رواية حمزة كاملة بقلم ميمي عوالي

 رواية حمزة كاملة بقلم ميمي عوالي

رواية حمزة كاملة بقلم ميمي عوالي


رواية حمزة الجزء الأول


الفصل الاول
التاسعة صباحا ، وفى شركة عملاقة تصنف من شركات الادوية الشهيرة يتجه رجل فى اواخر الثلاثينات من عمره يرتدى ملابس غير رسمية الى مكتب رئيس الادارة ، يبدو على هيئته الجاذبية والوسامة واللا مبالاه فى آن واحد ، ولمن يبالى فهو حمزة زيدان صاحب هذا الصرح العملاق ، ورغم عمره الذى لم يصل بعد الى الاربعين ، الا انه يتمتع بهالة من القوة الداخلية التى تطغى على عينيه ، تجعل من يتعامل معه وهو ينظر بعينيه يهابه ويصيبه القلق ، فهيئته يطغى عليها الغموض.

ناجح بعمله ، شديد الجدية ، يكافئ من يستحق ، ويا ويله من يخطئ او يهمل فيناله مايناله .

لكن …….. من يقترب منه بعيدا عن عمله يقع فى غرام شخصيته على الفور ، فهو طيب القلب ، حنون ، حلو المعشر ، دائم الاهتمام والمراعاة لمن يحبهم .

ولكن مهلا ، فهو لا يوجد بحياته غير رقية اخته الصغيرة الجميلة والتى قام بتربيتها بعد وفاة والده فهى مدللته التى تصغره بخمسة عشر عاما ، اصيبت والدتهم بالمرض العضال بعد ولادتها باعوام قصيرة ، ثم وافتها المنية وهى لا زالت فى العاشرة .

وقت وفاة والدتهم كان حمزة يكمل تعليمه بالدراسات العليا بالخارج ، فهو قد انهى تعليمه بكلية الصيدلة بمصر ، ولكن والده اصر عليه بان ينال دراساته العليا بالخارج ،وعندما حصل على الدكتوراه رجع الى وطنه مرة اخرى ومالبث ان توفى والدهم هو الآخر حزنا على فراق زوجته تاركا جميع ثروته فى يد حمزة ، وصيا على اخته ، فلم يبقى لها سواه ، وليس لديهم بالحياة غير عمتهم ثريا هانم وابنتها نورا ، وهما كما يقال وجودهم كعدمه ، فهما لا يهتمان الا بالمال واالمال فقط ، ولا يحاولان الاتصال بحمزة واخته الا عندما يقوما بطلب المال .

وكان لثريا هانم حلمها بان يتزوج حمزة من ابنتها ولكنه عندما تزوج وراح املها تزوجت ابنتها من احد رجال الاعمال الاثرياء ورغم ذلك لا يملان من طلب الاموال من حمزة.

وحمزة يعطيهم ولا يبخل عليهم وهو يعتبر ذلك برا بذكرى والده رحمه الله.

ومع رقيه لديه صديقه اللدود ، الذى لم يفارقه منذ نعومة اظفاره داخل مصر وخارجها ، خالد ، فخالد ورقية كل مايمتلك حمزة فى حياته بعد طلاقه لزوجته الامريكية ورجوعها لبلدها مرة اخرى منذ ما يقارب الثلاث سنوات .

وبعدها تطلقت نورا هى الاخرى من زوجها ومن حينها وهى تحاول مع حمزة للفوز به ، ولكنها دائما ماتسقط على صخرة اليأس .

ولكن عمته ابدا لم تيأس ، ولا تبالى برفض حمزة ، ودائما ماتطالب بالاموال فتذهب لانفاقها ببذخ مع صديقاتها ثم تعود لتظهر مرة اخرى وهكذا .

يتجه حمزة الى مكتبه وفى طريقه يمر على مكتب مديرة مكتبه ، حياة ، ولكنه يجد المكتب خاليا منها ، ولا يوجد اى دليل على وجودها مسبقا لهذا اليوم .

ليعقد حاجبيه باستغراب ، فهى تعمل معه منذ سبعة اعوام كاملة ، لم تتغيب يوما ، ولم تتأخر ايضا عن موعدها ، فدائما كان يحضر صباحا ليجدها على مكتبها تقوم بتحضير ما سيحتاجه يومهم من اعمال .

شعر انه تائه فهو حتى لا يملك رقم هاتفها ، فهو لم يحتاجه يوما من شدة تفانيها ودقتها فى عملها ، ليخرح هاتفه واتصل بخالد .

خالد : صباح الورد يا معلمى .

حمزة : بقولك ياخالد

خالد : انا الحمدلله وانت اخبارك ايه

حمزة : انت معاك رقم تليفون مدام حياة

خالد : انت كمان وحشتنى والله ، فيك الخير

حمزة ببعض الحزم : خالد ، تعالالى فورا ، ويقوم بغلق الهاتف ، وماهى الا دقيقة واحدة الا ودخل عليه خالد وهو مازال بمكتب حياة

خالد : مالك يابنى ع الصبح ، فى ايه

حمزة : مدام حياة ماجتش ، مش عارف ليه وكنت عاوز اكلمها اتطمن عليها

خالد : طب ماتكلمها

ليحك حمزة جبهته باحراج قائلا : ماهو ….. نمرتها مش معايا

خالد باستغراب : نعم ، مش معاك ازاى يعنى

حمزة وهو يرفع اكتافه : عمرى ما احتجت انى اكلمها فى التليفون ، كانت على طول بتسبقنى فى كل حاجة ، ما انت عارف مدام حياة ، حتى لما بتواصل معاها من برة الشركة بيبقى على الايميل مش التليفون .

خالد : عندك حق ، بس ماتوصلش ان نمرتها ماتبقاش معاك

حمزة بغضب : ماتخلصنى وتقول النمرة معاك واللا لا

خالد وهو يخرج هاتفه : معايا ياعم ماتتحمقش كده بس

حمزة بغموض : ونمرتها معاك ليه

خالد يحاول الاتصال على حياة ولكن الهاتف خارج نطاق التغطية

خالد : تليفونها بيدى مغلق ، ثم هيبقى تليفونها معايا ليه يعنى ، عشان الشغل طبعا ، انا بحتاجها كتير وساعات بكون برة الشركة

ثم يحاول خالد مرة اخرى ولكنه ايضا يجده مغلق

حمزة ببعض القلق : حاجة تقلق مش كده

خالد : الصراحة مع حياة ، ااه

حمزة وهو يعقد مابين حاجبيه : انت مش ملاحظ انى عمرى ماندهت عليها من غير ما ارفع الالقاب ، وانت واخد عليها اوى

خالد : حياة مهذبة ومحترمة ، لكن كمان عشرية جدا ، انت بس اللى ماحاولتش تشيل الكلفة رغم انه من حقك ، ده انت مديرها وكمان اصغر منك فى السن و أولى واحد تندهلها باسمها مجرد من غير اى القاب

حمزة : مش حكاية حقى بس حياة انسانة ملتزمة جدا ، فما يصحش

خالد : وهو الطرابيش هى اللى هتخلينا مش ملتزمين ، ماكلنا ملتزمين ياحمزة ، مالك فيك ايه

حمزة : جرب تانى عليها كده

ليجرب خالد مرة اخرى ولكن تأتيه نفس النتيجة ، وفى اثناء حديثهم يسمعون لصوت احتكاك شئ على الارض وكأن احدهم يحاول جر اشياء ثقيلة بصعوبة والصوت يقترب منهم بشدة حتى فوجئوا بحياة وهى تجر حقيبة سفر متوسطة الحجم وورائها اثنان من الامن بيد كل منهم حقيبتين احدهما ضخمة والاخرى صغيرة نوعا ما ويبدوا على حياة الارهاق الشديد وعينيها حمراء ومتورمة تبدو انها من اثر بكاء دام لساعات متواصلة ورغم ذلك فهى فى قمة اناقتها كالعادة فهى ترتدى ملابس واسعة انيقة وتغطى رأسها بوقار ، لتتفاجئ بوجود حمزة وخالد بمكتبها لتتوقف فجأة حتى كاد احد افراد الامن ان يصدمها لولا ان تنبه فى اللحظة الاخيرة.

لترفع حياة رأسها الى حمزة بخجل و رجاء قائلة : انا اسفة جدا يا مستر حمزة على التأخير واوعدك انها ان شاء الله مش هتتكرر تانى ابدا

لينظر اليها حمزة لبعض الثوانى وهو يحاول ثبر اغوارها وعندما لم يستطع اخذ يتنقل بعينيه بينها وبين حقائبها وعندما لاحظ عليها وجلها الشديد انصرف الى مكتبه وهو يقول لها : بعد ماتستريحى وتاخدى نفسك ابقى هاتيلى ملف النواقص لوسمحتى

لتومئ برأسها وهى تتنهد قائلة : حاضر يا افندم ، ثوانى وهيبقى اودام حضرتك

ليلتفت اليها حمزة وهو يشير لخالد ليلحق به وقال : لما تاخدى نفسك يامدام حياة

ليدخل الى مكتبه ومن ورائه خالد مغلقين الباب لتتصرف على سجيتها ، وجلسا يتحدثان فيم من الممكن ان يجعلها بهذا الشكل ، وما هى الا خمس دقائق لتطرق الباب ويأذن لها حمزة بالدخول وتمد يدها وتضع امامه الملف الذى طلبه وهى لازالت تشعر بالاحراج

حياة بوجل : انا بعيد اعتذارى لحضرتك وياريت تكون قبلته

لينظر لها حمزة باشفاق من شدة اضطرابها : اقعدى يامدام حياة

لتجلس مقابلة له من جهة ومقابلة لخالد من الجهة الاخرى

حياة بخوف وهى تحنى رأسها وكأنها تنتظر عقابا ما : تحت امر حضرتك

حمزة باهتمام شديد : مدام حياة احنا عشرة سبع سنين ، يعنى اكتر من الاخوات ، ولو عندك اى مشكلة ، تأكدى انك لو وثقتى فينا وفى معزتك عندنا ، هتلاقى مننا كل عون ، ومش هنسيبك غير لما تتحل

لترفع حياة رأسها والدموع تتجمع بعينيها بامتنان قائلة بأسف : ماعادش ينفع خلاص

حمزة : هو ايه اللى ماعادش ينفع ، ممكن تفهمينا ايه اللى حصل بالظبط

حياة ببعض الوجل : انا اتطلقت

خالد بابتسامة : وهو ده اللى مزعلك اوى كده ، ياستى ، تلاقيها بس ساعة شيطان وهتروح لحالها والماية ترجع لمجاريها

لتقول حياة بأسى : اتطلقت من ٣ شهور ، وعدتى كان اخر يوم فيها امبارح

لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-