رواية عندما فقدت عذريتى الفصل 16 و 17 و 18 بقلم سارة على

          

 رواية عندما فقدت عذريتى الجزء السادس عشر



رواية عندما فقدت عذريتى البارت 16

تأملها زياد مليا قبل أن يهتف بحسم :
" نخرج من المستشفى عالمأذون على طول ..."
أومأت برأسها قبل أن تتجه نحو السرير وتتمدد عليه ليجذب زياد كرسيه ويجلس بجانبها متسائلا بهدوء غريب :
" انتي كويسة ..؟! حاسة بوجع .."
نظرت إليه قليلا وقالت :
" لا ، مفيش وجع .."
حل الصمت المطبق بينهما .. صمت قطعته وهي تسأله بوداعة :
" انت كويس ..؟!"
اومأ برأسه وهو يجيبها :
" ايوه كويس .. ليه بتسألي ..؟!"
أجابته بجدية :
" اصلي حاسة إنك متغير شوية .."
نظر إليها بشك وقال :
" انتي سمعتي حاجة من كلامي مع ماما ..؟"
سألته بحيرة :
" لا ، هو المفروض اسمع حاجة .."
قال بإختصار :
" لا مفيش حاجة مهمة ..."
تنهدت بصمت وإتكأت بمرفقها على السرير تنظر إليه وتتأمله عن قرب فإرتبك كليا وهو يلاحظ تأملها الواضح له ..
سألها بفضول :
" بتبصيلي كده ليه ..؟!"
أجابته وهي تبتسم :
" أصل دي المرة الأولى اللي بدقق شكلك فيها .."
ابتسم بخفوت ولم يرد بينما أغمضت هي عينيها للحظات وصدى صوت والدته يتردد داخل عقلها ..
هي لن تنجب بعد الأن .. لقد حرمتها تلك السيدة من أن تصبح أما .. عاقبتها بطريقتها الخاصة ..
من الأن فصاعدا لم بعد لحياتها معنى ..
فتحت عينيها لتجده يتأملها بدوره فتنحنحت محاولة أن تخفي دموعها التي تشكلت داخل عينيها ..
اعتدلت في جلستها وقالت بنبرة متشنجة :
" هاخرج امتى من المستشفى ..؟!"
أجابها وقد شعر بحزنها الواضح في نبرة صوتها :
" بكره ان شاءالله .."
أومأت برأسها متفهمة ثم تمددت على السرير وأغمضت عينيها ليصلها صوته المتسائل :
" هتنامي ..؟!"
أجابته بخفوت :
" ايوه .."
" تصبحي على خير .."
" وانتي من أهله .."
قالها وهو ينهض من مكانه ملقيا نظرة أخيرة عليها قبل أن يخرج من غرفتها بخطوات هادئة ويغلق الباب خلفه لتفتح عينيها أخيرا سامحة لدموعها بالجريان على وجنتيها ...
.................................................................................
في صباح اليوم التالي ...
انتهت زينة من ارتداء ملابسها وتجهيز أغراضها .. خرجت من غرفتها في المشفى لتجد زياد ينتظرها خارج الغرفة .. منحته ابتسامة عذبة وهي تقول :
" خلصت .."
أخذ زياد الحقيبة متوسطة الحجم منها وقال بجدية :
" يلا بينا .."
سارت زينة خلفه وهي تحاول أن تتماسك أمامه وألا تظهر أيا من حزنها له على الأقل اليوم ...
خرجت الاثنان من المشفى متجهين الى الكراج حيث توجد سيارة زياد ...
ركبا سويا السيارة ليلتفت زياد نحوها ويسألها بهدوء :
" جاهزة نروح المأذون ونكتب الكتاب ..؟!"
أومأت برأسها وهي تتنفس بعمق قبل أن تجيبه :
" جاهزة ...."
شغل زياد سيارته وأدار مقود السيارة متجها الى أقرب مأذون وأجرى في الطريق اتصالا بمنتصر وصديق أخر يطلب منهما أن يلحقاه الى مكتب المأذون كي يشهدا على عقد القران ..
وصلا الى مكتب المأذون بعد ربع ساعة ليجدا منتصر وصديقه في انتظارهما .. تم عقد القران وانتهى المأذون من إجرائاته وبارك كلا من منتصر وصديقه لهما قبل أن يخرجا من المكان تاركين زياد وزينة لوحديهما ...
خرج زياد وزينة التي كانت تحمل عقد الزواج معها من عند المأذون ليقف زياد بجانبها ويقول لها بنبرة عميقة :
" مبروك ..."
نظرت إليه بإمتنان وقالت بإبتسامة خلابة :
" الله يبارك فيك .."
أشار زياد الى السيارة قائلا :
" يلا نروح عشان أوزبكي شقتنا.."
سألته زينة بعدم تصديق :
" شقتنا ازاي يعني ..؟!"
أجابها زياد بجدية :
" انا اشتريت شقة عشان نعيش فيها ، اكيد مش هنفضل قاعدين بالفندق .."
" معاك حق .."
قالتها زينة مثنية على ما فعله وسارت خلفه نحو السيارة ليتجه بها زياد الى الشقة التي تقع في إحدى المناطق الراقية الشهيرة في البلاد ..
ورغما عنها أخذت زينة تفكر في حالها وما آل إليه وما هو قادم ...
.....................................................................................
دلفت زينة الى الشقة بعد أن فتح زياد الباب لها، تقدمت الى الداخل بخطوات خجول منذهلة من مدى رقي الشقة وتصميمها الدافئ ..
" عجبتك ..؟!"
أفاقت زينة من شرودها على صوته لتستدير نحوه وتهتف بإعجاب :
" اووي ، بجد جميلة اوووي .."
ضحك وقال :
" اخترتها شبهك .."
عقدت حاجبيها متسائلة بحيرة :
" ازاي ..؟!"
أجابها موضحا :
" دافية زيك .."
احمرت وجنتاها خجلا من إطراءه عليها ثم تحركت داخل أرجاء الشقة تنظر الى غرفها ومطبخها ..
انتهت زينة من تفحص الشقة لتجد زياد
يقترب منها ويسألها :
" هتعملي ايه دلوقتي ..؟!"
أجابته بجدية :
" هنام .."
أشار زياد الى أحد الغرف قائلا :
" دي إوضتك واللي جمبها أوضتي .."
بهتت ملامح زينة وهي تستمع الى ما قاله ، لم تتوقع منه أن يبيت في غرفة منفصلة عنها ..
لكنها شعرت بالإمتنان نحوه فهو على الأقل يراعي وضعها ..
دخلت زينة الى غرفتها وألقت بجسدها على السرير قبل أن تغط في نوم عميق دون أن تغير ملابسها ..
استيقظت بعد عدة ساعات لتجد الظلام حل على المكان ، سارعت لفتح ضوء الغرفة قبل أن تفتح الباب وتخرج مسرعة من الغرفة متجهة الى الخارج لتجد زياد جالسا في صالة الجلوس ينظر أمامه بشرود ..
اقتربت منه فشعر بوجودها لينظر إليها ويهمس :
" صحيتي امتى ..؟!"
أجابته بإرتباك :
" من شوية .."
اتجهت نحوه وجلست بجانبه بصمت ..
نظر إليها زياد وسألها مستفهما :
" شكلك بيقول إنك مدايقة ..حصل حاجة ..؟!"
زفرت نفسا عميقا وقالت بجدية :
" لما صحيت الدنيا كانت ظلمة وأنا بخاف من الظلمة .."
ثم أكملت وهي تنظر نحوه بشحوب :
" مكنتش بخاف منها قبل كده بس بعد اللي حصل بقيت بترعب منها .. "
تطلع إليها زياد بصمت بينما أشاحت وجهها بعيدا عنه وقد عادت الذكريات السيئة إليها من جديد .. ذكريات لا تنفك أن تتركها ولو قليلا ..
.....................................................................................
حل الصباح مجددا بعد ليلة طويلة قضاها كلا من زياد وزينة مستيقظين فلم يستطع النوم أن يغلب ذكرياتهما السيئة ..
خرج زياد من غرفته بعدما انتهى من ارتداء ملابسه وتصفيف شعره ليتفاجئ بزينة في المطبخ ترتدي بيجامة زهرية اللون وتجهز طعام الإفطار ...
ألقى زياد تحية الصباح عليها :
" صباح الخير .."
" صباح النور .."
قالتها زينة وهي تطفئ الطباخ قبل أن تكمل :
" الفطار جاهز .."
اتجه زياد ببصره نحو طاولة الطعام المزينة بأشهى أنواع الطعام بينما سألته زينة :
" مش هتفطر ..؟!"
" هفطر اكيد .."
قالها زياد وهو يجلس على طاولة الطعام ويشرع في تناول طعامه إلا أن رنين جرس الباب أوقفه عن تناوله الطعام ...
اتجه زياد نحو باب الشقة وفتحها متعجبا من الزائر الذي يأتي في وقت مبكر كهذا ..
فوجئ برنا تقتحم الشقة وهي تهتف بصوت عالي :
" هي فين ..؟!"
جذبها زياد من ذراعها هاتفا بها :
" انتي بتعملي ايه ..؟!"
أجابته وهي تضحك بسخرية :
" جاية أبارك للعروسة .."
ثم أكملت وهي تصيح بصوت عالي :
" يا عروسة .. انتي فين ..؟!"
خرجت زينة إليها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة كبيرة وترتدي غلالة نوم قصيرة فوقها روب من الستان الأبيض ..
" اهلا يا رنا ... "
توجهت رنا نحوها وقالت بتهكم :
" ولابسة قميص نوم كمان وبتحتفلي .."
وقف زياد حائلا بينهما وقال بحزم :
" مش وقت الكلام ده يا رنا .. روحي حالا ..."
عقدت رنا ذراعيها أمام صدرها وقالت بعناد :
" مش هروح ، انا جايز أبارك للعروسة وأديها هديتها .."
أبعدت زينة زياد من أمامها واقتربت من رنا تقول :
" ميرسي يا رنا ربنا يخليكي .."
" مش عايزة تعرفي إيه هديتك يا عروسة ..؟!"
نظرت إليها زينة بصمت بينما قالت رنا بجدية وهي تخرج ورقة بيضاء من حقيبتها وترميها عليها :
" دي نسخة من شهادة وفاة عالي ، قلت تخليها عندك للذكرى .."
يتبع

الفصل 17

كان عليها أن تتماسك في هذه اللحظة .. أن تخبئ ذلك الألم الذي ينخر قلبها وتجاهد كي تظهر لا مبالاتها ،لن تكسرها رنا ولن تحقق غايتها في النيل منها وتحطيمها أماميهما ..
هي ليست زينة القديمة كي تنهار أماميهما وتبدأ في البكاء والعويل .. هي الأن إنسانة أخرى تعرف كيف تسيطر على مشاعرها وتحركها وفقا لرغباتها .
" انتي ايه اللي بتعمليه ده .؟!"
قالها زياد قاطعا هذا الصمت الطويل مزمجرا بها بضيق لترد رنا وهي تهز كتفيها بلا مبالاة :
" جايه أبارك للعروسة وأفكرها بجوزها الأولاني اللي قتلته ..."
كاد زياد أن يتحدث إلا أنه فوجئ بزينة تسبقه وتهتف ببرود أعصاب غريب وهي تأخذ شهادة الوفاة من يد رنا :
" ميرسي عالهدية يا رنا .. ميرسي اوري .."
ثم أكملت وهي ترسم إبتسامة مصطنعة على شفتيها :
" تحبي تشربي ايه ..؟!"
رمقتها رنا بنظرات مشتعلة ثم حملت نفسها وخرجت من الشقة ليلتفت زياد نحو زينة ناظرا الى قناع الجمود الذي ترتديه أمامه بحيرة ...
تحركت زينة مسرعة الى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها بعنف لا إرادي .... أخذت تتطلع الى شهادة الوفاة بعينين حزينتين قبل أن تنفجر في البكاء بصوت منخفض وهي تجاهد كي تخفي شهقاتها حتى لا يسمعها زياد ..
استمرت في بكائها لفترة طويلة .. تبكي حظها العاثر وروحها الممزقة وقلبها المتعذب .. كان بكائها نابع من أعماقها .. اخر ما تصورته يوما أن تكون هذه نتيجة فعلتها البريئة والعفوية .. نتيجة كذبها على علي .. كلا هي لم تظن أن كل هذا سيحدث وأن علي سيموت قهرا بسببها لكن القدر كان له رأيا أخرا ....
جلست على سريرها وهي تخبئ شهقاتها بينما تتأمل بعينيها اسم علي وتاريخ وفاته قبل أن تنهار باكية مرة أخرى ..
.......................................................................................
دلفت رنا الى منزلها وهي في قمة غضبها وقبل أن ترتقي السلم متجهة الى الطابق العلوي حيث غرفتها وجدت والدتها تنادي عليها فتوقفت في مكانها واستدارت نحو والدتها التي سألتها بينما تلاحظ وجه ابنتها الغاضب وعينيها الناريتين :
" فيه ايه يا رنا ..؟! مالك جاية متعصبة من بره ايه ..؟! حصل حاجة دايقتك ..؟!"
" زياد .."
قالتها رنا يخفون لتسألها والدتها بقلق :
" ماله زياد ..؟! اتكلمي .. جراله حاجة .. ؟!"
تمتمت رنا بنفس الخفوت :
" زياد اتجوز زينة يا ماما .."
صرخت الأم بلا وعي :
" ايه ..؟! انتي بتقولي ايه ..؟!"
أومأت رنا برأسها بينما أكملت الأم بعدم تصديق :
" ازاي يعني إتحوزها .. ده اكيد اتجنن .."
ثم قالت وهي تنظر الى رنا :
" وانتي عرفتي منين الكلام ده ..؟!"
أجابتها رنا بجمود :
" من منتصر ، رحت الشركة وشفته هناك وحكالي اللي حصل ، تخيلي منتصر كان شاهد على عقد جوازهم ..!٠
كانت رنا تتحدث بصدمة شديدة فكيف يفعل منتصر شيء كهذا بالرغم من تركهما لبعض ..
قالت الأم غير مستوعبة بعد لما سمعته :
" انا مش مصدقة اللي بسمعه ، ازاي كلهم بقوا معاها ..؟! هو مين اللي غلط ...؟!"
في نفس اللحظة دلف الأب الى الداخل ليسألهما بقلق من منظرهما المضطرب :
" مالكم واقفين كده ليه ...؟!"
أجابته رنا بتوتر :
" مفيش يا بابا ، بنتكلم شوية .."
" لا فيه ، ابنك اتجوز .. عارف اتجوز مين .. اتجوز زينة .."
جحظت عينا الأب غير مصدقا لما يسمعه ، هل فعلها إبنه وتزوج بتلك الفتاة ..؟! كان شبه موقنا من أن ابنه عاشق لها ولكن لم يتصور أن يتجرأ ويتزوجها ...
رمق زوجته وابنته بنظرات مستاءة وهتف بجمود :
" كل اللي حصل بسببكم وبسبب عمايلكم ، ياما قاتلكم بلاش تؤذوها .. وأدي النتيحة .. اشربوا بقى .."
اتجه الأب بخطوات مرهقة نحو غرفته بينما انهارت الأم بكاءا حزينا ..
.........................................................................................
خرجت زينة من غرفتها لتجد زياد يجلس على الكنبة بصمت .. اقتربت منه وهتفت بهدوء :
" انت ليه مرحتش الشركة ..؟!"
نهض من مكانه ووقف أمامها هاتفا بقوة :
" ومش هروح .."
" ليه ..؟!"
سألته بتعجب ليرد بجدية :
" مش حابب أسيبك لوحدك النهاردة .،"
ابتسمت وقالت بحنو :
" متقلقش عليا ، انا بخير ..."
أطلق تنهيدة صغيرة وقال :
" عارف ، بس بردوا هفضل معاكي النهاردة ..."
ثم قال وهو يضع خصلة من شعرها خلف أذنها :
" ايه رأيك نخرج نتغده برا ....؟!"
" مفيش مانع .."
قالتها زينة بإبتسامة ليهتف زياد بجدية :
" طب خشي غيري هدومك عشان نخرج .."
اتجهت زينة مسرعة الى غرفتها لتغير ملابسها بينما جلس زياد على الكنبة مرة اخرى يقلب في هاتفه حينما جاءه اتصالا من والده ...
أجاب زياد عليه ليأتيه صوت والده الغاضب :
" كده يا زياد .. تتجوز من ورانا .. هي حصلت .."
تنهد زياد وقال بعمق :
" مكانش قدامي حل تاني ، انا لازم أحميها وأفضل جمبها .."
" تحميها ..؟! ليه متقولش إنك بتحبها ومش عايز تخسرها ..؟!"
قالها الأب ساخرًا ليقول زياد بنبرة جادة :
" ايوه يحبها ومش عايز أخسرها .. "
زفر الأب نفسا غاضبا وقال بألم:
" ليه يا زياد ..؟! ليه يابني ..؟! مش كفاية عليا اخوك اللي خسرته .. ليه عايزني أخسرك كمان .."
رد زياد :
" عمرك مهتخسرني يا بابا .. خليك واثق فيا .."
" طب ازاي اتجوزتها ..؟! دي كانت مرات أخوك .."
أغمض زياد عينيه وقال بنفاذ صبر رغم الألم الذي سيطر عليه من ذكر هذا الموضوع :
" انا مش اول ولا أخر واحد يعمل كده.."
" تمام يا زياد ، زي ما تحب ، بس اتمنى إنك متندمش ..."
قالها الأب أخيرًا منهيا الحوار قبل أن يغلق الهاتف بينما خرجت زينة في نفس اللحظة من الغرفة وقالت :
" خلصت .."
" يلا بينا .."
قالها زياد وهو يسير أمامها خارج الشقة ..
.......................................................................................
دلفا كلا من زياد وزينة الى الى داخل المطعم ، اتجها نحو احدى الطاولات وجلسا عليها ..
تقدم النادل منهما ووضع قائمتي الطعام أماميهما بينما بدأ كلا من زياد وزينة في قراءة ما بها ...
حدد كلا منهما ما يريدان تناوله ليأتي النادل ويسجل طلباتهما قبل أن ينسحب من المكان وهو يحمل قائمتي الطعام معه ..
" حلو المكان ..؟!"
قالها زياد محاولا فتح مواضيع الحوار معها لتبتسم زينة وتقول بإعجاب بينما تحيط ببصرها أرجاء المكان :
" حلو اوي .."
أكملت بعدها زينة متسائلة :
" انت بتجي هنا دايما ..؟!"
أومأ برأسه وقال مجيبا إياها :
" ايوه من زمان .. من أيام الجامعة .."
أومأت برأسها متفهمة قبل أن تقول بحزن :
" ماما ومريم وحشوني اوي .."
تطلع زياد إليها والى حزنها الواضح بألم ، لم يعرف ماذا يجب أن يفعل لكنه لا يريدها أن تقترب من عائلتها الأن فهو لا يضمن والدها ولا يضمن ردة فعله ..
صمت زياد ولم يعلق بينما أكملت بوجع :
" عيدميلاد مريم كمان يومين ، اول عيدميلاد يمر عليها من غيري .. يا ترى هي عاملة ايه .."
" زينة .."
استرسلت زينة في حديثها وقد تشكلت الدموع داخل عينيها غير عابئة بنداءه عليها :
" يا ترى زعلانه لسه ..؟! معقول تكون اتعودت على غيابي وشوية شوية هتنساني .."
طفرت دمعة من عينها فمسحتها زينة بسرعة وهي تستعيد توازنها أخيرا بينما قالت زينة مكملة حديثها ومعتذرة منه :
" انا اسفة يا زياد .. "
ابتسم زياد وقال :
" متعتذريش يا زينة .."
جاء النادل بالطعام ووضعه أماميهما ليقول زياد بجدية :
" خلينا ناكل يلا .."
شرع الاثنان في تناول طعاميهما حينما فوجئت زينة بأحدهم يدلف الى داخل المطعم ومعه فتاة محجبة لم تعرفها من قبل ...
تصنمت زينة في مكانها وهي تشاهد ماجد يسير أمامها مع الفتاة متجها نحو احدى الطاولات ليجلس عليها ..
...............................................................................
خرجت رنا من منزلها متجهة الى احد المطاعم القريبة حيث ستقابل صديقتها هناك ...
كانت سوف تهم بركوب سيارتها حينما فوجئت بأحدهم يقف في وجهها ويهتف بعدم تصديق :
" اووه مش مصدق ... معقول بعد السنين دي كلها أشوفك .."
" حاتم .."
هتفت بها رنا بصدمة شديدة من رؤيتها له بعد كل هذه السنين ليومأ الأخير برأسه وهو يهتف :
" ايوه حاتم يا رنا ، مفاجئة مش كده .."
" انت جيت امتى ..؟! وايه اللي جابك ..؟!"
سألته رنا وهي ما زالت محتفظة بصدمتها مما حدث ، كيف أتى ومتى ..؟!
ومالذي يفعله هنا ..؟!
" جيت من يومين وأول حاجة قررت أعملها إني أشوفك ..."
قالها حاتم وهو يغمز لها بعبث لطالما تحلى به لتسأله وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها :
" خير ..؟! عايز ايه ..؟!"
أجابها بجدية :
" عايزك يا رنا .. وحشتيني ووحشتني أيامنا سوا .."
صرخت رنا به بلا وعي :
" انت اكيد اتجننت .. أيام ايه اللي وحشتك ..؟!"
" أيامنا .."
زفرت رنا نفسا عميقا وقال بضيق جلي :
" اللي بينا انتهى من زمان ... ملوش لزوم نفتحه تاني .. عن اذنك .."
همت بالتحرك بعيدا عنه لكنه أوقفها وهو يمسك ذراعها قبل أن يقول بهدوء :
" منتهاش يا رنا ، لسه منتهاش .. وعمره ما هينتهي ..."
استدارت نحوه مرة أخرى وهتفت ببرود :
" وده بناء على ايه ..؟!"
أجابها بجدية :
" بناء على رغبتي .."
" اسمعني يا حاتم انا مش ناقصة طريقتك دي .. اللي بينها خلص من زمان .. ملوش لزوم تفتحه تاني .."
" هو مش منتصر سابك ولا أنا غلطان ..؟!"
سألها بخبث لتتوتر ملامحها كليا وهي تسأله بحيرة :
" انت عرفت منين ..؟؟"
أجابها :
" عيب يا بيبي ، ده انا متابع كل أخبارك .."
رميته بنظرات كارهة وهتفت به بشر :
" انت مقرف بجد.."
ضحك بقوة بينما تحركت هي بعيدا عنه وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه ...
....................،.......................................................
توترت زينة كليا ولاحظ زياد توترها وتوجه نظراتها الى احدى الطاولات القريبة منهما فإلتفت ينظر الى حيث هي تنظر ليتفاجئ بماجد أمامه يجلس مع فتاة غريبة لم يرها من قبل ..
عاد واستدار نحو زينة التي فاجئته ونهضت من مكانها بنية التوجه نحويهما ..
أوقفها زياد وهو يقبض على كفها بكف يده هاتفا بنبرة هادئة :
" بلاش يا زينة .. بلاش عشان خاطري .."
منحته زينة نظرة متوحشة لم يرها من قبل لينهض من مكانه محاولا لملمة الموضوع فأخرج محفظته من جيبه ووضع مبلغ مادى على الطاولة قبل أن يسحب زينة من ذراعها متوجها نحو سيارته ...
هناك أدخل زينة الى السيارة وأجلسها في مكانها وأغلق الباب عليها قبل أن يتجه نحو الجانب الأخر ويجلس على كرسيه ...
التفت زياد نحو زينة وقال بجدية :
" مكانش لازم تعملي حاجة زي كده ....او تفكري فيها حتى .."
هدرت به زينة وهي تلتفت نحوه :
" أمال عايزني اعمله ايه ..؟! هو عايش حياته بالطول والعرض وأنا .."
صمتت قليلا قبل أن تكمل بحسرة :
" وأنا حياتي ادمرت من جميع النواحي .."
" أوعي تفتكري إني هسيبه ، انا هندمه هو واللي معاه على كل حاجة .."
تأملته زينة بوجه شاحب وملامح مضطربة بينما قال زياد محاولا طمأنتها :
" صدقيني يا زينة ، حقك هيرجعلك باذن الله ..."
ابتسمت بضعف وقالت :
" مصدقاك يا زياد واسفة لو تعصبت عليك ..."
" ولا يهمك ..."
حل الصمت بينهما مرة اخرى ليشغل زياد سيارته ويدير مقوده السيارة عائدا الى الشقة ..
بينما أخذت زينة تفكر في ماجد وما يفعله ... وتتسائل عن هوية تلك الفتاة ..
من هي يا ترى ..؟! ومالذي يريده ماجد منها ..؟! ربما ينوي اغتصابها مثلها بعد خداعها وتمثيل دور البريء عليها ..
عند هذه النقطة اشتد غضبها عليها وهي تفكر بهذا وكيف أنه من الممكن أن يستغل تلك الفتاة مثلما إستغلها ...
.....................................................................................
دلفت زينة الى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها ..
غيرت ملابس خروجها الى بيجامة منزلية مريحة ثم خرجت من غرفتها واتجهت الى هاتفها وأجرت إتصالًا سريعا بنور فزياد أخبرها أنه سيذهب الى أحد المحلات القريبة ليجلب معه بعض من احتياجاتهما ...
جاءها صوت نور المرح وهي تهتف بها :
" كده يا زينة .. تغيبي طول الفترة اللي فاتت عني .."
" أنا أجهضت يا نور .."
حل الصمت بينهما للحظات قبل أن تصرخ نور :
"أجهضتي يعني ايه ..؟ امتى وازاي ..؟!"
اجابتها زينة بدموع :
" من حوالي اربع أيام .."
" ازاي .."
" مامة علي هي السبب ..."
" انا مش فاهمة حاجة .."
" ضحكت عليا يا نور وادتني حبوب بتجهض ، وبسببها أجهضت ومش هقدر أخلف تاني .."
قالتها زينة بنبرة منهارة قبل أن تجهش في بكاء عميق لتحاول نور تهدئتها وهي تهتف بحزن :
" طب اهدي يا زينة .. اهدي يا حبيبتي .. "
ثم أكملت بضيق :
" ربنا ينتقم منها .. حسبي الله ونعم الوكيل فيها .."
مسحت زينة دموعها وقالت :
" كمان فيه خبر تاني لازم تعرفيه .."
" خبر ايه كمان..؟!"
أجابتها زينة :
" انا اتجوزت زياد .."
شهقت نور بصدمة وقالت :
" انتي بتقولي ايه ..؟!"
" ايوه يا نور .."
" طب ليه ..؟! اتجوزتيه ايه ..؟!"
تنهدت زينة وقالت :
" ده موضوع يطول شرحه ، المهم انتي هتيجي امتى ..."
" قريب يا زينة ... قريب باذن الله ..."
" هستناكي يا نور .."
" تمام يا حبيبتي .."
أغلقت زينة الهاتف مع نور ثم نهضت من مكانها وأخذت تسير داخل صالة الجلوس ذهابا وإيابا وهي تفكر فيما ستفعله بعد الأن ورغما عنها اتجهت افكارها نحو زياد .. إنها تستغله لتحقيق إنتقامها من والدته وأخته ، لكنه لا يستحق هذا منها .. تنهدت بحزن وهي تفكر أن لكل حرب ضحاياها وزياد هو ضحيتها للأسف ...

الفصل 18

بعد مرور شهر..
وقفت زينة أمام المرأة تتأمل قميص نومها القصير بإعجاب كبير ...
كانت ترى نفسها أنثى متكاملة وجميلة للغاية ..
لقد افتقدت هذا الشعور منذ وقت طويل ...
وضعت عطرها المفضل على جسدها وأخذت تدور أمام المرأة وهي تتخيل منظر زياد حينما يعود من العمل ويراها ..
لقد قررت، اليوم سوف تتمم زواجها منه ..
هذا قرارها الذي فكرت به طويلا ...
طوال الشهر الفائت كانا يعيشان حياة أقرب للمثالية ، يتناولان طعامهما سويا ويتحدثان كثيرا .. تعرفا على بعضيهما بشكل أكبر وتيقنت زينة من حب زياد الصادق اها .. لكن الألم الذي بداخلها ورغبة الإنتقام كانت أكبر من هذا الحب ..
خرجت زينة من غرفتها ما إن سمعت صوت الباب يفتح واتجهت نحو زياد الذي تصنم في مكانه ما إن رأها بهذا الشكل المغري المبهر ...
توجه نحوها بخطوات مترددة بينما هي تضحك بخفوت قبل أن يقف أمامه ويهتف رغما عنه :
" ايه ده ..؟! "
" ايه ..؟!"
ابتلع ريقه وقال :
" انتي مالك النهاردة ..؟!"
اقتربت منه وقالت وهي تحيط رقبته بذراعها :
" وحشتني ، وحشتني ومحتاجاك اوي يا زياد..."
توترت ملامحه وهو ينظر الى شفتيها المطليتين باللون الأحمر القاني لينحني نحوها ويقبلها بصمت ...
استجابت زينة اها وبادلته قبلته لكنها فوجئت به ينتفض مبتعدا عنها بعد لحظات..
لقد كان أمامه ، رأه بعينيه ، علي أخوه الوحيد وأقرب الأشخاص إليه ..
ابتعد عنها زياد في الحال وقال قبل أن يهرب خارج الشقة :
" انا اسف ، اسف اوي .."
يتبع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-