نوفيلا أحلام مسروقة كاملة بقلم منى الفولي

 نوفيلا أحلام مسروقة كاملة بقلم منى الفولي

نوفيلا أحلام مسروقة كاملة بقلم منى الفولي

الفصل الأول 

نوفيلا (أحلام مسروقة)
الحلقة الأولى
على قهوة بلدي في قلب الصعيد، قاعد شابين وواحد منهم بيتكلم بحزن كبير: زهجت يا سعد والدنيا ضاجت بيا ومفيش حل غير اكده؟
رد سعد وهو حزين متأثر لقراره بس ميقدرش يمنعه عن مصلحته: خلاص يا صاحبي أعمل اللي يريحك، ولو أني هتوحشك.
محسن هز دماغه رافض فراق صاحبه دا هو عوض ربنا ليه : ده على أساس أني هاهملك أياك، ده أنت رجلك على رجلي.
سعد استغرب و مش فاهم صاحبه ناوي على أيه : أزاى بس يا محسن، طيب أنت رايح تفتح وكالة بفلوسك وزرعة أرضك أنت وأخوك، أنما أنا هاجي وياك أعمل أيه، هنا كنت باشتغل عنديك في الأرض، أنما أنا مافهمش حاجة في شغل التجارة.
محسن حط ايده على كتف صاحبه بحب: أنت بتشتغل ويايا مش عندي، وزي ما كنت بتابع المزارعين هنا هتابع العمال في الوكالة، وأنت يعني شايفني مولود باتجار أدينا بنتعلم، وبعدين يرضيك تهمل صاحبك يتغرب ويبجى لوحده.
سعد حط ايده على ايد صاحبه اللي على كتفه وعاتبه لأنه مش شايف داعي لغربتهم: ما أنت اللي أختارت الغربة يا صاحبي.
محسن اتنهد بضيقة وحزن: أيه اللي رماك على المر، قلت اللي أمر منه، والغربة وسط أغراب ممكن يحبوك، أهون بكتير من غربتك وسط أهلك وناسك اللي بيكرهوك.
سعد بيواسيه بس من جواه عارف أن أحساسه صح: ياشيخ أنت لسه عايش فى الهم ده، وهو برضك في أخ يكره أخوه.
محسن وهو بيبتسم بكسرة: دي الحقيقة اللي أنت عارفها يا سعد، بس بتحب تهون علي، وعلى فكرة أنا مش زعلان منه هو برضيك معذور، ربنا يسامحه بوي و يرحمه، هو اللى ميزنى عنه وكرهه فيا، فرحته بمجيتي في شيبته وحبه لأمي اللي أتجوزها بعد موت أمه، خلاه يصمم يوديني المدارس مع أنه هو اللي منعه من العلام عشان ياخد باله من الأرض ويراعيها، وعشان كده رفض أدخل الجامعة بعد بوي ما مات وبقى يتريق عليا ومسميني الأفندي، وزاد كرهه ليا لما ورثي زاد عن ورثه بعد ماورثت أمي الله يرحمها وخصوصي أن اللى تملكه مش شوية، (ابتسم وهو بيفتكر بناته لأنهم الحاجة الحلوة الوحيدة بحياته) عارف ياسعد من كتر ما أتعجدت من اللي بيني أنا وخوي، بأخاف وأنا بتعامل مع نجاة ووفاء لدرجة الوسوسة لواحدة فيهم تحس أن بميز خيتها وتكرهها، مع أنهم تؤام وروحهم ببعض.
سعد ابتسم: الله يبارك لك فيهم يا خوي، بس أنت أنسى بقى وعيش، الكلام ده كان زمان لكن أنت دلوجت راجل، والكل بيعملك ألف حساب.
محسن بمرارة: أيوه عشان أني كبرت ومبقاش ينفع يتحكم فيا، لا ده كمان السرايا اللي كلنا قاعدين فيها باسمي ، ده غير الأرض البحرية اللي على الترعة وبتروي أرضه، لكن الأول لما كنت تحت وصايته، منعني أخش الجامعة، ولما حس أني ميال لبت محروس طردهم بره البلد، لا وكمان خطب لي أخت مرته ودبسني فيها من غير ما يشاورني وأنا ساعتها عشان خاطر حرام اعمل لها فضيحة وأرفضها كملت وأتجوزتها وأنا لسه في ثانوي، وكل ده عشان يضمن أني ماطلعش من تحت طوعه.
سعد بدفاع: لا يامحسن حرام عليك، هي الست أم نجاة تتعيب.
محسن: لا متتعيبش بس مش عارفة تريحني، ماشية بدماغ أختها وأوامرها ده حتى البتين خوي راح سماهم على هواه من غير ما يقولي.
سعد: ده زمن وراح يا خوي، لكن دلوجت بيعاملوك زين .
محسن بعصبية: يمكن أتعدلوا وياي من سنة بس من ساعة ما استلمت ورثي غصب عنه ، والله ما انسى كيف قلب خلقته اول ما قلتله عايز ورثي وحقي كان فاكراني اياك اهملله حالي ومالي وهو يسرح ويرمح فيهم ويحكم ويتحكم ، وأني خابره زين معينساش (اتنهد بهم وقال اه مكتومة وكمل) اتعدلو صُح لكن اللي في الجلب في الجلب، ودايما باين في عينيه وسابج على لسانه.
صعب عليه حاله وهمه اللي شايله ازاي ميحسش بيه وهو عاش معاه كل اللي فات وشاف الظلم والقهر اللي عاشهم بس حاول يهديه : استهدي بالله وارمي حموالك على اللي خلقك ياخوي ، وبعدين الضفر ما يطلعش من اللحم.
محسن استغفر ورد بصوت مقهور : لا الطمع يطلعه، وخوي طلعني من قلبه ، طب شوف أنت زعلت كيف وانا بقولك أني هادله مصر ، زعلت عشان هتفارقني وانت عارف اني رايح استرزق و أفتح وكالة للخضر والفاكهة أبيع فيها زرعتنا من غير وسيط لكن زعلت لفراقي ، بس هو عارف لما قولت له الحديت ده الفرحة كانت بتنط من عينيه، كأنه ما صدق يخلص مني، حتى مرتي قالت معتفرقش هنيه وأني أشقر عليهم من وقت للتاني.
سعد اتصدم هو في كدا ايه الست دي : وأنت هتسافر وتهملهم هنيه؟
محسن بغيظ لولا رجولته كان فعلا اداها ضهره ومشي: لا، قلت لها لو عايزة هي تقعد براحتها بس بناتي ماهيفارقونش.
سعد ضرب كف بكف واستغفر: طيب وأنت هتعرف تراعيهم وانت بطولك.
محسن: ومين قال أني هبقى بطولي، أنا مش هاهمل بهيرة لحالها هنيه، ده الحاجتين اللي مخليين هابعد، بناتي اللي شايف كيف متحكمين فيهم وبيبعدوهم عني، وبهيرة والحزن اللي في عينيها وخصوصا بعد جواز خليل وحمل مرته، ما أنت عارف بهيرة دي أمي مش خيتي وبس، دي الوحيدة اللي بتحبني حجيجي، وياما حصل لها مشاكل عشان بتدافع عني، ومتأكد أنها هتحب بناتي وتراعيهم أكتر من أمهم.
سعد ابتسم : ربنا يخليهلك يا صاحبي ومتنحرمش منها أبدا.
محسن بحب حقيقي: ولا منك يا سعد هي خيتي وأمي وأنت صاحبي وخوي الكبير، أني مليش غيركم أنتم والبنة، ومش مسافر إلا وحبايبي كلاتهم وايي .
سعد وهو متردد: الموضوع مش سهل اكده يا محسن.
محسن بيحاول يبسطها: وهتصعبها ليه، أنت أخواتك هملوا البلد من زمان وراحوا بحري، وأنت اللي فضلت عشان تراعي أمك الله يرحمها، ودلوجت مالكش غير مرتك ومريم بتك ودول هيجوا معاك.
سعد ابتسم: طيب خليني أشوف ظروفي ورأي الجماعة، وربنا يسهلها، مانا ماهملش بيتي وأروح أجعد في الشارع في مصر.
محسن بصله ورفع حاجب متغاظ من تفكيره ده: هتقعد في الشارع وأنت مسافر مع خوك.
سعد برجولة: لا يا صاحبي احنا من زمان بعدنا صحوبيتنا عن فلوسك وعز أهلك، وعشان اكده دامت، انما أنا ماعيش غير في بيتي ومن شجايا.
محسن مبتسم وكل مادا صاحبه بيعلى في عينيه: طول عمرك رجل يا صاحبي، بس محلولة بعون الله، أنا هسافر لوحدي الأول أشوف مكان ليا وليك وللوكالة ولما أرجع هنظبط كل حاجة وهاريحك، وكمان تكون بلغت الجماعة وجهزت حالك.
سعد ببال مشغول: ربنا يجدم اللي فيه الخير.
***********
في سرايا كبيرة مفروشة زي سرايات باشوات زمان.
ست في الاربعينات بتزعق لشابة صغيرة: كانك اتجنيتي يا سعاد، وبتتشرطي عليه كمان، ليه شيفاه واجع بحبك، ده ماهيصدج.
سعاد بصوت مهزوز: مبتشرطش، أنا جولت له يسافر لحاله ويشقر علينا من وقت للتاني.
الست بعصبية: ومهتسافريش وياه ليه، مكان الست مطرح ما يكون جوزها.
سعادة بضيقة: حسي بيا يا نجاة يا خيتي، ده أنا طايجه بالعافية وأنا متونسة بيكم أجوم أسافر وياه لحالي هو وأخته العقربة.
نجاة متغاظة من غباءها: امال تهمليه ليها تميل دماغه وتجوزه اللي هتجيب له الواد.
سعاد بصوت مقهور من تلميح أختها: يا نجاة افهميني أني مطيقهوش، أني انغصبت عليه عشان خاطرك، عشان أساعدكم ترجعوا حجكم اللي سرقه هو وامه، وعشان ميتجوزش واحدة تقويه وتاخد كل حاجة وتخرجكم بره السرايا.

نجاة بتريقة وهي قاصدة تكسر نفسها، عشان متفتكرش روحها صاحبة جمايل عليهم: عشان خاطري بس، ليه هو كان حد هيدق بابك بعد ما واد عمك اللي موعوده له هملك، أنا عملت كده لمصلحتك قبل مصلحتنا، ولو غصبنا على حد يبجا هو مش أنت وكتر خيره أنه مارمكيش بعد ماجبتي له بدا البت تنين.
سعاد مش مصدقة أن أختها اللي ضحت عشانها بتعايرها: دلوجت بقى كتر خيره مش ده اللي أنت وجوزك سقيتوني كرهه من وأني صغيرة، وبيناتكم وبين بعض مهتقلوش عليه غير الحرامي ولد القادرة.
نجاة حست أن أختها بترد عليها وبتحاول تخرج عن سيطرتها، فأمرتها زي ما أتعودت دايما: هي كلمة واحدة، رجلك على رجله، ومهتشليش عينك من عليه هو وبهيرة، واللي يحصول هناك يكون عندي بالحرف.
صوت سعاد مخنوق، هي زهقت من تحكمها فيها مع أن المفروض أن هما اللي في أيدها دلوقتي: ليه أهمل سرايتي واروح اترمي في علب كبريت من بتوع مصر.
نجاة قلقلت من طريقتها الجديدة، وأديتها على دماغها عشان تفوق لنفسها: سرايتك، شكلك نسيتي نفسك أياك، ونسيت أني لولاي كان زمانك مرمية عند أي واحدة في خواتك بتخدمي بلقمتك، لكن أنا خليتك مرت زينة شباب الكفر واغناهم.
سعاد رجعت لخوفها من نجاة اللي اتربيت عليه وصوتها رجع يترجاها: ياخيتي أسمعيني.
نجاة بجبروت: مسمعاش، بصي يا بت الناس هو اتفاق واحد هنفذو أحنا التنتين، هتسمعي الكلام هنفضلوا محلقين عليه ومنهملهوش يرميكي لحد ما بناتك يكبروا ويتجوزا ولادي، ونبجا حبايب والحج رجع لصحابه، (بتهديد) هتسوجي العوج يبقى محمود هيرفع يده عنيه وكل واحد يشوف مصلحته.
وطت راسها وسكتت زي ما أتعودت من يوم ما دخلت السرايا عيلة صغيرة، خدامة لولاد أختها بصفة خالة، ومن يومها وهي ماتقدرش تعارض، حتى وهما بيجوزوها أكتر واحد بتكره،مش بس عشان كلام أختها وجوزها، لكن عشان من يوم ما جت تعيش معهم وهي شيفاه بيتمتع بكل اللي هي اتحرمت منه، وكل ده لأنه أتولد ولد وهي أتولدت بنت، كانت كل ما تشوف دلع أبوه وأمه له قلبها ينقهر وتسأل نفسها هي ليه ماطلعتش ولد زيه.
**********
سعد بشوق ومحبة: حمد الله على السلامة ياصاحبي ليك شوجة، شهر بحاله هملتنا وجلت عدولي.
محسن بيشاكله: ياسلام شوقة من شهر، امال مش عايز تسافر واييا ليه.
سعد متحمس: لا ماتخافش هافرحك، بس فرحني أنت الأول وجولي عملت أيه.
محسن برضا: الحمد لله كل خير، ربنا وفجني لسمسار ابن حلال فهمته الوضع وريحني على الأخر، هو جالي أن الوكالة لازم تكون في منطجة شعبية وتجارية وجاب لي بيت في حتة كده اسمها بولاج البيت على ناصيتين المحلات هتبقى فى الدور الأرضي على الشارع العمومي عشان عربيات النجل، ومدخل البيت على الشارع الصغير، وهو تلات ادوار، الدور الأول هعامله ثلاجات للحفظ، والثاني هيبقى مكتبي، والثالث أنت هتعيش فيه وقصاد كده بيتك اللي هنيه أنا هاخده أستعمله مخزن للتشوين، أظن كده تبقى عايش فى بيتك ومن شاجاك، وكمان لاقى لي بيت زين جوي فى منطقة راجية أسمها المهندسين قريبة قوي من الوكالة، هو تلات ادوار وعامل زي فيلا صغيرة عشان سعاد تبطل تجولي أني هاخرجها من السرايا وهارميها هي والعيال فى علب كبريت من بتوع مصر.
سعد مبسوط: على بركة الله، أن شاء الله يعجبها، أنا بقى أول ما جولت لمنيرة طارت من الفرحة، وكل يوم تسألني هو صاحبك رجع ولا لسه، أصلها من زمان جوي نفسها تروح بحري زي أخواتي أو تنزل مصر، عايزة تعلم مريم وتطلعها بت مدارس وأنت عارف الكفر مفهوش غير المدرسة الابتدائية.
محسن بحب: ربنا يحفظهالكم ويبارك لك فيها زينة البنات، هي في سنة كام دلوجت.
سعد ابتسامته من غير ما يحس ملت وشه وبدأ يتكلم ويحرك ايديه لمستوى طولها الصغير: بتانية ابتدائي، بس أشطر واحدة في المدرسة كلتها، عندها تمن اسنين ومش باينة من الأرض بس بتقرا بربنط.
محسن افتكرها وهو بيسمعلها درس من دورس المدرسة وابتسم بمحبة : جلب عمها، يبقى مرتك عندها حج، البت تستاهل تكمل علامها، وأني هاظبط كل حاجة لنجلها لمدرسة زينة جنب البيت هناك.
سعد طبطب على رجله بامتنان: ربنا ما يحرمني منك يا صاحبي.
محسن بحب: ولا منك يا غالي، جول للجماعة يجهزوا، وأني هاوضب كل حاجة وجبل ما يخلص الشهر نكون نجلنا هناك باذن الله .
سعد مبتسم: باذن الله .
**********
في شقة جميلة وعصرية دخل محسن سلم على الموجودين، جريوا عليه بنتين شبه بعض اترموا في حضنه، وهو حضنهم بحب: أهلا، أهلا بجلب بوهم، اتوحشتكم.
بنت بدلع: وأنت كمان وحشتنا يا بابا.
محسن ضحك وقال للست: بابا، شوفتي يا بهيرة تلات سنين بس جعدنهم في مصر، والبتين لسانهم اعوج وبجم مصاروة.
بهيرة بتضحك: ولسه، دول من أول ما دخلوا المدرسة بجوا يرطنوا بالانجليزي كمان.
محسن بيضحك وبعدين بيبص حواليه ويسأل: أمال فين سعاد.
بهيرة متضايقة من تصرفاتها بس مش عايزة تبين: في أوضتكم.
باس البنات وطلع من جيبه حلويات أدهالهم، واتحرك تجاه باب مقفول، خبط ودخل بسرعة وهو بيرمي السلام: السلام عليكم، أزيك يا سعاد.
سعاد من غير ما تبص وهي مشغول في رص حاجات في شنطة كبيرة ده غير شنط تانية مقفلة على الأرض: وعليكم السلام، تسلم يا خوي.
محسن بضيق وهو بيبص للشنطة المليانة: أنت خرجتي النهاردة.
سعاد وهي بتبصله: ما أني أستاذنتك هانزل أجيب الهدايا اللي هندلا بيهم الكفر.
محسن وهو بينفخ: ما أني عارف، بس أنت عارفة أنا جاني كام واحد النهاردة، ودفعت ليهم كام، الصايغ والمني فاتورة وحتى السوبر ماركت، ليه ده كله هو حد جالك أن الكفر فيه مجاعة.
سعاد بضيق من محاسبته ليها: هما لحد غريب، ده لأخوك وولاده.
محسن بضيقة: براحتك بس أني باجول كنت صبرتي لاجازة البنتة وكنت خدتيهم معاكي بدل ما على ترجعي تجولي عايزة أروح تاني.
سعاد بعصبية: وفيها أيه لو روحت دلوجت وبعد المدارس، أنا شارطة عليك من قبل ما نيجي اهنيه، وقت ما اشتاق لخيتي هازورها.
محسن وهو بيتنهد وبيسحب جلابية ورايح الحمام: قولت لك براحتك يا بت الناس.
نفخت بضيق وهي متابعاه، وبعدين رجعت ابتسمت وهي بتبص على الشنطة المليانة، وهي بتتخيل نظرة نجاة وهي شايف الخير ده كله، صحيح هي مكنتش عايزة تيجي هنا معاه، بس بعد أول زيارة ليها للكفر وهي شايفة نظرة الحسد في عيون ستات البلد ليها بعد ما بقيت زي الهوانم، وهي بتحمد ربنا أنها وافقت وجت معاه، صحيح لسه مبتحبوش، بس هي مرتاحة معاه، ده غير أنها بعدت عن تحكمات أختها،اللي بقيت كويسة معها من بعد ما غرقتها بهداياها.
**********
سعد وهو بيقفل باب المكتب عشان محدش من العمال يسمعهم: وحد الله بس يا صاحبي وهدى نفسك
محسن : لا اله الا الله، ماهو على يدك يا سعد من يوم ما نجلنا هنيه من تلات سنين وهي عوجانة وأني بافوت وأجول بكفاية غربتها، بس اللي حوصل المرادي ميتفوتش، بكفايني أنا معدتش طايج، مش كفاية هملاني وكل يوم والتاني عايزة تسافر البلد، لا كمان بتجسي البنات عليا وتكرهم فيا.
سعد مش فاهم منه حاجة وعايزه يهدى ويوضح كلامه: يا خوي براحة شوي، هي عملت أيه المرادي وصلك للي أنت فيه ده.
محسن بعصبية ونفاذ صبر: الهانم زي كل مرة خدت شئ وشويات وهي مسافرة، و الصبح قبل مانزل لقيت وفاء بتسألني هو أنا فعلا ظلمت خوي وأكلت ورثه، طبعا كنت هاتجن وسألتها جابت الحديت ده منين، أتاريها العشية وأمها مسافرة سألتها ليه بتسافر البلد كتير، وكل مرة بتاخد دهب وهدايا غالية جوي اكده، فجالتلها أن ده حجهم لأني سرقت ورثهم وهم سكتوا لأنهم طيبين، وهي اكده بترجع لهم جزء من حجهم، ولما هي وخيتها يكبروا هيتجوزوا ولاد عمهم وبكده يبجى الحج رجع لصحابه.
سعد وهو مش مصدق أن في حد يعمل كده: وفاء صغيرة مكملتش سبع سنين، أكيد موعيتش لحديت أمها زين وأنت عارف عجل العيال بيشطح.
محسن عارف أن صاحبه بيحاول يهون عليه بس هو مش مستغرب أبدا، هي دي مراته وهي دي تصرفاتها اللي ياما بعدته عنها ومقدرش يفتح قلبه ليها: وفاء عجلها يوزن بلد دي بتي وأنا خابرها زين، ده غير أني شوفت مكان الجرصة بنفسي.
سعد باستغراب: جرصة أيه.
محسن بغيظ وهو بيتمنى لو مراته تكون قدامه دلوقتي عشان يبرد ناره اللي قادت لما شاف دراع بنته: أصل البت قالت لها أنها بتكره ولاد عمها ولا يمكن تتجوز حد منيهم، فالمفترية قرصتها من تحت باطها بكل عزمها زرقت لها دراعها، وقالت لها أنها حرامية زي بوها، ولما وفاء جالت لها أنها هتشتكيلي، قالت لها أني هاضربها وأني مبحهاش هي وخيتها.
سعد كان عارف قد أيه مرات صاحبه متهورة وبتأذيه دايما بتصرفاتها بس عمره ما تخيل أن أذيتها توصل لبناتها: أنت متأكد، ما يمكن غلطت في حاجة، وأمها جرصتها عشان كده.
محسن بيخبط على المكتب بأيده بيوقع الحاجة اللي عليه وبيقول بحسرة: ياسعد بتي، جاية تجولي أنها بتحبني وعارفة أني مش حرامي، بس بتترجاني أرجع لأخوي حجه، عشان هي مش عايزة ترجع الكفر تاني لأن خالتها بتضربها وهي مش عوزة تتجوز ابنها.
سعد حزين على حالة صاحبه: لا حول ولا قوة الا بالله، طيب وأنت جولت لها أيه.
محسن مقهور بيفتكر أزاي اضطروه يقعد يثبت لبنته أنه راجل شريف: حكيت لها الموضوع كله على جد فهمها، وحلفت لها أني لايمكن أدخل جوفها هي أو خيتها لجمة حرام، وأن لما أمها ترجع أني لي صرفة معها.
سعد قلق من لهجته والوعيد اللي فيها: صرفة أيه دي عاد.
محسن بتصميم لأنه اكتفى ومش مستعد يخسر بناته زي ما خسر راحته من يوم ما أتجوزها: ياتعرف أن الله حج وتراعي بيتها، وتبطل زن على ودن البنتة وتجولهم الحجيجة، يا كل واحد يروح لحاله خلاص ما عادت تلزمني.
سعد اتخض من قراره مكنش متخيل أن الأمور توصل لكده: ليه كده يا خوي، كلمتين وتجالوا في ساعة شيطان.
محسن بيتكلم بهدوء وكأنه كان عارف أن اللحظة دي جاية جاية: لأمكنتش ساعة يا سعد، الشيطان دخل بناتنا من أول يوم، لما خيتها ملت دماغها أني مش رايدها وأنهم غصبوني عليها وأنهم لو رفعوا يدهم عني هاطلجها وارميها، لحد مابجيت متعصاش ليهم أمر وكاسرة نفسها في بيتها اللي هما ضيوف فيه، وزاد الموضوع جوي لما خلفت البتين والداكتور خبرنا أن على الغالب ربنا مارايدش يكون لها نصيب تاني بالخلفة وأنالموضوع صعب أو مستحيل تقريبا، انجنت وجتها مع أني طمنتها وجبرت بخاطرها وأجسمت أني مهملهاش واصل، لكن كدبتني وصدقتهم أني ماسكها غصب عني، وبجيت حاسة أنها عايشة معايا على كف عفريت.
سعد متمسك بأي أمل ينقذ جواز صاحبه: طيب اتحدت معها وفهمها غلطها.
اتنهد محسن بضيق صدر: غلبت ياخوي لكن نجاة مرات محمود تبجى أختها اللي مربياها، ومابتصدجش غيرها ولا بتمشي غير بشورتها، وأنا سامحت كتير لكن لما يجوا على بناتي ورايدين يخدوهم عوض عن اللي شايفنه حجهم، ويكسروا نفسهم ويذلوهم، يبقى كله إلا بناتي ياسعد.
سعد متعاطف مع صاحبه: ربنا يهديها، دول مهما كانوا بناتها ووجت الجد مش هيهونوا عليها.
محسن بعصبية: هانوا يا سعد، لدرجة أنها تفههم أن أبوهم حرامي، سرق أخوه وبيوكلهم حرام، ده غير بهيرة والكسرة اللي فعنيها واللي أنا متأكد أنها سببها، وكل ما أسألها مترضاش تجولي حاجة، وبدل ماجيبتها ويايا هناعشان ماشوفش حزنها وهي شايفة ولاد خليل طليقها وتتقهر خصوصا وأنت عارف هي كانت بتحبه قد أيه، جيبتها للغلب ومكايدة الحريم.
دعا سعد لصاحبه من قلبه بصدق: ربنا يهديك للصواب، ويكتب لك الخير يا خوي.
أمن على دعاه وقلبه بيقوله أن لا يمكن يكون في خير مع واحدة زي دي: آمين يا صاحبي.
************
كان قاعد مستنيها في أوضتهم سامع صوتها ومستغرب أزاي بتسلم على بناتها بالبرود ده بعد ما بعدت عنهم يومين كاملين، مستغرب جمود قلبها وضيقتها من البنات لمجرد أنهم أتولدوا بنات، هو متعود على العكس، دايما الراجل هو اللي بيكون عايز الولد والست بتكون مكسورة، لكن هو مستكفي ببناته عن العالم كله وشايفهم رزق ربنا ليه، مع أنه يقدر يخلف تاني، وهي اللي جاحدة النعمة رغم أن ربنا كرمها بيهم وحرمها بعدها من فرصة تانية، كل حاجة بتأكد له أنها ست جاحدة وقلبها قاسي، وكأنها حابة تأكدله إحساسه ولأنها متعرفش أنه موجود، سمعها وهي بتكايد في أخته زي ماكان متوقع: أيه يا بهيرة مش كنتي جيتي ويايا ده كانوا يومين حلوين جوي، خصوصي أني جابلت نوال مرات خليل الجديدة، ست تتحط على الجرح يبرد، ولا الواد اللي جابتهوله، مخليه طاير بيها طير، يالا الحمد لله ربنا عوض صبره خير.
اتنفض من على السرير وفتح الباب بسرعة وهو بيصرخ باسمها بغضب: سعاااد .
اتنفضت من الخوف وهي بتسمع صوته، أول مرة تبقى غبية ومتتأكدش أنه مش موجود وهي بتكايد أخته، بس هو عمره ماكان موجود في وقت زي ده، عشان كده كانت بتتكلم براحتها لكن حظها الأسود خلاه سمعها، حاولت ترد عادي وكأنها معملتش حاجة أو متقصدش اللي هو فهمه: سي محسن، أزيك يا خويا مش بعادة تبجا جاعد في البيت في وجت زي ده، أوعك تكون بعافية.
بصلها بكره لدرجة أنها حست عينيه بتحرقها واترعبت أكتر وهي سامعة صوته اللي لسه الغضب ماليه: تعالي ياسعاد.
ابتسمت بسخافة وهي عاملة نفسها مكسوفة عايزة تحفظ كرامتها قدام بهيرة وتتصرف وكأنه مشتاقلها وبيناديها: جاية أهو يا خوي أصبر علي بس أخد نفسي من المشوار.
راحت ناحيته وجسمها بيرتعش من خوفها بس ماسكة نفسها وبتحاول تتصرف عادي، هي ياما عملت وهو عدالها، بس هي عارفة معزة بهيرة عنده وده اللي مخوفها المرادي، لكن هيزعق شوية وتعدي برضو: أتوحشتك يا سي محسن.
ما شلش عينه من عليها ولا غضبهم هدي وهو بيوسع لها تدخل الأوضة وبيقفل عليهم الباب وبيسألها بغضب: كنت بتجولي أيه لبهيرة.
زاد خوفها منه ده حتى مصبرش عليها لحد مايقفل الباب بالكامل، فقررت أنها تسايس أمورها وتكسبه وتحاول تدلع عليه: أصلي أتوحشتكم، فكنت باقول ياريتها كانت جات ويايا، وأنت كمان أتوحشتك قوي، يا اخويا بدل قاعد فاضي كده، مش كنت جيت ويايا شوفت أخوك وولاده.
ضحك بتريقة وهو باصص في عينيها: البركة فيكي قايمة بالواجب وزيادة، مش برضيك روحتي ترجعي لهم جزء من حجهم اللي سرجه جوزك الحرامي.
اتفزعت ولون وشها بهت فجأة وأرتعش صوتها بخوف: وووه، أيه الحديت الماسخ اللي بتقوله ده.
صوته علي وهو بيفتكر نظرة بنته ليه وهي بتطلب منه يرجع الفلوس اللي سرقها: ده حديتك أنت لعيالي يا بنت الأصول.
أتأكدت أن مفيش فايدة من اللف والدوران، وأن بدل ماتسيبه يركبها هي العيبة تسبقه بدل ما خوفها يحسسه أنه صاحب حق: هو كده دايما الحج بيزعل.
اتجنن من بجاحتها حتى قدامه: حج، حج أيه يعني أنت شايفني حرامي.
عرفت أنه خلاص مفيش مجال للرجوع وأن المواجهة حصلت وخلاص: وهي لما أمك تلعب على الراجل الكبير وتخطفه من مرته وتموتها بحسرتها، وكمان تخليه يكتب لها السراية والأرض البحرية متبجاش سرجة.
محسش بنفسه وأيده بتترفع وتنزل على خدها بكل قوته، وقعت من شدة القلم وهي بتصرخ مش مصدقة لأنه عمره ما مد أيده عليها: بتضربني عشان عايزة أرجع الحج لاصحابه، بس يكون في علمك الحج راجع راجع وأهو ربنا حرمك من الولد بسبب ظلمك والبنتين كل واحدة منيهم عياخدها ولد عمها.
**********
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم))
أحب أعرف رأيكم بالبداية، وياترى محسن هيعمل أيه في سعاد بعدالمواجهةدي.
**********
مع تحياتي
منى الفولي

الفصل الثاني 

محسش بنفسه وأيده بتترفع وتنزل على خدها بكل قوته، وقعت من شدة القلم وهي بتصرخ مش مصدقة لأنه عمره ما مد أيده عليها: بتضربني عشان عايزة أرجع الحج لاصحابه، بس يكون في علمك الحج راجع راجع وأهو ربنا حرمك من الولد بسبب ظلمك والبنتين كل واحدة منيهم عياخدها ولد عمها.
مش مصدق جنانها، كدبت الكدبة وصدقتها مع أن الكفر كله عارف الحقيقة، والأغرب أنها عندها استعداد تقدم بناتها تمن لرضا أختها، وزي ما ضربها من غير مايحس، محسش بنفسه إلا بعد ما رمي اليمين: أنت طالق.
حس وكأن حمل جبال انزاح من على صدره، اللي حصل ده كان لازم يحصل من زمان، مش دي الست اللي اتمنى تكون مراته أم ولاده، أما هي مكنتش مصدقة ودانها، معقول بعد ما أخيرا حسيت أنها ست، والكل بيعمل لها حساب حتى نجاة، ترجع تاني لخدمتها، لا مش ممكن، كمان هو مايقدرش يطلقها بمزاجه كده، أختها ياما فهمتها أنهم طول مهما معها هو ميقدرش يرميها ولا يستغنى عنها، أخوه مش هيسمح له بده، هي اللي صح وأختارت الجانب الأقوى.
*********
دخل السرايا زي المجنون يصرخ باسمها، كله إلا عياله مش هيسمح لهم يحرموه منهم، ويحرموهم هما من علامهم ومن الحياة اللي أتمنى يحققها لهم بعد ماقدرش يحققها لنفسه، زاد غضبه وهو شايف أخوه نازل على السلم بيبصله بكره وشماتة: عايز أيه من سعاد يا محسن، مش طلجتها وكل واحد راح لحاله.
صرخ بكل الحمل اللي شاله سنين وهو مش عارف أيه الذنب اللي بيتعاقب عليه، لو تفرقة أبوهم فهو مكنش له ذنب فيها، وأبوهم نفسه مات من سنين: أنا اللي عايز أعرف أنتم عايزين مني أيه، أنا أمي لعبت على أبوي وخطفته من أمك وموتتها بحسرتها يامحمود، ولا أبوي هو اللي ساج عليها طوب الأرض عشان يتجوزها بعد أمك ما ماتت كونها بنت كبير البلد ووحدانية وتحتكم على كل الأرض البحرية اللي أرضك بتتروي منها دلوجت، والسراية دي مش كانت مهرها اللي بوي وافق عليه وكتبها بأسمها ولا سرجتها منيه.
جه وقت المواجهة، الوقت اللي ياما استناه عشان يخرج اللي دراه في قلبه سنين يمكن يهدي من النار اللي قايدة بقلبه: أمك كانت عاجر والمفروض أن بوي كان يبجا وريثها الوحيد والسراية ترجعله وفوج منها الأرض البحرية اللي بتجول عليها، ولي أنا من بعده.
مصدقش اللي سمعه، كتير فكر في وقت المواجهة واتخيل أسباب كتير لكره أخوه ليه لكن عمره ما فكر في سبب زي ده: لا حول ولا جوة إلا بالله أنت بتعترض على إرادة ربنا وأنه كرمها ورزجها بيا.
صرخ بحقده اللي اتغذى على طمعه سنين: رزجها بيك عشان تيجي تجش كل حاجة، وبدل ما مالها يبجا ملكي تاجي أنت وتجاسمني في ملك بوي، ده غير حبه ودلعه اللي حرمني منه عمري كله وفوج منيهم العلام.
عمره ما اتمنى أن دي تكون المشاعر اللي بينه وبين أخوه، ليه أخوه مش فاهم أن كل واحد له رزقه اللي لا هيروح لغيره ولا هياخد أكتر منه: بس أنا مليش ذنب أنا عمري ما عاملتك عفش ولا فرجت بين ملكي وملكك، عايز تحرمني من بناتي ليه؟
حس بنشوة السيطرة، أخيرا بعد ما أستلم ورثه وأضطر يسايسه رجع تاني تحت أيده، يتحكم فيه بكلمة منه: مين جال هنحرموك منيهم، الحج علي أني هألم لحمك اللي رميته.
أيه اللي بيقوله ده، وليه دايما هو محتاج يدافع عن نفسه قدامهم: أنا رميت لحمي، ده أنا مرضيتش أجولها تطلع هي الدور اللي فوق، وسيبت لها الشقة باللي فيها وطلعت أنا وبهيرة.
بص له بسخرية وكأنه بيعلم تلميذ خايب: وهي الأصول برضيك أنها تجعد مع طليجها بنفس البيت ولا جعدتك بمصر ناستك الأصول.
محسن: ماهي في شجة لوحدها هي وبناتها.
محمود بسخرية: وهي مش عايزة شجتك، هي من حجها تختار تعيش وسط أهلها وناسها اللي هملتهم لاجل خاطرك أيام ما كنت جوزها، وأديك طلجتها تهملهم ليه عاد، هي رجعت السرايا تعيش ويانا معززة مكرمة.
اكتفي من لعبهم بيه وبمستقبل بناته: تعيش معك في السرايا، ده على أساس أن السرايا ملكك أياك، السرايا ملكي أنا، أنا يا محمود وافتكر كويس يا ولد أبوي أن اللي جاي أنت اللي بدأته، وأن كانت الأصول بتجول أنها مينفعش تعيش مع طليجها في بيت واحد، فبرضيك الأصول بتجول أن بناتي مهيعشوش مع شباب كيف ولادك ببيت واحد، وخليك فاكر أن اللي يفكر يبعدني عن بناتي يبجا حكم على نفسه بالموت.
**********
سعاد قاعدة في أوضتها في السرايا تعيط، مش مصدقة أنه استغنى عنها المرادي بسهولة كده، دي ياما عملت وهو سامحها أشمعنا المرادي اتلكك لها، وكأن الحظ بيعاندها طول عمرها بتتمنى تفارقه ولما سافرت معه وشافت دنيا غير الدنيا، هو اللي يطلقها ويرميها زي ما كانت بتتمنى.
نجاة بتزعق لها بزهق: بكفياكي عايط، جاية دلوجت وهتزعلي عليه، مش ده اللي كنت مش طايجه ويوم فراجه عنديكي عيد.
سعاد وعياطها بيزيد: أنا باعيط على ميلة بختي، أمك دايما كانت تجول أن خلفة البنات حظها الأسود، وشكلي ورثت حظها، في الأول واد عمي اللي موعودة له أمه مرضيتش بيا عشان هاتجول أننا ورثين خلفة البنات من أمنا واللي هتخلف ولد بيبجا عزيز وبعد غلب.
نجاة متغاظة: كانت بتلقح علي أني بنت الكلاف، كمني مشوفتش الواد إلا بعد اربع بنات.
سعاد بتكمل تعديد وكأنها مش سامعة أختها: واجيب بدل البت تنين، قدمهم قدم شوم، راح على حملهم صحتي وأملي أن أخلف تاني، ولما جولت أرضى بنصيبي وأهي عيشة والسلام، واحدة منيهم اتسببت بطلاجي.
نجاة بحقد وكره: وفاء مجصوفة الرجبة، جوية كيف عمتها بهيرة.
سعاد وهي بتصرخ بحسرة: خرابة البيوت الفتانة، والله لاكسر دماغها.
نجاة بشر: مش مهم تكسري دماغها، المهم تكسري مناخيرها ونفسها.
سعاد مستغربة: كيف يعني؟!
نجاة وهي بتوسوس لها زي الشيطان: وفاء بتك جوية وراسها ناشفة، بس نجاة مهبلة وماشية وراها، لو وفاء متجوزتش ياسر ولدي هتروح تلوف على حد من مصر، وخيتها هتجلدها، وكده يبجا جدوره انجلعت من البلد واحنا طلعنا من المولد بلا حمص بس لو عرفنا ننفذوا اتفاجنا وبتينك اتجوزوا ولادي، هيبجا ربطناه بالبلد تاني غصبن عنيه، والبنتة بجوا تحت يدنا، وساعاتها لازما يراضينا ويردك غصبنا عنيه.
سعادة متوترة: وهنعملها كيف دي، وهو جيه وجاب بهيرة وياه، وعاود هو وهملها لابدة كيف العقربة للبنتة، وجال أنه هيعاود عشية، وشكله ناوي على نية.
نجاة: أعلى ما في خيره يركبوا، يعمل اللي يعمله، واحنا برضيك هنعملو اللي عايزينه، المهم ميرجعش جلبك يحن وتجولي بتي.
سعاد اترددت للحظة، بس رجعت قالت لنفسها هي نابها أيه من بناتها غير الأذى، وبعدين نجاة مش هتموتها يعني، هي بس هاتخوفها وتربيها، المهم أنها ترجع للحياة اللي مصدقت تعيشها: المهم لا هو ولا بهيرة يحسوا بحاجة ليولعوا فينا.
نجاة مبتسمة بشر: سيبي الموضوع ده علي أني، وأنا هخليها متنطجش كلمة مهتجوزوش دي تاني واصل.
***********
محسن فاتح خزنة الوكالة، وحاطط شنطة على المكتب بيجمع فيها أوراق وفلوس وهو بيحكي لسعد كل اللي حصل.
سعد لامه من خوفه على البنات: مكانش يصح برضيك تهملهم وتعاود لوحدك.
محسن بصله بعاتب أزاي يتصور أنه هيسيب بناته: أنا مهملش بناتي واصل ياسعد، أنا سايب بهيرة مكاني، وأنت خابر بهيرة زين، وجيت اجابل المحامي، وأخد شوية أوراق.
سعد محتار: ولازمته أيه المحامي عاد.
محسن بعزم شديد: أن كنت باجي على صلة الرحم وعامل حساب لعضم التربة، لكن هما الي ريدينها حرب، وأني ممكن أسامح فأيشي إلا مصلحة بناتي ومستجبلهم.
سعد قلق من طريقته، هو عارف حبه لبناته وممكن يعمل أيه عشانهم: ناوي على أيه يا صاحبي.
محسن بقوة: المحامي هيخرج محمود وعياله من السرايا اللي هتبجا مسكن حضانة البنتة، هما كانوا فاكرين أنهم ماسكيني من يدي اللي بتوجعني، يعيشوا في خيري ويستفردوا بالبنتة ويكروهم فيا، لكن هما كانوا غلطانين، لو فاكريني جليل الحيلة يبجوا ما يعرفونيش، أنا لوكنت ساكت كان عشان عضم التربة وصلة الرحم لكن المؤمن الجوي خير من المؤمن الضعيف وأنا مش هبكي زي الحريم.
سعد مش متخيل أنه أخيرا قرر يوقف في وش أخوه ويواجهه وخايف من النتيجة: طيب ناوي على أيه.
محسن واخد قراره لأن مفيش حاجة في الدنيا أهم من بناته: ناوي أرجع البلد أعيش في المضيفة جنب السرايا أنا وبهيرة، أحط عيني على البنتة واراعيهم، وأول ما البتين يكملوا خمساتشر سنة وتسقط الحضانة هاجيبهم وأرجع يكملوا علامهم.
سعد مستغرب أزاي خد قرار زي ده هو مش عارف معنى كلامه أيه: طيب والوكالة، ده البنتة لساتهم سبع سنين، ده أنت على كده هتغيب فوج السبع سنين.
محسن عارف أنه بيتقل على صحابه بس هو قدها: البركة فيك يا خوي ما أنت اللي شايل الحمل كله حتى وأنا اهنيه، ومتجلجش مش سبع سنين ولا حاجة، ديتها سنة ولا اتنين يزهجوا ويرموا طوبتي، ويمكن سعاد تتجوز، ولا توافج تاخد لها جرشين وتتنازل عن الحضانة.
مقدرش يعترض وصاحبه محتاجه وبيلجأله: بس الدنيا من غيرك متحلاش يا صاحبي، يعني أنا جيت هنا عشانك تجوم تهملني وتعاود.
محسن ابتسم: يعني أنا هاروح فين ماني هاشجر عليك علطول وأي وجت تحتاجني هتلاجيني، أنا مليش غيرك أثج في وأمنه على مالي وحالي، وبعدين بالمرة اظبط اللخبطة اللي كان محمود عاملها وافصل أرضي عن أرضه وكل واحد أولى بحجه.
سعد مبتسم: ربنا يصلح حالك يا صاحبي ويكتب لك الخير.
ابتسم محسن بسعادة لما طفلة دخلت عليهم المكتب بعد ما خبطت بأدب سلمت وبعدين وطت على ودن سعد تقوله حاجة: الله وأكبر الله وأكبر على عروستي جلب عمها، بطلتي تنزلي تاخدي مصروفك ليه يا مريم.
سعد ابتسم وهو بيبص لبنته بحب: مريم بجيت عروسة يا محسن، وبعدين بزيادة خيرك مغرقنا.
محسن بحب: والله أزعل منيك، مريم دي بكريتي وأنت خوي الكبير، طب والله اليوم اللي بتفوت علي وهي رايحة المدرسة بيبجا يوم نادي ورزجه كتيير.
سعد بشكر حقيقي لأنه عارف مشاعر محسن ليه ولأهل بيته: تسلم يا خوي مننحرمش منك ولا من كرمك ، بس مريم بجيت حداشر سنة، يعني مبجيتش صغيرة، وأني ومش عوزها تخش في وسط عمال الوكالة لجل تفضل حيية، بكفاية العلام اللي أمها شبطتها فيه.
بص للبنت و جسمها القليل قوي واستغرب أزاي دي حداشر سنة، ممكن يكون عندها سوء تغذية، بس مرضيش يضايق صاحبه وجبر بخاطره خصوصا وهو فعلا بيحب لماضتها وخفة دمها: مريم دي ست البنتة، ربنا يحفظها لك.
سعد ابتسم: ويحفظ لك بناتك ويبارك لك فيهم ويلم شملكم.
**********
فات تلات أسابيع على نفس الوضع، سعاد وبناتها في السرايا، ومحسن وبهيرة في المضيفة مراعيين البنات ومحاجين عليهم، في الأول محمود عمل مشاكل كتير لمحسن بس هو وقف قصاده ووقفه عند حده، واتفرغ للأرض ومتابعة العربيات اللي بتحمل وتطلع على الوكالة، وفي يوم كان هيحمل بضاعة لكن العربيات مقدرتش توصله عشان في حادثة كبيرة على الطريق فأجل النقلة لبكرة وروح بيته بدري، وقبل ما يدخل المضيفة سمع صوت زعيق ونهنهة عالية جاي من السرايا، قلبه قلق على بناته ومشي ورا الصوت وقلبه وقف من اللي شافه، كانت بنته وفاء واقفة مابين أمها وخالتها وقدامها كان ياسر ابن أخوه واقف مادد أيده، نجاة وسعاد بيبدلوا على البنت نغز وشتيمة.
نجاة وهي بتنغز البنت في صدرها بغل: حبي على أيد جوزك واستاسمحيه.
سعاد وهي بتخبطها بكفها على دماغها من ورا، حبي يا فتانة يابنت محسن يا خرابة البيوت.
كانت البنت مقهورة ووشها أحمر مخنوقة بدموعها اللي نازلة مطر، مش عارفة تاخد نفسها، نفسها عزيزة مش قادرة تبوس على أيده خصوصا وهو بيبصلها بغل وشماتة، بس خايفة منهم ومن غضبهم ومش هاتقدر تشتكي لأبوها، قبل ما تفكر كانت أيد خالتها ماسكها من شعرها بتتحكم في راسها تجبرها تبوس أيده وهي بتصرخ فيها: حبي على يده يا بنت الحرامي ده صاحب الخير اللي نهبتوه أنتوا وأبوكم.
من أول ما شاف المنظر وهو اتشل مكانه ومش قادر يتحرك ولا ينطق بس عياط بنته بالحرقة دي فوقه لنفسه وجري عليهم وهو بيصرخ بعزم ما فيه: يا ولاد الكلب، يا كفرة ياولاد الكلب.
نجاة وسعاد صوتوا وجريوا كل واحدة في اتجاه سعاد جريت على السرايا، وأختها خرجت بره السرايا جري، بس الولد هو اللي وقع في أيده، ضربه بكل القهر اللي في قلبه وكان قهره بيزيد وهو شايف بنته دخلت في حالة هياج وعاملة تلطم على وشها وهي بتصرخ: متقتلهاش، متقتلهاش.
فضلت تصرخ لحد ما اغمى عليها وهو اتلهى فيها والولد انتهز الفرصة وطلع يجري والدم سايح من وشه وجسمه.
شال بنته وجري بيها على المضيفة وهو هيتجنن، مش مصدق أن في ناس اتنزعت الرحمة من قلوبهم للدرجة دي، أو أن في أم تعمل في بنتها كده.
بهيرة أول ما شافته شايل بنته بالمنظر ده فضلت تصوت بس هو زعقلها وقالها تجيب حاجة يفوقوا البنت، فعلا البنت فاقت بس رجعت للصريخ والهيستريا مجرد ما شافته: قتلتهم، قتلتهم ليه أنا مقولتش حاج مقولتش حاجة.
هو وبهيرة مبقوش عارفين يتصرفوا أو يسكتوا البنت لأنه كل ما بيقرب منها صريخها بيزيد، فبهيرة خدتها في حضنها وزعقت له خليته يخرج بره، الأول مكنش قادر يبعد بس اضطر يخرج وقلبه بيتقطع، لما حس فعلا أن البنت مش هتهدى طول ما هو موجود، خرج من المضيفة يجري على السرايا، لازم يشوف الكلبة دي عملت ليه كده في بنته، لكن زاد خوفه وقلقه لما لقا نجاة بنته واقفة جنب الباب بتعيط بقهرة، جري عليها ياخدها بحضنه مش عارف عملوه أيه فيها هي كمان: عملوا فيكي أيه ياعيون أبوكي، حد فيهم جه يامتك ولا أذاكي.
صوت نهنهتها علي وجسمها كله بيرتعش: أمي مشيت، جات جري شدت عباية لبستها وخدت صيغتها وهي بتصوت وجريت مشعارفة ليه، سألتها على وفاء ضربتني وقالتي غوروا في داهية أنتم الاتنين (وعليت نهنهتا أكتر وابتدى جسمها يتشنج) هو ياسر واد عمي قتلها، مرضيتش تبوس على أيده وقتلها.
محسن خدها في حضنه هيتجنن بناته الاتنين بيروحوا منه، هو لازم يعرف أيه اللي بيحصل من وراه، وواضح أن نجاة عارفة، بس الأهم دلوقتي أن بنته تهدى وتطمن: ماتخافيش يا نضري خيتك بخير، وفاء عند عمتك بهيرة بالمضيفة، وأمك أنا مشيتها هي وياسر وخالتك، ومش هيعودوا تاني ولا يهوبوا يماتكم.
نجاة عياطها هدي شوية وهي بتسأله مش مصدقة: يعني أنت مقتلتهومش ولا هما قتلوا وفاء.
محسن مش فاهم أيه حكاية القتل اللي بناته خايفين منها وليه يفكروا في حاجة زي دي: واجتلهم ليه عاد، شايفيني جتال جتلة إياك.
نجاة بصتلوه بخوف: بس احنا سمعناك وأنت بتقول لعمي أن اللي يفكر يبعدك عننا يبقى حكم على نفسه بالموت.
محسن صعبت عليه بنته وعقلها الصغير اللي خلاها تاخد الكلام زي ماهو وتخاف قوي كده: ده حديت وبس يا جلبي، كنت باخبره أني ماهملش حد يبعدني عنيكم، بس أني مهجتلش حد واصل.
هديت دموعها فجأة وبصت له باستغراب: بس أمي جالت لوفاء أنها هي السبب وهي اللي خليتك تطلجها، وأنها لو اتكلمت واشتكتلك تاني أنت هتقتلها زي ما قولت وهيبقى ذنبها برقبتها.
محسن بيحاول يسحب من بنته الكلام عشان يعرف اللي بيحصل من ورا ضهره: وهي وفاء كانت هتشتكيلي من أيه عاد.
نجاة بصوت مليان حزن على توأمتها ونصها التاني: أصل أمي من يوم مجينا هنا وهي بتنادي وفاء بخرابة البيوت الفتانة، وقالتلها أنها عمرها مع هتخش الجنة لأنها غضبانة عليها وعمرها ما تسامحها، وأنها لو اشتكيت لك تاني هتقتلهم وتخش السجن ويعدموك.
حس بقبضة في صدره بس فضل هادي عايز بنته تكمل كلامها: طيب وهو ياسر كان جاي النهاردة ليه.
نجاة بكره: خالتي كانت دايما تيجي بعد ما أنت تخرج، وكانت بتقول لوفاء زي أمي، وكمان بتقولها أنك بعد ما تتعدم برضيك ياسر هيتجوزها، بس ساعتها هيموتها ضرب عشان مكنتش راضية بيه، وفضلوا كتير يشتموها ويبهدلوها وقالوا أنهم مش هيسامحوها إلا إذا باست على يد ياسر واستسمحته، وهي من كتر البهدلة وافقت بس كانت مقهورة قوي، والنهاردة قالوا أن ياسر هيجي وهما هياخدوا وفاء الجنينة تستسمحوا عشان محدش من اللي بيخدموا يبلغك، (رجع تاني الخوف لصوتها) بس وفاء مرجعتش وكمان أمي مشيت.
دفنها في حضنه أكتر، وهو بيحاول يطمنها: زي ما جولتلك خيت مع عمتك، ومتخافيش على أمك أنا عمري ما هاجتل حد، واسيبكم لحالكم في الدنيا.
طمن بنته بس من جواه كان نفسه يقتلهم فعلا، صغروه قدام نفسه وحسسوه قد أيه هو عاجز أنه يحمي بناته، ساب شغله وجه هنا عشان يبقى جنبهم بس برضو ده مامنعهمش أنهم يكسروا نفس بنته ويذلوها وهو بينه وبينها خطوات، يعني قربه مش هو الحل، البعد هو الحل، لازم الناس دي تبعد عن بناته، أو بناته هما اللي يبعدوا عنهم.
***********
سعد مش مصدق اللي بيسمعه، هو في ناس كده، هما دول ناس أصلا، أزاي الأم تكره ولادها، وليه الأخ يبيع أخوه، حس بالخوف بياكل قلبه على بنته، هو عارف أن أخواته قلوبهم جامدة، بس هما عمرهم ما اتخانقوا على حاجة، ولا عشان عمرهم ما ملكوا اللي يتخانقوا عليه، طول عمرهم فقرا وبيجروا ورا لقمة العيش، ياترى لو كان عندهم ورث كانوا أكلوا في بعض كده، وياترى لو جراله حاجة هيراعو بنته ويكرموها، ولا هيبيعوا ويشتروا فيها.
محسن استغرب من سكوت صاحبه اللي من ساعة مع حكى له اللي حصل مع بنته وهو سكت وسرح بشكل غريب: سعد مالك يا خوي.
سعد انتبه من أفكاره على صوت صاحبه: هه، مش مصدج يا محسن، مش مصدج أن في أم زي سعاد، ولا ناس زي دي، ربنا يكفينا شرهم وشر اللي زيهم.
محسن ابتسم بمرارة وهو بيتريق على حاله: أمال بجا لو عرفت الباجي هتقول أيه.
سعد بقلق: هو كماني في باجي.
محسن بمرارة: محمود جاب تقرير طبي من المستشفى بالضرب اللي ضربته لأبنه، وعمل فيا محضر عايز يحبسني، بيقول أني كنت باضرب سعاد والواد دافع عن خالته، وجاب الشهود اللي شافوا الواد خارج من السرايا ودمه بيشلب، ده غير شهادة سعاد نفسها.
سعد مش مصدق اللي بيسمعه: ووه، هو الدنيا جرى فيها أيه.
محسن بهدوء غريب قلق سعد: ومش بس كده، ده كمان دفع مبلغ كبير لولد التهامي اللي في مجلس الشعب لجل يوصي علي في المركز يبهدلوني، ويساعده يجيبلي أكبر حكم، ما أنت عارف أنه راجل سو بيعبد الجرش، وبيستخدم حصانته لمصلحته هو وعيلته.
سعد بخوف على صاحبه: وهاتعمل أيه.
محسن بينفخ: والله محتار ياصاحبي، وكمان محتاج مساعدتك زي ما كنت في ضهري دايما.
سعد بصدق وحب حقيق: فداك رجبتي يا خوي.
محسن بيشكر ربنا أنه عوضه بصاحبه عن أخوه: تسلملي رجبتك، جدها وجدود، بس اسمعني زين، أني لما عرفت اللي ناويه، لفيت من وراه ودفعت أكتر لشريف التهامي، وبدل ما يلعب لحسابه هيلعب عليه لحسابي أنا.
سعد : وهو كده راجل يتأمن من أصله.
محسن: المشكلة مش فيه، أني خابر أنه طول عمره غدار ويبيع أبوه، بس متخافش مش هيبيعني، لأن مصلحته معايا دايمة مش جرشين والسلام عليكم.
سعد محتار ومش فاهم: كيف يعني، والمشكلة في مين أمال.
محسن: أنا اتفقت معه يمطوح في محمود وينيمه لحد ما البنتة يخلصوا امتحانات، واخد والبتين واختفي، وبعد ما ابعد يلعب بالمحضر وينزله على فاشوش، وكمان هيسحب لي ورقهم من المدرسة من غير ما حد يعرف هانجلهم وين، مجابل أنه هياخد عشرين بماية من أرباح الأرض.
سعد: بس ده كتير جوي، كمان تبعد فين.
محسن: كنت عايز اهج يا سعد، اختفي ببناتي من جدامهم خالص، وحتى لو اللي هياخده كتير، مش مهم الأهم بناتي، ومدام الفلوس دايمة يبجا هيفضل مراعيني، لكن المشكلة أن بهيرة مموافقش، وأني لا هاقدر أهملها وياهم ولا هاعرف أراعي البنات من غيرها.
سعد مضايق لحيرة صاحبه وعجزه أنه يساعده: طيب أنت محتاج مساعدتي في أيه، ومتقلقش أني في ضهري وافديك بعمري.
محسن براحة مبيلقهاش غير ما صاحبه الي بيحس أنه سنده: أنا بكل الأحوال مش هاقدر أدله مصر تاني، سواء هجيت ولا ماهجتج، أخر مرة نزلت مصر نجاة كانت هتضيع مني، ده غير وفاء اللي أذوها وأني جارها، فأني عايزك تمسك الوكالة، وحتى لو بعدت أني اتفجت مع شريف التهامي يحمي الأرض ويسهل لي كل حاجة تخصها زي السماد وغيره، وهيكون مسئول عن المحصول لحدت ما يوصل لباب الوكالة.
سعد: وكالة أيه بجا لو هجيت زي ما بتجول، يبجا نفضها سيرة.
محسن برجا لصاحبه: أوعاك يا سعد ده شجايا ورزج عيالي ورزج بيتك أنت كمان، ده أني لسه باجولك، عايزك بضهري.
سعد محتار مش عارف المطلوب منه: يعني هاعمل أيه عاد.
محسن: نفس اللي كنت تعمله سواء أني في البلد، أو ولد التهامي هو اللي بيشوف الأرض ويبعت لك الزرعة.
سعد اتوتر من المسئولية اللي هيشيلها: بس أنت كنت وياي، مكنتش فايتني لحالي، وبعدين أني لا بجرا ولا باكتب هاعمل أيه في حسابات الوكالة.
محسن: هاجيبلك محاسب وكاتب وكل اللي تحتاجه، بس تكون عيني ويدي وضهري، أنا مهأمنش غيرك على مالي، وأنت كمان هيكون لك عشرين بماية من أرباح الوكالة.
سعد بزعل: بتملا عيني وتشتري اخلاصي زي ولد التهامي.
محسن زعلان من سوء ظنه فيه: كده يا سعد، ده ظنك فيا، ده شجاك ياصاحبي وحجك، لأنك هتشيل الحمل كله وتبجا شريكي بالمجهود، لكن هو باكسر سمه، أزاي تفتكر أني أساوي بناتكم.
سعد محرج: متأخذنيش يا صاحبي والله مجصديش، بس أنا أخدمك بنور عنيا من غير ولا أيتها حاجة.
محسن: جدها وجدود، وعشان تبجا عارف غلاوتك عندي، أنا لو بعدت ماهجولش لحد على مكاني غيرك ولا حتى لولد التهامي، لو عايزني يبجا يكلم المحامي، لكن الوحيد اللي يكون عارف مكاني ونمرة تلافوني الجديدة أنت يا صاحبي.
سعد أتأثر جدا بكلام صاحبه وثقته فيه، واترموا الاتنين في حضن بعض، يحسوا بالسند والأخوة اللي اتحرموا منها مع أخواتهم اللي من دمهم، ولاقوها في صداقتهم اللي خالية من أي مصلحة.
**********
نجاة بنت محسن ماشية وسط الزراعات، وصلت لبيت كبير على طرف البلد، بس حواليها خايفة حد يشوفها ويقول لأبوها، هي صحيح بتحبه بس سعاد مهما كانت معاملتها قاسية فهي أمها، متقدرش تستغنى عنها عشان كده من ساعة ما سمعت أبوها بيتفق في التليفون أنه هايخدهم ويهرب ومحدش هيعرف لهم مكان، استنت لما سافر لمصر، واستغلت خوف عمتها على أختها وانشغالها بها وغافلتها وخرجت عشان تيجي تشوف أمها وتبلغها عشان تتصرف، هي مش هتقدر تأذي أبوها لكن أكيد مش هتسيبه يبعدهم عنها ويمكن ده يكون سبب أنهم يتصالحوا ويرجعوا لبعض، ملاها الأمل وخبطت على الباب.
نجاة الكبيرة وهي بتفتح لها وبتمسكها من هدومها بقسوة: جيتي لقضاجي يا بت محسن، دمك قصاد دم ابني اللي سيحيه بوكي.
البنت اترعبت وابتدت تصرخ باسم مامتها تستنجد بيها: ماما، الحقيني يا ماما.
سعاد كانت بتعيط بعد إهانة أختها وجوزها وتحملهم ليها ذنب اللي حصل لأبنهم، مع أنها كانت بتنفذ أوامرهم، وطبعا مقدرتش تفتح بوقها، خلاص ملهاش مكان تاني وبعد اللي حصل محسن لايمكن هيرضى يرجعها، وفي وسط عياطها أتفأجأت بصوت بنتها بتناديها، وأخيرا لاقيت شخص أضعف منها تفش في غلها وتطلع غلبها عليه، وخرجت تجري زي المجنونة وبدل ما تخلص البنت من أيد خالتها مسكتها من هدومها وهي بتهزها وتصرخ في وشها بغل: عايزين مني أيه تاني يا حظي الأسود، أمي كان عندها حق، خلفة البنات وكسة وموات، من يوم ما شوفتكم وأني الفجر ركبني، خدتم صحتي وحرمتوني الولد، وكسرتم وسطي وخربتم بيتي وأخرتها هيجتل الكل بسببكم، أني باكرهكم، ياريتني يوم ماولدتكم جعدت عليكم فطستكم، والله لأجتلك أنت والكلبة التانية الفتانة خرابة البيوت.
نزلت ضرب في البنت لحد ما الكل أتلم على صوتهم وخرج عمها محمود يزعق، سعاد اتنفضت بخوف والبنت استغلت انشغالها وطلعت تجري من الباب المفتوح بأسرع ما عندها.
*********
* كل أم منعت ولادها من رؤية أبوهم ونسيت أنها بتاذيهم أكتر ما بتأذيه وافتكرت بس كلام اللي قالوا لها لو غلبك بالمال اغلبيه بالعيال وكأنها حرب والولاد سلاحها مش بنى أدمين بيحسوا ويتألموا.
* وكل أب جرجر مراته أو طليقته فى المحاكم و تحايل فى أثبات فلسه عشان يحرمها من نفقة الولاد أو يرمى لها ملاليم ونسي أن اللي حرمهم دول ولاده اللي اتعودوا على عزه ومش واخدين على الحرمان وافتكر بس كلام اللي قالوا له أنه يذلها بعيالها ويخلى حملها تقيل.
* مش بقول أن احنا ملايكة وحياتنا مودة ورحمة وعارفة أن أحيانا الظروف بتحول حياتنا لحرب، لكن لو ده حصل فياريت تبقى حرب نضيفة من غير أسلحة محرمة دينيا وأنسانيا.
* قانون الهى
( لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ۚ )

الفصل الثالث 

نزلت ضرب في البنت لحد ما الكل أتلم على صوتهم وخرج عمها محمود يزعق، سعاد اتنفضت بخوف والبنت استغلت انشغالها وطلعت تجري من الباب المفتوح بأسرع ما عندها.

البنت فضلت تجري وتقع وتقوم تكمل جري من غير ما تحس بالتعاوير اللي ملت أيدها ورجلها وفي النص الطريق لاقيت أبوها جاي من بعيد يجري، ووشه كله غضب وخوف، بعد ما جه وملاقهاش وكان رايح لهم خايف يكونوا خطفوها أو أذوها، أول ما شافته جريت عليه وأول ما حست بالأمان بحضنه أغمى عليها.

*********

محسن واقف في أوضة بناته، كل واحدة فيهم نايمة على سريرها، وبهيرة قاعدة على كرسي في النص ماسكة في كل أيد، أيد واحدة منهم، أول ما أتأكدت أنهم ناموا سابت أيدهم براحة، واتسحبت بره الأوضة ومحسن وراها.

بهيرة بتهمس: الحمد لله ناموا على خير.

محسن بقهرة: والله لاجتلهم وأشرب من دمهم، أني غلطان أني كنت باجي عليهم وأقول خوي وامهم، بس بعد اللي حصل ماعدش، والله لولا البت كانت مسورجة على يدي لكنت كملت طريجي لدارهم وفرغت فيهم طبنجتي.

بهيرة بخضة: أوعاك ياولد بوي، حقك علي أنا اللي غفلت عنيها، المهم أنهم بخير.

محسن هيتجنن: مهماش بخير يا خيتي، ماشيفاش كيف كانوا مزغوفين وخايفين يناموا لحالهم، لازم أشوفلي صرفة وياهم.

بهيرة بخوف على أخوها: ويعني أنت لما تأذي حد منيهم بناتك هيبطلوا خوف، ولا هتبقى عملت اللي هما عايزينه، دول بلغوا عنيك لما ضربت الواد، أمال لو اتهجمت عليهم بطبنجة هيعملوا أيه.

محسن بعصبية: وأني مهجعدش حاطط يدي على خدي كيف الحريم.

بهيرة بقلب أم ممكن يضحي بأي حاجة إلا ولاده: معنجدلهمش من أصله، أنت كان عندك حج، كلم ولد التهامي واتفق معه، واني جاية وياك.

***********

في فيلا جميلة على البحر بمحافظة بعيدة، محسن لابس قميص وبنطلون جينيس بيطلع غيار وبيجهز فلوس وورق باستعجال بيحطهم في شنطة صغيرة، تدخل عليه بهيرة مش مصدقة اللي بيعمله: أنت اتجنت ولا أيه.

بيكمل تجهيز نفسه وهو بيرد عليها بعصبية: ابجا انجنت لما افضل جاعد اهنه ومشعارف جراله أيه.

بهيرة بعصبية: تجوم تضيع تعب كل السنين اللي فاتت، ده احنا بجالنا اهنه أكتر من خمس سنين، تقوم طالع فجأة تقول لمحمود أنا أهه.

محسن والقلق مسيطر عليه: ده سعد يا بهيرة سعد.

بهيرة: وهو أنت لاقدر الله حد جالك أنه حصله حاجة عفشة.

محسن بعصبية: ماهو اللي هيجنني، أني لاعارف عنه لا عفش ولا زين.

بهيرة: طب استهدى بالله كده، وحاول تكلمه تاني.

محسن: من عشية برن عليه مبيردش.

بهيرة: طب كلم الوكالة.

محسن: كلمتهم رد عليا الواد المخبل اللي اسمه سيد، سألته عليه جالي أنه كان عنده ناس جرايبه من يومين ومشيوا عشية، وطلع من ساعتها منزلش والصوات داير عنديه في الشقة كل شوية وبيخبطوا عليه مبيردش.

بهيرة: سلم يارب، بس يعني أنت مرواحتك هتعمله أيه.

محسن وهو بيقفل الشنطة ويعلقها على كتفه : خايف اللي بيجول عليهم جرايبه دول يكونوا ناس من طرف محمود، ويكونوا أذوه عشان مرضيش يجولهم على مطرحي.

صوتت بهيرة وهي بتقفل عليه الطريق بجسمها: ووه، تجوم تروحلهم برجليك.

محسن وهو بيمسك أيدها: أنا هملت بيتي وشغلي، وجلعت توبي ورجعت أفندي زي ما كان بيتريق علي، لكن ماهلبسش طرحة كيف الحريم، واستخبى وصاحبي في ضيجة.

بهيرة اتمسكت بأيده أكتر: طيب ما يمكن حاجة تخصه بعيد عن محمود.

محسن وهو بيبعدها عن طريقه: لو محمود له يد، فأنا قدامه أهو بس لو جطع من لحمي ناسيل ماهقلوش على طريقك أنت والبنتة، ولو ملوش صالح يبقى سعد في أزمة، وأنا مهملش صاحبي لحاله.

**********

وصل الوكالة، وقلبه انقبض وهو شايف كرسي سعد فاضي، والعمال مش موجودين، مكنش في غير شاب ميعرفوش بيكنس الأرض، سأله وهو ملهوف يطمن على صاحبه: فين عمك سعد ياواد.

الشاب بص لهيئته اللي مش لايقة على لهجته باستغراب:دي ساعة الراحة بتاعة العمال يا أستاذ، راحوا يتغدوا ساعة ونورنا.

محسن متعصب: مسألتكش على العمال والوكالة سألتك عن سعد.

وزادت عصبيته وهو بيسمع صوت صريخ وصوت سعد اللي عمره ما يغلط فيه بيزعق، ساب الولد وطلع جري على فوق، مش عارف صاحبه فيه أيه ومين اللي بيصوت وليه، اخد السلم كله جري ونزل على الباب بإيده الاتنين بكل قوته: افتح يا سعد أني محسن، أفتح يا خوي.

فضل يخبط والصريخ عمال يعلى، وفجأة الباب اتفتح، وكأن اللي انفتح باب الجنة لأنه اللي خرجت منه حورية، أجمل بنت شافتها عيونه، كان وشها أحمر جدا، وكمان عيونها السودا بياضها كان محمر بس ده مآثرش على جمالها، كانت متمسكة بحجابها اللي شبه مفكوك وشوية خصلات من شعرها الطويل الغجري هربان منه بشكل زادها جمال على جمالها، ده اللي شافته عينيه لأنها مدوتش أي فرصة، بمجرد ما فتحت الباب عدت من جنبه بسرعة ووقفت وراه وكلبشت بضهره وهي بتصرخ به من خوفها من سعد اللي بيجري وراها: الحقني ياعمي، الحقني.

سعد أول ماشاف صديق عمره نسي الدنيا كلها وفتح دراعته يضمه لصدره وهو بيضغط عليه بشوق: ياااا وحشتني ياخوي، حمد الله على السلامة، عاش من شافك، (استوعب فجأة أن وجود محسن قدامه هنا في بيته، مش حاجة كويسة فزادت لهفته وهو بيسأله بعصبية) جيت ليه يا خوي، وفين البتين أوعاك يكونوا عتروا فيك بعد السنين دي كلتها.

طمنه وهو بيحاول يلمح بعنيه الحورية وراه اللي استغلت انشغال سعد بيه وبعدت شوية مستنية فرصة تدخل الشقة من غير ما أيد سعد تطولها: اطمن يا خوي أنا رجعت من جلجي عليك لما مارديتش على تلافونك ولا حتى نزلت الوكالة.

في اللحظة دي بس سعد افتكر اللي كان فيه، ورجع لعصبيته وهو بيمد أيديه بيحاول يمسكها وهو بيصرخ: عاجبك اكده اديكي جبتي الراجل من اخريت الدنيا وربنا العالم هيجراله ايه من ورا عمايلك السودا ( بص لصاحبه ومكمل يحاول يمسكها ) كله من تحت راسها، المبايل انكسر وأني بضربها، والله لأجطع رقبتك يا جليلة الرباية.

بسرعة رجعت تتحامى فيه، صوابعها اتغرزت في جنبه بتتحرك بيه وتمنع سعد يطولها، هو مش مستوعب في أيه كل اللي حاسس بيه صوابعها اللي ملامسة ضهره ونفسها السخن اللي حاسس انه بيشويه، لدرجة أنه مش مركز دي مين كل اللي هامه أن سعد يهدى عشان هي تبعد ويقدر يتحكم بنفسه، ففضل يزق سعد ويرجعه لورا وهو بيزعقله: سعد في أيه يا سعد.

سعد وهو بيحاول يمسكها من حجابها وده خلاها تبعد للناحية التانية وتلزق في ضهره وهي منكمشة: الهانم قصرت رجبتي وركبتني العار.

في حركتهم بعدوا عن الباب ودخلوا الشقة، منيرة انتهزت الفرصة وقفلت الباب عشان الفضايح وهي بتشتكي له: يرضيك ياسي محسن من عشية وهو مدور فينا الضرب لحد ما فرج الناس علينا.

سعد: اتلمي ياحرمة ماهو ده أخرة دلعك وحاشيك لدماغها بكلامك الماسخ

محسن مش فاهم في أيه ولا عايز يفهم كل اللي يهمه دلوقتي أنها تبعد عنه وتسيبه في حاله، لا هو مش عايزها تبعد بس كمان اللي هو حاسه ده كتير ومش قادر يتلم على نبضات قلبه ، وبعدين دا حرام ومش من حقه، دي واحدة غريبة عنه، مقدرش يستحمل أكتر من كده زق سعد بعيد ومن غير ما يلتفت لها صرخ: بس بجا بكفياكم.

اتخضت من حركته وخافت ماينصفهاش ولا يوقف بصفها ويوافق أبوها فاتكلمت برقة وصدرتله عيون القطة تترجاه اللي زادت من ضياعه: يرضيك يا عمي...

منيرة: استني أنت يا مريم.

محسن مش مصدق دي مريم ؟ طب أزاي ؟ هو غاب كتير قوي كده ؟ دي كانت مجرد طفلة، أمتى بقيت بالجمال والأنوثة دي كلها؟ هو أيه اللي بيقوله ده، أستغفر الله العظيم هو أزاي بيبصلها البصة دي ؟ دي مريم بنته وبنت صاحبه، سمع زعيق سعد، واتهز من جواه وكأن سعد بيزعق له هو، لأن اللي بيغلط بيبقى عارف أنه يستاهل العقاب وبياخد كل كلمة على نفسه : اخرسي أنت وهي واخفوا من قدامي.

جريوا الاتنين علىأوضة وقفلوا بابها عليهم، ومحسن حاول يهدي سعد بس كان لسه متعداش صدمته، فخرج صوته مهزوز: استهدى بالله يا سعد.

سعد: والله لو هديت على اللي عملته، ما هاهدى على أنها اتسببت بمجيتك وعرضت نفسك للخطر.

انكسف من نفسه، شايف لهفة صاحبه وخوفه عليه، وهو اللي مش مراعي حرمة بيته وبيبص لبنته بصة رجل لست، خصوصا وسعد بيكمل كلامه بنفس الحب وهو متغاظ من تهوره: وبعدين يعني أيه تيجي عشان مبردش، ما أولع بجاز، ملكش صالح ولا كنت حتى سألت، ولا أنك تضيع صبر السنين اللي فاتت دي كلاتها ولا اللي عملته، أنا سمعت كلامك وبعدت المرة اللي فاتت لأنك بخير، لكن عظيم تلاتة لو حد اتعرض لبنات خوي بعد اللي عملوه سابق، ماهاملهم واصل، هما ساعتين زمن هلمو الرجالة ونجيبوا عاليها واطيها.

صغر في نظر نفسه أكتر وهو شايف خوف صاحبه على بناته، واستعداده أنه يضحي بنفسه عشانهم، كفاية بقى يا سعد متصغرش مني وتعذبني أكتر من كده، كان نفسه يصرخ بيها لكن الغريب أن لسانه نطق من غير ما يحس بسؤال تاني خالص: عملت أيه مريم ياسعد؟

سعد وعروق رقبته نافرة من العصبية: قصرت رجبتي ياخوي وقلت جيمتي.

قلبه وقع في رجليه خصوصا لما أفتكر الكلمة اللي قالها سعد وهو بيحاول يضربها (ركبتني العار) مريم مش ممكن تكون عملت حاجة زي دي، ولو عملت مكنش سعد هيبقى بيحاول يضربها وبس، بالكتير قوي ممكن تكون بتحب حد، بس مش فاهم ليه الفكرة دي ضايقته قوي واتغاظ أن مفيش جملة مفيدة تفهمه أيه اللي بيحصل، ولاقى نفسه بيزعق في سعد بدل ما يهديه: ماتخلص يا سعد وقول عملت أيه.

سعد مقهور: وقفت قدام الرجالة ورفضت ابن عمها.

محسن أخيرا عرف ياخد نفسه بشكل طبيعي من أول مادخل، بيحمد ربنا أنها معملتش حاجة غلط ولا بتحب حد، بس ما يمكن رفضته عشان بتحب حد فعلا: طيب وهي رفضته ليه؟

سعد بتريقة: السنيورة عايزة تكمل علام وتخش الجامعة.

محسن افتكر حلمه اللي أخوه قتله في لحظة زي دي وبنفس لهجة السخرية، ولاقى نفسه بيدافع عنها زي ما كان نفسه يلاقي حد يدافع عنه ويقف قدام اخوه: طيب وأيه المشكلة؟!

سعد رجع لعصبيته مش مصدق أن صاحبه واخد الموضوع بالبساطة دي: باقولك اتجنت وفاكرة نفسها هتخش الجامعة، ده غير أنها صغرت بي ووقفت في وسط الرجالة ترفضه.

محسن: و ليه عملت كده هو انت كنت ناوي تغصبها؟

سعد: مكنتش هاغصبها، كنت بأجل لحد ما تاخد الزفت العامة، اللي غراب البين طاوعتها ودخلتها لها.

محسن: اهدى بس وفهمني.

سعد: سعيد خوي جه من بورسعيد من يومين يطلب يدها لولده صلاح، واد عمها وهيصونها، قالت اكمل علامي وحرام اضيع كل السنين اللي فاتت قولت مكسرش بخاطرها وأهي أخر سنة، قولت لسعيد يصبر عليها لما تخلص والرجل كتر خيره وافق وقال نكتب دلوجت والدخلة بعد ما تخلص امتحانات، أتاري جليلة الحيا بتتسمع علينا، ولاقيتها كيف الجطر، وجاية تجول لعمها أنها مش هتتجوز دلوجت وهاتدخل الجامعة وتتخرج وبعدين تفكر بالجواز.

محسن: حقها.

سعد بمنتهى العصبية: هتجنني عاد، ولا أنت اللي انجنت، ولا نسيت عويدانا لما جلعت توبك، ده واد عمها يعني أولى بيها.

محسن بضيقة هو نفسه مش عارف سببها: مين ده الأولى بيها، ولد سعيد، متأخذنيش يا خوي أنا عارف أنه شجيجك، بس البلد كلها تعرف عن بخله، هتديله بتك يجوعها، ده غير أنه هياخدها بعيد، يعني لا هتعرف تراعيها ولا تجفلهم لو أذوها.

منيرة خرجت فرحانة: يسلم خشمك يا سي محسن، ده غير صفية ولئمها، بجا دي تبقى حماة مريم.
سعد كان هيقوم عليها بس محسن مسكه من دراعه جامد: شوفت الحرمة برضيك واقفة بتتسمع، مبجليش جيمة في بيتي عاد.

منيرة بخوف: لا عاش ولا كان اللي يجل قيمتك يا سيد الناس، بس يرضيك، ياسي محسن من وجت ما مشيوا دور فينا الضرب، وسمع الناس حسنا وزمانهم فاكرين البت عملت عملة.

سعد: وهي لما توقع كلمتي، وتخلي خوي يجولي كنت فاكرك عرفت تربي ياولد بوي، تبجا ماعملتش عملة.

منيرة بستعطفه: غصب عنيها ياخوي، محستش بنفسها لما لاقيته بيتسرسب ويتفق على كتب الكتاب.

سعد: ليه، شيفاني بريالة إياك، ما أنا وعدتها تخلص الزفت اللي شبكتيها فيها بشورتك المهببة.

منيرة : مش الثانوية وبس يا خوي، زي ما جالك سي محسن بتك مش هتستريح معهم ده غير أن صلاح مخدش غير الإعدادية، وهي نفسها تكمل علامها.

سعد اتعصب زيادة لأنه كان متأكد أن ده السبب الحقيق: هو ده مربط الفرس، فضلتي تدحلبي أنت وبتك، أجولكم دبلون تجولوا لا مجموعها كبير وخسارة متدخلش ثانوي، كنتم بتسرسبوني وبتاخدوني على جد عجلي، وأنا جايلكم من الأول معنديش خلطة ورجالة على حريم وجلة حيا.

محسن: سيبك من الكلية دلوجت، خلينا في عريس الغافلة، هي مش جابله، وهو مش مناسب يبجا خلصنا، يجولوا اللي يجلوه.

سعد: يجولوا اللي يجلوه، أنت معرفش سعيد ممكن يعمل أيه ويجل جيمتي بين الناس.

محسن: وهو معملش حساب للناس ليه لما خرج أمه من داره ورمها عندك وأنت عريس، بعد ما أهل مرته طمعوه في شغل بورسعيد وجرشها الكتيير.

منيرة مبسوطة: تسلم يا سيد الناس ويسلم خاشمك.

سعد: اكتمي يا حرمة ولا الكلام جاي على هواكي، اهمدي حتى لو مهتتجوزش واصل مليش أنا في شغل الجامعة والمسخرة.

محسن: مافي كلية للبنتة بس وكانيها لساتها بالمدرسة.

منيرة اتحمست بعد ما شافت ان محسن له خاطر عند سعد : أيوه والله هي دي اللي هي عايزة تدخلها، نفسها تبجا مدرسة جد الدنيا، أني هاجيبها تحب على راسك وتستسمحك.

محسن حس براحة لأنها لو بتحب حد من زمايلها مكنتش هتفكر كده، وكانت هتبقى عايزة تدخل معه نفس الكلية، بس مايمكن بتحب حد من الجيران أو أخوات أصحابها، سرح في أفكاره اللي مش عارف ليه مسيطرة عليه، لحد ما فاق على صوت سعد: تحب على راسي، فاكرني عيل صغير هيضحكوا عليه، لما لاقوك عايم على عومهم.

محسن: ومعومشي على عومهم ليه ياسعد، هي لا قدر الله هتعمل حاجة عفشة.

سعد: بس لا سلونا ولا توبنا يا صاحبي.

محسن: بتتكلم زي محمود لما منعني اكمل علام، بس أوعى تنسى أني عمري مانسيتهاله ولا سامحته عليها، ومظنيش أنك رايد أن دي الذكرى اللي تفوتها لبتك، خصوصي وهي ماهتكسرش كلمتك وهتدخل كلية بنات وبس، تبجا فرجت أيه عن المدرسة ولا هي تحكم وخلاص عاد.

سعد: لساتك شايلهاله.

محسن مبسوط: عارف مع أني كسرت كلامه بس برضيك مانسيهلهوش.

سعد مستغرب: مافهمش.

محسن متحمس ومبسوط قوي: فيك من يكتم السر، أني السنادي في أخر سنة لي في الجامعة في كلية زراعة.

سعد مبسوط وهو مش مصدق اللي بيسمعه: بتتكلم جد يا صاحبي.

محسن مبتسم: أول سنة هجيت فيها من وشهم، كنت باخاف اتحرك كتير لحد يقابلني من معارفنا، بس لما زهجت من قاعدة البيت كيف الحريم وفتحت محل الفاكهة زي ما أنت خابر، لاجيتني برضه عندي فضا كتير وافتكرت حلمي القديم، وجلت أن دي حكمة ربنا عشان أعمل اللي كان بنفسي طول عمري، وفعلا دخلت الجامعة وزي ما جولت لك دي أخر سنة لي فيها.

سعد بفرحة حقيقة: الله أكبر اللهم صلي على النبي، ربنا ينجحك يا باشمهندز.

محسن ضحك من قلبه لكن الضحكة وقفت وروحه واتخطفت بمجرد مشاف الحورية جاية مكسوفة جدا ماسكة في أيد أمها اللي جرها جر.

منيرة مبسوطة: تعالي حبي على راس بوكي ويده واستسمحيه، وحبي على يد عمك وتشكريله.

مريم باست على راس أبوها وأيده وهو بيتمنع بس من جواه راضي، بعد ما كلام محسن لين دماغه وحنن قلبه، وقفت مترددة ومحرجة بس أمها زقتها عليه: حبي يا بت على يد عمك اللي جبتيه يتكفا من جلجه علينا.

وشها أحمر ومكنتش عارفة تعمل أيه، بس وطت دماغها ومدت أيدها لمست أيده، وقبل ما تمسكها زق أيدها بسرعة واتنفض واقف وهو بيصرخ وكأن أيدها كهربته: ووه، لا أني معملتش حاجة.

كسوفها زاد وجريت على أوضتها، وأبوها وأمها ضحكوا، على اللي عمله.

سعد: فزعت البنية وكسفتها، دي بتك يا خوي كنت فوتها تتشكرلك.

محسن اضايق جدا، يمكن عشان فكرته بالموقف اللي حصل مع بنته، أو من اللي حاسه لما مسكت أيده، أو يمكن عشان معتبراه زي أبوها، أو ثقة صاحبه في اللي هو ميستهلهاش، أو احتمال تكون الأسباب دي كلها السبب في الخنقة اللي حاسسها واللي ظهرت في صوته: متخلهوش تحب على يد حد واصل غير بوها.

**********

مريم جريت على أوضتها وهي هتموت من الكسوف، أول مرة تنكسف من عمها محسن، بس ده مش عمها، عمها كان غير كده خالص، كل حاجة فيه اتغيرت، هو كان أطول وأعرض من كده، صحيح أنه طول بعرض بس برضو حاسة أنه كان أطول وأعرض، كمان لبسه اتغير خالص وحاسة أنه أصغر مع أنه المفروض كبر بس اللبس الكاجول وشعره الناعم أدله شكل أصغر وأحلى، ابتسمت وهي بتفتكر شعره اللي أول مرة تشوفه لأنه دايما كان لابس العمة، ودايما كانت متخيلة أنه من غيرها هيكون أصلع زي أبوها، بس أتفاجأت من منظره، ده غير كسفتها منه، هي لما سمعت صوته على الباب حست بالأمان، صحيح هو غايب بقاله كتير، بس دايما كان بيتكلم وبتسمع صوته، عشان كده مستغربتهوش، وجريت تستنجد به من أبوها اللي عارفة أنه بيعزه وبيعمله خاطر، أول ما خرجت تستخبى وراه من خوفها مخدتش بالها من شكله، لكن لما باباها انشغل فيه، ركزت واتخضيت وبعدت وهي فاكرة نفسها مسكت في ضيف جي معه، بس لما أتكلم عرفته، واضطرت تتحامى فيه تاني ، ياترى هيقول عليها أيه دلوقتي، ومنظرها كان أيه قدامه وباباها بيضربها كأنها عيلة صغيرة.

بس هو طيب وحنين جدا زي ماهو، حاش عنها أبوها وكمان اقنعه يسيبها تحقق حلمها، وحس بيها لما إحراجوها ورفض تبوس أيده، مش بس كده كمان سمعته وهو مضايق جدا، ورافض أنها تبوس أيد أي حد، ربنا يسعده ويفرح قلبه، زي ما فرحها.

**********

محسن رجع بيته بس مش زي ما سابه أبدا، فيه حاجة اتغيرت جواه، هو كان شايف أنه عاش حياته وكان راضي بنصيبه وكل أمله أن ربنا يبارك له في بناته، بس من يوم ما شافها من شهرين، وهو بيسأل نفسه هي فين دي حياته اللي عاشها، ده عنده اتنين وتلاتين سنة، يعني اللي قده لسه بيبدأ حياته، هو بدأ كل حاجة بدري قوي، أتجوز وهو عنده تمنتاشر وبقى أب وهو عشرين سنة، وطلق وهو سبعة وعشرين سنة، يعني عاش حياته ونهاها في أقل من عشر سنين وياريته حتى عاش مبسوط ولا مرتاح، بالعكس حياته مع مراته كلها مشاكل وخناق وحياته من بعدها كلها هروب وقلق، نفسه يعيش زي الشباب اللي في سنه نفسه يحب ويتحب، يشتاق لحبيبته وجسمه كله يتنفض من لمسة إيدها، لأنه رغم أنه أتجوز مدة طويلة ألا أن عمره في حياته ما حس الأحساس ده، أو يمكن حسه مرة واحدة بس، وقت مشد أيده قبل ما مريم تبوسها.

**********

بهيرة بتبص على أخوها اللي مهتم بنفسه قوي وبيتأكد من شياكته قبل ما يخرج، هي حاسه من فترة متغير بس مش عارفة تحدد أيه بالظبط اللي متغير فيه، الأكيد ان حاله اتشقلب، ساعات فرحان قوي وساعات مهموم قوي، حمدت ربها أنه النهاردة مبسوط، وضحكت وهي بتجر شكله: وووه، بكافيك حنتفة ده أنت ولا العريس ليلة دخلته، على فين العزم عاد.

محسن مبسوطة من كلامها: بجد يعني شكلي حلو وشباب.

بهيرة: طب ما أنت شباب يا نضري، وزينة الشباب كمان، بس ما جولتلييش على فين العزم.

محسن اتنهد وراحت البسمة من وشه: رايح مصر اجابل المحامي.

بهيرة بقلق: خير يا خوي.

محسن بعصبية: زهجت يا بهيرة وقربت اطرشج، مش مستحمل الحبسة دي اكتر من أكده.

بهيرة خوفها زاد: طيب والمحامي هيعملك أيه.

محسن: يروح يتفاهم مع محمود وسعاد، يشوفهم عايزين أيه ويسبوني في حالي.

بهيرة بخضة: هتهملهم البتين؟!

محسن مستغرب هي أزاي تتخيل أنه يعمل كده: على جتتي، أنا قصدي يديهم القرشين اللي طمعانين فيهم، ويهملوا البتين وينسوني وانساهم، وهم دلوجت عرفوا أن لما باعوز اختفي ماهيعرفوليش طريق، وأن اللي جاي مش جد اللي فات.

بهيرة محتارة ومش حاسة أنهم هيرضوا بده: وهما هيوافجوا، ده أنت كل ما بتكلم ولد التهامي بيحذرك من محمود وأنه بينكش عليك بمنكاش.

محسن بضيقة وخنقة: أهي محاولة، هو مش هيقولهم على مكاني، هو هيسافر لهم يتكلم بلساني، ولو وافجوا هياخد عليهم الضمانات اللازمة.

بهيرة: ولو موافجوش.

محسن وشه اتغير والحزن اترسم عليه: يبجا نصيبي في وجع الجلب.

بهيرة زعلت قوي وحاولت تتوه في الكلام: وهي الشياكة دي كلتها عشان المحامي.

محسن ارتبك، وخطف مفاتيحه وبيتكلم بسرعة وهو خارج: لا ما أني هبجا بمصر، فهاشقر على الوكالة، وسعد عازمني على الغدا.

**********

سلم محسن على المحامي بترحيب ولهفة لتحديد مصيره، ياترى هيرجع للدنيا ولا هيضيع من عمره سنتين كمان.

المحامي لاحظ اللهفة في عينيه وبدأ كلامه وهو بيقعد: قولت لك من الأول أني مش مرتاح للبني أدم اللي أسمه شريف التهامي ده.

محسن متوتر: ليه؟ أيه اللي حوصل؟

المحامي ابتسم: اللي حصل ما يتصدقش..........
**********

تفتكروا ممكن يكون أيه اللي حصل.

قابلتوا أمهات من عينة سعاد، ورأيكم أيه في قصتها.
# حد فيكم تخيل مرة وهو بيزعق ويقول لابنه يا حرامي او لبنته يا قليلة الأدب لاسباب هايفة انطباع اللي بيسمع وهو ميعرفش السبب ممكن يكون ازاي
********

الفصل الرابع

باقي حلقات الرواية متوفره بشكل حصري على مدونة يوتوبيا
يجب كتابة تعليق كي تظهر لك الآن
اكتب رأيك في الفصول المنشوره من الرواية في تعليق كي تظهر لك باقي الفصول

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-