رواية ادمنت قسوتك الجزء الثاني كامل بقلم سارة علي

رواية ادمنت قسوتك الجزء الثاني كامل بقلم سارة علي

رواية ادمنت قسوتك الجزء الثاني
للعودة لقراءة الجزء الأول من رواية  ادمنت قسوتك : اضغط هنا

رواية ادمنت قسوتك الجزء الثاني كامل بقلم سارة علي - مدونة يوتوبيا

مقدمة الرواية

في لندن عاصمة الضباب وتحديدا في إحدى الشقق السكنية الراقية نجد إحداهن تجلس في شرفة الشقة مرتدية ملابس سوداء وتحمل بيدها ألبوم صور يجمعها مع أفراد عائلتها ...
عائلتها التي تدمرت كليا ولم يتبقَ أحد منها سوى والدتها المريضة والتي تعافر في هذه الحياة لأجلها ...
توقفت عند إحدى الصور التي جمعتها مع أختها الوحيدة ... عادت لها ذكرى قديمة تخصهما ... تذكرتها رغما عن جميع محاولاتها للنسيان ...

(اقتربت منها وهي تحمل جروها الصغير وتهتف بنبرة متهكمة :
بتعملي ايه يا نهال ...؟!
حاولت نهال ان تخفي هاتفها بعيدا عن أعين أختها وهي تجيبها بتوتر ظهر جليا في صوتها :
مفيش يا جوليا ... بشوف اخر تحديثات الفون ...
جلست جوليا بجانبها وأكملت بنصف عين :
عليا بردوا ... ده انا اكتر واحدة عارفة انك بتقلبي فصوره ...


ارتبكت ملامح نهال كليا وهي ترد عليها بنبرة متلعثمة :
ايه اللي بتقوليه ده يا جوليا ...؟! انا مش ببص على صور حد ..
يا حبيبتي وفيها ايه لما تبصي على صوره ... هو مش حبيبك ....
حبيبي ...!!
رددتها نهال بخفوت غير مستوعبة بعد لمدى عمق الكلمة التي نطقتها أختها ...
اه حبيبك ... امال هو ايه بس ...؟!


قالتها جوليا بتذمر من حالمية اختها وخجلها الزائد لتنهض نهال من مكانها وتسير أمامها محدثة نفسها :
هو مجرد شخص بحبه من بعيد لبعيد ... لكن إنوا يبقى حبيبي فلسه بدري عالكلمة دي ....
نهضت جوليا واقتربت منها وقالت بلا مبالاة :
زي مانتي عايزة ... بس خدي بالك هو مش سائل فيكي...

ابتلعت نهال ريقها بألم من كلمات اختها الجارحة لترد بصوت متحشرج :
براحته... انا مطلبتش منه يسأل فيا ....
شعرت جوليا بخطأ ما قالته فإحتضنتها من كتفيها وقالت بإعتذار :
انا اسفة يا نهال ... مكانش قصدي بس حقيقي غيث ده مستفز وبارد ومش حاسس فيكي ابدا ....
قالت نهال بإنزعاج :
متقوليش عليه كده ... غيث شخصيته كده ... محترم وتقيل ...


الا أن جوليا كانت مصرة على قولها :
فيه فرق بين شخص تقيل و شخص بارد ....
أشاحت نهال وجهها بضيق لتضغط جوليا على اعصابها وتهتف بإبتسامة باردة :
عموما انتي حرة فإختيارك .... بس حاولي تجذبي انتباهه شوية ... بدل مانتي قاعدة كده مش بتعملي حاجة ...
يعني اعمل ايه ...؟!

سألتها نهال بحيرة لترد جوليا :
حاولي تتكلمي معاه ... تجذبي انتباهه ليكي ... مع اني اشك انوا فعلا حاسس بحبك ليه ...
شعرت نهال برجفة لا ارادية تسري في جسدها لمجرد تخيل أن غيث يعلم بمشاعرها نحوه ...
تفتكري...؟!
ليه لا ... اذا كانوا ماما وبابا حاسين بده ....عايزاه هو ميحسش ...
بللت نهال شفتيها بلسانها وقالت بتوجس :
جايز عشان كده مش بيركز معايا ولا بيكلمني ...


لتقول جوليا بملل :
براحته .... هو اللي خسران ...
ثم أكملت وهي تتجه خارج الغرفة :
هاروح اعمل حاجة أكلها...تحبي أعملك معايا ...؟!
الا ان نهال لم تجبها فهي كانت بعالم آخر ... عالم يخص غيث وحده ....)

أفاقت نهال من أفكارها تلك على صوت والدتها تنادي عليها...
أغلقت البوم الصور واتجهت مسرعة اليها... تأملت والدتها التي تجلس على كرسي متحرك لا يناسبها اطلاقا بملامح متألمة قبل ان تقترب منها وتهتف :
خير يا حبيبتي ...؟! عايزة ايه ....؟!
سبتيني ورحتي فين يا نهال ...؟!
سألتها الأم بضيق لترد نهال بأسف :
اسفة ...كنت قاعدة فالبلكونة شوية ...خير عايزة حاجة ...؟!


ردت الأم بجدية:
اقعدي معايا...مش عايزة أقعد لوحدي ....
حاضر ...
جلست نهال على الكرسي المقابل لها ثم سرحت بأفكارها لا اراديا وهي تتذكر لقطات أخرى جمعتها بأختها جوليا... لقطات كثيرة لم تشعر بقيمتها المهمة الا حينما فقدتها...

في منزل عاصم الهلالي...
خرجت مايا من غرفتها وهي ترتدي حجابها بإتقان ... كانت تشعر بغرابة كونها المرة الأولى التي ترتدي بها الحجاب....
اتجهت الى صالة الجلوس لتجد منى جالسة هناك تقلب في احدى المجلات ... رفعت منى رأسها ما ان شعرت بوجودها فتطلعت إليها بنظرات مندهشة قبل ان تهتف بوجوم :
ايه ده ...؟! ايه اللي عاملاه بنفسك ده ...؟!


تنحنت مايا بحرج وقالت بينما يدها تسير على حجابها :
انا اتحجبت ...
منا عارفة ...بس ليه اتحجبتي ...؟!
أجابتها مايا :
عشان انا عايزة كده ...
ردت منى بعدم اقتناع :
غلط يا مايا ... انتي كنتي شيك وكلاس اكتر من غير حجاب ...
ضغطت مايا على شفتيها كي لا ترد عليها بينما اكملت منها وكأنما تحدث نفسها :
مش فاهمة جاتلك منين الفكرة الغريبة دي ... وازاي كريم يوافق على حاجة زي كدة ...؟!

كريم اتبسط جدا وهو اللي شجعني ....
قالتها مايا بحسن نية لترفع منى حاجبها ثم تقول بغلظة :
على العموم براحتك ...بس بكرة لما تندمي متعيطيش ...
أشاحت مايا وجهها بضيق لتسألها منى :
انتي كنتي عايزة تقولي حاجة ...؟!
اومأت مايا برأسها ثم احتضنت بطنها وقالت :
كنت عايزة اقول اني حامل ..
ودي كذبة جديدة ولا إيه ....،!

قالتها منى ساخرة لتهز مايا رأسها نفيا وتقول :
لا والله انا فعلا حامل ...
أضائت الفرحة وجه منى التي نهضت من مكانها بسرعة واقتربت منها تسألها بلهفة :
بجد يا مايا حامل ...؟!
اومأت مايا برأسها لتقول منى ما فاجئها :
مبروك يا حبيبتي ...الف مبروك...

ثم قبلتها من وجنتيها بسعادة بالغة ... شكرتها مايا بإستيحاء بينما اكملت منى :
خدي بالك من صحتك يا مايا ... انا عايزة حفيدي يكون سليم وصحته كويسة ....
ان شاء الله ...
قالتها مايا بخجل قبل ان تسمع صوت كريم ينادي عليها فإستأذنت منى قائلة :
عن اذنك ....اشوف كريم عايز مني ايه ...

ثم اتجهت بسرعة نحو غرفة نومها وفتحت الباب لتتفاجئ بكريم يحتضنها ويغلق الباب خلفهما قبل ان يهتف وهو يقبلها :
روحتي فين ...؟!
ردت مايا بخجل :
كنت ببلغ طنط اني حامل ...تصدق دي فرحت اوي ..
ابتسم كريم بسعادة وقال :
بجد ...؟!

اومأت مايا برأسها بينما انحنى كريم يقبلها لتدفعه مايا بعيد عنها وتهتف :
مش وقته يا كريم ...
اقترب كريم نحوها ومال نحوها قائلا بإشتياق :
وحشتيني يا مايا ....
طب ممكن تقعد الاول ...؟!
قالتها مايا وهي تجلس على الكنبة ليجلس كريم بجانبها محيطا إياها من كتفيها هاتفا بجدية :
قولي يا حبيبتي...
انا بفكر اعرض نايا على دكتور نفسي...

ليه حصلت حاجة جديدة ...؟!
سألها كريم بقلق لتومأ برأسها وهي تجيب :
بقت متوترة وخايفة طول الوقت وبتحلم بكوابيس ... كريم انا خايفة عليها... نفسي اساعدها ومش عارفة ازاي ....
هنساعدها يا مايا ...هنساعدها سوا ...متقلقيش يا حبيبتي ...
قالها وهو يحتضن كف يدها بكف يده ....
طب هنعمل ايه....؟!
كلميها عشان حكاية الدكتور النفسي ... بدل ما حالتها تتأزم ...خلينا نلحقها من الأول ...
خايفة تفهمني غلط ...

لا مظنش...نايا عاقلة ومتعلمة وهتستوعب انوا ده عشان مصلحتها اولا ...
تنهدت مايا بأسى وأكملت :
كمان خايفة ماما تاخد بالها ...هي اكيد ملاحظة التغيرات اللي بتحصل ... خايفة تلاحظ حاجة جديدة وتفهم ...
حاجة ممكنة ...ايه رأيك نجيبها هنا كام يوم ...؟! تغير جو شوية وتبعد عن البيت ...
وماما نسيبها لوحدها ...؟!
خلي مامتك تجي هنا هي كمان....
لا يا كريم مينفعش ...
ليه يا مايا مينفعش...؟!

سألها كريم متعجبا لترد مايا بجدية:
ماما مش هتوافق ... انا عارفاها ....
طب انتي حاولي تكلميها الاول ....
هحاول مع اني متأكدة من ردها ....
اومأ كريم رأسه بتفهم بينما شردت مايا تفكر بأختها والحل المناسب لحالتها ...

كانت نايا تجلس في غرفة نومها تحتضن جسدها بذراعيها تتأمل السقف بشرود تام...
تفكر في حالها وما حدث معها، تفكر في حسن الذي لم تتحدث معه منذ ما حدث، وشادي ذلك اللعين الذي دمرها لا تعرف عنه شيئا، كل شيء يبدو لها غامضا محيرا، مستقبلها تدمر، حياتها انتهت، بالأحرى انتهكت على يد مجرم حقير سرق عذريتها ودمر مستقبلها واحلامها، هطلت الدموع من عينيها وهي تتذكر ما حدث معها في ذلك اليوم ....كيف اختطفها ذلك الحقير وحاول الاعتداء عليها قبل ان تفقد وعيها وينتهي كل شيء ...

أفاقت من نوبة بكائها على صوت طرقات على باب غرفتها ....مسحت دموعها بظاهر كفها ثم سمحت للطارق بالدخول لتجد والدتها امامها تهتف بفزع :
مالك يا نايا...؟! بتعيطي ليه ....؟!
أجابتها نايا بصوت مبحوح من أثر البكاء :
مفيش يا ماما ... افتكرت حاجة وحشة وزعلتني ...
حاجة ايه ...؟!

سألتها والدتها بقلق وهي تجلس بجانبها لتجيبها نايا :
حاجة كدة مش مهمة .... انتي كنتي عايزة ايه ...؟!
شعرت والدتها بمحاولاتها لتغيير الموضوع فقالت بشك :
انا حاسة انك متغيرة اوي يا نايا .... من ساعة الحادثة الي حصلت ... مالك يا حبيبتي ..؟! اتكلمي ...
هزت نايا رأسها نفيا وقالت بإضطراب :
مفيش يا ماما .... خوف عادي من الي حصل ...
ربنا ينتقم من الي كان السبب ...

رن جرس الباب فخرجت سعاد لترى من القادم .... فتحت الباب لتجد مايا امامها والتي احتضنتها وقبلتها قبل أن تسألها على نايا :
امال نايا فين ...؟!
اجابتها سعاد :
فأوضتها ...مش عارفة مالها ...لقيتها بتعيط .... انا خايفة عليها اوي يا مايا ...هو فيه حاجة حصلت انا معرفهاش ....احكيلي يا بنتي ....
ابدا يا ماما مفيش أي حاجة صدقيني ... هي بس تعبانة ومتأثرة باللي حصل ...متقلقيش انتي انا هشوفها...
عادت الأم وسألتها :
طب انتي عاملة ايه ...؟! جوزك عامل معاكي ايه ...؟! ومامته ...؟!

ابتسمت مايا بحب ما ان تذكرت كريم ثم قالت بسعادة:
كلهم كويسين... وطنط منى فرحت اوي لما عرفت اني حامل...
فجأة هتفت سعاد بدهشة:
مايا انتي اتحجبتي ...؟!
ابتسمت مايا وقالت :
لسه واخدة بالك يا ماما ...
قبلتها والدتها من وجنتيها وباركت لها :
مبروك يا حبيبتي ...
تسلمي يا ماما ....هخش اشوف نايا واطمن عليها ...

قالتها مايا وهي تتجه نحو غرفة اختها ...فتحت الباب ودلفت الى الداخل لتجد اختها امامها شاردة يبدو انها تفكر بشيء ما ...
تقدمت مايا منها وحركت يدها أمام وجه نايا التي لم تشعر بها حينما دلفت فقالت الاخيرة بنبرة شاحبة:
مايا ...انتي جيتي امتى...؟!
جلست مايا بجانبها وقالت :
من زمان اوي ....عاملة ايه ...؟!
اجابتها نايا بتردد :
كويسه الحمد لله ...
ماما بتقولي انك كنتي بتعيطي ...

اومأت نايا براسها وقد تجمعت الدموع داخل عينيها لتحتضنها مايا وهي تهتف :
عيطي يا نايا ...عيطي لو ده هيريحك ...
اخذت نايا تبكي بشدة بين احضان اختها ... ظلت تبكي حتى خف بكائها تدريجيا ....
ابتعدت عن احضان اختها واخذت تمسح دموعها لتهتف مايا بها :
بقيتي كويسه...؟!
اومأت برأسها لتكمل مايا بتردد :
نايا عايزة اقولك حاجة بس خايفة تفهميني غلط ...
قولي ...
ايه رأيك تروحي تشوفي دكتور نفسي...؟!

ليه ..؟!
سألتها نايا بصوت باهت لترد مايا :
عشان انا حاسة انك متوترة على طول ... وخايفة ...وانا مش عايزة حالتك تتأزم اكتر من كده ففكرت انك تروحي طبيب نفسي ....
قالت نايا بنبرة تائهة :
مش عارفة....
فكري بكلامي وشوفي انتي عايزة ايه ...
اومات نايا برأسها بينما ربتت مايا على ظهرها ...

عادت مايا الى منزل زوجها ...
دلفت الى الداخل بعدما فتحت الخادمة لها الباب والتي أخبرتها بدورها :
كلهم بيتعشوا جوه ...
اتجهت مايا الى صالة الطعام لتجد الجميع بالفعل هناك ...القت التحية عليهم وجلست بجانب زوجها ليهتف حسام بدهشة :
ايه ده يا مايا انتي اتحجبتي ...؟!
اومأت مايا برأسها وقالت بخجل ظهر على وجنتيها اللاتي توردتا :
ايوه...

مبروك يا مايا ...
قالها عاصم مؤهنئا إياها لترد :
العفو يا عمي ...
هنأها حسام ايضا قائلا :
مبروك يا مايا ....مبروك انت كمان يا كريم ....
ضحك كريم وقال :
وبتهزر كمان ...
رد حسام :
طبعا تلاقيك فرحان عشان مايا اتحجبت ... مانت طول عمرك بتغير جامد ...

ولسه فيه مفاجئة تانية كمان ...
مفاجئة ايه ...؟!
سأل عاصم بترقب بينما قال حسام مازحا :
هي الليلة ليلة المفاجئات ولا ايه ....؟! قولي يا ماما مفاجئة ايه....؟!
خلي مايا وكريم يقولوا ليكم ...
قالتها منى وهي تغمز لهما ليهتف كريم مشيرا لمايا:
قولي يا حبيبتي ....
الا ان مايا ردت بخفوت :
قول انت عشان انا مكسوفة ...

تنحنح كريم قائلا :
مايا حامل ...
تاني ...
قالها حسام متفاجئا ليرميه كريم بالشوكة بينما ابتسم الاب وقال :
مبروك يا مايا ....مبروك يا كريم ...
شكرا يا عمي ....
شكرا يا بابا ....
تحدث حسام بدوره قائلا :
مع إني مش فاهم حاجة .... بس مبروك ليكم انتوا الاثنين ...
ابتسمت مايا وشكرته :
الله يبارك فيك يا حسام ....

في هذه الأثناء دخلت الخادمة عليهم وقالت :
فيه ضيفة عايزة تشوفك يا عاصم بيه ....
ضيفة مين ....؟!
سألها عاصم بحيرة لترد الخادمة :
معرفش هي قالت انها جاية عشانك وتقابلها ...
ضيفة مين اللي جاية دلوقتي يا عاصم ...؟!
سألتها منى بتعجب ليرد عاصم بحيرة :
مش عارف ...هقوم اشوفها واعرف ...

نهض عاصم من مكانه واتجه نحو صالة الجلوس تتبعه منى ...
دلفا الى الى هناك ليجدا فتاة جميلة في انتظارهما والتي هتفت ما إن رأتهما :
مساء الخير ...
مساء النور ...
قالها عاصم بإستغراب قبل ان يمسك بيدها الممدودة نحوه...
جاء كريم ومايا وحسام ايضا ليقول عاصم :
اتفضلي اقعدي ...
مش لازم نتعرف الاول ....
قالتها الضيفة بجدية لتسألها منى :
اه ياريت ...حضرتك مين ...؟!
أجابتها الفتاة :
صافيناز الهلالي ... بنت عاصم الهلالي جوزك ...



رواية ادمنت قسوتك الجزء الثاني الجزء الحلقة الأولى بقلم سارة علي



صدمة كبيرة حلت عليهم...الجميع يقف مصدوما لما سمعه... والجميع يحاول الاستيعاب بلا فائدة...
اول المتحدثين كانت منى التي صرخت بعدم تصديق :
الكلام ده صحيح يا عاصم... دي تبقى بنتك...
لم يلتفت عاصم نحوها بل أشار الى الفتاة قائلا :
انتي جبتي الكلام ده منين...؟! انا معنديش غير ولدين بس...


أجابته صافي بثقة :
وانا الثالثة... اكيد فاكر سميحة صفوان...مراتك التانية...
اتسعت عينا عاصم بصدمة بينما تحدثت منى بعدم تصديق :
انت كنت متجوز عليا يا عاصم...؟! اتكلم...انطق...ساكت ليه...؟!
اومأ عاصم برأسه وقد بدأت الذكريات تتدفق اليه لتنظر منى نظرة استنجاد الى ولديها المصدومين قبل أن تتحرك راكضة الى غرفتها في الطابق العلوي...
نظر كريم الى أثر والدته قبل ان يهتف بوالده :
معنى الكلام ده ايه يا بابا...؟! انت كنت متجوز قبل كده...؟! ودي تبقى بنتك...


ليجيب الاب اخيرا :
انا كنت متجوز سميحة فعلا...بس مكنتش اعرف انوا عندي منها بنت...
وأديك عرفت... هتتصرف ازاي بقى...؟!
قالها كريم بنفاذ صبر لينظر عاصم الى ابنته التي ترفع ذقنها بشموخ وتنظر اليه جميعا بنظرات متعالية قبل ان يهتف بحسم :
هتصرف ازاي يعني ايه يا كريم...؟! دي تبقى بنتي... وانا اكيد هعمل الصح...
قررت صافيناز ان تتدخل في الحوار فقالت :
انامكنتش حابة اعرف عن نفسي بالشكل ده... بس ..


قاطعها كريم بغضب :
انتي تخرسي خالص... مش كفاية اللي حصل بينا بسببك...
لترد عليه بصوت عالي :
وانت ملكش حق تتكلم معايا بالشكل ده...
هدر بهم عاصم بحدة :
انتوا اتجننتوا... اخرسوا خالص انتوا الاثنين...
ثم اشار لابنته قائلا :
تعالي ورايا...
لتسير الفتاة ورائه متجها بها الى غرفة مكتبه تاركا الجميع يكاد ينفجرون من شدة الغضب...


جلست صافيناز امام والدها الذي بدأ يفرك جانبي رأسه بأنامله...
تأملته عن قرب وهي تفكر بأن هذا الرجل الذي حفظت صوره عن ظهر قرب والدها الذي تراه لأول مرة على الطبيعة...
تطلع اليها الاب بنظرات صامتة للحظات قبل ان يهتف بها :
انا عارف انوا مكنش لازم استقبلك بالشكل ده... بس انتي فاجئتيني لما جيتي فجأة وعرفتي عن نفسك ..

اومأت برأسها وقالت مؤكدة على ما قاله :
انا اسفة مكانش لازم افاجئكم بوجودي... بس بصراحة انا استنيت كتير... استنيت كتير اووي عشان اظهر ليكم... مكانش قدامي حل تاني... ده الحل الوحيد اللي قدامي...
ابتسم والدها بحنو وهو يتمعن النظر بها لأول مرة... كانت جميلة للغاية بعينين فيروزيتين كوالدتها...
والدتها وآه من والدتها...المرأة الوحيدة التي أحبها طوال حياته... المرأة التي فقدها مبكرا... حب حياته...
انتي عندك كم سنة يا صافي  ..؟! انتي تقريبا دلوقتي المفروض سنك فوق العشرين سنة...


اومأت برأسها واجابته:
مضبوط... انا عندي واحد وعشرين سنة...
وبتدرسي ايه...؟!
مبدرسش حاجة معينة...
عقد حاجبيه متسائلا بعدم فهم :
ازاي يعني...؟!
أجابته شارحة له :
يعني انا معمرتش فأي تخصص...درست شوية قانون... شوية هندسة... شوية ادارة اعمال والحمد لله سبتهم كلهم...


فشلتي بيهم يعني...
طبعا لا ..اسمها ملقتش نفسي بيهم...
اومأ عاصم برأسه متفهما وقال بنبرة مترددة:
هي والدتك...
ماتت...
لم يتفاجأ عاصم بنبأ وفاتها، لقد شك بهذا منذ وقت طويل، فهي كانت مريضة للغاية، لكن ما صدمه ان تترك له ابنه منها، ابنة تظهر لها بعد كل هذه السنين...
أراد أن يسألها عن الكثير من الأشياء... أن يستفسر منها... ولكن فضل أن يؤجل هذا لوقت اخر فهي بالتأكيد مرهقة وبحاجة الى الراحة...

كان كريم وحسام ومايا يجلسون في الخارج...
انا لازم اشوف ماما...
قالها حسام وهو ينهض من مكانه ليتجه نحو الطابق العلوي قبل أن يوقفه كريم قائلا :
سيبها دلوقتي... انت عارف انها بتحب تكون لوحدها لما بتحصل مشكلة معاها او تدايق...
عاد حسام الى أدراجه بينما تحدث كريم بعصبية :
هو بابا بيعمل ايه جوه...؟!

لتحاول مايا تهدئته :
اهدى يا كريم...اكيد بيتعرف على بنته...
صرخ كريم بغضب :
هو ده وقت تعارف... مش نشوف الأول المصيبة اللي حلت علينا...
مينفعش كده يا كريم...اهدى شوية...
قالها كريم بنبرة خافتة ليهدر كريم به :
اهدى ازاي... انت مش حاسس باللي حصل يا حسام ولا ايه...؟!

حاسس اكيد... بس هنعمل ايه يعني...
كتم كريم غيظه وغضبه وحاول أن يهدأ من عصبيته قليلا بينما تحدثت مايا قائلة بنبرة مترددة :
هي طنط راحت فين...؟! مش الافضل نشوفها يا كريم عشان كانت متعصبة اوي...
تطلع كريم اليها بحيرة ولم يعرف ماذا يفعل... هل يصعد الى والدته ويطمئن عليها... ؟! أم يتركها لوحدها أفضل...؟!
الافضل نسيبها شوية...

في نفس الوقت خرج عاصم ومع ابنته من غرفة مكتبه لينهض الثلاثة من أماكنهم ويتحدث كريم قائلا :
ماما فوق من ساعة اللي حصل... مش ناوي تشوفها... ولا هتفضل تطبطب عالست هانم...
اهدى يا كريم... اهدى وخد بالك من كلامك... الست هانم دي تبقى اختك... اختك يا كريم...
ابتسم كريم ساخرا وقال بتهكم :
اخت مين يا بابا...اسكت الله يخليك...قال اختك قال...
كريم...!!!

قالها حسام منبها اياه على طريقة كلامه بينما قال الاب بصرامة :
اختك غصبا عنك... ولما تتكلم عنها تتكلم بأسلوب أفضل من كده...
ثم أشار لمايا قائلا :
تعالي يا مايا...خدي صافيناز وصليها لأوضة الضيوف... اكيد هي محتاجة ترتاح دلوقتي...
تطلعت مايا الى كريم الذي قال بسرعة وغضب :
مراتي مش شغالة عند الست هانم... ابعت حد تاني يوريها اوضتها...
انت مالك... محدش قادر يملي عينك...

صرخ به الاب بغضب قبل ان يكمل بتحذير :
لأخر مرة اتكلم عن اختك بطريقة افضل من كده...
ولأخر مرة بقولك دي مش اختي ولا عمرها هتكون...
فس نفس الوقت هبطت منى من الطابق العلوي وهي مرتدية ملابس الخروج وخادمها يحمل حقيبتها خلفها...
تأملها الجميع ووهي تهبط درجات السام قبل ان تقف أمامهم ليهتف حسام بها :
رايحة فين يا ماما...؟!

أجابته :
رايحة بيت ابويا...
انتي مش هتخرجي من هنا يا منى ...
قالها عاصم بحزم لتعقد ذراعيها امام صدرها وتهتف :
ومين اللي هيمنعني...؟!
أنا...
معادش ليك حكم عليا يا عاصم... انا خارجة من غير ما اخد اذنك...
خلينا نتكلم يا منى...خلينا نتكلم واشرحلك كل حاجة...

مفيش حاجة تشرحها ليا... كل حاجة بقت باينة...خليك انت مع بنتك...
ثم سارت متجهة خارج الفيلا ليهتف بها عاصم :
متخرجيش يا منى...ده بيتك ومينفعش تخرجي منه...
لم تبال بكلماته وهي تتجه خارج المكان... استدار كريم نحو مايا وقال :
يلا احنا كمان يا مايا... نجهز نفسنا عشان نروح...
تروحوا فين...

سأله الاب بحزم ليرد كريم بجدية :
هنروح شقتنا يا بابا...مبقاش لزوم قعادنا هنا...
حذره الاب بحزم :
مفيش مرواح من هنا يا كريم... كلكم هتفضلوا هنا...
البيت اللي امي خرجت منه مليش قعاد فيه...
قالها كريم بجدية ليقول الاب بحزم :
امك هترجع البيت ده وانا اللي هرجعها بنفسي... وانتوا هتفضلوا هنا ومحدش منكم هيتحرك بره البيت ده...مفهوم...؟!
صمت الجميع ولم يردوا عليه ليصيح الاب على الخادمو ويطلب منها ان تدل صافينار على غرفتها بينما اتجه الباقون الى غرفهم وعاد عاصم الى مكتبه...

دلفت صافيناز الى غرفة الضيوف التي أوصلتها الخادمة اليها...
وضعت الخادمة حقيبتها في الغرفة ثم سألتها اذا ما كانت تريد منها شيء ما واستأذنتها بالخروج لتبقى صافيناز لوحدها...
ما ان اغلقت الخادمة الباب خلفها حتى اخذت صافيناز تقفز بسعادة وهي تهتف بينها وبين نفسها :
برافو يا صافي... خليتيها تسيب البيت وتغور بالسرعة دي...
ثم أرفت بمكر وخبث :
ولسه يا منى هانم لما تشوفي هعمل فيكي ايه...

ازاحت خصلة جانبيه من شعرها وجلست على السرير تفكر بعمق... تفكر بوضعها وما ستفعله في الفترة القادمة... هي جاءت خصيصا الى مصر لتحقق ما تريده...لقد انتظرت سنوات طويلة لتفعل هذا... وهاهي قد بدأت تنفذ بالفعل ما اردت...وجنت أولى حصيلة أفعالها... ما لم تتوقعه أن تجني ما أرادته دون حرب صعبة كما ظنت...ففي الوقت الذي توقعت به ان تلك السيدة ستحاربها بكل قوتها الممكنة... فاجئتها بترك ساحة المعركة لها والانسحاب بسهولة... وهاهي تخلصت من أهم عثرة ستواجهها في هذا المنزل...
والان جاء دور البقية...

نهضت من فوق سريرها واتجهت الى المرأة ووقفت أمامها تتأمل ملامحها الجميلة بعينين راضيتين...
كم تشبه امها...؟! خاصة عينيها... امها تلك السيدة الجميلة التي توفيت بعد معاناة طويلة مع المرض...فقدت برحيلها جزءا مهما من حياتها لم يترمم بعد... تنهدت بصمت وهي تفكر بأمر الشابين المدعوين بأخويها... أنهما يبدوان غير مريحين ويثيران قلقها بشكل كبير... لكن لا بأس ستعرف كيف تتخلص منهما على طريقتها الخاصة...طالما قطعت رأس الافعى فالباقي سيكون سهل للغاية وممتع بشكل كبير...

كانت مايا تجلس على سريرها وتمسد فوق بطنها بكف يدها بينما كريم يسير ذهابا وايابا داخل الغرفة وهو يدخن سيجارته بشراهة...
كريم ممكن تهدى شوية... مينفعش تفضل كده ...
جلس كريم على الكرسي المقابل لسريرها وهو ما زال يدخن سيجارته بنفس الشراهة...
نهضت مايا من فوق سريرها واتجهت نحوه...جلست بجانبه ووضعت يدها على فخذه وقالت بنبرة مواسية :
مينفعش تعمل كده يا كريم... هو حصل ايه يعني عشان كل ده... ؟!

تطلع كريم اليها بنظرات غير مصدقة قبل ان يهتف بإنفعال :
لا محصلش حاجة...مجرد ابويا طلع متجوز على امي ومخلف بنت قد كده...والمفروض اني اتقبل ده واكون هادي عالاخر...
شعرت مايا بالاحراج فقالت بأسف :
انا اسفة يا كريم...انت معاك حق اكيد... بس انا بحاول اخفف الوضع عليك... العصبية مش كويسة عشانك..
نظر اليها وقال بنبرة جاهد لجعلها هادئة :
متقلقيش عليا... انا كويس بس بحاول اتقبل الموضوع...
صمت للحظة قبل أن يردف :
تفتكري الناس هيقولوا ايه لما يعرفوا انوا ابويا عنده بنت... ؟!

يقولوا اللي يقولوه يا كريم...متحطش فبالك... ثانيا ابوك كان متجوز على سنة الله ورسوله... متنساش ده...
اومأ كريم برأسه محاولا اقناع نفسه بأن ما تقوله مايا صحيح...فكون والده متزوج على سنة الله ورسوله يجعل الجميع يخرسون تماما...
طب وبالنسبة لماما اللي سابت البيت...؟! وأهلها اللي اكيد مش هيسكتوا...؟!
هيعملوا ايه يعني...؟!

سألته مايا بقلق ليرد عليها :
هيعملوا كتير... اهل أمي ناس واصلين وممكن يعملوا حاجات كتير... أهمها انهم يسحبوا أسهمهم من شركات ابويا...
اكيد يعني مش هيعملوا كده يا كريم... هيفكروا بيكم قبل ما يعملوا كده...
قالتها مايا محاولة طمأنته ليهتف كريم بتعب :
مش عارف...حقيقي مش عارف...

استيقظت نهال من نومها على صوت بكاء عالي بعض الشيء...
قفزت من فوق سريرها وركضت خارج غرفتها لتجد والدتها جالسة على كرسيها المتحرك وتبكي...
اقتربت منها بسرعة وسألتها بقلق :
ماما انتي كويسة...؟! مالك...؟! فيكي ايه...؟!
توقفت والدتها عن البكاء وقالت بألم :
مش كويسة يا نهال...مش كويسه ابدا...
مالك...؟! حصل ايه...؟!

جوليا وابوكي وحشوني اوي يا نهال... وحشوني ومبقتش قادرة استحمل حياتي من غيرهم...
تراجعت نهال الى الخلف لتسقط على الكنبة خلفها بينما كلمات والدتها تتردد داخل عقلها...
نعم والدتها تشتاق لزوجها وابنتها... مثلما تشتاق هي لهما... انهارت والدتها باكية مرة اخرى وهي تردد اسم ابنتها جوليا مرارا...
اقتربت نهال منها واحتضنتها بينما اخذت تقول والدتها بحرقة :
تعبت اوي يا نهال...تعبت ومبقتش قادرة استحمل...ياريتني كنت مت بدالهم او حتى معاهم...

متقوليش كده يا ماما... متقوليش كده ارجوكي...انا مبقاش ليا حد غيرك... ومش هستحمل اخسرك انتي كمان...
ثم أخذت نهال تمسح دموع والدتها بأناملها وقالت :
اهدي كدة وفهميني ايه اللي حصل وخلاكي تعيطي ..؟!
أجابتها والدتها بصوت مبحوح :
انا كل يوم بعيط... بس الفرق انوا المرة دي مقدرتش اكتم صوتي... حاولت بس مقدرتش...

صمتت نهال ولم ترد بينما اكملت والدتها بوجع :
كنت بفكر فأختك وابوكي وابوكي...اختك اللي راحت فعز شبابها... ابوكي اللي سابني لوحدي... وجسمي اللي اتشل ومبقتش قادرة اعمل اي حاجة... انا مبقتش قادرة استحمل... انا تعبت...
٠نهضت نهال من مكانها واتجهت الى المطبخ مبتعدة عن والدتها فهي لم تعد تستطيع ان تستمع الى المزيد...

في المطبخ أخذت تعد طعام الافطار وهي تفكر بالماضي... ماضي طويل عاشته مع اختها ووالدها...
كانوا عائلة مثالية للغاية...عائلة تعيش حياتها بمثالية غريبة... حتى جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن...
أفاقت من شرودها على صوت والدتها تناديها فمسحت دمعة خائنة تسللت من عينها واتجهت مسرعة الى والدتها تسألها عن سبب ندائها لتجيبها الام :
كنت عايزة اقولك اني اسفة... بحملك فوق طاقتك... وانتي اساسا مش ناقصة...

ربتت نهال على وجنتها وقالت بوداعة :
ولا يهمك يا حبيبتي... اهم حاجة تكوني كويسة  ومرتاحة...
ثم اكملت :
ماما انا قررت قرار مهم...
قرار ايه يا نهال...؟!
والاجابة واضح والقرار منتهي :
انا قررت ننزل مصر...

في صباح اليوم التالي...
في فيلا راقية وواسعة للغاية...
تستيقظ من نومها على صوت حركة غريبة...تعتدل في جلستها لتجده يبحث في الخزانة عن شيء ما...
تفرك عينيها الاثنتين وتهتف بضجر وضيق :
بتعمل ايه يا غيث...؟!
أجابها وهو يحمل قميصه الذي وجده اخيرا بعد عناء :
بدور على قميصي ولقيته اهو يا امل...
رمقته بنظرات مستاءة ونهضت من مكانها لتقول :
يعني صحتني من احلى نومة بسبب قميصك ده ..

رمقها بنظرات ساخرة واخذ يلبس قميصه قبل ان يقف أمام المرأة ويسرح شعره ثم يضع عطره المفضل ويرتدي سترته العملية ويخرج من الغرفة متجها الى شركته...
في طريقه الى الطابق السفلي قابل والدته التي استقبلته بإبتسامتها المعتادة ليلقي عليها تحية الصباح قائلا :
صباح الخير يا ماما...
اجابته والدته وهي ما زالت محتفظة بإبتسامتها :
صباح الخير يا حبيبي...
ثم أردفت:
رايح الشركة بدري يعني...

رد غيث عليها :
ايوه اصلي صحيت بدري فقلت انزل الشركة واخلص اللي ورايا...
هم بالتحرك خارج المكان لتوقفه والدته متسائلة :
غيث هو ينفع اتكلم معاك فموضوع مهم طالما صحيت بدري ولسه قدامك وقت قبل ما تروح الشركة...
اتفضلي... فيه ايه...؟!
هي مراتك مش ناوية تخلف يا غيث...؟!

قالتها الأم بلهجة مترددة ليصمت غيث للحظة قبل أن يجيب بجدية:
هي مأجلة الموضوع ده... مش بتفكر فيه حاليا...
امال بتفكر بإيه...؟! بالسهر والخروجات والسفر...
ملوش لزمة الكلام ده دلوقتي...
قالها غيث بضيق جلي لتأخذ الأم نفسا عميقا قبل ان تهتف بجدية :
بس يا حبيبي انا بفكر فمصلحتك... ونفسي اشوف عيالك بقى...
معلش يا ماما ربنا لسه مأردش... ثانيا احنه لسه صغيرين والعمر قدامنا...
زي ما تحب...
قالتها الأم على مضض ليقبل غيث رأسها ويخرج من الفيلا...

خرجت نايا من غرفتها لتجد والدتها تعد طعام الافطار في المطبخ...
اقتربت نايا منها لتتفاجئ والدتها بها...
نظرت اليها سعاد بعدم تصديق وهي ترتدي حلتها الجديدة وتبدو مستعدة للذهاب الى جامعتها...
سألتها سعاد وهي تجاهد لتخفي سعادتها :
رايحة فين عالصبح كده يا نايا...؟!

لتجيبها نايا بجدية :
رايحة الجامعة يا ماما...انتي عارفة بقالي كتير مرحتهاش ولازم اروحلها...
طيب افطري الاول يا حبيبتي...
لا يا ماما مليش نفس...وكمان انا اتأخرت عالجامعة... ولازم اروح...
قالتها وهي تتجه خارج شقتها لتدعو لها والدتها ان يوفقها الله...
خرجت نايا من الشقة واتجهت الى الجامعة...
استأجرت تاكسي يقلها الى هناك...

وصلت الى هناك اخيرا... أخذت تسير في الجامعة بخطوات مرتبكة...لا تعرف لماذا باتت تشعر أنها محط أنظار الجميع... وان الجميع يتحدث عنها...
اخذت تبحث بعينيها عن حسن علها تجده وبالفعل وجدته في الكافيتريا فقررت الذهاب اليه...
ما ان وصلت الى هناك حتى قفز حسن من مكانه واتجه نحوها متسائلا :
واخيرا شفتك يا نايا...كنتي فين...؟! اختفيتي فجأة...
أجابته نايا وهي تتلفت يمينا ويسارا :
كنت مشغولة شوية...المهم انت اخبارك ايه...؟!

شعر حسن بإضطرابها فسألها بقلق :
مالك يا نايا...؟! شكلك مش طبيعي...
أجابته نايا بتوتر :
لا مفيش... بس تعبانة شوية...
اقترب منهما احد أصدقائهما وحدثهما قائلا :
سمعتوا اخر الاخبار...
اخبار ايه...؟!
سأله حسن ليجيبه :
شادي اللي كان معانا... عمل حادثة ومات...

جحظت عينا نايا بعدم تصديق بينما صرخ حسن :
انت بتقول ايه...؟! امتى حصل الكلام ده...؟!
اجابه صديقه :
حصل من كام يوم...دخل غيبوبة وبعدين مات...
وقبل ان يتحدث حسن كانت نايا قد فقدت وعيها امامهما ..

اغلقت مايا هاتفها بعدما كانت تتحدث مع والدتها... لقد أخبرتها والدتها بأن نايا ذهبت الى الجامعة... وكانت تتحدث بسعادة بالغة غير مصدقة ان ابنتها خرجت من محنتها اخيرا...
انتقلت سعادة الام الى ابنتها... فذهبت بحماس لتوقظ كريم...
استيقظ كريم من نومه على صوتها وهي تحاول ايقاظه ...
ابتسم لها وجذبها نحوه لتبتعد عنه بدلال وتهتف به :
كريم ابعد عني...وراك شغل لازم متتأخرش عليه...

جذبها نحوه مرة اخرى وهتف بخبث :
فكك من الشغل...مايا انتي وحشاني... وحشاني اووي...
ابتسمت بسعادة وقالت :
بجد يا كريم وحشاك...
عندك شك فكده ..؟!
هزت رأسها نفيا واجابته :
لا...
ثم اردفت بجدية :
قوم بقى عشان متتأخرش ..

تنهد كريم بقلة حيلة ثم نهض من مكانه واتجه الى الحمام... خرج بعدها من الحمام وهو يجفف وجهه...
لفت انتباهه مايا التي ترتدي فستان جميل طويل فوقه حجابها...
اقترب منها واحتضنها من الخلف هاتفا :
تعرفي انك بقيتي اجمل بكتير فالحجاب...
التفتت نحوه وهتفت بحب :
دي عيونك الجميلة اللي بتشوفني جميلة بكل الاحوال...

طبع قبلة على شفتيها ثم قال بمكر :
متسيبك من الشغل وخلينا نرجع للسرير...
ضربته على صدره وقالت :
كريم...احنا اتفقنا على ايه...؟!
زفر أنفاسه بضيق ثم قال بجدية:
تعالي ننزل ونشوف المصيبة اللي تحت...
ثم مسكها من يديها ليهبطا الى الطابق السفلي ليجدا والد كريم وحسام على مائدة الطعام...
جلسا بجانبهما وبدئا يتناولان طعامهما...

بعد لحظات جاءت صافيناز وهي تسير على كعب حذاء العالي الذي اصدر صوتا مزعجا...
القت التحية بإقتضاب ثم جلست على مائدة الافطار ليسألها الاب :
نمتي كويس يا صافي ..؟! ارتحتي فأوضتك...؟!
اجابته صافيناز بإبتسامة متكلفة :
اها نمت كويس جدا والاوضة جميلة ومريحة...
ثم اكملت :
هتاخدني النهاردة الشركة صح...؟!
تطلع كريم وحسام الى بعضيهما لينهض الاب من مكانه ويقول :
انا هروح دلوقتي...وانتي الحقيني مع السواق...

لكنها نهضت من مكانها وقالت:
انا مش عاوزة افطر...هاجي معاك...
ثم اتجهت بسرعة خلفة تاركة كريم ومايا وحسام لوحدهم...
هتف كريم بأخيه :
هي هتحتل الشركة كمان ولا ايه...؟!
اجابه حسام وهو يتناول طعامه :
باين كده...
ضربه كريم على كتفه وقال:
وانت عاجبك الكلام ده...
بلع حسام لقمته وقال بجديةة:
اكيد لا بس هعمل ايه...

صمت كريم للحظات قبل ان يهتف بحسم :
واضح انوا صافي دي مش سهلة خالص...والدليل انها عاوزة تنزل الشركة من اول يوم...بس على مين... انا هفضل واقفلها زي العظم فالزور...ومش هسيبها الا لما ترجع بلدها قريب...

انتهت نهال من جمع اغراضها واغراض والدتها في حقيبتها...
اتجهت نحو والدتها الجالسة في صالة الجلوس وسألتها :
كده جمعت كل حاجة... فيه حاجة تانية محتاجة اخدها...؟!
هزت الام رأسها نفيا وقالت بعد تردد :
انتي لسه مصرة انك تنزلي مصر يا نهال...؟! اقصد يعني انتي عارفة وضعنا هناك... وايه اللي هيحصل...؟!

زفرت نهال نفسا عميقا ببطء وقالت :
متقلقيش...انا عايزاكي تطمني عالاخر... كل حاجة هتبقى كويسه...
بس يا بنتي انتي عارفة انوا ملناش حد هناك...
ليه...؟! وبيت عمي راحوا فين...؟!

قالتها نهال بسخرية لتتسع عينا الام قبل ان تقول بعدم تصديق  :
بيت عمك يا نهال...عايزة تروحي بيت عمك...
اومأت نهال برأسها ثم اكملت بشرود :
هروحلهم ومش هسيبهم الا لما اخد حقي منهم ..مش هما وبس...واخد حقنا من كريم الهلالي... ده بالذات انا مخططاله كويس  وعارفة هعمل معاه ايه...
يتبع...


رواية ادمنت قسوتك الجزء الثاني الجزء الفصل الثاني بقلم سارة علي


الفصل الثاني قيد الرفع على الموقع..
يُمكنك زيارتنا مُجددًا بعد قليل لقراءته
اكتب في جوجل (مدونة يوتوبيا) أو ( رواية ادمنت قسوتك الجزء الثاني مدونة يوتوبيا )
كي تقرأها كاملة.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-