل هنا جمبك، مش هسيبك...
قال بنبرة عصبية عنيفة :
- قلت لمي هدومك، عشان تروحي بيت اهلك...
قررت ان تستخدم اخر ورقة ضغط لديها فهتفت اخيرا :
- انا حامل...

ضحك عاليا قبل ان يقول :
- بطلي بقى، بطلي كدب وخداع...
- انا مش بكدب يا كريم، انا حامل...
قالتها مؤكدة كل حرف صدر منها ليكمل هو بإستهزاء :
- لا بجد، حامل، من مين ان شاء الله؟!
بهتت ملامحها وقالن :
- يعني ايه من مين؟! اكيد منك...
دفعها بعيد عنه وقال مصرا على تكذيبها :
- دي لعبتك الجديدة، صح؟! بس انا فاهمك، وعارف انك لا كنتي ولا هتكوني حامل...

- اقسم بالله العظيم انا حامل...
أقسمت له بنبرة صادقة قبل ان تتجه نحو الحمام وتخرج منه بعد لحظات وهي تحمل جهاز كشف الحمل لتضعه امام عينه وتهتف مشيرة الى الجهاز :
- بص ده الجهاز بيأكظ اني حامل...
جحظت عيناه بصدمة قبل ان يهتف بها بنبرة جنونية وهو يقبض على ذراعها :
- حامى ازاي؟! انطقي يا مايا...

- يعني يه حامل ازاي؟!
- حامل ازاي وانا عقيم يا مايا؟!
- انت بتقول ايه؟!
قالتها وهي تحرر ذراعها من قبضته ليهتف بها بتأكيد :
- انا عقيم يا مايا، عقيم...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الفصل الحادي والعشرون بقلم سارة علي



- انت بتقول ايه؟! انت بتكدب عليا تاني؟!
صرخت بها غير مصدقة لما تسمعه، هو بالتأكيد يكذب عليها، يخدعها من جديد...
- طب وحبوب الحمل، اديتهالي ليه لما انت عقيم؟!
سألته بعدما هدأت قليل ليجيبها ببساطة :
- عشان متشكيش بيا وتكشفي سري اللي خبيته عن الكل...
- ويوم اللي شكيت اني حامل وخدتني للدكتور؟!


أجابها ببساطة :
- كنت فاكر انك حامل من حد تاني فإضطريت اخدك واتأكد...
- كنت بتلعب عليا من الاول ..
هتفت بها بعدم تصديق قبل ان تكمل وهي تضع يدها على بطنها :
- بس انا حامل، حامل منك...
صرخ بها :
- كدب، انا عقيم وانتي لا يمكن تكوني حامل مني...
اومأت برأسها نفيا وقالت :
- انا حامل منك يا كريم وانت لازم تصدقني...
ثم أردفت بشرود :
- ولو مصدقتنيش هتبقى بتقضي على كل حاجة بينا...



حاول ان يستوعب ما قالته، هي تصر على قولها، تؤكد انها تحمل طفل في احشائه، لكن كيف وهو عقيم، غير قادر على الانجاب...
ركض خارج الغرفة ثم عاد بعد لحظات وهو يحمل ملف في يده، أعطاها الملف وقال :
- الملف ده بيأكد إني عقيم، مبخلفش...
رمت الملف عليه وقالت :
- كل ده ميهمنيش، اللي اعرفه انوا محدش لمسني غيرك، واني حامل بإبنك...

ثم أردفت :
- ولا انت بتشك اني حامل من غيرك، انت لسه زي مانت بتشك فيا...
قالت جملتها الاخيرة ببكاء ليستوعب اخيرا ما يفعله..
هو الان على مشارف ان يخسرها إلى الابد، لو كذبها ..
- اهدي يا مايا، اهدي وخلينا نتفاهم...
صرخت به :
- لا مش ههدا، انت هتيجي معايا فورا، وتكشف عند الدكتور، احنا لازم نتأكد من التقارير دي، وانا واثقة انوا فيه غلط...

رد بعناد :
- انا مش مستعد اهين كرامتي مرة تانية عند الدكاترة...
لتقول هي :
- يعني لسه عندك شك انك عقيم، وانوا الطفل ده مش ابنك ..
رفع بصرها نحو الأعلى بنفاذ صبر لترد بعناد اكبر :
- مفيش حل تاني غير ده وانت هتعمله، مش عشاني لا عشان ابنك...
ثم قالت بنبرة أمرة :
- غير هدومك عشان هنروح عند الدكتور دلوقتي حالا، '

اوقف كريم سيارته امام عيادة احد الاطباء المختصين بمجال العقم والأمراض الذكورية...
التفت نحو مايا وقال بنبرة حادة قليلا :
- مش هتنزلي؟!
ردت ببرود :
- مستنيتك تنزل الاول...
ثم فتحت باب السيارة وهبطت منها ليهبط هو الاخر من سيارته...

اتجه الاثنان الى عيادة الطبيب، دلفا اليه وأخبراه ان كريم يريد اجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من قدرته على الانجاب وبالفعل كتب الطبيب لهما الفحوصات اللازمة التي قررت مايا ان يجريها كريم في صباح اليوم التالي...

عاد الاثنان الى المنزل، دلفا الى غرفة نومهما، كان الوجوم واضحا على كليهما، اتجهت مايا نحو خزانة الملابس واخرجت بيجامة لها ثم دلفت الى الحمام وغيرت ملابسها وفعل كريم المثل في الغرفة...
خرجت من الحمام وهي ترتدي بيجامتها لتجد كريم جالسا على الكرسي ينتظر خروجها...
تطلعت اليه بلا مبالاة واتجهت نحو السرير لتتدثر تحت اغطيته بنية النوم...

نهض كريم من مكانه ووقف قبالا لها وقال بتهكم :
- لا وليكي نفس تنامي كمان...
اعتدلت في جلستها وقالت:
- اكيد ليا، انا وحدة حامل ومحتاجة انام كتير، ده عشاني وعشان ابني...
لا يعرف لماذا رق قلبه حينما جاءت على ذكر الطفل...
هل لأن هذا الطفل سيكون ابنه ..؟! هل هو واثق من كونه ابنه الى هذه الدرجة ..؟!
ابتعد عنها بشرود تام وحيرة تمكنت منه، حقيقة هو لم يعد يعرف نفسه ولا كيف يفكر...

مر ثلاثة ايام حتى ظهرت نتيجة التحاليل التي اجراها كريم، اخذ كريم نتيجة التحاليل وقلبه يدق بعنف...
هذه النتيجة ستحسم كل شيء، اتجه بها الى الطبيب، دلف اليه واعطاه نتيجة التحاليل فبدأ الطبيب يقرأها بينما كريم ينظر اليه بترقب...
انتهى الطبيب من قراءة نتيجة التحاليل ليغلق الطبيب الاوراق ويضعها على المكتب بينما يشير الى كريم قائلا :
- مبروك نتيجة التحاليل بتثبت انك سليم من اي مرض عضوي يمنعك من الانجاب...

تنهد كريم بصوت مسموع، لا يصدق ما سمعه، لقد تأكد اخيرا، مايا تحمل طفله بين احشائها، وهو سيصبح اب، أدمعت عيناه بقوة، لا يصدق كرم الله معه، لم يصدق نفسه، نهض من مكانه وشكر الطبيب بملامح فرحة مشرقة قبل ان يخرج من عنده متجها نحو مايا دون ان يأخذ التقارير من عند الطبيب حتى...
لا يعرف كيف قاد سيارته دون ان يصدم احدهم من فرط فرحته وسعادته...

اوقف سيارته امام الفيلا وهبط منها راكضا الى الداخل، اتجه الى غرفة نومه حيث توجد مايا غير مباليا بوالدته التي تنادي عليه، جل ما يهمه ان يرى مايا، أن يخبرها بأنه علم الحقيقة...
فتح الباب ودلف الى الداخل ليجدها جالسة على الكرسي تعبث بهاتفها، تقدم نحوها بينما فزعت هي من منظره لينخفض بجسده الى الاسفل ويضع رأسه عند بطنها ويقبلها ثم يحتضنها بلهفة شديدة...

ارتجف جسد مايا كليا من هول الموقف بينما اعتدل كريم واقفا لتظهر الدموع التي خبأاها داخل عينيه...
احتضن مايا بقوة وقال :
- انا مطلعتش عقيم يا مايا، مطلعتش عقيم...
ثم حررها من بين احضانه وأكمل :
- انا مش مصدق نفسي، مش مصدق اني هبقى اب، انا فرحان اوي يا مايا، فرحان اوي...
- الدكتور قالك كده؟!"

اومأ برأسه قبل ان يجذبها نحوه ويطبع قبله على جبينها ثم يهتف بصدق :
- انا بحبك اوي يا مايا، انتي احلى حاجة حصلتلي...
ابعدته عنها وقالت:
- خلصت...
تعجب من نبرتها الجافة الباردة ليجدها تهتف :
- طلقني...
جحظت عيناه بصدمة مما يسمعه فهتف بها بعدم تصديق :
- انتي تجننتي، طلاق ايه اللي بتتكلمي عليه دلوقتي...

ردت عليه ببساطة :
- طلقني عشان انا مستحيل اعيش مع واحد زيك...
حاول ان يسيطر على اعصابه كي لا يقول ما يزيد الامر بينهما سوءا فقال بنبرة لطيفة :
- مايا حبيبتي ينفع تهدي شوية، ملوش لزمة الكلام ده...
- انا لا حبيبتك ولا زفت، انا مجرد وحدة اشترتها بفلوسك بتشك فيها بكل لحظة وكل ثانية وبتتهمها كل مرة اتهام ابشع من اللي قبله...

ثم اردفت بجدية :
- انا استنيت نتيجة التحليل تظهر عشان اطلب الطلاق منك، عشان اخرج من هنا وراسي مرفوع...
تطلع اليها بنظرات ترجوها ان تعدل عما طلبته لكنها ابت وقالت :
- انا مش هقدر اعيش معاك يا كريم بعد ما شكيت اني حامل من غيرك، وياريتك شكيت مرة واحدة لا انت شكيت اكتر من مرة...
- مايا...

قاطعته برجاء حار:
- طلقني يا كريم، طلقني من فضلك احنا مينفعش نكون سوا، لا انت هتثق بيا ولا انا هقدر استحمل شكوكك ..
- مايا انا تغيرت، اقسملك بالله مش هشك بيكي تاني، انا كان ليا اسبابي وانتي عارفاها...
ابتسمت بمرارة وقالت :
- وانا مش مستعدة اكون ضحية ست تانية، انا اسفة...

ثم اتجهت نحو خزانة الملابس، اخرجت ملابسها ووضعتها في حقيبة كبيرة، اغلقت الحقيبة ثم غيرت ملابسها، بينما كريم واقف يراقبها بملامح مهزومة...
قررت اخيرا الخروج لكنه وقف بوجهها يرجوها لاخر مرة :
- عشان خاطر ابننا يا مايا...
- عشان خاطر ابننا انا بعمل كده...
ثم حملت حقيبتها ورحلت...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الجزء الفصل الثاني والعشرون بقلم سارة علي



دلفت كريم الى شقة عائلتها لتجد اختها نايا امامها تنظر إليها بذهول تام قبل ان تتجه نحوها وتحمل الحقيبة منها وتهتف بتساؤل :
- حصل ايه؟!
اجابتها نايا وهي تجلس على الكنبة بإرهاق :
- طلبت الطلاق...
- ليه؟!
صرخت نايا بعدم تصديق لترد مايا وهي تضع يدها على بطنها :
- انا حامل...


خرجت سعاد والدتها في نفس التوقيت لتقول نايا :
- ماما الحقي، مايا حامل وكمان طلبت الطلاق...
لطمت الام على صدرها وقالت:
- حامل، ازاي؟!
ردت مايت بجمود :
- زي ما كل الناس بتحمل...
ثم اردفت بوجع :
- انا تعبانة اوي ومحتاجة ارتاح...



- لازم تفهمينا الاول ايه اللي بيحصل، انتي قلتي انط هتنتقمي منه مقلتيش انك هتحملي...
قالتها الام بعصبية بالغة وهي تفكر بأنها لم تعد تفهم شيئا من ابنتها اما مايا فظهر عليها التوتر وقالت:
- حصلت حاجات كتير وتغيرت حاجات الفترة اللي فاتت...
جلست الام بجانبها وقالت بتساؤل :
- حصل ايه؟!

اجابتها مايا بدموع وهي ترمي نفسها داخل احضانها :
- انا تعبانة اوي، تعبانة اوي يا ماما...
احتضنتها الام بشفقة كبيرة واخذت تربت على ظهرها لتهتف اخيرا بها :
- متعيطيش يا مايا، اهدي يا حبيبتي، اهدي وفهمينا ايه اللي حصل...
بعد مرور فترة قصيرة استعادت مايا توازنها واخذت تسرد لوالدتها واختها ما حصل بدءا من يوم زفافها على كريم...
- حبتيه؟!


سألتها والدتها بجدية بعدما انهت مايا حديثها لتحمر وجنتا مايا وهي تجيبها :
- مش عارفة، ظ
تنهدت الام بصوت مسموع وقالت :
- كان لازم تحطي كل ده فبالك قبل ما تفكري تحملي، لما انتي عارفة انوا طبعه كده حملتي ليه؟
- انا مش ناقصة تأنيب ضميرر، !
قالتها مايا بضيق لترد والدتها :
- انا من حقي أانبك يا مايا، انتي حامل دلوقتي وفيه طفل لازم تتحملي مسؤوليته، وانتي عارفة انها مسؤولية كبيرة...

ردت مايا بعناد :
- وانا اقدر اتحمل المسؤولية دي لوحدي...
- طب وابوه؟!
سألتها مايا بتردد لترد مايا بقوة :
- ابوه هيفضل ابوه وانا مش همنعه عنه...
ثم حملت نفسها واتجهت نحو غرفة النوم الخاصة بأختها تاركة والدتها ونايا ينظران الى بعضيهما بحيرة...

في صباح اليوم التالي...
كانت نايا تسير في جامعتها متجهة الى الكافيتريا حينا وقف في وجهها احدهم...
- شادي، !
هتفت بها نايا بتعجب من وقفته هكذا في وجهها ليبتسم لها ويقول :
- ممكن نتكلم شوية ..
ردت بعفوية :
- اه طبعا...
- تحبي نتكلم فين؟!
سألها بجدية لتشير نحو الكافيتريا وتقول :
- نتكلم فالنادي ايه رأيك؟!
- تمام...

اتجه الاثنان الى النادي ليجلسا امام بعضيهما على احدى الطاولات...
تحدث شادي :
- نايا انا بحبك، وعايز ارتبط بيكي...
شعرت نايا بالاحراج منه ومن اندفاعه هكذا، تنحنت بحرج وقالت :
- بس انا مرتبطة اصلا يا شادي...
- تقصدي حسن صح ..؟!

سألها ساخرا لترد بأيماءة من رأسها فقال بتهكم :
- بس حسن مبيحبكيش، ده بيلعب بيكي...
قالت له نايا بعصبية :
- من فضلك متتكلمش عنه بالشكل ده...
حاول مسك يدها وقال :
- نايا انا بحبك اوي...
ابعدت يدها عن يده وقالت بنبرة هادئة :
- وانا بحب حسن...
- طب فكري بكلامي...

- أفكر بإيه يا شادي، بقلك انا بحب حسن وهو بيحبني، وهنتجوز بعد التخرج، انت فاكرني من البنات اللي بيلعبوا وكل يوم مع واحد شكل ..
قالت جملتها الأخيرة ببعض العصبية فأجابها نافيا :
- اكيد لا، انا عارفك وعارف اخلاقك عشان كده حبيتك وقررت اتجوزك...
نهضت نايا من مكانها وقالت :
- وانا مش موافقة اتجوزك، وياريت تشيل الموضوع ده من دماغك...
ثم اتجهت خارج المكان ليتابعها شادي وهي ترحل من امامه قبل ان يهتف بينه وبين نفسه :
- كده مقداميش غير الحل ده يا نايا عشان تبقي ليا...

وقف كريم اماك شقة عائلة مايا وهو يحمل بيده باقة ورد مميزة...
ضغط على جرس الباب لتفتح له سعاد الباب...
تأملته بنظرات حادة قبل ان تهتف :
- نعم يا كريم بيه، عايز ايه؟!
تنحنح كريم بحرج من هذه المقابلة السمجة فقال بتردد :
- عايز مايا، محتاج اتكلم معاها...

ردت الام :
- ومايا مش عايزة تشوفك، كفاية اللي عملته بيها لحد دلوقتي، عايز ايه منها تاني...
- يا طنط ارجوكي...
لكن سعاد كانت متحاملة عليه فهي تحمل في جبعتها الكثير نحوه...
- لو فاكر اني ناسية اللي عملته فبنتي وابتزازك ليها تبقى غلطان، انت دمرت حياتنا، ودمرت بنتي...
خرجت مايا على صوت والدتها وقالت:
- ماما من فضلك سيبينا لوحدنا...

تركتهما الام لوحديهما على مضض بينما كتفت مايا ذراعيها قائلة بتساؤل مقتضب:
- نعم، عايز ايه؟!
اعطاها باقة الورد وقال :
- ده ليكي ..
تناولته مايا منه وقالت :
- اتفضل، عايز تقول ايه...
- مايا انا بحبك، بحبك ومش مستعد اني اخسرك ..
- انا اسفة يا كريم، بس كلامك ده معدش ينفع معايا ولا يأثر بيا...

كريم بتوسل :
- متعمليش كده يا مايا، انتي اكتر وحدة اني اللي عملته مكانش بإيدي، وعارفة اني بحبك اكتر من اي شيء...
ثم اردف :
- متنسيش اني كمان سامحتك على اتفاقك مع سعد...
ازداد غضبها اضعافا وهي ترد عليه :
- انت نسيت عملت فيا ايه، نسيت ولا افكرك يا كريم بيه، اللي عملته كان رد فعل طبيعي على عملتك...
- واعترفت بغلطي واعتذرتلك، مش المفروض تسامحيني بقى...

هزت مايا رأسها نفيا وقالت:
- صعب اسامحك، صعب اوي يا كريم...
- مايا ارجوكي...
- روح يا كريم، روح احسنلك...
- مش قادر، مش قادر اروح، انا محتاجك يا مايا، انا مش هعرف اعيش من غيرك...
تماسكت مايا بقوة حتى لا تضعف امامه ثم قالت :
- الكلام ده معدش ينفع، انا اسفة...
ثم اغلقت الباب في وجهه وانهارت باكية...

بعد مرور يومين...
في احد المصانع المتهالكة...
دلف شادي الى داخل المصنع ليجدها امامه يداها مقيدتان وكذلك قدماها...
ابتسم بسخرية وهو يراها تنظر اليه بصدمة قبل ان تهتف بعدم تصديق :
- انت ..؟!
- ايوه انا يا نايا...
- ازاي؟!

سألته نايا بذهول ليرد ببساطة :
- شادي يقدر يعمل اي حاجة، كلمت رجالتي وخليتهم يراقبوكي، واتفقت معاهم يلحقوكي ويخطفوكي ويجيبوكي هنا...
- انت بتعمل كده ليه؟!
سألته نايا بخوف :
- عشان بحبك وعايزك...
- بس انا مش بحبك ومش عايزاك...
ابتسم بتهكم وقال :
- قريب اوي هتحبيني وهتعوزيني خاصة بعد اللي هعمله...
- هتعمل ايه؟!

سألته نايا بتوجس ليشير الى رجاله ان يخرجوا من المكان فينفذوا اوامره ويخرجوا بالفعل...
اما هو فاقترب منها وفك يديها وقدميها ..
ارتدت الى الخلف وهي تراه يبدأ بفك ازرار قميصه ليهتف :
- تؤتؤ يا بيبي، متخافيش...
- انت هتعمل ايه يا شادي؟!

سألته بإرتجاف واضح ليرد وهو يخلع قميصه ويقترب منها :
- قلتلك هخليكي تحبيني وتعوزيني...
ثم اتقض عليها وسط صراخها وتوسلاتها ان يتركها...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الجزء البارت الثالث والعشرون بقلم سارة علي



في صباح اليوم التالي
دلف كريم الى منزله ليجد والده ووالدته واخيه حسام أمامه جالسين في صالة الجلوس ويبدو عليهم التأهب لإنتظاره...
سار بخطوات لا مبالية نحو السلم مارا بهم لكنه توقف على صوت والده وهو يقول بنبرة حادة :
- استنى عندك...
توقف كريم في مكانه صامتا للحظات قبل ان يستدير نحو والده ببطء ويقول بنبرة باردة :
- اتفضل...


قال الاب بعصبية:
- انت فاكر نفسك قاعد فين؟! فالفندق؟!
اجابه كريم وهو يحك ذقنه :
- حصل ايه يا بابا عشان كل ده؟!
اجابه الاب بضيق :
- حصل انوا حضرتك مش بتجي البيت غير كل فين وفين، محدش عارف مالك و لا ايه اللي بيحصل معاك...
تدخلت منى في حديثه قائلة :
- اهدى شوية وخلينا نفهم ماله الاول...



قال كريم وهو بالكاد يحاول ألا ينفجر بهم :
- انا مليش حاجة، انا كويس زي مانتوا شايفين...
- طب ومراتك اللي سابت البيت فجأة؟!
سأله الاب بخشونة ليرد كريم :
- مايا طلبت الطلاق...
- ليه؟!
سأله حسام بدهشة ليرد كريم ببرود :
- دي حاجة خاصة بيني وبينها...

هدر الاب به بغضب :
- يعني ايه حاجة خاصة بينك وبينها؟! مش كفاية انك اتجوزتها من ورانا، كمان هطلقها من غير منعرف السبب...
صاح كريم بغضب وقد فقد اعصابه :
- يعني اعملك ايه يا بابا، لا كده عاجب ولا كده عاجب، انت عايز ايه بالضبط؟! عايزني اسيبلك البيت واختفي من حياتك؟!
صاحت الان بأسى :
- ايه الكلام اللي بتقوله ده يا كريم؟! لا طبعا يا حبيبي ده بيتك ومينفعش تسيبه...

ا الاب بصرامة :
- اسكتي انتي، خلينا نفهم منه كل حاجة الاول...
رن هاتف كريم فأخرجه ليجد المتصل مايا، أجابها بسرعة ولهفة غير عابئ بكلام والده فجاءه صوتها الباكي :
- كريم الحقنا...
سألها بخوف :
- مالك يا مايا؟! حصل ايه؟!
- نايا مختفية من امبارح ومش عارفين نلاقيها...
رد كريم بسرعة محاولا تهدئتها :
- طب اهدي وانا جايلك حالا...

ثم اغلق الهاتف وقال لهم :
- نايا اخت مايا مختفية من امبارح واظن اني لازم اروح دلوقتي واشوفها...
ثم اتجه خارج المكان قبل ان يتبعه حسام قائلا لوالديه:
- انا هروح معاه يمكن اقدر اساعده...

وصل كريم وحسام الى منزل مايا فإستقبلتهما منهارة هي ووالدتها...
حاول كريم تهدئتها وفهم منها ما حدث...
تحدثت مايا من بين شهقاتها المتتالية :
- راحت الجامعة زي كل يوم، ومن ساعتها مرجعتش، صاحبتها كانت معاها طول اليوم مسابتهاش لحد ما خلصوا المحاضرات، بتقول انها ودعتها وقالتلها هتروح البيت على طول...

تدخل حسام متسائلا :
- طب مسألتوش صحابها، قرايبكم ..
هنا اجابتها سعاد من بين بكائها :
- سألنا كل معارفنا، محدش يعرفلها طريق...
ثم شهقت باكية وهي تهتف بلوعة :
- بنتي راحت فين، ياربي هعمل ايه؟!
نهض كريم من مكانه واجرى اتصالاته فورا ثم عاد وانحنى ناحية مايا وهتف بها مطمئنا اياها :
- متقلقيش يا مايا هنلاقيها، والله هنلاقيها...

ثم اكمل :
- انا هخرج دلوقتي عشان اشوف جماعتي فالداخلية ندور عليها...
ثم أشار لحسام قائلا :
- خليك معاهم يا حسام وبلغني بأي جديد...
اومأ حسام برأسه وقال :
- متقلقش عليهم انا هفضل هنا...
تحرك كريم خارج المكان واتجه الى مكتبه في الداخليه...
هناك جاء صديقه كمال حتى يساعده في البحث عنها...

وفي اثناء بحثهم عنها وجدوها في احدى المستشفيات الحكومية...
اتجه كريم بسرعة نحو المستشفى ومعه صديقه كمال بعدما اخبروه بأنها موجوده هناك...
وصل الى المشفى وسأل موظفة الاستعلامات عن الطابق الذي توجد يه لتخبره انها في الطابق الرابع الغرفة رقم خمسة...
ركض كلا من كريم وكمال الى الطابق الرابع وما ان وصلا الى الغرفة المقصودة حتى وجدا الممرضة تخرج من عندها...
سألها كريم بسرعة :
- هي عاملة ايه؟!

لتسأله الممرضة بتوتر :
- هو انت أخوها؟!
رد كريم بجدية :
- انا جوز اختها، هي مالها؟! اتكلمي من فضلك...
اجابته الممرضة بأسى :
- المسكينة تعرضت لحادثة اغتصاب...
جحظت عينا كريم بصدمة وعدم تصديق قبل ان يبتلع ريقه ويهتف بها بنبرة مرتجفة:
- انتي بتقولي ايه؟!

اومأت الممرضة برأسها دون ان ترد بينما هتف كمال بقلة حيلة:
- انت كويس يا كريم...
رد كريم بشرود :
- ينفع نشوفها...
اجابته الممرضة :
- هي نايمة دلوقتي، ادخلوا عندها ولو فاقت اندهوا حد مننا...
ثم تحركت من امامهما ليدلف كريم الى الداخل بينما فضل كمال الوقوف بالخارج...
تأملها كريم بملامح حزينة كانت نائمة كالملاك غير واعية لأي شيء يجري من حولها...

دب الغضب في عروقه وهو يتخيل مدى الظلم والانتهاك الذي تعرضت له هذه الفتاة الصغيرة...
خرج من الغرفة وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب ليجد كمال امامه...
- مش هتكلم مايا تقولها انك لاقيتها...
رد كريم بنبرة مريرة :
- اقولها ايه بالضبط؟! انوا اختها اغتصبت...

شعر كمال بمدى صعوبة الامر فكيف سيقدر كريم ان يخبر مايا بشيء كهذا بينما تحدث كريم بجمود :
- انا مش هبلغها بأي حاجة دلوقتي، لازم نايا تفوق واتكلم معاها الاول...

مرت ساعتان اخرتان...
بدأت نايا تفيق من نومتها، حينما شعر كريم بهذا قفز من مكانه واقترب منها، فتحت عيناها بألم ثم ارتجف جسدها بالكامل وهي تهتف بلوعة :
- انا فين؟!
اجابها كريم :
- انتي فالمستشفى...
اغمضت عيناها بوهن قبل ان تفتحهما وهي تقول :
- هو حصل ايه؟!
اجابها كريم بتردد :
- محصلش حاجة، المهم انتي كويسه؟!

بدأت الافكار تتجمع عندها، اخذت تتذكر ما حدث، شادي وهو يقترب منها ويحاول الاعتداء عليها، اخر شيء تذكرته انها قاومت حتى ضربها على رأسها فأغمي عليها...
شعرت بحرارة تكسو جسدها فسألت بنبرة شبه منهارة :
- حصل ايه يا كريم؟! هو شادي عملي حاجة..
رباه انها لم تكن واعية لما يحدث؟! كيف سيتصرف الان؟!
- كريم رد عليا؟!

صرخت به بإنفعال ليهتف كريم بها بتوسل :
- اهدي يا نايا، اهدي ارجوكي...
قبضت على ذراعه تتوسله أن ينفي ما تفكر هي به :
- شادي معمليش حاجة صح، انا لسه زي منا، صح؟! قولي انه صح . .
- مين شادي ده يا نايا؟! تعرفيه منين ..؟!
صرخت صرخة بائسة يائسة وقد أدركت بأنها فقدت اعز ما تملك بالفعل...

ثم أخذت تصرخ بإنهيار ووجع حينما نادى كريم على الطبيب ليأتي اليها ومعه نفس الممرضة التي قابلته حينما جاء...
أعطاها الطبيب حقنة مهدئة ثم طمأن كريم بأنها ستتحسن تدريجيا ليبتسم كريم في داخله بسخرية وهو يفكر بأن جرحها هذا لن يتحسن مهما حدث...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الجزء المشهد الرابع والعشرون بقلم سارة علي



استيقظت نايا من نومها لتجد نفسها وحيدة في غرفة المشفى...
حاولت ان تعتدل في جلستها حينما دخل كريم الى الغرفة واتجه فورا نحوها وقال :
- متتحركيش، خليكي نايمة...
حاولت ان تنزل من السرير رغم عن الام جسدها لكن كريم منعها وهو يقول بتوسل :
- ارجوكي يا نايا اهدي...
لم تشعر بنفسها الا وهي تبدأ بالبكاء...


 
شعر كريم بالشفقة لأجلها فإحتضنها مهدئا اياها :
- اهدي يا نايا، اهدي وكل حاجة هتكون كويسه...
ابتعدت نايا من بين احضانه وقالت بحرج :
- هي ماما فين؟!
اجابها بجدية :
- لسه مقلتلهاش اني لقيتك، استنيتك تفوقي عشان نتفق هنقولها ايه...
هطلت دموعها مرة اخرى وقالت على الرغم من بكائها :
- متقولهاش عاللي حصل، ماما مش هتستحمل تعرف اللي حصل، ولا انا هستحمل انوا يجرى ليها حاجة بسببي...


 

 
رد كريم :
- ده اللي كنت عايز اقوله، انوا احنا منقلش لأمك على اي حاجة، عشان هي اكيد مش هتستحمل حاجة زي كده، انا هقولها انك اتخطفتي واننا لقيناكي وكان مغمى عليكي، وبالنسبة للدكاترة اللي هنا انا هرتب معاهم كل حاجة، اطمني انتي...
اومأت برأسها من بين دموعها ليكمل كريم بنبرة اخوية خالصة:
- و شرفي هجيبلك حقك، عايزك تطمني...

انهارت نايا باكية ليربت على ظهرها ويقول بألم :
- عيطي، يمكن العياط يريحك...
خرج كريم من عندها وقرر الاتصال بأخيه حسام ليخبره انهم وجدوا نايا...
وبالفعل اتصل به ليأتيه صوت اخيه قائلا :
- ها يا كريم ايه الاخبار...
اجابه كريم بجدية:
- لقيناها يا حسام، انا هجيبها واجي معايا، هي حاليا بالمستشفى بس هشوف الدكتور احتمال يخرجها دلوقتي...

- تمام يا كريم، اقولهم ايه دلوقتي؟!
سأله حسام بحيرة ليرد كريم بجدية :
- قولهم اني هجيبها واجي ولو حصل اي تغيير هبلغكم...
ثم اغلق الهاتف وقرر الاتجاه الى الطبيب ليسأله اذا ما كان سيسمح له بإخراجها من المشفى ام لا...

اغلق حسام هاتفه واتجه الى صالة الجلوس حيث تجلس مايا مع والدتها...
قال :
- كريم لقى نايا...
قفزت مايا نحوه وأمسكته من ذراعه وقالت بلهفة :
- هي كويسه؟! لقاها فين؟!
بينما قالت الام وهي بالكاد تتماسك لتنهض من مكانها :
- طمني عليها يابني، هي كويسه...
اومأ حسام برأسه واجابهن :
- كريم بيقول انها كويسه، وانه هجيبها ويجي ..
- طب هما فين دلوقتي . . ؟!

سألته مايا بشك ليجيبها حسام :
- هما بالمستشفى...
- ايه؟ بيعملوا ايه بالمستشفى؟!
صاحت الام برعب ليجيبها حسام:
- والله ماعرف، هو بس قال انها كويسه، وانهم هيجوا كمان شوية...
- مقالش فأي مستسفى هما؟!
سألته مايا بقلق ليرد حسام:
- للأسف مقالش...
جلست مايا بوهن على الكنبة وفعلت كذلك الام وهي تدعو ربها قائلة :
- يارب تكون كويسه، يارب رجعها بالسلامة...
وبالفعل بعد حوالي ساعتين جاء كريم اليهم ومعه نايا...

كان الضعف مسيطرا عليها بشكل أقلق والدتها ومايا اللتان استقبلانها بلهفة، اخبرهما كريم انها متعبة ويجب ان تستريح فاتجهت مايا بها الى غرفتها...
بينما جلست الام مع كريم وحسام...
خرجت مايا من عندها وجدتها قد نامت فورا رافضة الحديث معها...
- ايه اللي حصل يا كريم؟! نايا كانت فين بالضبط؟!
اجابها كريم بجدية مسيطرا على توتره :
- كانت مخطوفة...
لطمت الام على صدرها بإنفعال بينما جلست مايا بجانبه بتعب وسألته :
- مين اللي خطفها؟!

اجابها كريم :
- لسه منعرفوش، نايا مقدرتش تتكلم، كانت تعبانة اوي...
- حصلها حاجة؟!
سألته مايا بخفوت لتجحظ عينا الام بصدمة مما تسمعه وقد أخذت تتخيل الكثير من الأشياء السيئة ليرد كريم بسرعة:
- لا هي كويسه متقلقوش بس تعبانة من صدمة اللي حصل...
تنهدت الام براحة بينما تطلعت مايا اليه بشك وعدم اقتناع ..

في صباح اليوم التالي...
استيقظت نايا من نومها لتجد مايا بجانبها تتطلع إليها بنظرات حنون مشفقة...
اعتدلت في جلستها لتتنهد مايا براحة وتقول بابتسامة :
- صباح الخير...
اجابتها نايا بخفوت :
- صباح النور...
اردفت مايا :
- عاملة ايه دلوقتي؟!
اجابتها نايا بتردد :
- كويسه الحمد لله...
سألتها مايا بعفوية :
- ممكن تحكيلي ايه اللي حصل يا نايا؟! عشان كريم متكلمش كتير عن اللي حصل...

ارتجفت ملامح نايا كليا فشعرت مايا بها، مسكتها مايا من ذراعها وسألتها بقلق :
- نايا انتي كويسه؟!
هزت نايا رأسها نفيا واخذت الدموع تتجمع داخل مقلتيها لتسألها مايا بتردد :
- ليه؟! حصل ايه؟!
اجابتها نايا بإنهيار :
- انا اسفة، اسفة عشان محافظتش على نفسي...
جزعت ملامح مايا كليا وهي تحاول استيعاب ما قالته اختها لتسألها بلسان جاف:
- تقصدي ايه يا نايا؟! هو الواطي ده عملك ايه؟!

اجابتها نايا بدموع حارقة :
- اغتصبني يا مايا، اغتصبني...
وضعت مايا كف يدها على فمها بعدم تصديق قبل ان تهز رأسها نفيا عدة مرات بينما اخذت الدموع تجري على وجهها بغزارة...
احتضنت بعدها نايا بقوة واخذت الفتاتان تبكيان داخل احضان بعضيهما...

دلفت مايا الى فيلا عائلة كريم بملامح شاحبة...
لم تجد احدا هناك سوى الخادمة فسألتها عن كريم لتخبرها الخادمة انه في غرفته نائم...
سارعت في الذهاب الى هناك لتجده نائما بالفعل...
جلست على السرير بجانبه وأخذت تبكي بصمت...
ازدادت شهقاتها ارتفاعا فأيقظت كريم من نومه والذي قفز من فراشه بسرعة واقترب منها متسائلا :
- مايا حبيبتي فيه ايه؟!

ظلت تبكي بين احضانه وكريم يهدئها، هدأت اخيرا لتهتف بنبرة متشنجة :
- نايا حكتلي على كل حاجة، انا مش مصدقة اللي حصل، جيت هنا فورا مكنتش عايزة ماما تشوفني وانا بالحالة دي...
- اهدي يا حبيبتي، اهدي وانا اوعدك انوا كل حاجة هتتصلح...
قالها كريم بترجي لتهتف بألم :
- تتصلح ازاي بعد كل اللي حصل؟! ده اغتصبها...
كريم بنبرة حاقدة :
- هجيبه، وهربيه واخليه يركع تحت رجليها يطلب السماح، هخليه يعمل اي حاجة نايا عايزاها...

- تفتكر ده هيخلي نايا ترتاح؟!
سألته بعينين حمراوتين ليشعر كريم بحيرة شديدة وأسف :
- مش عارف، بس احسن من مفيش...
مسحت وجهها بباطن كفيها ثم قالت :
- انا بشكرك اوي يا كريم عاللي عملته، كويس انوا ماما معرفتش، اكيد مكانتش هتستحمل اي حاجة...
احتضنها كريم مرة اخرى وقال بحب :
- متشكرنيش يا مايا، نايا اختي الصغيرة وانا عملت واجبي معاها...

ابتعدت مايا من بين احضانه وقالت بنبرة واهنة :
- انت هتعمل ايه دلوقتي؟!
اجابها كريم بجدية :
- مش هعمل حاجة، انا هجيب اللي اسمه شادي ده من تحت الارض، وبعدين اللي نايا تعوزه هيحصل...
- هتلاقيه بسهولة؟!
- احنا بدأنا ندور عليه من امبارح بس هو مختفي، بس هنلاقيه، باذن الله هنلاقيه...
يتبع..


رواية ادمنت قسوتك الجزء الأول الجزء الحلقة الخامسة والعشرون والأخيرة بقلم سارة علي



مرت ثلاثة أيام...
استعادت نايا بها صحتها قليلا...
اما كريم ما زال يبحث عن شادي بلا فائدة...
وفي صباح احد الايام في شقة عائلة مايا...
كانت والدة مايا وابنتيها تتناولان طعام الافطار حينما انتبهت سعاد على نايا الشاردة والتي لا تتناول طعامها لتهتف بها :
- نايا حبيبتي مش بتاكلي ليه؟!


 
اجابتها نايا بتعب :
- مليش نفس...
ربتت والدتها على كف يدها وقالت :
- كلي عشان خاطري...
اخذت نايا تتناول القليل من اللقيمات بينما اشارت سعاد لمايا قائلة :
- وانتي يا مايا، قررتي ايه ..؟!
ابتلعت مايا لقمتها وقالت :
- قررت ايه بإيه؟!
- هترجعي جوزك ولا لا...


 
تحدثت نايا قائلة :
- ارجعيله يا مايا، جوزك بيحبك وانتي حامل منه دلوقتي...
صمتت مايا لوهلة قبل ان تقول بجدية :
- هرجعله، هرجعله عشان ابني اولا، وعشان بحبه ثانيا...
ابتسمت الام براحة وقالت :
- كده انا ارتحت...
- اشمعنا؟! مانتي دايما كنتي بتكرهيه، !


 
اجابتها الام بجدية :
- كنت بكره تصرفاته، وكمان عشان معدن الناس بيبان وقت الشدة، وهو معدنه بان باللي عمله مع نايا...
نهضت نايا من مكانها وقالت :
- انا هروح ارتاح فأوضتي...
وما ان غادرت المكان حتى قالت الام بحيرة :
- اختك صعبانة عليا اوي...
ردت مايا :
- اللي مرت بيه مش سهل، اي وحدة مكانها مكانتش هتستحمل اللي مرت بيه...


 
اومأت الأم برأسها متفهمة بينما اكملت بجدية :
- هترجعي بيت جوزك امتى؟!
قالت مايا مازحة :
- عايزة تخلصي مني بالسرعة دي...
لترد الام :
- عايزة اطمن عليكم...
ربتت مايا على كف يدها وقالت :
- متقلقيش عليا، اطمن على مايا الاول، وبعدين ارجعله...

نهضت مايا من على المائدة وحملت هاتفها متجهة الى الشرفة الخارجية للشقة...
اتصلت بكريم والذي اجاب على اتصالها فورا لتسأله :
- عامل ايه؟!
اجابها بتنهيدة :
- كويس، بس انتي وحشاني. .
اجابته بإستيحاء:
- وانت كمان واحشني...
- بجد؟!

قالها كريم مصدوما لترد مايا :
- بجد وواحش ابنك كمان...
- طب مترجعي بقى؟!
- هرجع بعد ما اطمن على نايا...
ابتسم كريم براحة ثم تسائل بإستغراب :
- بس اشمعنا دلوقتي، اقصد ازاي سامحتيني...

أطلقت مايا تنهيدة صغيرة ثم قالت:
- يمكن اللي حصل مع نايا خلاني افكر كده، افهم الدنيا ماشية ازاي، وخلاني كمان اثق فيك من اول وجديد...
ابتسم كريم بسعادة ليهتف بها :
- بحبك...
ردت عليه بحب :
- وانا بحبك..

اغلق كريم الهاتف مع مايا ليدخل كمال اليه ويقول :
- كريم عندي اخبار سيئة...
- حصل ايه؟!
اجابع كمال بجدية :
- الواد اللي اسمه شادي...
نهض كريم من مكانه بسرعة وقال :
- حصله ايه ..؟!
اجابه كمال بأسف :
- لقوه عامل حادثة قوية وهو دلوقتي بالمستشفى...

اقترب كريم منه وسأله:
- وضعه ايه ..؟!
اجابه كمال :
- دخل فغيبوبة...
اعتصر كريم قبضة يده بقوة بينما اكمل كمال محاولا تهدئته :
- حاول تهدى يا كريم، جايز يفوق ويبقى كويس..
كريم ساخرا :
- تخيل رغم كل اللي عمله مش قادر ادعي عليه انوا يموت عشان لو مات جايز نايا هتضيع اكتر، انا وعدت نفسي انوا اجيبه راكع تحت رجليها...

- فاهمك، باذن الله هيفوق وهتعمل كل اللي قلته...
- ولو مفاقش، كده مستقبلها هيضيع...
شعر كمال بالشفقة لأجل صديقه فقال بنبرة مؤازرة :
- كل حاجة هتبقى كويسه، باذن الله...
عاد كمال وسأله بجدية:
- هتعمل ايه مع التاني اللي اسمه سعد؟!

اجابه كريم وقد تذكر لتوه امر سعد :
- تصدق كنت نسيته، عالعموم انا هتصرف معاه...
- عايز رأيي؟!
- ياريت...
- سيبه دلوقتي ولو عمل حاجة جديدة اتصرف معاه...
صمت كريم ولم يرد عليه بينما أخذ عقله يفكر بكلام كما بجدية...

بعد مرور اسبوعين
دلفت مايا الى فيلا عائلة كريم وهي تجر حقائبها خلفها...
استقبلتها منى قائلة :
- واخيرا شرفتي...
- فيه حاجة يا طنط؟!
تطلعت اليها منى بملامح ساخرة قبل ان تتحرك بعيدا عنها لتهز مايا رأسها بملل فهذه المرأة لن تتغير مهما حدث...
اتجهت غير مبالية بها الى غرفة نومها لتتجهز لإستقبال كريم...

وبالفعل غيرت ملابسها وارتدت فستان احمر قصير ووضعت مكياج ناعم على وجهها متهيئة لإستقباله...
دلف كريم الى الغرفة بعد يوم عمل شاق ليجد مايا امامه...
اتسعت عيناه بصدمة قبل ان يقترب منها ويقول :
- ده بجد ولا حلم...
ابتسمت مايا وقالت :
- لا بجد...
- رجعتي امتى؟!

اجابته بجدية :
- من حوالي ساعة، هي مامتك مقالتلكش؟!
اومأ برأسه نفيا وقال :
- لا مقالتليش، اصلا مشفتهاش...
قالت مايا بسخرية :
- كان استقبالها رائع حقيقي ..
احتضنها كريم وقال :
- مش مهم، المهم انك هنا...
ابتعدت عنه مايا وأخفضت رأسها خجلا ليرفع كريم رأسها ويقبلها بخفوت قبل ان يهتف :
- وحشتيني اووي يا مايا...

- انت اكتر...
- صحيح نايا عاملة ايه؟!
اجابته مايا بجدية :
- بقت احسن الحمد لله...
ثم اردفت متسائلة بتردد:
- انت لقيت شادي ..؟!
اوما كريم برأسه لتسأله مايا بسرعة :
- بجد، طب وعملت معاه ايه؟!
اجابها :
- للاسف عامل حادثة وحاليا فغيبوبة...
قبضت مايا على شعرها باطراف اناملها ثم قالت :
- ليه كده ..؟!

رد كريم محاولا تهدئتها:
- هيفوق باذن الله، وهياخد عقابه كامل...
- يارب...
اشار كريم نحو السرير غامزا لها :
- ايه رأيك ننام بقى؟!
ابتسمت بخجل ليحملها كريم ويسير بها نحو السرير يبثها اشواقه...

بين احضان كريم كانت مايا متمددة...
سألته بنبرة مترددة :
- كريم...
- نعم...
- هو انت عملت ايه مع سعد؟!
حاول كريم ألا يظهر غضبه فرد بهدوء :
- سبته لضميره...
- انا بتكلم بجد...
- وانا كمان بتكلم بجد...
رفعت مايا رأسها نحوه وهتفت بعدم تصديق :
- انت بتتكلم بجد، يعني سبته فعلا...

اومأ كريم برأسه لتتنهد مايا براحة وتقول :
- كده احسن، ربنا يبعده عننا ويحمينا من شره...
نهض كريم من مكانه وإرتدى بنطاله ثم اتجه الى الحماك ليأخذ دوش سريع...

اما مايا فارتدت فستانها ووقفت أمام المرأة تتأمل بطنها بحنو قبل ان تخرج غطاء رأس من الخزانة وترتديه فوق الفستان...
لطالما ارادت أن تتحجب مرارا لكن هناك شيء ما كان يمنعها واليوم تشعر ان هذا الشيء بدأ يتضائل تدريجيا...
وقفت تتأمل نفسها بالحجاب لتجد أنها أصبحت اجمل وأبرأ بكثير...
خرج كريم من الحمام ليتفاجئ بها بهيئتها هذه...
- اتحجبتي، !!!

قالها بعدم تصديق وهو يطالع وجهها البريء والذي أحاطته فجأة هبة ملائكية تليق بها...
- لسه، بس بفكر اتحجب...
ابتسم بسعادة بالغة وهو يقول :
- ياريت يا مايا، ياريت تتحجبي...
مسكت يده وقالت:
- لو انت عايز كده وحابب ده انا هتحجب...

قاطعها بسرعة:
- انا مش هجبرك على حاجة يا مايا، بس لو انتي حابة تتحجبي اكيد هكون سعيد بده اووي...
احتضنته مايا وهي تهتف اخيرا :
- هتحجب، عشاني اولا وعشان انت حابب كده ثانيا...
طبع كريم قبلة على رأسها وتنهد بارتياح وهو يفكر بأن حياته استقرت اخيرا...

انتهت..
فريق مدونة يوتوبيا يتمنى لكم قراءة ممتعة..
لقراءة الجزء الثاني من رواية ادمنت قسوتك : اضغط هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-