رواية ملاذ السحاب كاملة بقلم سلمى عيسوي و هاجر يونس

رواية ملاذ السحاب كاملة بقلم سلمى عيسوي و هاجر يونس

رواية ملاذ السحاب كاملة بقلم سلمى عيسوي و هاجر يونس
- كان دائماً مُعتاداً علي تحلق سحاب الجو و ليس سحاب الحُب ، وجد ملاذه بين ثـنايا كـثـيره ، كأنه يبحث عن شيء صغير جداً لا يُمكن رؤيته بـ العين بين سُحب كثيره ، لـ يجدها هو بـ لباقتها اللطيفة ، ظلت و ستظل ملاذ سـحابـه .
نوفيلا (ملاذ السحاب)
بقلم/ سلمى عيسوي وهاجر يونس


ملاذ السحاب
الفـصـل الاول .
------
ابتسمت برِقة وهي تسير علي تلك الارضية الناعمة ذات بريق لامع و أخذ يعلو صوت حِذائها الأسود الذي يتماشى مع لون خصلات شعرها ذات الموجات الخفيفة .

- رفعت إحدى كفيها تعبث بتلك القبعة الخاصة بعملها حتي تصبح بموضعها تمامًا ، ثم مدت طرف اصابعها كي تضغط علي مقبض الباب المغلق وتسير خارج غرفتها الخاصة بها بـ عملها .. هزت رأسها بيأس عندما تذكرت تلك الحرباة المسماة بـ "هند" زوجة اخيها وما تفعله من اعمال شنيعة

- انتقل عقلها تلقائيًا إلي اخيها الذي تحبه دونً عن غيره.. كيف لا تحبه وهو كل ما يوجد لديها في هذا العالم بأجمع ! فما كان و لن يكون لديها سواه بعد رحيل والديها منذ ان كانت ذات الـثلاث اعوام وأخيها ذو الـستةُ عشر عامًا.. ماتت والدتها بسبب الآمٌ حادة عانت منها عند حملها بابنها الثالث ولكن لم تستطيع ولادته بسبب موتها ... لم يكن موتها المفاجئ بسبب مرضها بالقلب ! بل كان بسبب انسداد مجري الهواء (choking) والتي ينظر لها كحالات اختناق.. بينما مات والدهما بعد موت والدتها بـ ثلاثة اشهر.. والذي لم يستطيع تحمل فكرة موت زوجته وابنه فأصاب بحالة نفسية تسمي قلق المخاوف والهلع.. فأصيب بنوبات هلع وبدأ يعاني من القولون ، الم ف الرأس ، ثقل ف التنفس ، دوخه و عدم اتزان.. وبسبب رفضه للعلاج عانى من آلم شديد ذات مرة وهو عائدًا الي منزله فارتدت سيارته تلقائيًا ليصطدم بجزع شجرة ومنه يؤدي إلي وفاته.

فاقت من ذكرياتها علي صوت موظف ما يهتف بسؤاله اليومي ، حك بيده مؤخرة رأسه وهو يبتسم لها بهدوء مُعتد :-

- جاهزة يـ اُستاذه جُود لـ الرحلة ..!؟

- نظرت لـه جُود بـ تريث و قالت بـ ابتسامه صافيه ارتسمت تلقائيًا علي شفتيها الوردية :-

- أكيد جاهزة قدامنا وقت قد إيه ؟

هتف الموظف بنفي قائلاً :-
- رحله حضرتك اتغيرت يـ فندم من رحله 307 لـ 308 ، يعني ساعه بالظبط و الرحلة تطلع..

هزت جُود رأسها بـ ملل واومأت له برقة متقبله الحوار بـ سلاسة و اردفت بتريُثها المعتاد :-

تمام ، شُكراً ليك .
-----

- انتقلت بـ شموخ انثي تُحِب عملها حُبا جمًا و لما لا فـ هو ملجأها الوحيد من زوجه اخيها التي تُمثل لها شيء بشع يُعكر مِزاجها يومياً ، و تري عملها هو ملجأ الهروب من كُل هذا ، أكثر ما تحبه في عملها هو انتقالها بشكل يومي لـ مكان مُختلف تماماً منه تتمم عملها ومنه ترفه عن نفسها ..

- تقدمت إلى الباب الداخلي لـ الطائرة و ابتسمت تلقائيًا إلى جميع زميلاتها بـ حُب واضح ، مدت يداها لمصافحتهم برقة مع هتافها باشتياق :-

يعني هما مالقوش حد غيري يخلوه معاكم ..! ناقصة قرف هي .؟

- التفتت تنظر إليها أسما صديقتها المقربة بتقزز مصطنع مع ارتفاع حاجبها الايسر وهتفت باستحقار :-

- قد ايه أنتِ مش جدعة ، ومرات أخوكي معرفتش تربيكي ، هقولها بالمناسبة.

- ارتسمت علامات التقزز علي وجه "جُود" تلقائيا ودارت وجهها إلي الجهة الأخرى ، مسدت بيداها علي طرفي وجنتها بإرهاق ثم اتجهت نحو الباب وادارت المقبض واردفت بهدوء :-

-انا كده جاهزة هروح اشوف شُغلي بقي .

- لم تكد ان تكمل جملتها حتي اسرعت بـ الهروب إلي الخارج تتنقل فـ الرواق بين مقاعد الطائرة الراقية ، اخذت تنظر الي الراكبين بتساؤل مع هتافها برقة عملية للجميع :-

- في مشكلة مع حضرتك يا فندم .؟

-كانت اغلب إجابات البعض متناقضة بين من يطلب مساعدة في تغير مقاعدهم والتي كان اغلبها غير مسموح لشبه اكتمال العدد ، والبعض الاخر يطلب اشياء لـ الترفيه عن حالته حتي ميعاد قلوع الطائرة .

- مر اكثر من نصف ساعة حتي ذلك الحين ، بينما كانت جود تقوم بعملها علي اكمل وجه .. صدع صوت قائد الطائرة يهتف بعملية مفرطة :-

- رجاء من الركاب التأكد من ربط حزام الامان حتي تقلع الطائرة .

------

- بدأت الطائرة فـ القلوع حتي انتظمت فـ سيرها بعد دقائق معدوه ، و بدأ الرُكاب بـ فك الأحزمة حتي يستطيعوا الجلوس بـ راحة أكبر دون رهبة ، بدأت تتحرك فـ ممر الطائرة تطمئن علي راحه الرُكاب ..

- دخلت مكان طهي الطعام بالطائرة لـ تطمئن علي الاحوال به فـ اصطدمت رأسها بقوه شديده فـ الحائط ، شعرت بدوار شديد

- لم تنتظم فـ سيرها تماماً و هي تتحرك حتي سمعت صوت احدي صديقاتها تقول بـ نبره قلق :-

- جُود انتِ كويسة ..!!

اومأت لها و هي تحاول تجميع شتات حالها فـ قالت :- آها كويسة .. خليكِ انتِ معاهم و انا هدخل الحمام .

اومأت لها الفتاه و دخلت الي المطهي ، بينما الأخرى ذهبت الي المِرحاض
--------

- ابتسم عِز بـ مُراوغة وهو يلقي بـ نكاته البغيضة علي مسامع صديقة ومساعده عاصم ، ارتفعت اصوات ضحكاتهم عاليا مع هتاف عز بتلك النكتة السخيفة ، اخذ يُمثل طريقة الدجاج وهو يضع يده علي فمه كي يكتم صوت هتافه بها :-

-بيقولك مرة فرخة راحت عزا ف قالتلهم البكاااااااااء لله .

- أمسك عاصم معدته بقوة بسبب الألم الذي اخذ يحتك بها من كثرة الضحك و المزاح .. بينما توقف عز عن الضحك والتفت الي الطائرة وهو يعيد الهتاف ولكن تلك المرة بجدية وتقدير :-

- خلاص بقي نركز مع الطيارة لتقع بينا ويبقي يا رحمن يا رحيم علينا ، بص تعالي خد مكاني لحد ما ادخل الحمام يباشا ..

- وضع يده علي مقدمة مقعده يستند عليها حتي يستطيع الوقوف والانتقال إلي مرحاض العاملين بالطائرة ، قبض بيده علي مقبض الباب يقوم بفتحه علي مصرعيه ليظهر امامه ذلك التصميم الراقي واللون الابيض الزاهي علي ذلك السراميك ثم انتقل تلقائيًا إلي الداخل ومنه الي الباب الداخلي .. وقف فـ المنتصف وهو يغلق الباب بقدمية

--------

-سارت بخفة وخطوات متعرجة بسبب شعورها بالدوار الحاد الذي ما ان ارتطمت بالباب حتي هاجمها بقوة مستغلا تلك الفرصة ... دون ادراك منها ولعدم استطاعتها لـ الرؤية جيدا اخذت بالتشبيه ودلفت الي المرحاض الذي كان بابه موارب ..

-أسرعت إلي الحوض تضع يداها اسفل صنبور المياه لتتدفق المياه بقوة حتى تمتلئ يداها ثم ترفعها تلقائيًا إلي وجهها حتي ترطبه ، بدأت تجفف وجهها بالماء لعلها تسترجع وعيها ، لم يكن الاصطدام السبب الرئيسي في هذا الدوار فـ هي لم تغفو غير ساعات قليله و عدم تناولها اي شيء لـ تأكله ، توقفت يداها قبل ان تلقي بالمياه علي وجهها لـ المرة الثانية عند سماعها الي صوته المتعجب ، وجدته يقول لها بـ نبره رجولية :-

- يـ آنسه .. ده الحمام الرِجـالـي .

- ضمت حاجبيها إلي بعضهما بدهشة وتنهدت بـ يأس وهي تلتفت له سريعا بخجل مع استيعابها بأنها المخطئة وانها هي في مرحاض الرجال بالفعل ، وها هو رجل يقف امامها ينظر إليها بصدمة وتعجب ، اخذت تتفحصه لـ تجد شاب طويل القامه يرتدي ملابس العمل الرسمية الخاصة بـ الطيارين .. علمت بالطبع ان هذا قائد الطائرة ..!!

- اشاحت بنظرها عنه ورفعت يداها إلي مؤخرة رأسها تقوم بـ حكها بـ توتر بينما اهتزت شفتيها لـ مرتين بسبب شعورها بالإحراج ... اعادت يداها تفرك يداها الأخرى وهتفت بإحراج :-

- انا شكلي دخلت غلط .. انا اسفة بس اتخبطت في دماغي ودايخة فمقدرتش أميز ..

قهقه عليها بخفة وأخذ يتفحصها باستهزاء ثم رفع يده إلي عنقه وابتلع ريقه ، حمحم بهدوء حتي يرطب من حده الموقف وهتف بهدوء :-

- محصلش حاجة ..!

ارتفعت حاجبها الايسر تلقائيا ثم اومأت له بضيق ، نظفت حلقها بـ حرج و حركت شفتيها بسرعة وهتفت بـ نبره هادئة :-

- اوكي .

- و خرجت من المِرحاض هاربه من نظراته الجريئة التي سببت لها حرج كبير ، اردفت بتوتر وهي تتجه الي الخارج :-

- ايه قله الذوق دي ما كان يخرج و خلاص .. كان لازم يعني يقول ده حمام رجالي يا انسه .

- خرج عز بـ جوارها و قال هامساً بـ هدوء :-

- علمياً اللي بيكلم نفسه كتير بيتجنن ..

- ابتسمت بـ برود و قالت :-
- عملياً ياريت حضرتك تتفضل علي مكانك عشان منموتش كلنا و نروح اللالاند ..

-----

- فـ منزل هادئ .. ذو اثاث كلاسيكي رائع نوعاً ما ، يوجد به ذكريات كثيره منها طفولتهم الرائعة قبل دخول تلك الحرباءة حياتهم و إفسادها ، خرجت فتاه من مطبخ المنزل ملابسها بسيطة ، جلست علي الأريكة بـ جواره و قالت :-

- اه ياني .. حيلي اتهد.

- نظر لها بطرف عينيه و قال بـ هدوء :-
- معلش يـا حبيبتي ، ربنا يخليكِ لينا..

- نظرت له بـ رفعه حاجب و قالت :-
- ده اللي ربنا قدرك عليه .. حقيقي مش عارفه من غير الكلمتين بتوعك دول كُنت هعمل ايـه .

- نهض" يـاسر " من مكانه و قال :-
يـ فتاح يـ عليم يـ رزاق يـ كريم ، مش كده يـ هند حتي يوم اجازتي .

- نظرت له هِند بـ تبرم و قالت :-
- كُل ده عشان بقولك تعبانة ، بدل مـ تقولي اجبلك شغاله ..!!

- رد عليها بـ هدوء يُغلفه غضب مكتوم :-
- يـ حبيبتي امكنياتي متسمحش اجبلك شغاله فلبنيه ، كفاية علينا مصاريف مدارس العِيال .

- نظرت له برفعه حاجب و ادارت وجهها الناحية الأخرى قائلة :-

- و هي اختك بتقبض شويه ، انا عارفه بتودي الفلوس دي كُلها فين .

- رد عليها " ياسر " بـ حده وقال :-

- أنتِ بتقولي ايه ، أختِ بتشتغل و دي فلوسها عايزاني اخد من مرتبها عشان اجبلك شغاله ..!!

- نفت هند قائلة:-
- و ليه لا يعني مش أخوها اللي رباها و كبرها ، وهي كانت تطول رُبع المكان اللي هي فيه ده لولاك .

- دخل غُرفتهم و قال لها قبل ان يدلف الي الداخل :-

- ممكن يـ هند متدخليش بيني وبين جُود تاني ..؟

- نظرت له بعدم رضا حتي دلف و قالت هي بصوتٍ هادئ :-

- طبعاً و انت هتقول ايه غير كِده ، انا لازم اعرف بتودي فلوسك دي فين يـ عقربه .

------
- وضعت كف يداها علي يد الطفلة وابتسمت لها بــ لطف وهي تهمس في اذنها :-

- اتبسطت اني اتعرفت عليكِ يا قمر .. هتبقي كويسة بعد العملية ... واتمني ارجع اشوفك كويسة تاني .

- وضعت ليان "الطفلة" كف يداها الصغيرة علي وجنة جُود وابتسمت لها برقة ، تحركت شفتيها الصغيرة تقول لها :-

- هستني اشوفك متنسيش بعد ٣ شهور فــــ...... الساعة ١٢ الضهر ..

- اومأت لها جُود وحكت مؤخرة رأسها برفق و اعتدلت في وقفتها ثم أدارت ظهرها للفتاة تتجه إلي هاتف الطائرة واستمعت إلي هتاف القائد لتعيد تردف هي في تسجيل الصوت الخاص بالطائرة :-

- الرجاء ربط حزام الأمان حتي هبوط الطائرة.
- وضعت المسجل في موضعه والتفتت إلي الخلف تعيد النظر لــ ليان بحزن .. ثم عادت تنظر إلي كفي يداها بأمل متردد :-

- هتبقي كويسة ؟

- بدأت الطائرة في الهبوط إلي ارض مصر الحبيبة وبعد مرور نصف ساعة كان الركاب داخل المطار بينما تحركت جُود من باب الطائرة بإرهاق إلي باب المطار وخلفها صديقاتها ... أدارت رأسها تلقائيًا للاتجاه المعاكس عندما شعرت بعينين تتربص بها لتقع عيناها عليه ينظر إليها بــ لطف بينما اخذت ترفع حجابها الأيسر بتعجب من نظراته إليها ليبتسم لها بضحك ثم ضغط بجفنه العلوي علي السفلي يغمز لها مع اتساع ابتسامته رويدا حتي أصبحت ضحكة عالية ، هزت رأسها بـــ ماذا ليهز رأسه إليها هو أيضًا ، حركت عيناها بشكل دائري ثم رفعت إصبعها لتضعها امام جبهتها ثم تديره بشكل دائرة بمعني *مجنون ؟* اومأ بنعم لتحرك شفتيها بهمس :-
- كنت عارفة ..

- سار عز باتجاهها لتتوقف جُود عن السير وهي تنظر إليه ببلاهة بينما احتلت ملامح الدهشة علي وجهها ، نظرت يمينًا ويسارًا تتأكد من انه قادم باتجاهها هي ، قطع نظراتها اصابعه التي اخذت تحتك ببعضها مصدرا صوتا مثيرًا للانتباه لتنظر له بتساؤل وهي تهز رأسها وترفع حاجبيها برقة ، اما عز فوقف ينظر لها بدون حراك ، لم يشيح عينيه عنها منذ عدة دقائق كما فعلت جُود المثل ... مرت ثوانٍ اخري لتلقي هي نظرة أخيرة عليه ثم حركت قدميها لتكمل طريقها إلي خارج المطار ، امسك هو يداها سريعًا قبل أن تذهب وهتف بهدوء :-

- أنا عز ... بالمناسبة يعني ؟..

- ابتسمت جُود برقة و اشاحت إحدى خصلات شعرها بيداها الاخر و التفتت تنظر إليه من جديد ولكن تلك المرة وهي تردف بصوت مهزوز :-

- جُود .. عن اذنك ..؟

- لم يكد أن يكمل حديثه حتي غادرت جُود واختفت من انظاره بين الحشد ، سارت هي بتوتر ولم تلتفت إلي الخلف ولو لمرة .. خطواتها السريعة والمتوترة لم تسعف لها بأن تستطيع التركيز فيما يحدث حولها لتتجه سريعًا إلي المرآب وتأخذ سيارتها وتنطلق بها في هدوءٍ تام..
----------

يتبع

ملاذ السحاب
الفصـل الثـانـي .

------

- أغلق صُنبور المَاء الذي كان يتساقط علي جسده بـكثره كي يُزيل ارهاق اليوم ويتخلص من توتره ، رفع يده اتجاه شعره يعيد تلك الخصلات الثائرة إلي الخلف ، تنهد بإرهاق وهو ينظر إلي سقف المِرحاض يتذكر تلك اللحظات اللطيفة التي قضاها مع تلك الفتاة المتوترة ، ارتسمت بسمة راقيه علي شفتيه الغليظتين تلقائيًا عندما تذكر خوفها الممزوج بـ دهشتها عند استيعابها انها في مرحاض الرجال وليس النساء ..؟

- هز رأسه بـ ' لا ' و فتح باب غرفة الاستحمام و مِنه انتقل إلي غُرفته وهو يُجفف شعره بـالمنشفة ، فتح دلفه خزانة الملابس الخاصة به وانتقى أول ما وقعت عليه عيناه ثم ارتداه بسرعة ، و خرج مُسرعًا إلي مائدة الطعام حتي يتناول وجبته مع والدته ... نظر إلي المائدة التي كان بها كل ما لذ وطاب من أطعمة مختلفة ، سحب المقعد إلي الخلف وجلس بجانب والدته " نادية " .. بدأ في تناول طعامه مع تبادل الاحاديث اللطيفة بينه وبين والدته :-

- ياسمين وجوزها عاملين ايه ..؟ و بسمـله مجـتـش بـقـالهـا كـتيـر يـعنـي ..!! .

- أجابته والدته وهي تربت علي يده بخفه :-

- الحمد لله يا حبيبي أختك وجوزها كويسين ... بسملة كلمتني النهاردة وقالتلي أنها جاية بكرة ومعرفتش تيجي الاسبوع ده خالص عشان كان عندها دروس كتير ويدوبك خلصت من الدوشة دي النهاردة...

- ابتسم لها بهدوء ثم نهض عن المائدة بعد عدة دقائق ، امسك يداها ووضعها امام شفتيه يطبع عليها قبلة خفيفة ثم هتف بحب :-

- طيب ، هـقوم انا بـقـا أنـام عشـان اليوم كـان مُرهق جداً .

- ابتسمت له برقه ورتبت علي ظهره وهي تهتف بإمتنان :-

- ماشي يـا حبيبي .

- نهض من مجلسه و اسرع لـ أعلي لـ ينعم بـ قسطاً من الراحة بعـد يوم شـاق ، فـ هذا الوقت نادت " ناديه " علي الفتاه التي تُسـاعدها بـ اعمال المنزل بـ ان اصبحت متقدمة بـ السن قليلاً و زواج ابنتها ، فقالت :-

- سُعاد ، تعالي شيـلي الاطبـاق دي .

- أومأت لها الفتاة و فعلت كما طُلِب منها .

---------

- دخلت بنايه منزلها بعد رحله طويله ، علي الرغم من استمتاعها بها الا انها شعرت بـ التعب كثيراً خاصةً لأنها لم تغفو سوي ساعات قليله لـ تنهض بـ الرحلة الأخرى و هكذا يسير يومها رحلات متتاليه حتي في وقت الراحة لا تستطيع النوم بسبب عدم اعتيادها علي النوم خارج فِراشها .

- وقفت امام باب شقتها لـ تُخرج المُفتاح من حقيبتها ، وضعته بـ الكالون ، فتحت الباب و دخلت لـ تجد زوجه اخيها تجلس علي الأريكة المقابلة لـ باب المنزل فقالت لها بـ سُخريه :-

- حمد لله علي السلامة ..

- تنهدت بـ ملل حتمًا ، سيحدث شجارًا حاد الآن فـ التفتت لها قائله بـ ابتسامه بارده :-

- الله يسلمك يـ هند..

- ثم انتقلت قاصده غُرفتها فـ استوقفها صوت زوجه اخيها الحاد قائله :-

- جرا ايه هي وكاله من غير بواب داخله كده تنامي علي طول مفيش مطبخ عايز يتنضف .

- رفعت حاجبها الايسر و ردت عليها بـ شموخ قائله :-

- و حضرتك لازمتك ايه فـ البيت ..!!

- ردت عليها " هند " بـ برود وقالت :-

- لا يـ حبيبتي ما هو انا مش الشغالة الفلبينية اللي اخوكِ جابهالك ، احنا عايشين فـ بيت واحد يبقي الشغل يتقسم علينا .

- ابتسمت " جود " و ردت عليها :-

- الكلام ده لو انتِ شيفاني طول اليوم نايمه يـ حبيبتي ، لكن انتِ واحده فاضيه مش وراكِ حاجه غير الصوت العالي و حقيقي يـ هند انا مشفقة علي احبالك الصوتية دي .

- نظرت لها بـ برود و دخلت غُرفتها قائله لها قبل ان تغلق الباب بـ وجهها :-

- عن اذنك ، و لما ياسر يجي سلميلي عليه لحد م اصحي و اسلم عليه انا يا هنود .

- و اغلقت الباب بـ وجهها فـ احترقت الأخرى من داخلها و دخلت غُرفتها تُتمتم بـ كلمات غير مرتبة من غيظها .

----
فـي صباح يومٍ جديد ..

- وقف امام المِرآه يُعدل من هيئه خصلاته السوداء الكثيفة ، ارتدي ساعته و القي نظره اخيره علي حَالُه ، و التفت لـ يأخذ الكاب من علي الفِراش ، و لفت انتباهه صوت طرقات علي باب الغرفة ، و احدهم يُصنع منها نغمات عالية ، تحركت شفتيها تدندن مع طرقاتها بيداها :-

- أبويا طلق ياسمين وخطفني .. طلق يـاسمين و خطفني .. طلق يـاسمين و خطفني .. مـا تخلص يـا عز فـي ليلتك دي .

- فتح الباب ونظر إليها بضيق ثم هتف بهدوء :-

- روحي حضري الفطار بدل ما أفطر عليكِ ..

- تعجبت من هُدؤه الغير معتاد عليه اطلاقًا ، ضيقت عيناها باستشفاف و اومأت له بـ رقة ثم سارت اتجاه المطبخ تقوم بمساعدة جدتها

----

بعد مرور فتره من الوقت ..

- جلست علي المقعد في منتصف المطار بارتياح وأخذت تلهث بقوة ، رتبت بيداها علي جبهتها بألم وآنت بصوت منخفض لتجد احدي الايادي توضع علي خصلاتها السوداء ، نظرت اتجاه اليد بتعجب لتجد فتاة يافعة جسدها ضئيل بعض الشيء وتبدو كأنها في السابعة عشر من عمرها فيما فوق ، قاطع تساؤلات جود همس الفتاة لها برقة :-

- دماغك وجعاكي؟

- اومأت لها جود بآلم فابتسمت لها بسملة بلطف ومدت يداها في حقيبتها واخرجت احدي كبسولات الخاصة بألآم الرأس ثم مدت يداها لجود بها فضحكت جود بخفة وقالت باستهزاء :-

- الصداع صديق الانسان !

- ضربت بسملة بيداها جبهتها في يأس ثم اردفت بتريث :-

- حصل .. بالمناسبة انا بسملة ..؟

- مدت يداها لمصافحة جود لتمد يداها وتقوم بمصافحتها وهي تهتف بترحيب :-

- جُود .. انتِ رحلة رقم كام ؟

- نفت بسملة قولها واخذت تشرح إليها بهدوء :-

- امم .. لا انا مش رحلة ده خالي يبقي طيار ونسي حاجة في البيت وانا جيت اديهاله مش اكتر ..

- ثم اشارت اتجاه عز القادم باتجاههم و اكملت حديثها :-

- اهو اللي هناك ده .. الطيار عز الدين الصاوي ..

- نظرت جود اتجاه عز بدهشة ثم نهضت عن المقعد بسرعة وهتفت إلي بسملة علي عجلة :-

- طب أنا مضطرة أمشي عشان عندي رحلة ..!

- هزت بسملة رأسها بلا ووقفت هي الأخرى تمسك بيد جود مع قولها بهمس :-

- استني سلمي عليه هو هيرحب جدا علي فكرة ..!

- لم تستطيع ان تحاول جود اقناعها فقد وجدت عز يقف امامهما في لمح البصر فعندما رأها تقف بلهفة علم انها كانت ستُغادر فـ أسرع خطواته حتي اصبح امامهما ، ابتسم بـ خُبث وهو يهتف لـ ابنه شقيقته :-

- مش تعرفينا يـا بوسي ..؟

- اومأت له بسملة بـ لُطف وهي تنظر إليه بتوقع انه يعرفها ؟.. قالت بـ احترام وهي تشير إلي. "جود " وتعيد الاشارة إلي عز وتُكررها مرة اخري :-

- طبعا .... جُود ..عِز .. عِز .. جُود ..!

- ابتسم " عِز الدين " بـ ترحيب و مـد يده كي يصافحها ، رقص حاجبية إليها عندما طال انتظاره لـ مُصافحتها له لـ ترفع له حاجبها الأيسر بضيق وتمد يداها لـ مُصافحته بـرقة لـ يقبض بيده علي يداها بـ قوة ، و هتف بـ لُطف :-

- فُرصة سعيدة يـ جود..

- اومأت له بـ هدوء وحاولت سحب يداها من يده التي تمسك بها بقوة وقالت :-

- أنـا أسـعـد..

- رفعت يداها الأخرى تضعها علي كف يده وتفتح قبضته المحكمة علي كف يداها بقوة ودفعته قليلا ثم التفتت إلي بسملة التي كانت تنظر لهم بتعجب وقالت :-

- اتشرفت بيكِ يـا قمر .. و شُكراً علي الدوا .. عن اذنكم ..

-----

- ابتسمت جود برقة و رفعت انظارها الجهة الأخرى لتلتقي بعيناه الزيتونية البراقة التي كانت تحدجها بنظرات متفحصه ، اختفت ابتسامتها وحل محلها نظرات التساؤل فتلك كانت المرة الثانية التي تلتفت له وتجده ينظر إليها بتلك النظرات التي تثير تساؤلاتها الكثيرة .. ظلت تنظر له علي بعد عدة أمتار وكذلك هو ، مر عدة ثواني علي ذاك التواصل البصري الذي ليس له اي سبب حتي الآن لتجده يعطيها ظهره ويغادر بهدوء ، لم تستطع حدج نفسها عن الفرار ورائه لتركض خلفه وهي تهتف باسمه دون ادراك منها :

- عز.

- توقفت قدمه تلقائيا عندما استمع إلي اسمه الذي هتفت هي به ولأول مرة ، لم يلتفت لينظر إليها فقط اكتفي بالاستماع الي حروف اسمه ولكن وهي تنطق بها .. ظل معطيا ظهره إليها لتنتبه هي علي ذاتها ، ضغطت بطرف اسنانها علي شفتها السفلي بإحراج واردفت تصحح خطائها في الحديث :-

- قصدي .. كابتن عز ..!

- التفت عز إليها ورفع انظاره ليثبتها علي عيناها العسلية ذات البريق اللامع ببعض من الحزن ... حقا ما يجذبه إليها هو تلك اللامعة الحزينة التي رأها بعيناها منذ الوهلة الاولي .. ابتسم إليها بلطف ورفع يده اليسرى ثم وضعها علي جبينها يشيح تلك الخصلة السوداء الساقطة علي عيناها حتي يستطيع رؤيتها بوضوح ، نظرت له بتعجب ومشاعر مختلطه ام تستطيع تحديدها ولكنها لم تروق لها علي الاطلاق ، رفعت يداها تلقائيا لتمسك بيده التي مازالت علي جبينها وابعدتها سريعا وبقوة ثم هتفت له برسميه :-

- عفوا ..؟

- ضحك باستخفاف وهز رأسه بلا ثم وضع يديه في جيب بنطاله القطني وقال بنفي :-

- لا أبدا حسيت انها مضايقاكي .!

- ابتسمت له باستهزاء واومأت له بخفه دون ادراك منها وسرعان ما هزت رأسها بلا ، رفعت يداها تحك مؤخرة رأسها بخجل ثم اجابت بعناد :-

- هي مش مضايقاني او حتي لو مضايقاني انا كنت هشيلها بنفسي انا مش مكسحه !!

- رفع احدي حاجبيه بتعجب وابتسم لوقوعها في الخطأ عند قولها بـ "او حتي لو مضايقاني انا كنت هشيلها" ، استغل تلك النقطة حتي يبقي علي صواب :-

- آه ..، يعني هي كانت مضايقاكي وكنتي هتشيليها بنفسك بس انا سبقتك ..!

- زاغت عيناها عن النظر إليه لتنظر بشكل دائري حولها حتي استمعت إلي صوت ضحكه العالي علي عنادها فتعيد النظر إليه بضيق ثم حاولت أن تبدل الحوار وتخبره بما أتت إليه حتي تخبره إياه.. هدرت برقة محاولة ان تظهر جادة في الحديث :-

- مش مهم .. انا كنت جيتلك عشان حاجة تانية ، كل اما ابص الاقيك بتبصلي ..! هو في حاجة يعني .. انت نظراتك بتوترني وبحس اني متراقبه.

- نفي حديثها كالمتوقع ورفع كتفيه بحيرة ، رسم علي وجهه ملامح التعجب والقي بكذبته في وجهها سريعا ودون تفكير ثم قلب الحديث حتي يضعها في موضع الخطأ كالمعتاد يصبح هو في وضع الصواب :-

- انا !! أبدا ده تلاقي بالصدفة بس.. وبعدين بتبصيلي ليه ..! مين اللي مراقب مين بقي كده .؟

- نظرت لـه برفعه حاجبها الايسر من تعاملاته الباردة معها .. و تلك الابتسامة التي تثير حنقها كلما رأتها بـ تلك النظرة ، فقالت له بـ ابتسامه من نفس نوعه :-

- محدش بيراقب حد يـ كابتن .. اكيد صُدفه .. عن اذنك

- اومأ لها بـ الموافقة لـ تلتفت هي و تسير بـ خطوات واثقه نوعاً ما لـ تذهب تلك الابتسامة الباردة و يحل محلها ملامح الغيظ من افعاله تلك و توترها الذي لا يوجد له مُبرر .. بينما هو تراقص بـ حاجبيه و علي ثغره ابتسامه لعوب ، حتماً سيوترها قدر المُستطاع ليري هيئتها التي تخطفه تلك كلما رأها ..

-----

- بعد مرور فتره من الوقت ..

- خرجت من غُرفتها تتثاوب من اثر النوم فـ قد جاءت من عملها بعد اذان العصر فـ كان لديها وقتاً كافياً لـ الاستراحة قليلاً من تعب اليوم .. فـ خرجت لـ تتناول معهم الطعام ، وجدت زوجه اخيها معها الفتاه التي تأتي مره فـ الاسبوع لـ تُساعدها بـ اعمال المنزل التي لا تكاد تكون موجوده من الاساس ، و رغم كُل ذلك هذا لا يُعجب " هند " .. فـ قالت بـ ابتسامه هادئة :-

- ازيك يـ ابتسام ..

- ابتسمت الفتاه علي بساطه " جود " وقالت :-

- الحمد لله يا انسه جود .. دقايق و الاكل يتحط على السفرة ..

- سمعت هذا الحديث " هند " فـ خرجت من غُرفتها قائله بـ رفعه حاجب :-

- ايه ده جُود .. نموسيتك كُحلي ..

- ردت عليها بـ ابتسامه بارده :-

- لون نموسيتي مش هيفرق معاكِ فـ حاجه يـ هند صح و لا ايه .. و خليكِ فـ حالك و عدي يومك علي خير كده ..

- ابتسمت هند لها .. و اومأت لها بـ الموافقة .. حتماً ستريها من يضحك بـ الاخير .

- دقايق و رن جرس المنزل يُعلن عن قدوم احدهم فـ ذهبت الفتاه الصغيرة لـ فتح الباب ، فـ رحبت بـ رب عملها و رافقته حتي وصل الي شقيقته و زوجته فـ قال بـ ابتسامه :-

- مسـاء الخيـر .

- ابتسما الاثنان له .. فـ ذهبوا لـ تناول الطعام .. جلس الثلاثة علي الطاولة و سط تبادل النظرات الخفية ، منها الخبيثة و الهادئة ..

حتي قالت " هند " بـ خُبث :-

.......

- يُتبـع


لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-