رواية لقيط (كاملة) بقلم مصطفى مجدي

 رواية لقيط (كاملة) بقلم مصطفى مجدي

رواية لقيط (كاملة) بقلم مصطفى مجدي


رواية لقيط الفصل الأول 

طبيعى ان الواحدة تخاف وهي ماشية فى طريق فاضى لوحدها وخاصة لو الدنيا ليل ، لكن معايا الوضع مختلف ، اى واحدة بتعدى على منطقتى بالليل بتكون نهايتها محتومة ، الرُعب عندى مابيتجزأش ، انا مبأذيهاش جسمانيًا خالص ، لكن عندى القدرة انى ألمها نفسيًا لابعد الحدود ، الأذى الجسمانى بيخف بسرعة ، لكن الاذى النفسي بيعيش سنين وده اللى انا بشتغل عليه!


فى البداية احب اعرفكم بنفسي ، عزيز السليطى ، لقيط وماليش اهل ، كل اللى افتكره انى هربت من الملجأ من 15 سنة بسبب واحدة اذتنى نفسيًا وجسمانيًا ، وقتها كان عمرى بس 11 سنة ، ومن بعد هروبى الشارع بقى بيتى وملاذى ، بحب الشارع اكتر مابحب اى حاجة فى الدنيا ، الشارع علمنى حاجات كتير سواء كويسة او سيئة ، بس السئ منها كان اكتر حبتين ، او ممكن تقول كده من اللى شوفته فى الـ 11 سنة فى الملجأ خلونى بحب الحاجات السيئة اكتر من اى حاجة فى الدنيا علشان بحس فيها انى برد جزء من اعتبارى ومن كرامتى اللى بتتهدر كل يوم وكل لحظة قصاد عيني وانا ايدى متكتفة ومش عارف اعمل اى حاجة.


عمرى ماهنسى اسمها ولا شكلها وبتمنى اليوم اللى تعدى فيه من طريقى علشان ساعتها مش هرحمها وهأذيها المرة دى بشكل مختلف ، لانى هأذيها نفسيًا كالعادة وجسديًا على غير العادة .


اسم اللى كرهتنى فى الحياة كريمة ، وهي مالهاش اى صلة بالكرم ولا من قريب ولا من بعيد ، كريمة كانت ست معقدة جدًا اتجوزت واحد صايع شمام من الناس اللى متستحقش تشوفهم فى الحياة ، واحد مهما تدعيله بالهداية وتحاول معاه ميستجبش ويحيد عن الطريق اللى هو ماشى فيه.


كريمة خدت الصايع من مراته اللى هي اصلا صايعة زيه وشبهه وزى مااحنا دايما بنقول الطيور على اشكالها تقع ، كريمة كانت لسه بنت صغيرة وفاكرة ان الدنيا هتضحكلها لما تنتصر على غريمتها وتاخد منها جوزها ، لكن مكنتش تعرف ان ده انتصار مزيف وان الايام دول وان الاسوأ لسه ماجاش.


كريمة كانت بتشتغل فى البيوت وبتجيب الجنيه بعكس الصايع جوزها اللى مكنش ليه قيمة واللى مكنش بيفكر انه يشتغل رغم انه فى عز شبابه ، لكن تقول ايه فيه ناس اتولدت فى الحياة علشان ترازى فينا ، جوز كريمة كان اسمه سعد ، وبرضو مش على اسمه لان مجرد ماتتعرف عليه تحس ان الفقر جالك يتعرف عليك .


طبعًا سعد كان طمعان ان كريمة هي فتاة الاحلام اللى هتحققله المراد وتصرف عليه وتخرجوا من مشاكل الديون المتلتلة اللى هو مش عارف يخرج منها اساسا وكلها بسبب تعاطى الحاجات الزفت اللى بتدمر العقل وكل حاجة فى الانسان ، رمى مراته الاولانية نرمين واللى هي من عينته اساسا وجرى ورا كريمة واللى فرشتله الارض ورد وطمعته فيها اكتر واكتر ، لان كل طلباته كانت مُجابة ، يؤمر يلاقى ، يفكر فى الحاجة تجيله لحد عنده


يعنى من الاخر كريمة دلعته لان اساسا الناس اللى كانت شغالة بتخدمهم فى البيت ناس سخية وايديهم فرطة حبتين ، وكانت اول مشكلة بينهم لما واحد من العيلة اللى هي شغالة عندهم اتجرأ عليها وحاول معاها وهي صدته وعملت مشكلة وبدأ الشاب ده يتلككلها وعايز يمشيها.


طبعًا اول واحد جريت عليه علشان تحكيله هو سبع البُرمبة والاسد الجسور سعد جوزها ، واللى يعنى اتصدمت من رد فعله الديوث ، انا حسيت بيها وهي فى قمة الغضب والسخونة ، نزل عليها دُش مياه ساقعة بسبب الكلام اللى قاله ، قالتله وهي غضبانه


= الواد ابن ال.. كان عايز يتحرش بيا فى المطبخ بس انا شبشبتله ومن ساعتها وهو بيعاملنى زى الزفت وعايز يطردنى من البيت


بصلها سعد بكل هدوء وبرود:


.. الشغل كله مشاكل وانتى لازم تستحملى ، ايه يعنى لما تعدى الامور وتمشي امورك


الجملة بتاعته مكنتش متوقعاها ، لكن سرحت ثوانى كده وسألته وهي بتتمنى انها تكون فهمت كلامه غلط وقالتله:


= يعنى انا اسيبه يحسس عليا عادى ؟!!


رد بكل سماجة بعد ماخد نفس من السجارة الملغمة بتاعته وهو فارد جسمه على الكنبة


.. متاخديش الموضوع على قلبك اوى كده ، اهم حاجة فى الدنيا دى الفلوس ، يبقى لازم تمشى امورك علشان يبقى فيه فلوس


سكتت ومعرفتش تتكلم واضطرت انها تسكت وتقبل بتحرش الشاب اللى بتشتغل عندهم علشان تجيب فلوس للبيه جوزها ، وفى وسط كل اللى بتعمله ده ، مسكت تليفونه وبالصدفة سمعت تسجيل بينه وبين مراته الاولى وكان بالنسبالها صادم جدًا خاصة انه مأكدلها ان علاقته بمراته الاولى اتقطعت ، ودار فيه الحوار ده


= عمال تثبتنى وتقولى انك معاها علشان تجبلنا فلوس وانا مستحملاك ومستحملة قرفها ، انا هطلق منك


.. يعنى الفلوس اللى بجيبهالك كل شهر دى ايه ، شغال بيها ؟ ماهى بتاعتها


= بص بقى بتاعتها مش بتاعتها ماليش فيه ، لازم تعرفها انك رجعتلى وتقعد معايا فى البيت زى مابتقعد معاها واكتر ، يااما والله هجرجرك فى المحاكم وهطلق منك زى المرة اللى فاتت وانت مش حمل اى حكاية معايا


.. حاضر هعملك اللى عايزاه المهم حضريلنا سيجارتين علشان نعدل بيهم دماغنا ونظبط الدنيا


= ماشى اما اشوف اخرتها معاك


كريمة مبقتش مصدقة اللى سمعته وكانت اكبر مصيبتها ان مراته الاولى لسه على ذمته وقررت تواجهه

يتبع


رواية لقيط الفصل الثاني

كريمة برغم كم الغضب اللى جواها الا انها مكنش عندها اى استعداد انها تخسره ، ورغم ان مكالمته مع مراته الاولانية كانت مؤلمة نفسيًا بالنسبالها لكن من جواها كانت بتتمنى ان يخرج بأى اعذار للمكالمة دى .
واول ماواجهته سألته:
= هو انت رجعت لطليقتك نيرمين؟!
ابتسم بكل هدوء ورد عليها
.. اه ، رجعتلها من كام اسبوع
= بكل البساطة دى؟
.. اه بكل البساطة دى ، والاكتر من كده اعملى حسابك انها هتيجي تعيش معانا فى الشقة هنا
= اممممم طيب مادام كده بقى يبقى اعمل حسابك انى هقعد من الشغل واصرف علينا بقى احنا الاتنين
.. لا مبصرفش على حد ، انتوا الاتنين هتشتغلوا وهتصرفوا فى البيت
كريمة مقدرتش تمسك نفسها من بجاحته وجبروته وبدأت انها تنهار وتعيط قصاده ، بدأ سعد يعدل فى كلامه لكن بطريقة الامر الواقع وقالها
= العيال لازم تتربى مع بعض وبعدين انتى الحب كله ، انا معاها بس علشان الواد نفسيته متتعبش وانتى هتشوفى بنفسك واحنا عايشين مع بعض هعاملك ازاى وهعاملها هي ازاى
مكنش قدام كريمة اى حاجة غير انها تسكت وتتمنى ان يكون كلامه صح وانه مش بيكذب عليها وانه بيعمل كل ده علشان الولاد يتربوا جنب بعض خاصة ان ابن كريمة لسه 8 شهور وابن نيرمين سنتين ، وفى النهاية قبلت بالامر الواقع
واتفاجئت بعدها بيوم وهو داخل عليها وفى ايده نيرمين ، اللى اول مادخلت بصت لكريمة من فوق لتحت وقالت لسعد:
= يلا بقى وريني اوضتى فين علشان انا تعبانة وعايزة انام
كيد النسا اللى كانت بتعمله مع كريمة كان بيقطعها من جوه ، لكن كان لازم تبين عكس كده علشان متبنش انها ضعيفة او انها مكسورة من جوه ، بقت كل يوم بتروح الشغل بجسمها لكن عقلها معاهم فى البيت وخاصة انها لاحظت ان نيرمين مبتخرجش من البيت ، يعنى ده معناه انها مبتشتغلش زى ماسعد قالها فى البداية ان الاتنين هيشتغلوا ، وقررت انها تفاتحه وتكلمه فى الموضوع لكن فى الوقت المناسب .
ولما رجعت من الشغل ، لقت سعد قاعد بره فى الصالة وسمعت نيرمين جوه عمالة تتكلم وتهزر مع حد فى التليفون وبتقول كلام كله تلميحات وحاجات وسخة ، فرحت جدًا كريمة باللى سمعته وقررت انها تصبر وتحاول تسجل لنيرمين مكالمة من مكالمتها وتسمعها لسعد وبالطريقة دى تضمن ان نيرمين تطلع بره حياتها للابد .
استغلت ان نيرمين نامت وقامت جرى خدت تليفونها ونزلت عليه برنامج لتسجيل المكالمات وعملتله اخفاء من على سطح التليفون بتاعها وراحت الشغل واول مارجعت لقت البرنامج سايبلها كنز من المكالمات ، اكتر من 25 مكالمة مختلفة مع شخصيات مختلفة وكلهم يدينوها ويخلوا سعد يطلقها للابد وميفكرش بيها ابدًا ، ده مش بس كده ، اى مكالمة من دول كفيلة ان تخليه يشك فى ابنه من نيرمين ، هل هو ابنه ولا لا
نقلت كل التسجيلات على تليفونها وطلعت لسعد اللى كان نايم على كنبة الصالة ، ماسك الشيشة فى ايده والايد التانية كباية الشاي ، وحطت الهاند فرى فى ودنه علشان تخلى كل كلمه تعدى عليه ومفيش حاجة تفوته ، قعد شوية يسمع فى المكالمات اللى اديتهاله واتضايق جدًا وحط الشيشة من ايده وركن كباية الشاى جنبه وقام وقف قصاد كريمة وبعزم مافيه واداها بالقلم على وشها لدرجة ان سنانها نزفت وقالها:
= جرا ايه يامرا ، انتى بتتجسسى عليها ، فاكرة انك هتكسبي بنط عندى ، لا انا معنديش واحدة تخبص على التانية واللى تعمل كده اقطع رقبتها ، هو انتى متعرفيش ان الفتنة اشد من القتل وبعدين انا عارف كل اللى انتى بتسمعيهولى ده ، نيرمين بتشتغل زى ماانتى بتشتغلى بالظبط بس كل واحد بيشتغل حسب امكانياته كل المكالمات دى بترجعلنا كروت شحن واحنا بنبدلها فلوس علشان نقدر نعيش ، وسط مابيتكلموا وبيزعق لكريمة خرجت نيرمين من اوضتها وبكل بجاحة وهي ماسكة التليفون بتاعها وبتكلم واحد وقالتلهم ، اسكتوا بقى مش عارفة اتكلم فى التليفون وقالت للى بتكلمه وهي بتبص لكريمة نظرة كيد
= معلش ياحبيبي الدوشة فى البيت كتير شوية النهاردة بس انا سكتهم علشانك
كريمة ملقتش كلام تقوله ولا الصدمة اللى اتصدمتها من الموقف ده غير انها تخش تنام .
تانى يوم راحت الشغل والشاب اللى كان فى الشقة حاول المرة دى انه يعتدى عليها بشكل كامل مش بس يتحرش بيها ، لكن جينات النضافة فيها غلبت وزقته وسابت الشغل ومشيت ، وده طبعًا من حظنا الاسود لان بعدها بفترة كانت سيادتها مشرفة الملجأ عندنا
حياة كريمة استمرت فى صراعات مع جوزها بسبب انها سابت الشغل وطبعًا بعد مالفت على كعوب رجليها لحد مادابت لقت شغل فى الملجأ
اول يوم لكريمة فى الشغل كان هو اول يوم ليا فى الملجأ ، كان عندى وقتها حوالى ست سنين ، كنت خايف جدًا ومرعوب من اللى حواليا ، المكان غريب عليا ويادوب بتحسس كل حاجة فيه ، طفل صغير ومش فاهم اى حاجة فى الدنيا ، طفل صغير الدنيا خدت منه اهله فى حادثة مرة واحدة ووحيد ومالوش اخوات ولا اى حد يعرفه ، كل اللى كنت اعرفه ان اسمى عزيز .
كان فيه مربية فى الملجأ اسمها سميرة استلمتنى وفى نفس الوقت كانت بتعلم كريمة الشغل ، كريمة اللى اساسا رايحة الشغل مش طايقة نفسها ولاحياتها ، جاية بتربي اطفال يتامى ومساكين ومالهمش اى امل فى الحياة غير كلمة طيبة وحنية من اى حد يحسوا بيها.
كنت بعيط ومنها وسألتنى سميرة
= انت فين اهلك
قولتلها بكل براءة
.. معرفش
= اه لقيط يعنى
مكنتش اعرف يعنى ايه الكلمة اللى قالتها دى وجاوبتها وقولتلها اه، كل الاطفال اللى فى الملجأ مسكولى الكلمة وبقوا بينادولى يالقيط ، قعدت اعيط بزيادة رغم انى مش فاهم الكلمة لكن حاسس انها كلمة بتوجع
شدتنى من ايدى بكل غباء وقالتلى
= تعالى علشان تغير هدومك الزفت دى
ولفت لكريمة وقالتلها
= لازم تتعاملى بشدة معاهم علشان يخافوا منك ويسمعوا كلامك والا مش هتعرفى تشتغلى هنا وكان اول تعامل لكريمة معايا فى اليوم اللى بعده وياريتها ماكانت اتعاملت معايا.

يُتبع ..

رواية لقيط الفصل الثالث 

لقراءة رواية لقيط الفصل الثالث : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-