رواية البلورة الوردية (كاملة) بقلم روزان مصطفى

 رواية البلورة الوردية (كاملة) بقلم روزان مصطفى

رواية البلورة الوردية (كاملة) بقلم روزان مصطفى


رواية البلورة الوردية الفصل الأول 

هتدخلي صينية الأكل وتحطيها ع الترابيزة الصغيرة اللي في أوضته وتخرجي على طول

هي : حاضر

ممنوع تفضلي في الأوضة من بعد ما تحطي الصينية عشان يعرف يقوم وياخد راحته ، متفتحيش ستاير زي أي خدامة ما بتعمل عشان نور الصبح بيضايقه

هي : متقلقيش هعمل كل دا


شيلت الصينية ومشيت بالراحة لحد ما وصلت لأوضته ، الطرحه على راسي بس عماله تقع لأنها حرير بس قدرت اثبتها مؤقتاً لحد ما أدخل الصينية واحطها وأخرج

خبطت خبطتين ع الباب وانا شايلة الصينية بإيد واحدة بصعوبة

موصلنيش رد ف فتحت باب الأوضة وامري لله بقى ، لقيت الترابيزة قدامي ف مشست بخطوات ثابتة عشان احطها لكني ملحقتش ، طان في كيس فاضي واقع ع الأرض أتزحلقت فيه ووقعت على وشي ، طبعاً صينية الأكل إتبعترت والطرحة وقعت من على راسي وشعري إتفك على ظهري

في اللحظة دي كان هو خرج من الحمام الداخلي اللي في اوضته وهو بينشف وشه بالفوطة

رفع عينه وبصلي ، كنت بتألم ومكانش فيا حيل اركز في أي عقاب هيحصلي حتى لو العقاب دا قطع عيشي ، قومت بسرعة بصعوبة وانا بلف الطرحة تاني وتقع والفها تقع ؟ في الاخر سبتها على كتفي ومسكت الصينية وفضلت ألم في الاكل المتبعتر في الاوضة وأنا عماله اترعش وأكرر أسفي قدامه

هو : أهدي خلاص محصلش حاجة

بعد ما جمعت الصينية قومت وقفت قدامة وهو مسك الطرحة من على كتفي حطها على راسي ، كان مركز في عيوني جداً وكأن لونهم الزيتوني عجبوه

لكن قطع كل دا دخول مشرفة الخدم وجرتني من دراعي جامد برا الاوضة وهي بتبتسم في وشه وبتعتذرله

بعد ما خلصت قفلت باب أوضته وراها وهي بتبصلي بحزم وبتقول : أخر يوم ليكي أنهاردة ، أول واخر يوم بسبب سرحانك ومخالفتك لكلامي

أنا بضعف : بس انا محتاجة الشغل دا عشان اصرف على أمي و ...

قاطعتني هي بقسوة : كان المفروض تفكري في عواقب أفعالك ، لمي حاجتك وسيبي الفيلا فوراً ، هنلاقي غيرك تهتم بالشغل دا

نزلت ع السلم وأنا شايلة الصينية ومكسورة من كلامها وقسوتها ، حطيت الصينيه في المطبخ وأنا بمسح دموعي وروحت ع الاوضة الصغيرة أخد شنطتي وحاجتي اللي لسه مخرجوش من الشنطة ، رجليا كانت بتوجعني من الوقعة بس أتحاملت على نفسي لحد ما وصلت للبوابة ، إترجيت الحارس يساعدني أني أوقف تاكسي بس كان واقف زي تمثال الشمع مش راضي يتحرك ، في الاخر قولتله بدموع : كتر خيرك انا هعرف اتصرف


أنا إسمي ريماس ، مكملتش تعليمي من بعد الثانوية بسبب الظروف الصعبة ، بصرف على والدتي غسيل كلى وأشتغلت كل حاجة ممكن الشخص يتخسلها عشان أقدر أجمع فلوس محترمة ، ورثما من ابونا خلص على علاج أمي لإنه مكانش سايب فلوس غير ع الأد وكان لازم أشتغل ، لقيت أعلان في الجورنال بتاع السوبر ماركت وقريته عارضين شغل لبنات يشتغلوا في فيلا ، قدمت وإتقبلت وكان أول يوم شغل ليا إنهاردة وبقى أخر يوم بسبب اللي حصل

خرجت للشارع بعرج ووقفت عشان أحاول اوقف تاكس

اخيراً لقيت واحد ولسه بوطي عشان اشيل شنطتي وأركب وأمشي لقيت الحارس بتاع الفيلا مسك دراعي ف أتنفضت !

لقيته بيقولي إن صاحب الفيلا عاوزني جوا ...


رواية البلورة الوردية الفصل الثاني

" ٢ "


فضلت أبص للحارس ومترددة أرجع لا يكونوا إتهموني بسرقة حاجة وأنا معملتش كدا ، وكمان كرامتي نقحت عليا شوية بس قولت ربما خير ! ليه مروحش وأشوفه هيقول إيه

إيديا كانت بتترعش وأنا بشيل شنطتي وبمشي ورا الحارس لحد ما وصلنا الفيلا ، بعد ما أنا دخلت قفل ورايا البوابة وشاورلي بإيده ع البوابة الداخلية وقالي إن فريد بيه مستنيني جوا ، مشيت خطوات مترددة لحد ما دخلت

لقيت الخدامين واقفين صف وفريد بيه قاعد وواقفة جمبه المشرفة ، بصيتله بإستغراب لقيته قال بعد خمس ثواني رد بصوت تقيل كدا : أنا هنا صاحب الفيلا ، لحد ما والدي ووالدتي يرجعوا أنا اللي اقول هنا مين يمشي ومين ميمشيش ، اللي حصل من المشرفة دا مش هيتكرر تاني وهيتخصملها من مرتبها عليه لإن الصنية وقعت منك بدون قصد

بس بحذرك إنتي كمان تخلي بالك بعد كدا ، زي ما قدرتك قدريني وقدري شغلك

رفعت راسي وبصيتله في عيونه وقولت بسعادة طفلة : يعني أنا رجعت الشغل تاني ؟

لقيته سرح ! معرفش ليه لما بيبص في عيوني بحس الوقت وقف عنده وإنه مبينزلش عينه من عليا ؟ رمش مرتين ورا بعض واتنحنح بعدين قال : أءء أه رجعتي ، تقدري تحطي شنطتك وتكملي شغل

بعدين قام من مكانه وخد مفاتيحه وخرج برا الفيلا ، هو أصلا شكله كان لابس وخارج

فضلت ابص عليه لحد ماخرج وبعدين سألت نفسي ليه لما بيبص في عيوني بيركز كدا ، لحد ما فوقت على صوت المشرفة قالت حاجة حيرتني أكتر : دا عمره ما خلاني أرجع عن قرار اخدته ، كون إنه رجعك يعني إداكي ثقة كبيرة أتمنى تكوني أدها

مسكت حجابي وأنا باصة للأرض مش عارفه أرد ، بصتلي هي بقرف وسابتني ومشيت ، رجليا كانت لسه بتوجعني ف شيلت شنطتي ووديتها الأوضة الصغيرة جداً ، لبست هدوم الشغل وخرجت للمطبخ لقيتهم بيشتغلوا وهما ساكتين ، رفعت أكمامي وفضلت أبصلهم لحد ما واحدة فيهم تطوعت وقالتلي : أغسلي الخضار دا كويس وإبتدي قطعيه

بصيت حواليا بعدين قولتلها بهمس على امل نكون أنا وهي صحاب : هو الغدا هنا بيكون الساعة كام ؟

بصيتلي بقرف وكملت شغلها ف انا قررت أتجاهلهم وأخلص شغلي عشان أروح لوالدتي


* في محل ملابس


كان واقف فريد وهو بيبص على القمصان والتيشيرتات بعيونه ، دايماً الالوان هي اللي بتجذب إنتباهه

بص على تيشيرت مستخبي وسط الحجات ، خرجه بهدوء كان لونه زيتوني ! زي لون عيونها ، اول ما شاف التشيرت إفتكر عيونها على طول ، اخده وراح غرفة القياس وكان اللون جميل على بشرته الخمرية فعلاً ! قرر يشتريه


* في المطبخ


كنت واقفة وحاسة إن فعلاً رجليا مش قادرة تشيلني من الوقعة بتاعت الصبح ومن اليوم الطويل اللي مش راضي يخلص ، الساعة قربت على خمسة المغرب ولسه الغدا متحطش هي الناس دي بتتغدى إمتى ؟

قاطع سؤالي وتفكيري دخول الخدامة التانية بتقول إن فريد بيه إتغدى برا وأن نوزع الأكل علينا إحنا ، وكمان قالت ممنوع حد من الخدم يروح إنهاردة عشان فريد بيه امر ب كدا

فكرت إن أمي قاعدة لوحدها ف خرجت تليفوني الصغير جداً اللي بيستعملوه للمكالمات بس دا وأتصلت على تليفون بيت خالتي ووصيتها تقعد مع أمي عشان شغلي أمر بكدا ، ووافقت ووعدتني تاخد بالها منها

دخلت على أوضتي وخلعت الطرحه ، نزل شعري الاسود الطويل على ضهري وبصيت لنفسي في المرايا

ليه كل ما يبصلي يركز في عيوني ؟ عشان ملونين بلون غريب ؟ ولا بيفتكر حد معين فيا !

الصوت برا كان هادي جدا وسكوت يعم المكان ف قولت اخرج بسرعة اجيب تليفوني اللي نسيته على رخامة المطبخ

بصيت يمين وشمال وبعدين قررت اخرج أخيراً

لقيت التليفون ف مسكته بسرعه ولسه بلف

أتخبطت ف حاجة

اقصد حد !

مكنتش اعرف إن فريد بيه هنا ، وكالعادة مقدرتش اتحرك من التوتر

وكالعادة برضو مشالش عيونه عن عيوني وكانت المسافة بيننا قريبة جداً !


رواية البلورة الوردية الفصل الثالث

" ٣"


إتخبطت في فريد بيه ورفعت راسي وبصيتله ، كان هيفتح بوقه عشان يقول حاجة لكنه كالعادة سرح في عيوني

وأنا من التوتر مقدرتش أتحرك من مكاني أو حتى أفكر في منظرنا وإحنا واقفين قصاد بعض بالمنظر دا

اخدت نفس وبعدت عيني عنه لقيته فاق ، كأن السحر كله في عيوني

أتنحنح بعدين قال : كنت حابب أعمل قهوة لنفسي ، معرفش أنك هتخرجي

بصيت في الأرض وقولتله : أنا نسيت تليفوني بس ف خرجت أجيبه

أفتكرت إني مش لابسه الطرحة ف جريت من قدامه فوراً وأنا بقفل باب أوضتي وبقف وراه ، وأنفاسي في الطالع والنازل وإيدي بتترعش ، رميت التليفون على السرير وأنا حاطة إيدي على بوقي إزاي كنا واقفين بالقرب دا ! دا أنا حسيت إن نفسه بيحرك خصلات شعري !

دخلت في السرير وحاولت أغمض عيني معرفتش ، بعد ساعة كاملة من الإحراج والتفكير في اللي حصل أخيراً نمت

وصحيت على صوت خبط المشرفة على باب الأوضة ، غسلت وشي بسرعة ولميت شعري ولبست الطرحة ولبست هدوم الشغل وخرجت

وقفتني المشرفة بإيديها وهي بتقول : بعد كدا تصحي لوحدك لأني مش هصحيكي عشان والدة فريد بيه ووالده جايين إنهاردة من السفر

بصيت حواليا بعدين قولتلها بهمس : انا مش هينفع أبات هنا تاني لإن والدتي ست مريضة لازم أراعيها

نفس نظرة القسوة في عنيها لمحتها ولقيتها فجأة بتقول : مشكلتك دي تحليها مع فريد بيه ، يلا عشان مسح البيت كله عليكي إنهاردة ، باقي الخادمات هيعملوا حجات تانية مهمة


كان اكتر يوم متعب صادفني في حياتي كلها ، الفيلا كبيرة ومساحتها واسعة وأنا حرفياً محسيتش بضهري من التعب ، بعد ما خلصت وكان أذان المغرب بيأذن طلبوا مني أظبط نفسي عشان هنقف صف لوالد ووالدة فريد بيه

وقفت بإرهاق جمب الباقي ولقيتهم داخلين ، رفعت عيني بلمحة بسيطة عشان أخد فكرة قبل ما يلاحظوا إني ببصلهم

الراجل الكبير كان شكله مرهق أو تعبان ، من النوع اللي كلمته بتتقال بس مش مسموعة ، أما والدته شكلها الكل في الكل ، من نظراتها للفيلا ونظراتها للمكان والخدم بطريقة تعالي شكل كلمتها هي اللي بتمشي ، كتر شغلي واللي شوفته في حياتي مخليني أفهم الناس كويس

فضلوا واقفين خمس دقايق يبصوا حواليهم قبل ما والدة فريد بيه تقول بنبرة متعالية : مين اللي مسح الفيلا ؟

حسيت برعشة خفيفة بتجري في جسمي ، قبل ما ارفع إيدي ناحيتها لقيتها بتبصلي

حسيت بإهانة من نظراتها لقيتها بتقول : تعالي إقفي قدامي هنا !

بصيت حواليا ومشيت بخطوات هادية ناحيتها ، وقفت قدامها ووطيت راسي لقيتها بتقول : شكلك صغيرة ومش أد مسؤولية إنك تشيلي بيت ، دا منظر مسح ؟ أنتي ملمعة مش منضفة كويس ! اهو دا اللي بيسموه شغل خدامين فعلاً

المشرفة تدخلت ولكن للاسف زادت الموضوع : من اول يوم ليها وأنا قولت البنت دي مش هتنفع يا ناني هانم ، بتسرح كتير وعقلها مش في راسها

ردت عليها ناني هانم بنفس نبرة التعالي : وأيه يجبرنا عليها ! دي تدوها قرشين وتمشي وتشوفوا غيرها

فجأة دخل فريد بيه ، وقف بيبصلي وأنا بحرك صوابع إيدي في بعضها عشان معيطش من الإهانة اللي عمالة أسمعها

لقيته قال : ماما من فضلك ! أنا اللي طلبت إن البنت دي متمشيش

بصيتله هي وقالت بتعجب : ليه يا فريد ؟ تنضيفها مش عاجبني ومشرفة الخدم بتقول بتسرح ومش مركزة ، انا مش فاتحة جمعية خيرية يعني مش هدفع مرتب لواحدة مهملة زيها

فريد بيه قال حاجة متوقعتهاش نهائي في الوقت دا بالذات : أنا عايزها تبقى مسؤولة عن أوضتي وحاجتي

كلهم بصوله بذهول ، حتى الخادمات اللي واقفين صف ورايا رفعوا راسهم وبصوله

تجاهل هو نظراتهم وركز على نظرتي أنا ! عنيا كان محبوس فيها دموع وأنا ببصله لقيت نظراته مالت لل . للحنية بجد ! كأنه بيطلب مني بنظرته إني معيطش

قاطع كل دا صوت والدته وهي بتقول : ليه مُصر عليها بالشكل دا يعني ؟ بس تمام طالما إنت شايف إن شغلها عاجبك مش هعارضك ، بس إيديها متتمدش في بقية الفيلا

فريد بيه إتنهد وقال : تمام

بعدين قربلي ، حسيت إن ريحة برفانه حاوطتني

حط إيده في جيبه وخرج مفتاح وبعدين قال : دا مفتاح الأوضة ، لما أكون برا تقدري تدخليها وتهتمي بيها

هزيت راسي بمعنى التمام ، رفعت راسي وبصيت على خصلات شعره الناعمة البني ، قام غمض هو عينه وبعد عني وخرج برا

وهنا بدأت أخد نفسي


* خارج الفيلا


فريد كان واقف وهو بيتنفس بصعوبة وقال لنفسه : دي مجرد خدامة عندكم ، مجرد خدامة عنيها حلوة ونظرتها بريئة و ..

بعدين غمض عينه بغضب وقال بتصميم : مجرد خدامة بتنضف !


* داخل الفيلا

طلعت أنا لاوضة فريد بيه وفتحتها ، وقفلت الباب ورايا عشان أبدأ تنضيف فيها ، شكله من النوع المنظم جداً اللي بيكرهه الفوضى ، ألوان أوضته درجات الرمادي من فاتح لغامق

كان في هدوم بسيطة على سريره شيلتها على دراعي وانا برتبها

لفت نظري تيشيرت لونه زيتوني ، بحركة تلقائية مني رفعته عشان اشمه ، ليه ريحة مميزة حلوة أوي إبتسمت أول ما شميتها ، بعدين حطيت التيشيرت على دراعي وقولت أبطل لكاعة وأكمل تنضيف الأوضة


* داخل سيارة فريد


كان مشغل الراديو زي كل يوم لإنه مش من الناس اللي بتحب الاغاني والمزيكا كتير

أشتغلت فجأة اغنية لمنير بيقول فيها ♡ دا عنيكي دول مرايات مرسوم أنا فيها ♡

وأول صورة إترسمت في خياله كانت صورة عيونها

أبتسم لثواني قبل ما يقفل الراديو ويقول لنفسه بغضب : في إيه !! لا بجد في إيه !!


* داخل أوضة فريد


بعد ما خلصت تنضيف الأوضة بدأت ألمع الرفوف ، فريد بيه شكله من عشاق الكتب والقراءة ، لفت نظري حاجة زي الإزاز بتلمع

بشيل الكتب اللي متدارية وراها لقيت بلورة ! بلورة تلج من الصغيرين ولونها وردي ، إبتسمت كإني طفلة خدت هدية لعبة وفرحانة بيها

رجيت البلورة التلج إنتشر جواها ، قلبتها وشغلت زرار الموسيقى

طلع لحن هادي وجميل أوي ، فضلت الف حوالين نفسي ولبس الشغل يلف حواليا عشان واسع ، كأني برقص ع الموسيقى

كان إحساس حلو اوي محسيتهوش بقالي كتير من كتر ضغط الشغل وتعب الأيام اللي شوفته في حياتي

وقررت كل ما أدخل أنضف الأوضة دي هشغل الموسيقى بتاعة البلورة

جيت أرجعها مكانها وقعت مني وإتكسرت ! والتلج أتناثر ع الأرض حواليا وأنا واقفه بصالها بصدمة ! ...


رواية البلورة الوردية الفصل الرابع

" ٤ "


فضلت أبص للبلورة المكسورة بصدمة وأنا مش قادرة أخد نفسي ، وطيت على الأرض وحاولت ألملم فيها وأنا بقول برعب : يالهوي ! أتقطع عيشي خلاص ، مامته معاها حق والمشرفة معاها حق أنا فعلاً حشرية ومش مركزة بس يارب إسترها معايا عشان أنا غلبانة

وأنا بلم الأزاز بتاع البلورة إيدي إتجرحت ، لسه بغمض عيني عشان أتألم لقيت المشرفة دخلت الأوضة عشان تشوفني خلصت ولا لا وشافت المنظر دا

هي بصدمة : كسرتي إيه ! بلورة فريد بيه ؟؟

من نبرة صوتها حسيت إن البلورة دي مش مجرد حاجة غالية عليه وأتكسرت ، دي شكلها هدية من حد مبقاش موجود وبتفكر فريد بيه بالشخص دا ، او اخر ما تبقى من شخص مات

مسكت إيدي المجروحة وأنا بقول بخوف : غصب عني ، أنا كنت بنضف الرف بعدين لقيت ..

المشرفة بغضب بتمسكني من دراعي وبتقول : إنتي تخرسي خالص !! من اول ما شوفتك مش مرتحالك وقولت كدا ومحدش سمعني ، إنتي مش هتمشي من هنا قبل ما فريد بيه ييجي

عيطت ! محسيتش بنفسي غير وانا بمسح دموعي بإيدي المجروحة ف وشي إتبهدل دم

بالفعل إتصلت بفريد بيه وقالتله حصل شيء هيضايقه جداً وإنه لازم ييجي

كنت بترعش ومتبهدله عياط ودم وإيدي حقيقي موقفتش نزيف

لحد ما وصل هو ، شاف إزاز البلورة على الأرض والتلج واقع منها لقيته إتسند على الحيطة بخيبة أمل وحزن عميق ، عميق جداً

حواجبه إتعقدت ، ورفع راسه وقال للمشرفة : إتكسرت إزاي ؟

المشرفة بغل : قال إيه كانت بتنضف الرف ووقعت ومخدتش بالها منها ..

فريد من غير روح رد عليها : عندها حق الغلط عليا أنا ، أنا كنت مخبيها ورا الكتب

بعدين بص عليا وإتصدم : إيه دا !

بص للمشرفة بغضب قالها : معندكيش رحمة ! إيه يعني وقعت إتكسرت حتى لو كانت غالية عليا تسيبي بني ادمه قدامك بتترعش خوف كأنها قتلت قتيل وكمان بتنزف وقاعدة تزعقي ! إتفضلي برا

أنا هنا وقفت عياط ، مش عشان مش غلطانه بس عشان حسيت إحساس الطفل اللي المدرس ضربه بالعصايه على إيده عشان سقط في الإمتحان وبرغم كدا ابوه جه زعق للمدرس ومرضاش الإهانه لإبنه

قربلي فريد ووطى وقعد قدامي على ركبه ! خصلات شعري كانت لازقة في وشي بسبب الدم والدموع وبرغم كدا قال بصوت دافي جداً : إنتي بتنتحري ؟ حد يمسك إزاز مكسور بإيده ؟

شفايفي كانت بتترعش من الندم وقولتله : والله مقصدتش

فريد وهو بيغمض عينه قال بنفس نبرة الصوت : تمام نعالج الجرح ونشوف موضوع البلورة دا بعدين

انا برعب : مش عاوزة انزل تحت عشان المشرفة وناني هانم

فريد بهمس حزين : مش هنزلك ، هعالجك أنا وبعدين متخافيش كدا إنتي معملتيش جريمة تستحق كل الرعب دا


إزاي البني أدم دا كدا ؟ انا شخصياً لو حد لعب في حاجتي وشيء غالي عليا إتكسر هزعل ووقت غضبي مش هعرف بقول إيه ، لكن هو كان هادي بس الهدوء الحزين

دخل حمام اوضته وجاب قطن وشاش ، قعدت على السرير وهو قعد قدامي ينضفلي الجرح ، في سؤال كان هيموتني من الحيرة

فريد بعد صمت : عمي

رفعت عيوني وبصيتله ، بصلي هو وهو ماسك ايدي عشان ينضف الجرح وسرح كالعادة بعدين بلع ريقه وغمض عينه وقال : البلورة كانت هدية عمي الله يرحمه ليا بعد نجاحي إني أرود الخيل بتاعتي وانا عندي ١٥ سنه من غير مساعدة من حد

لما عمي توفى الدنيا إسودت في عينيا ، هتصدقيني لو قولتلك كنت بقضي وقت معاه أكتر ما بقضي وقت مع أبويا ؟ انا فعلاً حسيت بغضب وحزن وفقد لما لقيت إزاز البلورة على الأرض

بس انا إتعلمت من عمي شيء مهم جداً ، ذكرى البني أدم بتفضل بالعقل مش الحجات هي اللي بتفكرنا بيها ، هعاقبك أكيد بس مش العقاب اللي في بالك ، عقابي ليكي هيكون كل ما اروح المقبرة أقراله الفاتحة هتيجي معايا وهتزرعيله على تراب القبر وردة وهتهتمي إنتي بيها


من كتر الدوخة لأني نزفت كتير وأنا أصلاً عندي أنيميا حسبته بيهزر ، هو دا عقاب بجد ولا إيه ؟

جاوبته بنبره مهزوزة : والبلورة ؟

فريد بهدوء : هلم التلج الواقع منها واخدها للراجل يعملها إزاز جديد


حسسني إن الموضوع بسيط جداً ، رغم موتي من الخوف من شوية

فريد بيه : إرتاحي عشان إيدك هسمحلك تروحي بيتك يومين لحد ما الأوضاع هنا تهدى وبعدين ترجعي تاني بس طالب منك وعد

هزيت راسي مستنية أسمعه لقيته قال : متسرحيش وإنتي بتشتغلي

بص لعيوني تاني ، فضل باصص خمس ثواني وبعدين غمض عينه وقام خرج من الأوضة بسرعة

خدت نفسي بالعافية وفرحت إن الموضوع خلص بس زعلت عشان عملت كدا وفعلاً أنبت نفسي


روحت بيتي فعلاً زي ما فريد بيه قال وخليت خالتي تروح هي كمان بيتها وتشوف حالها عشان إستحملت ظروفي بس طلبت منها لو عندي شغل تقعد مع والدتي

لقيت امي نايمة نضفت البيت شوية رغم وجع إيدي وإستحميت ولبست بيجاما نضيفه رغم إن الخامة مش أد كدا

لسه هحط راسي عشان أنام وارتاح شوية لقيت باب البيت بيخبط

فتحت الباب لقيت الراجل اللي ساكن فوقينا ومتجوز إتنين معيشهم في نفس الشقة

قولت بضيق : خير يا أستاذ علي ؟

هو وهو بيبصلي : خير يا ست البنات ، ألاه ماما عاملة إيه دلوقتي ؟

قولت بغضب : هو حضرتك نازل في الوقت دا عشان تسألني عن والدتي ؟

هو ببجاحة : وعشان أملي عينيا من جمالك

أنا وكنت على أخري : لو سمحت متتكلمش معايا بالنبرة دي تاني بدل ما اقول لواحدة من حريمك

هو ببجاحة أكتر : حريمي ملهومش دعوة بحياتي الشخصية لامؤاخذة ليهم أنهم بياكلوا ويشربوا وعايشين ، ودا شرع الله يابنت الناس هو أنا بعمل حاجة حرام ولا إيه ؟ مش أحسن من مرمطتك وشغلك في بيوت الناس ورجليكي الحلوة دي إتشقتت من كتر الشغل.

بصيتله بقرف وإحتقار وقولتله بكل كرهه الدنيا : فعلاً راجل ناقص

وقفلت في وشه باب الشقة

كلامه جرحني وقعدت على الكرسي أعيط ، يعني هو يا اكون زوجة تالته وضُرة لواحد زي دا يا إما أشتغل في البيوت وأتمرمط

مسحت دموعي وقويت نفسي وقولت إني بعمل كل دا لأمي ربنا يخليها ليا ، وإن عشانها يهون أي تعب

رجع تفكيري تاني لفريد بيه ونظراته ليا ، كلها نظرات عميقة بس نضيفة مفيهاش نظرة تقل مني ولا نظرة وحشة

نظرة واحد لحاجة شايفها ومبهور بيها ، بس انا مفيش فيا حاجة مبهرة إلا عيوني !


* في حمام غرفة فريد بيه


كان واقف قدام المرايا وبينشف شعره بعد ما خد شاور ، وبيبص في المرايا وبيفتكرها وبعدين قال بصوت مسموع من غير ما ياخد باله : أنا مفيش حاجة بتخليني أحس إني هادي حتى لو الدنيا إتقلبت غير عيونها ..

لازم أبطل اقرب منها بالشكل دا عشان كدا في حاجة مش طبيعية ، في حاجة غلط !



رواية البلورة الوردية الفصل الخامس


لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-