رواية وريث آل نصران الفصل الواحد والأربعون 41 بقلم فاطمة عبدالمنعم

 رواية وريث آل نصران الفصل الواحد والأربعون 41 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران البارت الواحد والأربعون

 

رواية وريث آل نصران الفصل الواحد والأربعون 41 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران الجزء الواحد والأربعون 

عيني تراكم وقلبي لا يراكم
لكن أملي تجدد بعد ضياعه بلقياكم.

اتجه "عيسى" إلى الشرفة يطلق الأعيرة بلا هوادة، وكأن مقصدهم لم يكن سواه فزادت شراسة الضرب في الخارج في محاولة للظفر به، ولكنه كان ثابت فواصل الضرب بلا رحمة، وبقى المشهد كالتالي هو فقط يواجه ضرباتهم المتلاحقة، ويتلقوا منه أعيرة خرجت مدافعة وهاجمة ولا يعلم أحد من الطرف الفائز، فقط صوت "ملك" التي صاحت خائفة:
خد بالك يا "عيسى" .
ظلت الأوضاع هكذا
ابن اخر روى دمه الأرض، وهجوم شديد على منزل والده منزل كبير القرية، و"عيسى" يواجه من مرسم شقيقه.
لم يتوقف كل هذا إلا بحضور رجال الشرطة من المركز التابع للقرية.... توقفت الأعيرة النارية تماما.... ولكن لم تتوقف رجفة "مريم" القابعة بأحد زوايا المرسم فاحتضنتها شقيقتها تحاول طمأنتها، لم يكن عقل وقلب "نصران" في حالة تسمح له بالتفكير في أي شيء سوى ابنه "حسن".

دخل الضابط إلى المرسم حيث شاهد "عيسى" من نافذته وطرح سؤاله:
ايه اللي بيحصل هنا يا حاج نصران؟... احنا جالنا بلاغ ان في ضرب نار هنا.

_ وديني عند أخوك.
قالها "نصران" لابنه بأعصاب تالفة وجاهد "عيسى" كي يعطي إجابة:
زي ما حضرتك جيت وشوفت كان في ضرب نار، احنا معندناش أي حاجة تتقال.

لم ينتظر "نصران" أكثر بل اندفع نحو الخارج، ولحق به "عيسى" الذي أخرج هاتفه يجري مكالمة، ثوان وأجابه صوت "طاهر" والذي هاتف "عيسى" يخبره ما حدث ويطلب منه الرجوع للمنزل سريعا
تحدث "عيسى" بانفعال وهو يجلس أمام عجلة القيادة جوار والده وقد جلست "ملك" وشقيقتها في الخلف:
ارجع يا "طاهر" البيت، انا وأبوك جايين على المستشفى مش هينفع هما يفضلوا لوحدهم هنا.

لم تكن المسافة طويلة، ولم يستغرق الأمر كثيرا حتى وصلا أخيرا إلى "طاهر" فكرر "عيسى":
روح يا " طاهر" .

_ أنا عايز اطمن عليه.
قالها "طاهر" بقلق حقيقي فحدثه "عيسى" مجددا:
واللي في البيت دول هنسيبهم كده لوحدهم، وفين الزفت الاتنين اللي كانوا على البوابة برا.
.
أصر "طاهر" على موقفه ونطق برجاء:
خلاص روح أنت يا "عيسى" أنا مش هقدر أروح وأسيبه كده، أنت مشوفتهوش وهو سايح في دمه.

كانت "مريم" في حالة من الصدمة، تأن بصوت منخفض وشقيقتها لا تستطيع الاستفسار لا تستطيع سوى محاولة تهدأتها.

لم يكن "نصران" معهم بل كان في عالم اخر، جلس على أحد المقاعد واضعا رأسه بين كفيه، لا يتحمل هذا أبدا، ففقيده الأول سرق نصف روحه، وإذا رحل الثاني لن تعد هناك حياة بالنسبة له.
إذا فارق "حسن" الحياة لن يسامح نفسه أبدا، فكل محاولات صلح ابنه له كانت فاشلة.

ربت "عيسى" على كتف والده محاولا طمأنته:
اطمن إن شاء الله هيبقى كويس.
تمنى لو أن ما يخبر به والده هو الذي يحدث فعلا، هو فقط يطمأن والده ولكنه يحتاج إلى من يطمأنه.

ظل "نصران" على حالته ولم يرفع رأسه فقط قال بنبرة كساها الحزن:
خد ملك واختها روحهم، وارجع انت يا "عيسى" البيت علشان اللي فيه.

وافقه "عيسى"، ولم يمر الكثير حتى كان في السيارة، ولم تجلس جواره " ملك" بل جلست في الخلف جوار شقيقتها التي لا تنقطع عن البكاء.
خمن أن سبب تواجد "مريم" في محيط المنزل ربما أن تأخذ شقيقتها التي بقت عندهم لساعات ولكنه أراد معرفة ما حدث فسألها:
هو ايه اللي حصل يا "مريم"؟

حاولت الحديث من وسط نحيبها فخرجت كلماتها متقطعة:
كنت بتكلم معاه ....وفجأة لقيت ضرب نار كتير، لقيته واقع قدامي... أنا مش عارفة ايه اللي حصل.
قالت جملتها الأخيرة بانهيار جعل " ملك" تحتضنها وتهمس:
خلاص... اهدي هو هيبقى بخير ان شاء.

أوقف سيارته أمام منزلهم فوجد والدتهما تهرول ناحيته ناطقة بلهفة:
انتوا اتأخرتوا كده ليه؟ .. وأنتِ بتعيطي ليه؟

_ مش وقته يا ماما .
همست "ملك" لوالدتها فتابعت هادية بخوف:
"عيسى" الناس بتقول إن "مهدي" اتقتل في فرح بنته... الكلام ده صح؟

أرادت منه أن ينفي، هي تخاف الدماء لا تريد سوى السلام لها ولفتياتها ولكنها سمعت صوت "ملك" التي نطقت بذهول:
أنتِ بتقولي ايه أكيد الكلام ده مش صح.

نطق أخيرا وهو يمسح على عنقه بتعب:
أنا معرفش حاجة عن "مهدي"، أنا أعرف عن أخويا اللي اتضرب بالنار وفي المستشفى دلوقتي.
قال ذلك ثم توجه ناحية سيارته وأفكاره تعصف به، أثناء عودته للمنزل علم بخبر مقتل " مهدي" وحين عاد وجد ما يحدث في منزلهم والأمر الآن بين اثنين.

وصل إلى المنزل واستطاع سماع الضوضاء الآتية من الداخل حيث "سهام" تصيح بانهيار:
اوعي من وشي أنا عايزة أروح لابني.
وكل من "رفيدة" و "تيسير" يحاول تهدئتها وخاصة "تيسير" التي أخبرتها:
يا ست "سهام" مينفعش، أستاذ "طاهر" اتصل وقال إنه أستاذ "عيسى" جايلنا، وهما هيطمنوا عليه ويطمنونا، لكن مينفعش خروجك افرضي ضرب النار رجع اشتغل تاني.

فتح الباب فهرولت "سهام" ناحيته تنطق بدموع طالبة إجابة مرضية:
هو كويس مفيهوش حاجة صح؟... خدني وديني عنده عايزة أشوفه.

_ هما هيتصلوا، محدش فيكم هيخرج تاني دلوقتي لحد ما الدنيا تهدى.
استنكرت ما يقول وصاحت:
وأنت هتحس ازاي، ما أنت أكيد بتكرهه، أنا عارفاك جاي هنا علشان الخراب بس، لو مودتنيش لابني دلوقتي أنا هروح لوحدي..
شهقت "رفيدة" وزادت دموعها بعد كلمات والدتها، و راقبت "تيسير" ما يحدث بخوف.
الجميع ينتظر رده ولكنه لم يجب بل دخل إلى مكتب والده، دقائق وعاد ثم سحبها من ذراعها ولكن وسط صراخها و "رفيدة" التي نطقت ببكاء:
يا "عيسى" بتعمل ايه؟... سيب ماما.

أدخلها غرفة المكتب عنوة رغم اعتراضها وأغلق الباب عليها بالمفتاح الذي أحضره من الداخل ثم وضع المفتاح داخل جيبه ناطقا بصرامة لشقيقه المعترضة:
أسيبها وتخرج؟، ولا أسيبها وتقعد تقول الكلام اللي ملهوش لزمة ده.

دقت "سهام" على الباب بعنف وصراخها يزداد وابنتها تحاول جاهدة والبكاء لا يتوقف:
يا "عيسى" افتحلها علشان خاطري.

لم يستجب فقالت:
طب دخلني ليها.

صاح وقد طفح كيله:
أما مش ناقص يا "رفيدة"، الباب ده مش هيتفتح غير لما حد يتصل يطمنا على " حسن" ، علشان أمك توعى وتعرف هي بتقول ايه.

ترك المنزل وخرج متوجها نحو البوابة الخارجية ليسأل الرجلين الواقفين أمامها حيث قد كُلِفا بالوقوف أمام البوابة الخارجية وحين حدث ما حدث لم يكن أحد منهم متواجد.
وصل إلى هناك ووجدهم وقد عادا إلى أماكنهم فنطق بغضب:
أنت كنت فين أنت وهو؟

تقدم أحدهم مبررا بصدق:
يا أستاذ "عيسى" احنا سمعنا صوت حد بيصرخ من الأرض اللي ورانا وجرينا نشوف في ايه ... قعدنا ندور ولما رجعنا لقينا ظباط المركز هنا.

أشار لهما محذرا باشتعال:
ادعوا ربنا انتوا الاتنين "حسن" يقوم منها على خير، علشان أي حاجة تانية غير إنه يقوم هتحصل ساعتها مش هعمل حساب لواحد فيكم.

جلس على الأريكة الموضوعة في حديقة المنزل، ينتظر على أحر من الجمر، يرغب في قول يطمأنه حتى يبدأ في التصرف.
ولم يكن وضع والده، و"طاهر" أفضل منه، انتظرا خروج الطبيب على أحر من الجمر حتى خرج أخيرا فهب كل منهما واقفا وأخبرهم هو وقد ظهر عليه أثر ما بذله من مجهود:
احنا طلعنا الرصاصة هيفضل شوية في العناية لحد ما نتأكد ان مفيش مشاكل بعد كده هيتنقل أوضة عادية.
استطاع "طاهر" أخيرا التقاط أنفاسه وبادر "نصران" بسؤاله:
ينفع ابص عليه يا دكتور؟

طلب منه الطبيب بود:
بلاش دلوقتي يا حاج "نصران"، و متقلقش إن شاء الله الأمور كلها تحت السيطرة، ومفيش أي لزمة لوجودكم هنا حضرتك تقدر ترجع ترتاح دلوقتي.

ما ان انتهى من حديثه حتى وجد رجال الشرطة وقد حضروا إلى المشفى لإتمام عملهم فقال " نصران" ل "طاهر":
اتصل بأخوك طمنه وسيبني أنا هتصرف،
وارجع انت البيت.

_ يا حاج ارجع ليه؟
اعترض " طاهر" فتحدث نصران بإرهاق:
"طاهر" اعمل اللي بقولك عليه.
انصرف يفعل ما طلبه منه، قبل أن يجري المكالمة كان " عيسى" هو الفاعل فأجاب يطمأنه:
أيوا يا عيسى.

★***★***★***★***★***★***★***★

مر يوم، ولكن ساعاته كانت ثقيلة على الجميع، وقف "جابر" ووالده مع "شاكر" الذي رفض أن يدخل جثمان والده المشرحة رفض شديد، ولم يقم باتهام أحد، فقط يريد جثمان والده، وقد حصل عليه بمساعدة "منصور" و "جابر" بطريقة غير رسمية، والآن يوصله إلى مثواه الأخير.
اتشحت "علا" بالسواد وجلست جوار والدتها التي لم تتوقف عن العويل منذ لحظة مقتل زوجها:
سيبتني لمين يا "مهدي"، حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا " نصران" وفي ولادك
حاولت ابنتها تهدئتها ولكنها صاحت وسمعها الجميع:
ربنا يحرق قلبك عليهم كلهم، بحق ما حرقت قلبنا عليه ومخلتهوش يلحق يفرح بالبت.
اعترض الجميع على جلوسها هكذا في الطريق وحاول "عز" الذي أتى لحضور الجنازة ردعها بقوله:
مينفعش كده يا حاجة، لا قعدتك دي تنفع ولا الكلام اللي بتقوليه، الحاج نصران ابنه حسن مضروب بالنار هو كمان وفي المستشفى والبلد كلها مقلوبة عليه، يعني ملهوش دعوه بقتل الحاج "مهدي"

أجابت على قوله بكلماتها السامه:
إياك يعدم ابنه، حسبي الله ونعم الوكيل فيه.
غادر "عز" متحدثا بضجر:
استغفر الله العظيم يارب.

نطقت ابنتها من وسط دموعها:
معنى أن ابنهم مضروب يا ماما انهم مش السبب، أوعي يكون شاكر الكام ساعه اللي اختفى فيهم بعد موت ابويا راح قتل ابنهم التاني؟

نطقت والدتها بنبرة منخفضة ولكن غاضبة:
اسكتي يا بت أنتِ أخوكي معملش كده، وحتى لو مش هما اللي ضربوا على ابوكي هتقولي غصب عنك انهم هما علشان يبقى قصاد الناس ملهامش حاجه عندنا ابنهم الأولاني قصاد ابوكي اللي قتلوه وخلصت كده... وانا بقولك اهو هما اللي قتلوا ابوكي وتلاقي حكاية ابنهم دي تمثيليه.

عادت للصراخ مجددا أمام نظرات ابنتها التي تحاول فهم ما تفوهت به بينما هي تصيح:
آه يا قلبي عليك يا مهدي اه.

**************************************

_ مكانش ليه لزوم مجيتك يا "سهام".
نطق "نصران" بهذه الكلمات محدثا زوجته التي جلست مقابله في غرفة ابنهما بعد أن تخطى مرحلة الخطر وانتقل إلى غرفة عادية وينتظرا الآن إفاقته.
ردت عليه بدموع وهي تمسح على وجه ابنها الغافي:
يعني انت قلقان عليه يا "نصران" وأنا لا، وبعدين مش كفاية مخلتونيش اجي غير النهارده؟

_ هو في حاجه حصلت بينك وبين "عيسى" يا "سهام"؟
داهمها بسؤاله الذي أربكها وجعلها تدافع:
حاجة ايه، السؤال ده تسأله ليه هو.

ابتسم وهو يخبرها:
هو مقالش حاجه، "رفيدة" اتصلت بيا وقالتلي انك شديتي معاه وقفل عليكي الباب علشان متخرجيش، شديتي معاه قولتي ايه؟

همس خرج بصعوبة ليخترق أذن "نصران" كلمة:
بابا.
هرول ناحية ابنه ومال عليه ينطق بلهفة:
حسن... انت سامعني يا بني.
خرجت مسرعة تنده الطبيب وحين عادت وقد أتى معها وجدت" عيسى" و "طاهر" وابنتها وقد أتوا معا... مال "عيسى" مقبلا رأس شقيقه قائلا:
بقى حتة عيل زيك يعملنا القلبان ده كله، يلا يا سيدي اهي جت من عند ربنا وابوك صالحك لوحده بعد مالفيت وراه السبع لفات.

ابتسم الجميع على كلماته و"رفيدة" التي اقتربت ناطقة بدموع اختلطت بفرحها بسلامته:
أنا كنت هموت عليك.

طالع "حسن" شقيقه "طاهر" منتظرا قوله هو الآخر فأجابه مازحا:
لا انا مش هقولك سلامتك، أنا لما تقوم هرنك علقة مكلهاش حرامي في مولد بسبب الليلتين اللي عيني مشافتش فيهم النوم بسببك.

كان الطبيب يفحصه فسألته "سهام" باهتمام:
هو كويس صح؟
_ متقلقيش هو احسن كتير دلوقتي، هنحتاج بس الكل يخرج ونسيبه يرتاح شوية.

مسحت على وجهه بحب، وبدأوا في مغادرة الغرفة تدريجيا فانتبه "نصران" لشئ ما مما جعله يسأل:
ابنك فين يا "طاهر"؟... انت مش قولتلي انك قولت ل "تيسير" تروح النهارده؟

وضح له "طاهر" الأمر بهدوء:
أنا قولت لمدام "ميرڤت" ان عيسى يوديها مع "يزيد" عند الست هادية ... مدام "ميرڤت" كمان عايزة تيجي ل "حسن" بس انا طمنتها وقولتلها بلاش دلوقتي وتخليها مع "يزيد" علشان قلقت يتعبهم، ومكنتش حابب اجيب يزيد المستشفى وقلقت يفضل لوحده في البيت هي وهو بعد اللي حصل.

وافق والده على ما قال ظاهريا ثم تبع ذلك بقوله:
ابقى فكرني لما نروح نتكلم.

_ أنا ماشي يا حاج.
قالها "عيسى" فاستدار له والده منتظرا ما سيقول، وقد انضم "طاهر" له فتحدث "نصران" بحزم:
أنا عايز النهاردة انتوا الاتنين تعرفولي مين اللي عمل كده.

★***★***★***★***★***★***★***★

_ لما أنتِ مش زعلانة عليه جيتي معايا ليه؟
قالت ذلك "هادية" وهي تنزل من السيارة بصحبة ابنتها "شهد" وقد أتيا لتأدية واجب العزاء، أجابت "شهد" بحزن لم تستطع عدم إظهاره:
جيت علشان احساس الذنب اللي عمال ياكل فيا على معاملتي ليه اخر مره مع انه كان يستاهلها.

نطقت "هادية" وهي تتجاوز مع ابنتها البوابة للوصول إلى المنزل:
وأنا جاية علشان "علا"... اخر مره لما كانت عايزانا
نخليها عندنا علشان ميجوزوهاش صعبت عليا أوي.

وصلا إلى الداخل، دقت " هادية" على الباب وبعد فتحه وقعت عين "شهد" على النساء وقد تراصن في الردهة وارتدين الملابس السوداء، واخترق أذنها صوت القرآن الكريم.

وصلت "شهد" ناحية مقعد "علا" ونطقت بحزن:
البقاء لله يا "علا".

وقفت " كوثر" وقد غضبت وبان في نبرتها هذا وارتفع صوتها:
اهلا اهلا باللي الخراب مزارش بيتنا غير لما قعدوا فيه، جايين ليه ولا هو انا بسأل مين، ما انتوا وشكم مكشوف.

أردفت "هادية" محاولة التحلي ببعض الصبر:
الله يسامحك يا "كوثر" وأنا مش جاية ليكي انتِ انا جاية ل "علا".

_ و" علا" مش عايزة منك حاجة، يلا يا اختي انتِ وهي سمعونا جمال خطوتكوا.
كان هذا قول "علا" مما صدم "شهد" وجعلها تقول:
تصدقي انك بت ناكرة للجميل ومتستاهليش اننا نجيلك اصلا، دلوقتي مش عايزة من امي حاجة، ولما جيتيلنا وكان ناقص تبوسي رجلها علشان نخليكي عندنا كان ايه؟

أوقفتها والدتها وحثتها على الخروج بقولها:
بس يا "شهد" متتكلميش، احنا جينا علشان الواجب لكن مفيش حد في البيت هنا بتاع واجب.

صاحت "كوثر" وقد تجمعن النسوة حولهن:
روحي يا حبيبتي ربيهم الأول وبعدين شوفي الواجب، الا صحيح هي الحلوة الكبيرة اتكتب كتابها بجد ولا دول كلمتين كده بيتقالوا وهي لسه دايرة على حل شعرها.

عاملتها "شهد" بنفس طريقتها صائحة:
تعالوا يا ستات اتفرجوا مين اللي بتتكلم على التربية، "كوثر" اللي بتتكلم، كوثر اللي ابنها بدل ما يحافظ على عرضه، عينه زاغت عليه، كوثر اللي ابنها اللي مترباش خلانا نمشي من البيت بسبب انه في الراحة والجاية بيتعرض لاختي واللي فتحتلك دماغه مره علشان حاول يتهجم عليها.

نطقت "كوثر" معترضة:
اسكتي يا بنت ال *** يا كدابة.

وضعت "شهد" يدها في خصرها وهي تقول لها:
وحياتك اهو انتِ اللي لا اتربيتي ولا ربيتي سواء الجحش ابنك ولا المعزة بنتك، الاتنين عايزين اللي يلمهم.

_ يلا يا "شهد"
قالتها والدتها وهي تحاول الخروج بها من وسط هذا الجمع
ولكن نطقت "علا" بغضب وانفعال:
هي مين دي اللي معزة يا بت، انا اقسم بالله لولا محترمة موت ابويا وحزني عليه كنت جبتك تحت رجلي، ابويا اللي عاش طول عمره يأويكوا وجاية يوم موته تشتمي مراته يا خدامتنا.

جذبتها "شهد" من خصلاتها قائلة بغل:
طب تعالي بقى.

ولم يبق سوى صوت الصراخ من جميعهن.

★***★***★***★***★***★***★***★

دقات متواصلة على الباب ، هرولت "ملك" إليه فلقد أكلها القلق بسبب تأخر والدتها ولكنها لم تجد أمامها سوى "عيسى"، رحبت به بتوتر وهي تسأله:
هو " حسن" بقى كويس الحمد لله؟ ... ماما لما ترجع قالتلي هنزوره.

هز رأسه موافقا وأخبرها:
"حسن" كويس الحمد لله... هي "ميرڤت" و "يزيد" فين؟

_ سيبتها تنام شوية، باين عليهم التعب.
أخبرته بهدوء فقال:
اندهي اختك.

شعرت بالخوف، موقف شقيقتها الآن يذكرها بموقفها لحظة استجوابها من أجل "فريد"... لذا وبدون تفكير قالت بصوت مرتبك:
مريم أصلها... في الدرس.

بان الكذب في نبرتها لذا أعطاها ابتسامة ووضع الساق فوق الاخرى مستريحا على المقعد وهو يقول:
خلاص تيجي على أقل من مهلها... أنا قاعد.

نظرت حولها هاربة ولكن ثبتها قوله:
اندهيلها، أنا عارف انها هنا... مبتعرفيش تكدبي.

احتدت نظراتها وهي تواجهه:
اندهلها وتقعد تضغط عليها بكلامك صح؟
ماهي قالتلك اللي عندها امبارح، و متقلقش اللي في بالك محصلش هي لو شافت " شاكر" في اللي بيضربوا نار كانت هتقول... لكن مش هندهالك علشان متقعدش تقولها.... ثم بدأت في تقليد لهجته الحادة متابعة:
لو عندك حاجة قولتيها علشان لو عرفت من برا قبلك هتندمي.

ارتفعت ضحكاته عاليا، حتى بدأ في السعال وهو يسأل من بين ضحكاته:
أنا بتكلم كده؟

شعرت أن حدة الأجواء تقل وهي ترى ضحكاته فهزت رأسها قائلة:
اه بتتكلم كده... انت مريب أصلا بحسك مش سالك كده.

سألها ضاحكا وقد رفع جاجبه الأيسر:
وأنتِ اللي سالكة بقى؟

قالت مسرعة:
أيوه طبعا.

_ مفيش سالك بيقول على نفسه سالك، قومي اندهي اختك يلا.
لم تهتم بما قال بل أصرت بعناد:
نايمة.

وضع كفه على وجنته قائلا:
وماله هستناها لما تصحى... ولا اقولك انا منمتش من امبارح.
ترك مقعده أمام صدمتها وهو يبحث عن غرفتها سائلا:
هي أوضتك فين بقى؟

سألته بصدمة:
أنت هتعمل ايه؟

أجابها ببراءة:
هنام ولما تصحى ابقي صحيني.

طلبت منه برجاء وهي ترى ما يفعل:
روح.

ضحك قائلا:
روح دي بتاعتي على فكرة...كده هندخل على شغل بعض.

_ طب هنده ليها وتتكلم معاها بالراحة.
ابتسم وهو يخبرها:
كان ممكن يبقى في مفاوضة قبل الكدب والملاوعة وقلة السلكان يا سالكة.

أشارت على كفه قائلة:
هات ايدك.
انكمش حاجبيه مستغربا هي دائما تسحب يدها والآن تطلب كفه، مد يده التي أشارت عليها، فقامت بربط حبال السوار الملفوف حول يده جيدا وانتهت من ذلك بقولها:
كان هيتفك خالص، وهيقع وانا تعبانة في لم الحظاظة دي مش معمولة ببلاش.

ابتسم على فعلتها ولكن قطع وقفتهما صوت إحداهن تصرخ من على الدرج في الخارج:
يا "ملك" الحقي، الحاجة "هادية" و"شهد" بيتخانقوا في بيت "مهدي" وبيقولوا "شاكر" بيضرب "شهد" .

انكمش جسدها وشعرت بالخوف وكادت أن تسقط لولا قبضته التي لحقتها وعيناه تطلب منها إجابة ولكن عيناها هي لا تطلب منه سوى أن يفعل شئ... سوى الأمان.
ربما تكن نجاته على يدها، وربما هلاكها على يده... معادلة صعبة ولكنه ومن دون أن يدرك بدأ يرى الحل في _هي_.

يُتبع ..

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-