رواية الحب بحق الحلقة الواحدة والعشرو 21 بقلم روان عرفات

رواية الحب بحق الحلقة الواحدة والعشرو 21 بقلم روان عرفات

رواية الحب بحق الفصل الواحد والعشرون 
رواية الحب بحق الجزء الواحد والعشرين 
البارت 21

رواية الحب بحق الحلقة الواحدة والعشرو 21 بقلم روان عرفات
تمللت بضجر عندما تسللت أشعة الشمس داخل غرفتها، ولامست وجنتيها .. إعتدلت في جلستها وهي تفرك عينيها حتى تزيل آثار النوم .. احست بوجع في معدتها عندما تذكرت انها اليوم ستكون زوجته .. تنهدت بقوة تحاول عدم تفكيرها بالأمر وتوترها المبالغ به .. ازاحت اللحاف عن جسدها بخفه ودلفت لدورة المياة توضأت وأدت فرضها .. خرجت من غرفتها تلقي نظره سريعه على غرفة اخويها، لم تجدهم .. علمت أنهما استيقظا مبكرًا وذهبا لكي يكملان ما سيحتاجه منهما الحفل .. دلفت لغرفتها مجددًا بتأفف وأبدلت ثيابها سريعًا وذهبت إلى منزل صديقتها روز، حيث اتفقت معهما ليلة أمس أن التجهيز سيكون بمنزل أميرة "منزلها الثاني" الذي كتبه لها والدها قبل وفاته .. وقد قامت ليلة أمس بتوضيب المكان لكي يتمكنا من التجهيز بكل أريحية، ولا يسمح بأحد منهما أن يعترض ...

ذهبت إليها ومن حسن حظها أن باب المنزل مفتوحًا .. صعدت للأعلى ودلفت غرفتها متمتمه بصوت عالٍ :
سـايبـه البـابـ ..

صمتت تمامًا حيث خرجت منها شهقة مذهولة عندما رأت روز أمام فستانها تنظر إليه بإنبهار .. توسع بؤبؤ عينيها إندهاشًا وإعجابًا بروعته، أخذت تتفحصه من القدم للرأس، فقد كان الفستان يبدأ باللون البيج ومن ثم اللون الكحلي، وقبل نهاية الفستان يبدأ اللون الكحلي في التدريج إلى أن يستوطن اللون البيج نهاية الفستان .. يتوسطة حزام من اللون الكحلي .. يأتي عند اللون الكحلي فصوص لامعة بدت وكأنها نجوم تلتمع في السماء، كما الأكمام التي تأخذ نفس الوضعية .. حيث البيج ومن ثم ينزل الكحلي بخفوت ومن ثم يتحول إلى كحلي كاتم تزينه الفصوص البيضاء اللامعة التي أعطته مظهرًا جزابًا .. كما خمارها اللف البيج،.. خرجت منها صرخة مدوية أثر ذهولها بالفستان ..

هتفت بصوت عالٍ :
ده انا اخويا طلع زوقه حلو اوي جدا يعني وأنا معرفش .

اقتربت روز منه واخذت يديها تلتمس الفستان بفرحة من مظهرة، ألهذه الدرجة هو يعلم ما الذي تحبه وما الذي لا تحبه؟ ويعلم ما الأشياء التي كانت تحلم أن ترتديها ويجلبها لها ..

فهي قد رأت هذا الفستان منذ أمد... حيث كانت هي وحياه يشتريان بعض الأشياء وهو معهما .. نظرت هي إليه بإنبهار وشاركتها حياه؛ لأنه كان لا يوجد شخص يستطيع ان تراه عيناه وينظر لشيء آخر .. لا تعلم كم المدة التي إنقضت منذ هذا اليوم .. حتى هي تناست أمره وأنها بالفعل كانت تتمنى أن ترتديه، ولكن شيء رأته عيناها واعجبت به وإنتهى الأمر بعد ذلك، حتى أنها لم تعطي للأمر أهمية .. واليوم اول شيء تراه عيناها هو .. حيث تمللت في فراشها وتفاجأت بوجوده في غرفتها، ومنذ هذا الوقت وهي بهذه الحاله .. مشاعرها المضطربة، منذ يوم حديثهما وهي وكأنها تراه لأول مرة، حيرة من أمر قلبها .. هي حقًا لا تعلم ما الذي تشعر به الآن؛ سوى انها خائفة فقط .. ولا يوجد شيء بداخلها سوى الخوف ...

إقتربت منها حياه وقامت بإحتضانها لتنظر لها الأخرى بخوف وتوتر، لتبادلها حياه نفس الشعور ومن ثم ينفجرا ضاحكين .. تمتمت حياه بتذمر :
يعني انا مش عارفه ازاي خايفين وازاي شغالين نضحك ؟

تنهدت روز وقالت بهدوء :
لا انا اكتر حاجه خايفه منها إني أظلم آدم في مشاعري .. هو اي ذنبه يتجوز واحده الله وأعلم هتحبه ولا اي .. ولا هتبادله الشعور ولا لا ؟

حياه بابتسامة :
بعيدًا عن إن آدم اخويا، بس إحنا صحاب وملناش دعوه بأي حاجه حرفيًا .. آدم متفهم جدا جدا والله .. وانا واثقه اوي انه هيقدر يغير تفكيرك وتبقي ليه هو بس .. انتي اديه فرصة بس ومتقلقيش .

ابتسمت لها بتوتر تزامنًا مع إقتحام الغرفة من قبل وعد وأميرة وغادة .. والتي قامت أميرة بأخذهما وبكل شيء يحتاجانه ومن ثم خرجا من الباب الخلفي للمنزل كما اتفق معها أحمد...
اخذتهما إلى منزلها ليتحول المكان إلى غرفة تبديل، وتبدأ الفتيات أجمع بتجهيز روز وحياه .. فلا يوجد مستحضرات تجميل أو شيئًا آخر سيضعانه إلا الحكل الذي سيزين أعينهما، غير ذلك لا يوجد .. وهذا من السهل فعله، كما والدة عمرو ووالدة وعد ذهبا معهما لكي لا تشعر واحدة منهما بالنقص في هذا اليوم بدون والدتها ...

🌸~~~~~🌸~~~~~🌸~~~~~~🌸~~~~~🌸

يجلس في غرفته أمامه أحمد الذي يقوم بدور الحلاق .. وهذا ينظر للمرآة بابتسامة بلهاء ليتمتم أحمد بمزاح :
اي يا عريس ؟ ما تخف شويه يا عم .. كل ما ابص عليك يا الاقيك سرحان .. يا إما بتضحك ضحكة غريبه .

نظر له آدم زامًا شفتيه للأمام .. وقال :
ما هقول اي غير اللي كان بيحلم بحاجة طول الخمس سنين اللي فاتوا .. غير اللي مكنش بيحلم .. كانت كل حاجه بتقوله اللي بتحلم بيه مش هيحصل .. بس انهارده هيحصل وهتكون مراتي يا أحمد .. اللي هو بص حلم صعب وكان من المستحيل بالنسبالي .. فضلت وراه لحد ما اهو هيحصل .

نظر له أحمد بابتسامة وعيون تلتمع بالفرحة من أجله .. قال بهدوء :
مع إنك عمرك ما اتكلمت عليها .. او حته قولت إن فيه جواك مشاعر ليها .. كنت لما بشوفك معاها وبتبصلها بقول ده عادي .. لكن لما جيت وقولتلي على مشاعرك ناحيتها إتصدمت .

دار بوجهه لكي يتحدث معه بكل أريحية .. وقال بهدوء :
مكنش ينفع اقول لحد على مشاعري عشان مكنتش عارف اي اللي كان هيحصل، أو نصيبي فين بالظبط .. انـ ..

قطع حديثة دلوف عمرو ويوسف الذي اقترب من آدم وقال بوجوم :
إنت قاعد هنا مبسوط وعادي معاك كده؟ ده انا اخو العروسه ومدايق .

آدم بضحكة :
مدايق لي طيب؟ فيه حد يبقى فرح اخته ويبقى مدايق ؟

يوسف بغيظ مقلدًا صوته :
فيه حد يبقى فرح اخته ويبقى مدايق؟ اه انا يا خويا .. ما إنت مبسوط طبعا عشان هتاخدها .. لكن انا ازعل واتفلق عادي يعني .

أطلق عمرو ضحكة عالية وقال :
طب ثواني بس .. فيه حد قالك إرضى بيه ؟

نفى يوسف ليتابع عمرو بضحكة :
خلاص يبقى متدايقش كده .. والله فكرتني بنفسي لما واحد رخم كده اتقدم لاختي، لا وايييه هو خلاص هيتجوزها يعني هيتجوزها، وواثق اننا هنوافق عليه .. وقبل ما يطلب ايدها كان عامل معاها حادث .. يعني تحسه كده ناوي ياخدها مني .. مكنتش بطيقه خالص بجد .. وبغير كل ما بيقرب منها .

أحمد بجانب عينه :
طيب ما تقول اسمه وتعرفنا بيه يا اخي؟ ولا جيت عند الاسم وسكت؟ قوله يا عم ومتخفش هو اصلا أقل حاجه هيعملها مش هيخليك تتجوز اخته اللي كتب كتابك عليها إنهارده .. مش هيعمل اكتر من كده .

عمرو سريعًا :
انت لي قفوش كده يا حمودي .. بهزار معاك والله .. وبعدين انت مسمعتش باقي كلامي .. وإني كنت هقول إني حبيته وبقى أغلى من اختي نفسها .. اه والله .

أحمد بسخرية :
ماشي ماشي .. هنتحاسب .

عمرو متجاهلًا حديثه :
طب المشكله دلوقتي إني .. خايف .

أنهى حديثة مع وضع يديه على وجهه بخجل مما تفوه به .. مما جعل ثلاثتهم ينفجروا ضاحكين .. تمتم آدم بغرور :
انا مش خايف ولا متوتر ولا اي حاجه من كل الحاجات دي .

أحمد بخفوت :
طيب حبيبي متبقاش واثق كده عشان ميحصلش معاك نفس اللي حصل يوم مسابقة الرسم .. فاكر ولا افكرك .

نظر له شزرًا وقال بغيظ :
فاكر .

نظر له محاولًا كتم ضحكتة .. إقترب منه ليتابع ما كان يفعله قبل حديثهما .. وهكذا فعل يوسف مع عمرو قبل مجيئهما .. حيث ذهبا إلى الحلاق بدلًا من أن يفعلا ذلك بالمنزل ...

🌸~~~~~~🌸~~~~~~🌸~~~~~🌸

بسم الله ما شاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله .

قالتها والدة عمرو عند دلوفها غرفة الفتيات ورأت زوجة إبنها .. حيث الفستان السماوي الذي ينزل بأتساع مبهر .. يتبين أن الفستان يبدء باللون السماوي الكاتم، ثم يتدرج اللون للنهايه إلى أن يصبح أشبه باللون الأبيض .. بدت وكأنها سماء صافية، والغيوم تزينها لتجعل الجميع ينظر للسماء بإنبهار وعيون تلتمع من جماله، كما حدث مع الجميع عندما رأها ..

كما طبقاته التي ما هي إلا شفافة، فقط تعلو بعضها البعض .. يأتي من عند الصدر والخصر ورود بيضاء .. كما نهاية الفستان الذي يبدأ الورد الأبيض في إحتلال الخانة السفلية بشكل جعله حقًا شيئًا مبهرًا .. خمارها اللف الذي من نفس السماوي .. كانت تشبه الحوريات بجمالها الطبيعي الفاتن التي كانت لا تظن يومًا انها سوف تتخلى عن مستحضرات التجميل، ولا تضع شيئًا بوجهها، وتخرج يومًا بدون أن تضعه .. ولكن ها قد حدث وأصبحت أجمل بكثير مما مضى، وغير ذلك أصبحت فخورة بالتغير الذي حدث معها؛ رافعة رأسها بكبرياء أمام أعين الجميع، ولا يستطيع أحد الحديث معها بنصف كلمة .. على عكس الأيام التي كانت لا حول لها ولا قوة ...

إقتربت منها وقامت بضمها إليها بلهفة ودموع تتلألأ بمقلتيها وكأنها ابنتها حقًا، وليست زوجة إبنها .. ضمتها إليها أكثر من قبل واخذت تمسد على ظهرها بحنان متمتمه بحب :
مبارك علينا دخولك حياتنا يا مرات الغالي .

قامت حياه بلف ذراعيها، تبادلها العناق بدموع تهدد بالنزول، شعرت بشعورها في آخر مرة احتضنت بها والدتها، قبل وفاتها.. من هذا اليوم وهي تناست معنى الأمان !! لكن اليوم شعرت به ولو بالقليل .. كانت تتمنى ان تكون والدتها بجانبها في مثل ذلك اليوم .. عوضها ربها بوجود حماة تشبه والدتها في حبها وقلقها عليها، فمنذ أن تقدم عمرو لخطبتها وهي تأتي لها دومًا .. وتحدثها كثيرًا، وتشعر بصدق حبها لها .. لذلك احبتها كوالدتها .. تشبثت بها وكأنها ، وكأنها طوق نجاتها ..

تمتمت .. بعدما أخرجتها من احضانها ناظرة عليها بحب ظهر جليًا في عينيها :
ده إنتي جتيلي بعد أيام وليالي بتمنى إبني يختار بنت الحلال، ويتجوز عشان افرح بيه .. كان بيقولي مش هاخد اي واحده وخلاص .. انا عايز لما اتجوز تكون خدت قلبي من غير مجهود منها .. أحبها ببساطه كده .. وحصل وربنا إستجاب لدعائه ورزقه بيكي .. حبك من غير اي مجهود منك .. ومن غير ما تعملي اي حاجه عشان تخليه يبص عليكي .

اخفضت رأسها خجلًا لتقترب أميرة متمتمه بتذمر :
الله الله يا ست ماما .. اه ما هيا حياه جات وخلاص هتنسي إن ليكي بنت اصلا .. وهتحبيها اكتر مني .

رقية بضحكة :
انتو ولاتنين عندي بالدنيا .. انتي هتمشي اهو وهيا هتبقى معايا .

أميرة بجانب عينيها :
بس انتي يا رقروق .

ضحكت حياة بصخب وقالت :
رقروق؟ اي دلعك الغريب ده ؟

تركتهم رقية متوجهة إلى روز الجالسة أمام المرآة تنظر لإنعكاسها بتوتر .. تفرك يديها معًا .. خائفة أكثر من أي وقت مضى .. إقتربت منها وقبلت وجنتيها متمتمه بحب :
ما شاء الله .. ربنا يحفظك يا حبيبتي .. ويبعد عنكم اي حاجه وحشه .

ابتسمت لها بخفه لتحتضنها الأخرى بابتسامة .. تضمها إليها كإبنتها .. فهي تقمست دور الأم لكي لا تشعر إحداهما بالنقص .. وقد نجحت في ذلك ولو قليلًا ..

جاء يوسف وأحمد الذي إقترب من حياه وانتشلها لداخل احضانة محاولًا منه عدم البكاء .. فهي ابنته، وها هي قد أصبحت عروس .. تشبثت هي به بقوة .. بمشاعر مضطربة ..

إقترب يوسف من روز وما ان رأها بفستانها ونظر إلى عينيها .. زرفت دموعه رغمًا عنه .. رغم أنه كان يجاهد كثيرًا في منعها، ولكن تغلبت مشاعره بفراقها ورأيتها هكذا .. إبتسمت له، إبتسامة جعلته يطمئن قليلًا عليها .. إبتسامة شعر بصدقها .. ضمها إليه وما زالت دموعه في النزول .. تمتمت روز بتذمر بعدما قامت بتجفيف دموعه بأناملها :
طب يرضيك اعيط وكل حاجه تبوظ ؟ ما انت عارف إني بحب النكد .. وما بصدق اصلا .

ضحك بخفه ونظر إليها مطولًا وقال بعد فترة :
مقدرتش أمنع دموعي إنها تنزل .. مع إني مبسوط ومفيش حد وصل لفرحتي ولكن حاسس إنه هيشاركني فيكي .. وهياخد حضن زي ما هو عايز ومش من حقي اتكلم .. حضنك اللي كان ملك ليا انا بس هيبقى ملك ليه هو .. لا لا انا بجد مدايق منه .. يعني تبقي معايا اربعه وعشرين ساعة وهو يجي ياخدك مني وارضى عادي كده؟

وعد من الخلف :
ما إنت خدتني اهو ومتكلمناش يا يوسف .

يوسف بجانب عينه :
بتنطي فجأة وتيجي ازاي معرفش؟

وعد بضحكة :
طيب يلا بقا خلينا نمشي .. وبطل كلام ومشاعر تخلي البت تعيط .

إبتعدت روز عنهما لتذهب إلى السيارة بجانب حياه .. جاءت لتذهب خلفها، لكن كانت قبضة يداه أسرع في مسكها وضمها إليه، فلا يوجد احد بالمكان عداهم .. قال بخبث :
طب كنتي قوليلي إنك عايزانا نفضل مع بعض ونتكلم .

وعد بجانب عينيها :
بس انا عملت كده عشان أحمد قالي قوليلهم تعالوا .

جز أسنانه بغيظ وقال :
أحمد ؟ وكمان قالي ؟

وعد بعدم فهم :
مالك يا يوسف؟

يوسف بغضب :
مسمعكيش تقولي إسم حد غيري تاني .. فاهمه ؟

إقتربت منه ممسكة بياقة قميصة وقالت بدلال :
حاضر يا سيفو .

يوسف بتذمر :
سيفو؟ طيب يلا ياختي بفستانك ده .

وعد :
ماله فستاني؟

يوسف بغيظ :
حلو .

كتمت ضحكتها وذهبت معه إلى سيارته وجلست بجواره، بينما والدة عمرو ووالدتها هي بالخلف .. كما الأصدقاء والجيران الذي قام أحمد بجلب أتوبيسات لكي يتمكن كل المدعيون بالذهاب ....

ترجل الجميع من السيارات في سعادة والأطفال يصرخان ويقفزان بسعادة من مظهر الحديقة، حيث كانت في بدايتها مليئة بالزينة والأنوار التي عندما ترجلوا من السيارة بدأت في الإرتعاش وتغير الألوان مما جعل المنظر يبدو في غاية الجمال، كما في بداية الحديقة يوجد أسامي العروسين، والتي كُـتبت بزهور عباد الشمس التي تعشقها روز، تتزين بالأنوار الضئيلة لتتمكن الأحرف بالظهور ..
أمسكت روز بيد حياه بتوتر لتتشبث الأخرى بيدها بذات التوتر .. دلفا مع بعضهما والأطفال خلفهما يركضا حولهما مما جعل روز تضحك رغمًا عنها متناسية توترها ..

نظرت كل من روز وحياه إلى الحديقة التي تغيرت تمامًا عن السابق .. فعندما دلفا للداخل أخذت كل منهما تنظر للمكان بعيون جاحظة من هول الصدمة مما تراه .. فقد كانت الحديقة تنقسم إلى قسمين .. قسم للرجال، والآخر للنساء .. بينما وهما يسيران في طريقهما للمقاعد المخصصة لهما، يوجد على الجانبين مقاعد بيضاء ، متراصة بنظام .. في كل مقعد زهرة عباد الشمس، بجانبها ورقة صغيرة الحجم مطوية بعناية، لا أحد يعلم ما بداخلها من حديث .. فربما ترحاب بهما .. أو كلمة موجهة لكل شخص بالحفل ...

جلست روز وبجانبها حياه على المقعد المزين بزهور عباد الشمس، كما الستائر البيضاء التي تحيط المقعد ، مليئه بالزهور .. اعطت مظهرًا جزابًا للمقعد الأبيض ...

🌸~~~~~~🌸~~~~~~🌸~~~~~~🌸

يقفان بجانب بعضهما.. كل منهما ينظر للآخر بتوتر عندما سمعا أبواق السيارات معلنه عن وصول العروسان ..

إقترب منهما أحمد يضحك بصخب متمتمًا من بين ضحكاته :
اي يا وحش؟ ما كنت من كام ساعه انـااا مش هتوتر ولا هتأثر بأي حاجه .. وهبقى زي ما انا .. وانت اهو لا حول ليك ولا قوة .

أطلق ضحكة عالية ليجز آدم أسنانه بغيظ وقال :
المأزون وصل ولا اي .

أحمد بضحكة :
اه اهو وصل .. يلا يا خويا ياللي مش هتتكسف .

ذهب معه آدم بتوتر باد على وجهه، بينما عمرو يتحدث مع أحمد عما يجب فعله، وكيف يتصرف بهذا التوتر الذي بداخله ....

🌸~~~~~~~🌸~~~~~~🌸~~~~~~🌸

بدأت أصوات الدف تملأ المكان، والأغاني الإسلامية التي قام عمرو بترتيبها .. بينما قامت الفتيات بأخذ روز وحياه الآتي لا يريدن القيام من المقعد ، وكأنه مغناطيس لا يستطيعان القيام من عليه ..

قاما الجميع بالرقص والمرح، بينما والدة عمرو تستقبل الكثير من المباركات من الجميع بفرحة ودموع تتلألأ بمقلتيها أثر فرحتها بإبنها وفلذة كبدها، ونور عينيها، بالحفل الذي طال إنتظاره .. وأخذ منها الكثير، والكثير من المجهود في إقناعة، ولكن لا فائدة، وها هو يتزوج من فتاة يتمناها الجميع لتكون زوجة له .. حمدت ربها على نعمته وصبرها على رفض إبنها بعدم الزواج، وعوض ربها بفرحة أكثر مما كانت تتمناها ...

إنطلقت الزغاريد من جميع نساء الحفل عندما دخل أحمد ويوسف وكل منهما ممسكًا بيده دفتر لكي تمضي كل منهما، لتصبح زوجة لرجل لن يجعلها حزينة يومًا .. احتضن كل منهما اخته بابتسامة متمني لها السعادة، ومن ثم ذهبا إلى قسم الرجال لكي يتركن النساء على راحتهن ..

وذهبت وعد وأميرة إليهما وجلسا بجانبهما وقاما بإلتقاط الصور لهما بسعادة تضخ من عيني كل منهما ..

بينما يوجد من تنظر إليهن بعيون تلتمع من جمالهن ووقار كل منهن .. تنظر لكل واحده نظرة متمنيه أن يرزقها الله بزوج مثلهن، زوج يجعلها تتناسى ألم قلبها، ويجعلها ملكة متوجه على عرش قلبه .. تعلم أنها فعلت أشياء كثيرة جعلت الجميع يبغض الحديث معها، وأول من أذته كانت هذه الفتاة التي كانت السبب الرئيسي في تغيير مجرى حياتها .. هي لا تستحق منها كل ما فعلته لأنها كانت السبب في ما حدث بينها وبين صديقتها من سوء تفاهم .. اي قلب كانت تملك ؟! اي قلب هذا الذي يجعلها تخطط أيام وليالٍ في تدمير سمعتها أمام أعين الجميع ..

ولأن الله يحبها ولا يريد أن تقع في شر أفعالها، جعلها هي تعلم أنه كما تدين تدان .. وبأبسط الأشياء، فقط كانت ستموت وتترك خلفها صديقتان كل منهما تظن بالأخرى ظن السوء .. وبعد كل هذه الأشياء قامت بمساعدتها لكي تصبح أقوى ولا تستسلم لضعفها ..

تنهدت بقوة من كثرة أفكارها بالذي مضى .. تحاول ألا تفكر كثيرًا في ذلك، تعلم أنها كانت لا تحب الجلوس مع أحد، كما أنها تعشق الخراب .. ولكن تقسم انها من ذلك اليوم الذي إعترفت لهن وهي تغيرت بأخرى .. أصبحت تتعهد بأنها لا تتخلى عن واحده منهن، فهما كانا سببًا في جعلها تصبح أقوى ..

ذهبت بخطوات بطيئة إلى الداخل عندما أحست بدوار .. أمسكت برأسها محاولة منها تخفيف هذا الألم الذي ظهر فجأة .. تناست أمره عندما استمعت لصوت صراخ طفل صغير على بعد خطوات منها .. إقتربت من الصوت بهدوء، نظرت إلى الغرفة بتردد في أن تدلف للداخل أم لا؟
دخلت للغرفة عندما تزايد نحيب الطفل .. إقتربت من الفراش بتوجس خائفة أن يظهر أحدهم على حين غرة .. إبتسمت باتساع عندما رأتها الطفلة وهدأت تمامًا، إقتربت منها وأخذتها بين ذراعيها متمتمه بخفوت وصوت طفولي :
حبيبي .. سابوكي لوحدك ازاي بس؟ فيه حد يسيب القمر ده ويمشي؟

أخذت تلاعب وجنتيها بأنفها .. قالت بابتسامة حزينة :
انا كمان سابوني لوحدي .. أو انا اللي عملت في نفسي كده، وخليت الكل يمشي، حاسه إنك شبهي اوي .. بس إنتي احسن وأجمل مني بكتير طبعا .. اي رأيك نلعب لعبة؟

قبلت وجنتيها وقالت بمرح :
انا أفضل ابوس فيكي وانتي متعترضيش .

أخذت تقبل كل إنش في وجهها، توقفت وخرجت منها ضحكة صاخبه عندما تذمرت الصغيرة، التي كانت لا تتعدى الشهر الاول من عمرها ..

تمتمت بتذمر :
طب انا دلوقتي عايزه اعرف اسمك اي؟ هقولك اسمي .. انا غادة، وده دورك تقوليلي اسمك .

نظرت لها بابتسامة وكأنها ابنتها حقًا .. رددت سؤالها مره اخرى مع جلوسها على حافة الفراش وهي تمسد بأناملها على وجهها الصغير .. أتاها الرد عندما قال بصوته الهادئ :
ورد .. إسمها ورد .

إنتفضت من مكانها ناظرة إليه وهو يضع يديه في جيب بنطاله مسندًا بجسده على الباب .. هربت الكلمات من حلقها من هيئته التي جعلتها تضع الطفله على الفراش وتركض للخارج بسرعة جعلته يضحك رغمًا عنه متناسيًا اوجاعه ..

إقترب من صغيرته وجلس بجوارها يلامس وجنتيها بإصبعه .. إبتسامة لاحت على وجهه وهو يتذكر حديثها مع الصغيرة وكأنها فتاة بعمرها تفهم ما تقوله، تذكر هيئتها وهذه الجيب البيضاء التي كانت ترتديها، تنزل باتساع، بينما يعلوها بلوزة شفافه باللون السماوي، وخمارها الذي جعلها جميله حقًا .. تعجب من انها لا تضع مستحضرات تجميل على وجهها .. فقط كانت تضع بعض من الكحل الذي زين عينيها السوداء، ولا تضع شيئًا على بشرتها البيضاء، وكيف لها أن تضع وهي بهذا القدر من الجمال ؟ فهي جميله بدونهما ..

نفض أفكاره ونظر إلى صغيرته التي غاصت في نوم عميق .. خرج للخارج يجلس مع الرجال بدون حديث منه .. فقط يستمع !!

🌸~~~~~~🌸~~~~~~🌸~~~~~~🌸

بدء الجميع في الذهاب وأحدًا تلو الآخر تاركين خلفهم الفتاتين يتخبطن في مشاعرهن المضطربة، احتضنا بعضهما يحاولان بث الطمأنينة في داخلهما .. ابتعدا عن بعضهما عندما دلف زوج كل منهما ..

إقتلع قلبهما من بين ضلوعهما عندما اقتربا منهما، وكل واحدٍ منهما احتضن زوجته، بدون حديث أو إشارة لما سيفعلانه ...

جحظت عيناها بفعلته تلك، لكن هو لن يعطيها فرصة للتفكير حيث امسك يديها وجعلها تحتضنه رغمًا عنها .. تبسمت بخجل عليه وضمته أكثر كأنه طوق النجاة، آخر امآلها في الحياة .. آخر شخص لا تود أن تخسره لأجل ماضيها اللعين، وعندما تخسره .. سوف تخسر كل شيء .. كل شيء حتى هي ....

أما بالنسبة إلى آدم الذي إحتضنها بشدة وهي لم تتردد قط في أن تحاوطه، فهو من اليوم مأمنها، وسيصبح حضنه بيتها الثاني، الذي يحق لها الهروب إليه في اي وقت أرادت اللجوء إليه ..

تحمحم عمرو ونظر إلى آدم وغمز بعينه ليفهم آدم مقصده جيدًا .. أمسك يدها وذهب بها إلى الخارج وهي لا تدري إلى أين هو ذاهب ؟!

قام بمساعدتها لتدلف لداخل السيارة .. أخذ منه وقتًا طويلًا من كبر حجم فستانها .. تنهد بقوة وهي تحاول جاهدًا كتم ضحكتها من مظهرة .. أخذ شهيقًا عميقًا، ثم فتح باب السيارة ذاهبًا للمكان الذي سيكون بداية حبهما أو إنتهائه !!

وصلا بعد بضعة دقائق .. ترجل هو من السيارة ومن ثم إقترب منها وقام بمساعدتها مجددًا للخروج من السيارة .. تمتم بتذمر :
كل ده فستان ؟ ده انا متعبتش في تحضيرات الفرح قد ما تعبت وانا بدخلك واطلعك من العربية .

ضحكت بخفه وقالت بخجل :
هو اه كبير اوي .. بس عجبني زوقك .

إبتسم لها متمتمًا بخفوت لكي لا تتمكن من إستماع حديثه :
زوقك ؟ انا أخري تيشرت وكمان اوقات مبعرفش اجيبه .. لو عرفت إن أميرة اللي جيباه هتروح فيها، وانا هاخد كسفه جامدة اوي .. بعد الثقه اللي ادتهاني دي .

إنتبه لضحكتها الخافته، واقترب منها بهدوء وقام بمحاوطتها بخفه ودخل بها للداخل ..
خرجت منها شهقة مذهولة مما تراه، نظرت له بأعين جاحظة، حين رأت الخيمة التي كانت بنفس لون فستانها، بداخلها طاولة صنعها خصيصًا لها، بدون مساعدة أحد .. صنعها بقلبه الذي ينبض من أجلها .. نظرت له وعينيها تتجول في المكان الذي كانت الأنوار به ضئيلة جدًا، فقط ليتمكن كل منهما رؤية الآخر .. إبتسم بخفه عندما رأها تنظر له بعينيها الخضراء التي كانت هي السبب في جعله يعشقها للحد الذي لا حد له ..

امسك يديها مجددًا ودلف لداخل الخيمة، مضى بها حتى أجلسها على المقعد وجلس هو مجاورًا لها .. يختلس النظرات لها مما جعلها تهتف بخجل :
بتبصلي اوي كده لي؟

نظر لها مطولًا ، كيف يخبرها أنه يعشقها بل وأنه أصبح يتنفس من أجلها .. لا يعلم متى ولكنه أحبها بكل شيء بها .. من أول مقابلة بينهما عندما رأها في الحديقة الخاصة بمنزل يوسف بفستانها الأصفر وهو يعشقها .. تمتم بحنو ، بصوت يدل كم هو عاشق لها :
عشان انا اصلًا مستني اللحظه دي عشان ابصلك من غير خوف، وابص براحتي واخلي عيوني تشبع من ملامحك .. مع إنها عمرها ما هتشبع منك .. مكنش في دماغي فكرة الحب دي اصلًا .. ومكنتش لاقي البنت اللي تخليني أحبها بدون اي مجهود .. تخليني اول ما اشوفها مفكرش غير في حاجه واحده بس ، وهي إني عايزها تبقى مراتي، عشان اقدر ابصلها واتكلم معاها الكلام اللي انا عايز اقوله من غير خوف من عقاب ربنا .. كنت ديما لما امي تقولي عايزه افرح بيك ادايق اوي ومكنتش عارف السبب .. بس فجأة ظهرتي قدامي .. بصتلك غصب عني والله، ومن يومها وكل ما اشوفك اخلي عيوني تبص في اي حته عشان مبصلكيش وربنا يحرمني منك لو كنا لبعض .. كنت بدعي في كل صلاتي إنه يرزقني بيكي في الحلال ، ويجعلني زوج صالح ليكي .. انا نفسي كنت بستغرب عشان مفيش حاجه رسمية .. هيا بس مقابلة واحده بس ونظرة واحده بس؛ عملت فيها كل ده .. يوم ما لقيتك في اوضتي وهزقتيني ولحد دلوقتي عايز اعرف، ازاي جاتك الجرأة إنك تزعقيلي وانتي في اوضتي ؟

نظرت له بغضب، وخجل في آن واحد .. ضحك بصخب عليها وعلى ملامحها الطفولية الغاضبة .. تابع حديثه بابتسامة :
من اليوم ده وانا بفكر فيكي بجد .. ولحد بقا ما اتقدمتلك واهو انتي قدامي ومراتي قدام الكل .. ويحق ليا ابص عليكي عادي .

تلون وجهها بحمرة الخجل، وجف حلقها .. إبتلعت ريقها بتوتر .. قال هو بابتسامة لكي يخفف من حدة توترها :
يلا ناكل عشان محضرلك مفاجأة بعد الأكل .. وانتي وبتاكلي هتلاقي حاجه كده شوفيها .

نظرت له بتعجب، ومن ثم حولت نظرها إلى الطاولة، حيث لا يوجد شيء نظرت له مجددًا ليتمتم وهو يمضغ الطعام وعيناه لم تنظر لها :
دوري كويس .

جزت اسنانها بضيق واخذت تعبس بالاطباق لعل وعسى ترى شيئًا .. إبتسامة إنتصار زينت ثغرها عندما رأت ورقة مطوية بعناية، أسفل الطبق الخاص بها .. أمسكتها سريعًا وقامت بفتحها وشرعت بقراءة ما تحتوي ..

"حلة المحشي .. احم نسيت اقولك إني ليا مواقف في الاسم ده وكان السبب أيام كتير في إني اضحك من كل قلبي .. حبيت يكون اول يوم لينا تدوقي المحشي بتاعي .. حظك بقا إني انا كمان بحب اعمل وأكل المحشي .. يعني ربنا يسترها والله .. واه نسيت حاجه كمان .. هخليكي تحبيني اكتر من المحشي .. ها"

خرجت منها ضحكة صاخبه متناسية انه يجلس امامها .. رفع نظره عليها ببطء ناظرًا عليها بحب وهو يراها تضحك بهذا الشكل .. بدت فاتنة، تشبه الأطفال بعفويتها تلك .. صمتت تمامًا عندما لاحظت نظراته .. اخذت تأكل المحشي بنهم .. وهو ينظر لها كاتمًا ضحكته عليها .. شرع في الأكل هو الآخر بصمت تام ... قطع هذا الصمت صوت هاتفه يعلن عن وصول رسائل .. لن يكلف نفسه ويرى من الذي يرسل الرسائل، فقط كان يظن أنه أحمد .. لكن تكرر الصوت لدرجة لا تحتمل .. نظرت له وقالت بهدوء :
مش بترد لي ؟

عمرو :
مش عايز حاجه تعكر فرحتنا .. وبعدين ده اكيد أحمد .

حياة بابتسامة :
بس برضو .. ممكن يكون فيه حاجه ضرورية .. رد يلا .

تتحدث بعفوية، لا تعلم أنها من الآن سوف تخسر قلبًا كان سيكون لها كل شيء، أخرج هو الهاتف من سترته وما زالت عيناه تنظر إليها، نظر للهاتف لثوانٍ .. بابتسامة تلاشت عندما رأى ما تحتوي هذه الرسائل، نظر لها جاحظًا عيناه بصدمة .. نظر مجددًا للهاتف محاولًا منه إستيعاب ما يراه .. هذا ليس شيئًا حقيقيًا ...
أخذت عيناه تنظر إليها تارة، وإلى الهاتف تارة، لا يريد تصديق ما يراه .. تمتمت هي بخوف :
اي يا عمرو مالك؟ فيه اي .. قلقتني .

إقتربت منه عندما رأته لا يتحدث فقط ينظر إلى الهاتف .. أخذته منه بخجل من قربها منه بهذا الشكل، وسرعان ما شهقت بقوة وهي تتراجع للخلف بخوف ومن ثــم .....

يتبــع ....
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-