رواية وريث آل نصران الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم فاطمة عبدالمنعم

 رواية وريث آل نصران الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران الجزء الحادي والعشرون 

رواية وريث آل نصران البارت الواحد والعشرين 

رواية وريث آل نصران الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم فاطمة عبدالمنعم


رواية وريث آل نصران الحلقة 21

الفصل الواحد والعشرون (أحدهم تجرأ)
#رواية_وريث_آل_نصران

ضحى مُضحي من أجل أحبته
فسالَ الدمُ، والدمعُ، والألمُ
وقالت هي في ليلِ مأزقها:
أيا ويلتي والعشقُ سارقني
لا يترك مخرجًا إلا وأغلقه
وكأنه فرض وتركه إثم..
فيا مغيث أغثني وهب لي فرجًا.

لم تدر بأي شيء حولها فقط سحبت كفها سريعا وهي تقول بارتباك، وعيون هاربة:
أنا ماشية.

_استني هروحك.
قالها مستعدا للمغادرة معها ولكنها اعترضت مسرعة:
لا، البيت مش بعيد أنا هروح لوحدي.

انتهى حديثها بنزول "نصران"، فتوقفت وهو يسألها:
في ايه يا " ملك"؟
استدارت له، تنظر للأرضية محاوطة أحد كفيها بالآخر،
حاولت الحديث ثم استدعت اتزانها الهارب وهي تقص عليه السبب الذي جعلها تأتي إلى هنا وختمت الحديث حين أردفت:
أنا قولت ممكن توصلوله عن طريق الرقم علشان كده جيت بسرعة.

أعطاها ابتسامة حانية وهو يخبرها:
عملتي الصح يا بنتي.

توقفت سيارة "طاهر" أمام المنزل فقد أتى للتو، لم يكد ينزل منها حتى سمع والده يقول:
اركبي مع طاهر هيروحك، بدل ما تمشي في المطر.

قبل أن تبدي اعتراضها، فتح لها "نصران" باب السيارة وحثها "طاهر" بقوله:
يلا يا "ملك".

ركبت جواره، وقبل أن تشق السيارة طريقها نظرت بجانب عينيها نحو ذلك الواقف جوار والده، وجدت نظراته مصوبة ناحيتها فوجهت عينيها نحو الأمام، ورحلت السيارة.
استدار له والده ووجه سؤال مباشر توقع " عيسى" طرحه:
مسكتك إيد واحدة مش حلالك متتكررش تاني،
ولو بتعملها من ورايا، فقدامي أنا مش هسمح بيها.

رفع كتفيه يقول بتصنع البراءة:
كانت خايفة.

جلس "نصران" على مقعد ابنه الموضوع جوار المنزل وهو يسأله بغيظ:
أنت عايز إيه يا واد أنت؟...قولتلك يا "عيسى" متحطهاش طرف في حق أخوك، حق ابني هيجي بقتل شاكر، لكن تحرق قلبه وتوريه إنك اتجوزتها، وتروح هي تمن اللعبة دي لا.
تطلع إلى "عيسى" متابعا:
أقسم بالله العظيم يا "عيسى" لو اتجوزت البت دي، مهما كان السبب هتفضل على ذمتك طول ما انا عايش وهيبقى وصيتي بعد ما أموت إنك متطلقهاش.
علشان لو مفكر إنك هتجوزها تحرق قلبه وتطلقها بعد كده، تعرف اللي فيها.

ضحك "عيسى" ومال على مقعد والده ليصبح في مواجهته وهو يقول مازحا وقد امتص غيظ "نصران":
أنا مجبتش سيرة جواز دلوقتي على فكرة، أنت اللي عمال تجيب سيرته، و متقلقش لو اتجوزتها هخليها تخلل على ذمتي.

رمقه والده بعينين ضيقتين وهو يكرر كلمته باستهزاء:
تخلل يا بن " نصران" !

خرج حديثه بعد ضحكته وهو يقول:
مش أنت اللي عايز كده، أنا مبقتش عارف أرضيك ازاي، أتجوز ولا ما اتجوزش، اسيبها تخلل ولا اطلقها؟

_هو أنت حد بيعرف يجيب أخرك.
قالها "نصران" لابنه، ولكنه لاحظ توقفه المفاجئ بعد أن كان يسير هنا وهناك فتابع بقلق وقد ترك مقعده:
مالك يا "عيسى" في حاجة.

ابتسم "عيسى" له وهو يخبره مطمئنا:
لا مفيش، بس عايز ادخل انام علشان هروح القاهرة بكرا، ومش قادر أفتح عيني خلاص.

لم ينتظر سؤال آخر من والده بل تحرك معه نحو الداخل بينما في التوقيت نفسه توقفت سيارة "طاهر" أمام الدكان، فوجدا "شهد" تسأل بقلق:
كنتِ فين يا "ملك"، ماما قالتلي أنزل أشوفك... وقالت إنك بتكلمي " تقى" ملقتكيش هنا، قولت أمشي شوية ناحية قدام جايز مش عارفة تتكلمي أو الشبكة وحشة هنا، ملقتكيش برضو.

_اللي اتصل "شاكر" مش "تقى".
قالتها " ملك"، وكانت قد قصت ل "طاهر" ما حدث في الطريق إلى هنا، وتابعت تخبر شقيقتها بتعب:
أنا كنت بقولهم علشان لو يعرفوا يوصلوله من الرقم اللي اتكلم منه.

تناولت "شهد" كفها وهي تقول متجاهلة النظر ل "طاهر":
طب تعالي نطلع الدنيا برد، واحكيلي ايه اللي حصل.

كان قد نزل من السيارة، لم يغفل عن تجاهلها المتعمد فسألها:
وأنا بقى شفاف مش كده؟

كانت علامات النوم ظاهرة على وجهها فاتخذتها حجة وهي تخبره:
معلش أنا كنت نايمة ولسه صاحية.

انكمش حاجبيه ب استغراب من كلماتها المقتضبة، وعيناها المتحاشية له فسألها:
مالك يا " شهد" ؟

كانت ستختار الصمت ولكنها واجهته بقولها وسط نظرات شقيقتها المندهشة:
"طاهر" هو أنت عمرك ضربت واحدة ست؟

هنا احتدت تقاسيمه بل ونبرته أيضا حين قال:
ليه حد جه اشتكالك إني ضربته؟

وكزتها "ملك" في يدها بعضب ولكنها تابعت:
مش لازم حد يجي يشتكيلي، مجرد سؤال عايزة أعرف إجابته.

زين جانب ثغره ابتسامة وهو يسألها هازئا:
فعلا!... أصل اللي واضح قدامي إنها مش طريقة سؤال خالص، دي طريقة حد متأكد إني بعمل كده.
تابع أمام نظراتها التي تتلهف إلى إجابة:
وطالما أنتِ مصدقة إني بعمل كده، فانتِ حرة يا "شهد".

قال اخر كلماته وركب سيارته، لم ينتظر دقيقة اخرى بينما هي ظهر على وجهها الندم وخاصة وشقيقتها تسألها بانفعال:
ايه اللي أنتِ هببتيه ده يا " شهد"، أنتِ مالك أصلا بيه.

_هو أنا كنت وحشة أوي؟
سألتها "شهد" وقد ضغطت على شفتها السفلى بضيق فأتتها الإجابة من "ملك" بغضب:
كنتِ زي الزفت، وقليلة الذوق.
أخبرتها "ملك" وتركتها وحدها متحركة إلى منزلها، ولكنها أدركت بعد صعود الدرج أنها نست شيء مهم للغاية، هاتف "مريم" لم تأخذه من "عيسى".
هي نست وهو لم يذكرها، والنتيجة الهاتف ليس هنا.

★***★***★***★***★***★***★***★

دخلت إلى غرفة والدتها، كانت " مريم" غافية أما "هادية" فكانت تجلس على الفراش، والقلق ظهر جليا على وجهها وهي تسألها:
كنتِ فين يا "ملك"...بتكلميها كل ده؟
كان هناك مكان جوار والدتها في الفراش، فجلست فيه، كانت عيناها تنظر إلى الأرضية ثم رفعتها إلى والدتها تسألها:
هو أنا ليه بيحصلي كل ده؟

رافق حديثها الدموع التي غزت عيناها وهي تتابع:
ليه كل ما اجي أفوق، حاجة تديني بالقلم على وشي وتقولي انتِ لازم تفضلي كده طول العمر؟

ألقت رأسها على قدم والدتها وقالت بعينين احتضنا وجه " هادية":
هو أنا عملت ايه وحش استاهل عليه كل ده،
ده ذنب مين طيب؟

مسحت "هادية" بكفها الدموع التي غطت وجنة ابنتها وهي تخبرها بألم يمزقها على حالتها:
أنتِ تستاهلي الخير كله، ربنا بيختبرنا يا حبيبتي ... اصبري وهيفرجها متخافيش
استطردت باهتمام:
قوليلي ايه اللي حصل عمل فيكِ كده.

قصت عليها "ملك" ما حدث، فتركت "هادية" الفراش... اتجهت إلى ملابسها فقالت "ملك" بقلق:
ماما أنتِ بتعملي إيه؟

أدركت أن والدتها ترتدي من أجل الذهاب لعمها، فانتفضت وهي تهرول ناحيتها متحدثة برجاء:
ماما لا بالله عليكِ... لو بتحبيني متروحيش هناك.
صرخت حين تذكرت:
أخر مره كنا في البيت ده "فريد" مات، البيت ده أكتر مكان بكرهه وبخاف منه، علشان خاطري لا.

توقفت "هادية" أمام حالة ابنتها المنهارة، واستيقظت "مريم" إثر الصراخ، ضمت "هادية" ابنتها وهي تقول محاولة تهدئتها:
خلاص يا حبيبتي...خلاص مش هروح هناك.

لم تستكن إلا بهذه الطريقة، وكأن خوف كبير جثم على روحها والآن رحل، لكنه الراحل الوحيد الذي يعود لها دوما.

★***★***★***★***★***★***★***★

حل الصباح، وأتت الشمس بأملها الذي تبثه في النفوس، لكن "حسن" لم يستيقظ بإرادته بل كان مجبرا حيث ركب سيارته منتظرا بغضب، حتى خرجت "رفيدة" بعد انتظاره الذي طال وركبت في السيارة جواره قائلة بضحكة واسعة مثيرة غيظه:
Bonjour
رمقها بجانب عينه بضجر، ونطق باستنكار:
بطلي سخافة على الصبح، أنا صاحي بالعافية.

رفعت رأسها بكبرياء، وقد رفعت سبابتها محذرة:
لا take care يا بابا، أنت تركب معايا فارد وشك ده.. ده أولا، ثانيا بقى تفتكر كويس أوي إن العربية دي بابا رجعهالك علشان أنا قعدت أتحايل عليه امبارح، وهو كان قايل إنها مش هترجعلك بعد اخر مرة رجعت فيها وش الفجر البيت ومحدش عارف كنت فين... يعني توصلني الكلية ووشك مفرود يا "حسن"
وضعت يدها على الباب تسأله:
ولا انزل بقى أقول لبابا أنك مش عايز توصلني؟

_هو أنا اتكلمت؟
قالها بغيظ فرفعت كتفيها وهي تقول بابتسامة واثقة:
بحسب.

كانت تعدل من وضع قلادتها، فجذبها من سترتها سائلا:
وبعدين ايه ده، ايه اللي أنتِ لابساه ده؟

أجابت سؤاله بسؤال آخر، وقد ظهر الأمل على وجهها:
قمر صح؟

رفع شفته مستنكرا، وهو يخبرها:
قرف يا ماما يقرف... ده لبس كلية ده، ده لبس واحدة طالعة رحلة ولا راحة تسهر.

_طب اطلع بقى وملكش دعوة علشان لو اتأخرت هقول لبابا
ثم تبعت ذلك بندائها العالي:
يا بابا.
مما جعله يتحرك بالسيارة مسرعا من أمام المنزل، فقالت وهي تخرج هاتفها من الحقيبة:
ناس متجيش إلا بالعين الحمرا.

نظرت في السيارة وهي ترى الأشياء الملقاة هنا وهناك فسألته:
ايه الاهمال ده يا "حسن"، حد يوسخ العربية بتاعته كده، ده أنا لما أجيب عربية مش هخلي حاجة تلمسها.

حرك نظراته من الطريق لها وهو يقول:
بقولك إيه شغل محدثين العربيات ده ميتعملش في العربية بتاعتي، أنا يا ستي مهمل... عربيتي وأنا حر فيها.

ألقى هاتفه بضجر وبمجرد أن وضعه سمعا رنين صادر منه فجذبت هي الهاتف مسرعا قبل أن يجذبه، وحين رأت الاسم ارتسم على وجهها ضحكة منتصرة حين تحدثت:
مين "مروة" دي يا " حسن" ... ويا ترى بقى هي "مروة" واحدة ولا مروات كتير يا بتاع "مروة".

أخذ الهاتف منها وهو يقول مبررا:
على فكرة بقى " مروة" دي معايا في الكلية.

حدثته بتلميح، وقد اكتشفت كذبه:
ومتصلة بيك ليه؟ ... عايزة كشكول المحاضرات؟

ضغطت على زر التسجيل فعلا صوت أحد أغنياتها المفضلة من مطربها المفضل، أخذت تتراقص مع النغمات فأغلق الأغنية قائلا:
العربية دي بتاعتي، يعني اللي يشتغل هنا حاجة على مزاجي أنا، وأنا بقى مبحبش اللي بتسمعيه ده.

رن هاتفه مجددا، التقط الهاتف مسرعا وقبض عليه ولكنها مالت على كفه وقبضت بأسنانها عليه فحصلت على الهاتف بسهولة وهو يقول بتأوه:
اه يا عضاضة.

نظرت إلى هوية المتصل فوجدته اسم فتاة اخرى فصفقت بكفيها قائلة:
"يارا" كمان، مش أنا قولتلك شكلهم مروات كتير، حاول جذب الهاتف منها وهي تقول:
والله يا "حسن" هقول لأبوك... يا شيخ ده أنت من كتر اللي تعرفهم مبقتش عارفة أقولك يا بتاع مين... "مروة" ولا "يارا" ولا يا بتاعهم كلهم.

حاول كسب رضاها مغريا:
يا "رفيدة" دول معايا في الكلية، عموما يا ستي ميهونش عليا زعلك هفطرك في المكان اللي تختاريه.

_مش كفاية.
قالتها بإصرار فتابع وهو يضغط على أسنانه بنفاذ صبر:
شغلي اللي أنتِ عايزاه في العربية.

قالت رغباتها تباعا:
وتفسحني لما ارجع، وتحترم نفسك معايا بقية المشوار سامع.

ضحك بسخرية وقد طفح كيله:
لا يا اختي روحي قولي لأبوكي أحسن.

توقف أمام أحد محلات الوجبات السريعة ليشتري لهما إفطار، ونزل من السيارة قائلا:
اخرتها بقيت سواق الهانم.

أخرجت رأسها من النافذة وقد قالت ما أثار غيظه:
شوف شغلك.

رمقها بتوعد أما هي فعلا صوت ضحكاتها وهي تنظر في هاتفها من جديد منتظرة عودته.
بعد دقائق وجدت "سعد" يراسلها، فسجلت رسالة صوتية تقول:
"سعد" معلش مش عارفة أتكلم دلوقتي، أنا شوية وهوصل الكلية.

أغلقت الهاتف حين لمحت شقيقها قادم نحوها، لا تعلم لما تشعر بهذا الشعور المتناقض مع "سعد" اطمئنان يصحبه ريبة، نفضت هذه الأفكار من رأسها، أو ظنت كذلك ولكنها أكثر شيء مسيطر عليها الآن.

★***★***★***★***★***★***★***★

إنها القاهرة مجددا، يجلس "جابر" في أحد المقاهي الشبابية، يتناول إفطاره بهدوء، قبل أن يسمع رنين هاتفه برقم لم يره مسبقا، ضغط على زر الإجابة، وكأنه مذياع تم تشغيله للتو حيث سمع من الطرف الآخر صوت أنثوي يقول:
أيوة يا "ديدا"، اتأخرتي ليه يا بنتي بقالي نص ساعة مستنية.

كانت " رزان" وقد علا وجهها ابتسامة ماكرة تتذكر جيدا حديث "باسم" عن هذا الذي تحدثه، إنه
"جابر منصور" معضلته الأولى مع زوجته ...النساء،
على خلاف دائم هي تشك به، وهو لا يبالي.

انتبهت "رزان" على صوته وهو يسأل:
مينفعش معاكِ جابر؟

اعتذرت قبل أن تغلق الهاتف بابتسامة منتصرة ظهرت على وجهها، قبل أن يتابع ما يفعله وجد زوجته قد أتت إلى المقهى وأخدت المقعد المقابل له ثم قالت بضيق:
كان لزومها إيه أرجع دلوقتي؟

ترك ما كان بيده من طعام ورفع رأسه ينظر لها، إنها زوجته، تلك التي لا يراها سوى مرات معدودة كل شهر... كانت نظرته غاضبة وهو يسألها:
هو انتِ نسيتي إنك متجوزة ولا بتستعبطي

رفعت سبابتها محذرة:
"جابر" اتكلم معايا بأسلوب أحسن من ده، أنت عارف كويس أنا مرتبطة بماما وبابا ازاي.

_وانتِ يا ماما اتجوزتي، علشان تبقي مع جوزك... ماما وبابا دول نروحلهم زيارة، نبات عندهم كام ليلة،
لكن تروحي عندهم كل شهر ولما أجي أخدك تبقي نازلة معايا البلد قالبة وشك، أنتِ لو حسبتيها هتلاقي إنك بتقعدي في بيت جوزك أسبوع، وفي بيت أبوكِ بالشهر والشهرين.

أجابت على اعتراضه بضيق تشرح مبرراتها:
وأنا المفروض اقعد أكلم الحيطان مثلا يا "جابر"... حضرتك طول اليوم بتكون برا مع عمو " منصور" والدك، ولما بترجع بكون نمت.

ابتسم ابتسامة أثارت استفزازها وكان حديثه علقم بالنسبة لها وهو يقول:
وأنا بقى أبويا مبقاش عاجبه حالك، مبقاش عاجبه إن ابنه قاعد كأنه عازب، وأنا مش عاجبني إني بقالي تلات سنين متجوزك و مشوفتش ضفر عيل.

أسندت ظهرها إلى المقعد وهي تتناول كوب الماء قبل أن تقول:
أنا مستعدة نعمل تحاليل نشوف العيب منين.

تصنع الصدمة وهو يسألها:
ايه ده بجد فجأة كده؟... هو انتِ جالك كيف تحملي.

رفعت كتفيها تقول ببراءة:
لا، عايزة أوريك إن مفيش مشكلة في الخلفة عندي،
أنا صحيح كنت بطلب منك تصبر على موضوع إننا نجيب أولاد ده فترة لحد ما نشوف هنقدر نعيش مع بعض ولا لا، لكن أنا معنديش مشاكل، روحت لدكتور وقالي إن مفيش عندي اللي يمنع.

عصف حديثها برأسه فسألها بانفعال وقد فهم ما تقصده:
اه عايزة تقولي إن أنا اللي مبخلفش ولا إيه بالظبط.

زفرت بانزعاج وهي تقول له:
بقولك إيه يا "جابر" اختار الدكتور والوقت المناسب وأنا مستعدة أروح معاك نشوف موضوع الخلفة، غير كده متتكلمش معايا في الموضوع ده تاني، زي ما أنا برضو مبتكلمش عن علاقاتك اللي أنا متأكدة من وجودها وأنت بتنكرها.

صاح بكلماته التي جعلتها تنظر حولها لتتأكد من أن رواد المكان لا ينتبهوا لهما:
اصطبحي يا "ندى" على الصبح.

رمقته ببغض وهي تداري دموعها، هذه الزيجة التي شاركت فيها بيدها قبل أن يجبرها والدها على الإكمال بها... وإنها جريمة تدرك منذ زمن أنها اقترفتها في حق نفسها،.... لا يعاني منها سواها فقط.

★***★***★***★***★***★***★***★

أحضرت كل شيء من أجل الذهاب إلى الجامعة، وقفت فقط عدة دقائق في المحل حتى تنزل لها والدتها.... كانت جالسة وقد وضعت كفها على وجنتها حتى سمعت صوت مميز صغير يقول:
يا "شهد".

إنه صوت " يزيد"، تركت مقعدها وتحركت مسرعة ناحيته تسأله بدهشة:
حبيبي أنت جاي هنا لوحدك؟

هز الصغير رأسه وهو يخبرها:
قولت ل دادة "تيسير" إني هشتري شيبسي ولبان من عند طنط "هادية" وأروح علطول.

أدخلته مرحبة بابتسامة واسعة:
طب تعالى اقعد.

دخل مسرعا ورفعته هي كي يجلس على المقعد وهي تسأله:
اعملك هوت شوكليت؟

هز "يزيد" رأسه بحماس، واتجهت هي ناحية الموقد كي تضع المياه، ثم جذبت أحد أكياس البطاطس واتجهت بعد ذلك تجلس جواره سائلة:
قولي بقى أنت بتحب تقعد هنا؟

_اه بس بحب بابا أكتر.
قالها ببراءة فلم تستطع منع نفسها من سؤاله:
وبتحب طنط فريدة؟

ترك ما قد أعطته وهو يجيبها بحزن:
انا كنت بحبها علشان بابا بيحبها، بس هي كانت بتزعقلي كتير، وبتخليني أعمل ال homework في يوم الأجازة مع إن اختي كانت بتقعد تلعب.

سألته مقاطعة:
أختك دي بنتها؟

هز رأسه متابعا:
أيوة هي، وكمان عمو "حسن" زعقلها وقالها متخلنيش اذاكر في يوم الأجازة، بس هي مسمعتش كلامه.... وكانت بتقولي إنها هتسيبني لتيتا "سهام" علشان أنا خلاص كبرت، وهتروح هي وبابا يعيشوا بعيد.
وأنا بحب بابا أوي.

بدأت "شهد" في تجميع كل شيء في رأسها، ثم همست:
اه يا بنت الكدابة، بقى بتشتغليني أنا.

فاقت وقد أدركت أنها غفلت عن الصغير فاتجهت ناحية الموقد قائلة:
بابا يا "يزيد" بيحبك أوي ومش هيسيبك،
تابعت وهي تضع الكوب الساخن أمامه:
وأنا كمان بحبك و عملتلك أحلى هوت شوكليت.

قطع حديثها وجود "طاهر" والذي بمجرد أن وجد ابنه سأله:
يزيد أنت قولتلي إنك جاي هنا؟... و بعدين مش أنت قولت لدادة "تيسير" وقالتلك انها هتخرج تجبلك، خرجت لوحدك ليه؟

_أنا عارف الطريق يابابا وبعرف اجي لوحدي.
قالها "يزيد" مبررا موقفه ببراءة فتركت "شهد" مقعدها واتجهت ناحية "طاهر" تقول:
مش هناكله يا كابتن.

طالعها ولم يجب، فسألته وقد ضحكت:
ده انت زعلان بقى.

رمقها بجانب عينه وهو يسألها بنبرة معاتبة:
انتِ عايزة ايه؟

رفعت حقيبتها تقول وقد رفعت كفيها ببراءة:
عايزاك توصلني علشان رايحة الكلية.

ذهب ناحية "يزيد" وجذبه من كفه وهو يخبرها بتجاهل:
معنديش وقت، هروح "يزيد" و عندي شغل وماشي كمان شوية.

حاولت جذب الصغير منه وهي تقول باعتراض:
سيبه يكمل الكوباية.

تابع خطواته نحو الخارج وهو يقول:
هيتعمله غيرها في البيت.

لم تصمت بل تحركت خلفهم تقول بنبرة عالية:
عارف يا "يزيد" أبوك ده قماص.

استدار "طاهر" يرمقها بغيظ فهزت رأسها بلا مبالاة قائلة:
مش عايزة منك حاجة، هروح الكلية لوحدي.

رحل بعد مطالعته لها، أما هي فوقفت مكانها تتأمل رحيله وقد انكمش حاجبيها بحزن.... مرت عدد اخر من الدقائق حتى نزلت والدتها وشقيقتها "ملك" فتحركت هي مغادرة، ظلت تفكر به حتى وصلت إلى موقف السيارات، ابتسمت بانتصار حين لمحت سيارته متوقفة هنا، ولكنها تجاهلته وتحركت بعيدا فخرج هو يلاحقها ناطقا بضجر:
أنا مش فاضي لشغل العيال ده، هتركبي أوصلك اركبي، مش هتركبي أنا ماشي.

صاحت بغضب:
وجاي على نفسك ليه، امشي مش عايزة اركب
طول ما أنت بتتكلم بالأسلوب ده.

_أنا جيت علشانك.
قالها بغضب مماثل لغضبها، ولكنها مثلت لها الكثير... لذا اتجهت ناحية سيارته تجلس في مقعدها... جاورها هو وقاد سيارته مغادرا، سمعها تقول بتوتر:
متزعلش.

وكأنه لم يسمع ما قالت فخرج حديثه جادا:
تقولي أنا أسفه، وتقولي سبب العك اللي قولتيه امبارح ده إيه.

هددته بنبرة محذرة:
لا كده هقول أنا نازلة.

لم يستطع منع ضحكاته، فابتسمت هي الاخرى قبل أن تقول:
شوف لما بتضحك وشك بينور ازاي، وش حضرة الناظر ده كان شكله وحش عليك.

أخبرها معاتبا:
شهد أنا زعلان منك، وأنتِ عارفة إن اللي عملتيه ده غلط، وعايز مبرر ليه حالا.

وقعت في حيرة شديدة، هل تخبره؟... ولكنها تريد أن ترد ل "فريدة" ما فعلته لذا قررت أن تقول:
أنا عارفة إني سألت سؤال زفت، بس أنا مش هقدر أقول أنا سألته ليه، لكن هقولك أكيد في يوم... المهم متزعلش علشان أنا ما بحبش حد يبقى بيوصلني وزعلان.

ابتسم فضحكت هي الاخرى وهي تنظر من النافذة جوارها، أكثر ما يروق لها أنه يتفهمها... دائما تجد نفسها هنا، أما عنه فهو ذلك الصارم في غضبه،
كلماتها البسيطة تسلب ضحكته سلبا، كل منهما يفكر، ولكن لا أحد منهما يعلم أنه عقل الآخر مشغول به.

★***★***★***★***★***★***★***★

قد عاد إلى المنزل ولكنه ليس بمفرده، معه زوجته...جلس على الأريكة المقابلة لمقعد والده يحتسي الشاي وهو يسمع "منصور" يسأل:
مراتك زعلانة ليه يا جابر؟

هز رأسه بلا اهتمام وهو يخبره:
سيبك منها، بكرا تتعدل...المهم أنت قولت في حاجة مهمة، حاجة ايه بقى؟

اقترب والده منه وقد كسا حديثه الجدية وهو يقول:
أنا عايزك تفتح كويس يا "جابر" وتسمع اللي هقوله...عايز البلد كلها سواء هنا ولا في قرية "نصران" تعرف إن اللي قتل "فريد نصران" هو "شاكر".
عايز الكلام ده يتقال في العلن ويبقى على كل لسان.

انكمش حاجبي " جابر" وهو يسأله:
لا مش فاهم... هنعمل الخطوة دي ليه لما احنا لسه مجهزناش للي بعدها.

_اللي بعدها إن "علا" بنت "مهدي" تضرب بالنار ليلة فرحها.
جحظت عين "جابر" وهو يستمع لما يقوله والده، وما زاد صدمته قول والده الأخير:
تضرب ومتموتش.

شعر "جابر" بأن عظام كفه تحولت إلى شيء اخر رخو، لذا ترك الكوب الذي بيده، وهو يحاول استجماع ما سمعه للتو من والده.

★***★***★***★***★***★***★***★

أتى إلى هنا، أتى قبل رحيله الذي سيستمر لأسبوع، كانت تجلس جوار والدتها في دكانهم قبل أن تقول "هادية" مرحبة:
نورت يا "عيسى".

شكرها ولم تترك " ملك" مقعدها بل بقت كما هي، وقامت والدتها بدلا عنها منتظرة أن يعطيها الهاتف الذي نسته "ملك" ولم يطل انتظارها حيث أخرجه وأعطاه لها قائلا:
"ملك" نسيت ده امبارح، أنا سجلت عليه رقمي...علشان لو "شاكر" اتصل تاني تتصل بيا علطول علشان أنا الأسبوع ده مش هكون موجود هنا.

رفعت عينيها للمرة الأولى تطالعه برفض لما قاله، عينان تستغيث طالبة الوجود، لم يقل شيء آخر لأنهم سمعوا أحدهم يقول من الخلف بنبرة جذبت انتباهه:
السلام عليكم.

_عليكم السلام.
قالتها ب استغراب فتابع الشاب حديثه الموجه ل "هادية":
أنا جيت لحضرتك قبل كده، وقولتيلي أنك مش فاضية... ينفع عشر دقايق من وقتك؟

استدار له "عيسى" يسأله:
بتوع ايه العشر دقايق دول بقى يا باشا؟

رفض الشاب الإجابة حيث قال:
لا ده موضوع شخصي.

ابتسم "عيسى" قبل أن يخبره وهو يربت على كتفه:
موضوع شخصي إيه بالظبط؟...الست "هادية" وبناتها أي حاجة تخصهم تخصني.

سطع الأمل في وجه الشاب، حين قال:
حيث كده بقى، فأنا كنت عايز أجيب أهلي وأطلب إيد الأنسة "ملك".

استدار " عيسى" يطالعهما بنظرات نارية، حلت الصدمة على "هادية" أما "ملك" فهرب الحديث منها، زاد الأجواء توترا حين قال الشاب ل "عيسى":
رد حضرتك إيه؟

نظر له، تسارع عنيف في دقات القلب، قنبلة موقوته وقد أوشكت على الانفجار، وظهر هذا جليا في نبرته وهو يعطي الشاب رد حطم أماله حيث قال:
روح....
رمقه محدثه بتعجب ولكنه تابع وقد تحولت نظراته تحاوطها هي:
روح بيتكوا، ومتجيش هنا تاني.

ملك المفاجأة، وملك الردود الغير متوقعة أيضا... كانت تعلم أن كل شيء مبهم هو قائده والآن أثبت لها ذلك برده.... إن أفعاله هذه لا تُنسى أبدا.
يُتبع ♥

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-