رواية لا تتركني هيك الحلقة الأولى - أحمد سمير حسن

رواية لا تتركني هيك الحلقة الأولى - أحمد سمير حسن 
رواية لا تتركني هيك الحلقة الأولى - أحمد سمير حسن 




فتح أمير عينه وهو يتحسس موضع هاتفه المحمول بجانبه
ولكنه لم يجده، نظر يمينًا ويسارًا فلم يجده
ثم نهض مسرعًا وخرج وهو مُغتاظ واتجه نحو واحدًا من زملائه في السكن وهو (ياسر) الذي دائمًا ما يفعل هذه الحركة
وهو أنه يأخذ أشياء من غرفة أمير دون أن يُخبره
قال أمير وهو يدخل غُرفة ياسر
- قولتلك 100 مره متاخدش حاجه من أوضتي من غير ما تقـــ
لم يُكمل جملته حين علم بانه يُحدث والدته من هاتفه
فخرج أمير وهو يسمع الكلمات الذي يوجهها زميله إلى والدته
يُخبرها أنه يفتقدها
وأنه لم يتذوق طعم الراحة منذ وصوله إلى القاهرة
ولم ينعم بالآمان إلا بين أحضانها
وأن لم يُبعدها عنها سوى (لقمة العيش)
بدأ أمير ينسحب من الغرفة
ثم ذهب إلى غرفته مرة أخرى وفتح حقيبته
واخرج المُذكرات التي تركتها له والدته قبل وفاتها
فهي علمت بعدما وضعته بأسابيع عن أصابتها بالسرطان
فبدلًا من البُكاء والخوف
بدأت في أن تَكتُب لطفلها الرضيع
تكتب لتنقل له خبرتها
هذا هو الشيء الوحيد الذي بقى من عائلته
مُذكرات والدته فقط
التي توفيت قبل أن يُكمل عامه الأول في الدُنيا بالسرطان
وبعد عامين لحقها والده
وتَركهُ وحيدًا في الدُيا ..
وبعده نقله الجيران إلى الملجئ والذي هرب منه في الثالثة عشر من عُمره
بسبب سوء المعامله
في الثالثة عشر شق طريقه نحو العمل
كان يعمل كُل شيء (عامل توصيل طلبات للمنازل)
كان يعمل مُساعد سايسًا والكثير من الوظائف الذي لم يَدُوم فيها كثيرًا
بسبب خجله الزائد
تذكر هذا كُله الآن
لأنه على أعتاب فتح الجواب الذي كتبته له والدته هذا العام
فقد تركت له أربعون جوابًا ليقرأهم حتى سن الأربعون
كتبت له جوابات لسنواته الأولى .. حتى قبل أن يتعلم القراءة
والآن موعد الرسالة التاسعة عشر
في يوم عيد ميلاده التاسع عشر
تنهد وابتسم .. وفتح الرسالة وبدأ يقرأ ..
***
بعد نصف ساعة من القراءة والبُكاء دخل (ياسر) الغرفة وهو واحدًا من شركاء أمير في السكن
والقى عليه وسادة وهو يبكي ويقول:
- هو أنا كل ما أخش الأوضة الاقيك بتعيط؟ .. خنقتني يا جدع
= ياسر .. أنا قولتلك 100 مره متاخدش حاجه من أوضتي إلا لما تستأذن
قالها وأنهمر في البُكاء مره أخرى
كان ما يُبكيه شيئًا واحدًا وهو أنه شعر لأول مره في حياته أن شخصًا ما شعر به
وكان هذا الشخص هي أمه المتوفاه!
التي قالت له في رسالتها
(كبرت يا صغيري! قد تكون وقعت في الحُب الآن . ولكن لا تنسى .. إذا أحببت اعترف بِحُبك .. حتى لا تندم .. وأن ارتبطت لا تجرح بكلماتك .. فكلامات تخرج في ثوانِ ولا تُنسى إلى الأبد .. صغيري أنا اعرف أنك قد كبرت الآن .. لكنني أحبك أكثر .. أريد أن أنصحك أكثر وأكثر .. حتى لو رأيت أن هذا قد يبدو سخيفًا عندما اوجه نصائح لشاب في التاسعة عشر من عُمره .. واعرف أنك ستكون طالبًا في واحدة من كُليات القمة .. وأنا سيدة بسيطة .. ولكنني لن استطيع عدم توجيه النصائح لك يا طفلي العزيز .. لا تنسى يا أمير! إن وقعت في الحُب أخبرني .. اكتب لي حتى لو كُنت مُتأكدًا إنني لن اقرأ رسائلك .. ولكنني أشعر أن بسبب حُبي هذا لك .. سوف أجد طريقة اقرأها بها حتى وأنا متوفاه  "
حاول أمير أن يستجمع قوته ثم قال مره أخرى:
- لو سمحت يا يا ياسر متاخدش حاجه من أوضتي ماشي
= ماشي يا عم هو ده إللي عيطك يعني!
وترك الهاتف وهو يقول:
- متنساش تبقى تبقى تحطله رصيد عشان الرصيد خلي وأنا بكلم أمي
= كمان اتصلت من رصيدي!!
- أمال اغرم ست الحبايب يا جدع!
خرج ياسر وترك أمير في الغرفة يشتاط أغتياظًا ظل يركل الحائط بقدمه كعادته عندما يتضايق
ولكن بعد لحظات تذكر أنه سيرى الفتاة التي أعجب بها منذ أيام اليوم
وهي (دُنيا)
هو لا يعرف الكثير عنها
فقط يعرف اسمها .. لا يعرف منزلها .. لأنه يخشى تتبعها
لا يعرف الكثير لأنه يخشى التحدث إليها
على الرغم من نصائح والدته في رسائل اليوم
فهو يُفكر هل سيستطيع فعلًا الإعتراف بحبه لها؟
أرتدى أمير ملابس أنيقة وهو بيرفيوم (كراشيل) الذي اشتراه من (عم حسين) صاحب الشقة والشريك الثاني فيها بعدما حصل على أموال (الجمعية) التي شارك فيها مع عم حسين أيضًا لمدة عشرة أشهر
كان يُريد هذا البيريفيوم تحديدًا لأنه سمع (دُنيا) في الكافية مره تستمع فيها إلى أغنية (ريحة السما كاراشيل)
لفرقة ما لا يتذكر اسمها
سحب أمير حقيبته ووضعها على كتفه وأغلق باب غرفته بالمفتاح وكاد أن يخرج
إلا أن عم حسين قد ناداه وقال:
- قفلت المكتبة دقيقتين بدري إمبارح .. لو الموضوع ده اتكرر هيتخصم منك يا أمير
= دول دقيقتين بس يا عم حسين!! هتخصم مني عشان دقيقتين! .. ده هيبقى ظلم
- لا ما أنا لو خصمت هخصم جنية مثلًا مش كتير ما أنا مش ظالم
وبدأ يضحك ضحكته التي يهتز فيها جسده كُله ويسعل بعدها
فكونك تسكن مع كهل قد تخطى السبعين من عمره يجعلك تحفظ جميع تفاصيله
قال عم حسين مره أخرى:
- ولا يا أمير .. تفتكر النملة الدكر بتعاشر النملة النتايه إزاي؟
= مش عارف والله يا عم حسين!
- مش عارف! يا خيبتك والله .. كان لازمتها ايه الدراسة بقى لما متعرفش حاجه عن النمل! امشي يا اخويا امشي .. بيقبض 800 جنية في الشهر وجايبلي بيرفوم بـ 1200 أكيد حُب .. هتقع على بوزك .. روح يا أخويا مشوارك وتعاله بدري عشان هنزل الكتب إللي في المكتبة اشوف النملة بتتجوز ازاي .. الموضوع ده هيجنني!
***
خرج أمير من المنزل وأتجه إلى كافية المعلم في المُهندسين
سأله النادل:
- بتدخن؟
= لا، شكرًا والله مش عايز
- لأ يا فندم مقصدش .. أنا أقصد عشان المكان
ابتسم أمير وهو يشعر بالإحراج وقاله:
- لا لا مش بدخل .. ربنا يبعدها عني
ابتسم النادل وأشار إلى مكان الطاولة الذي سيجلس فيها أمير في مكان غير المُدخنين
وبعدها جلس أمير يرمق جميع الجالسات رُبما يرى من بينهم دُنيا
التي لم يتحدث إليها قط
فقد رآها وشعر بإنجذاب ما نحوها وقد علم فيما بعد أنها تأتي إلى هذا الكافية كُل يوم لمدة ساعة
وها قد جاء هو إلى المكان أولًا وظل ينتظر
حتى رآها تدخل المكان وتُحيي العاملين فيه وهي تبتسم
شعرها الطويل ومن فوقه (أيس كاب) هذا هو الأستايل الذي يُحبه
أو في الحقيقة هو عرف أنه يُحبها عندكا رآي دُنيا ترتديه
ظل يُتابعها يعينيه
حتى رآها تجلس في منطقة المُدخنين .. تبًا!
نادى (أمير) النادل بعدها وقال له:
- يا أستاذ بعد إزنك .. هو حضرتك مُدخن؟
= آه، إشمعنى؟
قالها النادل وهو يبتسم بود وهذه عادة العاملين في كافية المعلم .. الابتسامة هُناك حقيقية وليست مُصطنعه كباقي الأماكن المشابهه
- أصلي عايز اسألك هو ممتع؟ أصلي يعني بفكر اشرب سجارة
قال النادل:
- أكيد مُمتع
فقال له أمير بخحل:
= طيب مُمكن سجارة؟ هديك تمنها والله مع الحساب
ابتسم النادل واعطاها له وقال له:
- بس كده هضطر تقعد في منطقة المُدخنين النحية التانيه
ابتسم أمير بشكل واضح جدًا وقال له:
- أقسم بالله أنت أجدع من عم حسين
= عم حسين مين!!
- مش مُهم .. هقعد فين حضرتك؟
فأشار له النادل وهو لم يَكُف عن الضحك بسبب تلقائيه أمير
فذهب في الطاولة المقابلة تمامًا
لطاولة (دُنيا)
وبعدها أخرج أدوات الرسم ..
وبدأ في ممارسة هوايته المُفضلة .. الرسم!
ولكن هذه هي المرة الاولى التي سيرسم فيها شيئًا يُحبه حقًا
وهو (دُنيا)
بدأ في الرسم بتركيز
لفترة تجاوزت الساعة بكثير
وفي كُل مره ينظر فيها إلى الورق بعد يطبع صورة (دُنيا) في ذاكرته
ويرسم
في المره الأخيرة رفع رأسه ليرى (دُنيا)
فوجدها أمامه مباشرة وتنظر له وقالت:
- خلصت؟
= ايه؟ أنا آسف والله مش .. انا اسف!
- ممكن أقعد؟ .. اتفضلي طبعًا
جلست وقالت له:
- أنا كان المفروض أمشي من ربع ساعة بس لما لقيتك بترسمني .. قولت اقعد وبلاش أقاطعك .. عشان مبقاش رخمة .. بس برضه عندي سؤال .. بترسمني ليه؟
حاول أمير أن يُغير الموضوع
ولكن التوتر الذي كان فيه جعل الأمر يسوء أكثر فقال لها:
- الجو جميل حقيقي جميل .. الأغاني رائعة .. هو أحمد يونس مش هييجي النهارده؟ تفتكري النملة الذذكر بتعاشر النملة النتايه ازاي؟
= أفندم!!
قالتها دُنيا وهي تضحك وقالت:
- لأ ده مش توتر عادي .. ده أنت شكلك بتحبني بقى
قالتها وهي تمزح
فقال أمير:
- بصراحة آه
= آه!! ايه أنا بهزر
وضحكت أكثر
فحاول أمير أن يُغير الموضوع مره أخرى وقال:
- هو أنتِ بتدخني؟ آسف أقصد حضرتك يعني؟
ضحكت مره أخرى وقالت:
- هو أنتِ لو بتحب واحدة بجد هتقولها حضرتك؟ لا يا سيدي مش بدخن .. بس بحب ريحة الشيشة الفواكة دي .. دُخانها يجنن بتحسسني إني قاعدة في كافية فعلًا مش متكتفة في البيت
فأخرج (أمير) السيجارة التي اعطاها له النادل وقال:
- أنا مش عارف هي فواكة ولا لا .. بس هشربها وانفخ الدُخان عليكي
وبعدها لما تتمالك دُنيا نفسها من الضحك تمامًا وقالت:
- هو أنت تلقائي ومتوتر كده بجد .. ولا بتشتغلني؟
صمت أمير وابتسم خجلًا
فقالت له:
- خلاص تعاله نغير الموضوع .. بتحب المزيكا؟
= آه جدًا .. بتحبي مين؟
- أنا بحب مشروع ليلى وبالذات أغنية ما تتركني هيك .. بحسها متغنيه من جوه كده، وأنت؟
= بحب كايروكي ومشروع ليلى برضه! وبحبـــ
كاد يقول لها (وبحبك أنتي) كما يقرأ في الروايات الرومانسية التي يكتبها احمد سمير حسن ولكنه لم يجرؤ خجلًا فابتسم وفضل الصمت
نظرت له وهي تبتسم وقالت:
- أنا حقيقي مُعجبه بيك .. حسابك بيور كده .. نقي! أتمنى فعلًا تبقى كده ومتخذلنيش
= طيب هو أنا ممكن أطلب منك طلب؟
- ممم بُص بلاش أرقام موبايل ولا تواصل سوشيال أنا باجي هنا كل يوم الساعة 9 بليل .. نتقابل ع طول .. أنا مبحبش السوشيال ميديا .. خلينا كده أفضل نتقابل هنا .. ولو عايز تقولي حاجه وخايف تنساها يعني .. اكتبهالي!
- اتفقنا يا أستاذة دُنيا!
= تعرف اسمي كمان!! .. ده أنت بتراقبني بقى
قالتها وضحكت وقالت بصوتٍ رسمي بشكل مُفتعل:
- وأنا سعيدة إني شُفتك يا أستاذ؟
= أمير!
قالها وابتسم وهي ضحكت مره أخرى بسبب الطريقة التي طرحت بها السؤال
لوحت بيدها إلى أمير ورحت ..
وهو بدأ يُلملم أغراضه ليرحل .. ثم نظر إلى النادل قبل الرحيل واعطاه السيجارة مره أخرى وقال له:
- شكرًا جدًا جدًا .. حاول تبطل تدخين عشان مُضر بالصحه!
ورحل ..
يتبع ..
-
لايك وكومنت علشان توصلك الحلقة الجديدة بكرة
مواعيد الحلقات الجديدة
كل يوم الساعة 12 الضهر على مدونة الكاتب و 9 بليل على الصفحة هنا على الفيس بوك
(متنساش الـ See First) للبيدج عشان من غيره بنسبة كبيرة البوستات مش بتوصل
ومتنساش تعمل لايك للبيدج طبعًا لو مش عامل
الكومنت مهم جدا لرفع مستوى وصول البوست عندك، فضلا اعمله 
-
#رواية_لا_تتركني_هيك الحلقة الأولى
#أحمد_سمير_حسن
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-