رواية غفران البارت السادس 6 بقلم نسمة مالك

 رواية غفران البارت السادس 6 بقلم نسمة مالك

رواية غفران الجزء السادس

رواية غفران البارت السادس 6 بقلم نسمة مالك


رواية غفران الفصل السادس 


"حين تتمكن امرأة ما من التلون كالحرباء بكل الالوان فأعلم انها امرأة لا يستهان بها"

"شهد"..

أنتفضت بفزع كما لو لدغها عقرب مبتعده عن غفران حتي كادت تسقط من اعلي الفراش، ولكنها تمالكت نفسها بأخر لحظه، ابتلعت لعابها بهلع بعدما أدركت انها كانت علي وشك الاستسلام له ظناً منها انه من يمتلك قلبها وكادت أن تتفوه بأسمه من بين قبلاتهم،
ولكن الله رأف بقلب غفران واستعادت وعيها قبل فوات الأوان..

يرمقها غفران بنظرات مندهشه من رعبها البادي علي وجهها دون مبرر، وببوادر غضب قال..
"في ايه يا شهد؟!"..
شعرت انها علي وشك انكشاف أمرها فلجأت لعبراتها التي تخرجها من اي مأزق، خصتاً وهي علي علم ان زوجها تهدأ نوبة غضبه فور رؤية دموعها..

بلحظه كانت وجنتيها غارقه بعبراتها الزائفه، واقتربت من غفران مره أخرى والقت رأسها علي صدره تبكي بنحيب،

اغمض غفران عينيه بعنف وتنهد بضيق من بكائها الذي يزعجه كثيراً، لتذهله هي اكثر حين همست بصعوبه من بين شهقاتها..
"ا انا اسفه يا غفران، عارفه اني بقالي كتير بعيده عنك"..
رفعت عينيها ونظرت له وبخجل مصطنع تابعت..
"ب بس انا مش عايزه يحصل بنا كده تأدية واجب وخلاص"..

رسمت الحزن علي ملامحها..
"عايزاك يا غفران تكون معايا بقلبك قبل جسمك"..
ابتسمت بتألم زائف..
"عارفه انك محبتنيش كفايا علشان تبقي معايا بقلبك واني مش الوحده اللي تليق بمكانة حضرة الظابط غفران المصري، وعارفه ان هيجي اليوم اللي تلاقي في الوحدة اللي تخطف قلبك وتحبها وترميني انا للمكان اللي جبتني منه"..
انهت حديثها وأجهشت بالبكاء أكثر،
بينما يطلق سبة غاضبة بعد سماع كلامها و تصريحاتها الحمقاء، فهي حقاً غير قادرة علي تحريك قلبه، ولكنه يحتويها ويسعي دائماً لأرضائها..

وهي غير عابئه لكل ما يفعله لأجلها وتستمر بألقاء اللوم عليه، امسك كتفيها وابعدها عنه ونظر بعتاب قائلاً..
"انتي تتخيلي اني ممكن اعمل كده في يوم من الايام، ولا انا قصرت معاكي في ايه علشان تحسي بكل النقص دا يا شهد؟!"..

اجابته هي بشفاه مرتجفه..
"عمرك ما قصرت معايا في حاجه يا غفران"
ضيق عينيه مستفسراً..
"ولما انا مش مقصر، وانتي مش عايزاني المسك لبسه كده ليه؟! "..

اخفت ارتباكها بمهاره والتصقت به وبغنج قالت..
"واضح ان بقالنا كتير بعيد عن بعض لدرجة انك نسيت ان دا لبسي العادي جوه أوضتنا!!"..
"أوضتنا اللي بنام فيها لوحدي وانتي بقي نومك علي طول في اوضه الولاد".. قالها غفزان باقتضاب لا يخلو من الجمود و هو يدفعها للوراء قليلًا وهم بالقيام لتتمسك هي به اكثر وبهمس قالت..
"رايح فين؟! "..

اجابها بهدوء..
" هرجع شغلي"..
عقدت حاجبيها وبستغراب قالت..
"هترجع تاني ليه؟!"..
التفت بكلتا يدها حول رقبته تجذبه اليها وبهمس يكاد يسمع تابعت..
"خليك وانا هفضل هنا وانام في حضنك مش هروح أوضة الولاد انهارده"..

بعدها عنه برفق وهب واقفاً وأشار بعينيه علي مقعد وبابتسامة باهته قال..
" انا كنت جاي وجيبلك الاكل اللي بتحبيه، وبوكيه الورد دا علشان افرحك لو اعرف انك هتقوليلي اني مبحبكيش وانك مش ليقه عليا وكلامك الخايب اللي يحرق الدم دا مكنتش هاجي يا شهد"..

سار نحو الخارج ولكنه وقف مره اخرى وتابع دون الالتفات لها..
"عيزك تعرفي اني بخرج علي شغلي دا وانا مش عارف هرجع تاني ولا لاء،علشان كده علي اد ما اقدر بحاول امسك اعصابي علي عميلك دي ومزعلكيش مني"..
نظر لها بتحذير مكملاً..
" اتمني من ربنا ما يوريكي زعلي يا شهد"..

انهي حديثه وسار للخارج الغرفه ومن ثم المنزل بأكمله، ارتجل سيارته وقاد بسرعه عاليه متجه نحو تلك" العهد" التي لها القدره وحدها علي ان تفقده صوابه..

بينما "شهد" استرخت عضلات جسمها المتنشجة أخيرًا و ألقت بنفسها للخلف، تمددت مثبتة رأسها فوق الوسادة تبتسم براحة وانتصار ظناً منها انها تمكنت من اقناعه..

مر بعض الوقت وصل غفران لفيلا عزت البحيري، دار بالمكان يطمئن بنفسه ان كل شيء علي ما يرام،اشرقت الشمس بنورها معلنه عن بدء يوماً جديد..
ليبدأ القلق يزحف لقلبه ونظر تجاه غرفة عهد متمتماً بسره..

"غريبه حكاية نومها المتواصل دا، دي بتنام نوم السمك، وتفضل داخله خارجه علي البلكونه طول الليل"..
سار لداخل الفيلا بخطوات شبه راكضه حتي وصل لغرفتها، اقترب بإذنه منها وطرق الباب برفق، فلم يجد حليفه الا الصمت..

ارتعد قلبه وبسرعة البرق اقتحم الغرفه وخطي للداخل، لينصعق من هيئة عهد النائمة علي الفراش تشبه الاميرات بجمالهم وسحرهم الجذاب، تأملها بنبهار بفستانها الأكثر من رائع ووجهها التي اضافت له لمسات من مساحيق التجميل جعلتها بغاية الرقي..

انتبه علي حالته وهم بالسير نحو الخارج، ولكن جبهتها المتعرقه بشده جعلته قطع المسافه بينه وبينها بخطوه واحده ووضع قبضه يده علي وجهها يتفحص حرارتها قائلاً بلهفه ..
"عهد؟"..

بلمح البصر كانت عهد لكمته بركبتها ببطنه ودفعته بكل قوتها ليستلقي هو علي الفراش بظهره واعتدلت هي وجلست فوقه ملتفه بقدميها حوله، واضعه علي عنقه سكيناً وبابتسامة مصطنعه تحدثت..
"علشان تعرف ان عهوده مبتسبش حقها ياظبوطه"..
انهت جملتها وغمزت له بشقاوه، ليتذكر هو ما حدث بينهما ثاني يوم عمل له..

.. فلاش بااااك..
"عهد"..
تسير داخل غرفتها بخطوات غاضبه وهي تتمتم بغيظ..
"مش عارفه اهرب منك خالص يا غفران"..
صكت علي أسنانها وببكاء مصطنع تابعت..
"بيشوفني وهو مغمض كأنه بيشم ريحتي"..

اتسعت عيونها بحماس وابتسمت ببلاهه حين التمعت برأسها فكرة، فاسرعت نحو الشرفه تبحث عنه بلهفه،
لمحته يجلس ارضاً بمفرده مستنداً علي إحدى الأشجار بحديقة المنزل ينظر للسماء بشرود..

بسرعة البرق كانت ركضت لخارج غرفتها دون اكتراث لمنامتها القطنيه الحمراء التي تظهر جمال جسدها الممشوق، شعرها الحريري يتطاير حولها بهيئه تخطف الأنفاس..

تركض حافية القدمين حتي كادت ان تقترب منه،فجلست علي ركبتيها وسارت علي كلتا يدها وقدميها بحذر وحرص شديد، علي وجهها ابتسامة بلهاء متسعه تظهر جميع أسنانها وبهمس تحدث نفسها..
"الله هخضه اخليه يقوم يجري يروح بيتهم، او يغمي عليه واهرب انا براحتي"..

عبيرها المسكر استنشقه غفران بهيام مغمضاً عينيه يتمعن السمع لهمسها، وأنفاسها، وحتي نبضات قلبها،دون ارادته ابتسم علي شقاوتها وجنونها التي تغرقه بهما..

أوشكت هي علي الوصول اليه، كتمت أنفاسها حتي اصبحت خلفه مباشرة، رسم هو الجمود علي ملامحه وبمهاره شديده كان سحب سلاحه بيد والتفت لها فجأة ودفعها أرضاً لتسقط علي ظهرها..

بلمح البصر كان جذبها من قدميها نحوه ملتف حولها بجسده مقيداً كلتا يدها بيد واحده وثبتهما اعلي رأسها واضعا سلاحه علي عنقها، شدة صدمتها جعلتها كمن فقدت النطق، حاولت الصراخ ولكن لم يسعفها صوتها..

فقط تنتقل بنظرها بينه وبين سلاحه بنظرات ذاهله وبصوت مرتعش همست..
"ظبوطه انا عهوده انت نستني ولا ايه؟!"..
رمشت بعيونها اكثر من مرة كمحاوله منها لإخفاء عبراتها التي غزت عيونها من شدة خوفها..

لمح هو دموعها فاعتدل مبتعداً عنها وهو يقول بصرامة..
"سيادتك بلاش تعملي حركاتك دي تاني خصوصاً مع؟؟"..
قطع حديثه واتسعت عيناه بصدمة حين انتبه لمنامتها..

اشتعلت عيناه بغضب عارم وبلحظه كان حملها بين يديه وهب واقفاً بها، وسار بخطوات شبه راكضه متجهاً لغرفتها وهو يقول بدهشه..
"انتي ازاي تخرجي بالشكل دا قدام الحرس؟! "..

لم تتفوه عهد بكلمه، حتي انها لم تعترض علي حمله لها كعادتها، فما فعله معها قد افزعها وجعلها تبكي بصمت وهدوء ما قبل عاصفتها التي ستجتاحه بعنف هذه المره..

توعدت له واقسمت ان تلقنه دروساً وليس درساً واحداَ علي فعلته هذه..

.. باااااااك..

نظر لها غفران بجمود يخفي بهم رعبه، وفزعه عليها، تبادله هي النظره بتحدي، غافله عن وضعها وقربها الذي جعل قلب غفران أوشك علي مغادرة صدره من عنف دقاته..

وبطفوله ودون وعي منها مالت بجسدها عليه اكثر ويدها الصغيره تسير بالسكين علي رقبته صعوداً بلحيته وبتهديد قالت..
"اختار يا ظبوطه"..
رفعت يدها الأخرى وعدت علي اصابعها..
"اقتلك حالاً واقول انك حاولت تغتصبني، ولا اصرخ واقول انك اتهجمت عليا في اوضتي وبابي هو اللي يقتلك، ولا تسبني اخرج لوحدي وقت ما احب وارجع وقت ما احب؟؟"..

لم يستمع غفران لحرف واحد مما تفوهت به، غارق هو بقربها الذي جعله بعالم اخر، فستانها الذي يكشف جمال عنقها المرمري، ومقدمة صدرها بسخاء كان كالمغناطيس الذي جذب عينيه وتعلق بهما..

لمحت هي نظرته فشهقت بخجل واسرعت بوضع كف يدها علي مقدمة الفستان وبغضب طفولي قالت وهي تضغط بالسكين علي رقبته..
"انت طلعت ظبوطه قليل الأدب"..
تراقصت ابتسامة عابثه علي محياه وغمز لها بإيحاء قائلاً..
"يعني انتي عيزاني ابقي مؤدب ازاي بوضعك معايا دا!! ، دا حتي يبقي غلط علي سمعتي كراجل"..

انهي حديثه واشار لها بعينيه علي وضعهما..
اتسعت اعين عهد بصدمه وهمت بالابتعاد عنه ولكنه بلحظه عكس وضعهما وقد تبادلت ملامحه لاخري غاضبه وبصرامة قال..
"قولتلك بلاش جنانك دا معايا انا بالذات سيادتك"..

ترقرقت العبرات بعينيها وببكاء طفولي قالت..
" انهارده عيد ميلادي اتجنن علي اي حد براحتي، مش كفايه هقضيه لوحدي زي كل سنه وافضل اعيط لحد ما يغمي عليا زي امبارح ولا حد سأل عني ودخل يطمن عليا غيرك انت يا ظبوطه يا همجي"..

غفران؟؟؟..

انتهي البارت..

يُتبع ..

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-