رواية غفران الجزء الثاني الخاتمة2 بقلم نسمة مالك

 رواية غفران الجزء الثاني الخاتمة2 بقلم نسمة مالك

رواية غفران الجزء الثاني الخاتمة2 بقلم نسمة مالك


رواية غفران الجزء الثاني الخاتمة الثانية

خاتمه2..
غفران..
✍️نسمه مالك✍️..

حياه جديده!!..

.. بعد مرور أكثر من عام..

داخل منزل قديم..بالطابق الأرضي شقه صغيره مكونه من غرفتان ومطبخ وحمام..
بها أثاث بسيط للغايه لكنه نظيف و مرتب بدقه..

بإحدى الغرف.. تنام "شهد" بعمق بعد يوم طويل من التعب بتنظيف المنزل وإعداد الطعام لزوجها شديد الطباع، والتي تخشاه كثيراً..

تغص بالنوم من شدة تعبها حتي انها لم تشعر بباب الغرفه الذي فتح،وتلك الأقدام التي تقترب منها ببطء، والضحكات الشريره التي يصدع صداها بانحاء الغرفه..

وبدون سابق انظار كانت جذبتها يد أحدهم من شعرها الحريري بقوه وسحبتها من على الفراش القتها أرضاً.. همت بالصراخ، ولكنها شهقت بعنف حين انسكب فوقها دلو من الماء البارد وتحدثت صوت فتاه لم تكمل عامها الثامن عشر بحده قائله..
"جرا ايه يا مرات أبويا انتي هتفضلي نايمه لحد الضهر وتسيبي اللي وراكي ولا ايه؟"..

"ما انا صاحيه من الفجر وخلصت كل اللي ورايا يا فاطمه، والأكل كمان جاهز في المطبخ.. سبوني أنام شويه بقي حرام عليكو"..
هتفت بها "شهد" بصوت مرتجف، ومتحشرج بالبكاء لكن عبراتها تأبي الهبوط..

نظرت لها الفتاه الثانيه ذات الخمسة عشر ربيعاً بحاجب مرفوع ووضعت يدها بخصرها، وتحدثت بابتسامه ساخره..
"اممم حرام علينا؟!"..
مالت بجسدها عليها، ونظرت لها نظره جعلت
"شهد" تطبق جفنيها بعنف.. فتلك النظره تذكرها بنظرتها لشقيقتها الخلوقه "رغد" نظرة مملؤه بالكره والحقد الدفين، وتابعت بتساؤل قائله..
"انتي عملتي ايه في حياتك يا شهد علشان ربنا يوقعك في ايدي انا واختي؟! "..

أخذت "شهد" نفس عميق تحاول التحكم به بدموعها،وهبت واقفه ليظهر هزل جسدها، وضعفها الذي اصبح ظاهر بوضوح، وتحدثت بأسف قائله..
" عملت نفس اللي بتعملو معايا دا مع أقرب الناس ليا، وربنا بعتني ليكم تخلصو الذنب اللي عملته في حياتي على ايديكم.. علشان مافيش حاجه بتروح، وكله سلف ودين حتي المشي على الرجلين يا خديجه"..

نظرا الفتاتان لبعضهما، وعاود النظر لها، وبأمر قالو بصوت واحد..
"يبقي ارحمي نفسك مننا واطلقي من أبونا"..

حركت "شهد" رأسها بالنفي وهي تقول..
" أبوكم هو اللي مش راضي يطلقني، وانا مستحيل أطلب منه الطلاق تاني بعد العلقه اللي كلتها لما طلبته أول مره"..

صكت" فاطمه" على أسنانها وبوعيد قالت..
"يبقي تستحملي بقي اللي هتشوفيه مني انا وخديجه"..

"يله حضرلنا الفطار، وبعدين هاتي الطشت، وانجري على الحمام اغسلي هدوم أبويا واطلعي انشريها، ولما تنزلي تغسلي هدومي انا واختي لوحدهم على ما نشوف هنخليكي تعملي ايه تاني"..

ابتسمت "شهد" لهما ابتسامه زادت غيظهما أضعاف وبهدوء قالت.. "حاضر هغير هدومي المبلوله دي وهعملكم اللي عايزينه كله"..

" لا متغيريش.. خليكي زي ما انتي كده يمكن تعي وتموتي ونرتاح منك"..
قالتها "خديجه" بغضب، وهي تهم بالانقضاض عليها.. لتتراجع "شهد" مبتعده عنها بخوف.. ف"خديجه" رغم صغر سنها إلا انها تفوق "شهد" وحتي "فاطمه" بجسدها ووزنها الزائد..

حركت" شهد" رأسها بالايجاب، وبطاعه قالت..
" حاضر يا خديجه؟! "..
قطعت حديثها، واسرعت بوضع كف يدها على فمها حين وصل لانفها رائحة كريهه جعلتها على وشك التقئ، وصوت زوجها "عاطف" الصارم يعلن عن وصوله بنبرته الحاده ..
" بت يا شهد.. هاتيلي غيار على الحمام بسرعه إلا انا لسه طالع من حلة المجاري وريحتي تقرف"..

ابتلعت غصة مريره حين داهمتها رائحة "غفران" الأكثر من رائعه..

نظرت لها "فاطمه" بشمئزاز، وتحدثت بسخريه قائله..
"اللي يشوفك وانتي قرفانه يقول انك حامل، وانتي أرض بور مش هتطرح تاني أبداً"..

كلماتها السامه كانت كالخنجر الحاد الذي شق قلب"شهد" على حين غره، ولكنها تذكرت انها طيلة حياتها تعامل شقيقتها أسوء معامله وتعايرها بشكلها، وتلقبها بالخنفساء ولم تترك بها عيب واحد إلا ونعتتها به.. وها هي تحصد كل ما زرعت..

" الله يسامحك يا فاطمه"..
قالتها بصوت منكسر، واتجهت نحو الخزانه احضرت ثياب نظيفه لزوجها وسارت لخارج الغرفه، ووقفت أمام باب الحمام كعادتها..

فتح باب الحمام ومد "عاطف" يده واخذ منها ثيابه.. بينما ظلت هي واقفه تنتظر خروجه كما عودها هو..

لحظات،وخرج زوجها.. رجل اقترب علي عامه الاربعين، ولكن من يراه لا يعطيه اكثر من ثلاثون عام لوسامته الشديده .. ضخم الجثه بطوله الفارهه، وجسده الرياضي رغم انه لم يمارس الرياضه يوماً ولكن عمله الشاق كان وراء صنع تلك العضلات المثيره لجميع النساء التي تراه إلا تلك الواقفه أمامه خافضه رأسها تتعمد عدم النظر له، ولم تنطق اسمه لو مره واحده منذ زواجهم الذي قارب على العام..

"الله يرحمك يا سميره يا أم البنات".. تمتم بها "عاطف" بسره حين تذكر زوجته التي كانت تنظر له بأعين منبهره تصرخ بعشقه..

جفف شعره الحريري بقوه،ورمقها بنظره مشتعله بالغيظ لتجاهلها له.. لكنه تحدث بهدوء قائلاً..
"هتفضلي واقفه باصه في الأرض كدا؟"..
همت بالرد عليه.. لكنها صمتت حين اقتربت منه ابنته "فاطمه" وارتمت بحضه تضمه بحب مردده..
"بابا انا هاخد خديجه ونروح لخالتي" رضا" هناخدها و نروح الترب نزور أمنا، وهنرجع على بيت خالتي نقعد معاها شويه"..

قبل "عاطف" جبهة ابنته، وربت على ظهرها بحنان، ومد يده لابنته" خديجه" هي الأخرى يحثها على الاقتراب، وقبل جبهتها، وتحدث بحنو..
"تعيشو وتفتكرو يا حبايب ابوكي.. خلي بالكم من نفسكم وانا هاجي أخر النهار اخدكم"..

حركا رؤسهما بالايجاب، وسارو لخارج المنزل بعدما نظرا ل" شهد" نظره حارقه يخبروها بها ان تنفذ ما طلبوه منها قبل رجعوهما..

تابعهما "عاطف" بعينيه حتي اغلقت "خديجه" باب الشقه خلفهما، وعاد بنظره ل "شهد" وهم بالحديث.. لكنه انتبه لملابسها المبتله.. فمد يده وامسك يدها.. لتسرع "شهد" بإخفاء وجهها بفزع بيدها الأخرى ظناً منها انه سيضربها..

"متخفيش يا شهد انا مش هضربك من غير سبب، ولو كنت مديت ايدي عليكي قبل كده فدا كان بسبب عنادك ودماغك الناشفه واللي متنفعش معايا انا بالذات، وانتي اتعدلتي وبقيتي ماشيه زي الألف.. فطمني مش ناوي أمد ايدي عليكي تاني إلا لو جبرتيني انتي على كده"..
قالها "عاطف" بجديه لا تخلو من صرامته، وسحبها خلفه نحو غرفة نومهما مكملاً بتساؤل ..
" هدومك مبلوله من ايه؟ "..

التزمت الصمت كعادتها، ولم تجيبه ولا حتي نظرت له،وهذا أثار غضبه جعله يتحدث بصوت عالِ قائلاً..
" شاااااااهد.. انا بكلمك ردي على اللي خلفوني"..
ارتجف جسدها بخوف، وبصوت يكاد يسمع تحدثت دون النظر له ايضاً..
"كنت بشرب والميه وقعت عليا"..

ضيق عينيه وهو يتطلع لها يحاول قرأه ما يدور برأسها.. فهو على علم بأن ابنتيه هما من فعلن بها هذا، ولكنها أصبحت لا تشكي اليه منهما، وكأنها تقبلت ما يفعلوه بها..

"طيب غيري هدومك وحضرلنا لقمه ناكلها علشان انا باقي اليوم اجازه، وهاخدك ونروح مشوار"..
قالها "عاطف" بهدوء رغم غضبه منها..
"حاضر".. همست بها "شهد" وسحبت يدها من بين يده، وسارت نحو الخزانه اخرجت ثياب لها، وخلعت منامتها المبتله أمام أعين ذلك الواقف الذي اشتعل بقلبه نيران رغبه بها، وهي غير مباليه بنظرته، ودائماً تشعره برفضها له..

استدار موليها ظهره بعدما تعالت وتيرة أنفاسه، وأصبح صدره يعلو ويهبط بوضوح.. حاول السيطره على نفسه، وتحدث بصرامه قائلاً..
"اخوكي كلمني وقال ان ولادك جاين عنده انهارده لو حابه تشوفيهم"..

كانت تهم بارتداء منامه أخرى فوق قميصها النبيذي القصير الذي بالكاد يصل لبدايه فخذها.. لكنها سقطت من يدها، وركضت نحوه حتي وقفت أمامه مردفه بلهفه..
"بجد يا عاطف؟"..

ظهرت الدهشه على ملامحه.. لأول مره تنطق إسمه من بين شفتيها التي تثير جنونه، نطقها لاسمه،ونظرة عينيها لعينيه، وهيئتها المغريه افقدته صرامته، وبهمس اجابها..
"ايوه بجد يا شهد..انا عارف انك بقالك كتير مشوفتيش ولادك، واني منعتك من الخروج من ساعة ما اتجوزتك بس دا لأنك كنتي ناويه تهربي مني، ودا انا شوفته في عيونك، لكن دلوقتي انتي عقلتي واكيد شلتي فكره الهروب دي من دماغك.. صح يا شهد؟!"..

تأمله قليلاً لأول مره تري وسمته الشديده ، وهدوءه هذا معها.. كانت دوماً تري حنانه مع ابنتيه، ولكن الآن يعملها مثلهما.. هبطت دمعه حارقه على وجنتيها وبصعوبه همست..
" صح.. انا عقلت، وندمت كمان يا عاطف"..

أنهت جملتها والقت نفسها داخل حضنه تبكي بنهيار شديد.. ويرتعش جسدها بقوه مردده من بين شهقاتها..
"والله ندمت على كل حاجه وحشه عملتها في حياتي"..

رفع يده حولها، وضمها لصدره بقوه ويده تربت على ظهرها برفق متمتماً..
"قدامك فرصه تعيشي حياتك وتنسي الوحش، وتعملي الحلو بإيدك"..

"لو انا نسيت الزمن مش هينسي، واديني وقعت في ايد بناتك بيخلصو حق الناس مني"..
قالتها "شهد" بنبره شامته بنفسها..

"البنات بيغيرو على أبوهم منك يا شهد"..
قالها "عاطف" وهو يزيد من ضمها له ليري هل ستدفعه عنها كعادتها.. لكنها اذهلته حين اقتربت هي الأخرى منه حد الالتصاق.. بعثرت مشاعره، واطاحت بعقله، واعطته الضوء الأخضر حين رفعت رأسها ونظرت له بابتسامه من بين دموعها، وهمست قائله..
"عندهم حق يغيرو عليك يا عاطف"..

لهنا ولم يحتمل أكثر.. فمال عليها وتناول شفاها بقبله أتى بعدها الكثير والكثير استقبلته هي بكل ترحاب.. فقد رفعت راية الاستسلام ورضت به كزوج وبحياتها البسيطه معه رغم علمها انها ستظل تعاني من معامله ابنتيه طيله حياتها..
...............................................
"عهد"..

تقف أمام طاولة الزينه تنظر لهيئتها بالمرآه بابتسامه هادئه وعينيها تلتمع بسعاده وفرحه غامره..
ترتدي مئزر الحمام القصير، والذي يظهر انتفاخ بطنها بوضوح.. فهي بأخر شهر من حملها الأول..

تحمل بين احشائها بذرة عشقها من حبيب قلبها "غفران"..

رفعت يدها وبدأت تمسد على بروز بطنها.. تتحسس حركة جنينها بلهفه محدثه نفسها..
"يا حياة وفرحة قلب عهد يا روحي أنت"..

اتسعت ابتسامتها حين تذكرت تلك الليله التي أخبرت بها زوجها أنها تحمل طفلهما الأول..

.. فلاش باااااااااااك..

"غفران"..

شعر ببروده تجتاحه أثناء نومه جعلته ينتفض بفزع، ويبحث بعينيه عن معشوقته مردداً..
"عهد"..
غادر الفراش على عجل، وبدأ يبحث عنها بلهفه وخوف شديد.. طرق على باب الحمام فلم يأتيه رد.. فندفع نحو الداخل، ولكنه لم يجدها..

"غفران انا أهو".. همست بها بضعف وصل لقلبه قبل سمعه.. فتجه نحو شرفة الغرفه.. ليسقط قلبه أرضاً حين لمحها ترقد على اريكه صغيره بوجه شاحب..

سار نحوها بخطوات مهروله، وجثي على ركبتيه أمامها،ورفع يده واحتضن وجهها بين كفيه مغمغماً..
"قومتي من حضني ليه؟، وليه نايمه هنا؟..
مالك يا عهد؟.. انتي تعبانه يا حبيبتي ؟ "..

رفعت زراعيها وتعلقت بعنقه جذبته عليها وقبلت وجنتيه بعمق وهي تقول..
"اهدي انا كويسه .. بس مش جايلي نوم فقولت اقعد في الهوا شويه على ما انت تصحي"..

حملها بين يديه، وهب واقفاً بها، وسار نحو الداخل و جلس بها على الفراش، وتحدث بهدوء قائلاً..
"أول واخر مره تقومي من حضني مهما حصل حتي لو مش عايزه تنامي.. خليكي صاحيه في حضني"..

تأملته بوله، وابتسامه بلهاء تزين محياها للحظات
، واقتربت بشفتيها من وجنتيه وطبعت قبله ناعمه، وبصوت تحشرج بالبكاء همست..
"انا شاكة إني حامل منك يا غفران"..

جملتها كانت كفيله تجعله يتسمر لبرهه ومن ثم نظر لها بأعين تشع فرحه لا مثيل لها، وبتساؤل تحدث قائلاً..
"شاكه ازاي؟!.. قوليلي حاسه بأيه يا عهد"..

دمدمت بتفكير وهي تجيبه بطفوله..
"امممم حاسه إني دايخه، وعايزه أرجع بالذات أصبح بدري، وكمان؟!"..

عضت علي شفتيها السفليه بخجل، واقتربت من أذنه وهمست ببعض كلمات تهللت أساريره علي اثراها، وبعتاب تحدث..
"متأخره أسبوعين يا عهد،وساكته؟!!"..

زمت شفتيها، ومالت برأسها مستنده على كتفه، وبهمس قالت..
"ما هي كل شهر تتأخر يا غفران من ساعة ما تميت جوازك مني، ومواعدها اتلخبطت خالص، ومبقتش مظبوطه.. يعني ممكن تكون اتأخرت عادي رغم ان قلبي حاسس غير كده"..

رفعت رأسها ونظرت له بعشق شديد وتابعت..
"قلبي بيقولي إني حامل منك يا حبيبي"..

أمسكت يده ووضعتها على موضع قلبها، وتابعت بأنفاس تلفح بشرته تفقده صوابه..
"وانت عارف قلب عهد عمره ما كدب عليها"..

نظر" غفران" لعينيها بعمق يحاول تفسير نظرة الخوف الظاهره بهما.. طالت نظرته لها مما جعلها تعقد حاجبيها وتمتمت بتساؤل قائله..
" مالك يا غفران؟..بتبصلي كده ليه؟"..

"خايفه من ايه يا عهد؟".. قالها بجديه رغم نبرة صوته الحانيه..
ترقرقت العبرات بعينيها، وهمست بصعوبه بشفتيها المرتجفتين..
"خايفه على مالك ومكه"..

جملتها الجمته،جعلته يتطلع لها مذهولاً من ما تفوهت به.. لتكمل هي ببراءه خطفت بها نبض قلبه..
"انت عارف انهم بقو يحبوني اوي، وانا بحبهم أكتر علشان هما ولادك يا غفران، وخايفه يزعلو مني ويفتكرو اني هحب البيبي اللي هيجلنا أكتر منهم"..

رمقها بنظره يملؤها العشق..فهي تحمل هم صغيريه وتحبهما بصدق حتي اكثر من والدتهما.. التي تزوجت من رجل أخر عقب إنتهاء عدتها مباشرةً..

رفع يده وبعد شعرها عن عيونها، وبهمس تحدث قائلاً..
"انتي أحلى وأجمل حاجه حصلتلي في عمري كله يا عهد، واطمني مالك ومكه روحهم فيكي، وبيحبوكي اكتر مني كمان، وهيفرحو بالبيبي اللي هينور حياتنا علشان هتكوني انتي أمه "..
دست نفسها داخل حضنه.. ملتفه بكلتا يدها حول خصره، وبخجل قالت..
"وانت هتكون فرحان يا غفران؟"..

حاوطها بذراعيه، وضمها بقوه مغمغماً بتنهيده..
" انا مفرحتش غير لما حبيتك.. فرحتي هي؟! "..

وضع أنامله أسفل ذقنها جعلها تنظر له، وبابتسامه هائمه تابع..
"انتي يا عهد"..

ابتسمت له ابتسامتها الرائعه رغم عبراتها التي تهبط على وجنتيها ببطء.. يمسحها هو بلهفه، وببكاء قالت..
"ماما فاتن جابت امبارح اختبار حمل من الصيدليه، وخلتني اعمله بعد ما صلينا الفجر معها"..

انقطعت أنفاسه ونظر لها يستجديها بعينيه ان تكمل حديثها وترأف بحالة قلبه الذي يتمني ان تكن معشوقته حامل بطفلهما..

ضحكت هي حتي ظهرت غمزتها، واكملت بفرحه غامره..
"مبروك يا غفران..انا حامل منك يا حبيبي"..

عادت أنفاسه المقطوعه،وبلمح البصر كان خطفها داخل صدره بعناق محموم.. يقبل كتفها وعنقها مرات ومرات يعبر لها عن مدي فرحته بلمساته العاشقه لها فالحديث وحده الآن لن يعبر عن ما يشعر به من سعاده لا توصف بمجرد كلمات..

.. نهاية الفلاش بااااك..

فاقت من شرودها على ألم طفيف اجتاحها فجأه جعلها تتأوه بصوت خفيض.. لكن صوتها وصل لقلب زوجها الذي يقف أسفل المياه ينعم بحمام دافئ..

أسرع بغلق صنبور المياه، وجذب منشفه قطنيه لفها حول خصره وسار لخارج الحمام على عجل.. بحث بعينيه عنها حتي لمحها مستنده بكلتا يدها على الطاوله أمامها..

قطع المسافه بينهما بخطوتان، وبلحظه كان حملها بين يديه، وهو يقول بتساؤل ..
"حاسه بتعب تاني يا عهد؟"..

ارتخي جسدها علي صدره، وهمست بوهن..
"وجع بيروح ويجي يا غفران"..
"شكلك هتعمليها فيا وتولدي الليله يا عمر غفران"..
قالها وهو يضعها على الفراش بحذر، وجلس أمامها ينظر لها بقلق بادي على ملامحه فشل في إخفاءه..

دفعته بيدها الصغيره برفق متمتمه بلهفه..
"طيب البس حاجه الأول علشان ماما فاتن بتعملي حاجه دافيه اشربها، وهتخبط علينا دلوقتي"..
على مضض هب واقفاً وتحرك نحو غرفة الملابس، وارتدي ثيابه سريعاً المكونه من سروال رياضي أسود وكنزه بيضاء..

"ااااه غفران الحقني"..
أردفت بها "عهد" جعلت زوجها يركض بهروله نحوها.. ليتفاجئ بملامحها المشرقه التي تبدلت لأخرى شاحبه، وبصوت بالكاد يسمع قالت..
"انا بولد!! "..

"عهد حبيبتي خدي نفس.. متخفيش.. انا هلبسك هدومك وهوديكي المستشفي حالاً"..
قالها "غفران" بهدوء رغم شدة توتره..
لتحرك هي رأسها بالنفي، وامسكت كف يده ضغطت عليه بكل قوتها، وبدأ جسدها يتصبب بعرق غزير، وبأنفاس لاهثه قالت..
"مش هنلحق نروح المستشفى.. انا بولد بقولك"..

اتسعت أعين" غفران" بصدمه حين أطلقت صرخه حاده وصدع بعدها صوت بكاء صغيرهما.. الذي جعله ينتفض بهلع، ويسرع بلتقاطه على يده وهو يصرخ بصوت عالِ..
"يااا أم غفرااان.. يا أمي"..

ركضت "فاتن" نحوهما بلهفه خلفها "رغد" التي تحمل طفلها "غفران" الصغير، وتردد بخوف..
"سترك يا رب"..
طرقت على الباب.. ليأتيها صوت ابنها يقول بتوسل..
" ادخلي يا ماما الحقينا"..

خطت للداخل بندفاع ليلجمها المشهد للحظات وهي تري ابنها يقوم بتوليد زوجته بنفسه.. لكنها انتبهت على نفسها سريعاً، وجذبت إحدى المناشف النظيفه واقتربت منهما وتحدثت بهدوء تبث به الطمأنينه لقلبهما..

" اهدي واطمن هي الحمدلله ولدت خلاص"..
ارتفع صوتها قليلاً موجه حديثها ل"رغد" التي ظلت واقفه أمام باب الغرفه ولم تخطو للداخل، وتابعت..
"حطي مقص في الميكرويف يتعقم وهاتيه وتعالي بسرعه يارغد، وبعدين ابعتي السواق يجيب الدكتوره على هنا"..
أنهت جملتها، وأخذت الصغير من يده بحرص شديد، ونظرت ل "عهد" التي عينيها الباكيه معلقه بصغيرها، وقالت بفرحه شديده..
"ولد يا عهد.. الف مبروك يابنتي"..

بينما "غفران" أسرع بالجلوس خلف زوجته يضمها لصدره بكلتا يده مردداً بعدم تصديق..
"ولدتي على أيدي يا عهد؟!.. انا اللي ولدتك، ولا انا بحلم ولا بيتهيألي!!"..

"لا مش بتحلم.. انا ولدت على إيدك".. همست بها "عهد" بضعف، وبفرحه ظاهره بصوتها تابعت..
" يا أبو ابني"..
صمتت لبرهه تلتقط أنفاسها وتابعت ببطء..
"زين غفران المصري"..
..................................
.. بشقه على وهاله..

يحمل "علي" صغيرته "عهد" التي أصرت زوجته أن تسميها على اسم صديقتها الغاليه بعدما اعتنت بها طيلة فترة حملها ولم تتركها على الإطلاق..

"يله بسرعه يا علي.. انا قلقانه على عهد من إمبارح صوتها تعبان وشكلها هتولد انهاره"..
قالتها "هاله" وهي ترتدي حذائها وتحمل حقيبتها، وتتجه لخارج شقتها برفقة زوجها وصغيرتها..

عقدت حاجبيها،وتطلعت لزوجها الذي ينظر لها بخوف مصطنع، ودمدمت بشك..
"امممم خير يا علي، عارف ايه ومخبي عليا؟"..

ابتسم" علي" بتساع، وتحدث بمرح وهو يقبل صغيرته بحب شديد..
"هي مش حاجه هتستخبي يا ست قلب علي،واطمني صحبتك ولدت فعلاً يا أم عهد"..

بكت "هاله" وضحكت بأن واحد وهي تقول..
"عهد ولدت.. انت بتهزر ولا بتتكلم جد يا علي؟ "..
اقترب منها"علي" وضمها بيده الأخرى، وبحب قال..
"حبيبتي أهدي.. انا كلمت غفران، وقالي ان ربنا رزقهم ب "زين" انهارده أصبح، واديني سبت شغلي و جيت أخدك علشان اوديكي اول ما عرفت"..

اذداد بكاء "هاله" وبعتاب قالت..
" قولتلك عايزه اروحلها إمبارح وانت اللي قولتلي لا هوديكي بكره"..

قبل "علي" وجنتيها بحب مغمغماً..
"حقك عليا متزعليش.. انا معرفتش استأذن امبارح واجيلك، وخوفت عليكي تنزلي لوحدك انتي وعهوده"..

" عمري ما ازعل منك يا علولي.. بس كنت عايزه ابقي معاها ومسبهاش زي ما هي كانت معايا ومتاخرتش عني لحظه واحده"..
هتفت بها "هاله" وهي تتمسح بوجهها داخل صدره كالقطه الوديعه وتضمه هو وصغيرتها بحب شديد..

حاوط خصرها بيده، وسار بها نحو الخارج وهو يقول..
"واديني هوديكي اهو تفضلي معاها طول النهار، وهرجع اخدك المغرب".. غمز لها بمكر وتابع بعبث..
" علشان انا واخد اجازه يومين وعايز نقضيهم مع بعض"..

توردت وجنتيها بحمرة الجخل، ودست نفسها داخل حضنه، وبعشق همست..
"ربنا يحفظك لينا، وميحرمناش منك بعض أبداً يا ابو عهد"..

" علي".. "ولا يحرمني منك يا هاله يا بنت الأصول .. يا ست قلبي، وست البنات كلهم"..
......................................
.. بشقة أحمد..

تجلس "شهد" على إحدي المقاعد حامله "مالك، ومكه" علي قدميها، وتضمهما بلفهه مردده..
"هتوحشوني اوي اوي يا حبايبي"..

تحشرج صوتها بالبكاء، وبنبره متوسله قالت..
" خليكم معايا شويه كمان يا مالك"..
اجابها الصغير ببراءه..
"لا يا مامي عايزين نروح لعهوده علشان نلعب مع النونو الجديد"..

"هي عهد جابت نونو؟ "..
قالتها "شهد" بصوت مرتجف يكسوه الألم..

" زين".. كان هذا صوت "فاتن" التي دخلت من باب المنزل، ووقفت تنتظر الصغيران..
رفعت" شهد" رأسها ببطء ونظرت لها بابتسامه صادقه لأول مره، وبتنهيده قالت..
" ازيك يا مدام فاتن"..

اقتربت منها "فاتن" حتي وقفت أمامها مباشرةً.. تتمعن النظر لها باحثه عن تلك النظره الكارهه، والحاقده فلم تجد لها أثر.. قد اختفت وظهرت فقد نظرة الندم، والانكسار بعينيها..

فبادلتها الابتسامه وبرزانتها قالت..
"الحمد لله احنا بقينا كلنا بخير يا شهد"..
جملتها كانت مقصوده.. تخبرها انهم اصبحو بحال افضل بعد ابتعادها عنهم..

تفهمت "شهد" مقصدها، فحركت رأسها بالايحاب، وبتساؤل قالت..
"طيب تقدري تاخدي الولاد، ولو ممكن ابقي اشوفهم مره كل أسبوع"..

"لو عايزه تشوفيهم كل يوم محدش هيمنعك عنهم أبداً"..
ابعدت "شهد" الصغيران عنها بعدما قبلتهما كثيراً، وهبت واقفه سارت نحو زوجها الجالس يتابع ما يحدث بصمت، وقفت جواره ووضعت يدها على كتفه وتحدثت قائله..
"مش بخرج غير اليوم اللي جوزي بيكون فيه إجازه"..

جملتها جعلت قلب" عاطف" يتراقص فرحاً..
بينما ابتسمت لها "فاتن" وقد تفهمت رسالتها انها قد اكتفت ورضت بزوجها وتحاول نسيان ابنها..
"ربنا يهدي سرك"..
قالتها "فاتن" وهي تمسك بيد الصغيران، وتتجه بهما للخارج..

"مالك".. قالتها "شهد" بلهفه وهي تركض نحوه وتجثو على ركبتيها وتضمه بقوه، ودست ورقه داخل جيبه دون ان يراها احد وبهمس لا يسمع قالت بأذنه..
"أدى الورقه اللي في جيبك لبابي وهو لوحده من غير ما حد يشوفك خالص"..
حرك الصغير رأسه بالايجاب، ابتعدت هي عنه وضمت شقيقته، وسارو للخارج برفقه جدتهما..

ظلت مكانها أرضاً تنظر لاثارهم بأعين تفيض بالدمع.. فقد كتبت جواب ل "غفران" داخل حمام منزلها قبل خروجها برفقة زوجها.. تحاول به الاعتذار منه عما ارتكبته بحقه، وحق أولادها..

يد حنونه حملتها من كتفيها تحثها على الوقوف..
ظنت انه زوجها، ولكنه كان شقيقها الذي تحدث بتودد..
"لسه زعلانه مني يا شهد؟"..
استدارت ببطء ونظرت له باعين تفيض بالدمع وبلحظه كانت ارتمت بحضنه مردده..
"متزعلش مني انت يا احمد.. حقك عليا انا غلطت في حقك، وفي حق ماما واختي، وقول لماما ورغد ميزعلوش مني هما كمان"..

اقترب زوجها منهما، وجذبها برفق لداخل حضنه يضمها بحنان، ويربت على ظهرها برفق وهو يقول..
"كله هيعدي يا شهد.. الزعل والحزن، وحتي الفرح كله بياخد وقته ويعدي.. المهم نراجع نفسنا ونرجع لرب العباد قبل ما العمر هو كمان يعدي "..
........................................
..رغد وهادي..

"رغد"..
شهقت بقوه حين فتحت علبه من الأطيفه وجدت بها سلسال من الذهب الأبيض غايه في الجمال مدون عليه اسمها واسم زوجها، وصغيرهما "غفران"
الذي أصر على تسميته على اسم عمه الحبيب..

" عجبتك؟".. همس بها "هاد" بأذنها وهو يقوم بوضع السلسال حول عنقها..

"دي تجنن يا هادي".. قالتها "رغد" بفرحه غامرة وهي تستدير، وتضمه لحضنها بحب شديد مكمله..
"ربنا يخليك ليا يا حبيبي"..

تحركت يده على كافة ظهرها بحميمه ولثم كتفها الظاهر من منامتها ذات الحمالات الرفيعه مغمغماً..
" انتي اللي حبيبتي وأم ابني يا اجمل رغد"..

ابتعدت عنه انش واحد لتستطيع النظر لعينيه، وبخجل همست..
"انت فعلاً شايفني جميله يا هادي مع إني س؟"..

رفع يده ووضع سبابته على شفاتيها يمنعها من استكمال حديثها، ولف يده الأخرى على خصرها لصقها به أكثر، وبجديه قال..
"اه يا رغد.. انا مش بس شايفك جميله.. دا انتي اجمل واحده شافتها عنيا بعد أمي، وكلامي دا مش بجاملك بيه، ولازم تعرفي ان جمالك نوع خاص.. ملامحك الصغيره اللي بتجنني، ولونك الخمري اللي بيطير عقلي، ودا كله كوم"..

وضع كف يده على موضع قلبها، وتابع بمنتهي العشق..
" وقلبك اللي زي الحليب دا كوم تاني"..
" قلبي دا ملكك انت لوحدك وبينبض بأسمك يا هادي يا حبيب قلب رغد"..
أنهت جملتها ورفعت يدها حول عنقها جذبته إليها وغمرت شفاتيه بقبلة اشتياق استقبلها هو بلهفه،وشغف يبادلها غرامها بشتياق أشد..
......................................
"غفران"..

رفع حاجبيه بدهشه وهو يتطلع للورقه المطويه بيد صغيره وتحدث بتساؤل مستفسراً..
"ايه الورقه اللي في ايدك دي يا مالك؟!"..

اجابه الصغير ببراءه، وهو يمد يده ويعطيها له..
"مامي"شهد" قالتلي ادهالك يا بابي من غير ما حد يشوفني خالص"..

اعلتي وجهه الجمود، ولكنه ابتسم لصغيره ابتسامه هادئه، واخذ منه الورقه، وربت على رأسه بكف يده قائلاً..
"طيب روح انت لأختك خدها واطلعو أطمنو مع عهوده وانا هحصلكم"..

انصاع الصغير لحديثه، وركض نحو الخارج..
نظر "غفران" للورقه التي بيده، وسار نحو أقرب مقعد جلس عليه وفتحها وبدأ يقرأ محتواها..

لتتسع عينيه بذهول حين لمح أول جمله مدونه بها..

"غفران يا حبيب العمر.. مكنتش اعرف اني بحبك كل الحب دا.. ولما عرفت كنت ضعت من ايدي، وبقيت لوحده غيري.. انا بكتبلك الكلام دا وانا عارفه ان أوانه فات..بس عيزاك تعرف اني ندمانه على كل حاجه غلط عملتها في حقك، وعمري ما هسامح نفسي حتي لو انت سامحتني، واوعدك اني عمري ما هحاول اعمل اي حاجه غلط تاني في حقك او حق ولادي بس بترجاك متحرمنيش منهم لأني عرفت إني شايله الرحم، ومش هعرف اخلف غيرهم يا غفران"..

تنهد" غفران" براحه، وقام بتقطيع الورقه أكثر من مره، وهو يحدث نفسه..
" ربنا يهديكي لنفسك يا شهد"..
............................................
.. مر اكثر من ثلاث اسابيع..

اليوم عيد ميلاد "مالك" والجميع على اهبي إستعداد.. فقد أصرت "عهد" ان تقيم حفله كبيره، وقامت بدعوة جميع الأقارب والأحباب..

بينما "غفران" يتأكله الغضب والغيظ لانشغالها الدائم عنه.. أصبحت اكثر مسؤليه، وتعقل واستطاعت تقسيم وقتها بمساعدته هو و"فاتن" التي تحبها كأبنتها.. و دوماً تساعدها بالاعتناء بصغيرها، وحتي أولاده، وأيضاً الاهتمام بكليتها والحصول على أعلى الدرجات بفضله هو..

ورغم فرحته بها الا انه يشتاقها. يشتاق لجنونها،ومشاكستها..
صف سيارته أمام منزله، وترجل منها مرتدي زيه العسكري الذي زاده وسامه ووقار، وسار بخطوات واثقه نحو الداخل..وجد والدته تجلس بردهة المنزل حاملة صغيره "زين" على قدمها.. اقترب منها وقبل رأسها مغمغماً..
"عامله يا أم غفران.. طمنيني عليكي"..

"الحمد لله في أحسن حال يا حبيبي.. طمني انت عليك شكلك مش عاجبني؟!"..
هتفت بها "فاتن" وهي ترمقه بنظرات متفحصه..

ابتسم لها ابتسامه باهته، ودار بعينه يبحث عن معشوقته، وهو يقول..
"إرهاق من الشغل مش أكتر"..

رسمت "فاتن" الجديه على ملامحها ودمدمت قائله..
"اممم إرهاق قولتلي.. طيب يله ادخل اوضتك خد دش وارتاح شويه علشان تبقى فايق للحفله اللي عملها عهوده"..

ضيق عينيه،ونظر لها بشك وتحدث بتساؤل..
"انا مش سامع صوت ليه، هي عهد والولاد فين؟ "..
ضحكت" فاتن" بقوه وهي تجيبه..
"مع الولاد فوق في اوضتهم.. طلبت لبس اون لاين لشخصيات كرتون، وهتلبسنا كلنا منها حتي انا هتلبسني الساحره الطيبه الحمد لله مش الشريره"..

"بتضحكي يا أم غفران.. ربنا يستر أما أشوف ماما هتلبسني انا ايه يا زين باشا"..
قالها، وهو يقبل صغيره، قبل متفرقه على وجهه ويده، وسار نحو غرفته مكملاً..
"لما تنزل ابعتهالي يا ماما"..

نهي جملته واختفي داخل غرفته.. أمسكت "فاتن" هاتفها، وطلبت رقم تلك الشقيه ليأتيها الرد في الحال..
"مامي فاتن عايزه حاجه يا حبيبتي؟ "..

"فاتن" بتعقل.. " انزلي يا عهد جوزك جه وشكله مضايق"..

عضت "عهد" على شفاتيها فهي تعلم سبب ضيقه.. تشعر يشتياقه الشديد لها، ولكنها كانت بفترة نفاسها وهذا ما منعها عنه.. رغم شوقها الاشد له، ولكنها فضلت أن تبتعد عنه قدر المستطاع لعلمها انها لن تصمد أمامه وستنجرف بكل سهوله مع أمواج عشقه الخالص لها..

ولكنها الآن قد أخذت كافة الاحتياطات ولن يمنعها شئ عنه مره أخرى..

"انا نازله حالاً، واطلعي انتي للولاد يا مامي بليز"..
قالتها "عهد"، وهي تتجه لخارج الغرفه بعدما امسكت بيدها كنزه جديده قد اشترتها لزوجها..

"فاتن".. "عنيا يا حبيبتي، هطلعلهم انا وزين وهفضل معاهم لحد ما تنادي انتي علينا يا عهد.. فهماني"..

اجابتها "عهد" بخجل.." اممم فهماكي يا مامي"..

صعدت "فاتن" بالمصعد.. بينما هبطت" عهد" على الدرج مندفعه لداخل الشقه، ومنها لغرفتها الخاصه برفقة زوجها..واغلقت الباب خلفها، واستندت عليه بظهرها..

كان" غفران" قد خلع معطفه وبقي بقميصه الذي فتح أول أزراه..

ضيق عينيه ونظر لها بقلق حين لمح ابتسامه ماكره تزين ملامحها الطفوليه الرقيقه.. رفع إحدي حاجبيه وتنقل بنظره ليدها التي تخفيها خلف ظهرها، وبتساؤل تحدث قائلاً..
"ناويه على أيه انهارده يا عهد؟!"..

ضحكت بغنج، واقتربت منه بخطوات بطيئه تسير بميوعه تحت نظراته المتيمه بها حتي توقفت أمامه مباشرة..بل أصبحت داخل حضنه..تستمع بوضوح لدقات قلبه التي تسارعت بفعل قربها منه، ونظرت لعينيه بعشق، وهمست ببرائه مصطنعه..
"مش انت السوبر هيرو بتاع الأنا اللي بيحميها من الأشرار يا غفران؟"..

حاوطها بذراعيه وضمها لصدره، ومال على وجنتيها لثمهما بعمق مغمغماً..
"طبعا.. وبتاعك لوحدك انتي بس يا عمر غفران"..
داعبت هي أرنبة انفه بأنفها، وبنبره راجيه قالت..
"عايزه نتصور انهارده صور تجنن سوا، وتلبس اللبس اللي جيبهولك دا بليييييز"..

أنهت جملتها وظهرت كنزه زرقاء جعلت أعين "غفران" تتسع بدهشه، وتحدث بتساؤل قائلاً..
"قولي انك بتهزري يا عهد؟!"

" تؤ تؤ بتكلم جد، وجد الجد يا عيون عهد، وانت هتلبس التيشرت اللي جيبهولك دا، وانا اللي هلبسهولك بنفسي كمان علشان اشوفه عليك اول واحده"..
أردفت بها "عهد" وهي تفتح باقي أزرار قميصه واحد تلو الأخر، وعينيه لم تبتعد عن عينيه.. ترمقه بنظره عابثه..

تراقصت ابتسامه خبيثه على محياه، وجذبها من خصرها لصقها به بقوه محببه،ومال بوجهه على خصلات شعرها يستنشقه بهيام مدمدماً..
" امممم افهم من كده انك مصره؟!"..

ارتجف جسدها بين يديه من مخزي حديثه، وقربه الذي يحطم حصونها، وحركت رأسها بالايجاب، وتحدثت بهمس يكاد يسمع قائله..
"أيوه مصره".. نظرت لعينيه تتأمله بلهفه وتابعت بتنهيده اشتياق، وقد تناست أساس حوراهما حتي ان الكنزه سقطت من يدها ولم تشعر بها، ولا بيدها التي بدأت تبعد عنه قميصه بسرعه مريبه..
"واحشتني يا حبيبي!"..

بلمح البصر كان خطفها بعناق محموم، وهو يتناول شفاها بقبله أتى بعدها الكثير من عشقه الخالص لها الذي دوماً يغرقها به فعلاً وليس فقط قولاً..
..................................
.. انقضي النهار وخيم الليل بستائره وامتلئ منزل غفران بالكثير من الأطفال أصدقاء صغاره، وأسرتهم..
حتي عائلة "عهد" والدتها ووالدها واشقائها اتو إلى الحفل رغم معامله ابنتهما التي لم تعد معهم كما سبق، ولكنها تقبلت وجودهم بالأخير هما عائلتها..

كان حفلاً مبهج وملئ بالفرحة والضحكات العاليه خصتاً بملابس التي انتقتها "عهد" وكانت بمنتهي الروعه..

فقد ارتدي "غفران" وابنائه "مالك وزين"، وابن شقيقه "غفران" الصغير ملابس سبايدر مان..
بينما ارتدت "عهد ومكه وعهد الصغيره وهاله ورغد" فستان سندريلا..

ووقفت كلاً منهما بجوار زوجها.. ليلتقطو الكثير من الصور لحظه دخول "شهد" ممسكه بيد زوجها ترتدي عبايه سوداء وحجاب من اللون الكافيه الهادئ وزوجها يرتدي ملابس كلاسيكيه بسيطه مكونه من قميص رمادي وسروال أسود..

نظرت حولها للمنزل الذي كانت هي في يوماً ما تملكه هو وصاحبه، ولكن بيدها اضعته منها..

دون ارادتها تمسكت بيد زوجها تستمد منه بعض القوه، واقتربت من الواقفين ينظرون لها بأسف ورسمت ابتسامه باهته على محياها وهي تقول..
"مساء الخير عليكم"..
"السلام عليكم".. كان هذا صوت زوجها الجاد، وهو يضغط على كف يدها برفق يبث به الطمأنينة لقلبها..

"وعليكم السلام.. يا مرحب يا اسطي عاطف"..
قالها "غفران" وهو يقترب منه ومد يده له بالسلام..

"مرحب بيك يا ابو زين"..
نظر "غفران" ل "شهد" التي تبتعد بنظرها عنه بخزي، وخجل، وتحدث قائلاً..
"مالك هات اختك وتعالي سلم علي مامتك"..

نظرته كانت جامده لا تحمل اي مشاعر لها.. ولكنها قد أثارت غيرة تلك ال "عهد" كثيراً ولكنها استطاعت اخفائها بمهاره، واقتربت منهم وتخدثت بابتسامة وتعقل قائله..
"اتفضلي يا أم مالك احنا مستنينك علشان تطفي الشمع معانا"..

طريقتها تفهمها زوجها جيدا.. فبتسم بتساع حين شعر بغيرتها عليه وايقن ان الليله لن تمر عليه مرور الكرام..

وبين الكثير من النظرات المختلفه.. غيره.. ندم.. عشق.. جنون.. انتهي الحفل وغرق الصغار بنوم عميق بعد يوم ملئ باللعب..

بينما هناك معركه ستبدأ داخل غرفة" غفران وعهد"..

"اعقلي يا عهد"..
قالها "غفران" بابتسامه تزين ملامحه الوسيمه، وهو يتراجع ببطء مبتعداً عنها بعدما قرأ ما يدور برأسها..

رمقته بنظره ماكره، وسارت نحو باب الغرفة بخطوات مريبه أثارت دهشته، وقامت بغلق الباب بأحكام..
فهي الآن مغيبه، أعمتها غيرتها عليه كعادتها..

بينما هو أكثر من مرحب بتلك الغيره التي أشتاقها كثيراً.. يتراقص قلبه فرحًا فقد عادت مجنوته الشرسه الغيوره..

فتح زراعيه على وسعهما، وتحدث بتحذير ولم تبرح الإبتسامه محياه قائلاً بغمزه لا تخلو من وقاحته المفضله لها..
"اللي بتفكري فيه دا عواقبه هتعود عليكي انتي في الأخر يا بيبي"..

ابتسمت له بصطناع.. إبتسامة أظهرت جميع أسنانها وبدأت تفتح سحاب منامتها الورديه ببطء مثير ليظهر من أسفلها كنزته هو السوداء ذات حمالات عريضه وفتحة صدر واسعه اظهرت عنقها ومقدمة صدرها بسخاء أمام عينيه المتيمه بأدق تفصيلها،وتمتمت بميوعه وغنج اطارت بهما اللب من عقله..
"أنا هوريك عملي عهوده تلميذتك اللي علمتها على إيدك يا سيادة المقدم بقت لاعبة بوكس محترفه إزاي"..

ألقت سترة منامتها أرضاً، وأخذت وضع الإستعداد بالانقضاض عليه، وتابعت بخبث..
"وخلينا نبدأ بالذيذ.. الضرب تحت الحزام يا معالي غفران باشا"..

أنهت جملتها وبدأت تلكمه بحترافيه، وهو يصد لكماتها ببراعه وصوت ضحكاته تصدع بقوه غير قادر على قمعها خصتاً حين قالت له بغيظ، ولم تتوقف عن لكمه...
"كنت عمااال تضحك أووي وتديها طبق الجاتوه، وانت فاتح بوقك مبين سنانك ولا اللي بيعمل إعلان معجون سنان"..

" عايزانى اكشر في وش الناس وهما في بيتنا يعني"..
قالها بصعوبه من بين ضحكاته التي وصلت لسمع "فاتن" جعلتها تبتسم بفرحه غامره..

لترفع "عهد" قدمها وتستعد للكمه بعنف لكمه ستكون قاضيه وهي تقول..
"هضحكك انا اكتر حالاً"..

لكنه أيضاً صدها سريعاً، وبذهول قال..
"اعقلي يا عهد.. هتضيعي مستقبلك ومستقبلي يا مجنونه انتي"..

" عهد" بغيره مجنونه.. " مالك قالي انها بعتتلك ورقه معاه قبل كده.. واستنيت انك تقولي وانت ولا جبتلي سيره"..

سيطر على حركاتها الهستيريه، وقيدها باحكام داخل حضنه.. ظهرها مقابل صدره، واجابها بأنفاس لاهثه..
" كانت بتعتذر وبتطلب محرمهاش من عيالها، والموضوع بالنسبالي منتهي اصلاً فملوش لزوم نحكي فيه يا عهد،وبعدين هو مالك انتي مجنداه لحسابك وبقي يقولك على كل حاجه، ودا هيجبله الضرب وانتي هتبقي السبب يا أم زين"..

بلحظه كانت لكمته بمعدته بكوعها، واستدارت دفعته بعنف على الفراش خلفه، وجلست فوقه مقيده يديه أعلى رأسه بكلتا يدها، وبتهديد قالت..
" فكر بس كده تكلمه مش بس تمد ايدك عليه، وشوف انا هعمل فيك ايه"..

رمقها بنظره خبيثه، وبلمح البصر كان عكس وضعهما حتي اصبحت هي أسفله، وبمكر أردف قائلاً..
"طيب خليني انا الأول اوريكي هعمل فيكي ايه"..

مدت يدها، وجذبته اليها من ياقة قميصه.. هم هو بتقبيلها.. لكنها ابعدت شفتيها عنه سريعاً، وتحدثت بشراسه قائله..
"ضحكتك ونظرتك وانت كلك على بعضك ليا انا لوحدي.. تخصني انا يا غفران.. مش من حق مخلوق غيري، وإياك تخبي عني أي حاجه تاني.. انت فاهم..

"لا مش فاهم.. فهميني".. همس بها من بين سيل قبلاته الساخنه الذي يوزعها على عنقها وكتفيها بتمهل مريب..
أفلتت آهة منتشية من بين شفاة "عهد" ورددت بلا وعي، وكأن جميع حواسها تخدرت، وتبخر غضبها منه..
"بحبك يا غفران"..

"وانا بعشقك يا عمر غفران"..
قالها وهو يغمر شفاتيها بقبله عاشقه
يمهد بهما لليله ستكون ملحميه، ومليئه بالعشق والشوق الجارف..

تمت بحمد الله..
هستني رايكم بريفيوهات عن أحداث الروايه يا قمرات..
في اقتباسات كنت نزلتهم قبل كده انا لغتهم خالص لاني كنت هرجع شهد لغفران ودا كان ممكن يخليكم تجولي البيت 😂😂😂..
اتمني تفاعل جااامد جدا..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة.. 

لقراءة الحلقات السابقة اضغط على (رواية غفران الجزء الثاني)
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-