رواية وريث آل نصران الفصل التاسع عشر 19 بقلم فاطمة عبدالمنعم

 رواية وريث آل نصران الفصل التاسع عشر 19 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران البارت التاسع عشر 

رواية وريث آل نصران الفصل التاسع عشر 19 بقلم فاطمة عبدالمنعم


رواية وريث آل نصران الجزء التاسع عشر

الفصل التاسع عشر (يمهد طريقه)
#رواية_وريث_آل_نصران

بسم الله الرحمن الرحيم

هل من جديد؟
أي شيء ينتظرني اليوم الحزن أم القهر أم الشقاء؟
لا تقلق بشأنهم فإن دموعي تروي أراضيهم جميعا
وإن كان قلقك بشأني أنا فلا تخف... أنا رغم كل شيء
لم أمت و لكن أُُقتل ألف مرة.... وما زالت أحيا.

لا مجال للتشتت هنا، أحدهم يصيح مولولا على دكانه الذي تدمر وقد تجمع المارة من حوله ينتظرون ردة فعل من ابن كبيرهم، وهي تبلغه بكل هدوء برفضها الذي راهن والده على استحالة حدوثه.
ترك أمرها، ونظر للواقف أمامه ناطقا بحزم:
في إيه؟

كانت زوجة الرجل تبكي بصمت محتضنة ابنتها في خوف، دخل "عيسى" من بين الواقفين، وتبعته "ملك" فسمعت الرجل يبث شكواه:
امبارح سيبت المحل بتاعي ودخلت البيت، مفيش شوية ورجعت لقيته متدغدغ كده، احنا عايشين بالدكان ده وحتة الأرض، وأنا عايز حقي.
وأشار على دكانه الخاص الذي تهشمت محتوياته

_سيبت المحل بتاعك ده بقى مفتوح قد إيه؟
سألها "عيسى" مصوبا نظراته ناحية الرجل وسط العيون المترقبة من حولهم فقال الرجل بنبرة مضطربة:
بتاع ساعة إلا ربع.
أكمل مبررا:
بس الدكان جنب البيت، وأنا متعود على كده.

ابتسامة ودودة صدرت من "ملك" للصغيرة التي تتشبث بوالدتها وكأن أحدهم سينتزعها منها وهي تسمع سؤال "عيسى" الثاني:
وكنت بتعمل إيه بقى في الساعة إلا ربع اللي سايب فيهم المحل بتاعك مفتوح للرايح والجاي دول؟

اعترض الرجل صائحا بغيظ:
هو ايه التحقيق ده، أنا قدمت شكوتي وعايز حقي.

ضحك "عيسى" وهو يحرك حذائه على الأرضية ناظرا لحركته وتبع ذلك باتهامه:
ما يمكن كداب وعايز تفتري على حد... جاوب على السؤال واتعلم تتكلم مع ابن كبيرك كويس، علشان متترباش قصاد الناس دي كلها.

علا صوت الهمس السائد بين الواقفين ووجه "عيسى" سؤاله لزوجة الرجل:
كان بيعمل ايه و سايب المحل بتاعه؟

ما زالت على حالة البكاء، رمقها زوجها بنظرات تحذيرية جعلتها تقول ما لديها بقهر:
كان بيضربني، أنا كمان عايزة أقول شكوتي زيه... يعرف عليا واحده وأنا عرفت، كان ممكن اسامحه على الست اللي عرفها عليا علشان ده حقي أنا، لكن مش هقدر اسامحه على فلوسه اللي صارفها كلها عليها، وحارمني أنا والعيلة الصغيرة دي ومخليها أقل واحدة في وسط العيال، لما واجهته بعملته امبارح ضربني لحد ما شبع ضرب.

صرخ الرجل معترضا:
كدابة، محدش يصدقها دي كدابة.

تابعت وهي تنظر ل "عيسى" مقدمة دليل صدقها:
الست اللي يعرفها هي اللي قالتلي علشان تكيدني، وبعتتلي صوره معاها لو عايز تشوفها التليفون موجود.

التفت "عيسى" للواقفين سائلا بنبرة عالية وصلت للجميع:
شايفين ليه حق؟

تبادل الجميع النظرات ولم يجب أحد فاستدار ل "ملك" الواقفة على مقربة سائلا بعينين مصوبة ناحيتها:
ليه حق؟

لا تعلم ماذا يجب أن تكون إجابتها لذا لاذت بالصمت أما عنه فتحدث وقد انتبه الواقفون:
يبقى أقول أنا بقى... أنت دخلت بيتك تفتري على أهله، وخرجت لقيت واحد مفتري أكتر منك كسر المحل بتاعك وافترى عليك... كده أنت ملكش حق، اللي عمل كده هيتحاسب وهيتعرف، لكن أنت مفيش أي تعويض عن اللي حصل لمحلك علشان تستاهل اللي حصل
أشار "عيسى" لزوجة الرجل متابعا:
و أنتِ سواء عايزة تطلقي أو ترجعي بشروطك... فكلامك هيوصل للحاج "نصران" و هتاخدي حقك وحق بنتك الضعفين.

رمقت السيدة زوجها في انتصار، فسأل هو مجددا:
عدل ده ولا مش عدل؟

أتته الإجابة من الواقفين بأن ما فعله الصواب، وبدأت عبارات الدعاء تتوالى عليه، فهز رأسه برضا، وتحرك مغادرا كي يتابع طريقه نحو المنزل، لحقت "ملك" به وقد ساد صمتهما عدة دقائق تبعها قوله:
كنتِ بتقولي إيه بقى؟

كانت تنتظر هذا السؤال، تنتظره و ما نوته حاضر في ذهنها حيث قالت:
أنا مش هقدر أتجوزك، حتى لو كان علشان "فريد" و علشان تجيب "شاكر"... أنا...
كانت حائرة لا تدري ما الواجب قوله الآن ولكنه أراحها من هذا التخبط بقوله:
الموضوع ده علشان نتكلم فيه، محتاجين نلاقي "شاكر" الأول، وأظن إني مش محتاج أقولك إن "شاكر" ده اختفى بسبب حيرتك ما بين تقولي الحقيقة أو لا فخد هو الفرصة وخلع، لو قولت اني هتجوزك دلوقتي ده مش هيخلي "شاكر" يظهر علشان مفيش ولا واحد من اللي عارفين مكانه هيوصله المعلومة علشان عارفين إنه ممكن يجي، لكن لما أنا أعرف طريقه بقى هخليه يجي لحد هنا برجليه، وقريب أوي هعرف طريقه...و طبعا هو مش هيجي برجليه غير لما يعرف إن اللي قتل علشانها قبل كده بتتجوز، وساعتها هتضطري تشتركي في اللعبة دي سواء رضيتي أو لا وده علشان علشان " فريد" اللي مات علشانك لو كنتي نسيتي.

وصلت إلى منزلهم، شعرت بالدفء حين رأت والدتها تجلس داخل المحل، تركت " هادية" مقعدها وتحركت ناحيتهما مرحبة:
اتفضل يا "عيسى".

_شكرا... عندي مشوار.
قال كلماته ناويا الرحيل، قبل أن يوجه حديثه الأخير ل " ملك" :
فكري في كلامي كويس.

تركهما ورحل، قبل أي سؤال من والدتها اتجهت إلى الدكان، وجلست على أحد المقاعد في الزاوية واضعة الكيس البلاستيكي على الأرضية فسألت والدتها:
مالك؟... و إيه الكيس ده؟

_اقعدي يا ماما عايزة اتكلم معاكي.
قالتها لوالدتها بهدوء غلفه الحزن، كان الوضع برمته قد أثار ريبة "هادية' لذا لم تفرط في الفرصة لمعرفة ما حدث وهي جاهلة عنه.

★***★***★***★***★***★***★***★

كلام والدته عصف به، جعل عقله يدور هنا وهناك بحثا عن إجابة... هل هو ظالم حقا!
وجد نفسه أخيرا في غرفته حيث ينام الصغير، مسح على خصلات " يزيد" بحنان فاستيقظ يقول بعينين مغلقتين:
صباح الخير يا بابا.

احتضنه قائلا بحب:
صباح الفل يا "يزيد"... يلا قوم اغسل وشك بقى علشان شوية وهننزل نفطر معاهم تحت.

وافقه " يزيد" بحماس وهرول ناحية المرحاض يغسل وجهه، وأسنانه، دقائق وانتهى ليعود إلى والده الذي أجلسه جواره على الفراش سائلا:
"يزيد" أنت بتحب "فريدة"؟

اختفت البسمة تماما من على وجه " يزيد" وحل محلها الحزن حين أجاب والده:
أنا كنت بحبها علشان أنت بتحبها، بس هي مكانتش بتحبني، وكانت علطول بتزعقلي، و مش بتخليني ألعب... هي هترجع تاني يا بابا؟
سأل وتمنى أن تكون الإجابة لا، ولكنه تابع حين رأى الضيق على وجه والده :
عادي يا بابا ترجع، بس قولها متزعقليش تاني.

ابتسم له "طاهر" و هز رأسه نافيا وهو يخبره:
لا يا حبيبي مش هترجع تاني، أنا بحب اللي يحبك، وطالما هي مش بتحبك يبقى أنا كمان مش بحبها.

عادت الضحكة لوجه صغيره واحتضنه قائلا:
وأنا بحبك أوي يا بابا.

تأكد من أن قراره صواب، هي لم تتغير وهو لن يقبل معاناة جديدة لطفله، لذا كان قراره هذه المرة بإبعاد "فريدة" عن حياته حاسما لا رجعة فيه.

في نفس التوقيت كان كل شيء يُعد في الأسفل من أجل تجمعهم على الإفطار، نزلت "رفيدة" أولا و اتخذت مقعدها أمام الطاولة وقد لاحظت اشتعال والدتها فسألت:
في حاجة يا ماما؟

اتجهت "سهام" إلى المطبخ حيث تمارس "تيسير" مهامها وأجابت ابنتها بإهمال:
مفيش.

هزت "رفيدة" رأسها بعدم اهتمام، وفتحت هاتفها تنشغل به حتى يتموا اجتماعهم على الطاولة، توقفت عما تفعله حين رأت شقيقها الذي دخل المنزل للتو فعلت الضحكة وجهها قائلة:
نفسي مرة أشوفك نازل من أوضتك، أنا علطول بشوفك جاي من برا.

ذهب "عيسى" ليجلس على المقعد المجاور لها، وهو يقول:
أنتِ اللي بتقعدي في أوضتك أكتر من اللازم.

_"عيسى" هو أنت مبتحبش ماما؟
كان سؤال صادم، لم يتوقع أن تتفوه به أبدا، وخاصة حين تابعت:
ليه بحسك واخد منها جنب، دايما لما بتكون موجود ماما بتبقى متعصبة و متوترة، وأنت بتبقى ساكت وكلامك قليل و متضايق

قاطع حديثها بابتسامة هادئة وهو يخبرها:
مفيش حاجة تخليني أكره مامتك يا رفيدة، هو عدم تعود مش أكتر، ما أنتِ عارفة أنا من زمان بعيد ومبقتش موجود هنا بصورة أساسية غير بعد وفاة "فريد".
ربت على كتفها متابعا وعيناه تحاوطها:
الحاجة الوحيدة اللي عايزك تتأكدي منها إني بحبك وجنبك، ولو احتاجتي حاجة في أي وقت أنا موجود.

قاطعته ضاحكة بمكر:
أنا عايزاك تخرجني.

_لا ده أنتِ داخلة على طمع بقى.
قالها وهي تتابع سرد طلباتها:
و توديني المعرض بتاعك أتفرج عليه، و بيتك اللي في شرم الشيخ، وتديني عربية هدية وتقنع بابا يخليني أسوقها...
رفع حاجبه الأيسر وعلى وجهه ضحكة مستنكرة فقالت أخر كلماتها وهي تضمه:
وتديني حضن كبير.

نزل " طاهر" و معه ابنه و تبعهم "حسن" الذي رفع صوته متحدثا:
الله الله بقى بتحضني عيسى، وأنا تقوليلي ابقى خبط على الباب بعد كده.

توجه "طاهر" إلى مقعده وجلس "يزيد" جواره ثم وجه حديثه ل "حسن" قائلا بغيظ:
ما عندها حق، خبط يا بابا على الباب قبل ما تدخل، مش لسه صغير هنعلمك... أنت ياض خطر على ابني.

أشار "حسن" على ذاته سائلا "يزيد" بتصنع البراءة:
أنا خطر عليك يا "يزيد"؟

أجابه " عيسى" بدلا من "يزيد":
أنت خطر على البشرية كلها مش على " يزيد" بس.

_طب والله أنتوا بتحبطوني، وأنا اللي كنت ناوي أنجح في الكلية السنادي.
تدخلت "رفيدة" مقاطعة حديثه وهي تخبره برجاء:
حسن أنت لازم تنجح، بابا حالف لو منجحتش مفيش كلية تاني.

وجه "طاهر" له الحديث محذرا:
أنت أبوك على أخره منك فاتلم بقى علشان متلبسش.

قطع جلستهم الودية خروج "سهام" من المطبخ، كانت ستذهب إلى "نصران" ولكنه حضر بنفسه، فجلست على مقعدها منتظرة أن يجاورها على مقعده الرئيسي ولكنه صدمها بقوله:
قوم يا "طاهر" اقعد على الكرسي اللي جنبي.
كان جواره مقعدين أحدهم تجلس "سهام" عليه والآخر جلس "حسن"، توترت الأجواء وترك " حسن" مقعده قائلا:
تعالى يا "طاهر" اقعد جنب بابا.

_مش الكرسي ده.
قالها بحزم فتركت "رفيدة" ملعقتها تراقب ما يحدث، أما "عيسى" فقد أراح ظهره على المقعد وقد راق له ما يحدث كثيرا.
نطق "طاهر" باعتراض:
الكرسي التاني ماما قاعدة عليه.

تركت مقعدها بحرج أمام صمت "نصران" وأشارت لابنها على المقعد ناطقة:
تعالى يا "طاهر" اقعد جنب أبوك.
قالت كلماتها وذهبت تجلس على مقعد "طاهر" حيث أصبحت وسط "يزيد" و "عيسى" الذي مال خلسة هامسا بنبرة ذات مغزى:
الخير على قدوم الواردين .

رمقته بجانب عينها بضيق، ثم التفتت للصغير والتقطت شريحة من الخبز المحمص تسأله:
اعملك "مربي" يا "يزيد"؟

هز الصغير رأسه موافقا و بدأت هي بالفعل في تحضيرها له حين قال " عيسى":
في حاجة حصلت من شوية يا بابا.

انتبه له "نصران" فقص له "عيسى" ما حدث مع الرجل وكيف حل الأمر فقال "نصران" بغضب:
ومين اللي اتجرأ يكسر محله؟

رفع "عيسى" كتفيه دلالة على عدم المعرفة وتابع:
معرفش الصراحة، أنا قولتلهم اللي عندي حتى الناس كانت واقفة وشاهدة.

_عايز أعرف مين اللي عمل كده يا "عيسى"، لو كانت عداوة مع الراجل كان جه اشتكالي لكن البلطجة دي مش هنا.
أخبر " عيسى" والده أن سيهتم بمعرفة الفاعل ثم قال:
أنا هنزل القاهرة علشان المعرض بتاعي، مش هتأخر بالكتير أسبوع وهرجع.

ضحك "طاهر" على المصادفة ناطقا:
انا كمان رايح شغلي بكرا.

رفعت "رفيدة" كفها تقول بحماس:
وأنا رايحة الكلية وهرجع بكرا.

استدار "نصران" ل "حسن" سائلا:
وأنت ناوي تنجح السنادي، ولا هتبطل علام.

_ده أنا ناوي أطلع الأول وأشرفك يا حاج.
ضحك الجميع مما خفف من التوتر السائد، فنطق "نصران" بغيظ:
انجح بس وخلص، مش أول ما تشطح هتنطح.

ترك "نصران" مقعده واستقام واقفا بعد أن أنهى طعامه، تركت "سهام" مقعدها هي الاخرى، تجاهلها واتجه ناحية المرحاض، فوقفت تنتظر في اصرار على الحديث الذي لن تتخلى اليوم عن اتمامه، بينما في التوقيت ذاته كان "باسم" يضع ما بيده من أكياس على الطاولة في منزل "رزان"، وأخرج حفنة من المال وضعها جوارهم وهو يقول:
أنا جبتلك أكل يكفيكي كان أسبوع، والفلوس دي اصرفي منها ولو احتاجتي تاني قوليلي.

كانت تبكي بصمت، وقد تملك القهر منها، فبعد أن احتمت بغرفتها منه، استطاع الدخول و بسبب تراجعها للخلف اصطدمت بالطاولة فسقط الكوب الزجاجي متهشما على قدمها، تم حل الأمر و ربطت قدمها المصابة ... وأتى هو لها الآن حاملا هذه الأشياء لأنه يعلم أنها لن تنزل إلى عملها
رمقته بغضب وهي تلقي عليه حديثها:
اه ضميرك نقح عليك، فقولت لما أروح أرمي للكلبة عضمة.

_أنتِ اللي استفزتيني يا رزان.
رفعت حاجبها تسأله بسخرية:
والله بجد؟... هو أنت عايز مني إيه يا " باسم" ؟
عارف لو أنا عارفة إنك بتحبني مثلا كنت هقول معلش غيران، لكن أنت بتحب نفسك وبس فاكرني لعبة وعايزني طول الوقت أفضل لعبتك أنت.
ابتسمت بمرارة وهي تتابع:
يا شيخ ده أنا كل يوم بصحى وأقول هبطل شغل النهاردة، هنضف النهاردة، لكن الفقر والحاجة وحشين أوي وأنا مش قدهم، كفاية دوس عليا بقى، كفاية بجد.

كان يجلس يستمع بإنصات لكل حرف تتفوه به، شعر بالتخبط، قرار يود اتخاذه وألف لا ..تتردد في عقله وقلبه تحاول منعه ولكنه قال في النهاية:
هطلب منك حاجة لو عملتيها، هديكي مبلغ محترم ابتدي بيه حياتك بعيد عن البار وشغله.

لمعت عيناها تريد التأكد من صدق حديثه وهي تخبره:
موافقة طبعا.

_هزقك على واحد، وأول ما اتأكد إن حياته و حياة مراته اتدمرت هتاخدي الشيك.

هل تقبل؟... ألح على ذهنها السؤال، ربما يصبح هذا أخر قيد لها وبعدها تصبح حرة وتبدأ حياة بعيدة عن كل شيء، حاوطها بنظراته أما هي فشردت بعيدا، شردت لتختار هل تقبل أم يكن الرفض هو الجواب.

★***★***★***★***★***★***★***★

قصت "ملك" على والدتها كل شيء، فناولتها هادية كوب ساخن من الشاي الممزوج بالحليب مطمئنة:
احنا ملناش دعوة، هما يجيبوا "شاكر" بطريقتهم،
أنتِ خلاص عملتي اللي عليكِ... شكرا بقى لحد كده.

_زي ما أنتِ يا ماما بتدوري على مصلحتي، هما بيدوروا على حق "فريد" وأنا مش هقبل إن حق "فريد" ده يضيع مهما كان التمن.

قطع جلستهما اقتحام "علا" المكان، كانت ترتعد باكية وهي تقول بنحيب:
أنا سألت كتير الناس لحد ما عرفت المكان هنا.

تبادلا "ملك" و "هادية" النظرات فالتقطت "علا" كف "هادية" تتابع بانهيار:
عايزين يجوزوني غصب، أنا عارفة انكوا مبتحبونيش بس بالله عليكِ قعديني عندك.

نزلت "شهد" بعد أن ذهبت "مريم" لدروسها ووجدت هي نفسها وحيدة، فاختارت النزول لوالدتها... بمجرد دخولها المحل وقعت عيناها على "علا" فقالت بنبرة عدائية:
ايه اللي جاب البت دي هنا.

ردعتها والدتها بنظرات محذرة، وقالت "ملك" باستغراب:
معقوله طنط كوثر موافقة تتجوزي بالغصب.
كانت تعلم مدى الترف الذي تنعم به "علا" بسبب والدتها التي لا تكف عن تدليلها... فهل تبدلت باخرى الآن.

جذبتها "شهد" من ذراعها تقول بعنف:
ده تلاقيه فيلم من أفلامهم، وباعتنها تمثله علينا... يلا يا بت أنتِ اطلعي برا.

دفعتها والدتها بعيدا عن "علا" مردفة بانفعال:
هو أنا مش قولت بس.

أجلستها "هادية" ..."علا" ولم يمر إلا دقائق حتى وجدن سيارة تتوقف أمام الدكان، نزل منها "مهدي" وتبعه "جابر"... فزاد نحيب " علا" وتشبثت بملابس "شهد" تقول ببكاء:
أنا عارفة إني وحشة معاكِ... بس متخليهوش ياخدني.

دخل "مهدي" وتبعه "جابر" وقبل أن يتقدم من ابنته وقفت "هادية" أمامه تسأله باشمئزاز:
هو أنت مش هتبطل... يعني ضيعت ابنك وابنك ضيع ناس ملهاش ذنب، وجاي تكمل على البت كمان.

أبعدها قائلا بإصرار:
ملكيش دعوة، بنتي وأنا حر فيها... قومي يا "علا"
قال جملته الأخيرة بحدة واتجه ناحية ابنته المتشبثة ب "شهد" يجذبها بعنف وحين لم تستجب اقترب "جابر" ابن "منصور والذي أحضره إلى هنا بسيارته، أتى ليقدم المساعدة في جذبها عنوة من هذه المتشبثة بها ولكن سمع هذه التي تصيح فيهم:
وده بقى عريس الغفلة اللي عايز تجوزهولها غصب، ولا مين بالظبط.

انكمش حاجبي " جابر" فهو لا يعلم الأمر، فقط وجد "مهدي" يبحث عن ابنته هنا وهناك، فساعده على معرفة طريقها بخاصية ال (Gps) حتى وصلا إلى هنا.

رفع "مهدي" سبابته محذرا:
ملكيش دعوة يا مخفية أنتِ... امشي يا "علا" معايا واللي أنتِ عايزاه هيحصل.

قام "نصران" بإرسال "طاهر" إلى هنا بعد أن أتاه اتصال يخبره بدخول "مهدي" إلى القرية، دخل "طاهر" وقد تشبث "يزيد" في كفه ثم سأل وعينه تدور بينهم:
في إيه بيحصل هنا؟

أخيرا نجح "مهدي" في جذب ذراع ابنته وقال وهو يتوجه بها إلى الخارج:
مفيش حاجة بنتي جت هنا، وجيت اخدها.

خرج "جابر" و "مهدي" ومعهم "علا" فلحقت "هادية" به تطلب بإلحاح:
طب سيبها يومين وأنا هجبهالك.

أدخلها "مهدي" السيارة بانفعال محذرا "هادية" بقوله:
هو أنا اللي فيه ده كله بسبب حد غيرك،
ابعدي عني.. قال كلماته الأخيرة بعنف.

رحل كليا، ودخلت هي إلى الدكان بقلة حيلة، فلقد عجزت عن تقديم المساعدة لها، وبالفعل هو والدها وهي ليس لها حق التدخل... كانت "ملك" قد تكفلت بسرد ما حدث، أما "شهد" فاتجهت ناحية ذلك الموقد الصغير الذي وضعته والدتها أعلى الطاولة، قامت بتسخين المياه ثم صبتها على مسحوق الشوكولاتة، ثم أحضرت كوب آخر من الشاي ووضعت الاثنان على الطاولة قائلة:
اتفضلوا.

تناولت كوب الشوكولاتة الساخنة وأعطته ل "يزيد" قائلة:
بتحب الهوت شوكليت.

هز "يزيد" رأسه وتناوله منها بابتسامة واسعة وهو يقول بامتنان:
شكرا يا "شهد"... أنا منستش اسمك.

ضحكت وقد مدت كفها تضربه بكفه:
أنا كمان منستش اسمك يا " يزيد".

ابتسم "طاهر" على اندماج طفله هكذا، ولكنه رفض الجلوس قائلا باحترام:
أنا بس الحاج بعتني، علشان قلق يكون بيحصل حاجة، خلي الشاي مره تانية معلش... يلا يا "يزيد"

اعترض ابنه بينما في الوقت ذاته كان "عيسى" يجلس في غرفة "فريد"، الغرفة الوحيدة التي لا تدخلها " تيسير" كي ترتبها، شعر برغبته في الجلوس هنا قبل الرحيل إلى القاهرة، وفاة "فريد" جعلته يشعر أنه لم يعد يبق أحد...قرر النزول إلى مكتب والده بينما في التوقيت ذاته كان الشجار قد وصل ذروته في مكتب نصران، خاصة و "سهام" تصيح:
ليه كل اللوم ده، أنا من حقي اعترض وأقول رأيي.... من حقي أقول لا.

_طول عمري بحترمك وبحفظ كرامتك... لكن اللي عملتيه امبارح ده ولا فيه أي احترام لجوزك اللي ضربتي بقعدته الحيطة، ووقفتي ترمي كلامك على البت اللي قاعدة.

اقتربت منه وقد تغيرت نبرتها إلى اخرى حانية:
نصران أنت عارف إن احترامك على رقبتي... أنا بس
استغربت طلب "عيسى"... هيتجوز حبيبة أخوه!
فريد أنا لسه لحد دلوقتي حرقتي عليه مراحتش ولا عمرها هتروح.

توقف " نصران" عند اسم بعينه وكرره عليها متابعا:
عيسى مبيعملش غير الصح... ولما يعمل الغلط اخواته وأنا في ضهره وهنبهه يا "سهام" وساعتها يبقى معاكي الحق كامل في الكلام، غير كده لا.

سألت مستنكرة:
أنا عايزة أعرف في ايه بالظبط... أنت بتمهد لإيه يا "نصران".

_عيسى نصران... كبير قرية " نصران"
قالها وانفتح الباب ليظهر من نطق باسمه توا أمامهما، أما هي فأكبر مخاوفها تحققت الآن... "عيسى" ذلك الذي تخبرها كل نظرة من عينيه كم أنه يمقتها، أرادت الفرار ولكن هنا وفي هذا المنزل خاصة... الفرار محرم عليها.

تمنينا لو أن ما خفناه ما كان، ولكنه كان
والويل كل الويل لنا... إن لم نتحمل تبعاته

يُتبع ..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-