رواية عرف صعيدي الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم تسنيم المرشدي

رواية عرف صعيدي الحلقة الخامسة والعشرون 25 بقلم تسنيم المرشدي
رواية عرف صعيدي الجزء الخامس والعشرون 25 بقلم تسنيم المرشدي
رواية عرف صعيدي البارت الخامس والعشرون 25 بقلم تسنيم المرشدي
رواية عرف صعيدي الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم تسنيم المرشدي

رواية عرف صعيدي الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم تسنيم المرشدي


______________________________________
_ استلم جثمان أبيه وتوجه به إلى المسجد حتى يصلي عليه صلاة الجنازة ومن ثم إلى مثواه الأخير، وقف خلف إمام المسجد برفقة صديقه محمود في إنتظار مجئ أهل البلدة لكي يشرع الإمام في بدء  الصلاة
_ أذاع الشيخ عن وفاة حمدان للمرة التي لا يعلم كم يحثهم على المجئ لكن دون جدوى، مهما مر من الوقت قدراً لا يتغير شيء، استدار الشيخ وطالع طاهر بخذي شديد لا يدري بأي وجه سيردف كلماته لكنه مضطر، حمحم قبل أن يقول بحرج:- 
هنعمل ايه يا طاهر إحنا استنينا كاتير وإكرام الميت دفنه يا ولدي 
_ حرك طاهر رأسه للخلف يطالع المسجد الخاوي من الأناس، ابتلع ريقه وأعاد النظر إلى الإمام قائلاً بهدوء مميت:- 
صلي يا شيخ 
_ نكس الشيخ رأسه في خجل شديد منه ثم أولاه ظهره ليقف مكانه وبدأ في الصلاة، لم يكن هناك من الرجال سوى ثلاثتهم ومن النساء سوى صباح ومروة.
_ انتهى الإمام من الصلاة والدعاء له ثم توجه إليه طاهر برفقة محمود وحملوه معاً ثم وضعوا التابوت داخل سيارة تكريم الموتى، ابتعد عنهم محمود لكي يحضر سيارته سريعاً، استقل أربعتهم فيها ثم تحرك بهم محمود خلف السيارة الأخرى إلى المقابر..
_ لم يصدر أي أصوات سوى بكاء صباح الذي لم يتوقف قط، شهقاتها قوية متألمة على الفجعة التي حضرتها، انقلبت حياتها رأساً على عقب في أقل من الدقيقة
_ لم تبتعد عنها مروة لحظة بل كانت حريصة على وجودها الدائم معها ربما تنجح في لملمة جراحها لكن هيهات لجروحها التي لن تلتأم بسهولة بعد تلك الحادثة المروعة، كما حاولت مواساة طاهر لكنه كان جامداً لا يتحدث ينهي ما عليه فعله في صمت مريب تخشاه هي لكن ما عليها سوى الصبر في النهاية ستجمعهم غرفة واحدة وحينها ستعلم ما أن سيخلع ثوب الجمود ذاك أم سيظل عليه طويلاً ..
_ كان يتابع صباح بشفقة من مرآة سيارته، يشعر بالضيق من أجل حالتها المذرية التي لا يملك لها سوى الدعاء بأن يربت الله على قلبها بالصبر والسلوان هي وشقيقها، التفت محمود برأسه وطالع طاهر بآسى هو الآخر، ربت على قدمه بيده دون تعقيب فأي كلمات ستهون عليه المصيبة التي حلت على رأسه..
_ تابع قيادته حتى وصل إلى المقابر الخاصة بعائلة المنشاوي، ترجل سريعاً برفقة طاهر وحملوا التابوت إلى الداخل ومن ثم تنحي جانباً حتى يعطي مساحة لذويه في توديعه ..
_ صرخت صباح وهي ترى جثمان والدها يختفي خلف باب القبر، اقترب منها طاهر فتنحت مروة جانباً ربما ينجح هو في احتواء حزنها، أحاطها طاهر بذراعيه ووصية والدته تتردد في عقله ..
_ بصعوبة بالغة نجح طاهر في إقناع صباح على المغاردة، رافقتها مروة إلى غرفتها بينما استلقى طاهر أعلى الأريكة بإهمال ممتناً لصديقه الذي لم يتركه كغيره:- 
شكراً يا محمود على وجوفك إمعانا 
_ طالعه محمود مستاءً منه:- 
بتشكرني على ايه يا طاهر ده أنت أخويا يواد ولو الدنيا كلاتها كانت ضدك اجف جارك في وشها
_ حاوط طاهر عنقه برحة يده مردفاً بضيق واضح:-
حاسس أني في كابوس مخابرش هفوج منيه ميتي 
_ أوصد عينيه لبرهة في تعب شديد لاحظه صديقه ولم يحب أن يطيل معه وحثه على أخذ قسطاً من الراحة حتى يعود لرشده:-
شكلك تعبان جوي جوم ارتاح لك هبابة عشان تجدر تصلب طولك أختك محتجاك جنبها في المصيبة ديي 
_ تأفف طاهر بصوت مسموع فهم الآخر مستاذناً منه:- 
أني موجود يا صاحبي في أي وجت هسيبك دلوك عشان تريح جسمك وعجلك شوية 
_ انسحب محمود للخارج لكنه لم يغادر بل فضل المكوث أمام المنزل لعل صديقه يحتاج إلى شيء ما فيكون أقرب في الوصول إليه 
_ في الداخل، نهض طاهر بصعوبة قابلها في سيره، اتكأ على جدران المنزل حتى وصل إلى غرفته، انتبهت مروة على صوت اغلاق باب غرفتهم وودت لو تذهب إليه لكن كيف ستترك صباح في تلك الحالة؟
_ انتبهت على صوتها الذي أخرجها من شرودها:- 
همليني لحالي هبابة يا مروة أني رايدة أنام 
_ كذبت صباح في حديثها لكي تحظى بوقت تعيش فيه حدادها بمفردها بينما استغلت مروة الفرصة وأسرعت إلى الخارج لكي تأزر طاهر في محنته، طرقت على الباب ثم ولجت للداخل بهدوء ..
_ كان يجلس على الأريكة يطالع السقف في سكون مريب، اقتربت بخطاها منه خشية ردة فعله لكن عليها المحاولة لعله بحاجة إليها 
_ جلست إلى جواره وبتوجس نطقت إسمه:-
طاهر..
_ تفاجئت به يميل إلى كتفها فلامست هي ضعفه في تلك الأثناء ولم تندم على مجيئها إليه، مالت على رأسه بحنو دون أن تردف فيكفي أن تكون بقربه دون حديث وإن كان على أحدهم التحدث فسيكون هو وليس هي!
_ انحنى طاهر قليلاً ودفن رأسه في حضنها ، انتبهت مروة إلى شهقاته القوية التي هزتها بقوة، لم تتمالك دموعها وجهشت باكية مشاركة إياه حزنه كما ربتت على راسه بحنو وحب صادق 
''ااااه" 
خرجت من جوفه بنبرة متألمة فتبعها بكاء مرير يتردد صوته داخلها، شدت مروة على رأسه ثم انحنت عليه وطبعت قُبلة على خصلاته مرددة:- 
ربنا يصبر جلبك يا حبيبي 
_ ظل طاهر على وضعه لا يريد الإبتعاد ولا يستطع السيطرة على عبراته حتى يفرغ جميعها، ظلت مروة تأزره ببعض الكلمات الداعمة حتى تساعده على استعادة صوابه عاجلاً..
______________________________________
_ يقفان بشموخٍ يأخذون عزاء غاليهم الصغير، فاليوم تحققت العدالة وعوقب من قتله حتى وإن لم يحظوا بشرف قتله فيكفي أنه قُتل ولا يهم بيد من!
_كان حجم سرُادِق العزاء على مساحة مهولة له أكثر من مدخل ومخرج ناهيك عن الأنوار التي تعم المكان بأكمله كذلك حرصوا على حضور مشايخ ذات قامة وقيمة لترتيل القرآن طيلة أيام العزاء..
_ الحضور من جميع الطبقات، لم يصغي أحداً في البلدة عن عزاء هلال إلا وجاء ليقوم بواجبه، المكان ممتلئ بالانُاس منهم فريق من الضباط ذات الرواتب المختلفة، وعلى جانب آخر زملاء العمدة من كبار البلدة وأعيانها، والآخرين الأهالي التي تركوا ما خلفهم فقط من أجل العمدة وأبنائه ..
_ يصافح هذا وذاك ولا يدري هويتهم فهو لا ينظر في أعينهم من الأساس، باتت ورد شاغله الأساسي، ماذا سيفعل معها؟ حتماً لم يقدر على الفراق وفي الوقت ذاته لن يقدر على المواجهة!!
_ كيف يستيطع المواصلة وكأن شيئاً لم يكن، كيف بإستطاعته إلقاء الحقيقة خلف ظهره دون أن يتلفت، هل سيصمد أمام زرقاوتيها دون أن يلقي اللوم عليها في كل وقت وحين؟ 
_ لا علم له الأن، عليه فقط مسايرة تلك الأيام الثقيلة حتى تنتهي وينفرد بنفسه ربما حينذاك يصل إلى حل قاطع لأفكار عقله اللعينة..
______________________________________
_ مرت الليلة الأولى من العزاء ولم يترك ضيف مصطفى مطلقاً فكان في رفقته طوال الوقت، كذلك صفاء التي علمت بالفاجعة التي قلبت حياة ورد وظلت إلى جوارها فهذا واجبها ويحتم عليها فعله 
_ في صباح اليوم التالي، طرقت السيدة سنية باب غرفة ورد التي لم تظهر منذ مدة لتطمئن عليها ، شكلت بسمة على محياها حين رأتها تستند بذقنها على حافة الشرفة وكأنها في إنتظار شيء ما..
_ حمحمت لتجذب انتباهها قبل أن تردف:-
صباح الخير يا ورد
_ أعدلت ورد وقفتها وقالت وعينيها مثبتة خارج النافذة:- 
رايدة أروح لصباح مبطلتش بكا من امبارح 
_ تعجبت سنية فتفكيرها بعيد كل البعد عن حالها، استدارت ورد بجسدها ورمقت والدتها مضيفة:-
الليل كلاته مفيهش غير صوت بكاها، هي محتاجة اللي يجف جارها
_ اقتربت منها والدتها وربتت على ذراعها بحنو أمومي:- 
ربنا يجبر بخاطرك ياورد كيف ما بتجبري بخاطر الناس 
_ سحبت نفساً وتابعت:-
تعالي نفطروا لاول وبعدها روحيلها 
_ حركت ورد رأسها في رفض موضحة:-
أني راحة دلوك 
_ كانت تتهرب من الطعام كعادتها إن كان قلبها حزين، لم تدع الفرصة لوالدتها في الإعتراض وهرولت للخارج دون أن تلتفت بعدما التقطت وشاحها من أعلى الحاملة الواقفة خلف الباب ..
''صباح الخير يا ورد''
ألقى ماهر التحية عليها فأجابته وهي تغلق الباب:- 
صباح النور يا خال
_ تابعت توصيد الباب ومن ثم اتجهت إلى منزل عمها، تعجب ماهر من هرولتها وبفضول سأل شقيقته:-
مالها ورد بتجري كده ليه؟
_ جلست سنية أعلى الأريكة، أخرجت تنهيدة مهمومة وبنبرة حزينة مكلومة أردفت:- 
طبعها الهرب وجت ما تبجاش زينة
_ طالعها ماهر بشفقة وجلس بجانبها متمنياً لها السعادة:- 
ربنا يبدل أحوالها يارب 
_ تردد كثيراً قبل أن يلقي بسؤاله الذي يدور في عقله بحرج بائن:-
احم، أنتوا ناوين على ايه يا سنية هترجعوا معايا؟
_ انتبهت الأخرى لما قاله وبقلة حيلة ردت عليه:-
مخابراش يا ماهر يا أخوي، بس هنمشوا كيف وورد بالحالة ديي ومن غير إذن جوزها، متهيقليش ينفع واصل 
_ كان يريد إخبارها بذهابه لكي يداوم عمله فغير مسموح له بالغياب كلما أراد، انشغل بين أفكاره وانتقاء كلماته ليخبرها بالأمر دون حرج، لاحظت سنية شروده واستشفت ما خلفه فأسرعت بحديثها:- 
عاود أنت يا أخوي شوف مصالحك إني هفضل إهنه ويا ورد لما نشوف اخرتها ايه 
_ رمقها ماهر بنظرات ممتنة لكونها تفهمت الوضع وبحرج ظاهر في لهجته قال:-
غصب عني يا سنية والله أنتِ عارفة شغل الحكومة مفيهوش إجازة وقت ما أحب 
_ ربتت الآخري علي قدمه مرددة:- 
عارفة يا حبيبي ربنا يعينك ..
_ في الخارج، وقفت ورد تطالع الدماء التي تملئ الأرضية، شعرت برجفة قوية اجتاحتها إثر تذكرها للحادثة البشعة، لم تطيل النظر إلى المكان وتابعت سيرها إلى المنزل، طرقت بابه وانتظرت استقبالها من قِبل أحدهم..
_ استقبلتها مروة التي تفاجئت بحضورها، لا تعلم أي شعور تملكها في تلك اللحظة لكن حتماً لم تحب رؤيتها، فهي من سرقت لذة يومها الأول مع زوجها وكسرت مصدقية كلماته الحنونة بنطقه لإسمها بإستمرار، وعلى الرغم من الضيق الذي تملكها حينها إلا أنها استقبلتها باحترام مرحبة بها:-
اتفضلي يا ورد 
_ ولجت ورد إلى المنزل وهي ترمق المكان لطالما لم تدخلها منذ زمن بعيد، أزفرت أنفاسها بحرارة والتفتت إلى حيث مروة ورددت بنبرة خافتة:- 
رايدة اطلع لصباح 
_ اكتفت مروة بإيماءة قبول من رأسها فتحركت ورد صاعدة للطابق العلوي أثناء خروج طاهر من غرفته فتقابلا على السُلم، خفق قلب مروة متوجسة خيفة من ذلك اللقاء، وقفت تتابع نظرات طاهر وتغيراته أمامها بإهتمام شديد ..
_ تفاجئ طاهر بوجود ورد أمامه و للمرة الأولى لم يخفق قلبه لها، هو فقط تفاجئ بها أمامه ليس إلا، حمحمت ورد قبل أن تردف بشفقة:- 
جلبي عندك يا طاهر ربنا يصبركم، كنت جاية أطمن على صباح وأشوفها لو محتاجة حاجة 
_ بفتور قال:-
فيكي الخير يا ورد 
_ مر بجوارها دون إضافة المزيد وهبط إلى الأسفل تحت نظرات مروة عليه، على الرغم من أن تصرفه كان أقل ما يقال عنه عادياً إلا أن شعور الغيرة قد تملك منها وسيطر على خلاياها ولم تستطع التحدث معه بسهولة ..
_ طرقت ورد باب غرفة صباح وولجت بخطاها للغرفة فلا داعي للانتظار فبكائها واضح للغاية لها 
''مريداش اشوف حد هملوني لحالي" 
_ هتفت بهم صباح من أسفل الوسادة التي تعتلي رأسها فأسرعت ورد بتعريف هويتها:- 
ديي أني ورد يا صباح 
_ سكون حل لثانية، أزاحت صباح الوسادة من عليها لتظهر عينيها المتورمة، أشفقت ورد كثيراً على حالتها المذرية، اقتربت منها وهي تردد بحزن:- 
جلبي عندك يا صباح 
_ كادت أن تجلس مقابلها إلا أن صباح فاجئتها بكلماتها:- 
جاية تشمتي فيا؟
_ اتسعت مقلتي ورد مذهولة من سؤالها المريب، فأي شماتة ستكون في الموت!، حاولت تبرير سبب زيارتها:- 
شماتة! أني هشمت فيكي لإيه؟ أني جاية أجف جارك أشوفك لو محتاجة حاجة 
_ أعتدلت صباح في جلستها وتابعت هجومها بنبرة غير سوية:- 
ولا جاية تشوفي الحال اللي وصلنا له، جاية تشوفي صباح وهي منكسرة ومجهورة، جاية تتشفي فيا!! 
_ كانت كلماتها تسبب الصدمة لورد كلما أضافت شيء آخر، رفعت ورد يدها وأشارت على ذاتها بدون استعياب:- 
أني يا صباح! للدرجة دي شيفاني جليلة الأصل؟
_ نهضت صباح من مقعدها وهتفت ببغض واضح:-
لاه شيفاكي أصيلة وديه اللي مكرهني فيكي، أني بكرهك من كل جلبي، كل واحد عنديه عقبة سودة في حياته وأنتِ العقبة ديي يا ورد
_ الذهول دون غيره كان سيد الموقف، كانت تصغي ورد لما تقوله غير قادرة على الرد، تابعت الأخرى بلهجة محتقنة معنفة ورد:-
من صغرنا وأني بكرهك، كنتي واكلة عقول الكل، ورد ورد ورد، مفيهش غير ورد اللي اسمها بيتنطج طول الوجت في وداني، ورد جميلة ورد بيضة ورد عيونها مكحلة ورد عيونها زرج، ورد ذكية ورد شاطرة، اعملي كيف ورد ، اتنصحي زييها، الكل بيحب ورد وصباح لاه كاني مش موجودة من أساسه 
_ حركت ورد رأسها في ذهول تام رافضة تراهاتها السخيفة:- 
أني كنت صغيرة وجتها أني كنت طفلة!! 
_ صاحت صباح بعصبية بالغة وهي تجيب عليها بأسباب عدة:- 
حياتك كلها وردية أمك وابوكي كان شغلتهم يلعبوكي ويحضنوكي ويبوسوكي، صوت ضحككم كان بيخرك طبلة ودني من علو حسكم وأني أبوي كل ما يشوفني يسبني ويبعد عني وأمي كل اللي يهمها المال وطول الوجت عتتخانج عليه وتعايره إنها اغني منيه، وامك في الوجت نفسيه تكون جاعدة تحت رجلين عمي تغسلهاله، كنا بنعملوا فرح لما أبوي ينادي أمي من غير سب ولا شتيمة وأنتِ أبوكي مكنش بينطج إسمها غير وهو زعلان منيها!!
_ رفضت ورد سماع المزيد من سخافتها التي تفاجئت بها:- 
لاه دأنتِ حالتك حالة يا صباح
_ أولاتها ظهرها وأسرعت للخارج لكن الأخرى لحقت بها وأجبرتها على الوقوف بمسكها لذراعها  مضيفة بحقد:- 
أنتِ أحسن مني في ايه؟ ليه حياتك أحسن من حياتي، ليه مجدراش أحس بالكمال جدامك!! ليه الكل بيحبك ويتمنوا رضاكي، خطابك كاتير وهما ميعرفوش شكلك من أساسه، اتجوزتي ابن العمدة ولما مات خوه خدك!! 
_ حضر طاهر ومروة إثر صوت صباح المرتفع، وزع طاهر أنظاره بينهم في حيرة من أمرهم وألقى بسؤاله قائلاً:- 
في ايه عاد؟
_ تولت ورد الرد عليه بنفاذ صبر:- 
أختك اتجنت في مخها يا طاهر!! 
_ طالعت صباح شقيقها قبل أن تواصل ما لم ينتهي لديها:- 
حتى طاهر من وإحنا صغيرين بيهتم فيكي أنتِ ، لما فكر يعمل المرجيحة عملها لبت عمه مش لاخته، كنتي شاغلة تفكيره طول الوجت حتى لما كبر سكنتي جلبه!
_ أمسكتها صباح من كلتى ذراعيها وهزتها بكل ما أوتيت من قوة متسائلة بحسرة على حالها:- 
بتعملي ليهم ايه؟
_ تدخل طاهر الذي صعق من رميها للحديث في الوسط دون اكتراث لمشاعر أحد بوضعه راحة يده على فمها والغضب يتطاير من عينيه فنعكس على نبرته التي تحثها على التوقف:- 
اكتمي واجفلي خشمك ديه، يلا عاودي على اوضتك 
_ دفعت صباح بيده بعيداً عن فمها ولم تتوقف قط فلن تتراجع قبل أن تنهي مافي جوفها لعلها تشعر بالراحة:-
ردي يا ورد وجولي بتعملي ايه يمكن اتعلم منك وتبجي حاجة تتغفر لك، جولي سرجتي عجول الرجالة كيف وهما مشافوكيش، دول بيتجوزوا عشان ينسوكي وبرده مبيعرفوش!! 
_ لم يستطع طاهر تحمل المزيد، دفعها بكل قوته إلى أن أعادها إلى غرفتها ثم أوصد الباب قبل أن تهم بالخروج مرة أخرى، نكس رأسه بخزي شديد فلا يتحلى بالشجاعة لمواجهتن بعد إظهار حقيقة ما يخفيه عنهن 
_ أنسحبت مروة في هدوء إلى غرفتها فلقد أصابت صباح حدسها واكدت لها ظنونها فلا داعِ لوقوفها عزول بين الحبيبان، بينما التفت طاهر حين صغي لإغلاق باب غرفته وتأكد من ذهاب إحداهن فالأمر سيكون هين قليلاً لمواجهة ورد بمفردها ..
_ طالعته ورد لبرهة ثم خرجت عن صمتها بنبرة محتقنة:-
أنتوا كلاتكم مرضى ولازمن تتعالجوا!!
_ أولاته ظهره وهرولت إلى الأسفل ومن ثم عادت إلى منزلها في حالة لا يرثى لها، أوصد طاهر عينيه وفرك مؤخرة رأسه بعصبية بالغة، أعاد فتح عينيه التي صوبت مباشرةً على باب غرفته، شهيقاً وزفيراً فعل قبل أن يتوجه إليها لكي يصلح ما أفسدته صباح ..
______________________________________
_ تنفست الصعداء ما أن أغلقت الباب، تفاجئت بأعينهم تطالعها بغرابة من أمرها، حمحمت واعترضت أي سؤال قد تقابله منهما بصعودها إلى غرفتها 
_ توقفت حين وجهت لها والدتها الحديث:-
خالك هيروح يعمل الواجب ويعزي العمدة جبل ما يمشي
_ استدارت إليهم حين راودتها فكرة ما، ابتلعت ريقها وحسمت على تنفيذها:-
هاجي معاك..
_ اعترضت سنية بدافع الخوف:-
بلاها مرواحك يا ورد معايزنش حد يضايجك بالحديت 
_ هبطت الأدراج التي صعدتها واقتربت منهما، توقفت ثم علقت على ما قالته بثقة:-
محدش هيجدر يضايجني ومصطفى موجود 
_ فوجئت سنية بردها وحاولت منعها مراراً:- 
مش بعيد مصطفى نفسيه هو اللي يضايجك يا ورد اسمعي حديتي وبلاها مرواح للسرايا دلوك سبيه يهدي لاول يابتي 
_ حركت رأسها رافضة الرضوخ لحديثها موضحة:-
أني متجبلة مضايجته 
_ رفعت بصرها حيث يقف خالها وأضافت:- 
هم بينا يا خال 
_ لم يكن في مقدرته الرفض فهو فقط يفعل ما يجلب لهم الراحة، تنهد قبل أن يردف:- 
يلا بينا..
_ طالعته سنية بنظرات تحثه على التراجع ومنعها من الذهاب فلا تريد أن ينكسر قلبها من خلف مصطفى وغيره، أشار لها ماهر بأهدابه يطمئنها فحتماً لن يرضى أن يمسها حزن في وجوده ..
_ اتجه كليهما إلى الخارج برفقة بعضهما البعض  ثم توجهوا إلى سرايا العمدة حيث سرُادِق العزاء الذي يأتيهم صوت ترتيل القرآن من على مسافة بعيدة ..
_ تسللت ورد إلى باب المطبخ بمساعدة صفاء التي علمت بحضورها بينما استأذنها ماهر في تأدية واجبه لأن تنتهي مما تريد فعله، استطاعت ورد الوصول إلى غرفتها بسهولة لعدم وجود أي أناس في السرايا فالجميع في سرُادِق العزاء سواء كان رجال أم نساء 
_ هاتفت صفاء ضيف لكي تخبره بحضور ورد فقابلها هو بسؤاله:-
يعني أعمل ايه أني دلوك؟
_ ابتعدت صفاء عن ورد قليلاً لكي تكون على راحتها معه:-
شوف لك أي حجة تخليه يعاود بيها أوضته يا ضيف أنت هتغلب يعني! 
_ تأفف مستاءً وأنهى مكالمته معها وعقله مشتت لا تأتيه فكرةٍ يعيد بها مصطفى إلى غرفته، علقت في ذهنه أحد الأفكار فأسرع في تنفيذها، التقط فنجان قهوة من أحد العاملين الذي يقوم بضيافة الحضور، ارتشف القليل وسار نحو مصطفى متصنعاً عدم معرفته لأحد الحضور ليصل إلى مبتغاه:- 
ألا بجولك مين الراجل اللي جاعد جار الحاج أبوي وبيتودد معاه ديه؟
_ أخبره مصطفى بهويته في اللحظة نفسها الذي مال ضيف بيده الممسكة بالفنجان لتتساقط القهوة على جلباب مصطفى بسهولة ..
_ هتف ضيف بندم  زائف حين وقع بصره على جلباب مصطفى المتسخ:-
أني آسف يدي نملت فجاءة
_ ألقى مصطفى بصره على جلبابه بضجر وبجمودٍ قال:- 
محوصلش حاجة، هصعد ابدلها واعاود 
_ ظهرت إبتسامة لم تتعدى شفاه ضيف لتسديده هدفاً رائعاً، أخرج هاتفه من جيبه وأخبر صفاء بقدوم مصطفى فهرولت هي سريعاً عائدة إلى المطبخ بعدما أعطت البشري لورد التي انتظرت عودته بفروغ صبر ..
_ أدار مصطفى مقبض الباب وولج للغرفة بملامح جامدة من وقت علمه بحقائق الأمور، تفاجئ بوردته تتوسط الغرفة وزرقاوتيها يطالعنه بإفتقاد وشوق ظاهران ..
_ خفق قلبه فور رؤيته لها، لانت ملامحه فشوقه تغلب على غضبه، لكن سرعان ما تجهمت مرة أخرى وصاح متسائلاً:- 
ايه اللي جابك إهنه؟
_ أسرعت ورد بالإقتراب منه محاولة استعطافه وتبرير موقفها:- 
صدجني أني كنت هجولك بس ست نادرة ضغطت عليا، وخوفتني عليك كان غصب عني، حتى مجدرتش أواجهك بعديها وسافرت لاني معرفتش أداري عنك ولا أنام على المخدة نفسها معاك وأني حاسة إني غشاك!!
_ توقفت عن الحديث في انتظار رده عليها، طالعها مصطفى لوقت وبجمودٍ أجابه:-
ديه مينفيش حجيجة إنك السبب في موت أخوي وأني كل ما هشوفك هفتكر هلال وهو غرجان في دمه!! 
_ لم تتحمل ورد فهي تحادثه وبكائها على حافة السقوط، أجهشت باكية بمرارة وهتفت بتلعثم:- 
مكنش جصدي، مكنتش أعرف أنه هيوصل بيه الحال لإنه يتجتل، أني اتعشمت فيه يرجع لي حجي ولما حوصل اللي حوصل شيلت ذنبه كاني السبب، مكنتش خابرة إني السبب من أساسه بس والله ماكنت خابرة إن ديه اللي هيوحصل، أني جولت حمدان هيخاف منيه عشان بوه العمدة وهيرجع لي حجي من غير خساير!!
_ سقطت ورد بإهمال وظلت تندب بتحسر:- 
مكنتش خابرة إن ديه اللي هيجري، مكنتش خابرة!!
_ فوجئت ورد بمروره من جانبها دون أن يكترث لحالتها التي كانت عليها، من أين جاء بذاك الجحود، لم يكن كذلك من قبل فما رأت منه سوى  معاملته الحسنة الحنونة، لم يتركها حزينة إلا وأصلح الأمور بينهم في اللحظة ذاتها فمن يكون هذا إذاً، حتما ليس مصطفى التي تعهده إنه النسخة السيئة منه.
_ ولج مصطفى إلى المرحاض هارباً من دموعها التي مزقت قلبه أشلاء، أستند برأسه على الباب في محاولة جاهدة بأن يصمد حتى تذهب هي وبالفعل بعد دقائق معدودة صغى إلى غلق الباب، أدار مقبض الباب ليتأكد من مغادرتها 
_ إنهارت قواه حين  رأي الغرفة خاوية، لم يتحمل لأكثر وخار ثوب الجمود الذي يرتديه، أخرج ''اااه" موجوعة من أعماق قلبه، شعر بحرارة شيء غريب قد سقط على وجنته، عاد إلى المرحاض وطالع صورته في المرأة فتأكد من كونه يبكي!! 
_ مصطفى يبكي!!، لم يكف عن البكاء الذي يقطعه شهقات قوية يتردد صداها في المكان، يعلوا صدره ويهبط بصورة مضطربة، كانت مرته الأولى لأن يسمح لقوته في الإنهيار بهذا الشكل!! 
_ رفع ذراعه وبغضب لم يعد يستطيع السيطرة عليه ضرب المرآة براحة يده حتى تناثر حطامها في أنحاء متفرقة، أخفض بصره على أصابعه التي تسيل من بينهم الدماء وبعد مدة فتح صنبور المياه ليغسل يديه جيداً ثم قام بتعقيمها وتضميدها بلفافة قطنية 
_ بدل جلبابه المتسخ وجلس على طرف الفراش يطالع المكان الذي ترك فيه وردته تبكي فيه بمفردها، لعن موقفه الذي قيده ومنعه من معانقتها في تلك اللحظة لقد وعدها بأنها لن تبكي في وجوده وهو الآن من يتسبب في ذلك، لكنه لم يخرج من صدمته بعد فكيف سيحتويها وقلبه منكسر لا يقدر على إلتئام جروحه ومدواتها!! 
_ فرت دمعة أخرى من عينيه رغماً عنه كلما فشل في اقتلاع صوت بكائها من عقله، يشعر بضعفه وقلة حيلته، سحب نفساً وهو يردد بخفوت:- 
''اللهم إني اعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال''
_ تابع مطالعته للفراغ الماثل أمامه لعله يستعيد جزء من صفوه الذي ذهب ولم يعد إليه منذ علمه بحقيقة الأمر اللعين..
______________________________________
_ وصلت إلى الخارج بخطى متمهلة ثقيلة، لم تنعم صفاء بمحادثتها فكان خالها في انتظارها وحتماً لن يتسامران أمامه ففضلت الصمت لحين الالتقاء معها بمفردهن
_ ظهر ضيف فور اختفاء طيف ورد وخالها ، تقدم نحوها بخطى ثابتة، وقف أمامها وعينيه متبسمة بإشراقة طاغية، رفع ضيف بصره على القمر عالياً مردداً بلطف:- 
أللاه إيه اللخبطة ديي بجا؟
_ عقدت الأخرى حاجبيها متسائلة في غرابة منه:-
لخبطة ايه عاد؟
_ انحنى عليها وبتلقائية عابثة أجابها هامساً:-
جمرين في ليلة واحدة كاتير جوي 
_ كست الحُمرة وجنتي صفاء وأخفضت بصرها في حياء مشكلة إبتسامة عذبة على ثغرها، حمحمت وأردفت وهي تفرك أصابع يدها من فرط الإرتباك:-
طب جول أنت رايد ايه وامشي جبل ما أمي تاجي وتشوف وجفتنا تجوم تطخنا عيارين!
_ قهقه ضيف وهتف مازحاً:-
يلا اهو تبجي أرواحنا ويا بعضها بتحلج في السما بدل ما أني مش طايلك على الأرض 
_ بادلته صفاء ضحكة على ما أردفه بينما شعر ضيف بإنهيار ثباته لطالما تحلى بيه منذ وقوفه أمامها، وضع راحة يده على صدرها دافعاً إياها للداخل، يطالعها بشوق عازب يتمنى تسديد هدفاً يهدئ من لوعة عشقه إن سمح له المكان 
_ لحقت به قبل أن يطيل في الأمر فليس بالوقت ولا المكان المناسب لفعل ما استشفته من نظراته:- 
بعد عني يا ضيف إحنا في سرايا العمدة يعني تبجي فضيحة ما بعدها فضيحة إن حد شافنا
_ لم يكترث لتحذيرها التي تخيفه به، في حركة سريعة منه حملها وأجلسها على طاولة المطبخ الرخامية ووقف أمامها وهو يطالعها بعذوبة:-
أمك السبب في حالنا ديه، ولو على الفضيحة يا أهلا بيها حتى نخلصوا بجا
_ حركت رأسها مستنكرة أجوبته الجاهزة على كل شئ تردفه:- 
كن عندك استعداد لكل داهية بحاول أحذرك منيها! 
_ انحنى بقرب شفاها وهو يقول:-
هو أنتِ مخابراش؟
_ أماءت له بنفي مجيبة إياه بعفوية:-
لاه مخابراش
_ حادثها بقوة هذيلة من خلف وضعهم المريب والمحبب إليه:- 
أني بحب الدواهي جوي 
_ حسناً لم يستطع الصمود وسمح لنفسه بتذوق  شفتيها الصغيرة، لم يطيل الأمر وابتعد عنها قبل أن ينفضح أمرهم فأمرته صفاء بحياء يكسوا وجهها:- 
أخرج بجا جبل ما أمي تاجي 
_ وافقها على ما تريده وانسحب إلى الخارج بينما ظلت صفاء ماكثة مكانها تعض علي شفاها السفلى بخجل مفرط، انتبهت على سؤالها الصارم:- 
ايه اللي مجعدك فوج أكده يابت يا صفاء 
_ تفاجئت بها صفاء وحاولت إيجاد مبرر واضح لجلوسها أعلى الطاولة:- 
هااا.. كنت زهجانة جولت أجعد إهنه 
_ رُسم التهكم على تعابير صفية فإجابتها خرقاء ولا يصدقها عقل بشري، حركت رأسها في استنكار لتصرفاتها المريبة هاتفة بتهكم:-
ليه مرجيحة هي 
_ قفزت صفاء من عليها محاولة الهرب منها:- 
هروح أشوف لو الحريم محتاجين حاجة ياما عن إذنك
_ في أقل من الثانية كانت اختفت من أمامها هاربة من أسئلتها التي ليس لديها أجوبة عليها، انشغل عقلها بحياتها الوردية مع ضيف فمتي ستحظى بها؟
______________________________________
_ عاد إلى غرفته بعدما فشل في محاولة ترتيب أفكاره وانتقاء كلماته التي سيصلح بها التوتر الذي حدث بينه وبين مروة، أوصد الباب ونظر إلى الأريكة التي تتوسطها
_ مسحت مروة عبراتها سريعاً ما أن ولج طاهر للغرفة، أعتدلت في جلستها وكأن شيء لم يكن، ما زاد من ضيق طاهر أنها شكلت بسمة على محياها لكي لا تزيد من همه وهي الحزينة من بينهم! 
_. أخرج تنهيدة مهمومة وتوجه نحوها ثم جلس مقابلها وبعد تردد طال لوقت أخيراً بدأ حديثه:- 
مروة اللي سمعته ديه..
_ قاطعته مروة بوقوفها هاربة منه ومما سيحادثها فيه فحتماً ستجهش باكية إن سايرته في الحديث وليس بوقت انهيارها الأن:- 
مفيهش حاجة يا طاهر، صباح معذورة 
_ لحق بها قبل أن تتخطاه ووقف مقابلها، رفع وجهها بسبابته وأجبرها على مواجهة عينيه فرأي دموعها التي تلمع وتتلألأ في عينيها، سحب نفساً محاولاً تنقية كلماته لكي لا يجرح مشاعرها:- 
أني فعلا حبيتها..
_ بربك لماذا!! لن تقدر على مواصلة حديثه الذي سيؤلم قلبها، قاطعته للمرة الثانية بقولها:-
يا طاهر ديه مش وجت تبرير أنت في ظروف متتحسدش عليها، أخرج من محنتك لاول والحديت بيناتنا كاتير هروح فين يعني أني جدامك أهاه، سيبك مني أني المهم انتي دلوك 
_ رفض طاهر الاقتناع بعدم مراضتها فهذا سيكون إثم عليه وظلم لها وتابع حديثه مضيفاً:- 
الظروف كانت ضدي ومتوفجتش معاها، نصيبنا مش واحد، وديه اللي أني فهمته بعدين...
_ لم تتحمل مروة سماع المزيد وصاحت به بنبرة موجوعة:-
أني ذنبي ايه يا طاهر؟ ليه تكرهني في ليلة أي بت بتحلم بيها!!، اللي حوصل يوم الفرح ديه مكنش هيوحصل للحظة اللي واجفين فيها ديي لو مكنتش شوفتني ورد، أنت لمست ورد يا طاهر مش مروة!! كان جلبي بيتمزع كل ما تناديني بإسمها، مكنش ينفع تبدلها بغيرها يا طاهر أنت ظلمتني جبل ما تظلم نفسيك..
_ أوصد عينيه لبرهة فكل ما قالته صحيح وعليى علم به، لكنه يريد أن يرضيها لا يرضي لقلبها الحزن، مسح بأنامله عبراتها التي سقطت كالشلال وأردف:- 
عارف إني غلطت وظلمتك بس يشهد ربنا إنك من يوم ما دخلتي الدار ديي وأنى متعاملتش معاكي غير بكل حسنة ورحمة و..
_ قاطعته بتحليلها لآخر ما قاله:-
ديه لاني كنت صعبانة عليك، أنت جلبك طيب وحنين ومبتحبش تشوف حد حزين جدامك فمعاملتك ديي طبيعية!
_ أغلقت جميع السُبل أمام طاهر بوضعها لأحجار ضخمة هائلة للوصول إلى طريقة ما لمراضتها، أزفر طاهر أنفاسه باختناق شديد قد عصف به حينها فأسرعت مروة في المعاتبة المصحوبة بالإعتذار:-
أني جولتلك بلاها حديت دلوك أنت اللي أصريت، اني آسفة يا طاهر اعتبرني مجولتش حاجة
_ بهدوءٍ تام لم تتوقعه مروة ألقى بجسده داخل حضنها الصغير مستند برأسه على كتفها، شعرت مروة بقوته الهذيله التي عانقها بها وكأنه يستمد منها قوةً لكي يواصل بها يومه 
_ انتبهت لنبرته المتحشرجة بسبب البكاء الذي يحاول منعه:-
رايد أبدأ من جديد، رايد أبني حياتي معاكي انتِ، أول مرة جلبي ميدجش جصادها وأحس إنها كيفها كيف صباح يمكن حسيت بنفور منيها محستوش مع حد جبل أكده 
_ تراجع للخلف ليطالع عيني مروة وأضاف متابعاً:-
أني أول مرة أظهر ضعفي لمخلوج، أول مرة أحس إني محتاج مساعده، أول مرة أرمي نفسي على كتف حد وأبكي والحد ديه أنتِ، أني محتاجك تساعديني نبدأ مع بعض من جديد ..
_ لم يكن في مقدورها الرفض فالأمل الذي يتشبث فيه يرغمها على القبول، ناهيك عن حبه الذي سكن قلبها وبالتأكيد لن ترفض توطيد علاقتهم حتى تقوى ولو كان سيعاد كل شيء من أول وجديد ..
_ أماءت له بقبول فعاد طاهر إلى حضنها مصدراً تنهيدة حارة تردد صداها داخل صدر مروة من قوتها، ربتت بذراعيها علي ظهره مرددة:-
كل حاجة هتعدي، الأيام هتتعدل وهنفتكروا الأيام ديي ونحمد ربنا إنها عدت 
_ شد طاهر من قبضته على خصرها تاركاً نفسه يعيش لحظة ضعفه دون خوف أو خجل فهي زوجته حبيبته، بئر أسراره من سيكمل معها بقية حياته وعليها أن تري جميع أحواله لطالما لم يعيشه مع أحد غيرها ...
______________________________________
_ انتهى اليوم الثاني من العزاء، عاد الجميع إلى دياره يستعدون لليوم الأخير، لم يتغير شيء فيهم بل كان هناك شيء مشترك بينهم وهو الحزن والقهر الذي تبددا داخل قلوبهم
_ لم يعرف مصطفى طريقاً للنوم في غياب وردته كذلك لم يرف لها جفن لعدم زيارتها الراحة والاسترخاء التي تكتسبهم من نبضات قلبه أسفل أذنيها ..
_ بزغ النهار ببطئ على الجميع، عزمت صباح على الذهاب إلى ضيف الذي لا يجيب على مكالمتها كذلك لم يقف بجوارها كما يحتم عليه دوره في العلاقة، ودت إفراغ شحنة غضبها به لعلها تشعر بالقليل من الراحة 
_ كسرت مقبض الباب الذي لم يقوم طاهر بفتحه إلى الأن وتسللت إلى الخارج بحذر لكي لا توقظ الآخرين حتيى خرجت من المنزل وتوجهت إلى إحدى الطرقات التي يصل آخره إلى منزل ضيف.. 
_ في تلك الأثناء، خرج ضيف من منزله لكي يذهب إلى صغيرته كعادته صباحاً من كل يوم حتى يمتع نظريه برؤيتها كذلك ليحظى بقُبلة ثمينة تهدئ نيران قلبه المشتعل ..
_ رأته صباح على بعد منها ولم تلحق به، أسرعت خطاها خلفه فهي لن تتراجع عما نوت على فعله، صعقت حين رأته يقف أمام منزل صفية خادمة السرايا يتلفت حوله ليتفحص المكان، وقفت خلف إحدى البنايات لكي لا يراها وترى ماذا يفعل هناك ولما ذاك التوتر البادي عليه 
_ چحظت عينيها حين رأت صفاء من فتحت له وفي ثواني كان قد اختفى خلف الباب الذي ركله بقدمه، شعرت بوخزة في قلبها وهي ترسم عدة مواقف جريئة بينهما، لكن ما الذي أوصل بضيف إلى صفاء ومنذ متى؟ 
_ احتدت تقاسيمها وأقسمت بألا تترك الأمر دون أن تكشف قذارتهم ويكونوا حديث للبلدة في الأيام القادمة، هرولت إلى المنزل متوعدة إليهم بأشر الوعيد، طرقت بكل ما أوتيت من قوة على الباب هاتفة بعصبية بالغة:- 
افتح يا ضيف كل حاجة انكشفت يا جليل الأصل والرباية ..
يتبع...
لقراءة الفصل السادس والعشرون اضغط على : ( رواية عرف صعيدي الفصل السادس والعشرون )
لقراءة باقي الفصول اضغط على : ( رواية عرف صعيدي )
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-