رواية عاشق المجهول الجزء الأول الحلقة الثلاثون 30 للكاتبة أمنية الريحاني

رواية عاشق المجهول الجزء الأول الحلقة الثلاثون 30 للكاتبة أمنية الريحاني

رواية عاشق المجهول الجزء الأول الفصل الثلاثون
رواية عاشق المجهول الجزء الأول الجزء الثلاثون
البارت 30

رواية عاشق المجهول الجزء الأول الحلقة الثلاثون 30 للكاتبة أمنية الريحاني - مدونة يوتوبيا

بعد مرور عدة أسابيع على جواز خالد من غادة :
تقود فاطمة سيارتها وهى تستمتع لأغنيتها المعهودة والتى أصبحت جزء من حياتها " قال جانى بعد يومين " ، تستمع لها لتكون كل كلمة بمثابة الخنجر الذى يضرب على جرح مفتوح ، وفجأة أستوقفها صوت قوى هز كيانها ، جعلها لاتستمع لما حولها سواء الأغنية أو صوت ضوضاء الشارع التى تحيطها ، لقد غلف الصوت القوى على أذنيها قائلاً " الله أكبر، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلَّا الله ، أشهد أن لا إله إلَّا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حى على الصلاة ، حى على الصلاة ، حى على الفلاح ، حى على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلَّا الله".

نعم إنه صوت الآذان الذى استوقفها ، وكأنها تسمعه لأول مرة ، وكأن صوته يناديها ، شعرت وكأن شيئا بداخلها يحركها دون إرادتها ، تغلق فاطمة الأغنية وتنزل من سيارتها متجهة للجامع النابع منه صوت الآذان ، وهناك تجد النساء يشرعن فى صلاة العصر ، ظلت تنظر إليهم وكأنها ترى أحداً يصلى لأول مرة ، ووجدت صراخاً بداخلها حين أكتشفت أنها لم تؤدى فريضتها منذ سنوات طويلة ، وأنها نسيت اللجوء إلى الله ونسيت تعاليم دينها التى حرصت أمها على تعليمها لها منذ صغرها
ترددت بداخلها كلمة سارة لها عند لحظة موتها.



" سارة: فاطمة حبيبتى فاكرة كلام ماما ليكى
فاطمة: أيوا يا ماما ، لازم اصلى لربنا عشان يحمينى"
مسحت فاطمة دموعها بأطراف أناملها ، فوجدت من يربت على كتفها فى حنان ، ألتفتت لتجد فتاة فى منتصف العشرينات يبدو عليها الطيبة والإيمان ، ترتدى حجاباً يزين رأسها وحول وجهها بحيث ينبعث منه النور ،نظرت الفتاة لفاطمة قائلة فى حنان : إنتى كويسة؟



توميء لها فاطمة رأسها بالموافقة فى حزن ، لتكمل الفتاة قائلة: طب يالا عشان الصلاة متفوتناش
تذهب فاطمة معها وتتوضى وتدخل فى صفوف المصليات لأداء صلاة العصر
كانت كل كلمة تقرأها فاطمة فى الصلاة تبكيها ، فكان بكاء قلبها أكثر بكثير مما يظهر على وجهها ، وفى أخر سجدة لم تستطع فاطمة أن ترفع وجهها ، ظلت تبكى وتبكى فى الأرض وكأنها وجدت الملجأ التى تحتمى فيه من آلالامها التى عانتها طوال الفترة السابقة
تنتهى فاطمة من الصلاة وتمسح وجهها بيدها أثر البكاء، لتجد بجانبها الفتاة الجميلة التى خافت عليها حين وجدت بكاءها ، فقررت أن تظل بجانبها للإطمئنان عليها ، تنظر فاطمة حولها لتجد أغلب النساء خرجن من المسجد ، فتنظر للفتاة قائلة: هما الناس راحوا فين؟



الفتاة: خلصوا صلاة ومشيوا
فاطمة: إيه ده هو أنا بقالى كتير أوى ساجدة ، أنا شكلى محستش بالوقت ، طب ليه منبهتنيش؟
الفتاة : حسيت إنها لحظة خاصة بيكى ، مينفعش أخرجك منها ، لحظة بينك وبين ربك
وهنا نزلت دموع فاطمة مرة أخرى رغماً عنها ، ربتت الفتاة على كتفها قائلة: أنا صحيح أول مرة أشوفك ، بس ربن عالم أنا ارتحتلك إزاى ، لو عايزة تتكلمى وتخرجى كل اللي جواكى أنا مستعدة أسمعك ، وخليكى واثقة إن كلامك كله هنساه بمجرد خروجنا من هنا ، أنا مش بفرض عليكى نفسى ، بس أنا حاسة إنك موجوعة أوى ونفسى أساعدك.



فاطمة: أنا فعلا محتاجة أتكلم مع حد ، حاسة إنى مخنوقة ومحتاجة حد يسمعنى
الفتاة : وأنا سمعاكى يا أختى ،قولى اللي إنتى عايزاه
تشعر فاطمة بالإرتياح لتلك الفتاة وتقص عليها قصتها من يوم رجوعها مصر وحياتها مع خالد ، بعد أن تنتهى فاطمة من حديثها تنظر للفتاة لتجدها تضحك ، تنظر لها فاطمة فى دهشة قائلة: إنتى بتضحكى ، كل اللي قولتهولك ده فى حاجة تضحك
الفتاة : سامحينى يا حبيبتى ، غصب عنى ، يعنى إنتى ربطى نفسك بحتة أغنية ،وخلتيها هى محور حياتك ، وأعتبرتى كل حاجة فى حياتك مرتبطة بأغنية وزعلانة إنك بيحصلك كده.



تنظر لها فاطمة دون أن تجيب ، لتكمل الفتاة قائلة: أسمعينى يا فاطمة ، إنتى فتحتى باب للشيطان فى قلبك ، لما فكرتى فى إن حتة أغنية هتبقى ليها دور فى حياتك، ربنا سبحانه وتعالى قال عند ظن عبدى بى إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر، إنتى بقى كان ظنك إيه ، إن حياتك هتبقى كلمات أغنية ، طب إزاى ، الحاجة التانية هو الشخص اللي إنتى بتحبيه ، ودى أكبر غلطة عملتيها ، الشخص ده مهما كان هو غريب عنك لا أخوكى ولا قريبك زى ما خطيبك السابق قالك، ودا تانى باب فتحتيه للشيطان ، للأسف بنات كتير بتتعامل مع رجالة غريبة عنها بنية صديق أو أخ ، ودى أكبر غلطة ممكن تقع فيها البنت ، الراجل الغريب عنك مينفعش تتعاملى معاه كأخ وهو مش أخوكى فعلا ، ودا بيفتح باب للتجاوزات إحنا فى غنى عنه.



فاطمة: تجاوزات ؟!
الفتاة : طبعا يا فاطمة ، هزارك معاه تجاوزات ، لمسه ليكى حتى لو بيسلم عليكى تجاوزات ، نظرتك ليه من غير غض البصر تجاوزات ، اللي تاعبك يا فاطمة مش إن حبيبك بعد عنك أو مش حاسس بحبك ليه ، اللي تاعبك إنك مش شايفة طريقك صح ، تايهة ، ناسية نفسك ، وربنا قال نسوا الله فأنساهم الله أنفسهم ، قربى من ربنا يا فاطمة ، خليه هو دليلك ، أدعيله ينور طريقك ، متعديش إنه يجمعك باللي بتحبيه لا ، أدعيله ييسرلك الخير ليكى ، مش كل حاجة بنحبها بتبقى هى الخير
فاطمة: يااااااااااااه ، متتصوريش أنا كنت محتاجة كلامك ده قد إيه ، أنا فعلا كان بقالى كتير بعيد عن ربنا ، ويمكن يكون دا هو سبب توهانى وتعبى
الفتاة : وأقولك على حاجة تانية ، أدعى ، لو عايزة حاجة أدعى ربنا بيها ، متمليش من الدعى ، ربنا بيحب العبد اللحوح ، صلى كتير وأدعى كتير ، وبعدها هتلاقى ربنا هيبعتلك علامة
فاطمة: علامة إيه؟

الفتاة: لو اللي إنتى عايزاه هيبقى خير ليكى ربنا هيبعتلك علامة تقربه منك أكتر ، ولو إنتى عايزاه شر ليكى برضه هيبعتلك علامة إنه يبعدك عنه
تبتسم لها فاطمة فى رضا قائلة : أنا مش عارفة أشكرك إزاى يا.... أنا نسيت أسألك ، إنتى أسمك إيه؟
الفتاة : أسمى هداية
فاطمة: اسمك حلو أوى يا هداية ، إنتى فعلا هداية ، بجد أرتحت فى الكلام معاكى أوى
هداية: أهم حاجة زى ما أدعى ربنا و...

تقاطعها فاطمة قائلة: وأستنى العلامة
تعود فاطمة إلى منزلها وهى تفكر فى كلام هداية ، وفهذا اليوم جعلها تعيد كل حسباتها ليس فقط فى علاقتها بخالد بل فى حياتها كلها ، فكان يوم فاطمة كالتالى ، تذهب فاطمة كل يوم لعملها فى شركة والدها ثم تعود إلى منزلها وتنفرد بنفسها ، وتظل تصلى وتدعو الله أن يصلح حالها ويريح قلبها ، وييسر لها الخير ، ظلت تدعى وتدعى ولم تمل يوماً من الدعاء ، فى إنتظارالعلامة المرجوة ، إلَّا أن جاء هذا اليوم الذى تبدلت فيه حياة فاطمة.

فى منزل عاصم:
يقف عاصم مع فاطمة وبجانبه مريم وأمامهم حقائب سفر ، تنظر مريم لفاطمة قائلة: برضه يا فاطمة مش ناوية تسافرى معانا ، مش هاين عليا نسيبك لوحدك يا بنتى
تنظر لهما فاطمة فى مرح قائلة: طب بذمتك يا مريومة عايزانى أسافر معاكم ، لا يا ستى أنا حاسة إنى هبقى عزول ، وبعدين شكل عصوم عايز يستفرد بيكى ويعمل شهر عسل من تانى
يضربها عاصم على رأسها فى خفة قائلاً: هو أنا كنت عملت الأولانى يا لمضة عشان أعمل التانى ، وبعدين تعالى وملكيش دعوة ، مش هتبقى عزول ولا حاجة
فاطمة: لا يا حبيبى ، سافر أنت وماما وأتفسحوا ، وأنا هقعد هنا أخد بالى من الشغل فى الشركة مع عمو يحيي ، أنت عارف صحته تعبانة ومبيقدرش على الشغل لوحده، وبعدين أنت وماما من حقكم تتفسحوا وتغيروا جو.

عاصم: ملكيش دعوة بعمك يحيي ، أنا هتابع معاه الشغل وبعدين دا هما يومين
فاطمة : معلش يا بابا ، أنا كده هبقى مرتاحة
عاصم: زى ما تحبى يا حبيبتى
يحتضنها عاصم بقوة قائلاً : هتوحشينى أوى يا فاطمة ، خدى بالك من نفسك يا بنتى ، وخليكى قوية متسمحيش لأى حد يكسرك ، سمعانى يا فاطمة

تشعر فاطمة بالقلق فى قلبها ، ولكنها لا تريدأن تظهره لهم حتى لا تعكر عليهم صفو رحلتهم ، فتخرج من حضن عاصم قائلة: حاضر يا بابا ، بس إيه كل ده ، دا هما يومين مفيش غيرهم ، أنتوا مسافرين ولا مهاجرين
لم يجبها عاصم بل ظل ينظر لها وكأن عينيه لا تريد أن تفارقها ، يقبّلها عاصم فى رأسها وتحتضنها مريم ويهمّا بالمغادرة ، فيوقفه صوت فاطمة قائلة: بابا !
يلتفت لها عاصم ، فتركض إلى حضنه قائلة: خد بالك من نفسك
يوميء لها عاصم رأسه بالموافقة ، ويتركها ويغادر.

فى اليوم التالى على أحد شواطيء الغردقة:
يسير عاصم وبجواره مريم يحتضن كتفيها بزراعه قائلاً: تعرفى يا مريم ، لما أفترقنا زمان ، كنت متخيل إنى قلبى مش هيعرف يفرح من تانى أبداً ، وإنه خلاص أتكتب عليه يعيش من غير ما يحب ، بس النهاردة وأنا ماشى جنبك بعترف إن سعادة الدنيا كلها متكفيش السعادة اللي فى قلبى
مريم فى مرح: ياسلام ، ليه عايز تقولى إنك محبتش حد غيرى
عاصم: دى الحقيقة
مريم: كداب ، أمال الحب الكبير دى إيه؟

عاصم : ما إنتى عارفة ظؤوف جوازى من سارة
مريم : مش قصدى سارة ، أنا قصدى فاطمة حبيبتك
يضحك عاصم قائلاً: لا فى دى عندك حق ، فاطمة دى الحب الكبير فعلا ً ، وهى الوحيدة اللي مشركاكى فى قلبى ، لو مكنش ليها النصيب الكبير ، بس أوعى تزعلى
مريم: عمرى ما أزعل منك يا عاصم ، عشان أنا كمان بحبها كأنها بنتى ، لا هى فعلا بنتى ، عاصم ، عايزة أسألك سؤال ، يمكن ساعتها مجتش فرصة اسألك ، بس أنا عايزة دلوقتى أعرف ، أنت أتبرعت بخالد بكليتك ليه ؟ عشان بتعتبره ابنك بس؟
عاصم: لا يا مريم ، فى سبب أهم خلانى أتبرعت لخالد بكليتى ، هو فاطمة
مريم: فاطمة؟!

عاصم: أنا أديت من حياتى لخالد عشان يفضل جنب فاطمة، أنا عمرى قصيرولو عشتلها النهاردة مش هعيشلها بكرة، لكن خالد ربنا يديله طولة العمر هو هيبقى ضهرها ، هو اللي هيفضل جنبها يحميها ويحاوط عليها ، فاطمة محتجاله أكتر ما محتجالى
مريم: بس يا عاصم ، ربنا يديك طول العمر وتفضل جنب فاطمة وتحميها دايما
يبتسم لها عاصم إبتسامة باهتة.

يذهبا الأثنان إلى غرفتهما فى الفندق وبعد عدة ساعات يطرق أحد الأشخاص الباب ، تهمّ مريم أن تفتح الباب ولكن يوقفها عاصم قائلاً: استنى إنتى يا مريم ،أنا هفتح
يفتح عاصم الباب ليجد شخص غريب يرتدى زى الفندق ويجر فى يده عربة طعام ، ينظر له عاصم فى تعجب قائلاً: إيه ده إحنا مطلبناش أكل
الشخص : دا هدية من الفندق حضرتك
عاصم: ماشى ، أتفضل
يدخل الشخص وبعدها ينظر لعاصم قائلاً: وفى هدية كمان مبعوتة لحضرتك
عاصم : هدية إيه؟

يخرج الشخص مسدس كاتماً للصوت من جيبه ، ويوجهه فى إتجاه عاصم قائلاً: هدية من مازن باشا الشامى
ويضرب عاصم بالنار عدة رصاصات فى صدره فى صراخ من مريم الذى يضربها الشخص على رأسها فتفقد الوعى ، ويقع عاصم غارقاً فى دماءه

فى شركة عاصم:
تجلس فاطمة تراجع بعد الملفات ، فيرن هاتفها لتجده خالد، تجيب فاطمة فى تردد قائلة: أيوا يا أبيه خالد
ثم تهب من مكانها مفزوعة قائلة فى صراخ : إيه ، بابا فى المستشفى ، طب ليه ؟ .... طب أنا جاية حالاً.

فى المستشفى :
يقف الجميع أمام غرفة العمليات ، فاطمة وبجوارها خالد ، وعادل ويحيي ، أما مريم فكانت تنام فى إحدى غرف المستشفى إثر تناولها مهديء بعد أن أنهارت من رؤيتها ما حدث
تقف فاطمة تبكى وتدعى ربها فى خوف وقلق أن يشفى والدها ، ويقف بجانبها خالد وعادل يشفقون على حالتها ، يخرج الطبيب من الغرفة ، فيركض إليه الجميع
فاطمة: بابا عامل إيه يا دكتور؟
الطبيب: أنا أسف البقاء لله
ينظر الجميع لبعضهما فى صدمة ، ثم ينظروا إلى فاطمة التى لم تبدى أى رد فعل ، بل ظلت تنظر إلى الفراغ شاردة تعيد كلمة الدكتور قائللة: البقاء لله ، يعنى إيه مش فاهمة ، يعنى مات مش كده ، بابا مات ، أبويا مات ؟!

وفى حركة غير متوقعة منها ظلت تضحك فى هيتسرية قائلة:أبويا مات ، يعنى خلاص بقيت وحيدة ، خلاص مبقاش ليا أى حد ، أبويا مات زى ما أمى ماتت ، أنا بقيت يتيمة
وتنظر لخالد قائلة وهى ما زالت تضحك قائلة : شفت يا خالد ، الدكتور بيهزر معايا إزاى ، بيقولى قال إيه بابا مات ، ميعرفش إن بابا ميعملش كده ، بابا ميسبنيش لوحدى ويمشى ، بابا قالى هيفضل جنبى هيفضل حمايتى ، قوله يبطل يكدب يا خالد
يربت خالد على كتفها فى حزن قائلاً: دا أمر الله يا حبيبتى ، شدى حيلك
وهنا تحول الضحك إلى صمت قطعه كلمة واحدة : أشد حيلى.

وهنا أندفعت فاطمة تجاه غرفة والدها القابع على السرير مغطاة بالملاءة ، فتزيح فاطمة الملاءة عن وجهه قائلة فى إنهيار: بابا ، بيقولولى شدى حيلك ، أشده إزاى وأنت مش معايا ، ميعرفوش إنك أنت ضهرى وسندى ، شوفت يا بابا ، بيضحكوا عليا ويقولولى إنك مت ، قولهم إنك متعملش كده ، قولهم إنك وعدتنى إنك هتفضل جنبى وفى ضهرى ، إنك طول ما أنت موجود مش هخاف
يقترب منها خالد وعادل ويحاولا إبعادها
خالد: كفاية يا فاطمة ، إنتى كده بتعذبيه
فاطمة: بعذبه ليه ، هو اللي قالى ، هو قالى هيفضل معايا.

وتنظر لعاصم قائلة: صح يا بابا ، قولهم إنى صح ، قولهم إنك ممتش ، انت مبتردش ليه
وهنا إزداد إنهيار فاطمة قائلة: مبتردش عليا ليه يا بابا ، متسبييش يا بابا ، خلاص مبقاش ليا حد غيرك ، بقيت وحيدة بعدك يا بااااااابا
وهنا يمسكها خالد وعادل ويبعدونها عن عاصم فتقع فاقدة للوعى بين أيديهم.

فى فيلا الصفدى :
تنهار غالية بعد أن يخبرها يحيي بخبر وفاة عاصم ، فتدور فى الفيلا وهى تبكى قائلة: أخويا مات يا يحيي ، يا حبيبى يا أخويا ، ياريتنى كنت مكانك يا حبيبى ، يالى كنت طول عمرك حنين عليا ، مهما كنت أعمل فيك مكنتش بهون عليك
ينظر لها يحيي وقد غلبته دموعه ، ولما لا وأخوه وصديق عمره يفارقه ، ينظر يحيي إلى غالية قائلاً: أنا كمان أخويا مات النهاردة يا غالية ، أناكمان موت عاصم زلزلنى وعرفنى غن الحياة رخيصة أوى بتضيع فى لحظة
وهنا يحتضن يحيي غالية التى تبكى فى إنهيار : أخويا مات يا يحيي، أخويا مات.

بعد مرور عدة أيام على وفاة عاصم :
يخرج عادل من غرفة فاطمة فى منزل عاصم ، فيقابله خالد قائلاً: لسه برضه بتعيط
عادل: مش عايزة تبطل عياط ، ومن ساعة اللي حصل لا كلت ولا شربت ، ومفيش على لسانى ابويا مات ، مبقاش ليا حد
خالد: وبعدين يا عادل ، هنسيبها كده
عادل: مش سهلة عليها يا خالد ، موت الأب بيكسر ، وأنت عارف خالى كان بالنسبة لفاطمة إيه
وهناغلبت الدموع عادل ، فنزلت رغماً عنه ، فأحتضنه خالد قائلاً: بس يا عادل ، أجمد شوية عشان فاطمة.

عادل: مش قادر يا خالد ، دا خالى برضه، وبعدين ما تقول لنفسك ، وأنت حابس دموعك فى عينيك كده
خالد: أنا كمان موت عمى عاصم هزنى ، دا كان أكتر من أبويا يا عادل ، كفاية إن حتة منه هى اللي حيتنى بأمر الله ، ولو فى يوم نسيته كليته جوايا هتفكرنى بيه، المهم لازم كلنا نقوى عشان خاطر فاطمة ، قولى عملوا إيه مع الواد اللي عمل كده ؟
عادل: دا واد مسجل خطر وبايع القضية قبضوا عليه ، وأعترف على مازن الشامى اللي خطف فاطمة قبل كده ، وكده كده الأتنين واخدين إعدام فى قضايا تانية فمش فارق معاهم.

خالد: ربنا المنتقم الجبار ، أنا هدخل لفاطمة أطمن عليها
يدخل خالد لفاطمة ليجدها ما زالت تبكى فى حضن وردة صديقتها ، يشير خالد لوردة بيده أن تخرج ويجلس بجانب فاطمة التى ما إن تره تزداد فى البكاء قائلة: شوفت يا خالد ، مبقاش ليا حد خلاص
يربت خالد على رأسها قائلاً: هششششش، بس يا فاطمة ، كلنا جنبك يا حبيبتى ،فاكرة زمان لما قولتيلى إنك بتستمدى أمانك وقوتك منى ، وإنى طول ما أنا جنبك مش هتخافى من حاجة أبدا.

تنظر له فاطمة وقد بدأ بكاءها يهدأ ، فيكمل خالد حديثه قائلاً: أنا هفضل جنبك يا فاطمة ، ضهرك وحمايتك ، وعمرى ما هتخلى عنك مهما حصل ، فاطمة مش عايزك تخافى من أى حاجة طول ما أنا معاكى ، فاهمة
تبث كلمات خالد الطمأنينة فى قلب فاطمة ، فهو ما زال الشخص الوحيد الذى يستطيع أن يبثها الأمان بوجوده بجانبها ، يظل خالد يردد بجانبها كلمات تشعرها بالأمان إلى أن غفت عينيها فى هدوء ،ينظر لها خالد فى حزن ويخرج متجهاً إلى غرفة مريم للإطمئنان عليها.

فى فيلا خالد:
يدخل خالد الفيلا ليجد غادة فى إنتظاره قائلة فى إمتعاض : كل ده تأخير يا خالد؟
خالد: فى إيه يا غادة ، وإنتى مش عارفة الظروف اللي ماما وفاطمة فيها ، دا بدل ما تروحى تقعدى معاهم وتقفى جنبهم
غادة: ما أنا رحت ، ولا هى سيرة
خالد: رحتى عزيتى زيك زى أى حد غريب ، ومن ساعتها ما حد شاف وشك.

تشعر غادة بغضب خالد منها فتقترب منه قائلة : غصب عنى يا خالد ، متنساش إن اللي مات ده يبقى خالى أنا كمان ، مش قادرة أشوف عمتى وفاطمة كده ، ساعتها مش هقدر أمسك نفسى وممكن أعيط أدامهم وأزود حزنهم ، مش كفاية ماما والأزمة اللي جتلها ساعة وفاة خالى ، وعدت منها بمعجزة
ينظر لها خالد فى عدم إقتناع قائلاً: لا فيكى الخير ، تصبحى على خير
بعد مرور عدة أيام كان خالد مداوماً فيهم على البقاء بجانب فاطمة ومريم للإطمئنان عليهم ، مما هون كثيراً من الأمر على فاطمة.

فى منزل عاصم:
تخرج فاطمة من غرفتها ترتدى فستاناً أسود ، وتتجه إلى غرفة مريم للإطمئنان عليها ، تجد مريم جالسة على سريرها تحتضن صورة عاصم ، فتسمح فاطمة دموعها بأطراف أناملها ، وتقترب من مريم
مريم: تعالى يا فاطمة
فاطمة: عاملة إيه يا ماما دلوقتى؟

مريم: كويسة يا حبيبتى ، متخافيش عليا انا عارفة إن كلكم خايفين عليا عشان صدمة موت عاصم ، وعشان شوفته بيموت أدامى ، بس متخافيش أنا ست مؤمنة وراضية بقضاء ربنا ، ومستنية اللحظة اللي ربنا هيجمعنى فيها بعاصم على خير
فاطمة: بعد الشر عليكى يا ماما ، متقوليش كده
مريم: دا عمر يا بنتى ، هو فى حد بيخلد
فاطمة: طب ممكن تخرجى من الأوضة دى ، وتعالى ناكل سوا أنا وإنتى ، أنا مليش نفس أكل لوحدى
تهمّ مريم بالوقوف قائلة : حاضر يا فاطمة
ولكنها تقع فاقدة للوعى فى صراخ من فاطمة
تتصل فاطمة بخالد الذى يأتى مسرعاً وبرفقته الطبيب ، يقف خالد خارج الغرفة مع فاطمة وفى الداخل كريمة مع الطبيب
خالد: هو إيه اللي حصل ؟

فاطمة: معرفش ، كانت بتكلمنى ومرة واحدة أغمى عليها
يخرج الطبيب من الغرفة ، فينظر له خالد فى قلق قائلاً: فى إيه يا دكتور ، طمنى على ماما ؟
الطبيب: بص أنا عارف إنها حالة غريبة ، ومبتحصلش كتير ،خصوصا فى سن مدام مريم ، لأنها معدية الأربعين ، بس هى مش مستحيلة ، وكل حاجة بإيد ربنا
خالد: أنا مش فاهم حاجة ، فى إيه؟
الطبيب: مدام مريم حامل
خالد وفاطمة: حاااااااامل؟!

الطبيب: أيوا حامل ، فى شهرين تقريبا ، وطبعا مش محتاج أوضحلكم إن حملها فى السن ده حاجة مش سهلة
خالد: يعنى فى خطورة عليها ، ولا قصد حضرتك البيبى ممكن ميكملش
الطبيب: هو طبعا فى خطورة عليها ، ووارد جدا إن البيبى ميكملش ، بس ربنا سبحانه وتعالى ليه حكمته وقادر زى ما خلاها تحمل ، يكمل الحمل على خير ، مفيش غير إننا ندعى ربنا ، وتهتموا بيها الفترة الجاية ، لحد لما نشوف إيه اللي هيحصل
ينظر خالد لفاطمة فى قلق.

تمر الأيام ، وتبقى فاطمة بجانب مريم تراعها وتهتم بصحتها وبكل شئونها ، كما أخبرها الطبيب ، وبعد مرور خمس شهور ، أصبحت مريم فى الشهر السابع ، يتلقى خالد هاتفاً من فاطمة تخبره فيه بأن مريم مريضة وتتألم ويبدو عليها آلالام الولادة ، فيسرع خالد إليهما ، ويأخد مريم وفاطمة إلى المستشفى.

وفى السيارة :
تجلس مريم فى الخلف تتألم وبجانبها فاطمة تسندها ، وفى الأمام خالد يقود السيارة
فاطمة: متخافيش يا ماما ، قربنا نوصل المستشفى
مريم: أنا مش خايفة يا فاطمة ، بالعكس أنا حاسة إنى قربت أرتاح ، خدى بالك من أخوكى يا فاطمة
تنظر فاطمة لخالد قائلة: بسرعة يا خالد ، التعب بيزيد عليها
يصل الجميع إلى المستشفى ، ويقف الجميع فى إنتظار مريم أمام غرفة الولادة ، وبعد فترة يخرج الطبيب موجهاً حديثه لخالد وفاطمة قائلاً: أنا أسف ، أنا قولتلكم إن الحمل فى السن دا حاجة خطر
يحيي: يعنى إيه يا ابنى ، حصل إيه؟

خالد: الطفل أتوفى
الطبيب: الطفل سليم ومش محتاج حتى حضانة ونازل صحته كويسة
خالد: أمال قصد حضرتك إيه؟
الطبيب: البقاء لله ، شدوا حيلكم
ينظر خالد وفاطمة فى صدمة
خالد فى بكاء: لا ، أمى لا ، أمى ماتت
يحتضن يحيي خالد قائلاً: أمى ماتت يا خالى ،أمى خلاص ماتت
يحيي: دا قضاء ربنا يا ابنى ، وملناش حكم فيه
يخرج خالد من حضن خاله وينظر لفاطمة المنهارة فى البكاء قائلاً: خلاص يا فاطمة ماما ماتت
فاطمة: كانت أمى أنا كمان يا خالد ، الله يرحمك يا ماما.

يقطع صوت بكاءهم صوت صغير يقتحم حزنهم ، صوت طفل صغير وليد تحمله الممرضة وتخرج به إليهم ، ينظر إليه الأثنين
تعظى الممرضة الطفل لخالد قائلة : أتفضل البيبى ، شدوا حيلكم
ينظر يحيي للطفل قائلاً: سبحان الله ، خد من ملامح عاصم ومريم وكأنه عوضهم فى الدنيا
وينظر لخالد وفاطمة قائلاً: الطفل ده من النهاردة هيبقى مسؤليتكم أنتوا الأتنين ، إنتى يا فاطمة هتبقى أمه ، وأنت يا خالد هتبقى أبوه
ينظر خالد لفاطمة ثم ينظرا الأثنان إلى الطفل المولود نظرة أمل وكأنه ميلاد لحياة جديدة.

تعود فاطمة إلى الواقع بعد أن تذكرت ما حدث لتجد الصبح قد أشرق وهى ما زالت على جلستها أمام التورتة ، تقوم فاطمة من مكانها وتتجه إلى غرفة جاسر أخوها الصغير ، وتجلس أمام سريره الصغير ،وهى تتذكر كلمة هداية لها " استنى العلامة "
تحدث فاطمة جاسر قائلة: العلامة اللي بعتهالى ربنا هى أنت يا جاسر ، ومن غير ما أحس بقي فى ابن بيربطنى بخالد ، أنا بقيت أمه وأخته ، وخالد أبوه وأخوه ، وكأن مكتوبلى إن اللي يربطنى بخالد يكون أقوى من مجرد حب !!!
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-