رواية بنت شمال كاملة

رواية بنت شمال كاملة بقلم  

روابة بنت شمال الجزء 
رواية بنت شمال الفصل 
رواية بنت شمال البارت 
المشهد
بت 
رواية بنت شمال كاملة بقلم أحمد حسن
موسيقى لحن الموت تُحيط بالمكان المُظلم بالكامل
صوت صرير باب حديدي يُفتح فينتفض الفتى والفتاة المُقيدان على الأرض ويحاولا أن يعدلا من جلستهم
المرآب خالي من السيارات تمامًا، ولا يحتوي على أي مصدر ضوء
صوت خطوات يقترب فيرتجف "الأسيران" خوفًا وهلعًا
هم لا يعرفا ما يَحدُث بالضبط! فقد انقض عليهم مجموعة من ذوي البدل السوداء
ووضعوهم في سيارة فارهة إلى هذا المرآب دون أدنى فِكرة عن ما ينتظرهم
صوت الخطوات يقترب أكثر

يقف أمامهم مباشرة ثم يُسلط "كشاف" إلى أعينهم فيراهم بوضوح
وهم لا يرونه
ثم تحدث بصوتٍ مبحوح وقال:
- يُمكنكم مناداتي بـ الفيلسوف!
***
قبل 6 سنوات
في وسط صخب كلية تجارة جامعة عين شمس يقترب شادي من "سما"

الفتاة ذات البشرة الوردية

ويقول لها ببلاهة وبلا أي مُقدمات:
-هل لي أن أطلب رقم والدك؟
=مالك؟ عايز ايه يعني؟ - أريد أن اتقدم لخطبتك
=ولماذا تتحدث هكذا، هل تسخر مني يا عم الفيلسوف
- لا انا لا اسخر والله، أنا عايز بس رقم باباكي
هتلاقيه مع أمك.
ثم أقترب تامر الشاب مفتول العضلات الذي يحاول دامًا أن ينتهز أي فرصة ليتحدث عن ولعه بالفن التجريدي!
وقال لـ سما بلا مُقدمات:
بيضايقك؟
فأجابته:
لا
لم ينتظر إجابتها وإنقض على "شادي" بالضرب المُبرح
ثم ..
ظلام.
***
الآن
شادي؟ قالها الشاب مفتول العضلات المُقيد على الأرض

وتنهدت "سما" وابتسمت بسخرية، لأنها شعرت بالراحة، لأن "شادي" أضعف من أن يؤذيها
قال "شادي" بلا إكتراث لمناداة "تامر" له:


سمعت إنك تُحب الفن التجريدي؟
أقسم لك بالله يا أبا جهل إنت، لو راجل وفكتني ما هخليك تعرف تمشي على رجلك تاني، انت فاكر إنك كدة هتبان قوي قدامها؟ لما تجيب ناس تخطفنا وتربطنا، كدة إنت دكر؟ فُكني وهعرفك مقامك، وأن عرفت تمشي على رجلك تاني بعد ما تفكني، أقسم لك بالله ما هتشوفوا وشي تاني!
قال "تامر" بـ لا مبالاه حقيقية:
هل تعرف هذه الموسيقى؟ اللحن هذا هو لحن الموت .. كُنا نحبه أنا وسما ..
خرجت سما عن صمتها أخيرًا، وقالت:
وإنت طافي النور ليه يا فيلسوف، أقولك ليه؟ عشان إنت جبان، حتى وقت ما عملت نفسك جريء وخطفتنا، طافي النور، ورابطنا، عشان حتى هتخاف تبص في وش تامر وهو متقيد! إنت أجبن شخص شفته في حياتي
ضحك "شادي" كثيرًا .. ضحك متقطع مع سُعال، ثم قال وهو يضحك:
كثرت طلباتكم يا ضيوفي الكرام، ولكنكم تعرفون، احب إكرام ضيوفي!
ثم أشعل "شادي" شموع سمحت لهم برؤيته
وهُنا كانت المفاجأة!
من هذا المسخ!!!
***
قبل 6 سنوات
في إحدى مقاهي القاهرة الفاخرة يجلس شادي وسما
وتعتذر له عن الإصابات التي تعرض لها بسببها، وأنها لم تَكُن تتمنى أن يَحدُث له هذا أبدًا:
ما هو انت برضه، مكانش ينفع تيجي تقولي كدة خبط لزق عايز اتجوزك، متبقاش غشيم
حاول أن يُداري عينه المُمتلئة بالدموع مما تعرض له من إهانة أمام الجميع، وأمام الفتاة التي يُحبها، وهو أخيرًا جالس أمامها الآن
فقال لها:
ما هو ده المفروض، إني لما اعجب أو احب حد، اروح اتقدملها
وإنت بتحبني؟
آه .. أكيـ أكيد
بس كان لازم نتعرف على بعض أكتر، مش على طول كده!
نظر لها ولم يتحدث فقالت:


ع فكرة أنا اعرفك، واعرف إنك بتكتب، إنت كنت واخد جايزة في الكتابة في الجامعة، كنت كاتب قصة اسمها مسحوباتي باين؟
لم يبتسم، ولم يُبدي أي إعجاب مما قالت، صحح لها اسم القصة فقط:
سيكوباتي
طيب بما إنك كاتب بقى هقولك نكتة عشان تفك تعرف الكاتب لما يعرف أن حبيبته بتخونه بيعمل ايه؟
قال لها بدون إكتراث:
ايه؟
بيكتبلها قصيدة هجاء.
***
الآن
من هذا المسخ؟ كيف تحول "شادي" الوسيم إلى هذا الشخص المشوه
إبتسم "ِشادي" من الرعب الذي رآة في أعينهم وقال لهم وهو يضحك بملئ فمه:
- هذا هو المسخ الذي حولتوني إليه، بأفعالكم
قالت له سما:
- ايه إللي حصلك ده؟ أنت مين؟
= أنا اسوأ كوابيسك!
لم يتحدث فقط أقترب وجسده يتحرق بطريقة غريبة
حركات لا إرادية تجعل كتفه الإيمن يرتفع رغمًا عنه، يمشي بطريقة غريبة .. يقترب من تامر ويَفُك قيوده
ثم يقف أمامه بلا حراك
وكأنه يقول له:
- اضربني
ولم يتأخر تامر أبدًا، وبدأ في توجيه اللكمات إلى شادي بلا توقف
بدى شادي وكأنه يستمتع بالألم، حتى أن وجهة كُله غرق بالدماء، بدأت يُخرج لسانه، ليتذوق دماءه، وكأنه يستمتع بمذاقه!
ويضحك ..
ثم قال بطريقة سريعة جدًا، وتامر يواصل لكماته:


- توقف توقف .. توقققف! لقد مللت هذه اللعبة
ثم أخرج سلاح ناري، و وحهه إلى رأس "تامر" وقال:
- هل تُريد أن تموت بسرعة، أم تُريد بعض الألم مثل ما سأفعل مع صديقتك؟
***
قبل 3 سنوات
يسير شادي وسما في شوارع الزمالك، يقفان أمام Sofi ويقول لها:
- ندخل؟
= ماشي
ما أن دخلا إلى المكان وسمعوا الموسيقى التي تغمر المكان بصوت هادئ لفريق "مشروع ليلى"
الذي يعرف أنها تُحبه فقال لها:
- أقولك نكتة؟
= قول
- مرة حامد سنو راح جاب 12 كيلو خيار، صاحبه قاله مش كتير 12 كيلو، قاله لأ ما الباقي هنبقى ناكله
= ايوه؟ وبعدين؟ أمال هو بيجيبوا ليه؟
شعر شادي بسخافة ما قاله فقال لها:
- هيعملوا سلطة
ثم قال لها بسرعة، ليحاول تغير الموضوع:
- منذ سنوات طويلة، ولم أشعر أبدًا إنني حي، إلا عِندما عرفتك أنتي، تعرفت معكِ على معنى الحياة، شعرت بإنكِ أمي حقًا
= غريبه! أنا لحد دلوقتي مشفتش مامتك، ولا كلمتني عليها إلا قليل أوي
- لأنني لم أراها يا عزيزتي، لم أراه سوى عِندما رأيتك فقط، رأيتها فيكِ
= مشفتهاش إزاي يعني؟
- بابا قتل ماما وأنا صغير عشان شافها بتخونه مع واحد، قتلها وهو خد إعدام :)
لم تَرُد، دمعت عيناها دون أن تُعلق بأي كلمة
فأكمل هو حديثه:
- عِندما يسألني أحدهم، عنها أحاول أن أقول بعض الأكاذيب، وكإنني اعرفها، وكإنني أراها، وأراه، لا اعرف هل كان يجب أن يقتلها؟ لا اعرف .. ولكني اعرف إن المرأة لا تخون إلا الرجُل المُقصر في حقها، ليته لم يفعل هذا أبدًا، وليتها لم تَخُنه.
= أنا آسفة!
- على ماذا؟ فإنني لم أتذوق طعم الحياة إلا بوجودك يا عزيزتي، أقسم لكِ إنني كُنت لا أفتح فمي لأتحدث بالأسبوع حتى رأيتك، كُنت وحيد، وحيد للدرجة التي جعلتني أفكر في الإنتحار، لم اعرف الحُب أو ماذا تعني كلمة أمومه، إلا عِندما أنظر إلى عينيكِ.
فقالت "سما" والدموع في عينيها:
-عمري ما حسيبك أبدًا
= وعد؟
- وعد.
***
الآن
صوب "شادي" فوهة مسدسه إلى رأس تامر وقال:
- كُنا نتحدث عن الفن التجريدي، هل تُحبه؟
= آه .. بس إهدى ونزل المُسدس، خرجني من هنا، وأقسم لك بالله ما هتشوف وشي تاني!
- تجرد ..
= نعم!


- تجرد من ملابسك
= وهتخرجني؟
- هخرجك
وبالفعل بدأ تامر في نزع ملابسه، حتى أصبح عاريًا تمامًا ثم قال "شادي" ببطء شديد
- هخرجك .. من الدُنيا
وأطلق رصاصة على رأس تامر ..
لتبدأ "سما" في حالة هيستيرية من الصراخ.
***
قبل 3 سنوات
في حي عابدين، وأمام القصر مباشرة ذهب "شادي" ليمضى عقد نشر روايته الأولى مع دار الحلم للنشر والتوزيع في مقرها في عابدين
وبعد أن خرج من مقر الدار
وجد أمامه ما لم يتوقع رؤيته أبدًا حبيبته "سما" مع شاب مفتول الحركات، يضحكان، ويُمسكان بيد بعضهم!
ويبدو عليهم .. يبدو إنهم حبيبان!
ذهب ووقف أمامها مباشرة وأشار إلى الشاب وقال:
- من هذا؟
ارتبكت سما تمامًا، ولم تعرف ماذا تقول، فقال الشاب بدلًا عنها:
- أنا تامر خطيبها، إللى مسكتك ضربتك وخليتك تعيط زي المرة في الجماعة من كام سنة، عندك مانع؟
نظر "شادي" إلى سما باستغراب، فأشارت مؤكدة كلام "تامر" وقالت:
- كُنت مُجرد لعبة، رهان بيني وبين تامر إني أخليك زي الكلب، تحت رجلي، عروسة ماريونت أحركها زي ما أنا عايزه، وأهو حصل
يمكن حبيتك في البداية، ولكن فوقت نفسي بسرعة! أحب مين؟ ده؟ إنت شخص جبان، كئيب .. شخص ضعيف، عمري ما حسيتك ولا هحس معاك بالأمان، عارف ليه سيبتك وارتبطت بـ تامر؟
قال شادي، وصوته يكاد يخرج:
- لماذا؟
= لأنك متملكش غير كلمات؟ ودي مش هتأكلنا ولا تشربنا لو اتجوزنا، والأهم من كدة، لأني دلوقتي واقفه بقولك الكلام ده، وأنا مش خايفة لأن أنا معايا راجل، على الرغم من إني أنا الغلطانة وعارفه بـ ده، لكن مش خايفة وبقولها في وشك، عشان حاسه بأمان معاه، وعمري ما كُنت هحس بـ ده معاك
- بس إنتي أذتيني، محستيش بـ ده؟
= أنا كمان مأذية، كان عندي إكتئاب .. فا قُلت اتسلى!
- إنتي وعدتيني متسيبنيش؟
= كنت ساعتها مرتبطة بـ تامر، بس هعمل ايه؟ الغاية تُبرر الوسيلة!
ثم قال "تامر" مازحًا:
- خلاص كفاية عليه كدة يا سما عشان هيعيط
ثم لكمه، لكمة واحدة كانت كفية بأن تُفقد "شادي" وعيه.


***
الآن
ضحك "شادي" على صراخ سما
واقترب منها وهو يترنح من أثر ثمالة باقية معه منذ ساعات، وأثر ضربات "تامر" المُبرحة
وقاله لها:
- عارفه لما كاتب حبيبته بتخونه بيعمل ايه؟
نظرت له وهي خائفة، ولم ترد
فقال لها:
- يقتلها بدمٍ بارد.
ثم بدأ في الحديث بلا توقف وبسرعة ..
- كُنت لا أملك سوى كلماتي، ولكن كلماتي أشتريت لي هذه الفيلات، التي تجلسين في مرآب السيارات الخاصة بها، فقدت أمي مرتين، مرة وقت ما قتلها أبي، والمرة الثانية لا اعرف متى فقدتها .. ولكن حين فقدتك فقدتها، ولا اعلم كيف فقدتك، أم إنني لم أحصل عليكِ من الأساس، الندوب التي تملئ وجهي، كانت عقاب مِني على كُل مرة أشتاق لكِ فيها، وها أنا أمامك!، أصبحت مشوهًا
= أنا آسفة .. أرجوك سامحني
ضحك بشدة وأهتز جسدة بالكامل، وقال لها:
- حسنًا، سامحتك
وذهبت وفك قيودها، والقى بالمُسدس على الأرض
ثم قالت له:
- خرجني بقى من المكان ده، أنا تعبت!
قال لها:
- قُلت سأسامحك، ولكني لم أقُل إنني سأخرجك من هنا
وضحك حتى دمعت عيناه
أمسكت المُسدس، وهددته بأنها ستطلق عليه الرصاص إن لم يُخرجها، فوقف لها ورفع يديه للأعلى وقال لها:
- أطلقي، أنا على أتم استعداد!
وفاجئته بأنها أطلقت رصاصه على قدمه بلا تردد
فسقط على الأرض في وقتها، وهو يتألم ويضحك في آنٍ واحد ، فيقول:
- لقد تخطيتي كل حدود القذارة ولكني لم أتوقع هذه الضربة أبدًا!
ثم فتشت في جيوبه وهو ينزف ولكنها لم تجد أي شيء
لا مفاتيح، لا هاتف، ولا شيء ..
فقالت له:


- فين مفاتيح البيبان؟
فقال لها مُبتسمًا:
- نَحُن هُنا في ملكية خاصة يا عزيزتي، ملكيتي أنا .. لا يَدخُلها سوى حارس العقار، وأنا، وأمرت حارس العقار بأن يُغلق الأبواب ولا يفتحها إلا بإذن مني فقط!
= هنادي عليه
ضحك "شادي" وهو يتألم وقال وكأنه يتحدث إلى نفسه:
- ما أغرب أن تموت، وأنت على مقربه مِن مَن تُحب .. ما أغرب أن تموت بسبب أنك أحببت يومًا، ما أغرب إنك تدفع ثمن أخطاء لم ترتكبها! .. ما أغرب هذه الحياة
ظلت سما تُنادي حارس العقار وتصرخ بلا فائدة
فقال لها شادي:
- لن يَرُد .. لم يَعُد أمامك سوى الموت هُنا، الآن يا عزيزتي، إما أن تقتليني، وتظلي هُنا بلا إضاءة تمامًا بعد أن ينطفئ ضوء الشموع مع جثة رجل مقتول، أو تتركيني أثرثر حتى أموت من النزيف، وأظنل أؤنبك على ما وصلتي به حالك، أيتها الخائنة!
= انت انسان وسخ .. هختار إني اخرج من المكان القذر ده
ضحك "شادي" مرة أخرى وقال:
- لكِ حُرية الإختيار، ولي ديكتاتورية إتخاذ القرار.
***
قبل نصف ساعة
وقف شادي أمام مجموعة من أصحاب البدل السوداء
وقال لأحدهم:
- حولتلك 50 ألف جنية على حسابك، 10 دقايق وتيجي تقتل البواب بتاع الجراج، وتتكل إنت على الله، ومتجيش هنا تاني أبدًا
= تمام يا ريس
ثم ترجل مُترنحًا حتى وصل إلى بوابة المرآب التي وقف حارها أول ما رأى رب عمله، فقال "شادي" بلا أي مُقدمات
- عايزك تقفل عليا البوابة بالكل الإقفال بتاعتها، ومتفتحش إلا لما أنادي عليك، تمام؟
= تمام.
***
الآن
عم الهدوء على المكان
لا أحد يعرف ماذا سيحدث في الدقائق القادمة فقال شادي:
- أشعر بالموت يقترب، ويؤلمني إنني سأموت، وأنا لازلت أحبك.
تمت
لقراءة رواية بت شمال : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-