رواية الحب بحق الحلقة الثانية والعشرون 22 بقلم روان عرفات

رواية الحب بحق الحلقة الثانية والعشرون 22 بقلم روان عرفات

رواية الحب بحق الفصل الثاني والعشرون 
رواية الحب بحق الجزء الأثنين والعشرين 
البارت 22
رواية الحب بحق الحلقة الثانية والعشرون 22 بقلم روان عرفات
أخذت شهيقًا عميقًا محاولة منها تخفيف حدة توترها .. إقترب هو منها بعدما تركها لبعض الوقت لكي يرى ما تبقى من الترتيبات الخاصة بهما .. أمسك يديها وحجب الرؤية عن عينيها بيده الأخرى، وسار بها إلى الحديقة الخلفية للمنزل، والتي كانت مخفية تمامًا عن أنظار الجميع ، فهو ما فعله هذا أمام الجميع لا يأتي شيئًا فيما فعله خفية .. توقف بعد بضعة دقائق متمتمًا بجانب أذنها :
إفتحي عيونك .

فتحت عينيها ببطء .. الرؤية مشوشه أمامها، شيئًا فشيئًا إتضح له المكان، والذي فعله من أجلها .. كانت توجد طاولة تتوسط المكان على الرغم من أنها صغيرة الحجم .. يوجد بها كل الطعام الذي تحبه .. تناثرت الزهور من حولها .. فقط كانت زهور عباد الشمس تملأ المكان بأكمله، حيث أنها الآن تقف عليه، بينما هي مشغولة بالنظر على الطاولة فاجأها عندما الحائط الجانبي للحديقة أنار بالأنوار التي تتراوح لونها بين الأزرق، والأحمر، والأبيض، والأصفر .. بينما رأت جملة ظهرت عندما دققت النظر إلى الحائط .. جملة جعلت دموعها تنسال رغمًا عنها، من فرط سعادتها بأنها كانت تظن أنه لن يُـحبها شخصًا كما كانت تُحب جاسر، لكن جائها من سيجعلها تتأكد أن لا يوجد عاشق وصل إلى عشقه لمعشوقته مثله هو .

نظرت إليه ومن ثم حولت نظرها إلى الحائط مرة أخرى .. تقرأ الجملة بقلب يُـحلق عاليًا في السماء، متناسيًا اوجاعه، وكل ما مر به قبل هذه اللحظة .. وكأنه اليوم فقط شعر بمعنى الحياة .

"كنتـي حلـم صعـب .. وأهـو اتحقــق"

كانت هذه الجملة التي كُـتبت بقلبه أولًا ومن ثم يده، فهي حقًا كانت حَلَم يَصْعُب عليه تحقيقه .. حَلَم جعله شخصًا آخر .. شخص يريدها هي فقط .. شخص جعله يتحدى نفسه ومن ثم الظروف لجعلها تحبه أو على الأقل تبقى إلى جانبه، وهو سوف يجعلها تعشقه .. طالما هو يريد ذلك ..

تمتم بحنو :
تعالي شوفي دي كمان .. بس بالله عليكي تماسكي، عشان انا مش مسؤل عن اللي هيحصلك .

خرجت منها ضحكه خافته وقالت بخجل :
لا متخفش .

إقترب من الستار الأبيض الذي كان يقبع في أحد الجوانب ، والذي لم تره في الواقع من كثرة المفاجآت .. أزال الستار ليتبين أمامها عمودين محاطان بالخيوط الممتلئة بصورها وهي بعمر الثلاث سنوات، إلى يومنا هذا .. كما الصدف البحرية التي تزين الصور ، حيث يوجد بجانب كل صورة صدفة .. وقد كان ألوانه كثيرة إلى حد ما ، بدت وكأنها لوحة فنية جميلة .. تزينها صورها التي أغلبها لا تدري من أين جاء بها .. لا تعلم أنه كان يختلس لها الصور دون شعور منها .

أقل شيء يُـقال في هذا الوقت أنها كادت تفقد توازنها من كثرة الأشياء التي يفعلها من أجلها .. إقترب منها بسرعة وضمها إليه بحركة عفوية عندما رأها على وشك السقوط .. متمتمًا بضحكة :
انا لسا محتاجك والله .. واللي جاي اااحلي .. هيا اه ممكن الفكرة تكون مقتبسه لا ده هيا فعلًا مقتبسه .. لي بقا؟ عشان في مره بعتي صوره لحياه بنفس المنظر ده وقولتيلها "نفسي يحصل معايا كده" وانا شوفتها صدفة ومن يومها وبعمل كل اللي اقدر عليه عشان اعملك اللي بتتمنيه .. وبعدين ده كله بحسابه .

أنهى حديثة مع غمزة بعينيه جعلتها تنظر للأسفل بخجل .

امسك يدها وذهب بها إلى الطاولة وقاما بالأكل في صمت منها ونظرات منه هو لا تنتهي، مما جعلها تنظر إلى طبقها دون أن ترفع عينيها من عليه .. تأكل بغير شهيه فقط لأن نظراته تجعل إضطرابها يزداد .

انتهيا من الأكل وقاما بالدلوف لداخل المنزل لكي يغتسلا .. تركها هو وذهب للمكان لكي ينظفه ويضع نفس الطاولة بمقعدين وعليها كوبين من النسكافيه، التي تعشق أن ترتشفه بعد اي وجبة .. جاءت وجلست بجواره بهدوء ليتمتم هو بابتسامة بعدما إرتشف القليل من الكوب الخاص به :
مع إني مبحبش النسكافيه بعد الأكل بس خلتيني احبه .. إنتي يعتبر خلتيني أحب كل حاجه انا مكنتش بحبها .. خليتي عزيمتي في إني أحقق اللي عايزه قلبي تكبر يوم ورا يوم .. كنتي حاجه صعبه وبعيده، بعيده اوي يا روز .. بس ربنا عايزك تكوني ليا وحلالي .. إنتي معملتيش حاجه غير إنك حببتيني في نفسي وخليتي حلمي يكبر جوايا لحد ما اهو حققته .

كانت تستمع إلى كل كلمة تصدر منه، بل وانها أطالت النظر إليه .. ناظرة عليه بابتسامة محببه لقلبه....هربت بعينيها بعيدًا تنظر على هذه الجملة التي تخطف أنفاسها كلما نظرت إليها .. ما أجمل ان تكون شيء صعب بالنسبة لأحدهم .. تكون إحدى امانيه .. تكون النور بالنسبة له ، يريدك فقط أن تعطيه فرصة لكي يتقدم .. تشعر وقتها وكأنك تحلق عاليًا...كفرحة طائر صغير كانت والدته تعلمه الطيران، وكان من الصعب عليه أن يتطاير حول العالم بسهولة من هذا الخلل الذي في أحد أجنحته .. ولكن تعلم وأخذ يتطاير، وفرحته ظاهرة عليه .. فرحة لا يشعر بها أحد سواه .

شعر أنه بحاجه للحديث عنها ومعها أكثر من ذلك .. حتى وإن كانت هي لا تتحدث يكفي فقط أنها أمامه وستسمع ما يقوله .. قال بهدوء :
كنت خايف .. خايف تختاري غيري وأفضل انا متعذب بسبب حبك اللي بيجري جوه دمي .. خايف تروحي مني وأكون خسرتك وعمري ما هقدر ارجعك ليا أو أحب غيرك .. كنت خايف عليكي من عذاب الحب اللي بتبقى نهايته قاسية اوي لما يكون من طرف واحد .. شوفت أيام ربنا وحده اللي يعلم بيا كنت عامل ازاي .. حسيت إن روحي بتنسحب مني في الوقت ده .. بس يوسف بصراحه ميتوصاش ، يعني كان حالتي متدمره وهو جاي يعمل مقالب فيا .

ضحكت بخفه ليتابع هو بابتسامة :
كان جوايا يقين بأن ربنا هيحققلي حلمي وتبقي ليا .. على الرغم من كل الحاجات اللي حصلت والتوتر اللي حصل في أواخر الفترات الأخيرة .. بس انتي دلوقتي معايا .. اه خوفت وكنت هموت من الخوف إن حد غيري يفوز بيكي وتبقي معاه .. بس خليني اقولك وبأعلى صوت .

كانت تجهل حديثه .. بينما فاجأها هو عندما قام فجأة ومال بجذعه لكي يمسك بيدها لتبقى مقابلة له .. شدد من احضانها قبل أن يرفعها عن الأرض .. دار بها متمتمًا بأعلى صوته :
وفـي آخــر المطــاااف انــا اللي فــوووزتت .

أكمل حديثه بصوت أعلى :
بببـحححــبببــكككك .

أنزلها بهدوء مُحملقًا بها بنظرة عاشقه .. نظره جعلتها هي أيضًا تنظر إليه بخجل .. تود أن تهرب بعينيها بعيدًا، لكن عينيها أبت الابتعاد عنه .. تريد أن تنظر إليه لكي تروي ما فعلته بها الأيام من تراكمات، ومتاعب تريد تجاوزها بعينيه الخضراوتين التي للمرة الثانية تشعر بمدى جمالهن.. والتي بمجرد النظر إليهم تنسى من تكون وأين هي ..

تناست كل شيء بمجرد سماع كلمة "بحبك" الذي قالها بكل صدق .. نعم القلب شعر بها وجعلته يرتجف من شدة الفرحة .. كلمة تتكون من أربعة أحرف، حقيقية خرجت من القلب وذهبت إلى قلبها مباشرةً .. تنعشه، وتجدد بداخله الروح .

قال بهمس وما زالت يده تشدد على خصرها :
حاسس إني في حلم ومش عايز افوق منه .. أو بالأصح خايف يكون حلم، وأصحى على الواقع وتكوني انتي بعيده عني .

تجرأت هي وقامت بمحاوطته وقالت بابتسامة :
إحنا مش في حلم يا آدم .. انا هنا وبقيت مراتك وحقيقه .. زي ما انت بتعمل وهتعمل كل حاجه عشان ابقى مبسوطه ومطمنه بوجودك جنبي .. انا كمان هعمل كده .. انت اللي العقل إختارك، واختيارات العقل بتكون احسن ودايمة اكتر من القلب .. العقل إختارك على إقتناع يا آدم .

حركة لا إرادية فعلتها جعلت القشعريرة تتسرب في أوصاله .. جعلته مغيب تمامًا.. جعلت القلب يهتف عاليًا مناديًـا بإسمها .. جعلت عيناه تنظر للأمام بابتسامة رضا بما وصل الحال بهما ، يشكر ربه على تحقيق ما يريد .. ويتذكر حديثها ويشتد من إحتضانه لها يريد فقط تصديق أنها أصبحت له.. وأن حديثها شيئًا حقيقيًا بالفعل .

أما هي فشعرت بفرحته ، ودقات قلبه المتسارعة ، التي وصلت إلى مسامعها ، لتصل إلى قلبها تدغدغه .

فقد فعل من الحديقة الخلفية التي لا يوجد من يجلس بها لأنها لا تصلح للجلوس لسوء حالتها .. فعل منها مكانًـا مبهرًا، جعلها إلى الآن تنظر للمكان بعيون جاحظة .. وقلب يشعر أنه في بداية حياته.. وأن ما مر من العمر وهو ليس به، لا يسمى عمرًا .

🌸~~~~~~~🌸~~~~~~~🌸~~~~~~🌸

تتحدث بعفوية، لا تعلم أنها من الآن سوف تخسر قلبًا كان سيكون لها كل شيء، أخرج هاتفه من سترته وما زالت عينيه تنظران إليها، نظر للهاتف لثوانٍ .. بابتسامة تلاشت عندما رأى ما تحتوي هذه الرسائل .. نظر لها جاحظًا عيناه بصدمة .. نظر مجددًا للهاتف محاولًا منه إستيعاب ما يراه .. هذا ليس شيئًا حقيقيًا .. هذا ما هو إلا إنتقامًا من شخص ما .. أو أحد يمزح معه .. أو لا يعلم ، هو حقًا لا يعلم .. أخذت عيناه تنظر إليها تارة، وإلى الهاتف تارة .. لا يريد تصديق ما يراه .. تمتمت هي بخوف :
اي يا عمرو مالك؟ فيه اي .. قلقتني .

إقتربت منه عندما رأته لا يتحدث فقط ينظر إلى الهاتف .. أخذته منه بخجل من قربها منه بهذا الشكل ، وسرعان ما شهقت بقوة وهي تتراجع للخلف بريبة ومن ثــم ألقت الهاتف بعيدًا في خوف ، وبدأت ضربات قلبها في إزدياد وآلام المعدة يظهر مجددًا ، والذي يظهر عندما يتعلق الأمر بخالد .. خالد الذي كان سببًـا في جعلها تبغض ذاتها ، كما أنه اليوم جاء لكي يكمل عليها ما بدأت هي به .. ما كانت تغشاه ها هو قد حدث بالفعل .. فمهما حدث هي المخطئة، وهي من جعلته يفعل بها كل ذلك .. لكن اليوم لا داعي للندم .. فلابد من إصلاح ما فعلته .. ولو كلف منها حياتها، فهو يستحق أن تفعل المستحيل من أجله .

إبتلعت ريقها الذي جف فجأة ، وجاهدت على منع عبراتها من الأنزلاق عن جفنيها .. نظرت له بتوجس خائفة من ردة فعله، لكنه لم ينبث ببنت شفه .. فقط ينظر لها كاتمًا غضبه ، لأنه لا يريد أن يظلمها ، ويظن بها ظن السوء .. يريد أن يسمعها أولًا ومن ثم يرى ما الذي عليه فعله .. اخفض رأسه بتعب، فقط تلاشت فرحته بزواجه منها .. هذا الزواج الذي إنتظره كثيرًا، هذه تبقى نهاية إنتظاره؟!

أخذ يردد بداخله "إن بعض الظن إسم" ..

فركت يديها معًا وإقتربت منه بخوف، كانت تقدم قدم وتؤخر الأخرى .. جلست على الأرض غير عابئة بفستانها الذي إتسخ بمجرد جلوسها على الأرض ، أمسكت يده بدموع متحجرة، سحب هو يده من يدها بهدوء مُحملقًا بها بنظرة متجمدة، ظل هكذا لوقت لا يعلمه .. تمتم بهدوء :
احكيلي اي اللي شوفته ده ؟ وإيه علاقتك بيه ؟

تنهدت بقوة تحاول ضبط دقات قلبها، وخوفها المتزايد من ردة فعله، أخذت تسرد ما حدث بدموع تنسال على وجنتيها بحرقة .. بندم على ما فعلته مسبقًا وهي دومًا تدفع الثمن غاليًا، بسبب غبائها وعدم تفرقتها بالذي سيسبب لها المتاعب .. بخنقه من محاولتها الفاشلة في كل مرة على عدم التفكير به، وإخراجه من تفكيرها .. لكنه كان دومًا يرسل لها الصور والتهديدات التي جعلتها لا تحظى بوقت راحة ابدًا .. حتى هذا اليوم الذي كانت تظن انها ستودع الأحزان وتسعد بوجوده في حياتها .. لكن من الظاهر أنها ستبقى بهذا الألم لوقت لا تعلم مدة .

تمتمت بعدما جففت دموعها :
والله .. والله يا عمرو مكنتش أعرف إن الحاجه دي هتوصلني لكده .. والله كنت غبيه وانا بعترف بده، كنت حاسه إني مغيبه تمامًا عن اللي بعمله واللي بيحصل .. مكنش معايا الشخص اللي ينصحني ويقولي إن اللي بتعمليه ده نهايته مش كويسه .. فضل يقولي من الكلام اللي يطمني ويخليني مصدقش إنه ممكن في يوم يمشي ويسيبني .. طلب مني إننا نتقابل، وافقت بدون تفكير .. وحصل والحمدلله ربنا مناولهوش اللي في باله واللي كان ناوي يعمله، عشان ..

ترددت في ذكر إسم اميرة ولكن تشجعت وقالت :
عشان أميرة شافتني ومنعته من اللي كان هيعمله ، حسيت إنها معجزة وحصلتلي عشان لو مكنتش جت انا مكنتش عارفه كان زماني دلوقتي فين؟ بس والله العظيم يا عمرو من اليوم ده وانا بطلت كل الهبل اللي بعمله .. والله من يوم ما أميرة دخلت حياتي وانا بجد اتغيرت .. ربنا عاقبني في إني مكنتش بنام الليل من الخوف منه، ومن تهديداته المستمرة في إنه مش هيسيبني .. مش بقولك كده عشان اي حاجه، انا بس بقولك كده عشان هيا دي الحقيقه .. انا والله بجد بطلت ومبعملش حاجه غير إني بستغفر ربنا عشان يغفرلي كل اللي عملته .. انا كرهت نفسي من اللي عملته .. عارف يعني اي تبقى عايش وانت مش حابب نفسك ! إنت لما اتقدمتلي والله قولتها لأميرة بالحرف "عمرو ميستاهلنيش .. عمرو يستاهل واحده انضـ ..

قطع حديثها عندما إقترب منها وجذبها إليه محاوطًا إياها بقوة .. محاولًا تهدئة إضطرابه الداخلي مما رأه ومن حزنه عليها، وعلى خوفها منه بهذا الشكل الذي آلمه، وجعل قلبه يتهشم .. ليس مما رأه بل خوفًا عليها .. خوفًا من فقدانها .. نظرة عيناها الخائفة جعلت دموعه تنسال رغمًا عنه .

لا ينكر ان ما رأه جعل الدماء تتجمد في عروقه، لكنه لا يعلم ما به .. فقط مشاعره متخبطه ولا يجيد التحكم بها، شعر بصدق حديثها، ولا يعلم لما لا يريدها تكملة حديثها .. لا يريد أن يراها بهذا الحزن .. لم ينتبه لأنه يضمها أكثر من الآزم .. فكلما زاد غضبه منها، ومن عدم إخبارها له بهذه الأشياء من قبل، زاد في إحتضانها غير عابيء لأنينها الخافت من شدة ضغط يده على جسدها ..

إبتعد قليلًا وقال بهدوء :
مصدقك .. والكلام اللي حصل بينا ده محدش يعرف عنه حاجه .. ومسمعكيش تقولي تاني آخر الكلام ده .. الواحد مش معصوم من الخطأ .

نظرت له بأعين دامعة .. تحولت فرحتها إلى حزن يملأ قلبها .. حزن لا نهاية له .. أمسك هو بالصندوق الذي كان يضعه جانبًا، وأمسك بيدها وخرج من المكان متوجهًا إلى سيارته بصمت مريب جعلها تنكمش في نفسها .. قام بالصعود إلى السيارة بجانبها بعدما وضع الصندوق بجانبها .. قام بتحريك السيارة بوجه خالي من اي تعابير .. فقط ينظر للأمام بتيهه ..
أما حياه فكانت ترتجف من الخوف، خوف من كل شيء، والذي يخيفها أكثر صمته وعدم حديثه .. لا تعلم أنه لا يريد الحديث لأنه لا يريد أن يحزنها .. لا تعلم أنه ولأول مرة يتحكم في غضبه .. أو لأن الأمر يتعلق بها ؟! .. سؤال وأحد فقط يتردد بداخله "ماذا عليه فعله؟" فهي أصبحت زوجته، ومن المستحيل أن يتراجع عن قراره بالزواج منها !!

🌸~~~~~~~🌸~~~~~~~🌸~~~~~~~🌸

كانت ساكنة بين أحضانه، تنظر مباشرة إلى عينيه.. نظراتها الخجولة .. والمحببه لقلبه .. تتقابل مع نظراته العاشقه، ولمعة عينيه التي تظهر فقط إليها وعندما يراها .. ثوانٍ أم دقائق ظلا هكذا لا تعلم .. فقط كل منهما ينظر للآخر بصمت .. هو يضع يده على خصرها.. وهي تلف كلتا يديها حول عنقه، لا مفر من النظر إلى شيء آخر سوى عينيه .. إرتخت يداه التي كانت على خصرها وأمسك بيدها لتتمتم هي بإندفاع :
اي هنروح فين ؟

إبتسامته جعلتها تعنف نفسها على إندفاعها في السؤال، فمن الممكن أن يظن بها شيئًا لم تريده .. قال بابتسامة :
حاجه أخيرة لازم تشوفيها قبل ما يجي يوسف ويبوظ كل الحاجات دي .

سار بها إلى جانب بيت الرسم الخاص بها .. دلف هو وتركها بالخارج تنظر إليه بتعجب.. خرج وهو يحرك أمامه لوحة كبيرة الحجم .. لكنه يضع عليها الستار لكي لا تتمكن من رؤية ما تحتوي هذه اللوحة .. توقف امامها بمسافة ليست بكبيرة .. قال بمرح :
غمضي عيونك .. بصي انا عارف إنك تعبتي من كتر ما بتغمضي عيونك .. بس معلش دي آخر مرة .

وضعت يديها على وجهها بضحكة ليقوم هو بسرعه إزالة الستار من عليها متمتمًا بصوت عالٍ :
اافتحــي .

فتحت عينيها وما لبثت إلا أن وضعتها مرة أخرى على فمها إندهاشًا بما تراه .. فقط كانت هي ، نعم رسمها هي .. كانت جالسة بالارجوحة ممسكة بيديها دفتر المذكرات الخاص بها، والتي تدون به كل ما يخطر في مخيلتها .. أمامها كوب النسكافية، كما الصحن المليء بالفشار .. خرجت منها ضحكه عالية فهو لم ينسى اي شيء، وقام برسم كل شيء يحيط بها ..

كانت ترتدي فستان أبيض يتوسطة ورد يتراوح ألوانه بين الأبيض، والبيج، كما خمارها اللف المشجر بورد ابيض وبيج .. تذكرت هذا اليوم حيث كانت قد أتمت شهر على إرتداء الخمار .. فقد كانت عند أميرة وعند مجيئها أرادت أن تدون بعض الأشياء في دفترها .. لم تعلم ان يوجد من يلتقط لها الصور لكي يرسمها دون علمها .

قالت بتلعثم :
اا .. آدم انت .

آدم بابتسامة :
انا اي ؟

روز :
عملت الحاجات دي كلها امته ؟ متعبتش؟

أمسك يديها وقبلهما بحنو قائلًا بذات الابتسامة :
أولًا بقا الحاجات دي كلها بفكر فيها من سنين .. من أول ما قلبي دقلك وانا بفكر في كل الحاجات اللي هتحصل في اليوم ده .. تاني حاجه .. انا مبتعبش مدام الحاجه دي تخصك وهتفرحك .. هعملها من غير تفكير .. أي نعم الرسمه خدت مني شهرين .. بس كله يهون مدام في الآخر هشوف نظرة الفرحة اللي في عيونك دي .

جاء ليقبل وجنتيها ولكن أجفله صوت يوسف وكأنه رأهما يفعلان شيئًا غير الظاهر أمامه :
ااااسـبـت مكـانـك .. ولحـد هنا وكفايه .

إستدار لكي يواجهه جازًا أسنانه بغيظ :
شايفني متلبس يا يوسف .. دي مراتي وبنتكلم عادي .

يوسف بجانب عينه :
مراتك قاعد معاها ليك ساعتين .. فـ كفايه بقى .

أخذ شهيقًا عميقًا محاولًا منه كبت غيظه .. قال بابتسامة مصطنعه :
ماشي يا يوسف .. منتا لازم هتلاقي حد يطلع عليك كل اللي بتعمله فيا .. صبرك عليا بس .

قال بغرور بعدما جلس على الارجوحة :
ده تهديد بقا .

إنفلتت منها ضحكه صاخبة جاهدت كثيرًا منعها، ولكن تغلبت عليها.. شاركها آدم الضحك وقال بخفوت :
انا همشي عشان لو فضلت ثانيه هنتخانق انا وهو .. هشوفك بكره ؟ هشوفك بكره إن شاء الله.

قام بتقبيل وجنتيها متمتمًا بجانب أذنها :
ما هو انا لازم اخدها النهارده .. يلا بقى سلاام .

أنهى حديثة وهو يركض لمنزله مع ضحكه أخرجها لغيظ يوسف الذي ركض خلفه، ولكن آدم أسرع في الخطي إلى أن وصل للمنزل، دخل غرفته بابتسامة واسعه وقلب ينبض لا يريد تركها .. فقط يريدها أمامه في كل الأوقات ..

🌸~~~~~~~🌸~~~~~~~🌸~~~~~~~🌸

أغلقت باب غرفتها تلقي نظره طويلة على هيئتها في المرآة .. تتطلع إلى وجهها الذي بهت لونه ، وعينيها الجامدة ، دموعها المتحجرة ، وكأن الدموع تجمدت بداخلها .. تنهدت بثقل وقامت بخلع ثيابها سريعًا وأبدلتها بثياب المنزل .. خرجت من دورة المياة وجلست ارضًا ممسكة بيديها الكتاب الذي قرأته مرارًا وتكرارًا ، وفي كل مرة تشرع في قرأته كأنها المرة الأولى ..

فكل شيء يأتي من الحبيب يبقى له مكانة خاصة تميزة عن غيره، يبقى دائمًا الشيء الوحيد القادر على إسعادنا .. فمنذ أن أعطتها أميرة الكتاب وكلما أحست بالحزن تذهب وتقرأ بعض منه .. تشعر وكأن الحديث الذي في الكتاب موجه لها . منه هو ..

تذكرت اليوم الذي كان جاء ليتقدم لخطبتها حيث كانت تقف أمام المرآة تنتظر مجيئه في توتر تلاشى عندما أمسكت الكتاب وفتحته بابتسامة وهي تمسك الورقة التي لا تعلم كم قرأتها إلى الآن .. شرعت في قرأتها مره أخرى بضحكة .

"هيا اه اوضتك بس ده مش يديك الحق بأنك تبقى فيها من غير هدوم .. افرض حد دخل يعني وفضوله خلاه يدخل وشافك كده !؟ فـ عيب يعني ..
بعيدًا عن الضحك اللي ضحكته واللي هضحكه واللي بضحكه انا وبكتب الكلام ده المهم الكتاب ده اللي مسكتيه ، كنت هدهولك بس مكنش وقته ومكنتش برضو قرأته، بس دلوقتي حاسس انه وقته واوي كمان .. إقرأيه وهسمع رأيك لما اجيلك .. واه نسيت اقولك حاجه أخيرة .. انا أخدت إذن أحمد في إني أديلك الكتاب ده .. يلا اسيبك مع الكتاب بقا يا .. يا فضوليه"

إقتحمت الغرفة أميرة متمتمه بتذمر :
يابنتي يلا .. الواد مستني من بدري .

نظرت لها بتوتر وجاءت لتتحدث ولكن الأخرى أمسكت يدها وخرجت إلى الغرفة التي يقبعون بها .. تركهم الجميع وتبقيت هي معهما على بعد مسافة، لكي يتمكنا بالحديث .

تحمحم عمرو ورفع عينيه عليها بنظرة سريعه .. أخفض رأسه وقال بهدوء :
اخبارك يا حياه .

فركت يديها معًا وقالت بتوتر وبصوت بالكاد تمكن سمعه :
اا .. الحمدلله .. انت اخبارك .

عمرو :
الحمدلله في زحام من النعم .. عايزه تعرفي عني اي ؟

رفعت عينيها ببطء .. تلاقت أعينهما في نظرة سريعه، أخفضت هي رأسها ليتابع هو وكأن نظرتها تحسه على الحديث :
انا بقول إننا هنعرف كل حاجه عن بعض لما إن شاء الله نتقرب من بعض .. لو لينا نصيب يعني، وإن شاء الله لينا نصيب نكمل .. أهم حاجه وقبل اي حاجه .. عايزك طول ما انتي معايا تطمني .. عايز نبقى مع بعض ديما، محدش يخبي حاجه عن التاني .. نبقى إيد واحده مفيش حد يدخل ما بينا.. إحنا هنقدر نتفادى اي حاجه تحصل معانا بدون تدخل حد .. وعشان ابقى واضح معاكي انا بحب الصراحة، فلازم نصارح بعض بكل حاجه واي حاجه.. حته لو الحاجه دي هتزعل لازم تتقال والطرف التاني يتفهم الوضع.. لازم كمان تعرفي إن فيه حد هيشاركني فيكي .

توقف عن الحديث بينما هي رفعت إحدي حاجبيها بعبث وقالت :
ازاي ده يعني؟

كتم ضحكته وقال :
بعشق حاجه إسمها كتب .. بصي من كل الأنواع.. هتلاقيني بقرأ في اي وقت وكل وقت.. فـ يعني بقولك كده عشان تاخدي بالك من الحته دي .

حياة بعفوية وابتسامة :
لا ده دي هتبقى حاجه جميلة وحاجه مشتركة بينا.. عشان انا كمان بحب اقرأ اوي .. مينفعش اشوف مكتبه ومدخلش فيها .

عمرو بضحكة :
اه زي اوضتي .

نظرت له شزرًا ليتابع بضحكة أعلى :
خلاص متتكسفيش .. عادي يعني بتحصل .. وبالعكس دي حاجه طمنتني، لي بقا؟ عشان هنبقى مع بعض حته في هوايتنا .. مفيش حد فينا هيضطر يبعد عن التاني عشان يروح يمارس هوايته لوحده.. لا دي هنبقى مع بعض عادي وبنقرأ في نفس الكتاب، بس طبعا متتعوديش إني انا اللي هقرأ.. إحنا هنعملها بالدور .

للحظة تخيلت انها بداخل أحضانه وهو ممسكًا بيده كتاب ويقرأ ما يحوي هذا الكتاب بابتسامة وهي تنصت إليه بحب، تعبث بخصلات شعره مما يجعله يتذمر عليها .. نفضت أفكارها وقالت بابتسامة جانبيه :
موافقه طبعًا .. دا حلم حياتي اصلا .

للثاني مرة تتحدث بعفوية، غير هو مجرى الحديث لكي يزيح عنها الحرج حينما قال :
طب اي قرأتي الكتاب؟

حياة :
ومعاه تلت كتب كمان أحمد جبهملي .

عمرو بابتسامه واسعة :
لا ده فيه حد هيشاركني في سرعة القرايه بقا وانا معرفش .

حياة بضحكة :
اومال.

عمرو :
طيب شوفي دول كمان وإن شاء الله يعجبوكي.

أخذت منه العلبة المستطيلة المغلفة بعناية، فتحتها وابتسامة واسعة زينت ثغرها عندما رأت كتب وأشعار كما تحب.. تمتم هو بهدوء :
طيب يلا بقا انا همشي عشان اسيبك تقرأي براحتك.. وهستنى ردك والاحسن تبقى موافقه على طول.

أميرة بعدما إستمعت لآخر الحديث :
هو بالعافية يا عمرو؟

عمرو بغرور :
اه بالعافية، وبعدين انتي مالك ها؟

أميرة لحياة :
انا مالي يا حياة ولا اتدخل عادي؟

حياة بضحكة :
لا متدخليش.

تعالت ضحكاته لتتحدث أميرة بغيظ :
ماشي يا صاحبتي.. ماشي.

فاقت من ذكرياتها على دمعه سالت على وجنتيها تعنفها على عدم حديثها ومصارحتها له قبل فوات الأوان.. فلو تحدثت وقالت له ما حدث لها من قبل، فما كان حدث كل ذلك !

تركت العنان لعينيها تخرج دموعها، لعل جرح قلبها ينقص.. إحتضنت الصندوق الذي إلى الآن لا تعلم ما بداخله، ولا تريد أن تعلم.. هي فقط الآن خائفة.. تريده هو، تسألت متى احبته لهذا الحد الذي يجعلها خائفة من الفراق !!
فخوفها من الأمر نفسه لا يعني لها الكثير، بجانب فقدانه.. تنهدت بثقل وكأن أحجار العالم كله فوق صدرها.. يحجب عنها التنفس .. لتشعر بالضيق طوال الوقت ..

يتبــع ..
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-