رواية وريث آل نصران الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم فاطمة عبدالمنعم

 رواية وريث آل نصران الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران البارت السابع والثلاثون 

رواية وريث آل نصران الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم فاطمة عبدالمنعم


رواية وريث آل نصران الجزء السابع والثلاثون 

القوة لا تعني أبدا أن من أمامك شخص خارق،
ربما نبعت قوته من ألمه، ربما هذه القوة ليست إلا خيبات متكررة، وعثرات مؤلمة صنعت جانب وحشي أنت لا تراه إلا في لحظات الغضب فقط... اللحظات التي تستدعي القوة، القسوة،... تستدعي اضطرابه.

هذه الأنفاس التسجيل تشعر وكأنها تُسلب منك، ولكن الأصعب من السلب نفسه أنه أتى مباغتة... شعرت بذلك حين لثم وجنتها واعتدل يخبرها أنه أصبح بخير، حمرة غزت وجنتيها وشعرت أنها هي من ليست بخير أبدا فطالبت بارتباك:
أنا... أنا هروح.

تصنع الاستغراب ورفع حاجبيه سائلا:
والكلية؟... مش أنتِ جاية علشان أوديكي؟

تخطته وهي تتابع محاولة جاهدة الهرب:
لا... طالما أنت مش كويس دلوقتي خليها بعدين.

حاول اللحاق بها وهو يقول:
هتروحي لوحدك؟... استني هروحك.

لم تستمع له بل تحركت بسرعة أكبر وهي تقول:
لا أنا هروح... البيت قريب والدنيا نهار.
قالت كلماتها وهرولت مسرعة، تأمل رحيلها المرتبك، الذي ما إن تأكد منه حتى هاتف صديقه لتأتيه الإجابة بعد لحظات فقال:
ألو يا "بشير"

_ ايه يا "عيسى"، أنت جاي القاهرة ولا إيه؟
أجابه " عيسى" بهدوء:
"بشير" اسمعني كويس... أنا هجيلك النهاردة بالليل، عايزك تعرف "كارم" جوز خالتي فين، لو برا البيت تعرف هو فين وتقولي، لو في البيت اتأكد إنه مينزلش إلا لما اجيلك.

سأله "بشير" باستفسار:
طب ايه اللي حصل طيب فهمني؟

_ حوار كده يا "بشير" لما اجي هحكيلك عليه، بس اعمل اللي قولتلك عليه.
طلب منه ذلك وأردف مسرعا:
بقولك ايه أنا هقفل، بالليل أول ما اركب هكلمك.

أغلق مع صديقه الهاتف وتحرك عائدا ناحية المنزل مجددا... بينما في نفس التوقيت كانت هي تسرع في خطواتها نحو المنزل حتى سمعت نداء والدتها المتواصل:
يا "ملك".

توقفت مكانها فلحقها والدتها تسأل بقلق:
أنتِ كنتي فين؟

بررت لوالدتها خروجها وقصت لها مكالمة " ميرڤت" ثم اللقاء مع "عيسى" فأبدت "هادية" انزعاجها وهي تقول:
هو أنتِ اتجننتي، أنا مش منبهة عليكِ من امبارح متخرجيش غير وحد معاكِ، وقايلة للزفتة اختك قبل ما انزل تقفل عليكي بالمفتاح وأنا لما ارجع هفتح.

حاولت تهدأت والدتها فهي تعلم جيدا أن أعصابها تالفة:
ماما مفيش حاجة لكل ده، عمي "نصران" قالي إن في رجالة برا على مدخل القرية وعارفين "شاكر"... لو حاول يدخل هيمنعوه، ده غير إن " شاكر" واكل ضرب ينيمه في بيتهم شهر.

وصلا إلى المنزل فدخلت "هادية" أولا ولحقت بها ابنتها تساعدها في حمل الأكياس وهي تسمع قولها:
"شاكر" ده شيطان، أنتِ ايه يضمنك إنه يعمل حاجة مؤذية ويبقى بعيد عن الصورة، هو ولا حد تبعه... فتحت الباب ثم وضعت الأكياس على أرضية المطبخ متابعة بحدة:
اسمعي يا "ملك" نزول تاني لا، وخدوا بالكم بقى اليومين دول، علشان "شاكر" طالما ظهر كده يبقى مستبيع ومستعد يعمل أي حاجة.

زاد قلقها أضعافا وأخذت تفكر في الأمر ولم تعط إجابة ولكن نبهتها والدتها بقولها:
سمعتيني ولا لا؟

هزت رأسها موافقة:
سمعت يا ماما.

تنهدت "هادية" بهدوء ثم خففت من حدة حديثها وربتت على كتفها برفق طالبة:
روحي غيري هدومك وأنا هعمل الفطار.

قبل أن ترحل من المطبخ استوقفها سؤال والدتها:
أنتِ لما روحتي صحيح لقيتيه ماله؟

_ هو مين ده؟
سألتها "ملك" بارتباك... فاستغربت "هادية" ورددت:
لا حول ولا قوة إلا بالله، هيكون مين يعني، أنتِ مش بتقولي خالته قالتلك روحي شوفيه ماله.

هرولت ناحية والدتها صائحة برجاء:
ماما الله يباركلك... اوعي "عيسى" يجي هنا تقوليله خالتك اتصلت وقالتلنا روحوا شوفوه.

_ ليه هو عيب؟
سألت "هادية" مستنكرة ثم تابعت:
أنا لا بقول ولا بعيد، روحي غيري هدومك دي يلا ولما نقعد نفطر ابقى احكيلي كان ماله.
هزت "ملك" رأسها باطمئنان وحمدت الله أنها تذكرت أن تنبه والدتها، فهي لا تريد أن يعرف أبدا بمكالمات خالته لها.

★***★***★***★***★***★***★***★

وصل إلى المنزل، لم يرد الصعود لغرفته أو لقاء خالته... صعد إلى الطابق العلوي فسمع صوت من غرفة شقيقته "رفيدة"... دق الباب وسمع صوتها تسمح له بالدخول فدخل ليجدها تجلس في منتصف الفراش وجوارها " يزيد" الذي لا يكف عن البكاء، و"طاهر" الجالس على المقعد يراقب ما يحدث في صمت.
دخل وأغلق الباب خلفه وهو يسأل باستغراب:
هو في ايه!

وضحت له شقيقته بغيظ:
تعالى يا "عيسى" احضرنا، وقول كلمة.
استغربت ملابس الخروج التي يرتديها وسألت:
هو أنت كنت برا؟... ده أنا بحسب مفيش حد صاحي غيرنا.

سألها مشيرا على "يزيد":
ماله " يزيد" ، ومالك يا "طاهر" أنت كمان؟

وضحت له طالبة حل للموقف:
دلوقتي "طاهر" و"يزيد" مش بيتكلموا... علشان "طاهر" معاقب "يزيد".

هتف الصغير قاطعا نحيبه:
أنا كمان زعلان منه، ومش عايزه يذاكر معايا.

انفعل " طاهر" وتحدث:
"يزيد" أنا صبري قرب ينفذ.

لم يزد هذا الصغير إلا بكاء فسأل "عيسى" شقيقه:
عمل ايه طيب لكل اللي عاملينه ده؟

_ مبيعملش الواجب.
قالتها "رفيدة" وهي تحاول كبت ضحكاتها فطالع "عيسى" الجالس جواره بنظرات مستنكرة وهو يقول:
أنت عامل الليلة دي كلها علشان مبيعملش الواجب، ما ان شالله عنه ما عمل الواجب.
طالعه "طاهر" بضجر، فحاولت "رفيدة" تلطيف الأجواء بقولها:
بصراحة بقى عنده حق يا "طاهر"، كل شيء بالخلاف إلا الواجب بالاتفاق.
قهقهت عاليا بعد قولها فحثها " عيسى":
طب خدي "يزيد" واعملي قهوة واتأخري وأنتِ بتعمليها.

حاولت المشاركة في هذه الجلسة مقترحة:
"تيسير" بتعمل قهوة محصلتش... هخليها تعمل هي ونقعد احنا نتناقش.

_ برا يا "رفيدة"... واعملي أنتِ القهوة.
قالها " عيسى" بإصرار، فاحتضنت كف الصغير وهي تتجه للخارج باعتراض:
دي أوضتي على فكرة اللي بتطردني منها دي.

أشار لها خلسة على "طاهر" فهزت رأسها موافقة وأخذت الصغير معها، وقد تركا لهما المجال كي يتحدثا، فجلس "عيسى" على الفراش ليصبح في مقابل "طاهر" وسأله:
خرجوا اهم قولي في ايه؟

سرد "طاهر" ما لديه بضيق:
محدش مهتم بيه، وهو طفل لما ميلاقيش الاهتمام هيهمل، المفروض إنه داخل المدرسة السنة الجاية وأنا بعوده من دلوقتي على الدنيا، بقاله شوية سايق العوج ولا بيعمل اللي المدرسين بيطلبوه ولا بيروح تمرينات السباحة ولا أي حاجة في دنيته.

طرح عليه الحل:
طب ما جدته تقعد معاه، ولما "رفيدة" تبقى في البيت تقعد هي معاه، مش معضلة يعني يا "طاهر"، يا عم " حسن" يقعد معاه ما هو كده كده قاعد اليومين دول مبيخرجش.

_ ماما أهملته شوية المرة اللي فاتت، ووعدتني ده مش هيحصل تاني، و"رفيدة" مبتقدرش تقوله لا فحتى النص ساعة اللي ممكن تقعد معاه يخلص اللي وراه بيلعب فيها، و"حسن" زيها... أنا كنت ظبطت الدنيا وقولتلهم خلاص طول ما انا هنا هقعد أنا معاه في موضوع الدراسة ده، وهوديه تمرينات السباحة، ولما امشي ماما تبقى معاه وأنت توديه التمرين.

سأله "عيسى" باستغراب:
طب يا بني ما هي محلولة اهي، مشكلتك ايه بقى؟

أجابه بانزعاج:
الباشا مش راضي حد يقعد معاه، وعايز يروح ل "شهد" تعمل معاه الواجب... وكذا مرة أروح أجيبه من محل الست "هادية"، أنا بقيت أتحرج من الناس، والصبح لقيته باعت ل " شهد" على واتساب record الباشا بيحكيلها مشكلته، وطبعا قالتله تعالى يا "يزيد" كل يوم ونعمله سوا.

_ وهو جاب رقمها منين؟
سأله "عيسى" بضحكة ماكرة فلوح "طاهر" بذراعه في الهواء قائلا:
هو ده وقته أنت كمان.

رفع "عيسى" كفيه ببراءة وهو يقول بضحكة متسلية:
هو أنا قولت حاجة، أنا بسأل سؤال بريء.
نظر "طاهر" للأرضية بصمت فسأله "عيسى" مجددا:
بتحبها صح؟

رفع "طاهر" حاجبه يطالعه فضحك "عيسى" عاليا وهو يصحح:
يا عم بلاش بتحبها، معجب بيها.

لم يعطه "طاهر" إجابة فتابع "عيسى":
على فكرة هي كمان بتحبك.

_ احلف!
قالها " طاهر" مسرعا فضحك "عيسى" عاليا وهو يخبره:
طب ما أنت واقع أهو، عامل فيها تقيل ليه بقى؟

سأله "طاهر" بجدية:
"عيسى" بجد مش بهزر، ايه اللي خلاك تقول إنها بتحبني؟

وجد "عيسى" زجاجة من مشروبه المفضل قد أحضرتها "رفيدة" لنفسها ففتحها وقبل أن يشرب اعترض "طاهر":
ما تقول بقى، متخلينيش اغلط فيك وفي البتاع اللي بتشربه ده.

رفع " عيسى" حاجبيه ناطقا بتشفي:
خليك كده بقى... مش هقولك.
طلب منه "طاهر" برجاء:
قول بقى يا "عيسى".

أراح " عيسى" جسده على الفراش قائلا:
امبارح بعد الكلام اللي اتقال عن المحل المحروق، وإنك جواه... كانت واقفة هناك وكانت قلقانة، وفضلت تسألني هو كويس لدرجة إني شكيت إنها هتقولي وأنا بكلمك طب هاته أكلمه.

_عادي يعني يا "عيسى" قلقانة زي أي حد.
قالها "طاهر" فحدثه "عيسى":
أنت حمار يا " طاهر" ، بقولك كان ناقص تاخد التليفون من ايدي علشان تطمن عليك.

ضحك "طاهر" ثم سريعا ما انتبه لكلمة "عيسى" فنطق:
ايه حمار دي، ما تحترم نفسك.

مط "عيسى" شفتيه بضجر تبعه بقوله وقد استنزف كامل صبره:
ما تلخصلي يا "طاهر" وتقولي أنت بتحبها ولا مبتحبهاش؟

أشار له "طاهر" بسبابته منبها:
ما هي دي المشكلة بقى، أنا مبعرفش ألخص.

_ مبتعرفش ايه! ... شغالين بس من ساعة ما أنا رجعت القرية، "طاهر" راح، "طاهر" جه... وطيار، وسفر ليل نهار وفي الآخر مبتعرفش تلخص... لما "طاهر" ميعرفش يلخص مين بقى اللي هيلخص؟
قال "عيسى" هذه الكلمات مما جعل "طاهر" يقول:
يا "عيسى" أنا مش عارف فعلا، أنا شعوري ناحيتها مختلف.... لمعت عيناه وهو يتابع:
باختصار كده بكون فرحان إنها موجودة... بس مش فرح من العادي ده، لا حاجة مختلفة وجديدة أول مرة احسها.

ضحك "عيسى" وأشار إلى عيني "طاهر" قائلا:
بقى بالنظرة دي ومبتعرفش تلخص... أنت بتشتغلني يا "طاهر"؟

طالعه " طاهر" وسأله طالبا العون:
طب قولي بجد، أعمل إيه؟

_ لخصلها.
قال "عيسى" ذلك ثم أطلق ضحكاته العالية مما جعل "طاهر" يخبره بضجر:
أنا غلطان إني بتكلم معاك.

رفع "عيسى" كتفيه يسأله:
هقولك ايه يعني؟... خد أبوك وأمك وروح لامها.

هز "طاهر" رأسه نافيا:
لا، مش عايز أعمل ده دلوقتي...أنا واحد اتجوز مرتين ومعاه ولد أكيد أمها هيبقى عندها موانع كتير في الحتة دي، وأنا حاسس إني هبقى بظلمها.

ربت "عيسى" على كتفه سائلا باستنكار:
تظلمها ايه يا بني هو أنت هتقتلها؟، ده جواز...أنا حاسس إنها بتحب "يزيد" من كلامك، وبصراحة شايفك مشدود ليها مقولتش بتحبها اهو علشان متزعلش.

ضربه "طاهر" بخفة حانقا فتابع "عيسى" بضحك:
فاتحها، شوف هي ظروفها ايه لو حسيت إنها موافقة، خد الحاج "نصران" واطلعوا على أمها.

فتحت "رفيدة" الباب فجأة وقد دخلت بمفردها دون الصغير، تسأل:
هي مين دي اللي هتاخد أبوك يا "طاهر" وتطلع على أمها.

_ حطي القهوة.
طلب منها "طاهر" فوضعت القهوة على الطاولة فجذبها من ملابسها قائلا:
أنتِ واقفة تلمعي أوكر على الأبواب؟

هزت رأسها نافية:
والله ما حصل، أنتوا اللي صوتكم كان عالي، بس عموما أنا عندي تخمين كده للي هتروحوا لأمها.

طالع "عيسى"... " طاهر" فابتعدت هي وجلست على الفراش جوار "عيسى" واضعة الساق فوق الاخرى وهي تقول:
"شهد" بنت الست "هادية" مش كده؟

_ ده أنت واقف من بدري بقى يا باشا.
قالها "عيسى" فنفت موضحة له بضحكة واسعة:
لا... أنا بس يوم كتب كتابك، كنت ملاحظة إن "طاهر" والأنسة ما بينهم connect eyes مليان حاجات حلوه الصراحة.

ضحك "عيسى" سائلا:
وأنتِ بقى ال eyes بتوعك كانت راحة جاية عليهم؟

_ مفارقتهمش لحظة.
لم يكد يرد "طاهر" حتى دخل "حسن" وبيده "يزيد" مرددا بغيظ:
اتفضل يا أستاذ "يزيد" اقعد
وضع الكوب الساخن متابعا:
وادي الشوكولاتة بتاعتك اهي، طالما أنت خاصمت "رفيدة" كمان وأنا اللي هلبس.

ارتفع ليجد "عيسى" أمامه فسأل بعينين بدا عليهما الدهشة:
هو أنت هنا ازاي؟

سأله "عيسى" بعدم فهم:
هو ايه اللي هنا ازاي؟

شرح له "حسن" بذعر:
"عيسى" أنت لازم تقنع أبوك يصالحني، ويرجعني أخرج تاني، أنا بقى بيحصلي تهيؤات... وأنا طالع سمعت صوت في أوضتك فافتكرتك جوا ودلوقتي لقيتك هنا، و "تيسير" تحت... مين بقى اللي انا سمعته ده .
اتجه "عيسى" نحو الخارج قاصدا غرفته وهو يخبرهم:
دي "ميرڤت".

رددوا الثلاثة باستغراب وكل منهم يتساءل عن سبب وجودها هنا:
" ميرڤت" !

★***★***★***★***★***★***★***★

ليس طعام لفرد واحد بل طعام يكفي جيش بأكمله، دخلت به الخادمة في منزل "مهدي" إلى غرفة "شاكر" وتبعها والدته وشقيقته حيث صرفتها "كوثر" بقولها:
حطي الأكل واطلعي.

فعلت ما طلبته منها، أما "كوثر" فجلست على الفراش جوار ابنها تمسح على خصلاته سائلة:
ليه بس يا "شاكر" كده، ايه اللي رجعك يا بني.

كل إنش في جسده يؤلمه، أحضروا له الطبيب، ونام من بعدها ليكون استيقاظه الأول الآن، طالع والدته وهو يجيب:
جيت لما عرفت انك سيبتيها تتجوز،
كده تسيبي أبويا يجوزهاله وأنتِ عارفة أنا عملت ايه ومستعد أعمل ايه علشانها.

صاحت شقيقته باعتراض:
ما تفوق بقى يا "شاكر" من القرف اللي أنت غرزتنا كلنا فيه ده... هو أنت مفكرها لعبة؟، بتاعتك لوحدك ومينفعش نديها لحد.... وجاي هنا برجلك كمان

_ متكلميش اخوكِ كده، اتكتمي خالص.
قالتها والدتها بحدة فدافعت "علا" عن قولها:
لا مش هسكت، أنتِ مشوفتيش "عيسى" ابن نصران امبارح كان طايح فينا كلنا ازاي؟..ابنك لولا ستر ربنا كان هيموت في ايده، ده حتى أبوه اللي بلد بحالها بتسمع كلمته مسمعش كلمته وقاله لا... مفكر هترجع تاخد "ملك" من ايديها وهيطبطبوا عليك، ويدوك بوسة فوقها علشان قتلت ابنهم.

صاحت فيها والدتها بغضب:
أنتِ هتسكتي ولا أقوم ليكِ؟، أخوكِ تعبان مش قادر.

_ لا قادر وسامع، سيبيها تكمل وتقول اللي عندها كله.
قالها بنبرة عالية جعلت "علا" تتوجس فتابع:
اه هي لعبة، وبتاعتي لوحدي، ومحدش هياخدها غيري يا "علا"، وابن " نصران" ده هو وعيلته كلها أنا هعرف ازاي أخليهم محدش فيهم يهوب ناحيتي، ضهري هيتسند على ناس كبيرة، نصران وابنه واللي هيتشددلهم مش هيعرفوا ياخدوا حقهم مني... واللي عنده حاجة يثبتها بقى.

كانت شقيقته تطالعه بغير تصديق في حين والدته تمتم داعية:
بعد الشر عليك يا حبيبي.
فصرخت "علا":
شر ايه، أنتِ سامعة كلامه... طالما أنت شاطر أوي كده يا " شاكر" شيل شيلتك لوحدك، متخليش حد فينا يشيل معاك.... أنا كنت هتجوز "محسن" علشان كان عارف سرك ومخبيك، وطالما أنت طلعت خلاص وفاتح صدرك أوي كده أنا مش هتجوزه.

ضحك يخبرها لما جعلها تشتعل:
لا هتتجوزيه يا "علا"، معندناش بنات مطيعة حلوة زيك كده تقول لا، هتتجوزيه علشان " محسن" هو الوحيد اللي راسي على الليلة كلها، وساكت علشان هيتجوزك، وعلشان صاحبي.

اعترضت:
أنا مليش دعوة بيك يا "شاكر" إن شالله تروح في ستين داهية، أنا مليش فيه.

أشار "شاكر" لوالدته قائلا بأريحية شديدة:
قومي ربيها أنتِ دلوقتي... وأنا لما أخف إن شاء الله هبقى أربيها مرة كمان.

قبل أن تتقدم والدتها منها، دخل "مهدي" الذي صاح في الجميع:
أنا مش عايز أشوف حد هنا.

ضحكت "علا" بتشفي، فتقاسيم والدها لا تدل إلا على الشر، فهمست لشقيقها:
قابل بقى، ولو فضل فيك صحة ابقى تعالى ربيني.

حاولت "كوثر" أن تهدأ الأجواء:
"مهدي" بالراحة عليه، هو لسه ....

_ قولت كله يطلع برا.
كانت كلماته صارمة وهو يطالع عيني ابنه، كل منهم يطالع الاخر ولا يريد سوى شيء واحد، فهم ما ينتويه الطرف الماثل أمامه.

★***★***★***★***★***★***★***★

ترتدي حقيبتها من جديد وهي تسحب حقيبة ملابسها، دخل "عيسى" الغرفة فوجدها تتأهب للرحيل لذا سألها:
رايحة فين ؟

_ ماشية... علشان وجودي هنا الظاهر تقيل عليك.
قالتها بدموع، فرد عليها:
تقيل عليا؟... لا متقلقيش يا "ميرڤت" وجودك مش تقيل، أنا مديونلك بعمر عيشته في بيتك.

أخذ الحقيبة من يدها ووضعها على الفراش قائلا:
أنتِ مش هتمشي من هنا، هتقعدي معايا شوية علشان واحشاني... هخلي "تيسير" تطلعلك الأكل عقبال ما تغيري الهدوم دي.

كان سيخرج، ولم يلق نظرة واحدة عليها فقط يحدثها وعيناه تهرب، فتناولت كفه مرددة بدموع:
متزعلش مني يا "عيسى"، مش بتبصلي يعني زعلان.... وريني عينك يا بن اختي... صدقني يا " عيسى" كارم...

قطع حديثها بالتفاته لها حيث طالعها مطالبا:
بلاش أي كلام عنه يا "ميرڤت"، ومتقلقيش أنا للأسف مبعرفش أشيل منك...أنا وريتك عيني، خلي أنتِ بقى عينك تشوف الحقيقة لو مرة واحدة بس.

قال لها هذا وغادر متابعا:
كلي وارتاحي، وبالليل هطلع ليكِ شوية تكوني صحيتي.
خرج من الغرفة بأكملها وهو يسترجع ذلك المشهد، طفل صغير فاقد للنطق وللحياة تجلس هي أمامه تحاول مراضاته بكافة الطرق:
كده يا " عيسى" مش عايز تتكلم مع خالتو، لا أقولك بلاش خالتو دي، قول يا "ميرڤت" علطول.

لم يكن ينظر لها بل وجه نظراته للأرضية فرفعت هي وجهه عنوة:
بصلي بقى.

تصنعت الدهشة وهي تقول:
يا نهار أبيض.
استطاعت جذب انتباهه حيث توسعت عيناه ينتظر ما ستقول فأردفت:
عينيك دول ولا معلقتين عسل السما نسيت نجمة فيهم.
كانت تقصد لون عينيه البني وقد أخذ درجة فاتحة، وتلك اللمعة التي تشبه الخاصة بوالده... استطاع تشبيهها أن يجعله يبتسم ولكن خلسة فلمحته هي لذا انقضت عليه ضاحكة بصوت عالي:
بقى بتضحك في الخباثة، طب تعالى بقى أنا هوريك.

فاق من ذكرياته ليجد أن الابتسامة ذاتها على شفتيه، لا يستطيع هجرها أبدا رغم كل شيء، كان تحاول بكل ما استطاعت أن تعوض الفقد الذي يعيشه، لجأ لها فاحتضنته رغم كل شيء لذا يحبها... يحبها رغم الحزن والخذلان ورغم أنف كل شيء.

قبل أن ينزل وجد والده يفتح باب الغرفة، فناداه:
تعالى يا "عيسى".

دخل له الغرفة سائلا:
خير يا حاج في حاجة؟

_ " سهام" قالتلي إن "ميرڤت" هنا ...هي جوزها مزعلها؟
سأل "نصران" باهتمام فهز "عيسى" رأسه قائلا:
شوية مشاكل اه.

قال "نصران" وقد تأكد ظنه:
أنا قولت كده والله، عمرها ما عملتها.
تابع "نصران" طالبا:
طب راضيهم يا "عيسى".

هز رأسه موافقا:
حاضر هحاول.

_ مين اللي المفروض يزعل... على قلبة وشك دي يا بن نصران؟
سأل " نصران" فابتسم "عيسى" ورد بسؤال آخر:
هو حد قال إني زعلان؟

أشار له "نصران" لكي يجلس ففعل ذلك، استغرب من والده الذي اتجه ناحية البراد يفتحه، أخرج زجاجة من الشاي المثلج وأعطاها له قائلا:
امسك.
ابتسم "عيسى" على حنو والده، وأخذها منه ثم وضعها جانبا ومال على كفه مقبلا وهو يقول باعتذار:
أنا أسف يا بابا.

مسح "نصران" على خصلات ابنه قائلا:
أسف دي قولها ل "ملك".

جلس " نصران" أمامه ثم سأله:
الكلام اللي طلع امبارح معرفتش مين اللي طلعه؟

هنا ظهر الاهتمام جليا، نصب تركيزه على كلماته وهو يخبر والده:
اللي عمل حركة امبارح دي، عايز يقوم الناس... عايز يقولهم بصوا كبار البلد اهم مبقوش قادرين عليها، وشوية كلام فاضي بيودي الناس ويجيبهم... لكن الناس هنا بتحب البلد، وعارفة يعني ايه الحاج "نصران"، بس ده ميمنعش إن أكيد في كام واحد برا المعظم ومبيحبناش.... اللي عمل كده هدفه واحد بس.

سأله " نصران" باهتمام:
هدفه ايه؟

أخبره ابنه بما توصل له:
يزعزع ثقة الناس في كبيرهم، خطوة كمان زي بتاعة امبارح دي، هوبا الناس الكارهة تزيد كام واحد ويضموا على بعض ويبقوا في صفه....
اللي عمل كده هو نفسه اللي نشر في القرية هنا وهناك إن "شاكر" غدر ب "فريد".

تفكير مدروس، مرتب بعناية جعلت " نصران" منبهر حقا، ذكره "عيسى" بما درس وكان هو معترض عليه حيث غمز باسما:
شوفت السياسة حلوه ازاي.

★***★***★***★***★***★***★***★

جلسن معا في المحل في الأسفل، أعطت "هادية" الشطيرة ل "مريم" التي عادت من درسها للتو ثم استدارت تسأل "شهد":
يعني ما خدتيش حاجة غير النزول.

أخبرتها " شهد" وهي ترتشف من كوب الشاي، تعبث بالهاتف:
أنا مروحتش الكلية أصلا، واحدة اتصلت عليا في نص الطريق قالتلي إن المحاضرات اتلغت فرجعت.
قالت ذلك وهي ترى طلب للصداقة على تطبيق التواصل الاجتماعي _فيس بوك_ ، دخلت لترى من أرسله..."حورية اسماعيل" قرأت الإسم باستغراب، ثم دخلت تقلب في محتوى الصفحة الشخصية الخاصة بالراسلة وفي النهاية وافقت.

قالت "مريم" لوالدتها:
ماما ايه رأيك تعملي مشروع حلويات، اعملي حلويات ونبيعها في المجال برضو، أنتِ بتعملي حلويات حلوة أوي، وأنا ممكن أعمل معاكي

جذبت "هادية" مقعد وقد راقت لها الفكرة:
طب والله فكرة يا "مريم"، وحتى تساعد كمان جنب المحل... أنتِ ايه رأيك يا " شهد"؟

_ اعملوا وأنا هاكل.
قالتها بضحك فطالعتها "هادية" بغيظ، ثم عادت تتبادل أطراف الحديث مع ابنتها "مريم"، غادرت
" شهد" وهي تخبرهم:
أنا هطلع أجيب ملك وانزل.

فتحت تطبيق المحادثات ترسل للصغير الذي راسلها باكرا، سجلت ما تقول:
"يزيد" حبيبي، أنا في البيت دلوقتي... خلي حد يجيبك المحل وهات حاجتك نعمل الواجب سوا.

انتظرت رد برسالة صوتية أيضا ولكنها استغربت حين وجدت أنه يكتب، فبالتأكيد الصغير لا يتقن هذا جيدا، وصلتها الرسالة وقرأتها بابتسامة تاسع تدريجيا:
بقى خد رقمك علشان يشتكيلك.

_ أنت واخد منه التليفون ليه؟
أرسلت له ضاحكة فأجابها:
علشان الباشا مش عايز يعمل حاجة في البيت، ولو طال هيبات عندكم.

أرسلت له رسالة اخرى:
"طاهر" هاته حرام عليك... احنا هنا بنحبه كلنا وماما بتاخد بالها منه.

_ علشان ميتعودش يا "شهد"، هجيبه بس مش دلوقتي.... خليها كل فترة يوم.
أرسل ذلك فردت برسالة اخرى:
طب أنا وعدته نعمل الواجب سوا النهاردة، ابعته مع
" تيسير" علشان خاطري.

_ لا يا "شهد".
شعرت بالغيظ فسجلت له هذه المرة وقد ظهر انفعالها:
أنت هتبعته، ولا اجي اخده... متخافش يا كابتن مش بناكل عيال.

ضحك عاليا وقد ظهر انفعالها واضح في صوتها فرد عليها:
لا أنا من الحتة دي متطمن... الكابتن عارف إن عنده عيل ياكله هو شخصيا.
كان قد أخذ قراره بعدم إرسال ابنه ولكنها أرسلت:
" طاهر" .
أجابها:
احكي.

أرسلت له وهي تعلم أنه سيستجيب:
علشان خاطري، متزعلنيش وابعته.

_ حاضر يا "شهد" هبعته بس متاخديش على كده.
اتسعت ضحكتها وهي تقرأ رسالته لها، هذا التنازل عن قراره ثمين جدا بالنسبة لها، كانت تواصل طريقها إلى مدخل المنزل ولكنها سمعت صوت "عيسى" يحادث والدتها في الدكان.

★***★***★***★***★***★***★***★

هي الآن معه، تجاوره في السيارة وهي تخبره بهدوء:
أنا قولتلك مش مهم النهاردة.

_ مش مشكلة، هوديكي الكلية وارجعك، واطلع أنا على القاهرة .
قال لها "عيسى" ذلك، ولا حظت هي ذلك السوار الذي صنعته، مازال يحاوط يده فابتسمت، بينما انتبه هو إلى هاتفه الذي ارتفع صوته.
أخبرها بعدما فتحه:
أنتِ بتقولي مش مهم النهاردة؟
هزت رأسها بالإيجاب، تريد العودة لوالدتها ومنزلها الحبيب، ولكن كل ذلك هوى أرضا وهو يقول:
خلاص تعالي نتغدى سوا.

وجدت نفسها أمام مطعم ذو صيت في الاسكندرية، لم تعتد دخول هذه الأماكن فهي لم تخرج لتراهم من الأساس، كان الخروج مقتصر على الجامعة.
كان يسبقها إلى الداخل، فشعرت لأن المكان فسيح للغاية تكاد تختفي فيه فطلبت منه:
ممكن تستناني.
احتضن كفها وسارا معا في المدخل حتى وصل إلى الداخل.... لم يتوقع أبدا وجود هؤلاء
الطاولة أمامه عليها "منصور" وابنه "جابر" وزوجته "ندى" وابنة عمها "بيريهان" ووالديهما، وابنة عمهم الاخرى "ميار" ووالدها أيضا.

قال "منصور" ل والد "بيريهان" مرحبا:
منورنا والله يا معالي الوزير، أنا مبسوط بلمتنا دي... شكرا يا "بيريهان" إنك أقنعتي بابا يجي.

كانوا يتبادلون أطراف الحديث، بينما على الطاولة الاخرى يجلس "باسم" بمفرده... "باسم" الذي أرسل إلى "عيسى" قبل قليل عنوان هذا المطعم مرفق برسالة نصية:
في ناس حبايبك أوي أوي بيتغدوا هنا.

شعرت "ملك" بكارثة ما حين وقعت عيناها على "باسم" فوجوده لا يرتبط إلا بالكوارث لذا طلبت الرحيل:
"عيسى" يلا نمشي.

جلس على المائدة المقابلة للطاولتين وجذبها لتجلس طالبا:
اقعدي يا "ملك"... هنتغدى ونمشي.

هنا انتبهت " بيريهان" التي لم تنتبه أبدا فأصابها السعال، قدمت لها "ندى" المياه فسمعتها تقول:
ايه اللي جاب دول هنا.

ارتفعت لتنظر إلى ما تنظر إليه ابنة عمها، فتجمدت عيناها وهي ترى "عيسى" ومعه إحداهن، وعلى الطاولة المجاورة:
"باسم".

لم تهتم لأمر " باسم" تعلقت عيناها ب "عيسى" مما جعل "ملك" تسأله:
"عيسى" البنت دي بتبص كده ليه؟... أنت تعرفها؟

هز رأسه نافيا وأعطاها ابتسامة قائلا:
متاخديش في بالك.... أعطاها قائمة الطعام متابعا:
شوفي هتاكلي ايه.

على الطاولة الاخرى، همست "بيريهان":
ارفعي عينك عنهم يا " ندى" البنت اللي معاه لاحظت.

لا تقوى على رؤيته مع واحدة غيرها، هذا المقعد المجاور له كان خاص بها هي، ولكنها وللمرة الأولى استجابت لمطلب ابنة عمها وأبعدت عينيها ولكن حينها كان "جابر" قد رفع رأسه لينتبه ل "عيسى".

تلك اللحظة المناسبة تماما، اللحظة التي انتظرها " باسم"، لم يستغرق الأمر ثانية حتى ألقى قنبلته بين الاثنين.

هاتف "جابر" وهاتف "عيسى" يهتزا في اللحظة ذاتها، أخرج "جابر" هاتفه ليرى ما فيه فلم تكن إلا صورة لزوجته تجاور "عيسى" وضحكة كلاهما أوسع ما تكون... همست "بيريهان" بخوف:
يا نهار أبيض.

الشيء ذاته عند "عيسى" الذي فتح الهاتف ليرى الصورة، نجحت "ملك" في الظفر بالنظر لها فقالت:
هي دي اللي متعرفهاش؟

كانت ستقوم لترحل ولكن "عيسى" منعها، المتسبب الوحيد في صورة كهذه الآن بالنسبة ل "جابر" هو "عيسى" وقبل أن تصحح "بيريهان" هذا وتخبره بأن "باسم" السبب الرئيسي بالتأكيد لما يحدث.

اتجه ناحية طاولة "عيسى" الذي يحاول منع "ملك" من الرحيل، لكمه في وجهه بعنف فصاح رواد المكان، ترك "منصور" مقعده وكذلك والد "ندى" أيضا، ليرا هل جن "جابر" ليفعل ما يفعل.

شعر "عيسى" بتسارع دقات قلبه، جذبت "ملك" ذراعه تطالب بخوف:
يلا يا "عيسى" نمشي من هنا، يلا ملكش دعوة بيه.

لم يكن يسمعها من الأساس رد اللكمة بأخرى على حين غرة، فصاح "جابر":
تعالى لما نشوف، هتسد معايا كمان، ولا هو كان " شاكر" بس.

قال "عيسى" وهو يشعر ببوادر أعراض حالة اضطرابه قد بدأت في الظهور:
أنا ردتلك الضربة، اعقل وارجع على الترابيزة.

_ لا... مش هرجع إلا لما تتربى يا بن ال ****
شهقت "ملك" وقبل أن يأتي الاخرين ناحيتهما كانت الأعراض ظهرت جلية الآن حيث أطاح "عيسى" بالمقعد صائحا:
ده أنت لعبت في عداد عمرك النهاردة.

طاقة عدوانية تحررت الآن لتتشكل على هيئة بشري،
ضرب الواقف أمامه مرات متعددة، ونال منه ضربات ولكن عنفه الزائد جعله هو الطرف الفائز في المعركة.

أدركت "ملك" أن أحدهما سيقضي على الاخر وقبل أن تحاول الفض مجددا، دفعتها "ندى" بعيدا، و "منصور" ووالدها يحاولان إبعادهما.

ظهر صوت "ملك" جليا وهي تصيح:
يا "عيسى" كفاية.

_ايه اللي حصل بس.
قالها "منصور" وهو يحاول الفض وسمع صوت ابنه الغاضب:
اللي حصل إن واحد فينا هيموت التاني النهاردة.

ركله "عيسى" في معدته وكانت نبرته عالية، شرسة وهو يخبره:
لو في حد هيموت حد، فمتقلقش أنا اللي هموتك.
قالها وداهمه باخرى أبعدته عن الجميع وتأوه "جابر" على إثرها عاليا فتحرك "منصور" يحول ردع بركان الغضب الواقف أمامه:
طب خلاص يا "عيسى"، خلاص يا بني اسمع كلامي أنا مينفعش كده.

بالفعل جميع رواد المكان منهم من ينصرف بهلع، ومنهم من يشاهد ما يحدث بتلك الغريزة الفضولية.
كان " عيسى" يحاول جاهدا التحكم وبالرغم من عدم استطاعته كان سيبتعد ولكنه سمع "جابر" من الخلف يقول:
سيب ال *** ده يجيلي، لما أشوف فرعنة أبوه ليه خلته فكر نفسه ايه.

أبعد "عيسى"... " منصور" وكان قوله هذه المرة بلا رجعة:
ابنك هو اللي بدأ.

وكأن النيران اشتعلت الآن حقيقيا، فلقد ضرب "عيسى" الاخر ضربة مميتة جعلت الصياح يتزايد، وأحدهم يحاول التواصل مع الشرطة، تدخلت "ملك" ووقفت عنوة بينهما تحاول جذب "عيسى" فطالعها، عينان بريئتان تستغيثا بجمرتين من نار...في هذه اللحظة لا يقدر عليه أحد فقط المتحكم الوحيد هو العدوان، الغضب،....
الاضطراب الانفجاري المتقطع .
يتبع♥

لقراءة الفصل التالي اضغط على (رواية وريث آل نصران
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-