رواية جبر السلسبيل الفصل الثاني عشر 12 بقلم نسمة مالك

 رواية جبر السلسبيل الحلقة الثانية عشر 12 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل الجزء الثاني عشر 12 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل البارت الثاني عشر 12 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل الفصل الثاني عشر 12 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل الفصل الثاني عشر 12 بقلم نسمة مالك


سطعت شمس نهار يومًا جديد ملييء بالأحداث، رغم ساعات الليل الطويلة التي مرت على أبطالنا،خاصةً "عبدالجبار" الذي لم تري عينيه النوم على الإطلاق، عقله لم يتوقف لو لحظة واحدة عن التفكير فيما فعلته زوجته الغالية "خضرا" أحب الناس و أقربهم إلى قلبه،
يسأل نفسه كيف استطاعت أن تقبل زواجه من غيرها بل و تطلب يد "سلسبيل" له بنفسها !!!
كيف لها أن تضحي في حقها به، و تقبل بأن امرأة أخرى تشاركها فيه !!!!
أطلق زفرة نزقة من صدره عندما وجد إجابة جميع أسئلته تتلخص بكلمة واحدة أنها تعشقه !!!! ..
عشق تخطي كل الحدود جعلها تضحي من أجله و تتقبل وضع من الصعب بل من المستحيل أن تتقبله امرأة غيرها،
لا ينكر أن فعلتها هذه ذادت حبها في قلبه أضعاف مضاعفة،و أيضًا تضاعف شعوره بالذنب لكنه مازال هناك جانب ما بقلبه الملتاع الذي لا يملك أي سلطة عليه، أزدهرت به براعم عشق قوي لتلك ال "سلسبيل"،
لا يعلم لما هي الذي خصها الله عن دون النساء أن تخطف قلبه بنظرتها الحزينة، لم يتخيل بيومٍ من الأيام أن يميل قلبه لأنثى أخرى غير زوجته،
كان هذا الأمر بالنسبة له من المستحيلات حتي وقعت عينيه على تلك الصغيرة التي قلبت كل شيء رأسًا على عقب، أصبح الآن أمام قلبين ينزفان من شدة ألمهما، و هو وحده مُلزم بإيقاف هذا النزيف، فهل سيكون عادل بينهما و يعطي لكل منهما حقها في قلبه رغم هذا الشعور العجيب الذي يغمره،
هو بكل ما يملك من قوة يشعر أنه مسؤل من زوجته "خضرا"، بينما "سلسبيل" يشعر أنه مسؤل عنها..
هبط الدرج بخطواته الواثقة، يدور بعينيه عن والدته "بخيتة" لقد عاد بوقت متأخر ليلة أمس كانت هي نائمة حينها، وجدها تجلس كعادتها كل صباح بحديقة المنزل بملامحها العابسة التي لا تتخلي عنها أبدًا..
سار نحوها ممسك بيده عصا خشبيه جديدة أحضرها لها خصيصًا بدلاً عن تلك التي هشمها وقت غضبه، لمحته "بخيتة" بطرف عينيها، فرمقته بنظرة غاضبة، و أشاحت بوجهها للجهه الأخرى و هي تقول..
"تَو ما افتكرت إن ليك أم زعلتها و كسرت عكازها يا عبد الچبار!!!"..
"مقدرش على زعلك يا أمه.. دا أني عايش برضاكِ عليا يا ست الناس".. قالها و هو يميل على يدها و يقبلها مكملاً ..
"حقك على راسي يا أم عبد الچبار، و لو على العكاز ..چبتلك واحد چديد أحسن منِه "..
"بخيتة " و هي تأخد منه العصا، و تتأملها بانتصار، فهي تعلم جيدًا أنه بار بها، و يسعي جاهدًا لينال رضاها عنه رغم كل ما تفعله..
"أنت اللي عكازي، و سندي، ضهري يا ولدي، و مع أكده عمري ما هرضي عنِك إلا لما تسمع حديتي و تتچوز و تچيب الواد.. وقتها هبجي راضية عنِك صُح".. 
"هتچوز سلسبيل يا أمه".. أردف بها و هو يجلس على المقعد المقابل لها بأريحية مكملاً بهدوء آثار غضبها..
"أني مستنظر قناوي هو على وصول، و شيعت حسان يچيب المأذون "..
" بخيتة " بغضب.. " لع يا عبد الچبار.. بلاش مِنها البت دهيه.. كرهتها و كرهت شوفِتها..ارميها لأبوها و غورها من اهنه، و أني هدلي على البلد أچيبلك بنتة صغيرة خمستاشر سنة أكده تكون لسَتها بت بنوت"..
انتظر حتي أنهت حديثها، و نظر لها بعتاب مردفًا.. "طيب إسألي لول علي اللي مرمية في المستشفى حالتها خطرة محتاچة عملية واعرة في جلبها بسبب قسوتك و قسوة أبوها و أخوي الله يرحمه ويسامحه عليها.. دي مهما حُصل كان بناتكم عيش و ملح"..
شهقت" بخيتة " بعنف، و ضربت على صدرها بكف يدها مدمدمة.. "بجت مريضة بجلبها.. على أكده لا هتبجي حمل چواز و لا خلفة يعني ملهاش عازه عنِدنا"..
" عبد الچبار".. بنفاذ صبر.. " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. الرحمة شوي يا أمه أحب على يدك"..
" بخيتة" بنبرة متوسلة.. " أسمع حديتي يا ولدي.. أني ريدالك الصالح.. هچيبلك بدل العروسة عشرة و نقي منِهم اللي على كيفك"..
" متتعبيش حالك على الفاضي يا أمه .. أني مهتچوزش غير اللي خضرا طلبت لي يدها"..قالها و هو يهب واقفًا، و تابع بابتسامة انبلجت على قسمات وجهه و هو ينطق حروف إسمها..
" سلسبيل "..
نظرت له" بخيتة " بأعين مشتعلة بغضب عارم حتي اختفى عن عينيها داخل منزله، و حدثت نفسها بوعيد قائلة..
" يا ويلك مني يا خضرا يا بت المركوب يلي ساحرة لولدي"..
........................................صلِ على محمد 💐....
"سلسبيل"..
لاحظوا الأطباء تطور ملحوظ بحالتها منذ ليلة أمس، خاصةً بعد حوارها مع "خضرا" عن زواجها من "عبد الجبار"..
شيئًا ما جعل روحها تنتعش، ربما الأمان الذي غمرها و هي تتخيل نفسها زوجة رجل سيكون سند، و درع حامي لها، هذا ما كانت تبحث عنه دائمًا حتي أوشكت على اليأس بعدما ظنت أنها لن تعثر عليه أبدًا..
و أخيرًا و بعد طول أنتظار وجدت من تستطيع الهروب إليه من قظ العالم و سرابيته، من برودة يناير و أرتعادته..
تزم عينيها حتي تمر قوافل الشك و الارتياب المغبرة بذكريات مبعثرة، كالعجوز الصغيرة تتلهف رتق تجاعيد الرحله لديه، جاءت إليه بالنزع الأخير فأما أن يكون منقذها أو قاتلها..
أما "خضرا" أيقنت أنها أخذت القرار الصحيح بزواج زوجها من "سلسبيل" بعدما درست الوضع جيدًا من جميع الجوانب،
عادات وتقاليد الصعيد بلدها تعطي الحق للرجل بالزواج على زوجته حتي لو أنجبت له جيش من الرجال، و لا تسمح لاي امرأة أن تعترض أو حتي تطلب الطلاق،يفضلون عودة ابنتهم لهم جثة هامدة، و لا تعود حاملة لقب مطلقة،
و إن حدث الطلاق في أصعب و أضيق الظروف لن يتركوها دون زواج إلا فترة عدتها فقط، و من ثم ستتزوج من رجل أخر بكل تأكيد سيكون متزوج قبلها، و ستصبح أيضًا زوجة ثانية، أو ربما الثالثة..
حينها لن يترك "عبد الجبار" ابنتيه معاها، سيأخذهما منها رغمًا عن أنفها هذا باعتبار لو تركهما لها من الأساس ..
وضعت في موقف لا تُحسد عليه، لكنه جعلها تكتشف جانب جديد عليها كليًا في شخصيتها، لم تكن تعلم عنه شيئًا، أصبحت قوية عن ذي قبل،
أقسمت على أن تحافظ على بيتها، و زوجها و لن تدع مخلوق يخرب عليها صفو حياتها،
لم و لن تعود لتلك الضعيفة التي كانت تفقد وعيها، و تبكي بانهيار إذا ألقت "بخيتة" على سمعها إحدي كلماتها الجارحة،
ستنتقم لكرمتها، و كبريائها، و لن تترك أو تتنازل ثانيةً عن حقها و حق "سلسبيل" من اعتبرتها ابنتها رغم أنها لم تُكمل الثلاثين عام من عمرها بعد.. 
"الله أكبر.. عيني باردة عليكي يا ست العرايس"..
نطقت بها "خضرا" التي أنتهت للتو من تمشيط شعر "سلسبيل" بعدما ساعدتها على أخد حمامًا دافئ و هي بمكانها.. طريحة الفراش..
"ربنا ميحرمنيش منك أبدًا يا أبلة خضرا"..
همست بها "سلسبيل" بامتنان، و ابتسامة دافئة تزين ملامحها التي بدأت تشرق من جديد..
" و لا يحرمني منِك يا خيتي، و يتم شفاكي علي خير قادر يا كريم ".. قالتها و هي تقرب من فمها كوب من العصير مكملة..
"عايزاكي تروقي و تقومي على حيلك قوام لأجل ما نعاود على الدار، و تبجي عنينا على بخيتة العفريتة" ..
صدح صوت ضحكة "سلسبيل" منذ وقتاً طويل لم تضحك من قلبها حتى كادت أن تنسي صوت ضحكتها، و همست مؤيدة حديثها..
" أيوه والله هي فعلاً عفريتة، و لايق عليها الاسم أكتر من بخيتة "..
" بسم الله الحفيظ".. أردفت بها" خضرا " و هي تسحب ياقة ثيابها و تبصق داخلها أكثر من مرة مرددة..
"متچبيش سيرتها العفشة دي مرة تانية لنلقيها فوق راسنا اهنه كمان"..
"لا اطمني عمرها ما هتيجي تزورني هنا"..
قالتها" سلسبيل " بثقة، و ابتسامة حزينة ظهرت على ملامحها الرقيقة..
مدت" خضرا" يدها و أمسكت ذقنها بين أصابعها جعلتها تنظر لها و تحدثت بتحذير قائلة..
" لع أوعاكِ تزعلي و لا تخافي من أي شيء واصل من اليوم و چاي"..
رفعت رأسها بشموخ، و تابعت بفخر..
" عايزاكي ترفعي رأسك و تشدي عودك، و تصلبي ضهرك.. أنتي الليلة هتبجي مرات عبد الچبار المنياوي، هتبجي في حمي راچل بمعني الكلمة..ياكل جلب اللي يفكر أنه يدوسلك على طرف".. 
تراقص قلب" سلسبيل " الموجوع فرحًا من حديثها الذي أعطاها قوة جعلها تتشبث بالحياة بعدما كانت تبغضها و تتمنى الموت لعلها تجد الراحة التي حُرمت منها..
...................................سبحان الله العظيم..
" بارك الله لكما وبارك عليكما و جمع بينكما في الخير" ..
قالها المأذون عقب إنتهاءه من عقد قران "عبد الجبار" على "سلسبيل" أمام نظرات "بخيتة" التي تتوهج كالنيران من شدة غضبها..
يا الله !!!
تعالت نبضات قلبه ،و تلاحقت أنفاسه بسعادة بالغة نجح في إخفاءها ببراعه، فأخيرًا أصبحت تلك الصغيرة زوجته ، تحمل اسمه،
فقد وافق "قناوي" على الفور دون لحظة تردد عندما جدد"عبد الجبار " طلبه للزواج من ابنته..
حتى أنه زوجها له دون أن يسأل عنها أو عن رأيها مطلقًا معتمد على أنه وكيلها ف "سلسبيل" لم تصل لسن الرشد بعد، لا يعلم أنها محتجزة بالعناية المركزة في قسم جراحة القلب بسبب ما فعله هو بها في المركز الأول،
"مبروك يا عبد الچبار ب!! "..
توقف عن إكمال حديثه، و تأوه بصوتٍ عالِ حين فاجئه "عبد الجبار" بلكمة قوية افقدته توازنه، و سقط أرضًا بعنف..
" مهانش عليك من ساعة ما رچلك خطت اهنه تطمن على بتك ، و تسأل عنِها مش باين لها بالدار لا حس و لا نفس ليه عاد"..
أنهى جملته، و مال عليه سحبه من تلابيبه، أوقفه أمامه مكملاً و هو يلكمة لكمه أقوى، لكنه لم يتركه يسقط هذه المرة..
"مالها بت الفرطو ااااه!"..
"اوعاك تغلط فيها بعد أكده "..
هدر بها بصوتٍ أجش و هو يكيل له اللكمات مكملاً بغصة تعتصر قلبه..
"كفاياك اللي عملته في جلبها.. من اليوم و طالع مبجتش بتك.. و لا ليك علاقة بيها.. بقت سلسبيل عبد الچبار المنياوي.. مَراتي،و اللي يبص نوحيها بعين اقلع له التنين"..
"اللي تؤمرني بيه يا چناب البيه.. مبقاش ليا صالح بيها من انهارده"..
أردف بها "قناوي" بصوت مرتجف متقطع حين رأي 
عيناه تتسعان بغضب و تبرز عروقه بخطورة، مشاعره المشحونة تعصف بداخله و تغير بصدره، تطلع له بنظرة لا ريب أصابته بالذعر و الخوف من قسماته العابسة بشدة، ليصيح بحدة و هو يقبض فجأة على عنقه بقبضته الفولاذية.. 
"و يكون في معلومك لو چرالها حاچة هقتلك بيدي، و أرمي چيتتك للكلاب"..
"عشقتك دون أن أدري ، و هل لنا ع العشق سلطان 
إداري مشاعري في قلبي، و أطلب النجاة من الرحمن 
،و خضرا رفيقة دربي. حب الصبا وبر الأمان 
هي أقرب إلي من نفسي. لا يوجد لمثلها وجود 
، و سلسبيل نبع الحياة حبي لها تخطي الحدود
 يارب للصح أهديني، و لسعادتهما قويني 
فهما قرة قلبي و عيني.. أرزقنا السعادة و الأطمئنان"
خاطرة إهداء من المبدعة نيمو.. نرمين نصر..
يتبع..
لقراءة الفصل الثالث عشر اضغط على (رواية جبر السلسبيل الفصل الثالث عشر)
لقراءة باقي الفصول اضغط على (رواية جبر السلسبيل)
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-